You are on page 1of 97

‫مباحث اإليمان‬

‫اللقاء األول )‪(1‬‬


‫معنى اإليمان لغة‬
‫اإليمان لغة ‪ :‬مصدر آمن يؤمن إيمانا فهو مؤمن‪ ،‬وأصل آمن‪ :‬أأمن ‪-‬‬
‫بهمزتين‪ -‬لينت الثانية‪ ،‬وهو من األمن ضد الخوف‪.‬‬
‫قال الراغب ‪ :‬أصل األمن طمأنينة النفس وزوال الخوف‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم‪...” :‬فإن اشتقاقه من األمن الذي هو القرار‬
‫والطمأنينة‪ ،‬وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق واالنقياد“‪.‬‬
‫الصارم المسلول ص ‪.519‬‬
‫وقد عرف اإليمان في اللغة بعدة تعريفات‪ :‬فقيل‪ :‬هو التصديق‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫هو الثقة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الطمأنينة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو اإلقرار‪.‬‬
‫اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية‬

‫اختار شيخ اإلسالم في تعريف اإليمان اللغوي أنه‬


‫بمعنى اإلقرار‪ ،‬ألنه رأى لفظة ”أقر“ أصدق في‬
‫الداللة على معنى اإليمان من غيرها من األلفاظ‬
‫التي فسر بها اإليمان‪.‬‬
‫فروق بين اإليمان والتصديق‬
‫التصديق‬ ‫اإليمان‬ ‫جهة‬
‫آمن ال يتعدى إال بحرف إما الباء أو‬
‫صدق يصح تعديها بنفسها‬ ‫الالم‬
‫التعدي‬
‫فيقال ‪:‬صدقه‪.‬‬ ‫)فآمن له لوط( )آمن الرسول بما أنزل‬
‫إليه‪)...‬‬
‫يستعمل في األمور المشاهدة‬
‫يستخدم في األمور الغيبية‬ ‫المعنى‬
‫المحسوسة والغيبية‬
‫يقابله لفظ الكفر‬
‫يقابله التكذيب‬ ‫المقابلة‬
‫الكفر ال يختص بالتكذيب‬
‫مشتق من األمن الذي هو ضد الخوف‪.‬‬
‫التصديق ال يتضمن شيئا من‬
‫فهو متضمن مع التصديق معنى‬ ‫االشتقاق‬
‫ذلك‬
‫االئتمان واألمانة‬
‫معنى اإليمان لغة‬
‫اإليمان ليس هو التصديق فحسب‪ ،‬وإنما هو تصديق وأمن أو‬
‫تصديق وطمأنينة‪.‬‬
‫فإن اللفظ المطابق آلمن من جهة اللغة هو لفظ أقر‪ ،‬لتوافقه مع‬
‫لفظ آمن في األمور المتقدمة‪ ،‬فإن اإليمان مأخوذ من األمن الذي‬
‫هو الطمأنينة كما أن لفظ اإلقرار مأخوذ من قر يقر‪ ،‬وهو قريب‬
‫من آمن يؤمن‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ‪” :‬ومعلوم أن اإليمان هو اإلقرار ال مجرد‬
‫التصديق‪ ،‬واإلقرار ضمن قول القلب الذي هو التصديق وعمل‬
‫القلب الذي هو االنقياد“‪.‬‬
‫وقال‪” :‬فكان تفسيره بلفظ اإلقرار أقرب من تفسيره بلفظ‬
‫التصديق مع أن بينهما فرقا“‪.‬‬
‫اإلقرار مشتمل على أمرين‪:‬‬

‫‪ -1‬اعتقاد القلب‪ ،‬وهو تصديقه باألخبار‪.‬‬

‫‪ -2‬عمل القلب‪ ،‬وهو اذعانه وانقياده لألوامر‪.‬‬


‫معنى اإليمان شرعا‬

‫اإليمان عند أهل السنة والجماعة ‪ :‬قول وعمل‬


‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪” :‬ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين‬
‫واإليمان قول وعمل‪ ،‬قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح“‪.‬‬
‫أمور اشتمل عليها مسمى اإليمان‬

‫‪ -1‬قول القلب (تصديقه وإيقانه)‬


‫‪ -2‬قول اللسان (النطق بالشهادتين)‬
‫‪ -3‬عمل القلب (النية واإلخالص والمحبة‪)...‬‬

‫اإليمان‬
‫‪ -4‬عمل اللسان (العمل الذي ال يؤدي إال به‬
‫كتالوة القرآن)‬
‫‪ -5‬عمل الجوارح‬
‫ُول القلب (تصديقه وإيقانه)‬
‫َّق ِب ِه أولَئِ َك هم ا ْلمتَّق َ‬
‫ون (‪ )33‬لَه ْم َما‬ ‫صد َ‬ ‫قال تعالى‪َ ( :‬والَّذِي َجا َء ِب ِ‬
‫الص ْد ِ‬
‫ق َو َ‬
‫ين (‪ ))34‬الزمر‬ ‫ون ِع ْن َد َر ِب ِه ْم َذ ِل َك َج َزاء ا ْلم ْح ِ‬
‫س ِن َ‬ ‫يَشَاء َ‬
‫ِين آ َ َمنوا ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َو َرسو ِل ِه ث َّم لَ ْم يَ ْرتَابوا َو َجا َهدوا‬ ‫وقال‪ِ ( :‬إنَّ َما ا ْلم ْؤ ِمن َ‬
‫ون الَّذ َ‬
‫ون (‪ )15‬الحجرات‪.‬‬ ‫َّللا أولَئِ َك هم ال َّ‬
‫صادُِ َ‬ ‫س ِبي ِل َّ ِ‬ ‫ِبأ َ ْم َوا ِل ِه ْم َوأ َ ْنف ِ‬
‫س ِه ْم فِي َ‬
‫في حديث الشفاعة‪( :‬يخرج من النار من ُال‪ :‬ال إله إال هللا وفي ُلبه من الخير‬
‫ما يزن شعيرة) خ م‬
‫ُول اللسان (النطق بالشهادتين)‬
‫قال تعالى‪ُ :‬ولوا آ َ َمنَّا ِب َّ ِ‬
‫اَّلل َو َما أ ْن ِز َل ِإلَ ْينَا َو َما أ ْن ِز َل ِإلَى ِإ ْب َرا ِهي َم‬
‫سى‬‫سى َو ِعي َ‬ ‫ي مو َ‬ ‫اط َو َما أوتِ َ‬ ‫سبَ ِ‬ ‫وب َو ْال َ ْ‬ ‫اق َويَ ْعق َ‬ ‫س َح َ‬ ‫س َما ِعي َل َو ِإ ْ‬‫َو ِإ ْ‬
‫ون ِم ْن َر ِب ِه ْم َال نفَ ِرق بَ ْي َن أ َ َح ٍد ِم ْنه ْم َونَ ْحن لَه‬ ‫ي النَّ ِبيُّ َ‬‫َو َما أو ِت َ‬
‫ون (‪ )136‬البقرة‪.‬‬ ‫س ِلم َ‬‫م ْ‬
‫ب) الشورى‬ ‫َّللا ِم ْن ِكتَا ٍ‬ ‫وُال‪َ ( :‬وُ ْل آ َ َم ْنت ِب َما أ َ ْن َز َل َّ‬
‫علَ ْي ِه ْم َو َال‬
‫ف َ‬ ‫ستَقَاموا فَ َال َخ ْو ٌ‬ ‫َّللا ث َّم ا ْ‬ ‫ين َُالوا َربُّنَا َّ‬ ‫وُال‪ِ ( :‬إ َّن الَّ ِذ َ‬
‫ون (‪ )13‬الحقاف‬ ‫ه ْم يَ ْح َزن َ‬
‫في الحديث‪” :‬أمرت أن أُاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال هللا‬
‫وأني رسول هللا‪ .)...‬خ م‬
‫عمل القلب (النية واإلخالص ‪)...‬‬
‫ون َربَّه ْم ِبا ْلغَدَا ِة‬
‫ين يَ ْدع َ‬ ‫قال تعالى‪َ ( :‬و َال ت َ ْطر ِد الَّ ِذ َ‬
‫ش ْي ٍء‬ ‫سا ِب ِه ْم ِم ْن َ‬‫علَ ْي َك ِم ْن ِح َ‬ ‫ون َو ْج َهه َما َ‬ ‫شي ِ ي ِريد َ‬ ‫َوا ْلعَ ِ‬
‫ش ْي ٍء فَت َ ْطردَه ْم فَتَك َ‬
‫ون ِم َن‬ ‫علَ ْي ِه ْم ِم ْن َ‬‫سا ِب َك َ‬ ‫َو َما ِم ْن ِح َ‬
‫ين (‪.))52‬‬ ‫ال َّظا ِل ِم َ‬
‫َّللا َو ِجلَ ْت ُلوبه ْم‬ ‫ين ِإذَا ذ ِك َر َّ‬ ‫وقال‪ِ ( :‬إنَّ َما ا ْلم ْؤ ِمن َ‬
‫ون الَّ ِذ َ‬
‫علَى َر ِب ِه ْم‬ ‫علَ ْي ِه ْم آَيَاته َزا َدتْه ْم ِإي َمانا َو َ‬ ‫َو ِإذَا ت ِليَ ْت َ‬
‫ون (‪ )2‬النفال‪.‬‬ ‫يَت َ َوكَّل َ‬
‫وغيرها من النصوص‪.‬‬
‫عمل اللسان (التالوة‪ ،‬التسبيح‪ ،‬التحميد‪)...‬‬

‫ص َالةَ َوأ َ ْنفَقوا‬


‫َّللا َوأََُاموا ال َّ‬ ‫قال تعالى‪ِ ( :‬إ َّن الَّ ِذ َ‬
‫ين يَتْل َ‬
‫ون ِكت َ َ‬
‫اب َّ ِ‬
‫ارة لَ ْن تَب َ‬
‫ور) (‪)29‬‬ ‫ِم َّما َر َز ُْنَاه ْم ِ‬
‫س ًّرا َوع ََالنِيَة يَ ْرج َ‬
‫ون تِ َج َ‬
‫فاطر‬
‫َّللا ِذ ْكرا َك ِثيرا (‪)41‬‬
‫اذكروا َّ َ‬‫ين آ َ َمنوا ْ‬
‫وُال‪( :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫س ِبحوه ب ْك َرة َوأ َ ِصيال) (‪ )42‬الحزاب‪.‬‬ ‫َو َ‬
‫وغيرها كثير‬
‫عمل الجوارح‬

