You are on page 1of 2

‫السؤال‬

‫ماًل وعل اما فهو يعم ُل بعل ِمه في مالِه‬ ‫نفر رج ٌل آتاهُ هللاُ ا‬ ‫ُ‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ " :‬مث ُل هذه األ َّم ِة كمث ِل أربع ِة ٍ‬
‫مثل الذي يعم ُل قال رسو ُل هللاِ‬ ‫عملت فيه َ‬ ‫ُ‬ ‫مثل هذا‬
‫ماًل فهو يقو ُل لو كان لي َ‬ ‫يُنفقُه في حقِّ ِه ورج ٌل آتاه هللاُ عل اما ولم ي ُْؤتِه ا‬
‫ِّ‬
‫غير حق ِه ورج ٌل لم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬
‫األجر سوا ٌء ورج ٌل آتاه هللاُ ماًل ولم يُؤتِه عل اما فهو يخبط في مالِه يُنفقه في ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى هللاُ عل ْي ِه وسل َّ َم فهما في‬
‫عملت فيه مث َل الذي يعم ُل قال رسو ُل هللاِ صلَّى هللاُ عل ْي ِه وسلَّ َم فهما في‬‫ُ‬ ‫ماًل فهو يقو ُل لو كان لي مث َل هذا‬ ‫ي ُْؤتِه هللاُ عل اما وًل ا‬
‫الو ْز ِر سوا ٌء‪.‬‬
‫ِ‬
‫هل يشترط التلفظ للثاني حتى يكون في األجر سواء مع األول أم أنه يكفى النية ‪ ،‬وإن كان يشترط التلفظ ‪ ،‬فكيف يكون‬
‫التوفيق بين استخدام ( لو ) ها هنا ونهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬عن استخدامها ؟‬

‫وهل يلزم أن يكون اًلثنان في نفس الزمان ‪ ،‬أم أنه يجوز أن يقول هذا لفعل رجل مات حتى وإن كان من الصحبة ‪ -‬رضى‬
‫هللا عنهم ‪ -‬؟‬
‫نص الجواب‬

‫موضوعات ذات صلة‬

‫الحمد هلل‬
‫أوًل‪:‬‬
‫هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم يَقُو ُل ‪ ( :‬إِنَّ َما‬
‫صلَّى َّ‬ ‫هللا َ‬ ‫اريُّ رضي هللا عنه أَنَّهُ َس ِم َع َرسُو َل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫األ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫أبي‬ ‫عن‬ ‫)‬ ‫‪18031‬‬ ‫(‬ ‫وأحمد‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬ ‫‪2325‬‬ ‫(‬ ‫الترمذي‬ ‫روى‬
‫هللاُ ِع ْل اما‬ ‫َاز ِل‪َ ،‬و َع ْب ٍد َر َزقَهُ َّ‬
‫ض ِل ال َمن ِ‬ ‫ص ُل فِي ِه َر ِح َمهُ‪َ ،‬ويَ ْعلَ ُم ِ َّهللِ فِي ِه َحقاا‪ ،‬فَهَ َذا بِأ َ ْف َ‬ ‫هللاُ َم ااًل َو ِع ْل اما فَهُ َو يَتَّقِي فِي ِه َربَّهُ‪َ ،‬ويَ ِ‬ ‫ال ُّد ْنيَا ِألَرْ بَ َع ِة نَفَ ٍر‪َ :‬ع ْب ٍد َر َزقَهُ َّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ت بِ َع َم ِل ف ُ ََل ٍن فَهُ َو بِنِيَّتِ ِه فَأجْ ُرهُ َما َس َواءٌ‪َ ،‬و َع ْب ٍد َر َزقَهُ هللا ُ َم ااًل َولَ ْم يَرْ ُزقهُ ِعل اما‪ ،‬فَهُ َو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق النِّيَّ ِة يَقُولُ‪ :‬لَوْ أنَّ لِي َم ااًل لَ َع ِمل ُ‬ ‫صا ِد ُ‬ ‫َولَ ْم يَرْ ُز ْقه ُ َم ااًل فَهُ َو َ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫َاز ِل‪َ ،‬و َع ْب ٍد لَ ْم يَرْ ُزقهُ هللاُ َم ااًل َو ًَل ِعل اما فَهُ َو‬ ‫َ‬ ‫ا‬
‫هلل فِي ِه َحقا‪ ،‬فَهَ َذا بِأ ْخبَ ِ‬ ‫َّ‬
‫ص ُل فِي ِه َر ِح َمهُ‪َ ،‬و ًَل يَ ْعلَ ُم ِ ِ‬ ‫يَ ْخبِطُ فِي َمالِ ِه بِ َغي ِْر ِع ْل ٍم ًَل يَتَّقِي فِي ِه َربَّهُ‪َ ،‬و ًَل يَ ِ‬
‫ث ال َمن ِ‬
‫ت فِي ِه ِب َع َم ِل ف ُ ََل ٍن فَهُ َو ِبنِيَّتِ ِه فَ ِو ْز ُرهُ َما َس َوا ٌء‪) .‬‬‫يَقُولُ‪ :‬لَوْ أَنَّ لِي َم ااًل لَ َع ِم ْل ُ‬
‫ص ِحي ٌح " ‪ ،‬وصححه األلباني في " صحيح سنن الترمذي‪" .‬‬ ‫يث َح َسنٌ َ‬ ‫وقال الترمذي عقبه ‪ " :‬هَ َذا َح ِد ٌ‬

