You are on page 1of 30

‫نظرية ماركس للزأمات القاتصادية‬

‫ستيوارت إيسترلينغ‬
‫إن الرأسمالية نظام اقاتصادي ميال‪ ،‬في جمموهره‪ ،‬إلممى الوقامموع فمي الزأمممات‪.‬‬
‫وتدفعه قاوى تجعله غير مستقر‪ ،‬وفوضوي‪ ،‬ونازأعا للتدمير الممذاتي‪ .‬هممذا المممر‬
‫ينطبق عليه اليوم كما انطبق عليه قابل ‪ 150‬عاما‪ ،‬حين وصف كارل ممماركس‬
‫ومعمماونه فريممدريك إنجلممز الرأسمممالية فممي »البيممان الشمميوعي« بأنهمما مجتمممع‬
‫»أبدع‪ ،‬كما في السحر‪ ،‬وسائل النتاج والتبادل الضخمة‪ ،‬يشبه المشعوذ الذي‬
‫فقد سيطرته على القوى الجهنمية التي استحضرها«‪.‬‬
‫حقمما‪ ،‬فمجتمعنمما الحاضممر ذو طفممرات وانهيممارات سمموق السممهم‪ ،‬والتسممريح‬
‫المتواتر والبطالة طويلة المدى‪ ،‬وفضمائح الشمركات وانقط اع الكهربماء‪ ،‬يبمدو‬
‫مماثل لوصفهما أكثر من أي وقات سبق‪ .‬والنكماش القاتصادي الحممالي ليممس‬
‫استثناء‪.‬٭ فالوليات المتحدة‪ ،‬اليوم‪ ،‬في وسممط أطممول مممدة خسممارة وظممائف‬
‫منذ الكساد الكبير في ثلثينممات القمرن الماضمي‪ .‬حقيقممة‪ ،‬القاتصمماد المريكمي‬
‫اليوم يقل عما كان عليه قابل عامين بحوالي ‪ 2،6‬مليون وظيفة‪ .‬في المقابل‪،‬‬
‫خسر مليون شممخص تغطيممة التممأمين الصممحي‪ ،‬وأممما الفلسا الشخصممي فقممد‬
‫وصل لمستوى قاياسي قاممدره ‪ 1،5‬مليممون منممزل خلل عمام ‪ .2002‬باختصممار‪،‬‬
‫الزأمات القاتصادية‪ ،‬الركود والكساد‪ ،‬كانت جزءا من الرأسمالية منمذ ولدتهما‪،‬‬
‫ورغم الوعود القائلة بالعكس‪ ،‬ما تزال هذه الزأمات تشوب النظام حتى يومنا‬
‫هذا‪.‬‬

‫أهمية نظرية الزأمة‬


‫إن فهم الندفاع نحو الزأمات لهو أمر مركزي في تحليل مماركس للرأسممالية‬
‫وحججممه لمكانيممة وضممرورة التغيممر الثمموري‪ .‬فبالنسممبة لممماركس‪ ،‬وجممود عممدم‬
‫المساواة والفقر وحده ليس ما يقلب العمال على النظام الرأسمممالي‪ ،‬فهممذه‬
‫المشاكل طالما كانت جممزءا مممن المجريممات الروتينيممة لي اقاتصمماد رأسمممالي‬
‫»معافى«‪ .‬فالمر ذو الثر الجتماعي واليممديولوجي الكممبر هممو انعممدام المممن‬
‫والسممتقرار‪ ،‬والخممراب الممذي تحضممره الزأمممات‪ ،‬دوريمما‪ ،‬علممى حيمماة المنتميممن‬
‫للطبقة العاملة‪ .‬وبهذا يجادل ماركس في »رأسا المال« أن الرأسمالية »تبدد‬
‫كل الثبات والمن في وضع الشغيل…تهدد دائما…بأن تنممزع مممن يممده وسممائل‬
‫كفائه‪ ،‬وأن…تجعله زأائدا عممن حاجتهمما‪ .‬لقممد رأينمما…كيممف يقمموم هممذا الخصممام‬
‫]الطبقي[ بالترويح عن غضبه…فممي الضممحايا البشممرية المتتاليممة مممن صممفوف‬
‫الطبقة العاملة‪ ،‬في تبذير لقوة العمممل بممالغ فممي تهمموره‪ ،‬وفممي الممدمار تسممببه‬
‫الفوضى الجتماعية التي تحول كل تقدم اقاتصادي لكارثة اجتماعية«‪.‬‬
‫باختصار‪ ،‬تعني الزأمات أن سير النظام الرأسمالي ذاته ل يضمن حتى الفتات‬
‫الذي يرمى للعامل‪.‬‬
‫وللزأمات أثر على ثروات الرأسماليين أيضا‪ .‬فهي تدمر ما أسماه ممماركس بممم‬
‫»الخوية التشممغيلية للطبقممة الرأسمممالية« وتنتممج صممراعا مفتوحمما للبقمماء بيممن‬
‫الرأسممماليين أنفسممهم‪ ،‬وصممراعا يخوضممه رأسا المممال ضممد الطبقممة العاملممة‪.‬‬
‫وبسبب هذا المر‪ ،‬حتى الزأمات القاتصمادية الصمغيرة نسمبيا م ن الممكمن أن‬
‫تؤدي لنعدام الستقرار السياسي‪ ،‬والحيرة اليديولوجية ف ي صمفوف الطبقمة‬
‫الحاكمممة‪ ،‬واحتممداد الصممراع الطبقممي والحممروب‪ .‬يجممادل ممماركس أن الزأمممات‬
‫»تحمممل فمي قاطارهما دممارا مريعما‪ ،‬وتجعممل‪ ،‬كمالزلل‪ ،‬المجتممع البورجمموازأي‬
‫يزعزع ذات أساساته«‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنه مممن أثممر الزأمممة الرأسمممالية هممذه تنبممع‬
‫احتمالية التغير الثوري‪ ،‬ليس كأمر محتوم‪ ،‬وإنما كشيء ممكن في يد الطبقممة‬
‫العاملة‪ .‬وكممما أشممار الماركسممي الروسممي فلديميممر لينيممن مممرة‪» :‬الضممطهاد‬
‫وحده‪ ،‬مهما كانت شدته‪ ،‬ل يؤدي دائما لنبثاق وضع ثموري فمي البلد المعنيمة‪.‬‬
‫في أغلب الحالت‪ ،‬ل يكفي لتحقق الثورة أل ترغب الطبقات الدنيا بأن تعيش‬
‫بالطريقة القديمة‪ .‬من الضروري أيضا أل تكممون الطبقممات العليمما قاممادرة علممى‬
‫الحكم بالطريقة القديمة«‪ .‬هممذا الشممرط تخلقممه وتفمماقامه الزأمممة القاتصممادية‪،‬‬
‫ومعها انعدام الستقرار‪ ،‬والستقطاب‪ ،‬والصراع الذي تولده‪.‬‬
‫وزأد على ذلك أن ديمومة الزأمات فممي ظممل الرأسمممالية ل تجعممل مممن التغيممر‬
‫الثوري أمرا ممكنا وحسممب‪ ،‬بممل وضممرورة ملحممة أيضمما‪ .‬وكممما جممادل ممماركس‬
‫وإنجلز في »البيان الشيوعي«‪ ،‬كان الصممراع الطبقممي‪ ،‬تاريخيمما‪» ،‬قاتممال انتهممى‬
‫كل مرة‪ ،‬إما في إعادة تشكيل ثورية للمجتمع بمجملممه‪ ،‬أو بالممدمار المشممترك‬
‫للطبقات المتنازأعة«‪ .‬وكممون الرأسمممالية بإمكانهمما إنتماج »الممدمار المشممترك«‬
‫لجميع المنخرطين فيها لهو واقاع بارزأ للعيان‪ .‬و»أكثر الخرابممات إرهابمما« الممتي‬
‫يصفها ماركس‪ ،‬المتسببة بالفقر‪ ،‬والجوع‪ ،‬والدمار الممبيئي والحممروب‪ ،‬ازأدادت‪،‬‬
‫ليس إل‪ ،‬منذ عصره‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬جمادل كمل مممن مماركس وإنجلمز أن هممذه‬
‫الطبيعة الميالة للزأمات الخاصة بالرأسمالية تخلق الحاجة للشممتراكية‪ ،‬ليممس‬
‫فقط من أجل إلغاء الفقر وانعدام المساواة‪ ،‬بممل للغمماء الكمموارث القاتصممادية‬
‫والجتماعية المتكررة‪ ،‬المتوطنة النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫هذه المقالة ستحاول رسم العناصر الساسية لنظريممة الزأمممة الموجممودة فممي‬
‫كتابات ماركس حول القاتصاد‪ ،‬بادئة بمراجعة لبعض أسس تحليل ماركس‪.‬‬

‫طريقة ماركس‬
‫كان هدف ماركس هو »تعرية قاانون الحركممة القاتصممادية للمجتمممع الحاضممر«‪.‬‬
‫بماذا تختص طريقته القاتصادية كي تتمكن من توضيح كيفية سير الرأسمالية؟‬
‫جادل آدم سميث‪ ،‬وهو عالم اقاتصاد بورجوازأي عاصر القرن الثامن عشممر‪ ،‬أن‬
‫الرأسمالية والسوق الحر قادما من »ميل في الطبيعة البشرية…إلى مقايضممة‬
‫ومبادلة شيء مقابل شيء آخر«‪ .‬وزأعم عالم اقاتصاد رأسمممالي آخممر‪ ،‬ليونيممل‬
‫روبنز‪ ،‬أن الرأسمالية تتكون من »سلسلة من العلقاات المستقلة بين الرجال‬
‫والبضممائع القاتصممادية«‪ .‬فممي رأيهممم‪ ،‬العلقاممات القاتصممادية بيممن الشممخاص‬
‫المختلفين ليس ما هو مهم‪ ،‬بل العلقاة بين الناسا والمنتجات‪ .‬بعبممارة أخممرى‪،‬‬
‫علقاتك مع علبة صابون »تايممد« للغسمميل أكممثر أهميممة لفهممم الرأسمممالية مممن‬
‫علقاتك برئيسك‪.‬‬
‫فممي المقابممل‪ ،‬يجممادل ممماركس فممي »رأسا المممال« أن »العلقاممة بيممن العمممل‬
‫المأجور ورأسا المال تحدد الطبيعة الكلية لنمط النتمماج ]الرأسمممالي[«‪ .‬كممان‬
‫هدفه هو تجاوزأ الدراسممة المحصممورة بعمليممة التبممادل )الممبيع والشممراء(‪ ،‬الممتي‬
‫تخفي ما يحدث تحت السطح‪ .‬وعلى حد تعبير ماركس‪» :‬العامل الذي يشتري‬
‫رغيف خبز والمليونير الذي يقوم بالفعل ذاته يبدوان في هذا النشمماط كمجممرد‬
‫مشتريين‪ ،‬مثلما… يبدو البقال كمجرد بائع‪ .‬كمل أوجمه ]القاتصماد[ الخمرى هنما‬
‫تدثر«‪ .‬عن طريق التركيز فقط على قاواعممد وآليممات التبممادل‪ ،‬سمميزعم علممماء‬
‫القاتصمماد البورجوازأيممون أننمما جميعمما نسمماهم كممأفراد متكممافئين فممي القاتصمماد‬