‫سجدوا‬ ‫ين آ َ َمنوا ْ‬


‫ار َكعوا َوا ْ‬ ‫قال تعالى‪ :‬يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ون (‪)77‬‬‫َوا ْعبدوا َربَّك ْم َو ْافعَلوا ا ْل َخ ْي َر لَعَلَّك ْم ت ْف ِلح َ‬
‫اجتَبَاك ْم‪ )...‬الحج‪.‬‬‫ق ِج َها ِد ِه ه َو ْ‬ ‫َّللا َح َّ‬
‫َو َجا ِهدوا فِي َّ ِ‬
‫وغيرها من اآليات‬
‫صديق ب ْالقَ ْلب‪،‬‬ ‫قال اإلمام اآلجري‪ ” :‬بَاب ْالقَ ْول بأَن ْاإلي َم َ‬
‫ان ت َ ْ‬
‫َوإ ْق َرار بالل َسان‪َ ،‬و َع َمل ب ْال َج َوارح َال يَكون مؤْ منًا‪ ،‬إال أ َ ْن ت َ ْجتَم َع‬
‫صال الث َالث“‪.‬‬ ‫فيه َهذه ْالخ َ‬
‫ين أَن‬ ‫ي َعلَيْه علَ َماء ْالم ْسلم َ‬ ‫قَا َل ”ا ْع َملوا َرح َمنَا ّللا َوإياك ْم أَن الذ َ‬
‫صديق ب ْالقَ ْلب‪َ ،‬وإ ْق َرار‬ ‫ان َواجب َعلَى َجميع ْالخ َْلق‪َ ،‬وه َو تَ ْ‬ ‫ْاإلي َم َ‬
‫سان‪َ ،‬و َع َمل ب ْال َج َوارح‪ ،‬ثم ا ْعلَموا أَنه َال ت ْجزئ ْال َم ْعرفَة ب ْالقَ ْلب‬ ‫بالل َ‬
‫طقًا‪َ ،‬و َال ت ْجزيء‬ ‫سان ن ْ‬ ‫ون َمعَه ْاإلي َمان بالل َ‬‫صديق إال أ َ ْن يَك َ‬ ‫َوالت ْ‬
‫ون َع َمل ب ْال َج َوارح‪ ،‬فَإ َذا‬ ‫سان‪َ ،‬حتى يَك َ‬ ‫طق بالل َ‬ ‫َم ْعرفَة ب ْالقَ ْلب‪َ ،‬ون ْ‬
‫ان مؤْ منًا َدل َعلَى َذل َك ْالق ْرآن‪،‬‬ ‫صال‪َ :‬ك َ‬ ‫ت فيه َهذه الث َالث ْالخ َ‬ ‫َكملَ ْ‬
‫ين‪ .“...‬الشريعة‬ ‫سنة‪َ ،‬وقَ ْول علَ َماء ْالم ْسلم َ‬ ‫َوال ُّ‬
‫أُوال الطوائف في اإليمان‬
‫المرجئة‬ ‫الخوارج والمعتزلة‬
‫يخرجون العمل من اإليمان وهم‬ ‫يدخلون العمل في اإليمان‪،‬‬
‫ثالثة أصناف‪:‬‬ ‫واإليمان قول واعتقاد وعمل ‪،‬‬
‫‪-1‬اإليمان مجرد ما في القلب‬ ‫وأنه كل واحد ال يتجزأ‪ ،‬إذا‬
‫(الجهمية)‬ ‫ذهب بعضه ذهب كله‪.‬‬
‫‪-2‬مجرد قول اللسان (الكرامية)‬ ‫من أخل بشيء من األعمال‬
‫‪-3‬تصديق القلب وقول اللسان‬ ‫ذهب إيمانه باتفاق الطائفتين‪،‬‬
‫(مرجئة الفقهاء)‬ ‫كافر عند الخوارج‪ ،‬وفي منزلة‬
‫بين المنزلتين عند المعتزلة‬
‫اللقاء الثاني )‪(2‬‬
‫دخول العمال في مسمى اإليمان‬
‫َان َّللا ِلي ِضي َع إِي َمانَك ْم ِإ َّن َّللاَ بِالنَّ ِ‬
‫اس‬ ‫منها‪ :‬قول هللا عز وجل‪َ ( :‬و َما ك َ‬
‫لَ َرؤ ٌ‬
‫وف َّر ِحي ٌم) [البقرة‪]143 :‬‬
‫ثبت في سبب نزول هذه اآلية كما في حديث البراء الطويل وغيره وفي‬
‫آخره ((أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا فلم ندر ما نقول‬
‫فيهم فأنزل هللا تعالى‪َ :‬و َما َك َ‬
‫ان ّللا ليضي َع إي َمانَك ْم))‬
‫ووضع البخاري هذا الحديث في مواضع ومنها (باب‪ :‬الصالة من‬
‫اإليمان) قال الحليمي‪ :‬أجمع المفسرون على أنه أراد صالتكم إلى بيت‬
‫المقدس‪ ،‬فثبت أن الصالة إيمان‪ ،‬وإذا ثبت ذلك‪ ،‬فكل طاعة إيمان إذ لم‬
‫أعلم فارقا ً في هذه التسمية بين الصالة وسائر العبادات‬
‫علَيْه ْم آيَاته‬ ‫قوله تعالى‪ :‬إن َما ْالمؤْ منونَ الذينَ إ َذا ذك َر ّللا َوجلَ ْ‬
‫ت قلوبه ْم َوإ َذا تليَ ْ‬
‫ت َ‬
‫علَى َربه ْم يَت َ َوكلونَ الذينَ يقيمونَ الصالَة َ َومما َرزَ ْقنَاه ْم ينفقونَ‬ ‫زَ ا َدتْه ْم إي َمانًا َو َ‬
‫أ ْولَـئ َك هم ْالمؤْ منونَ َحقًّا [األنفال‪]4-2 :‬‬

‫حديث وفد عبد القيس وفيه قوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬آمركم باإليمان باهلل وحده))‬
‫وقال‪(( :‬هل تدرون ما اإليمان باهلل وحده))؟ قالوا‪ :‬هللا ورسوله أعلم قال‪(( :‬شهادة‬
‫أن ال إله إال هللا‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وأن تعطوا من الغنائم الخمس))‬
‫الحديث ‪ .‬ففي هذا الحديث فسر الرسول صلى هللا عليه وسلم للوفد اإليمان هنا‬
‫بقول اللسان‪ ،‬وأعمال الجوارح‬
‫(ومعلوم أنه لم يرد أن هذه األعمال تكون إيمانا ً باهلل بدون إيمان القلب‪ ،‬لما قد‬
‫أخبر في مواضع أنه البد من إيمان القلب‪ ،‬فعلم أن هذه مع إيمان القلب هو‬
‫اإليمان‪ ،‬وأي دليل على أن األعمال داخلة في مسمى اإليمان فوق هذا الدليل؟ فإنه‬
‫فسر اإليمان باألعمال ولم يذكر التصديق مع العلم بأن هذه األعمال ال تفيد مع‬
‫الجحود)‬
‫ومن األدلة أيضا ً قوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬ال يزني الزاني حين يزني‬
‫وهو مؤمن)) الحديث ‪ ،‬وما في معناه من األحاديث في نفي اإليمان عمن‬
‫ارتكب الكبائر وترك الواجبات كقوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬ال إيمان لمن ال‬
‫أمانة له))‬
‫يقول ابن رجب تعليقا ً على ذلك‪ :‬فلوال أن ترك هذه الكبائر من مسمى‬
‫اإليمان لما انتفى اسم اإليمان عن مرتكب شيء منها ألن االسم ال ينتفي إال‬
‫بانتفاء بعض أركان المسمى أو واجباته‪.‬‬
‫ويقول ابن تيمية‪ :‬ثم إن نفي اإليمان عند عدمها دال على أنها واجبة فاهلل‬
‫ورسوله ال ينفيان اسم مسمى أمر هللا به ورسوله إال إذا ترك بعض واجباته‬
‫كقوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬ال صالة إال بأم القرآن))‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬ال إيمان لمن ال أمانة له‪،‬‬
‫وال دين لمن ال عهد له))‪.‬‬

‫ومن األحاديث أيضا ً قوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬الطهور‬


‫شطر اإليمان) ومثله‪(( :‬حسن العهد من اإليمان))‬
‫وغيرها كثير‪.‬‬

‫ومنها قوله صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬من أعطى هلل ومنع‬
‫هلل‪ ،‬وأحب هلل وأبغض هلل‪ ،‬وأنكح هلل فقد استكمل‬
‫إيمانه))‪.‬‬
‫اللقاء الثالث (‪)3‬‬
‫وجهة نظر من ُال بعدم دخول العمال في مسمى‬
‫اإليمان‬
‫أوال ‪ :‬اإليمان في اللغة بمعنى التصديق‪ ،‬وهو كذلك في‬
‫الشرع‪.‬‬
‫والجواب عنه ما تقدم من بيان عدم ترادف اإليمان‬
‫والتصديق لغة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عطف األعمال على اإليمان يفيد المغايرة‪.‬‬