‫والحديث يدل على أنه تكفي النية حتى يتحقق هذا الجزاء ‪ ،‬ولكن يشترط لذلك أن يكون عاجزا عن العمل ‪ ،‬فإن كان قادرا على العمل كله أو‬
‫بعضه ‪ :‬فإنه يفعل ما يستطيع منه‪.‬‬

‫قال شيخ اإلسَلم ابن تيمية رحمه هللا‪:‬‬


‫"من نوى الخير وعمل منه مقدوره ‪ ،‬وعجز عن إكماله ‪ :‬كان له أجر عامل " انتهى من " مجموع الفتاوى " (‪) .243/22‬‬

‫وقال رحمه هللا أيضا‪:‬‬


‫ُور ‪ :‬هُ َو ِب َم ْن ِزلَ ِة ْال َعا ِم ِل ْال َكا ِم ِل " انتهى من " مجموع الفتاوى " (‪) .731 /10‬‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬
‫ِ َ‬ ‫ْل‬
‫ع‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫" ْال ُم ِري ُد إ َرا َدةا َجا ِز َم‬

‫وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا ‪:‬‬


‫"إن الذي ًل يقدر على عمل معين ‪ ،‬إما أن يكون لذلك العمل بدل يقدر عليه ‪ ،‬فهذا ًل يثاب على العمل إذا لم يأت ببدله ؛ ألنه لو كان صحيح‬
‫النية لعمل ذلك البدل ‪ ،‬فعلى هذا يكون حصول األجر مشروطا بعدم وجود بدله المقدور عليه ‪ ،‬على أنا نقول ‪ :‬إن من نفع الناس بماله فله‬
‫أجران‪.‬‬
‫األول ‪ :‬بحسب ما قام بقلبه من محبة هللا ‪ ،‬ومحبة ما يقرب إليه ‪ ،‬فهذا األجر يشركه فيه الفقير إذا نوى نية صحيحة‪.‬‬
‫واألجر الثاني ‪ :‬دفع حاجة المدفوع له ‪ ،‬فهذا ًل يحصل للفقير ‪ ،‬وهللا أعلم " انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (‪) .244/7‬‬

