Professional Documents
Culture Documents
مع مالحقها السرية كما أرسلت من قبل وزير الخارجية التركية "اسماعيل جم"
إلى رئيس المفوضية األوربية األسبق "جاك سانتير" في 8991/ 82/ 00
نزار نيوف
في العام ،2002سمحت لي فرصة تسلم "جواز سفر الحرية" الفخري Passport for Freedomمن
البرلمان األوربي ،الذي كان منح لي عندما كنت ال أزال معتقال ،أن أتعرف على عدد من أعضاء البرلمان
من مختلف الدول األوربية ومن مختلف تياراته السياسية ،السيما النواب الذين وقعوا على "الجواز"،
ي بمعلومات و وثائق خاصة تتعلق بسوريا
وبعضهم تجدد انتخابه مرارا وال يزال صديقا حتى اآلن ويتكرم عل ّ
من وقت إلى آخر.
أحد هؤالء كان صديقا مقربا من رئيس وزراء لوكسمبورغ األسبق "جاك سانتير" ،الذي أصبح الحقا رئيسا
للمفوضية األوربية خالل الفترة 5991ـ .5999وقد سمح له وضعه وقربه منه بالحصول ـ نزوال طلبي
وإلحاحي بعد معرفتي بوجودها ـ على صورة طبق األصل من النسخة األصلية (السرية) غير المنشورة من
"اتفاقية أضنة" الخيانية الموقعة في 20تشرين األول /أكتوبر 5991بين النظام السوري وتركيا.وقد أصبح
معلوما اآلن أن النظام تخلى فيها عن حقوق سوريا في "لواء اسكندرون" المسلوب بتواطؤ االحتالل الفرنسي
العام 5999؛ وهو أمر لم يتجرأ على اقترافه أي حاكم سوري منذ االستقالل ،بمن فيهم الحكام الصوريون في
ظل االحتالل الفرنسي نفسه ،إذا استثنيا موقف "شكري القوتلي" ،عميل الحركة الصهيونية وزعيمها حاييم
وايزمان .لكن موقفه وموقف كتلته "الوطنية" المتواطىء يومها مع األتراك كان سياسيا وليس له أي قيمة
قانونية.
بعد يومين على توقيع االتفاقية ،وتحديدا في 22تشرين األول ،5991أرسل وزير الخارجية التركية آنذاك
"اسماعيل ِجم" رسالة إلى "جاك سانتير" ،بصفته رئيسا للمفوضية ،يحيطه علما باالتفاقية وظروف التوصل
إليها بعد وساطة وتدخل كل من الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس اإليراني دمحم خاتمي و وزيري
خارجيتهما عمرو موسى و كمال خرازي .وقد أرفق بهذه الرسالة النص األصلي لالتفاقية ،أي الذي يتضمن
المالحق السرية ،الفتا انتباهه إلى أن الطرفين(السوري والتركي) اتفقا على أن يبقى هذا النص غير معلن،
وخصوصا الملحقين الثالث والرابع .وهو ما يعني ـ باللغة الديبلوماسية ـ طلبا منه بأن ال يطلع عليه أحدا ،
وأن يبقى في األرشيف السري لرئاسة المفوضية.
ينص الملحق الثالث على ما حرفيته أن الطرفين "اعتبارا من اآلن يعتبران نزاعهما الحدودي منتهيا ،وأن ال
أحد منهما لديه ادعاءات أو حقوق في أراضي الطرف اآلخر" ،وهو ما يعني تنازل سوريا ليس فقط عن
حقها بالمطالبة بلواء اسكندرون واالعتراف بأنه أرض "تركية" ،بل وحتى عن أي مساحة حدودية يمكن أن
ينشأ خالف بشأنها يوما إذا ما تبين أنها أرض سورية .أما الملحق الرابع فينص على أن "الطرف السوري
يفهم أن إخفاقه في اتخاذ اإلجراءات الضرورية والقيام بواجباته األمنية المنصوص عنها في هذه االتفاقية،
يعطي الحق لتركيا في اتخاذ جميع اإلجراءات األمنية الضرورية في نطاق 1كم في عمق األراضي
السورية"! وهو امتياز لم يمنحه حتى السادات والملك األردني إلسرائيل في اتفاقيتي "كامب ديفيد" و "وادي
عربة" ،وال يشبهه سوى اتفاقيات السلطة الفلسطينية العميلة مع االحتالل اإلسرائيلي الذي منحته "اتفاقيات
أوسلو" الحق في التدخل العسكري واألمني حتى داخل "المنطقة " Aالخاضعة لسلطتها!
في الذكرى األولى لتوقيع االتفاقية 20 ،أكتوبر ،5999نشرت وزارة الخارجية التركية على موقعها نصا
لالتفاقية ،لكنها حذفت منه المالحق السرية وأشياء أخرى ،فيما يبدو التزاما منها بإبقاء مالحقه وتفاصيله
السرية غير معلنة .ومنذ ذلك التاريخ أصبح هذا النص هو الوحيد المتداول والمرجعية عند كل حديث عن
يتعلق باالتفا قية التي بقي نصها األصلي مجهوال بالنسبة للجميع ،بمن في ذلك المواطنون السوريون األحق
من غيرهم بمعرفته .أما أعضاء ما يسمى"مجلس الشعب" ،المفترض أن من صالحيتهم وحقهم التصديق على
هذه االتفاقية ،كونها تنص على التنازل عن جزء من األراضي السورية لدولة أجنية ،فلم يطلعهم النظام ال
على نصها األصلي وال حتى على نصها الممسوخ الذي نشرته الخارجية التركية .وأستطيع الجزم بأن أيا
منهم لم يطلع عليها .وهذا أمر بدهي ،فهم ـ بالنسبة للنظام ،وكما هم في حقيقة األمر ـ ليسوا سوى قطيع من
البقر والغنم مهمتهم الوحيدة البصم بحوافرهم على كل ما يقوله رأس القطيع .
في 4تشرين األول /أكتوبر من العام 2054نشرت نص هذه االتفاقية كما كنت نسختها قبل سنوات عن
األصل قبل أن أفقده في إرشيفي؛ واليوم ـ بعد العثور عليها ـ أنشر صورتها األصلية كما وردت من وزير
الخارجية التركية "اسماعيل جم" إلى "جاك سانتير" ،باإلضافة لرسالة األول إلى الثاني ،مصدقة بتوقيعه
وخاتم الخارجية التركية .وهذه هي المرة األولى والوحيدة التي يجري نشرها بهذا الشكل منذ إبرامها .ومن
نافل القول إنها غير متاحة ألي أحد في أي مكان آخر في العالم باستثناء األراشيف السرية للجهات المعنية.