Professional Documents
Culture Documents
بركات الحداد
1987
بقائي في العيادة سواء في حضور الدكتور وفيق أو أثناء غيابه بالجامعة ،ل يقلقني ول يؤرقني في شيء ولو
امتد طيلة اليوم ،خاصة بعد أن بدأت صحته في التدهور .أما حين يرسلني بطلبات إلى المنزل فإني أجتهد في اختيار
الوقات التي تكون فيها زوجته بالعمل .لكن اجتهادي مرهون دائما بظروف الدكتور والدكتورة فغالبا ما تجمع الوقات
بيننا وحدنا بالمنزل.
إني على استعداد لن أقسم بجميع النبياء والديان والملل أننى لم أفكر لحظة واحدة في خيانة الدكتور وفيق
ولي نعمتي ،وفكرة الخيانة عند من هم مثلي من الفقراء ل تحوم دوما إل حول سمسرة عدة قروش أو جنيهات من
حسابات البيع وشراء اللوازم وما إلى ذلك من أمور ل تؤثر في المخدوم إطلقا ..يمكن أن أرمي بجثتي على عميل أشعر
بيسر حالته فل أتركه يغادر العيادة قبل أن أغتصب منه البقشيش بطريقة أو بأخرى ..إوان فعلت ذلك – وقليل ما أفعل
بضغط الحاجة – فإن ضميري يؤلمني كثي ار لنه يغضب الدكتور لو علم به.
أما أية خيانة من صنف آخر فمن المحال أن تخطر ببالي ول في الحلم ،فأين أنا الممرض ربع المتعلم..
الجير عند هؤلء الناس منذ عشرين عاما ..أين أنا من سيدتي الجليلة مريم؟! ..لو فتح الدكتور قلبي وفتش في
ضميري من ناحيتها فلن يجد إل الطاعة والحترام والولء ..فكم هي سخية معي وكم هي متواضعة حتى أنها تناولت
معي طعام الغداء يوما على الرض وحدنا بالمنزل حين كانوا يقومون بدهانه وضحكنا كشقيق مع شقيقته الكبرى ..هكذا
كنت أحسب أنها تعاملني.
رغم هذا كله فإنني ما أكاد أطأ باب الشقة حتى أجد لساني يلهج بالعياذ بال السميع العليم من الشيطان
الرجيم كما لو كانت كارثة محققة تنتظرني بالداخل ..شيء غريزي يخيفني من هذه المرأة التي أعمل عندها وأحترمها
وأحبها وأهابها.
إن ما يثير رعبي وحزني ودهشتي في آن واحد هو تعمدها المستمر منذ عشرين عاما وحتى الن أن تظهر
أمامي بملبس داخلية مكشوفة وكأنني ند لها تريد أن تغويه والعياذ بال ،وكلما مرت السنوات كلما ازدادت محاولتها
تكثيفا حتى أنها منذ ما يقرب من شهر أجلستني بعد أن وضعت الحاجيات وخرجت علىى بقميص نوم شفاف يبرز أدق
مفاتنها الداخلية ،ومالت أمامي كاشفة عن صدرها بوضوح قاتل ..إنى أتعجب لماذا تفعل تلك السيدة الوقور هذا
بنفسها ،أم ترى أنها ل تقصد شيئا على الطلق؟!..
كاد قلبي يسقط بين قدمي ..ألهذه الدرجة تحتقرني هذه السيدة الفاضلة فتعاملني كحشرة؟ ..أمن المعقول أنها
ل تدرك مشاعر رجل عفى البدن أمام كهلة فاتنة تعرض نفسها عليه ..أل تستحي مني؟ .أل تخجل من نفسها؟ ..أم
أنها تتلذذ بتعذيبي إواذللي وهي تعلم ما بيني وبينها من مسافات وحجب وموانع ..أستغفر ال العظيم ..استغفر ال
العظيم ..استغفر ال العظيم .لقد فكرت مرة أن أهجم عليها بعد أن ادعت التعثر وسقطت أمامي على الرض كاشفة عن
سوأتها في قبح جنوني مثير .فكرت أن آكلها أكل وليكن ما يكون ،مادامت هي التي تريد ذلك ..ولكني عدت بحمد ال
إلى حصني الحصين "أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم .أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم"
وأسرعت هاربا من البيت.
***