‫الرأسمالي؛ الجميع‪ ،‬سواء أكانوا أغنياء أم فقراء‪ ،‬لديهم حق شراء رغيف خبز‬
‫)أو يخت( بسممعر معيممن‪ .‬ولكممن‪ ،‬وعممن طريممق تحليممل مجممال النتمماج وبجممواره‬
‫»العلقاممة بيممن العمممل المممأجور ورأسا المممال«‪ ،‬يتمكممن ممماركس مممن كشممف‬
‫التناقاضممات الطبقيممة الكامنممة داخممل النظممام الممتي يتجاهلهمما علممماء القاتصمماد‬
‫الرأسماليون‪.‬‬
‫كممما أن علممماء القاتصمماد البورجمموازأيين يممرون العلقاممات الرأسمممالية بصممفتها‬
‫الترتيب الطبيعي للمور‪ ،‬نابعة عن »ميل في الطبيعة البشرية«‪ ،‬كما زأعممم آم‬
‫سميث‪ .‬والنتيجة‪ ،‬بالنسبة لهم‪ ،‬هي‪ ،‬كما يشير ماركس‪ ،‬أن »السوق العالمي‪،‬‬
‫وأحواله‪ ،‬وحركة أسعار السوق‪ ،‬وفترات الدين‪ ،‬والدورات الصناعية والتجارية‪،‬‬
‫وتقلبات الطفرات والزأمات‪ ،‬تبدو…كقوانين طبيعية غالبممة تفممرض‪ ،‬بصممورة ل‬
‫تقاوم‪ ،‬إرادتها عليهم‪ ،‬وتواجههم كضرورة عميمماء«‪ .‬جممادل ممماركس‪ ،‬بممدل عممن‬
‫ذلك‪ ،‬أن »عملية النتاج الرأسمالية هممي شممكل محممدد تاريخيمما لعمليممة النتمماج‬
‫الجتماعية عموما«‪ .‬وسعى لتحليل الرأسمالية والسوق تاريخيا‪ ،‬ليممس كنتيجممة‬
‫غير متغيرة لم »قاوانين طبيعية«‪ ،‬إنما كنظام ديناميكي ينبثق إلى الوجود‪ ،‬مثله‬
‫مثل مجتمعات طبقية أخرى‪ ،‬في مرحلة معينة من التاريخ البشممري‪ ،‬وتقوضممه‬
‫تناقاضاته بشكل منتظم‪.‬‬
‫ْ ق ماركس‪ ،‬وقاع النتاج في قالب كل المجتمعات البشمرية‪ :‬تحويمل الطبيعمة‬ ‫وف‬
‫لنتمماج المممور اللزأمممة للحفمماظ علممى بقمماء ذلممك المجتمممع‪ .‬فممي المجتمعممات‬
‫الطبقية‪ ،‬العنصر المفتمماحي هممو أن إحممدى طبقممات المجتمممع تأخممذ جممزءا مممن‬
‫منتجات عمل طبقة أخرى وتحتفظ بها لنفسها‪ .‬ففي ظل النظممام القاطمماعي‪،‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬يأخذ اللمموردات جممزءا مممن منتجممات عمممل القانممان‪ :‬قاضممى‬
‫القانان جزءا من أسبوع عملهممم لنتمماج بضممائع لنفسممهم‪ ،‬وجممزءا مممن عملهممم‬
‫استنفذ لنتاج بضائع للورد؛ بإمكان القن أن ينتممج أكممثر مممما يسممتهلك‪ ،‬والزائممد‬
‫يممذهب إلممى النبلء‪ .‬سمممى ممماركس هممذا العمممل الزائممد بممم »فممائض العمممل«‪،‬‬
‫واستخراج الفائض هذا سماه بالستغلل‪[1].‬‬
‫في ظل الرأسمالية‪ ،‬النقيضممان ليسمما اللمموردات والقانممان‪ ،‬إنممما الرأسممماليون‬
‫والعمال‪ .‬وعنصر مركممزي فممي تحليممل ممماركس للرأسمممالية هممو كيفيممة تمكممن‬
‫الرأسماليين من الحصول على فائض العمل من العمال‪ .‬وبسبب كيفيممة سممير‬
‫السوق‪ ،‬يتخذ الستغلل فمي ظمل الرأسممالية صمورة أكممثر تقنعما ممن أنمماط‬
‫النتاج السممابقة‪ .‬وإن »نظريممة القيمممة« أو »نظريممة العمممل للقيمممة« الخاصممة‬
‫بماركس لهي أداة مهمة في كشف هذه العملية‪.‬‬

‫دور قانون القيمة‬


‫كل منظومة إنتاج عليها ضبط مقدار عمل الفرد المبذول في إنتمماج شمميء ممما‬
‫مقابل آخر‪ ،‬كي ل يستنفذ المجتمع عمله على أشياء ل حاجة لها‪ [2].‬وبشممكل‬
‫عام‪ ،‬في المجتمعات السابقة للرأسمالية أنتج الناسا الشممياء‪ ،‬مباشممرة لجممل‬
‫أفراد آخرين‪ ،‬وليس من أجل البيع في سوق‪ ،‬أي‪ ،‬في صياغة ممماركس‪ ،‬كممانت‬
‫غايممة النتمماج هممي السممتعمال‪ ،‬ل التبممادل‪ .‬وبالتممالي أنتجمموا مممن أجممل حاجممات‬
‫ورغبات أنفسهم‪ ،‬أو مجتمع الصيد وجمع الثمار الخاص بهم‪ ،‬أو وحدة عائلتهم‪،‬‬
‫أو لوردهم‪ ،‬أو مستعبدهم وما إلى ذلك‪ .‬أنتجوا لن »القبيلة بحاجة إلى غزال«‬
‫أو لن »اللورد بحاجة إلى بطاطا« أو لن »المنزل بحاجة إلى حطب«‪.‬‬
‫إن الرأسمممالية مختلفممة للغايممة عممن أنممماط النتمماج السممابقة‪ .‬ففممي ظممل‬
‫الرأسمالية‪ ،‬كل منتجات العمل البشري تقريبا تصبح سلعا‪ ،‬أي أنها تنتممج بغايممة‬
‫بيعها‪ .‬سمى ماركس ذلك بم »إنتاج السمملع المعمممم«؛ يقتنممي النمماسا حاجمماتهم‬
‫ورغباتهم عن طريق شرائها في السوق‪ ،‬وينتج الناسا ممما يحتمماجه ويرغممب بممه‬
‫الناسا الخرون عن طريق بيع الشياء في سوق ما‪ .‬ولكن إنتاج الشياء بغايممة‬
‫البيع )بغاية الستبدال( يخلممق ديناميممة جديممدة مختلفممة عممن المجتمعممات الممتي‬
‫أنتجت بغاية الستعمال المباشر‪ .‬وتخصيص العمل في هذا النوع من القاتصمماد‬
‫يضبطه قاانون القيمة‪ ،‬وستساعدنا بعض المثلة على توضيح كيفيممة عمممل هممذا‬
‫القانون‪.‬‬
‫بإمكاننمما أن نبممدأ بمثممال بسمميط‪ :‬أحممد أولممى أشممكال التبممادل هممي »حممرف«‬
‫الفلحين‪ ،‬أو النتاج المرتكز على المنممزل‪ .‬غيممر أن هممذه المنممازأل كممانت غالبمما‬
‫مكتفية ذاتيا‪ ،‬مممن الممكممن أن تسممتبدل الشممموع المنتجممة عنممد عائلممة فلحيممة‬
‫معينة‪ ،‬مثل‪ ،‬مقابل سلة منتجة لدى عائلة أخرى‪ .‬ويمكن لسكان قارى مختلفممة‬
‫استبدال هذه البضائع في السوق المحلية‪ .‬بإمكان الفرد أن يتخيل سوقاا كهذه‬
‫يسمتبدل فيه ا صمناع الشمموع بضمائعهم ممع أولئمك المذين ينسمجون الس لل‪.‬‬
‫واضعين بعين العتبار تكنولوجيا ذلك الزمن‪ ،‬دعنا نقل أن نسممج سمملة يتطلممب‬
‫ما قايمته ثمان ساعات من العمل‪ ،‬وإنتاج شمعة يتطلممب سمماعة واحممدة‪ .‬حيممن‬
‫يذهب الفلحا إلممى السموق‪ ،‬يرغمب الجميممع بالحصمول علمى أقاصمى مما يمكممن‬
‫مقابل وقات عملهم‪ ،‬ولن يقوم أي شخص عاقال باستبدال دزأينة شموع مقابل‬
‫سلة‪ ،‬لنه حينها سيستبدل ما استلزمه‪/‬ا إنتاجه اثنا عشرة ساعة مقابل شمميء‬
‫بالمكان إنتاجه في ثماني ساعات‪ .‬ومن الناحية الخرى‪ ،‬ل يمكن لناسج سلل‬
‫أن يفلت بمحاولة الحصول على اثني عشممرة شمممعة مقابممل سمملته أو سمملتها‪،‬‬
‫مهما كان الوقات الذي اتخذه نسجها‪ .‬سيحصل الشاري‪ ،‬حينها‪ ،‬على سلة مممن‬
‫شخص آخر )أو لربما سينسجها بنفسه(‪[3].‬‬
‫إذا‪ ،‬فمحصول استبدال البضائع )السوق( هو أن مقدار وقات العمل الضممروري‬
‫لنتاج شيء ما يصبح مفروضا‪ .‬سمى ماركس ذلك بم »وقات العمل الضممروري‬
‫اجتماعيما«‪ :‬الموقات العتيمادي المعتقمد أنمه ضمروري لنتماج سملعة باسمتخدام‬
‫أفضل الوسائل والتقنيات المتاحة آنيا على مستوى واسع‪ .‬و»قايمة« سلعة ما‪،‬‬
‫في وصف ماركس‪ ،‬ك انت ببسماطة مقمدار وقامت العممل الضمروري اجتماعيما‬
‫لنتاجها‪ .‬وفي هذا المثال‪ ،‬قايمة ثمانية شموع مساوية لقيمة سلة واحدة‪.‬‬
‫ولكن ماذا لو رغب الناسا بسلعة ما أكثر من أخرى؟ بإمكاننا أن نأخذ هنا مثال‬
‫أكثر تعقيدا‪ .‬أنظر مثل لمجتمممع مممن الحرفييممن أصممحاب المهممن الحممرة الممذين‬
‫ينتجممون لبعضممهم البعممض فممي سمموق ممما‪ .‬وبممذلك هنالممك خيمماطون وأسمماكفة‬
‫وحدادون وما إلى ذلك‪ ،‬ولكن ليس هنالك رأسماليون بعد‪ .‬أشار ماركس لهممذا‬
‫النوع شبه الخيالي‪ ،‬السابق للرأسمممالية‪ ،‬بممم »النتمماج السمملعي البسمميط«‪[4].‬‬
‫والمنتجون في هذا المجتمع يتبادلون البضائع مع بعضممهم البعممض عممن طريممق‬
‫المقايضة أو باستخدام نوع من أنواع النقود‪ .‬يصممبح اسممتخدام النقممود ضممروريا‬
‫مع زأيادة تعقيد الستبدال‪ ،‬حين يرغب صانع الشموع باقاتناء سلة‪ ،‬ولكن ناسج‬
‫السلل ل يريد اقاتناء شموع‪ ،‬على سبيل المثال‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تستخدم سمملعة‬
‫متفق عليها )كالذهب( كنقود‪ ،‬أو »كمقياسا عمومي للقيمة« بعبمارة ممماركس‪.‬‬
‫وبالتالي تستخدم النقود في السمموق لتمثممل مقممدارا مممن قايمممة السمملعة الممتي‬
