Professional Documents
Culture Documents
جولييت مقار
1988
يا حبيبي ..كنت تقول لي إن القباط وقفوا مع إخوانهم المسلمين ضد الغزاة المسيحيين على مدى التاريخ..
وأيام سعد زغلول كان القباط يقفون مع المسلمين يدا واحد ضد المحتلين النجليز المسيحيين ..ترى ألهذا قتلوك يا
ولدي؟ ..ل لن يكون صبري على فراقك أعظم من شكري لعطائي الرب إياك ..وماذا بيدي أن أصنع وقد استرد مني
وديعته؟
يا دانيال ..ألم تكن أنت الذي تستشهد بآياتهم القرآنية القائلة" :لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود
والذين أشركوا ،ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري " ،لتدلل على أن النصاري ليسوا مشركين من
آيات قرآنهم نفسه؟! ..ترى ألهذا قتلوك لنهم أروا فيك مشركا؟!
يا بركة الرب أسكني قبره .للمسيح أودعته .ترك العالم ليربح المسيح أعظم نصيب .عزائي في الفردوس يا بني
وليس في شيء آخر .ل تخف من ظلمة القبر فالمسيح سوف ينيرها لك فأنت شهيد الغدر والتخلف .إني مازلت أري
وجهك الحبيب على وجه كل شاب قبطي أراه عاب ار الطريق ،وتلك مرارة لم أذقها قبل اغتيالك الخسيس ،ولم أعرف لها
معنى،فقد كان الشاب في عيني – من قبل – شابا ل يعنيني إلى أية دار عبادة يتجه أو إلى أي دين ينتمي.
في أسيوط وأنا طفلة رأيت صبيا مسلما يصيح بأبي في تلقائية:
أشمل. -
فغير أبي اتجاهه إلى اليسار امتثال لدعابة الصبي .ولما سألته عن القصة أخبرني أنها ليست دعابة ،فاليمين للمسلم
والشمال للنصراني ..بل إن من حق المسلم إن ينزله عن حماره لو مر به أمامه فيترجل بجوار الحمار حتى يبتعد ثم
يعود فيركبه ..كنت تضحك يا دانيال حين كنت أروى لك تلك الذكريات وتقول لي بوداعة اليمام:
هذا كان أيام زمان .الدنيا تغيرت اليوم يا أمي. -
نعم ..إنها تغيرت ..ولهذا قتلوك. -
وداعا يا بني حتى ألحق بروحك الطاهرة في المجاد السماوية .استوطنت عند الرب فاذكرنا أنا ومريم وروح عبد الشهيد
بالعرش وصل لجلنا فنحن في مسيس الحاجة إلى صلواتك المباركة.
في شرخ صباك في شروق عمرك في تفتح زهر قلبك خطفوك مني فما عدت أصلح للعيش ..وهل تصلح
البدان بغير قلوب؟
تعالى يا مريم ..واكتبي ما أمليه عليك. -
ماذا أكتب يا أمي ولمن؟ -
اكتبي لولى أمرنا في الرض التي نفترشها ..اكتبي لرئيس الجمهورية. -
وبماذا تفيد الكتابة؟ -
أريد أن أحذره بشدة فقد تتحول مصر إلى لبنان ثانية. -
الرجل حزين مثلنا يا أمي وبعث بأكثر من مندوب للعزاء ،وقداسة البابا نفسه شرفنا بحضوره. -
ولكن ل بد أن نفعل شيئا. -
أسمعى يا أمي ..أريد أن أسألك سؤال محددا ..هل تكرهين المسلمين؟ -
أقسم بالسيد المسيح أنني لم أكرههم إل بعد أن قتلوا وحيدي. -
وكيف كان شعورك ناحيتهم قبل مقتله؟ -
ل أكثر من المعاملة الدنيوية بمشاعر محايدة ..وحتى إن احتوتها بعض الغيرة فإنها لم تعرف الحقد أبدا. -
يا أمي أنت تختلفين كثي ار عن دانيال ،وأنا أختلف عنكما معا ،لكنك ل تعرفين كيف تعبرين عن حقيقة -
مشاعرك.
هل ستفعلين شيئا لجل دانيال؟ -
أعدك يا أمي. -
وارتمت كل منا على صدر الخرى. -
***