‫يراجع شرح العقيدة الطحاوية ص ‪344‬‬


‫الجواب عن الشبهة الولى )اإليمان مرادف التصديق في‬
‫اللغة (‬
‫‪ 1-‬منع الترادف بين اإليمان والتصديق لغة‪ ،‬من أوجه‬
‫كثيرة‪ :‬من جهة التعدي والمعنى والمقابلة واالشتقاق‬
‫‪ 2-‬لو سلم الترادف فالتصديق يكون باألفعال أيضا كما في‬
‫الحديث‪( :‬العينان تزنيان زناهما النظر‪،‬واألذنان تزنيان‬
‫وزناهما السمع‪- ،‬إلى إن قال‪ -:‬والفرج يصدق ذلك ويكذبه)‬
‫متفق عليه‬
‫‪‬قال الحسن البصري‪" :‬ليس اإليمان بالتحلي والتمني ولكنه‬
‫ما وقر في الصدور وصدقته األعمال"‪.‬‬
‫‪3-‬لو كان اإليمان في اللغة تصديقا فهو تصديق‬
‫مخصوص كما في الصالة ونحوها‪ ،‬وليس هذا نقال للفظ‬
‫و ال تغييرا له‪ ،‬فإن هللا لم يأمرنا بإيمان مطلق‪ ،‬بل إيمان‬
‫خاص وصفه وبينه‪ ،‬التصديق الذي هو اإليمان أدنى‬
‫أحواله أن يكون نوعا من التصديق العام‪ ،‬فال يكون‬
‫مطابقا له في العموم والخصوص من غير تغير اللسان‬
‫وال قلبه‪ ،‬بل يكون اإليمان في كالم الشارع مؤلفا من‬
‫العام والخاص‬
‫عطف العمل على اإليمان ‪ :‬الشبهة عن الجواب‬
‫يقتضي المغايرة‪ ،‬فال يكون العمل داخال في مسمى‬
‫اإليمان‬

‫فال شك أن العمل تارة يذكر مطلقا عن العمل ‪1-‬‬


‫وعن اإلسالم‪ ،‬وتارة يقرن بالعمل الصالح‪ ،‬وتارة‬
‫‪.‬يقرن باإلسالم‪ ،‬فالمطلق يستلزم لألعمال‬
‫إنما المؤمنون الذين أذا ذكر هللا وجلت ( ‪:‬قال‪‬‬
‫‪).‬قلبوهم‬
‫إنما المؤمنون الذين آمنوا باهلل ورسوله ثم لم ( ‪:‬قال‪‬‬
‫‪).‬يرتابوا‬
‫أن عطف الشيء على الشيء يقتضي المغايرة بين ‪-2‬‬
‫المعطوف والمعطوف عليه مع االشتراك في الحكم الذي‬
‫‪:‬ذكر لهما‪ ،‬والمغايرة على مراتب‬
‫أن يكونا متباينين‪ ،‬ليس أحدهما هو اآلخر‪ ،‬وال ‪:‬أعالها‬
‫خلق السماوات { ‪:‬جزءا منه‪ ،‬وال بينهما تالزم‪ ،‬كقوله تعالى‬
‫وأنزل { ‪: 1] .‬األنعام[ }واألرض وجعل الظلمات والنور‬
‫‪.‬وهذا هو الغالب ‪: 3] .‬آل عمران[ }التوراة واإلنجيل‬
‫وال تلبسوا { ‪:‬أن يكون بينهما تالزم‪ ،‬كقوله تعالى ‪:‬ويليه‬
‫‪: 42] .‬البقرة[ }الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون‬
‫‪: 92] .‬المائدة[ }وأطيعوا هللا وأطيعوا الرسول{‬
‫حافظوا على { ‪:‬عطف بعض الشيء عليه‪ ،‬كقوله تعالى ‪-3‬‬
‫من كان عدوا هلل { ‪: 238] .‬البقرة[ }الصلوات والصالة الوسطى‬
‫وإذ أخذنا من { ]‪: 98‬البقرة[ }ومالئكته ورسله وجبريل وميكال‬
‫‪: 7] .‬األحزاب[ }النبيين ميثاقهم ومنك‬
‫‪:‬وفي مثل هذا وجهان‬
‫‪.‬أن يكون داخال في األول‪ ،‬فيكون مذكورا مرتين ‪:‬أحدهما‬
‫أن عطفه عليه يقتضي أنه ليس داخال فيه هنا‪ ،‬وإن كان ‪:‬والثاني‬
‫داخال فيه منفردا‪ ،‬كما قيل مثل ذلك في لفظ الفقراء والمساكين‬
‫‪.‬ونحوهما‪ ،‬تتنوع داللته باإلفراد واالقتران‬
‫‪:‬عطف الشيء على الشيء الختالف الصفتين‪ ،‬كقوله تعالى ‪-4‬‬
‫]‪: 3‬غافر[ }غافر الذنب وقابل التوب{‬
‫فإذا كان العطف في الكالم يكون على هذه الوجوه‪-5 ،‬‬
‫كيف ورد فيه اإليمان فوجدناه إذا ‪:‬نظرنا في كالم الشارع‬
‫أطلق يراد به ما يراد بلفظ البر‪ ،‬والتقوى‪ ،‬والدين‪ ،‬ودين‬
‫‪.‬اإلسالم‬
‫آمركم باإليمان باهلل ‪:‬وفي الصحيح قوله لوفد عبد القيس‬
‫وحده‪ ،‬أتدرون ما اإليمان باهلل؟ شهادة أن ال إله إال هللا وحده‬
‫ال شريك له‪ ،‬وإقام الصالة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وأن تؤدوا‬
‫‪.‬الخمس من المغنم‬
‫ومعلوم أنه لم يرد أن هذه األعمال تكون إيمانا باهلل بدون‬
‫إيمان القلب‪ ،‬لما قد أخبر في مواضع أنه ال بد من إيمان‬
‫‪.‬القلب‪ ،‬فعلم أن هذه مع إيمان القلب هو اإليمان‬
‫اللقاء الرابع (‪)4‬‬
‫زيادة اإليمان ونقصانه‬
‫عقيدة أهل السنة‬
‫اإليمان يزيد وينقص‪ ،‬يزيد بطاعة الرحمن وينقص بطاعة‬
‫الشيطان‬

‫األدلة على ذلك من الكتاب ‪:‬‬


‫‪ -1‬آيات فيها التصريح بزيادة اإليمان‪.‬‬
‫‪ -2‬آيات فيها التصريح بزيادة الهدى‬
‫‪ -3‬إخباره سبحانه بزيادة الخشوع‪.‬‬
‫‪ -4‬إخباره سبحانه بتفضيله بعض المؤمنين على بعض‪.‬‬
‫‪ -5‬إخباره سبحانه بتفاضل دراجات المؤمنين في الجنة‪.‬‬
‫‪ -6‬إخباره سبحانه بإكمال الدين‪.‬‬
‫‪ -7‬إخباره عن طلب نبيه إبراهيم عليه السالم اطمئنان القلب‪.‬‬
‫‪ -8‬أمره سبحانه المؤمنين باإليمان‪.‬‬
‫‪ -9‬تقسيمه سبحانه المؤمنين إلى ثالث طبقات‪.‬‬
‫‪ -10‬أمره سبحانه بامتحان المؤمنات المهاجرات‪.‬‬
‫‪ -11‬إثباته سبحانه في القرآن إسالما بال إيمان‪.‬‬
‫‪ -12‬إخباره سبحانه بأن الذنوب تذهب اإليمان شيئا فشيئا حتى‬
‫يطبع على القلب ويختم عليه من كثرة الذنوب‪.‬‬

‫يراجع كتاب ”زيادة اإليمان ونقصانه“ ص ‪.82-54‬‬


‫تابع ” زيادة اإليمان ونقصانه‬
‫الدلة من السنة ‪ ،‬كثيرة جدا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫سلَّ َم‪:‬‬ ‫صلَّى هللا َ‬
‫ي َ‬ ‫ع ْنه‪َُ ،‬ا َل‪َُ :‬ا َل النَّ ِب ُّ‬
‫َّللا َ‬
‫ي َّ‬‫‪ -1‬ع َْن أ َ ِبي ه َر ْي َرةَ َر ِض َ‬
‫ش َرب‬ ‫ش َرب ال َخ ْم َر ِح َ‬
‫ين يَ ْ‬ ‫ين يَ ْز ِني َوه َو م ْؤ ِم ٌن‪َ ،‬والَ يَ ْ‬ ‫الزا ِني ِح َ‬ ‫«الَ يَ ْز ِني َّ‬
‫س ِرق َوه َو م ْؤ ِم ٌن‪َ ،‬والَ يَ ْنت َ ِهب ن ْهبَة‪ ،‬يَ ْرفَع‬ ‫س ِرق ِح َ‬
‫ين يَ ْ‬ ‫َوه َو م ْؤ ِم ٌن‪َ ،‬والَ يَ ْ‬
‫ين يَ ْنت َ ِهب َها َوه َو م ْؤ ِم ٌن» خ م‪.‬‬ ‫اره ْم ِح َ‬‫ص َ‬‫النَّاس ِإلَ ْي ِه ِفي َها أ َ ْب َ‬

‫فالمؤمن قد يرتكب هذه المعاصي فينقص إيمانه فيكون مؤمنا ً ناقص‬


‫اإليمان‪ ،‬معه مطلق اإليمان وانتفى عنه اإليمان المطلق‪ ،‬فإذا تاب وأقلع‬
‫عن هذه المعاصي زاد إيمانه‬
‫‪ -2‬حديث أبي هريرة رضي هللا عنه ُال‪ُ :‬ال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪":‬اإليمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها‬
‫ُول ال إله إال هللا وأدناها إماطة الذى عن الطريق‪ ،‬والحياء شعبة من‬
‫اإليمان” خ م‬

‫هذا من أوضح الدالئل على زيادة اإليمان ونقصانه وتفاضل أهله فيه‪.‬‬
‫ُال الشيخ العالمة ابن سعدي بعد ذكره لحديث أبي هريرة‪":‬وهذا‬
‫صريح في أن اإليمان يزيد وينقص بحسب زيادة هذه الشرائع‬
‫والشعب‪ ،‬واتصاف العبد بها أو عدمه‪ ،‬ومن المعلوم أن الناس‬
‫يتفاوتون فيها تفاوتا كثيرا‪ ،‬فمن زعم أن اإليمان ال يزيد وال ينقص‬
‫فقد خالف الحس‪ ،‬مع مخالفته لنصوص الشرع كما ترى“‬
‫التوضيح والبيان ص ‪27‬‬
‫‪ -3‬حديث أنس بن مالك رضي هللا عنه ُال‪ُ :‬ال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪":‬ال إيمان لمن ال أمانة له” أحمد‪.‬‬