‫بعتها‪ ،‬وأيضا مقدار قايمة السلع الممكن لك شراؤها‪.‬‬
‫وكما في السابق‪ ،‬يرغب كل منتج بالحصممول علممى أكممبر مقممدار مقابممل وقاممت‬
‫عملهم‪ .‬دعنا نقل أن زأوج أحذية يملك القيمة ذاتها الممتي تملكهمما كنممزة صمموف‬
‫حاكها الخيمماط )أي أن إنتاجهممما يتطلممب نفممس وقاممت العمممل(‪ .‬بالتممالي سممتتم‬
‫مبادلة هذين المنتجين مقابل بعضهما البعض‪ ،‬أي‪ :‬مقابل مقدار النقممود ذاتممه‪].‬‬
‫‪ [5‬ولكن إن زأاد الطلب على الحذية‪ ،‬سيرتفع سعرها‪ ،‬وبالتالي ستحصل على‬
‫مقدار من النقود مقابل بيع زأوج أحذية أكثر مما ستحصل عليه لو بعممت كنممزة‬
‫صوف‪ .‬سيلحظ الخياط ذلك‪ ،‬أن السممكافي يحصممل علممى مقممدار مممن النقممود‬
‫أعلى مممما يحصممل عليممه الخيمماط مقابممل وقاممت العمممل ذاتممه‪ .‬وبممذلك سممينتقل‬
‫خياطون حاليون ومستقبليون أكثر لصناعة الحذية‪ ،‬مما سيخفض السعر إلممى‬
‫نقطة يكون فيها سعر بيع المنتجات المسممتلزمة وقاممت العمممل ذاتممه متسمماويا‪.‬‬
‫وبهذه الطريقة‪ ،‬ل يضبط قاانون القيمة عملية التبادل وحسب‪ ،‬بل حتى النتاج‬
‫الجتماعي‪ ،‬أي‪ :‬ما ينتج والطممرق الممتي يبممذل فيهمما عمممل النمماسا‪ [6].‬ومممع أن‬
‫السعار قاد تتذبذب مع السوق‪ ،‬فالعامل الرئيسي في كيفية تبادل البضائع هممو‬
‫مقممدار وقاممت العمممل المبممذول فممي إنتاجهمما‪ .‬وكممما كتممب ممماركس‪» :‬ل يضممبط‬
‫العرض والطلب إل التذبممذبات المؤقاتممة فممي أسممعار السمموق‪ .‬سيشممرحان لممك‬
‫لماذا سعر السوق لسمملعة معينممة يممزداد أو ينخفممض عممن قايمتممه‪ ،‬ولكممن ليممس‬
‫بإمكانهما احتساب القيمة ذاتها«‪.‬‬
‫في نقطة معينة من التاريخ‪ ،‬يفسممح النتمماج السمملعي البسمميط )ومعممه أشممكال‬
‫المجتمع الخممرى( المجممال للرأسمممالية‪ .‬تنتممج الكنممزات لجممل السمموق‪ ،‬ولكممن‬
‫عملية النتاج يتحكم بها رأسماليون الن‪ .‬وأما الكنزات ذاتهمما فيحيكهمما عمممال‪:‬‬
‫أناسا ل يملكون خيارا سوى العمل لدى شخص آخر من أجل العيش‪) .‬وكجزء‬
‫من صعود الرأسمالية‪ ،‬يتم تجريد الناسا الداعمين أنفسهم تاريخيا بأرضممهم أو‬
‫أدواتهم من هذه الدوات والراضي‪ ،‬بغاية خلق طبقة من العمال(‪ .‬الرأسمالي‬
‫ل يحيك الكنزات‪ ،‬ولكنمه يملمك النقمود‪ ،‬وبممذلك يفتممح مصمنع ملبمس‪ :‬يشممتري‬
‫الدوات ويوظممف بعممض الخيمماطين‪ .‬والكنممزات الممتي أنتجهمما الخيمماطون ملممك‬
‫للرأسمالي وهو من يبيعها‪ .‬هذا العمل وهذه الدوات التي اشتراها الرأسمالي‬
‫هي ما يسممميه مماركس بممم »رأسا المممال«‪ ،‬أل وهممو‪ :‬المممال المسممتثمر لخلممق‬
‫المزيد من الموال‪ .‬وهذا المر مختلممف عممن النتمماج السمملعي البسمميط‪ ،‬حيممث‬
‫هدف التبادل هو بيع الشياء التي صنعتها للحصول على الشياء الممتي تحتاجهمما‬
‫ليس إل‪.‬‬
‫ولكن لماذا يستغرق الرأسماليون في خلق أموال أكممثر مممما بممدأوا بممه؟ المممر‬
‫ليس متعلقا بجشعهم فحسب‪ ،‬بل سببه التنافس‪ .‬التنافس يجبر الرأسممماليين‬
‫على »مراكمة رأسا المال«‪ ،‬أي‪ :‬عليهم شراء المزيد فالمزيد من قاوة العمل‬
‫وشراء آلت أكثر وأسرع‪ [7].‬بإمكاننا استخدام مثال صمماحب مصممنع الملبممس‬
‫لتفسير هذه العملية‪ .‬مثل كل الرأسماليين‪ ،‬لدى هممذا الشممخص الممدافع لنتمماج‬
‫بضائعه بصورة أسرع من متوسط وقات العمل الضروري اجتماعيا‪ ،‬كي يتمكن‬
‫من بيع سلعته بسعر أقال من منافسيه ويزيد حصته في السوق‪ .‬فلنقل إنه قاد‬
‫تم اختراع منوال جديد يسمح للخياطين بإنتاج الكنزات بصممورة أسممرع وبأقاممل‬
‫من سعرها الحالي؛ المنوال‪ ،‬إذا‪ ،‬أداة تزيد النتاجية‪ .‬صمماحب مصممنع الملبممس‬
‫يبدأ باستخدام المناويل لنها تمكن موظفيه من إنتاج كنممزات أكممثر فممي اليمموم‬
‫الواحد‪.‬‬
‫صنع الكنزة يتطلب الن وقات عمل الخياط‪ ،‬ووقات عمل الشخص الممذي صممنع‬
‫المنوال‪ .‬ولهذا السبب يقممول ممماركس أن اللت »تمممرر قايمتهمما« إلمى السمملع‬
‫الخرى‪ ،‬وهو تعبير مجازأي لوصف وقات العمل المعنممي‪ .‬ول تقمموم اللت بهممذا‬
‫التمرير دفعة واحدة‪ ،‬فهي تستنفد‪ ،‬بالستهلك والتلف الناتج عممن السممتعمال‪،‬‬
‫خلل فترة طويلة أو قاصيرة مممن المموقات‪ .‬وتمممرر جزئيممة محممددة مممن القيمممة‬
‫المتجسدة في اللة‪ ،‬المنوال في هذه الحالة‪ ،‬إلى كممل كنممزة منتجممة‪ ،‬وبجانبهمما‬
‫كممل العمممل المضمماف حممديثا بواسممطة الخيمماط المشممغل للمنمموال‪) .‬المممواد‬
‫المستخدمة لنتاج الكنزة‪ ،‬مثل الصوف القادم من راعي الغنام‪ ،‬تمممرر قايمتممه‬
‫أيضا إلى المنتج النهائي‪ .‬فصنع الكنزة‪ ،‬إذا‪ ،‬يتطلب عمل راعي الغنام أيضمما(‪.‬‬
‫وأكثر المور أهمية هو أنه مع إدخال المنوال كالتقنية المعيارية‪ ،‬ينخفض وقاممت‬
‫العمل الضروري لصناعة الكنزات لوتيرة اللة الجديدة‪ ،‬وإن أراد رأسمالي ممما‬
‫مواكبة هذه الوتيرة‪ ،‬فعليه شراء بعض المناويل‪.‬‬
‫إن لم يعيد الرأسماليون استثمار أموالهم بهممذه الطريقممة‪ ،‬وبالتممالي يراكمممون‬
‫رأسا المال‪ ،‬لن يتمكنوا من إنتمماج بضممائعهم نظممرا لمقممدار المموقات الضممروري‬
‫اجتماعيا والمتناقاص‪ ،‬وبالتالي ستتوقاف نشاطاتهم‪ .‬فالرأسمالي بالتالي‪ ،‬وفقمما‬
‫لماركس‪» ،‬يشاطر المكتنز حبه المطلق للثراء‪ .‬ولكن ما يظهمر عنمد المكتنمز‬
‫كهوسا في المزاج الفردي‪ ،‬يظهر عند الرأسمالي كفعل للية اجتماعية‪ ،‬ليممس‬
‫هو إل واحدا من تروسها… ]إن[ نمو النتاج الرأسمممالي يحتممم‪ ،‬دوممما‪ ،‬المضممي‬
‫في زأيادة مقدار رأسا المال الموظف في أي مشروع صناعي‪ ،‬أما المنافسممة‬
‫فتجعممل كممل رأسمممالي منفممرد خاضممعا للقمموانين الكامنممة فممي نمممط النتمماج‬
‫الرأسمالي كقوانين قاسرية مفروضة من الخممارج‪ .‬فهممي ترغمممه علممى توسمميع‬
‫رأسماله باضطراد‪ ،‬بغية الحفاظ عليه‪ ،‬لكن توسيع رأسماله متعذر بغير تراكم‬
‫تصاعدي«‪.‬‬
‫بالتالي‪ ،‬الهدف المحممرك للرأسمممالية ليممس النتمماج مممن أجممل السممتعمال‪ ،‬أو‪،‬‬
‫ببساطة‪ ،‬النتاج من أجل زأيادة الستهلك الشخصي‪ .‬بل هو النتمماج مممن أجممل‬
‫الموال‪ ،‬كوسيلة لزيادة المراكمة‪ ،‬فعلى كل رأسمالي أن يراكممم رأسا المممال‬
‫وإل سيفلس‪ [8].‬فكما أعلن أحد المدراء التنفيذيين لشركة »يو إسا ستيل « )‬
‫‪(U.S. Steel‬مم في عبارته الشهيرة‪» :‬ليس هدفنا صناعة الفولذ‪ .‬بل هو جنممي‬
‫المال«‪.‬٭‬
‫ولكن‪ ،‬كيف ينتهي الرأسمالي بنقود أكثر من التي بدأ بها؟ تفسر ذلممك حقيقممة‬
‫أنه‪ ،‬في ظل الرأسمالية‪ ،‬تصبح قادرة العمال الذاتية علممى العمممل سمملعة‪ ،‬أي‪:‬‬
‫شيئا للبيع‪ [ 9].‬ويقمموم ممماركس بتمييممز مهممم بيممن مصممطلح »العمممل« و»قامموة‬
‫العمل« بغية شرحا نتيجة هذا المر‪ ،‬فقوة العمممل همي ممما يممبيعه العامممل علمى‬
‫السوق‪ :‬قادرته أو قادرتها على العمل‪ .‬وأما العمل فهو النشاط والجهد الفعلمي‬
‫الممذي يبممذله العامممل حممال وصمموله مكممان العمممل‪ ،‬أي‪ :‬مقممدار وقاممت العمممل‬
‫الممارسا والضروري اجتماعيمما‪ ،‬أو بممالحرى‪ :‬قايمممة البضممائع المنتجممة‪ .‬ويصممبح‬
‫الربح ممكنا للرأسمالي حين تكون قايمة البضائع الممتي أنتجهمما العامممل بعملممه‪،‬‬
‫في فترة معينة من الزمن‪ ،‬أكبر مما يدفع له في أجممره‪ .‬فمممن أجممل أن يجنممي‬
‫أموال أكثر مما بدأ به‪ ،‬سيحاول الرأسمالي تسممديد أقاممل راتممب ممكممن مقابممل‬
‫قاوة عمل العامل‪ ،‬وسيحاول الحصول على أكبر قادر ممكن مممن العمممل )عممن‬
