You are on page 1of 3

‫) ‪( 18‬‬

‫بركات الحداد‬
‫‪1987‬‬
‫بقائي في العيادة سواء في حضور الدكتور وفيق أو أثناء غيابه بالجامعة‪ ،‬ل يقلقني ول يؤرقني في شيء ولو‬
‫امتد طيلة اليوم‪ ،‬خاصة بعد أن بدأت صحته في التدهور‪ .‬أما حين يرسلني بطلبات إلى المنزل فإني أجتهد في اختيار‬
‫الوقات التي تكون فيها زوجته بالعمل‪ .‬لكن اجتهادي مرهون دائما بظروف الدكتور والدكتورة فغالبا ما تجمع الوقات‬
‫بيننا وحدنا بالمنزل‪.‬‬
‫إني على استعداد لن أقسم بجميع النبياء والديان والملل أننى لم أفكر لحظة واحدة في خيانة الدكتور وفيق‬
‫ولي نعمتي‪ ،‬وفكرة الخيانة عند من هم مثلي من الفقراء ل تحوم دوما إل حول سمسرة عدة قروش أو جنيهات من‬
‫حسابات البيع وشراء اللوازم وما إلى ذلك من أمور ل تؤثر في المخدوم إطلقا‪ ..‬يمكن أن أرمي بجثتي على عميل أشعر‬
‫بيسر حالته فل أتركه يغادر العيادة قبل أن أغتصب منه البقشيش بطريقة أو بأخرى‪ ..‬إوان فعلت ذلك – وقليل ما أفعل‬
‫بضغط الحاجة – فإن ضميري يؤلمني كثي ار لنه يغضب الدكتور لو علم به‪.‬‬
‫أما أية خيانة من صنف آخر فمن المحال أن تخطر ببالي ول في الحلم‪ ،‬فأين أنا الممرض ربع المتعلم‪..‬‬
‫الجير عند هؤلء الناس منذ عشرين عاما‪ ..‬أين أنا من سيدتي الجليلة مريم؟!‪ ..‬لو فتح الدكتور قلبي وفتش في‬
‫ضميري من ناحيتها فلن يجد إل الطاعة والحترام والولء‪ ..‬فكم هي سخية معي وكم هي متواضعة حتى أنها تناولت‬
‫معي طعام الغداء يوما على الرض وحدنا بالمنزل حين كانوا يقومون بدهانه وضحكنا كشقيق مع شقيقته الكبرى‪ ..‬هكذا‬
‫كنت أحسب أنها تعاملني‪.‬‬
‫رغم هذا كله فإنني ما أكاد أطأ باب الشقة حتى أجد لساني يلهج بالعياذ بال السميع العليم من الشيطان‬
‫الرجيم كما لو كانت كارثة محققة تنتظرني بالداخل‪ ..‬شيء غريزي يخيفني من هذه المرأة التي أعمل عندها وأحترمها‬
‫وأحبها وأهابها‪.‬‬
‫إن ما يثير رعبي وحزني ودهشتي في آن واحد هو تعمدها المستمر منذ عشرين عاما وحتى الن أن تظهر‬
‫أمامي بملبس داخلية مكشوفة وكأنني ند لها تريد أن تغويه والعياذ بال‪ ،‬وكلما مرت السنوات كلما ازدادت محاولتها‬
‫تكثيفا حتى أنها منذ ما يقرب من شهر أجلستني بعد أن وضعت الحاجيات وخرجت علىى بقميص نوم شفاف يبرز أدق‬
‫مفاتنها الداخلية‪ ،‬ومالت أمامي كاشفة عن صدرها بوضوح قاتل‪ ..‬إنى أتعجب لماذا تفعل تلك السيدة الوقور هذا‬
‫بنفسها‪ ،‬أم ترى أنها ل تقصد شيئا على الطلق؟!‪..‬‬
‫كاد قلبي يسقط بين قدمي‪ ..‬ألهذه الدرجة تحتقرني هذه السيدة الفاضلة فتعاملني كحشرة؟‪ ..‬أمن المعقول أنها‬
‫ل تدرك مشاعر رجل عفى البدن أمام كهلة فاتنة تعرض نفسها عليه‪ ..‬أل تستحي مني؟‪ .‬أل تخجل من نفسها؟‪ ..‬أم‬
‫أنها تتلذذ بتعذيبي إواذللي وهي تعلم ما بيني وبينها من مسافات وحجب وموانع‪ ..‬أستغفر ال العظيم‪ ..‬استغفر ال‬
‫العظيم‪ ..‬استغفر ال العظيم‪ .‬لقد فكرت مرة أن أهجم عليها بعد أن ادعت التعثر وسقطت أمامي على الرض كاشفة عن‬
‫سوأتها في قبح جنوني مثير‪ .‬فكرت أن آكلها أكل وليكن ما يكون‪ ،‬مادامت هي التي تريد ذلك‪ ..‬ولكني عدت بحمد ال‬
‫إلى حصني الحصين "أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم‪ .‬أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم"‬
‫وأسرعت هاربا من البيت‪.‬‬
‫***‬

You might also like