‫أجر العمل ‪ ،‬دون مضاعفته ‪ .‬فالعامل تضاعف‬


‫أصل ِ‬
‫ِ‬ ‫وأما قوله ‪ ( :‬فهما في األجر سوا ٌء ) فحمله بعض العلماء على أن المراد استواؤهما في‬
‫له الحسنة بعشر أمثالها أو أكثر ‪ ،‬أما الناوي فقط فيكتب له الثوب بَل مضاعفة‪.‬‬

‫قال ابن رجب رحمه هللا‪:‬‬


‫أجر العمل ‪ ،‬دون مضاعفته ‪ ،‬فالمضاعفةُ يختصُّ بها من َع ِم َل العمل‬ ‫ِ‬ ‫أصل‬
‫ِ‬ ‫في‬ ‫استوائهما‬ ‫على‬ ‫)‬ ‫ء‬‫ٌ‬ ‫سوا‬ ‫األجر‬ ‫في‬ ‫فهما‬ ‫"وقد حمل قوله ‪( :‬‬
‫صوص كلِّها ‪ ،‬ويدلُّ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫خَلفُ‬ ‫وهو‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬
‫ٍ‬ ‫حسنا‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫عش‬ ‫يعملها‬ ‫ولم‬ ‫ة‬
‫ٍ‬ ‫بحسن‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ه‬ ‫لمن‬ ‫ب‬‫ِ َ‬ ‫ت‬‫ك‬‫ُ‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫وجه‬ ‫ل‬
‫ِّ‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫استويا‬ ‫لو‬ ‫هما‬ ‫َّ‬ ‫ن‬‫فإ‬ ‫‪،‬‬ ‫يعمله‬ ‫دونَ من نواه فلم‬
‫اع ِدينَ َد َر َجةا َو ُكَلا َو َع َد هللا ُ ْال ُح ْسنَى َوفَ َّ‬
‫ض َل هللاُ ْال ُم َجا ِه ِدينَ َعلَى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫ف‬‫ن‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫و‬ ‫م‬
‫ُ َ ِِ ِ ْ َ ِ ِْ َ ِ ِْ‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ا‬‫و‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ب‬ ‫ينَ‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ا‬‫ج‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ال‬ ‫ُ‬ ‫هللا‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ض‬‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫على ذلك قوله‬
‫أهل األعذار ‪ ،‬والقاعدون‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫القاعدون‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫‪:‬‬ ‫درجة‬ ‫المجاهدون‬ ‫عليهم‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ض‬
‫َّ‬ ‫المف‬ ‫القاعدون‬ ‫‪:‬‬ ‫وغيره‬ ‫عباس‬ ‫ابن‬ ‫قال‬ ‫‪،‬‬ ‫)‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫يم‬ ‫اع ِدينَ أَجْ راا ِ‬
‫َظ‬ ‫ع‬ ‫ْالقَ ِ‬
‫ت ‪ :‬هم القاعدون من غير أهل األعذار " انتهى من " جامع العلوم والحكم " (‪) .321/2‬‬ ‫ٍ‬ ‫درجا‬ ‫المجاهدون‬ ‫عليهم‬ ‫َّل‬
‫ض‬ ‫المف‬
‫وقال السندي رحمه هللا في " حاشيته على ابن ماجه ‪" :‬‬
‫ق ِزيَادَة ‪ ،‬فَإِنَّ َم ْن نَ َوى َح َسنَة يُ ْكتَب لَهُ َو ِ‬
‫احدَة ‪َ ،‬وإِ َذا‬ ‫" َو ْال ُم َراد ي ُْؤ َجر َعلَى نِيَّة ْال َخيْر ‪ ،‬فَهُ َو فِي أَصْ ل ْاألَجْ ر أَ ْيضاا ُم َسا ٍو لِ ْل ُم ْنفِ ِ‬
‫ق ‪َ ،‬وإِ ْن َكانَ لِ ْل ُم ْنفِ ِ‬
‫فَ َعلَهَا فَ َع ْش َرة " انتهى‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬‬
‫"لو " هنا للتمني ‪ ،‬وليست للتندم والتحسر ‪ ،‬فتختلف عنها في قول العبد ‪ " :‬لو أني فعلت كذا لكان كذا " فإنها هنا تفتح عمل الشيطان ‪ ،‬أما‬
‫التي هي للتمني ‪ ،‬فبحسب األمنية ‪ ،‬إن خيرا فخير ‪ ،‬وإن شرا فشر ‪.‬‬
‫وكلمة " لو " تستعمل عدة استعماًلت ‪ ،‬بعضها جائز وبعضها غير جائز ‪ ،‬ولهذا ترجم اإلمام البخاري رحمه هللا ‪ :‬باب ما يجوز من " اللو "‬
‫‪.‬‬