‫طريق زأيادة شدة وسرعة العمل‪ ،‬أو عن طريق تمديد طول يوم العمل‪ ،‬على‬
‫ْ أنتج العامممل ممما يعممادل أجممره أو‬
‫سبيل المثال(‪ .‬وفي يوم عمل معطى ما‪ ،‬إن‬
‫أجرها في أربع ساعات‪ ،‬فباقاي العمل الممارسا في ذلك اليوم هو »عمل غير‬
‫مأجور« حسب ماركس‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬بإمكان العامل أن ينتج قايمة أكبر مما‬
‫يستهلك‪ ،‬ويمكن للرأسمالي أن يحصل على الزائد‪.‬‬
‫هكذا يحصل الستغلل في ظل الرأسمالية؛ هكذا يستخرج فائض العمممل وممما‬
‫يسميه ممماركس بممم »فممائض القيمممة«‪ .‬وإن نظرنمما للقاتصمماد فقممط فممي حممدود‬
‫التبادل )البيع والشراء( سنغفل هذه الحقيقة‪ .‬فعلى كل حال‪ ،‬يبيع الرأسمممالي‬
‫بضائع في السوق بأفضل سمعر ممكمن‪ ،‬بينمما يحماول العاممل الحصمول علمى‬
‫أفضل سعر مقابل قاوة عمله أو عملهمما‪ .‬ولكممن تحليممل ممماركس يسمماعد علممى‬
‫تفسير العلقاة بين العمل ورأسا المال في اقاتصاد رأسمالي بطريقممة ل يقمموم‬
‫بها علم القاتصاد البورجوازأي‪ .‬وما يتجلى حين ينظر للنتاج في سممياق القيمممة‬
‫هو أن الرأسمالي عليه دائممما أن يسممعى لزيممادة فممائض القيمممة‪ ،‬الممذي يخلقممه‬
‫العامل في موضع النتاج‪ ،‬إلى أقاصى حممد ممكممن‪ ،‬مهممما كممان سممعر بضمماعته‪.‬‬
‫فحين يحدث الرأسمالي موظفه أو موظفته‪ ،‬ل يكممون ذلممك عمادة حممول سممعر‬
‫منتجهما‪ ،‬بل حول مقدار الوقات اللزأم لنتاجه‪.‬‬
‫علوة علممى ذلممك‪ ،‬ل تنتممج آلت وأدوات الرأسممماليين فممائض قايمممة كممما يقمموم‬
‫العمال‪ .‬تمرر المطرقاة قايمتها إلى المنتج‪ ،‬ولكن ليس بإمكممان الرأسمممالي أن‬
‫يأمر المطرقاة بأن تثابر في عملها أكثر وأن تنتج قايمة )وقات عمل( أكممثر مممما‬
‫دخل في إنتاجها‪ .‬فقوة عمل العامل هي المممدخل الوحيممد فممي عمليممة النتمماج‬
‫الممكن أن يعطي الرأسمالي أكثر مما دفع له‪ ،‬نظرا للفارق بين قامموة العمممل‬
‫المأجورة والعمل الممارسا‪) .‬بعبارة أخرى‪ ،‬ل ينتظر الرأسمممالي الممذي يملممك‬
‫مطعما من الفران والواني والمقالي أن تحقق له أرباحا‪ ،‬بل يترقاب ذلك من‬
‫الطباخ الممذي يعمممل لممديه‪ .‬ولهممذا السممبب سمممى ممماركس الدوات واللت بممم‬
‫»رأسا المال الثممابت«‪ ،‬بينمما »رأسا الممال المتغيممر« همو قاموة عممل العاممل‬
‫المشغلة لجل الرأسمالي(‪.‬‬
‫أضف على ذلك أنه في اقاتصاد سوق تنافسي‪ ،‬ل يمكن للرأسممماليين‪ ،‬بصممورة‬
‫عامة‪ ،‬زأيادة ثروتهم‪ ،‬ببساطة‪ ،‬عن طريق »الشممراء بسممعر أقاممل والممبيع بسممعر‬
‫أعلممى«‪ ،‬فليسممت هممذه الوسمميلة الممتي اسممتخدمتها شممركات مثممل »بوينممغ« أو‬
‫»جنيممرال إلكتريممك« أو »مايكروسمموفت« لتوليممد ثرواتهما الضممخمة‪ .‬باختصممار‪،‬‬
‫مقدار القيمة التي يتحكم بها الرأسمالي )وبالتالي مقممدار المممال الممذي يجنيممه‬
‫الرأسمممالي( يولممده السممتغلل‪ :‬اسممتخراج فمائض القيمممة ممن العممال‪ .‬ولهممذا‬
‫السبب يجادل الماركسيون والماركسيات أن استغلل العمال هو مصممدر ربممح‬
‫الرأسمالي‪ [10].‬وأكثر المور أهمية في هذا السياق هو أنه بممدون هممذا الربممح‬
‫ومراكمة رأسا المال‪ ،‬وتدريجيا‪ ،‬يتوقاف نشاطه‪ .‬وهذا يقودنا إلى الزأمات‪.‬‬

‫الشكل الذي تتخذه الزأمات في ظل الرأسمالية‬


‫في ذروة كل طفرة‪ ،‬سيعلن المدافعون عن الرأسمالية أن الكسمماد لممن يممأتي‬
‫أبدا‪ ،‬وأن »الدورة القاتصادية« الرأسمالية قامد أبطلمت‪ ،‬وحمتى الن‪ ،‬دائمما مما‬
‫تبرهن خطأهم‪ .‬فبسبب السممتغلل‪ ،‬يصمبح الربممح وتراكممم رأسا الممال أمريممن‬
‫ممكنين في ظل الرأسمالية‪ ،‬ولكنممه ل يضمممنهما‪ .‬فمإن لمم يكمن هنالمك أربمماحا‬
‫وتراكم )أو لو انخفضا فحسب(‪ ،‬ستغلق المشاريع التجارية‪ ،‬وسيخسممر النمماسا‬
‫وظممائفهم‪ ،‬ولممن تسممدد الممديون‪ ،‬وسممتنهار المصممارف‪ ،‬وسممتفلس الحكومممات‪.‬‬
‫باختصار‪ ،‬سيكون هنالك أزأمة اقاتصادية‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬ماذا يجب على الرأسماليين القيام به من أجل أن يحققوا أرباحا ويراكموا‬
‫رؤوسا الممموال؟ أول‪ ،‬عليهممم أن ينجحمموا فممي اسممتخراج فممائض القيمممة مممن‬
‫العمال‪ ،‬أي‪ :‬الحصمول علمى وقاممت العممل الزائمد‪ .‬وفمي المجتمعممات الطبقيممة‬
‫السالفة‪ ،‬كممانت هممذه الخطمموة الولممى كافيممة‪ ،‬ففممي ظممل النظممام القاطمماعي‪،‬‬
‫استحوذ السيد القاطاعي على الحبوب والبيض والبطاطا الممتي أنتجهمما القانممان‬
‫وفعممل بهمما ممما يشمماء؛ أكلهمما‪ ،‬أعطممى بعضممها لتبمماعه‪ ،‬والبعممض الخممر لسممادة‬
‫إقاطاعيين آخرين أو للكنيسة وهلمم جممرا‪ .‬ولكمن فمي ظممل الرأسمممالية هنالمك‬
‫خطوة إضافية‪ ،‬وذلك لن الرأسمالي‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬ل يستهلك المنتجات التي‬
‫يصنعها العمال‪ .‬فعوضا عن ذلك‪ ،‬يجممب أن تبمماع السمملع الممتي ينتجهمما العامممل‪.‬‬
‫وعلى حد قاول ماركس في »رأسا المال«‪:‬‬
‫يكتمل إنتاج فائض القيمة حالما تتشيأ في السلع الكمية المعتصرة من العمممل‬
‫الفائض‪ .‬غير أن إنتاج فائض القيمة هذا ل ينهي سوى الفصل الول من عملية‬
‫النتاج الرأسمالية‪ ،‬أي عملية النتاج المباشرة‪ .‬لقد امتص رأسا المال مقممدارا‬
‫معينا من العمل غير مدفوع الجر…ويممأتي الن دور الفصممل الثمماني مممن هممذه‬
‫العملية‪ .‬فالكتلة الجمالية من السلع‪ ،‬أي المنتوج الكلي…ينبغي أن تباع‪ .‬فممإن‬
‫تعذر ذلك‪ ،‬أو تحقق جزئيا ليس إل‪ ،‬أو بيعت السلع بأسعار دون أسعار النتمماج‪،‬‬
‫فإن العامل قاد استغل حقا‪ ،‬ولكن همذا السمتغلل لمم يتحقمق‪ ،‬بمما همو عليمه‪،‬‬
‫بالنسممبة إلمى الرأسمممالي…إن شممروط السممتغلل المباشممر ل تماثمل شمروط‬
‫تحقيق هذا الستغلل‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬فالشكل الذي تتخذه الزأمات القاتصادية في ظممل الرأسمممالية يقممع تحممت‬
‫تصنيفين اثنين‪ :‬الزأمات الناتجة عن العجز عن اسممتخراج فممائض قايمممة كممافي‪،‬‬
‫والزأمات الناتجة عن عدم القدرة على تحقيق فائض القيمة‪ .‬كثيرا ما سيعاني‬
‫الرأسماليون المنفردون من أحممد هممذين الثنيممن‪ ،‬ولكممن‪ ،‬حيممن يتممأثر القاتصمماد‬
‫بمجمله‪ ،‬فالطريقة الرئيسية التي تندلع بها أزأمات التحقيق ناتجة عممن ظمماهرة‬
‫تسمى بم »فيض النتمماج« أو »القممدرة الفائضممة«‪ .‬وأممما الزأمممات الناتجممة مممن‬
‫العجز عن استخراج فائض قايمة كافي ينتجها قاانون اسماه ممماركس بممم »ميممل‬
‫معدل الربح للنخفمماض«‪ .‬سنسممتعرض كل مممن همماذين الثنيممن علممى التمموالي‪،‬‬
‫بادئين بمناقاشة أزأمات التحقيق‪.‬‬

‫أزأمات في تحقيق فائض القيمة‬


‫ينبغي تحويل فائض القيمة إلممى نقممود مممن أجممل مراكمممة رأسا المممال‪ ،‬أي أن‬
‫»الكتلة الجمالية للسلع‪ ،‬أي المنتوج الكلي…ينبغممي أن تبمماع«‪ .‬ولكممن بسممبب‬
‫فوضى السوق‪ ،‬أن تتمكن من بيع منتجك ليمس أممرا مسملما بمه‪ ،‬ولمذا جمادل‬
‫ماركس فممي المجلممد الثممالث مممن »رأسا المممال« أن »التقلبممات العنيفممة فممي‬
‫السممعار تممؤدي إلممى انقطاعممات‪ ،‬وتصممادمات كممبيرة‪ ،‬بممل وحممتى كمموارث فممي‬
‫مجرى« العملية‪ .‬والطريقة الرئيسية لتطور هذا النوع هو »فيض النتمماج«‪ ،‬أي‬
‫أنه قاد أنتج عدد من الشياء تزيد ع ن قامدرة الرأسمماليين علمى بيعهما بصمورة‬
‫مربحة‪.‬‬
‫وفي جذر هذه المشكلة يقع فممي النممدفاع الرأسمممالي للمراكمممة مهممما كلممف‬