‫هذا الحديث دليل على أن من ال أمانة له‪ ،‬فقد نقص فيه شيء من‬
‫واجبات هذا الدين‪ ،‬فيذهب عنه كمال اإليمان الواجب وتمامه‪ ،‬ويكون‬
‫بذلك مؤمنا ً ناقص اإليمان‬

‫‪ -4‬حديث أنس بن مالك رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫أنه ُال "يخرج من النار من ُال ال إله إال هللا وفي ُلبه وزن شعيرة‬
‫من خير‪ ،‬ويخرج من النار من ُال ال إله إال هللا وفي ُلبه وزن برة من‬
‫خير وبخرج من النار من ُال ال إله إال هللا وفي ُلبه وزن ذرة من‬
‫خير”‪ .‬خ م‬
‫‪ -5‬حديث أبي هريرة رضي هللا عنه ُال‪ُ :‬ال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪":‬أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا” أحمد‬
‫أوجه زيادة اإليمان‬
‫ا‪ -‬أن اإليمان يزيد وينقص من جهة اإلجمال والتفصيل فيما أمروا به‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه يزيد وينقص من جهة اإلجمال والتفصيل فيما وُع منهم‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه يزيد وينقص من جهة علم القلب وتصديقه‪.‬‬
‫‪ -4‬أنه يزيد وينقص من جهة المعرفة القلبية وهي دون التصديق‪.‬‬
‫‪ -5‬إنه يزيد وينقص من جهة عمل القلب كالمحبة والخوف والرجاء وغيرها‪.‬‬
‫تابع ” أوجه زيادة اإليمان“‬
‫‪ -6‬أنه يزيد وينقص من جهة أعمال الجوارح الظاهرة‪.‬‬
‫‪ -7‬أنه يزيد وينقص من جهة استحضار اإلنسان لوامر الدين‬
‫الحنيف وعدم الغفلة عنها والثبات والدوام عليها‪.‬‬
‫‪ -8‬أنه يزيد وينقص من جهة أن اإلنسان ُد يكون منكرا ومكذبا‬
‫بأمور‪ ،‬ال يعلم أنها من اإليمان‪ ،‬ثم يتبين له بعد أنها منه‪ ،‬فيزداد‬
‫بذلك إيمانه‪.‬‬
‫‪ -9‬أنه يزيد وينقص في هذه المور من جهة السباب المقتضية‬
‫لها‪.‬‬
‫فهذه أوجه زيادة اإليمان ونقصانه على وجه اإلجمال‪.‬‬
‫مراتب المؤمنين‬
‫مما يدل على زيادة اإليمان ونقصانه تفاضل المؤمنين وتفاوتهم في مرتبة‬
‫اإليمان‪ ،‬وهم ثالث مراتب ‪:‬‬
‫‪ -1‬سابقون مقربون‪ :‬هم الذين ُاموا بالواجبات والمستحبات‪ ،‬وتركوا‬
‫المحرمات والمكروهات‪ ،‬وفضول المباحات‪.‬‬
‫‪ -2‬مقتصدون‪ .‬وهم‪ :‬الذين ُاموا بالواجبات‪ ،‬وتركوا المحرمات‬
‫‪ -3‬ظالمون لنفسهم وهم‪ :‬الذين تركوا بعض واجبات اإليمان‪ ،‬وفعلوا‬
‫بعض المحرمات‬
‫ص َطفَ ْينَا ِم ْن ِعبَا ِدنَا فَ ِم ْنه ْم َظا ِل ٌم‬ ‫ين ا ْ‬ ‫ُال هللا ‪{ :‬ث َّم أ َ ْو َرثْنَا ا ْل ِكت َ َ‬
‫اب الَّ ِذ َ‬
‫ضل‬ ‫ت ِب ِإ ْذ ِن َّ ِ‬
‫َّللا َذ ِل َك ه َو ا ْلفَ ْ‬ ‫ق ِبا ْل َخ ْي َرا ِ‬ ‫س ِه َو ِم ْنه ْم م ْقت َ ِص ٌد َو ِم ْنه ْم َ‬
‫سا ِب ٌ‬ ‫ِلنَ ْف ِ‬
‫ا ْل َك ِبير} [سورة فاطر‪. ]32 :‬‬
‫شعب اإليمان إجماال‬

‫حديث أبي هريرة ‪ -‬أنه صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬


‫«اإليمان بضع وسبعون شعبة‪ ،‬أعالها قول ال إله إال‬
‫هللا‪ ،‬وأدناها إماطة األذى عن الطريق‪ .‬والحياء شعبة‬
‫من اإليمان» ‪ .‬خ م‬
‫وهذا صريح أن اإليمان يشمل أُوال اللسان‪ ،‬وأعمال الجوارح‪،‬‬
‫واالعتقادات والخالق‪ ،‬والقيام بحق هللا‪ ،‬واإلحسان إلى خلقه‪ .‬فجمع في‬
‫هذا الحديث بين أعاله وأصله وُاعدته ‪ -‬وهو ُول ال إله إال هللا اعتقادا‪،‬‬
‫وتألها‪ ،‬وإخالصا هلل ‪ -‬وبين أدناه‪ ،‬وهو إماطة العظم والشوكة وكل ما‬
‫يؤذي‪ ،‬عن الطريق‪ .‬فكيف بما فوق ذلك من اإلحسان‪ .‬وذكر الحياء ‪-‬‬
‫وهللا أعلم ‪ -‬لن الحياء به حياة اإليمان‪ ،‬وبه يدع العبد كل فعل ُبيح‪.‬‬
‫كما به يتحقق كل خلق حسن‪ .‬وهذه الشعب ‪ -‬المذكورة في هذا الحديث‬
‫‪ -‬هي جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫وهذا ‪ -‬أيضا ‪ -‬صريح في أن اإليمان يزيد وينقص بحسب زيادة هذه‬
‫الشرائع والشعب‪ ،‬واتصاف العبد بها أو عدمه‪ .‬ومن المعلوم أن الناس‬
‫يتفاوتون فيها تفاوتا كثيرا‪.‬‬
‫فمن زعم أن اإليمان ال يزيد وال ينقص‪ ،‬فقد خالف الحس‪ ،‬مع مخالفته‬
‫لنصوص الشارع كما ترى‪.‬‬
‫المور التي يستمد منها اإليمان‬

‫قراءة كتاب ‪:‬‬

‫التوضيح والبيان لشجرة اإليمان للشيخ عبد الرحمن بن‬


‫ناصر السعدي‪.‬‬
‫ثمرات اإليمان وفوائده‬

‫قراءة في كتاب ‪:‬‬

‫التوضيح والبيان لشجرة اإليمان للشيخ السعدي رحمه‬


‫هللا‪.‬‬
‫اإليمان بتوحيد الربوبية‬
‫مدلول كلمة الرب من حيث االشتقاق اللغوي‬
‫لكلمة الرب ثالثة أصول ترجع إليها معانيها‪:‬‬
‫‪ -1‬بمعنى المالك والصاحب‪ ،‬ومن هذا المعنى قول الرسول صلى هللا عليه وسلم في ضالة‬
‫اإلبل‪” :‬فذرها حتى يلقاها ربها“‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪ -2‬بمعنى السيد المطاع‪ ،‬قال الطبري‪” :‬أما تأويل قوله (رب) فإن الرب في كالم العرب‬
‫متصرف على معان‪ :‬فالسيد المطاع فيها يدعى ربا‪ .‬ومن هذا المعنى قول الرسول في‬
‫حديث أشراط الساعة‪” :‬أن تلد األمة ربها“‪.‬‬
‫‪ -3‬بمعنى المصلح للشيء المدبر له‪ ،‬ولذلك قال بعض أهل العلم باشتقاق كلمة الرب من‬
‫التربية‪ ،‬قال الراغب‪” :‬الرب في األصل التربية‪ ،‬وهو إنشاء الشيء حاال فحاال إلى حد‬
‫التمام“‪.‬‬
‫منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد هللا ‪216-215 /1‬‬
‫استعماالت كلمة ( الرب )‬
‫‪ ‬إذا ذكر اسم ( الرب ) معرفا فال يطلق إال على هللا تعالى‪.‬‬

‫‪ ‬وكذلك إذا كان غير مضاف وال معرف ال تطلق إال على هللا‪.‬‬

‫‪ ‬قال تعالى‪( :‬بلدة طيبة ورب غفور)‪.‬‬

‫‪ ‬أما كلمة (رب ) باإلضافة فتقال هلل ولغيره بحسب اإلضافة‪.‬‬

‫‪ ‬فمن األول‪ :‬قوله تعالى‪( :‬الحمد هلل رب العالمين)‪.‬‬

‫‪ ‬ومن الثاني‪ :‬قوله تعالى عن قول يوسف عليه السالم ألحد صاحبيه في‬
‫السجن‪( :‬اذكرني عند ربك)‪.‬‬
‫أُسام الربوبية‬
‫الربوبية الخاصة‪:‬‬
‫وهي تتعلق ببعض المكلفين‪ ،‬أي أن هللا رباهم باإليمان ووفقهم للعمل الصالح‪،‬‬
‫وهي بمعنى الهداية الخاصة‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضاللة) األعراف ‪30‬‬
‫وقال‪( :‬والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) محمد ‪17‬‬