‫قال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا‪:‬‬


‫"لو " تستعمل على عدة أوجه‪:‬‬
‫الوجه األول ‪ :‬أن تستعمل في اًلعتراض على الشرع ‪ ،‬وهذا محرم‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن تستعمل في اًلعتراض على القدر ‪ ،‬وهذا محرم‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن تستعمل للندم والتحسر ‪ ،‬وهذا محرم أيضا ؛ ألن كل شيء يفتح الندم عليك ‪ ،‬فإنه منهي عنه ‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬‬
‫احرص على ما ينفعك واستعن باهلل وًل تعجز ‪ ،‬وإن أصابك شيء ‪ ،‬فَل تقل ‪ :‬لو أني فعلت كذا لكان كذا ؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان‪) .‬‬
‫الرابع ‪ :‬أن تستعمل في اًلحتجاج بالقدر على المعصية‪ ،‬كقول المشركين ‪ ( :‬لو شاء هللا ما أشركنا) األنعام‪ ، 148/‬وهذا باطل‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬أن تستعمل في التمني ‪ ،‬وحكمه حسب المتمني ‪ :‬إن كان خيرا فخير ‪ ،‬وإن كان شرا فشر ‪ ،‬وفي الحديث عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم في قصة النفر األربعة قال أحدهم ‪ ( :‬لو أن لي ماًل لعملت بعمل فَلن ) ‪ ،‬فهذا تمنى خيرا ‪ ،‬وقال الثاني ‪ ( :‬لو أن لي ماًل لعملت بعمل‬
‫فَلن ) ‪ ،‬فهذا تمنى شرا ‪ ،‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم في األول ‪( :‬فهو بنيته ‪ ،‬فأجرهما سواء ) ‪ ،‬وقال في الثاني ‪ ( :‬فهو بنيته ‪ ،‬فوزرهما‬
‫سواء‪) .‬‬
‫السادس ‪ :‬أن تستعمل في الخبر المحض ‪ ،‬وهذا جائز ‪ ،‬مثل ‪ :‬لو حضرت الدرس ًلستفدت ‪ ،‬ومنه قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬لو استقبلت‬
‫من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وألحللت معكم ) " انتهى باختصار من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (‪) .949-948 /10‬‬

‫ثالثا‪:‬‬
‫ًل يلزم أن يكون اًلثنان في نفس الزمان ‪ ،‬ولكن يشترط أن يكون الفعل ممكنا بالنسبة له ‪ ،‬وهذا كعموم األفعال الصالحة الممكنة في كل زمان‬
‫‪ ،‬كالصدقة ‪ ،‬وطلب العلم ‪ ،‬والجهاد في سبيل هللا ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬أما صحبة النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬والجهاد معه مثَل ‪ ،‬فَل يمكن ‪ ،‬وًل‬
‫يقدر أن يأتي منه بشيء ‪ ،‬فمثل هذا ًل ينطبق عليه الحديث ‪ ،‬وإنما هو حديث نفس صالح‪.‬‬

‫وينظر للفائدة إلى إجابة السؤال رقم )‪ ، : (11010‬وإجابة سؤال رقم )‪ ، : (99324‬وإجابة سؤال رقم‪: (127714) .‬‬

‫وهللا أعلم‪.‬‬

You might also like