‫المر‪ .‬فهو يخلق ميل كامنا لممدى الرأسممماليين للنتمماج دون الهتمممام بمممن قاممد‬
‫يسممتهلك‪ .‬كممما يجممادل ممماركس‪» :‬بممما أن هممدف رأسا المممال ليممس إشممباع‬
‫الحاجات‪ ،‬بل إنتاج الربح…فل بد أن ينشأ باستمرار انعدام تناسب بيممن البعماد‬
‫المقيدة للستهلك في ظل الرأسمالية‪ ،‬وإنتمماج يسممعى أبممدا إلممى تجمماوزأ هممذه‬
‫القيود الملزأمة له«‪ .‬يحصمل همذا الممر أثنماء كمل طفمرة‪ :‬هنالمك صمراع بي ن‬
‫الندفاع لتوليد أكبر قادر ممكن من فائض القيمممة بغيممة مراكمممة رأسا المممال‪،‬‬
‫والحاجة لتحقيق فائض القيمة هذا من خلل البيع‪ .‬فممي عممام ‪ ،1999‬مثل‪ ،‬لممم‬
‫يتم بيع نصف محصول القمح المريكي‪ ،‬مقدار معادل لمليار بوشممل )أو ‪35،2‬‬
‫مليممار لممتر(‪ .‬ومممؤخرا‪ ،‬وفممق الممم »وول سممتريت جورنممال«‪» ،‬وصممل اسممتخدام‬
‫المصانع في الوليات المتحدة إلمى أدنمى مسمتوياته خلل ‪ 20‬عاممما‪ ،‬وأوقافممت‬
‫مئات الطائرات النفاثة عن العمل بينما تطير البقية الطائرات وأكثر من ربعها‬
‫خممال مممن الركمماب‪ .‬وبينممما تزايممدت أعممداد الشممقق الشمماغرة‪ ،‬أجممبر أصممحاب‬
‫العقارات علمى تخفيمض اليجممارات‪ ،‬والبطالممة وصمملت لعلممى مسممتوياتها منمذ‬
‫ثمانية أعوام‪ .‬باختصار‪ ،‬إن العرض المفرط يلحق طلبا منخفضمما جممدا«‪ .‬وهممذا‬
‫النسق نفسه ينطبق على بلممدان أخممرى‪ ،‬فممي الصممين‪ ،‬مثل‪ ،‬فممي عممام ‪،1977‬‬
‫»صنع مليون قاميص رجالي يوميا‪ ،‬ملتحقة بتخمة قادرها مليممار ونصممف مخزنممة‬
‫مسبقا في المسممتودعات‪ .‬كممان هنالممك أيضمما عشممرة ملييممن سمماعة لممم تبمماع‪،‬‬
‫وعشرين مليون دراجة هوائية زأائدة‪ ،‬ومئة ألف سيارة ومركبة مخزنة«‪.‬‬
‫في ظل الرأسمالية‪ ،‬بالتالي‪ ،‬هنالك ميل كامن لتجمماوزأ النتمماج حاجممة السمموق‪.‬‬
‫غير أن هذا المر ل ينجم عن إنتاج أشياء زأائدة عممن حاجممة النمماسا‪ ،‬بممل زأائممدة‬
‫عما يتمكن الناسا مممن شممرائه‪ [11].‬بإمكممان النظممام أن »يفممرط فممي إنتمماج«‬
‫الملبس والقمح‪ ،‬ويظل‪ ،‬رغم ذلك‪ ،‬هنالممك أنمماسا يقاسممون الممبرد ويتضممورون‬
‫جوعا لعدم قادرتهم على تسديد قايمتيهما‪ .‬ووفقا لماركس‪:‬‬
‫فالمسألة ل تتلخص في إنتاج وسائل عيش أكثر مما ينبغي نسبة إلى السممكان‬
‫الموجودين‪ .‬على العكس‪ ،‬فإنها تنتج بأقال ما ينبغي لكي تحيا جمهرة السممكان‬
‫حياة لئقة وإنسانية‪.‬‬
‫والمسألة ل تتلخص في إنتاج وسائل أكثر مما ينبغي لتشغيل ذلك القسم مممن‬
‫السكان القادر على العمل‪ .‬بالعكس…إن ما ينتج من وسائل النتمماج ل يكفممي‬
‫من أجل أن يشتغل مشمممل السممكان القممادرين علممى العمممل علممى نحممو أكممثر‬
‫إنتاجية‪ ،‬بحيث يتقلص وقات عملهم المطلممق…ولكممن يجممري دوريمما إنتمماج قاممدر‬
‫كبير من وسائل العمل ومتطلبات المعيشة أكثر مما يسمح لها بأداء وظيفتهمما‬
‫كوسائل استغلل للعمال بمعدل ربح معين…أي ل يمكممن إنجممازأ هممذه العمليممة‬
‫من دون وقاوع انفجارات متكررة دوما‪.‬‬
‫المسألة ل تتلخص في إنتاج قادر من الثروات أكثر مممن اللممزوم‪ .‬ولكممن يجممري‬
‫دوريا إنتاج قادر من الثروات أكثر من اللزوم بأشكالها الرأسمالية‪ ،‬المتناقاضة‪.‬‬
‫باختصار‪ ،‬وكما يشممير ممماركس فممي »الغروندريسممة«‪» ،‬هنالممك حممدود‪ ،‬ليسممت‬
‫كامنة في النتمماج بصممورة عامممة‪ ،‬بممل فممي النتمماج المبنممي علممى أسمماسا رأسا‬
‫المممال«‪ ،‬وذلممك لن توزأيممع البضممائع ل يعتمممد علممى حاجممات النمماسا‪ ،‬بممل علممى‬
‫قادرتهم على شرائها‪ ،‬أي طلبهم‪.‬‬
‫ما يزال العديد من علماء القاتصاد البورجوازأيين يجادلون أنه‪ ،‬نظريا‪ ،‬سمميكون‬
‫هنالك دوما طلب للشياء المنتجة‪ ،‬بسبب مبممدأ يسمممى بقممانون سمماي‪ .‬يصممرحا‬
‫قاانون ساي أن كل من يبيع شيئا ما سيستخدم تلك النقود لشممراء شمميء آخممر‬
‫لقاء ذلك‪ .‬إذا‪ ،‬إن باع العامل‪/‬ة عملممه أو عملهمما‪ ،‬أو بمماع الرأسمممالي منتجمماته‪،‬‬
‫سيستخدمون تلك النقود بغية الشراء‪ .‬وبسبب هممذا المممر‪ ،‬دائممما ممما سمميكون‬
‫هنالك طلب كاف بصورة عامة‪.‬‬
‫وجد ماركس إشكالت عديدة في هذه النظرية‪ .‬أولها هي حالممة رأسمممالي‪ ،‬أو‬
‫قاطاع صناعي‪ ،‬ينتج عددا فائضا من منتج معين في سمموق معيممن‪ ،‬وهممذا المممر‬
‫يحصل مممرارا وتكممرارا‪ ،‬وذلممك لن الطلممب يتذبممذب ليممس إل‪ ،‬وكممل رأسمممالي‬
‫يرغب بالستحواذ على أكبر حصة ممكنة من السوق‪ .‬جادل ماركس أن فيممض‬
‫النتاج في صناعات معينة قاد يسبب اندلع أزأمة فيممض إنتمماج عامممة فممي بقيممة‬
‫القاتصاد‪ .‬وعلى حد تعبيره‪» :‬في أوقاات فيض النتاج العام‪ ،‬يكون فيض النتاج‬
‫في بعض المجالت دوما نتيجة‪ ،‬وعاقابة‪ ،‬فيض النتمماج فممي الصممناف التجاريممة‬
‫الرئيسية«‪ .‬في اقاتصادنا الحاضر‪ ،‬تشممير »الصممناف التجاريممة الرئيسممية« إلممى‬
‫الفولذ أو السيارات أو الحواسيب‪ ،‬وليس المظلت‪ .‬لو كان هنالك فيض إنتمماج‬
‫في هممذه القطاعممات الصممناعية الرئيسممية‪ ،‬سيسممتلزم المممر أن تممبيع منتجاتهمما‬
‫بخسارة‪ ،‬هذا إن تمكنت من بيعها إطلقاا‪ .‬وقاد تضطر هذه القطاعات لتخزيممن‬
‫منتجاتها‪ ،‬وبالتالي ستعاني عملية تراكم رأسا المال في هذا القطاع الصممناعي‬
‫المعني‪ ،‬وسيشتري القطمماع رأسا مممال ثممابت ومتغيممر أقاممل‪ .‬وكممل القطاعممات‬
‫الصناعية الخرى المعتمدة على تزويد هممذه القطاعممات الرائممدة سممتكون هممي‬
‫الن‪ ،‬أيضا‪ ،‬واقاعة في فيض إنتاج‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬ستنقطع »سلسمملة التزامممات‬
‫الدفع الواجبة في آجال محددة‪ ،‬في مئة موضع«‪ .‬ومممن هنمما يمكممن للزأمممة أن‬
‫تتفاقام وتنتشر‪.‬‬
‫وهنالك حالة أخرى ينهار فيها قاانون ساي‪ ،‬في رأي ماركس‪ .‬يحدث ذلك حيممن‬
‫يبيع الرأسماليون بضائعهم ومممن ثممم يحجمممون عممن الشممراء‪ ،‬أي أنهممم يجنممون‬
‫أممموال ول يصممرفونها‪) .‬أو‪ ،‬بممدل مممن ذلممك‪ ،‬حيممن يممبيع العمممال قامموة عملهممم‬
‫ويحجمون عن الستهلك(‪ .‬أحد العوامل المسببة لذلك هي دور الئتمان‪ ،‬حيث‬
‫أن الرأسماليين مدانون دوما‪ :‬وصل مسمتوى القامتراض للشمركات‪ ،‬ف ي ع ام‬
‫‪،2000‬مم ‪ 74‬بالمئة من الناتج المحلي الجمممالي‪ ،‬وهممو رقاممم قاياسممي‪ .‬يقممترض‬
‫الرأسماليون من حصة أرباحا وأجور المجتمع المودعة في البنمموك‪ ،‬علممى أمممل‬
‫تسديدها لحقا من أرباحهم الخاصة‪ ،‬بالضافة إلى الفوائد‪ .‬ولكممن بإمكممان دور‬
‫الئتمان أن يزعزع اسممتقرار النتمماج الرأسمممالي‪ ،‬إذ أن معنمماه‪ ،‬أثنمماء الطفممرة‬
‫ْ »يبدأ فرسان الربح في هذه اللحظة بالذات بلعب دور ملحوظ‬ ‫القاتصادية‪ ،‬أن‬
‫حيممث يممدبرون العمممل بل رأسمممال احتيمماطي أو عموممما بل أي رأسا مممال‪،‬‬
‫ناشطين‪ ،‬بالتالي‪ ،‬بالئتمان النقدي وحده«‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يشير ماركس‪،‬‬
‫يتفادى كل فرد صناعي أو تاجر ضرورة الحتفاظ برأسا مممال احتيمماطي كممبير‪،‬‬
‫مثلما يتفادى التكممال علممى عائممداته الفعليممة‪ .‬مممن جهممة أخممرى تممزداد العمليممة‬
‫برمتها تعقيدا…بحيث يمكن إسباغ مظهر مشروع رصممين جممدا يتصممف بتممدفق‬
‫سلس للعائدات على مشروع يواصل جهمموده بهممدوء خلل وقاممت طويممل حممتى‬
‫بعد أل يعود هممذا التممدفق إل علممى حسمماب مقرضممي نقممود مخممدوعين‪ ،‬جزئيمما‪،‬‬