‫كذا هدايتهم في اآلخرة إلى الجنة‬


‫قال‪( :‬الحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو ال أن هدانا هللا‪ ،‬لقد جاءت‬
‫رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون)‪ .‬األعراف‬
‫‪43‬‬
‫تعريف توحيد الربوبية‬
‫تنوعت أقوال العلماء في تعريفه منها‪:‬‬
‫‪ -1‬هو اعتقاد أن هللا وحده هو ربنا‪ ،‬ليس لنا رب سواه‪.‬‬
‫(انظر‪ :‬صيانة اإلنسان ص ‪)436‬‬
‫‪ -2‬هو‪ :‬اإلُرار بأن هللا تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازُه‪ ،‬وأنه المحيي‬
‫المميت النافع الضار المتفرد بإجابة الدعاء عند االضطرار‪ ،‬الذي له المر كله‪،‬‬
‫وبيده الخير كله‪ ،‬القادر على ما يشاء‪ ،‬ليس له في ذلك شريك‪ ،‬ويدخل في ذلك‬
‫اإليمان بالقدر‬
‫(تيسير العزيز الحميد ص ‪)17‬‬
‫‪ -3‬إفراد هللا تعالى بالخلق والحكم‪.‬‬
‫(منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد هللا ‪229 /1‬‬
‫مقتضيات اإلُرار هلل تعالى بالربوبية‬
‫‪ -1‬أال يعتقد العبد نفعا وال ضرا وال حركة وال سكونا وال بسطا وال خفضا وال‬
‫رفعا وال إعطاء وال منعا وال إحياء وال إماتة وال تدبيرا وال تصريفا إال وهللا‬
‫هو فاعله وخالقه ال يشركه في ذلك وال يملك واحد منه شيئا‪.‬‬
‫‪ -2‬إثبات رب مباين للعالم‬
‫قال ابن القيم‪ :‬إن الربوبية المحضة تقتضي مباينة الرب للعالم بالذات كما باينهم‬
‫بالربوبية وبالصفات واألفعال‪ ،‬فمن لم يثبت ربا مباينا فما أثبت ربا)‪ .‬مدارج‬
‫السالكين ‪1/84‬‬
‫‪ -3‬أن يتوصل العبد باإلقرار بالربوبية إلى اإلقرار باأللوهية فيجردها هلل‪.‬‬
‫مسلك القرآن في إثبات الربوبية‬
‫اإلُرار بوجود هللا أمر فطري‬
‫‪ -1‬مسلك اإللزام والرد على من انحرفت فطرهم‬
‫قال تعالى‪( :‬أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) الطور ‪.35‬‬
‫وانظر الحوار الذي جرى بين موسى وفرعون في سورة الشعراء ‪.33-23 :‬‬
‫‪ -2‬ذكر اآليات الدالة على الربوبية‬
‫قال تعالى‪( :‬وفي األرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفال تبصرون)‪ .‬الذاريات ‪.21-20‬‬
‫وانظر‪ :‬سورة إبراهيم آية ‪33-32‬‬
‫وقال‪( :‬هللا الذي خلق سبع سموات ومن األرض مثلهن يتنزل األمر بينهن لتعلموا أن هللا على كل‬
‫شيء قدير وأن هللا قد أحاط بكل شيء علما)‪ .‬الطالق ‪12‬‬
‫أنواع الدلة على إثبات الربوبية‬
‫‪ -1‬دليل الفطرة‪،‬‬
‫(الفطرة هي الخلقة التي خلق هللا عباده عليها وجعلهم مفطورين عليها وعلى محبة الخير وإيثاره‬
‫وكراهية الشر ودفعه‪ ،‬وفطرهم حنفاء مستعدين لقبول الخير واإلخالص هلل والتقرب إليه“‪.‬‬
‫الدلة الدالة على ذلك ‪:‬‬
‫لجوء اإلنسان وفزعه إلى خالقه سواء كان هذا اإلنسان موحدا أو مشركا عند الشدة والحاجة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ورود التكليف بتوحيد العبادة أوالً‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إلزام المشركين بتوحيد الربوبية ليقروا بتوحيد األلوهية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التصريح بأن الفطرة مقتضية لإلقرار بالرب وتوحيده وحبه في األدلة السمعية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد هللا ‪287 -280 / 1‬‬
‫لجوء اإلنسان وفزعه إلى خالقه سواء كان هذا اإلنسان موحدا أو‬
‫مشركا عند الشدة والحاجة‬
‫ض ُّر َدعَانَا ِل َج ْن ِب ِه أ َ ْو َُا ِعدا أ َ ْو َُا ِئما فَلَ َّما‬ ‫س َ‬
‫ان ال ُّ‬ ‫اإل ْن َ‬
‫س ِْ‬‫قال تعالى‪َ ( :‬و ِإ َذا َم َّ‬
‫ين َما‬ ‫سه َك َذ ِل َك ز ِي َن ِل ْلم ْ‬
‫س ِرفِ َ‬ ‫ع ْنه ض َّره َم َّر كَأ َ ْن لَ ْم يَ ْدعنَا ِإلَى ض ٍر َم َّ‬ ‫ش ْفنَا َ‬‫َك َ‬
‫ون (‪ )12‬يونس‬ ‫كَانوا يَ ْع َمل َ‬

‫ون ِإ َّال ِإيَّاه فَلَ َّما نَ َّجاك ْم ِإلَى‬ ‫ض ُّر ِفي ا ْلبَحْ ِر َ‬
‫ض َّل َم ْن ت َ ْدع َ‬ ‫سكم ال ُّ‬ ‫وُال‪َ ( :‬و ِإ َذا َم َّ‬
‫سان كَفورا (‪ )67‬اإلسراء‬ ‫اإل ْن َ‬
‫َان ْ ِ‬
‫ضت ْم َوك َ‬ ‫ا ْلبَ ِر أَع َْر ْ‬

‫ان ضر َدعَا َربَّه منِيبا ِإلَ ْي ِه ث َّم ِإ َذا َخ َّولَه نِ ْع َمة‬ ‫س َ‬‫اإل ْن َ‬
‫س ِْ‬ ‫وُال تعالى‪َ ( :‬و ِإ َذا َم َّ‬
‫َّلل أ َ ْندَادا ِلي ِض َّل َ‬
‫ع ْن َ‬
‫س ِبي ِل ِه ُ ْل‬ ‫َان يَ ْدعو ِإلَ ْي ِه ِم ْن َُ ْبل َو َجعَ َل ِ َّ ِ‬‫ي َما ك َ‬ ‫س َ‬ ‫ِم ْنه نَ ِ‬
‫ب النَّ ِار (‪ )8‬الزمر‬ ‫ص َحا ِ‬‫ت َ َمت َّ ْع ِبك ْف ِر َك َُ ِليال ِإنَّ َك ِم ْن أ َ ْ‬
‫ورود التكليف بتوحيد العبادة أوال‬
‫وحي ِإلَ ْي ِه أَنَّه َال ِإلَهَ‬ ‫قال تعالى‪َ ( :‬و َما أ َ ْر َ‬
‫س ْلنَا ِم ْن َُ ْب ِل َك ِم ْن َرسو ٍل ِإ َّال ن ِ‬
‫ون (‪ )25‬األنبياء‬ ‫إِ َّال أَنَا فَاعْبد ِ‬

‫تقرير هذه الحجة بأمرين‪:‬‬


‫األول‪ :‬لو لم يكن اإلقرار باهلل وربوبيته فطريا لدعاهم إليه أوال‪ ،‬إذ‬
‫األمر بتوحيده في عبادته فرع اإلقرار به وبروبيته فيكون بعده‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬لو لم يكن اإلقرار باهلل تعالى وربوبيته فطريا لساغ لمعارضي‬
‫الرسل عند دعوتهم لهم بقول هللا تعالى‪( :‬فاعبدون) أن يقولوا‪ :‬نحن لم‬
‫نعرفه أصال فكيف يأمرنا‪.‬‬
‫إلزام المشركين بتوحيد الربوبية ليقروا بتوحيد اللوهية‬

‫وهذا يكون في مسألتين‪:‬‬


‫الولى‪ :‬العلم بأن هللا هو المنفرد بالخلق والتدبير‬
‫الثانية‪ :‬العلم بأنه المنفرد بهبة النعم الظاهرة والباطنة‪.‬‬

‫ين ِم ْن‬ ‫قال تعالى‪( :‬يَا أَيُّ َها النَّاس ا ْعبدوا َربَّكم الَّ ِذي َخلَقَك ْم َوالَّ ِذ َ‬
‫س َما َء‬
‫ض ِف َراشا َوال َّ‬ ‫ون (‪ )21‬الَّ ِذي َج َع َل لَكم ْال َ ْر َ‬ ‫َُ ْب ِلك ْم لَعَلَّك ْم تَتَّق َ‬
‫ت ِر ْزُا لَك ْم فَ َال‬ ‫اء َماء فَأ َ ْخ َر َج ِب ِه ِم َن الث َّ َم َرا ِ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ِبنَاء َوأ َ ْن َز َل ِم َن ال َّ‬
‫ون (‪ ) )22‬البقرة ‪22-21‬‬ ‫َّلل أ َ ْندَادا َوأ َ ْنت ْم ت َ ْعلَم َ‬
‫ت َ ْجعَلوا ِ َّ ِ‬
‫ض َوه َو ي ْط ِعم‬ ‫ت َو ْال َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬‫س َم َ‬ ‫َّللا أَت َّ ِخذ َو ِليًّا فَ ِ‬
‫اط ِر ال َّ‬ ‫وقال‪ْ ُ( :‬ل أ َ َ‬
‫غ ْي َر َّ ِ‬
‫سلَ َم َو َال تَكونَ َّن ِم َن‬ ‫ون أ َ َّو َل َم ْن أ َ ْ‬
‫َو َال ي ْطعَم ُ ْل ِإ ِني أ ِم ْرت أ َ ْن أَك َ‬
‫اب يَ ْو ٍم ع َِظي ٍم‬ ‫عذَ َ‬ ‫ص ْيت َر ِبي َ‬ ‫ع َ‬ ‫ين (‪ْ ُ )14‬ل ِإ ِني أ َ َخاف ِإ ْن َ‬ ‫ا ْلم ْ‬
‫ش ِر ِك َ‬
‫ع ْنه يَ ْو َمئِ ٍذ فَقَ ْد َر ِح َمه َوذَ ِل َك ا ْلفَ ْوز ا ْلم ِبين (‪)16‬‬ ‫ف َ‬ ‫(‪َ )15‬م ْن يص َْر ْ‬
‫س َك ِب َخ ْي ٍر فَه َو‬‫س ْ‬‫ف لَه ِإ َّال ه َو َو ِإ ْن يَ ْم َ‬ ‫ش َ‬‫َّللا ِبض ٍر فَ َال َكا ِ‬ ‫س َك َّ‬ ‫س ْ‬ ‫َو ِإ ْن يَ ْم َ‬
‫ق ِعبَا ِد ِه َوه َو ا ْل َح ِكيم‬ ‫ير (‪َ )17‬وه َو ا ْلقَا ِهر فَ ْو َ‬ ‫ش ْي ٍء َُ ِد ٌ‬‫علَى ك ِل َ‬ ‫َ‬
‫ا ْل َخ ِبير (‪ ))18‬األنعام‬