‫وعلى حساب منتجين ]عمال[ مخممدوعين‪ ،‬جزئيمما‪ .‬لممذا يبممدو المشممروع‪ ،‬دوممما‪،‬‬
‫موفور العافية على نحو مفرط تقريبا‪ ،‬عشية النهيار مباشرة‪[12].‬‬

‫أشهر المثلة الحديثة على ذلك هي شركة »إنرون«‪.‬‬


‫يمكن لرأسمالي مستدين بالتالي أن ينتهي به المطاف في وضع عصيب‪ .‬فقد‬
‫يكون قاد أنتج كومة من السلع المحتوية مقدارا كبيرا من فائض القيمة‪ ،‬ولك ن‬
‫المصرف ل يهمه مقدار فائض القيمة أو المنتجات التي يملممك‪ ،‬ممما يرغممب بممه‬
‫المصرف هو النقود‪ ،‬ولذا على الرأسمممالي أن يممبيع منتجمماته علممى أيممما سممعر‬
‫للحصول على تلك النقود‪ ،‬ولو عنى ذلك بيعها بأقال من قايمتها‪ ،‬ولو كممان ذلممك‬
‫بخسارة‪ [13].‬فكما جادل ماركس‪ ،‬يهيمن على القاتصاد الرأسمالي »سلسلة‬
‫إجمالية للمدفوعات تعتمد على بيع…السلع في إطممار زأمنممي محممدد«‪ ،‬بسممبب‬
‫الديون‪ ،‬وأن »هذه المبيعات القسرية تلعب دورا مهما في الزأمات«‪ .‬حصمميلة‬
‫هممذه المبيعممات القسممرية هممو أن الرأسمممالي ل يحقممق كامممل فممائض قايمتممه‪،‬‬
‫وسيكون لديه مال أقال يمكن له إعادة استثماره‪ ،‬وسيشتري رأسا مال ثممابت‬
‫ومتغير أقال‪ .‬ويمكن للزأمة أن تتفاقام من هنا وتنتشر‪.‬‬
‫عامل آخر في بيع الرأسماليين وإحجامهم عن الشراء هممو ميممل معممدل الربممح‬
‫للنخفاض )سنسهب في نقاشه أدناه(‪ .‬حتى لممو انخفضممت مسممتويات الربماحا‪،‬‬
‫طالما يتمكن الرأسممماليون الكبممار مممن توسمميع اسممتثماراتهم بصممورة معتممبرة‪،‬‬
‫بإمكانهم الحفاظ على مجمل ربحهم‪ ،‬ممما أسممماه ممماركس بممم »كتلممة الربممح«‪،‬‬
‫وزأيادته‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬إن جنى رأسمالي ما ربحا قادره ‪ 10‬بالمئممة علممى‬
‫استثمار قادره مليون دولر‪ ،‬و ‪ 8‬بالمئة فقط على استثمار قادره مليوني دولر‪،‬‬
‫فسوف يحقق فعل نموا في كتلة ربحه من مئممة ألممف دولر إلممى مئممة وسممتين‬
‫ألف دولر‪ .‬ولكن في نقطة ما سيصل لها أثنمماء فممترة الطفممرة‪ ،‬حيممث ل يعممود‬
‫لدى الرأسمالي الحافز لمراكمة المزيد‪ .‬تخيل لو أن ذلك الرأسمالي ذاته قاممد‬
‫جنى ربحا قادره ‪ 10‬بالمئة على استثمار قادره مليون دولر‪ ،‬ثم لم يجنممي بعممد‬
‫ذلك إل ربحا قادره ‪ 5‬بالمئممة علممى اسممتثمار قاممدره مليونمما دولر‪ .‬سممتظل كتلممة‬
‫ربحه هي هي‪ ،‬عند مئة ألف دولر‪ ،‬رغم استثماره مليون دولر إضممافية‪ .‬فكممما‬
‫يشير ماركس‪» ،‬إن لم يقم رأسا المال المتزايد‪ ،‬إل بإنتمماج نفممس الكتلممة مممن‬
‫فائض القيمة أو أقال مما كان ينتجه قابل تزايممده‪ ،‬فممإن فيممض النتمماج المطلممق‬
‫لرأسا المال يكون قاد وقاع«‪ .‬ورأسا المال المتوفر في السوق الن فاض فممي‬
‫إنتمماجه‪ ،‬إذ أن الرأسممماليين الن يممزدادون حممذرا فممي اسممتثمار أممموالهم دون‬
‫ضمان عائدات أكبر‪ .‬يمكن لرأسا المال هذا »الفائض فممي إنتمماجه« أن يعنممي‪،‬‬
‫بالتالي‪ ،‬أن تظل المعدات الطبيممة ممن غيممر اسممتخدام ويظممل الممرضممون‪/‬ات‬
‫عاطلت عن العمل‪ ،‬لمجرد أن المعممدات والممرضممين‪/‬ات ل يمكممن تشممغيلهم‬
‫بصورة مربحة للرأسمالي‪.‬‬
‫وتفسممير أبسممط لظمماهرة الممبيع وعممدم الشممراء هممي وجممود ميممل عممام لممدى‬
‫الرأسممماليين والمصممرفيين )الرأسممماليين الممماليين( لتخزيممن الممموال أثنمماء‬
‫الزأمات‪ .‬في عممام ‪ ،2002‬علممى سممبيل المثممال‪ ،‬كممانت شممركة مايكروسمموفت‬
‫جالسة على ما يقدر بم ‪ 5‬مليار دولر من السيولة النقدية‪ .‬يصف ماركس هذه‬
‫الظاهرة كالتالي‪» :‬أثناء الزأمممات‪ ،‬بعممد لحظممة الهلممع‪ ،‬وأثنمماء جمممود الصممناعة‪،‬‬
‫تشمممل حركمممة النقمممود فمممي أيمممدي المصمممرفيين‪ ،‬ووسمممطاء الوراق الماليمممة‬
‫]المضاربون[‪ ،‬إلخ‪ .‬ومثلما يصممرخ الظممبي لجممل الممماء العممذب‪ ،‬تصممرخ النقممود‬
‫لجل حقممل توظيممف بالمكممان تحقيقهما فيممه كرأسمممال«‪ .‬بعبممارة أخممرى‪ ،‬فمي‬
‫فترات الزأمات الرأسمالية يشح المال في اللحظة التي تبلغ فيهمما الحاجممة لممه‬
‫أقاصاها‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬يحجممم الرأسممماليون عممن اسممتثمار أممموالهم‪ ،‬وبالتممالي‬
‫يشترون رأسمال ثابت ومتغير أقال‪ ،‬و‪ ،‬مرة أخممرى‪ ،‬يمكممن للزأمممة أن تتفمماقام‬
‫من هنا وتنتشر‪.‬‬
‫عوضا عن أن يوفر مبدأ إنتاج العرض والطلب‪ ،‬بالتممالي‪ ،‬مسممارا سلسمما يحممدد‬
‫السعار والمبيعات‪ ،‬إنه مسار يمله عدم الستقرار‪ ،‬تمله »ظروف ثابتممة فممي‬
‫اضطرابها« كما وصفها إنجلز‪ .‬كثيرا ما تكون حصيلة هممذه العمليممة هممي فيممض‬
‫النتاج والزأمة‪ ،‬ومعها عبثيممة جبممال البضممائع غيممر المسممتهلكة‪ ،‬بجوارهمما أنمماسا‬
‫بأمس الحاجة لها‪.‬‬
‫أزأمات في استخراج فائض القيمة‬
‫عرف ممماركس »معممدل الربممح« الخمماص بالرأسمممالي كمقممدار فممائض القيمممة‬
‫المستخرج نسبة لمقممدار رأسا المممال المسممتثمر فممي اللت والعمممل‪ .‬ووفممق‬
‫ماركس‪ ،‬يعصر معدل الربح بواسطة عمليممة النتمماج الرأسمممالي ذاتهمما‪ ،‬وحيممن‬
‫ينخفض معدل الربممح للنتمماج الرأسمممالي أو القاتصمماد‪ ،‬يصممبح انممدلع الزأمممات‬
‫ممكنا‪.‬‬
‫ولكن كيف يحدث ذلك؟ أحد جوانب تراكم رأسا المال هو أن على الرأسمالي‬
‫أن يستثمر أكثر فأكثر في اللت والدوات من أجممل زأيممادة النتاجيممة والتقممدم‬
‫على منافسيه‪ .‬وبالتالي يصبح رأسا المال الذي يسممتثمره متكونمما أكممثر فممأكثر‬
‫مممن اللت )»رأسا المممال الثممابت«( عوضمما عممن قامموة العمممل )»رأسا المممال‬
‫المتغير«(‪ .‬مثل‪ ،‬في صناعة معينة‪ ،‬ومممع مممرور المموقات‪ ،‬قاممد يتجممه ‪ 50‬بالمئممة‪،‬‬
‫ومن ثم ‪ 55‬بالمئممة‪ ،‬وبعممدها ‪ 60‬بالمئممة مممن مجمممل رأسا المممال إلممى اللت‪.‬‬
‫سمى ماركس ذلك بم »التركيب العضوي لرأسا المال«‪.‬‬
‫دعنا نستخدم مثال من الواقاع لنفهم تداعيات هذا المممر‪ .‬فلنأخممذ حالممة مختممبر‬
‫فحص دم تجاري‪ :‬السلعة التي يبيعها هي فحص الدم‪ .‬العمال في هذا المختبر‬
‫يمزجون عينات الدم التي يتلقونها في »أحواض« تحتوي ‪ 500‬عينمة للفحمص‪.‬‬
‫كل من في هذا القطاع يقومون بذلك يدويا‪ ،‬وهي عملية بطيئة جدا‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫هنالك قايمة كبيرة )وقات عممل ضمروري اجتماعيما( تمدخل فمي همذه السملعة‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬يشتري مختبر ما آلة جديدة اسمها »تيكان جنيسيس ‪ ،«200‬وتقمموم‬
‫هي بجمع الحواض أوتوماتيكيا‪ .‬هنا‪ ،‬يمكن لذات العدد من العمال أن يجمعمموا‬
‫عددا أكبر بكثير مممن عينممات الممدم‪ ،‬فممي المقممدار الزمنممي نفسممه‪ .‬يمكممن لهممذا‬
‫المختبر إذا أن ينتج بأقال من الوقات الضروري اجتماعيا )الممذي يلممتزم بممه كممل‬
‫منافسمميه(‪ ،‬وبالتممالي يحقممق المالممك أرباحمما طائلممة‪ .‬ولهممذا السممبب يسممتثمر‬
‫الرأسماليون في رأسمال ثابت مثل آلة »تيكان«‪ ،‬ولكممن فممي آخممر المطمماف‪،‬‬
‫يلتحممق المنافسممون بركممب هممذا المختممبر ويسممتثمرون هممم أيضمما فممي آلت‬
‫»تيكان«‪ ،‬وسرعان ما ينخفض معيار وقات العمل الضروري اجتماعيمما للمموتيرة‬
‫التي أسست لها اللة الجديدة‪.‬‬
‫ولجل مثال مختلف‪ ،‬بإمكاننا أن نستخدم قاطاع صناعة الحذية‪ .‬دعنمما نفممترض‬
‫أن وقات العمل المعياري الضروري اجتماعيا هو ست دقاائق‪ ،‬وبالتالي تنتج ‪10‬‬
‫أحذيممة فممي السمماعة‪ .‬ويبمماع الحممذاء بقيمممة ‪ 10‬دولرات‪ .‬إن أصممبح بإمكممان‬
‫رأسمالي واحد‪ ،‬بآلة جديدة غالية‪ ،‬إنتاج ‪ 20‬حذاء فممي السمماعة‪ ،‬سمميكون لممديه‬
‫أفضلية على منافسيه‪ ،‬وذلك حتى يحصل كل منهم على اللة الجديدة ويمكممن‬
‫لكل منهم إنتاج ‪ 20‬حذاء في الساعة‪ .‬أصبح وقات العمل المعياري لنتاج حذاء‬
‫واحد الن ثلث دقاائق‪ ،‬وبالتالي فهو يعادل نصف القيمة التي استلزمها سابقا‪،‬‬
‫وينخفض سعر الحذاء إلى ‪ 5‬دولرات للواحد‪.‬‬
‫في نهاية هذه العملية‪ ،‬يعود المتنافسون إلممى مسممتوى فممرص متكممافئ‪ ،‬بينممما‬
‫يصبح عمالهم أكثر إنتاجية‪ ،‬أي أنه بإمكانهم صنع منتجات أكثر في ذات مقممدار‬
‫وقات العمل‪ .‬ولكن ينتهي المطمماف بالرأسممماليين بممأن أصممبح لممديهم اسممتثمار‬
‫أكبر بكثير في رأسا المال الثابت مما كان لديهم سابقا‪ ،‬مقارنة بفائض القيمة‬
‫الذي ينتجه العمممال‪ .‬وهممذه مشممكلة بالنسممبة للرأسممماليين‪ .‬أغلبهممم اسممتثمروا‬
‫استثمارات ضخمة لمواكبة منافسيهم ل أكثر‪ ،‬وهذا المممر أيضمما مممن مسممببات‬
‫استثمار الرأسماليين في رأسمال ثابت مثل آلة »تيكان«‪) .‬تكلف آلة »تيكممان‬
‫جنيسيس ‪ «200‬فعليا ما يتجاوزأ ‪ 100‬ألف دولر(‪ .‬ولكممن ل يمكممن لهممم جعممل‬
‫آلة »تيكان« ذاتها تنتج فائض قايمة من أجل تعويض المبلغ المنفمق‪ .‬بينمما كمل‬
‫عامل في القطاع بإمكانه أن ينتج عددا أكبر من البضائع كممل يمموم‪ ،‬فممما زأالمموا‬
‫يعملون المقدار ذاته من وقاممت العمممل الفممائض غيممر مممدفوع الجممر كممل يمموم‪.‬‬
‫باستخدام معادلة ماركس‪ ،‬سيكابد معدل الربح الخاص بالرأسماليين انخفاضمما‬
‫وذلك لن مقدار مجمل رأسا المال المسممتثمر ازأداد‪ ،‬دون ازأديمماد فممي مقممدار‬
‫فائض القيمة المولد‪[14].‬‬
‫سمى ماركس ذلك بمسمى »قاانون ميل معدل الربح للنخفاض«‪ ،‬وشعر أنممه‬
‫ضروري لفهممم الرأسمممالية‪ .‬جممادل ممماركس أن هممذا القممانون كممان »فممي كممل‬
‫العتبارات‪ ،‬أكثر قاوانين القاتصاد الحديث جوهرية‪ ،‬وأهمها لفهم أكثر العلقاات‬
‫عسرا‪ .‬إنه أهم القوانين من وجهة نظر تاريخية«‪ .‬سبب أهمية هذا التحليل هو‬
‫أن ماركس يأسس أن »العائق الحقيقممي للنتماج الرأسمممالي همو رأسا المممال‬
‫نفسه«‪ .‬أي أن الحافز المتأصل للستثمار وزأيادة النتاجية يشكل العملية ذاتها‬
‫التي تقود النظام إلى الزأمة‪.‬‬
‫في ذات الوقات‪ ،‬هذا القانون ليس مطلقا في رأي ممماركس‪ ،‬فقممد جممادل فممي‬
‫كتاب »رأسا المال« أن ميل معدل الربح للنخفاض »يتعرض تحققه المطلممق‬
‫إلى تأثير ظروف معارضة تكبحه وتبطئه وتضعفه«‪ .‬بعض الظروف المعارضممة‬
‫يسردها ماركس‪» :‬رفع درجة اسممتغلل العمممال« )أي جعممل العمممال يكممدحون‬
‫أكثر(‪ ،‬و»خفض الجور دون قايمة قامموة العمممل« )أي تقليممص مرتبممات العمممال‬
‫وفوائدهم‪/‬ن(‪ ،‬و»التجارة والستثمار الخارجيين« )البحث عن أسواق محتكممرة‬
‫وعمالة رخيصة في الخارج(‪» ،‬تخفيممض الضممرائب« و»الحممط مممن قايمممة رأسا‬
‫المال الثممابت« )وسمميتم مناقاشممتها أدنمماه(‪ [15].‬وبالتممالي‪ ،‬فالقممانون ل يممدعي‬
‫القدرة على توقاع مقدار معدل ربح رأسمالي معين أو صناعة معينة بعممد عقممد‬
‫أو عقدين من الزمممن‪ .‬يتمظهممر هممذا القممانون‪ ،‬فممي العممالم الحقيقممي‪ ،‬كعمليممة‬
‫تتضارب مع الظروف المعارضة في مكان محممدد ووقاممت محممدد‪ .‬علممى سممبيل‬
‫المثال‪ ،‬يجبر الرأسماليون على محاربة القانون برفع درجة الستغلل وخفممض‬
‫الجور دون قايمتها‪ .‬يمكن لهذا المر أن يعمموض عممن هبمموط معممدل الربممح‪ ،‬إن‬
‫كانت جهود الرأسماليين ناجحة في إكراه العمال والعاملت على العمل لمممدة‬
‫أطول وشدة أكثر وبأجر أقال‪ .‬هممذه العمليممة هممي السممبب وراء حممالت تزامممن‬
‫إدخال تقنيات جديدة مع استياء حياة العمال عوضا عن تحسنها‪ ،‬فبصممورة ممما‪،‬‬
‫يجبر العمال على التعويض عن هبوط الربممح الناتممج عممن اسممتثمار الرأسمممالي‬
‫الجديد‪.‬‬
‫ولكن ماركس لم يؤمن أن الظروف المعارضة جعلت مممن هممذه القممانون غيممر‬
‫ذي أهمية‪ .‬رغم آثار هذه الظروف‪ ،‬فمعدل الربح ما زأال يمكن له أن ينخفممض‬
‫لدى قاطاع صناعي ما أو اقاتصاد ما‪ ،‬مما يممؤدي لزأمممة‪ .‬علوة علممى ذلممك‪ ،‬رأى‬
‫ماركس في تجلي القانون والظروف المعارضة له كمصدر للمزيممد مممن عممدم‬
‫الستقرار في النظام‪ ،‬وليس العكس‪ .‬إن تصدى العمال والعاملت لرفع درجة‬
‫الستغلل‪ ،‬يمكممن أن ينتممج عممن ذلممك اسممتفحال الصممراع الطبقممي‪ ،‬لن أربمماب‬
‫العمل‪ ،‬في مواجهتهم لمنافسيهم ولربح منخفض‪ ،‬يصممبحون فممي وضممع حممرج‪.‬‬
‫جممادل ممماركس أيضمما أن »النممزاع بيممن الوسممطاء المتعارضممين ]الظممروف‬
‫المعارضة[ ينقلب بين الفينة والخرى إلى أزأمات ل تمثل‪ ،‬دوما‪ ،‬إل حل مؤقاتمما‬
‫وعنيفمما للتناقاضممات القائمممة‪ ،‬انفجممارات عنيفممة تسممتعيد التمموازأن المضممطرب‬
‫للحظة ل غير«‪.‬‬
‫مثال على كيفية تأدية تفاعلت الظروف المعارضة ذاتهمما إلممى أزأمممة هممي فممي‬
‫عملية رخص رأسا المال الثابت‪ .‬فكما ناقاشنا سممابقا‪ ،‬أشممار ممماركس إلممى أن‬
‫الستثمار المتزايممد فممي الدوات واللت بواسممطة الرأسممماليين‪ ،‬فممي السممباق‬
‫لمواكبة بعضهم البعض‪ ،‬يجعل من تحقيق الربممح أصممعب فأصممعب‪ .‬ولكممن فممي‬
‫اقاتصمماد رأسمممالي تممؤدي زأيممادة السممتثمار فممي الدوات واللت إلممى زأيممادة‬
‫النتاجية أيضا‪ .‬أحد آثار هذا المر هممو أن وقاممت العمممل الضممروري لنتمماج هممذه‬
‫الدوات واللت ذاتها ينخفض‪ ،‬جمماعل هممذه السممتثمارات أرخممص‪ .‬وهممذا المممر‬
‫ينطبق على كل اللت اليوم مقارنة بالماضي‪ .‬قايمة الحواسيب هبطت بشممدة‬
‫خلل العقدين الماضيين‪ ،‬على سبيل المثممال‪ ،‬فهممي تتطلممب وقاممت عمممل أقاممل‬
‫لنتاجها‪ .‬إن كان معدل الربح هو مقدار فممائض القيمممة المسممتخرج نسممبة إلممى‬
‫مقدار رأسا المال المستثمر في اللت وفي العمممل‪ ،‬إذا‪ ،‬فمممع رخممص اللت‪،‬‬
‫سيرتفع معدل الربح‪ .‬والنتيجة هي قاوة معارضة طويلة المد تممؤثر علممى ميممل‬
‫معدل الربح للنخفاض‪.‬‬
‫ولكن هممذه العمليممة ليسممت خاليممة مممن العممواقاب‪ .‬بإمكاننمما أن نسممتخدم مثممال‬
‫»تيكان جنيسيس ‪ «200‬لشرحا هممذه النقطممة‪ .‬دعنمما نفممترض أن رأسممماليا ممما‬
‫اشترى واحدة منها العام الماضي مقابل مقدار معيممن مممن المممال‪ .‬فممي العممام‬
‫المقبل‪ ،‬سيعني تزايد النتاجية في مصنع »تيكان« أن الطرازأ الجديد من اللة‬
‫سيتطلب وقات عمل ضروري أقامل بكمثير لنتاجهما‪ ،‬وبالتمالي سمتكون أرخمص‪.‬‬
‫ولكن هذا النخفاض في قايمة اللة ل يساعد رأسمالينا هذا الذي اشترى اللممة‬
‫العام الماضي‪ ،‬بل إنه يجعل المور أسوء بالنسبة له‪ .‬إن القيام بفحوصممات دم‬
‫باستخدام طرازأ »تيكان« الجديد يتطلب وقاتا أقال ضروري اجتماعيا‪ ،‬لن اللة‬
‫ذاتهمما انخفممض المموقات الضممروري اجتماعيمما اللزأم لصممنعها‪ .‬يمكممن لرأسمممالي‬
‫»جديد« اشترى الطرازأ الحداث أن يستغل هذا المر‪ ،‬ويفرض كلفة أقال على‬
‫فحوصات الدم‪ .‬يضغط بالتالي على أرباحا الرأسمالي »القديم« الذي اشممترى‬
‫طرازأ العام الماضي‪ ،‬مما قاد يؤدي إلى إفلسا الرأسمالي القديم هذا في آخر‬
‫المطمماف‪ .‬يمكممن للرأسمممالي الجديممد أن يقتنممي آلممة »تيكممان« بسممعر يعكممس‬