‫ض أَنَّى يَكون لَه َولَ ٌد َولَ ْم تَك ْن لَه‬ ‫َو ْال َ ْر ِ‬ ‫ت‬
‫اوا ِ‬‫س َم َ‬
‫وقال‪( :‬بَ ِديع ال َّ‬
‫ع ِلي ٌم (‪ )101‬ذَ ِلكم َّ‬
‫َّللا َربُّك ْم‬ ‫ش ْي ٍء َ‬
‫َوه َو ِبك ِل َ‬ ‫ش ْي ٍء‬
‫ق ك َّل َ‬ ‫احبَةٌ َو َخلَ َ‬
‫ص ِ‬‫َ‬
‫علَى ك ِل َ‬
‫ش ْي ٍء َو ِكي ٌل‬ ‫ش ْي ٍء فَا ْعبدوه َوه َو َ‬ ‫َ‬ ‫َال ِإلَهَ ِإ َّال ه َو َخا ِلق ك ِل‬
‫(‪))102‬‬
‫التصريح بأن الفطرة مقتضية لإلُرار بالرب وتوحيده وحبه في الدلة السمعية‪.‬‬

‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ما من مولود إال يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو‬
‫يمجسانه أو ينصرانه) متفق عليه (خ‪ )1359 :‬و(م‪.)2658:‬‬
‫الفطرة هنا هي فطرة اإلسالم‪ ،‬وهي السالمة من االعتقادات الباطلة والقبول للعقائد الصحيحة‪،‬‬
‫وليس المراد أن اإلنسان حين يخرج من بطن أمه يعلم هذا الدين موحدا هلل‪ ،‬فإن هللا يقول‪( :‬وهللا‬
‫أخرجكم من بطون أمهاتكم ال تعلمون شيئا) [النحل‪ ]78 :‬وإنما المراد أن فطرته مقتضية‬
‫وموجبة لدين اإلسالم ولمعرفة الخالق واإلقرار به ومحبته‪ ،‬ومقتضيات هذه الفطرة وموجباتها‬
‫تحصل شيئا بعد شيء وذلك بحسب كمال الفطرة وسالمتها من الموانع‪.‬‬
‫ويدل على هذا أمور‪:‬‬
‫أوال‪ :‬رواية (على هذه الملة) صحيح مسلم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن الصحابة فهموا أن المراد بالفطرة ‪ :‬اإلسالم‪ ،‬لذلك سألوا الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫عقب ذلك عن أطفال المشركين لوجود ما يغير تلك الفطرة السليمة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إن هذا الحديث يؤئده ظاهر القرآن‪( ،‬فأقم وجهك للدين‬
‫حنيفا فطرة هللا التي فطر الناس عليها) الروم ‪.30‬‬

‫رابعا‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيما يرويه عن‬
‫ربه‪( :‬خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين‪)...‬‬
‫والحنفية‪ :‬اإلسالم‬

‫خامسا‪ :‬لم يذكر في الحديث مؤثر خارجي‪( :‬أو يسلمانه) مما‬


‫يدل على المراد بالفطرة معرفة هللا واإلقرار به‪.‬‬
‫‪ -2‬داللة بعثة النبياء وآياتهم على وجود هللا تعالى‬

‫قال اإلمام ابن القيم رحمه هللا‪( :‬وهذه الطريق من أُوى الطرق وأصحها‬
‫وأدلها على الصانع وصفاته وأفعاله‪ ،‬وارتباط أدلة هذه الطريق بمدلوالتها‬
‫أُوى من ارتباط الدلة العقلية الصريحة بمدلوالتها‪ ،‬فإنها جمعت بين داللة‬
‫الحس والعقل‪ ،‬وداللتها ضرورية بنفسها‪ ،‬ولهذا يسميها هللا سبحانه آيات‬
‫بينات)‪.‬‬
‫الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (‪.)1197 /3‬‬
‫بيان هذه الطريق من وجهين‪:‬‬

‫الول‪ :‬اآليات والبراهين وهي المعجزات‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬العلوم والحكام المتضمنة لمصالح الخلق التي‬


‫جاءوا بها‬
‫اآليات والبراهين (المعجزات)‬
‫قال تعالى‪( :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب)‪ .‬الحديد ‪.25‬‬
‫قال عن آيتي العصا واليد اللتين أرسل بهما موسى عليه السالم‪( :‬فذانك برهانان من‬
‫ربك إلى فرعون وملئه) القصص ‪.32 :‬‬
‫في الحديث‪( :‬ما من النبياء من نبي إال أعطي من اآليات ما مثله آمن عليه البشر‬
‫وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه هللا إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم‬
‫القيامة) متفق عليه‪.‬‬
‫فسماها هللا تعالى آية وبرهانا وبينة‪ ،‬وذلك لقوة‬
‫داللتها على المطلوب‪ ،‬وأنه بمجرد حدوثها‬
‫يحصل العلم الضروري‪ ،‬فهي من جنس اآليات‬
‫في داللتها على المراد‪ ،‬بل هي أقوى لغرابتها‬
‫وعظمتها‬
‫حال الرسول إذا جاء قومه‬

‫‪ -1‬دعواه أنه رسول‬


‫‪ -2‬أن هللا هو الذي أرسله سواء كان المخاطب‬
‫يقر بوجود هللا أو ال يقر‬
‫‪ -3‬أنه مرسل لدعوة الناس إلى إفراد هللا‬
‫باأللوهية‬
‫فإذا جاء الرسول بآية وهي العالمة التي تدل على‬
‫صدقه ثبتت الرسالة وكذلك الربوبية ضمنا‪ ،‬وذلك‬
‫ألنها حدث من جنس ما ال يقدر على مثله البشر‪،‬‬
‫وحصلت عند دعوى الرسول الرسالة‪.‬‬

‫ما عرف من أحوال األنبياء وصدقهم وما حصل لهم‬


‫وألتباعهم من التأييد والنصر وألعدائهم من الهالك‬
‫والخسران‬
‫االستدالل لهذا الدليل‬

‫ين (‪ )16‬أ َ ْن‬ ‫ب ا ْلعَالَ ِم َ‬ ‫وال ِإنَّا َرسول َر ِ‬ ‫ُال تعالى آمرا موسى وهارون‪ ( :‬فَأْتِيَا فِ ْرع َْو َن فَق َ‬
‫ين (‪)18‬‬ ‫سنِ َ‬ ‫س َرائِي َل (‪َُ )17‬ا َل أَلَ ْم ن َر ِب َك فِينَا َو ِليدا َولَ ِبثْتَ فِينَا ِم ْن عم ِر َك ِ‬ ‫س ْل َمعَنَا بَنِي ِإ ْ‬ ‫أ َ ْر ِ‬
‫ين (‪)20‬‬ ‫ض ِال َ‬ ‫ين (‪َُ )19‬ا َل فَعَ ْلت َها ِإذا َوأَنَا ِم َن ال َّ‬ ‫َوفَعَ ْلتَ فَ ْعلَت َ َك الَّتِي فَعَ ْلتَ َوأ َ ْنتَ ِم َن ا ْلكَافِ ِر َ‬
‫ين (‪َ )21‬وتِ ْل َك نِ ْع َمةٌ‬ ‫ب ِلي َر ِبي ح ْكما َو َجعَلَنِي ِم َن ا ْلم ْر َ‬
‫س ِل َ‬ ‫فَفَ َر ْرت ِم ْنك ْم لَ َّما ِخ ْفتك ْم فَ َو َه َ‬
‫ب‬‫ين (‪َُ )23‬ا َل َر ُّ‬ ‫ب ا ْلعَالَ ِم َ‬ ‫س َرائِي َل (‪َُ )22‬ا َل فِ ْرع َْون َو َما َر ُّ‬ ‫عبَّ ْدتَ بَنِي إِ ْ‬ ‫ي أ َ ْن َ‬ ‫علَ َّ‬‫تَمنُّ َها َ‬
‫ون (‪)25‬‬ ‫ست َ ِمع َ‬ ‫ين (‪َُ )24‬ا َل ِل َم ْن َح ْولَه أ َ َال ت َ ْ‬ ‫ض َو َما بَ ْينَه َما إِ ْن ك ْنت ْم موُِنِ َ‬ ‫ت َو ْال َ ْر ِ‬ ‫اوا ِ‬‫س َم َ‬‫ال َّ‬
‫ون (‪َُ )27‬ا َل‬ ‫س َل ِإلَ ْيك ْم لَ َمجْ ن ٌ‬ ‫ين (‪َُ )26‬ا َل ِإ َّن َرسولَكم الَّذِي أ ْر ِ‬ ‫ب آ َبا ِئكم ْال َ َّو ِل َ‬ ‫َُا َل َربُّك ْم َو َر ُّ‬
‫غ ْي ِري‬ ‫ون (‪َُ )28‬ا َل لَ ِئ ِن ات َّ َخ ْذتَ ِإلَها َ‬ ‫ب َو َما َب ْينَه َما ِإ ْن ك ْنت ْم ت َ ْع ِقل َ‬ ‫ق َوا ْل َم ْغ ِر ِ‬ ‫ب ا ْل َمش ِْر ِ‬ ‫َر ُّ‬
‫ت ِب ِه ِإ ْن ك ْنتَ ِم َن‬ ‫ين (‪َُ )30‬ا َل فَأ ْ ِ‬ ‫ش ْي ٍء م ِب ٍ‬‫ين (‪َُ )29‬ا َل أ َ َولَ ْو ِجئْت َك ِب َ‬ ‫سجو ِن َ‬ ‫َلَجْ َعلَنَّ َك ِم َن ا ْل َم ْ‬
‫ضاء‬ ‫ي بَ ْي َ‬ ‫ع يَدَه فَ ِإ َذا ِه َ‬ ‫ين (‪َ )32‬ونَ َز َ‬ ‫ان م ِب ٌ‬ ‫ي ث ْعبَ ٌ‬ ‫صاه فَ ِإ َذا ِه َ‬ ‫ع َ‬‫ين (‪ )31‬فَأ َ ْلقَى َ‬ ‫صا ِدُِ َ‬‫ال َّ‬
‫ين (‪ )33‬الشعراء‬ ‫اظ ِر َ‬‫ِللنَّ ِ‬
‫حال فرعون‬

‫دعوى الربوبية‬

‫( فقال أنا ربكم األعلى) النازعات ‪24‬‬

‫يقر في باطنه بربوبية هللا‬

‫(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) النمل‬


‫‪14‬‬
‫ثبوت النبوة والوحدانية في اإللهية باآلية وظهور المعجزة‬

‫ش ِر س َو ٍر ِمثْ ِل ِه‬ ‫ون ْافت َ َراه ُ ْل فَأْتوا ِبعَ ْ‬ ‫ُال تعالى‪( :‬أ َ ْم يَقول َ‬
‫َّللا ِإ ْن ك ْنت ْم‬
‫ون َّ ِ‬ ‫ط ْعت ْم ِم ْن د ِ‬ ‫ست َ َ‬‫ت َوا ْدعوا َم ِن ا ْ‬ ‫م ْفت َ َريَا ٍ‬
‫ست َ ِجيبوا لَك ْم فَا ْعلَموا أَنَّ َما أ ْن ِز َل ِب ِع ْل ِم‬ ‫ين (‪ )13‬فَ ِإلَّ ْم يَ ْ‬ ‫صا ِدُِ َ‬ ‫َ‬
‫ون (‪ )14‬هود‬ ‫َّللا َوأ َ ْن َال ِإلَهَ ِإ َّال ه َو فَ َه ْل أ َ ْنت ْم م ْ‬
‫س ِلم َ‬ ‫َّ ِ‬
‫العلوم‬
‫اتفاق جميع الرسل على اإلخبار بأشياء معينة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬دعوتهم جميعا إلى عبادة إله واحد‬
‫‪ -2‬بشارة موسى وعيسى برسالة محمد عليهم الصالة والسالم‪.‬‬
‫‪ -3‬الرسول قد أخبر بأخبار األمم الماضية مع القطع بأنه كان يعيش في أمة‬
‫أمية‪ ،‬وكذلك أخبر بأمور تحصل في المستقبل وقد حصلت‪ ،‬منها ما هو في‬
‫القرآن ومنها ما هو في السنة‪.‬‬
‫غلَ ِب ِه ْم‬ ‫الروم (‪ )2‬فِي أ َ ْدنَى ْال َ ْر ِ‬
‫ض َوه ْم ِم ْن بَ ْع ِد َ‬ ‫ت ُّ‬ ‫قال تعالى‪( :‬الم (‪ )1‬غ ِلبَ ِ‬
‫ين)‪ .‬الروم‬‫س ِن َ‬
‫ض ِع ِ‬ ‫سيَ ْغ ِلب َ‬
‫ون (‪ِ )3‬في ِب ْ‬ ‫َ‬
‫وفي السنة (إذا هلك كسرى فال كسرى بعده) البخاري (‪.)3618‬‬
‫(خالفة النبوة ثالثون سنة‪ ،‬ثم يؤتي هللا ملكه من يشاء)‬
‫أبو داود (‪.)4646‬‬

‫‪ -1‬سنتان وثالثة أشهر‬ ‫‪ -1‬أبو بكر الصديق‬


‫‪ -2‬عشر سنين ونصف‬ ‫‪ -2‬عمر بن الخطاب‬
‫‪ -3‬اثنا عشرة سنة (‪)12‬‬ ‫‪ -3‬عثمان بن عفان‬
‫‪ -4‬أربع سنين وتسعة‬ ‫‪ -4‬علي بن أبي طالب‬
‫أشهر‪.‬‬ ‫‪ -5‬الحسن بن علي‬
‫‪ -5‬ستة أشهر‬ ‫ثم نشأ الملك‪ ،‬فكان معاوية‬
‫‪ 28‬سنة ‪ 24 +‬شهر = ‪30‬‬ ‫رضي هللا عنه أول ملوك‬
‫سنة‬ ‫المسلمين وهو أفضلهم‬
‫الحكام المتضمنة لمصالح الخلق‬

‫فقد تضمنت شريعة النبي صلى هللا عليه وسلم أمورا‬


‫عظيمة‪ ،‬يقطع اإلنسان أنها ال يمكن أن تكون إال من‬
‫خالق عليم حكيم‪ ،‬فالشريعة جاءت لتحصيل المصالح‬
‫وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها‪ ،‬وهذا واضح جدا في‬
‫الضروريات الخمس‪:‬‬
‫الدين‪ ،‬والعقل‪ ،‬والنفس‪ ،‬والمال‪ ،‬والعرض‬
‫‪ -3‬دليل اآليات‬
‫المراد باآليات‪ :‬اآليات النفسية واآليات الكونية‬
‫يمكن االستدالل له بما حدث بين موسى وهارون عليهم السالم وفرعون الذي‬
‫أنكر أن يوجد رب غيره‪.‬‬
‫سورة الشعراء ‪33-23 :‬‬
‫قال تعالى‪( :‬إن في خلق السموات واألرض واختالف الليل والنهار‪ )...‬البقرة‬
‫‪164‬‬
‫وقال تعالى‪( :‬وفي أنفسكم أال تبصرون) الذاريات ‪.21‬‬
‫‪ -4‬المقاييس العقلية‬
‫قال تعالى‪( :‬أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) الطور ‪.35‬‬

‫قال ابن تيمية‪َ ( :‬و َذل َك أَن َه َذا ت َ ْقسيم َحاصر َذ َك َره ّللا بصيغَة ا ْست ْف َهام ْاإل ْن َكار‬
‫ورة َال ي ْمكن َج ْحدهَا يَقول‪{ :‬أ َ ْم خلقوا م ْن‬ ‫ليبَينَ أَن هَذه ْالمقَد َمات َم ْعلو َمة بالضر َ‬
‫سه ْم َوه ْم يَ ْعلَمونَ أَن ك َال‬
‫ي‪ :‬م ْن َغيْر خَالق َخلَقَه ْم؛ أ َ ْم ه ْم َخلَقوا أ َ ْنف َ‬
‫ش ْيء} أ َ ْ‬
‫َغيْر َ‬
‫ضيْن بَاطل؛ فَتَعَينَ أَن لَه ْم خَالقًا َخلَقَه ْم س ْب َحانَه َوتَعَالَى)مجموع الفتاوى ‪/5‬‬ ‫النقي َ‬
‫‪.)359‬‬

‫انظر‪ :‬منهج أهل السنة والجماعة ومنهج األشاعرة في توحيد هللا تعالى‪ .‬ص‬
‫‪303‬‬
‫اللقاء الثالث عشر (‪)13‬‬
‫الشرك في الربوبية‬
‫تعريف الشرك في الربوبية‬
‫ب‬ ‫الش ْرك فِي ال ُّربو ِبيَّ ِة فَ ِإ َّن َّ‬
‫الر َّ‬ ‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في تعريفه‪( :‬فَ ِ‬
‫الرافِع‬ ‫ار النَّافِع ا ْل َخافِض َّ‬ ‫س ْب َحانَه ه َو ا ْل َما ِلك ا ْلمدَبِر ا ْلم ْع ِطي ا ْل َمانِع ال َّ‬
‫ض ُّ‬
‫ار أ َ ْو النَّا ِف َع أ َ ْو ا ْلم ِع َّز أ َ ْو‬ ‫ي أ َ ْو ا ْل َما ِن َع أ َ ْو ال َّ‬
‫ض َّ‬ ‫ا ْلم ِع ُّز ا ْلم ِذ ُّل فَ َم ْن ش َِه َد أَ َّن ا ْلم ْع ِط َ‬
‫غ ْيره فَقَ ْد أَش َْر َك ِبربو ِبيَّتِ ِه)‪ .‬محموع الفتاوى ‪92 /1‬‬ ‫ا ْلم ِذ َّل َ‬

‫وقال‪( :‬هو إثبات فاعل مستقل غير هللا‪ ،‬كمن يجعل الحيوان مستقال بإحداث‬
‫فعله‪ ،‬ويجعل الكواكب‪ ،‬أو الجسام الطبيعية‪ ،‬أو العقول‪ ،‬أو النفوس‪ ،‬أو‬
‫المالئكة‪ ،‬أو غير ذلك مستقال بشيء من اإلحداث‪ ،‬فهؤالء حقيقة ُولهم‬
‫تعطيل الحوادث عن الفاعل) درء تعارض العقل والنقل ‪390 /7‬‬
‫من أشرك مع هللا غيره في خصائص‬
‫الربوبية أو أنكر شيئا منها‪ ،‬أو شبهه بغيره‪،‬‬
‫أو شبه غيره به يعد مشركا باهلل‪ ،‬سواء كان‬
‫في ذاته أو أفعاله أو أوصافه‬

‫الشرك في القديم والحديث ص ‪142‬‬


‫د‪ /‬أبو بكر محمد زكريا‬
‫أُسام الشرك في الربوبية‬
‫النوع الول‪ :‬شرك التعطيل‬
‫ب ا ْلعَالَ ِم َ‬
‫ين}‬ ‫وهو أُبح أنواع الشرك‪ ،‬كشرك فرعون إذ ُال‪َ { :‬و َما َر ُّ‬
‫وهو على ثالثة أُسام ‪:‬‬
‫‪ -1‬تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه‬
‫‪ -2‬تعطيل الصانع عن كماله المقدس بتعطيل أسمائه وأوصافه‬
‫وأفعاله‪.‬‬
‫‪ -3‬تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد‬
‫العالقة بين الشرك والتعطيل‬

‫الشرك والتعطيل متالزمان‪ ،‬فكل معطل مشرك‪ ،‬وكل مشرك‬


‫معطل‪ ،‬لكن الشرك ال يستلزم أصل التعطيل‪ ،‬بل قد يكون‬
‫المشرك مقرا بالخالق سبحانه وصفاته‪ ،‬ولكنه عطل حق‬
‫التوحيد‪.‬‬
‫وأصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها هو التعطيل‬

‫الجواب الكافي البن القيم ص ‪130‬‬


‫‪ -1‬تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه‬

‫‪‬شرك الفالسفة القائلين بقدم العالم وأبديته‪ ،‬وأنه لم‬


‫يكن معدوما أصال‪ ،‬بل لم يزل وال يزال‪ ،‬والحوادث‬
‫بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط اُتضت‬
‫إيجادها‪ ،‬يسمونها‪ :‬العقول‪ ،‬والنفوس‪.‬‬

‫‪‬اإللحاد بإنكار الخالق للكون‬


‫‪ - 2‬تعطيل الصانع عن كماله المقدس بتعطيل‬
‫أسمائه وأوصافه وأفعاله‪.‬‬

‫‪ ‬شرك من عطل أسماء الرب وأوصافه‪ ،‬من غالة‬


‫الجهمية‪ ،‬والقرامطة‪ ،‬فلم يثبتوا له اسما وال صفة بل‬
‫جعلوا المخلوق أكمل منه‬
‫‪ ‬يدخل في ذلك شرك منكري الرسالة للرسل‬
‫‪ ‬شرك منكري القدر‬
‫‪ ‬شرك التشريع والتحليل والتحريم من غيرهللا‬
‫‪ -3‬تعطيل معاملته عما يجب على العبد من‬
‫حقيقة التوحيد‬

‫‪‬شرك طائفة من أهل وحدة الوجود (كابن عربي‪ ،‬وابن‬


‫سبعين‪ ،‬والعفيف التلمساني‪ ،‬وابن الفارض‪ ،‬ونحوهم‬
‫من المالحدة الذين كسوا اإللحاد حلية اإلسالم) الذين‬
‫يقولون ‪ :‬ما ثم خالق ومخلوق‪ ،‬وال هاهنا شيئان‪ ،‬بل‬
‫الحق المنزه هو عين الخلق المشبه‬
‫النوع الثاني‪ :‬شرك النداد من غير تعطيل‬
‫وهو من جعل معه إلها آخر ولَ ْم يعطل أسماءه وصفاته‬
‫وربوبيته‪ .‬مثل‪:‬‬

‫‪ -1‬شرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثالثة‬


‫‪ -2‬شرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور‬
‫وحوادث الشر إلى الظلمة‪.‬‬
‫‪ -3‬شرك القدرية‪ ،‬القائلين بأن الحيوان هو الذي يخلق‬
‫أفعال نفسه‪ ،‬وأنها تحدث بدون مشيئة هللا وُدرته‪ ،‬ولهذا‬
‫كانوا أشباه المجوس‪.‬‬
‫‪ -4‬شرك من حاج إبراهيم في ربه (إذ قال إبراهيم ربي الذي‬
‫يحي ويميت قال أنا أحي وأميت) البقرة ‪258‬‬
‫‪ -5‬شرك فرعون حينما قال‪( :‬ما علمت لكم من إله غيري)‬
‫القصص ‪38‬‬
‫‪ -6‬شرك كثير ممن يشرك بالكواكب العلويات‪ ،‬ويجعلها مدبرة‬
‫ألمر هذا العالم‪ ،‬كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -7‬شرك من أسند النعمة إلى غير هللا‪( ،‬ولئن أذقناه رحمة منا‬
‫من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة)‬
‫فصلت ‪50‬‬
‫‪ -8‬شرك عباد الشمس وعباد النار‪.‬‬
‫الشرك في الربوبية‬

‫شرك النداد‬ ‫شرك التعطيل‬

‫تعطيل المصنوع‬
‫شرك من يشرك‬ ‫شرك من أسند‬ ‫تعطيل معاملته عما يجب على‬ ‫تعطيل الصانع عن‬
‫عن صانعه‬
‫شرك النصارى‬ ‫بالكواكب العلويات‬ ‫النعمة إلى غير‬ ‫العبد من حقيقة التوحيد‬ ‫كماله المقدس‬
‫وخالقه‬
‫شرك الصابئة‬ ‫هللا‬
‫• تعطيل أسماء هللا‬
‫وأوصافه وأفعاله‬
‫من غالة الجهمية‬
‫شرك‬ ‫شرك فرعون حين‬ ‫شرك عباد‬ ‫والقرامطة‬
‫ُال‪( :‬ما علمت لكم‬ ‫الشمس وعباد‬ ‫• شرك منكري‬
‫المجوس‬ ‫من إله غيري)‬ ‫النار‬ ‫• شرك طائفة أهل‬
‫الرسالة للرسل‬ ‫• شرك المالحدة‬
‫وحدة الوجود‬ ‫القائلين بقدم‬
‫• شرك منكري القدر‬
‫الذين يقولون‪ :‬ما‬ ‫العالم وأبديته‬
‫• شرك التشريع‬
‫شرك الذي‬ ‫ثم خالق ومخلوق‬ ‫والتحليل والتحريم‬
‫شرك القدرية‬ ‫حاج إبراهيم‬ ‫من غير هللا‬
‫في ربه‬
‫اللقاء الرابع عشر (‪)14‬‬
‫اإللحاد‬

‫اإللحاد في اللغة ‪ :‬الميل عن القصد‬


‫في االصطالح ‪ :‬إنكار وجود هللا تعالى‬

‫فالملحدون ‪ :‬هم الذين ال يؤمنون بوجود هللا جل‬


‫وعال‪ ،‬بل وحدانيته في ربوبيته وألوهيته‬
‫المالحدة يقولون ‪ :‬إن الكون وجد بال خالق وأن‬
‫المادة أزلية‪ ،‬هي الخالق والمخلوق معا‪،‬‬
‫وبالتالي فإنهم يكفرون بالرسل ويجحدون‬
‫األديان‬
‫أصناف المالحدة‬

‫هم صنفان ‪:‬‬


‫الصنف األو ل‪ :‬من يعتقد بنفي هللا جل وعال‬

‫الصنف الثاني‪ :‬وهم الذين يطلق عليهم (الالأدرية)‬


‫الذين يقولون‪ :‬ال ندري هل يوجد رب خالق أم ال‬
‫؟‬
‫ظهور اإللحاد في العالم‬

‫وجود اإللحاد في الناس قديما قليل‪ ،‬لم يذهب إليه إال شرذمة‬
‫قليلة من البشر مثل فرعون‪( :‬وما رب العالمين)‪.‬‬

‫وذهب إليه مشركو العرب يطلق عليهم ‪ :‬الدهرية‪ ،‬وهم يقولون‬


‫بقدم العالم وأنكار الصانع‪.‬‬

‫أما في العصر الحديث‪ ،‬فإن األمر قد اختلف فإنه منذ نهايات‬


‫القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر‪ ،‬مع التطور‬
‫العلمي والتكنولوجي الذي شهده الغرب‪ ،‬بدأت تيارات أعلنت‬
‫نفي وجود هللا تعالى‬
‫ماركس‪ ،‬داروين‪ ،‬نيتشه‪ ،‬فرويد‬
‫قاموا بتحليل الظواهر العلمية والنفسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية بطريق ليس‬
‫العتماد الخالق فيها أثر‪.‬‬
‫المدارس اإللحادية‬
‫لها اتجاهان ‪:‬‬
‫اتجاه علمي تجريبي‬

‫اتجاة فكري فلسفي‬


‫أقسام اإللحاد بحسب الدافع إليه‬
‫الول ‪ :‬اإللحاد العاطفي‪ ،‬وهو الذي دافعه استشكال للقدر‬

‫الثاني‪ :‬اإللحاد المادي النفعي‪ ،‬وهو الذي دافعه الرغبة الجامحة‬


‫في اللذت والرتوع في الشهوات‬

‫الثالث‪ :‬اإللحاد العقلي العلمي‪ ،‬وهو الذي دافع بزعمهم نظريات‬


‫فلسفية عقلية‬
‫أسباب اإللحاد‬
‫األول ‪ :‬الهزيمة الحضارية‬
‫الثاني ‪ :‬عدم فهم قضية القضاء والقدر على وجهها‬
‫الصحيح‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق بمسألة الحكمة‬
‫والتعليل في أفعال هللا‬
‫الثالث‪ :‬غسيل العقول‬
‫الرابع ‪ :‬حب الشهوات والرغبة الجامحة في‬
‫االنفالت (الحرية الال أخالقية)‬
‫أسباب اإللحاد‬
‫الخامس ‪ :‬وقوع مشكالت وتناقضات في نظر‬
‫الملحد تجاه الدين‬

‫السادس‪ :‬الجهل بدين اإلسالم ومحاسنه‬

‫السابع ‪ :‬الكبر في نفس الملحد‪.‬‬


‫دعائم اإللحاد ومرتكزاته‬

‫األول ‪ :‬نظرية علمية تجريبية‬

‫الثاني ‪ :‬نظرية فكرية فلسفية‬


‫نظرية علمية تجريبية‬

‫األولى ‪ :‬نظرية داروين (نظرية التطور‬


‫واالرتقاء في خلق اإلنسان)‪.‬‬

‫الثانية ‪ :‬نظرية االنفجار العظيم‬


‫نظرية فكرية فلسفية‬

‫أوال ‪ :‬تعظيم العقل‬

‫ثانيا‪ :‬قاعدة الشك‬

‫ثالثا‪ :‬ما يتعلق بقضية القدر المسمى عندهم بـ (فكرة الشر)‬


‫أو (نظرية الشر)‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تلبيسات ومغالطات عقلية يعتمد عليها المالحدة‬

You might also like