‫القيمة الجديدة )القال( لللة‪ ،‬مما »يحط من قايمة« رأسا المال القديم‪ ،‬وهممو‬
‫أمر جيد من وجهة نظممر الرأسمممالي الجديممد‪) .‬بصممورة ممما‪ ،‬يقممول الرأسمممالي‬
‫الجديد لقرينه القديم‪» :‬سآخذ رأسمالك بقيمممة أرخممص‪ ،‬كممي أشممغله بربحيممة‪،‬‬
‫حيث ل يمكن لك القيام بذلك«(‪ .‬ولكن هذه العمليممة الكليممة كممثيرا ممما تحممدث‬
‫بتكلفة عالية على القاتصاد‪ ،‬حيث تفلس الشركات‪ ،‬ويسرحا العمال والعمماملت‬
‫من عملهم‪ ،‬ول تسدد الديون‪ ،‬وبالتالي يمكن لزأمة اقاتصادية أن تندلع‪[16].‬‬
‫في آخر المطاف‪ ،‬يمكن للرأسممماليين والدولممة الرأسمممالية أن يحمماولوا نقممض‬
‫ميل معممدل الربممح للنخفمماض‪ ،‬حممتى لممو تضمممن ذلممك »حلممول مؤقاتممة وعنيفممة‬
‫للتناقاضات القائمة«‪ .‬ولكن العديد من هذه الحلول قاد تؤدي لندلع أو مفاقامة‬
‫الزأمة‪ .‬وفيما سنشرحا أدناه‪ ،‬سنرى وجود حدود علممى إمكانيممة إدارة الزأمممات‬
‫في ظل سياق النظام الرأسمالي الحديث‪.‬‬

‫الخروج من الزأمة‬
‫دون إسقاط الرأسمالية‪ ،‬سيتعافى القاتصاد الرأسمالي في آخر المطاف مممن‬
‫الزأمة‪ .‬فكما أشار الثوري الروسي ليون تروتسكي ذات مرة‪:‬‬
‫تعيش الرأسمالية فعل بالزأممات والطفمرات‪ ،‬بالضممبط مثلمما يعيممش النسمان‬
‫بالشهيق والزفير‪ .‬أول هنالك طفممرة فممي الصممناعة‪ ،‬ومممن ثممم توقاممف‪ ،‬وبعممدها‬
‫أزأمة‪ ،‬يتبعها توقاف في الزأمة‪ ،‬ومن ثمة تحسن‪ ،‬وطفرة أخرى‪ ،‬وتوقاممف آخممر‪،‬‬
‫وهلممم جممرا…حقيقممة أن الرأسمممالية ممما تممزال تتقلممب دوريمما…تشممير إلممى أن‬
‫ْ بعد ليممس إل‪ ،‬وأننمما ل نتعامممل مممع جثممة‪ .‬طالممما ل تسممقط‬
‫الرأسمالية لم تمت‬
‫الرأسمالية بثورة بروليتارية‪ ،‬ستسمر في العيممش فممي دورات‪ ،‬متأرجحممة إلممى‬
‫العلممى والسممفل‪ .‬كممانت الزأمممات والطفممرات متأصمملة فممي الرأسمممالية منممذ‬
‫ولدتها عينها‪ ،‬وستظل تصاحبها إلى قابرها‪.‬‬
‫ولكن من أجل الهرب من أي أزأمة‪ ،‬يجب على القاتصاد أن ينبعث من »نقطممة‬
‫بدايممة« مختلفممة عممن »نقطممة النهايممة« الممتي بممدأت بهمما الزأمممة‪ .‬فكممما يشممير‬
‫ماركس‪» ،‬وإن تعثر النتاج…يهيئ لتوسع لحق‪ ،‬في نطاق الحدود الرأسمالية‪.‬‬
‫وهكذا تدور الدائرة من جديد«‪ .‬نقطة البدء الجديدة ستسمح للممتراكم المربممح‬
‫لرأسا المال بالستئناف‪ .‬يستلزم ذلك رفع معدل الربح‪ ،‬إذ يحقممق ذلممك عممادة‬
‫حين يقلص )يخفض( أثر الزأمة من سعر مممدخلت عمليممة النتمماج الرأسمممالي‬
‫بصورة كافية‪ :‬رأسا المال الثابت والمتغير‪ .‬بالضافة إلى ذلك‪ ،‬سممتزيد الزأمممة‬
‫من حدة التنافس بين الرأسماليين أنفسممهم‪ ،‬حيممث يحمماول كممل منهممم النجمماة‬
‫والبقاء‪ ،‬واستعادة تراكمممه الخمماص‪ ،‬علممى حسمماب منافسمميه‪ .‬فممي النهايممة‪ ،‬إن‬
‫إرساء أساسا توسع النتاج اللحق هذا يأتي عممادة بتكلفممة إنسممانية واجتماعيممة‬
‫هائلة‪.‬‬
‫أحد العوامل لستعادة تراكم مربح هو خفض سعر رأسا المممال المتغيممر )قامموة‬
‫عمل العمال(‪ ،‬أو‪ ،‬بعبمارة أخممرى‪ ،‬خفمض الجمور والفوائمد المسمددة للعممال‪.‬‬
‫يلخص ممماركس همذه العمليمة كالتممالي‪» :‬تعمثر النتماج قاممد يصميب قاسمما ممن‬
‫الطبقة العاملة بالعطالة‪ ،‬ويضممع بممذلك القسممم المسممتخدم منهمما فممي ظممروف‬
‫ترغمه على القبول بهبوط فممي الجممور حممتى دون المتوسممط‪ ،‬ولهممذا الظممرف‬
‫تأثير على رأسا المال يماثل تممأثير ارتفمماع فمائض القيمممة…ممع بقماء متوسممط‬
‫الجور على حاله«‪ .‬مثال معاصر على هممذا المممر يتضمممن قاطمماع البرمجيممات‪.‬‬
‫ينفذ عمال القطاع التكنولوجي ما متوسطه ‪ 50‬سمماعة مممن العمممل أسممبوعيا‪،‬‬
‫ولكن مع التزايد الخير في التسريح‪ ،‬نراهم يقبلون أجورا ورواتب أقاممل فأقاممل‬
‫مقابل عملهم‪ ،‬وهم ينتجون‪ ،‬في الوقات نفسه‪ ،‬القيمممة ذاتهمما )أو أكممثر أحيانمما(‬
‫لصالح أرباب عملهم‪ .‬هذا العامل يسمماعد علممى اسممتعادة وزأيممادة تراكممم رأسا‬
‫المال لقطاع من الطبقة الرأسمالية‪.‬‬
‫تنتج الزأمات القاتصادية أيضا محمماولت يائسممة بواسممطة الرأسممماليين لزيممادة‬
‫ربحهم على حساب بعضهم البعض‪ .‬فكما يشير ماركس‪» ،‬ولكن ما إن تتعلممق‬
‫القضية بتقاسم الخسائر ل الرباحا‪ ،‬فإن كل واحد منهم يسعى‪ ،‬قاممدر المكممان‪،‬‬
‫إلى أن يقلل حصته من هممذه الخسممارة‪ ،‬وأن ويلقيهمما علممى كاهممل غيممره…أممما‬
‫مقدار ما يتحمله كل رأسمالي مفرد منها‪ ،‬وما مدى النصمميب الممذي يتعيممن أن‬
‫يقع عليه عموما‪ ،‬فتلك مسألة تتوقاف على القوة والدهاء‪ ،‬وتتحول المنافسممة‪،‬‬
‫عندئذ‪ ،‬إلى صممراع بيممن الخمموة العممداء«‪ .‬علممى سممبيل المثممال‪ ،‬عنممد مواجهممة‬
‫مشاكل في استخراج فائض القيمة من العمال‪ ،‬أو في تحقيق فممائض القيمممة‪،‬‬
‫كمثيرا م ا سيفضمل الرأسمماليون توظيمف »المموال غيمر المسمتغلة« بغمرض‬
‫المضاربة في أمور مثل السهم والعملت‪ ،‬عوضا عن الستثمار فممي رأسمممال‬
‫جديد‪ [ 17].‬يحدث ذلك عند نهاية كل دورة تجارية مممع بممدئ انخفمماض الربمماحا‪.‬‬
‫من هنا أتت‪ ،‬حسب وصف رئيس مجلس نظام الحتيمماطي الفممدرالي السممابق‬
‫آلن جرينسبان‪» ،‬الوفرة الطائشة« في سوق السهم أواخر التسعينات‪.‬‬
‫ولكن مضاربة أسعار كهذه في وسط الرأسماليين ل تزيد القيمة الممتي تتحكممم‬
‫بها الطبقة الرأسمالية ككل‪ ،‬فهي ل تتضمن إل احتيالهم على بعضهم البعممض‪:‬‬
‫»بإمكان طرف أن ينتصر بمقابل ما يخسره الطممرف الخممر‪ .‬كممل ممما يمكنهممم‬
‫تقسيمه بين بعض بعضهم البعض هو فائض القيمممة ]المنتممج بواسممطة الطبقممة‬
‫العاملة[‪ .‬ولكن هذه الحصص تفتح المجال للخداع الفردي…والذي ل علقاة له‬
‫بتحديد القيمة بحد ذاتها«‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬إن شراء سهم ما »بسممعر منخفممض«‬
‫وحمل رأسمالي آخر على شرائه »بسعر عالي« ل يؤدي لخلق ثروة إضممافية‪،‬‬
‫وإنما يوزأعها بصورة مختلفة بين الرأسماليين فحسب‪) .‬كثيرا ما يسمممي تجممار‬
‫السهم هذا المر بم »نظرية المستثمر الكثر حماقاممة«(‪ .‬سمممى ممماركس هممذه‬
‫الممثروة الناتجممة عممن المضمماربات »رأسا المممال الخيممالي«‪ .‬ولكممن إن تمكممن‬
‫رأسمالي معين من الكسب على حساب إخوته‪ ،‬فلربما سيمتلك أفضل فرصة‬
‫للنجمماة مممن الزأمممة‪ .‬وأكممثر النتائممج تجليمما لمضمماربة السممهم هممذه هممي خلممق‬
‫»أرستقراطية مالية جديدة‪ ،‬صمنف جديمد ممن الطفيلييمن ف ي رداء مخططمي‬
‫مشاريع‪ ،‬ومؤسسين‪ ،‬ومدراء محض إسميين؛ وينشئ نظاما كامل من النصممب‬
‫والحتيال في مجالت التأسيس وإصدار السهم والمتاجرة بها«‪ .‬يمكن لنتيجممة‬
‫مثل هذه المضاربة أن تكون انهيارا وهلعا بالغا حين تنهار العملية بأكملهمما‪ ،‬ول‬
‫يرغممب أحممد بالشممراء بسممعر أعلممى )أي‪ ،‬ل يجممد أحممد منهممم »مسممتثمرا أكممثر‬
‫حماقاة«(‪ .‬ومن يبيعون في المموقات المناسممب سممينجون بجلممدهم‪ ،‬أممما البمماقاين‬
‫فسيتكبدون أضرار النهيار‪ ،‬بل وسينهارون معه على الرجح‪.‬‬
‫إن رخص سعر رأسا المال الثابت )الدوات واللت( عامل آخر فممي اسممتعادة‬
‫مراكمة مربحة‪ .‬خذ بعين العتبار مثال رأسمممالي ممما اشممترى حاسمموبا مقابممل‬
‫‪ 1000‬دولر‪ ،‬وأفلس بعممد سممنتين‪ ،‬وأراد أحممد منافسمميه حينهمما شممراء أصمموله‪.‬‬
‫بحلول ذلك الوقات‪ ،‬انخفضت قايمة تلك اللة )إذ يمكن إنتاجهمما بسممرعة أعلممى‬
‫بكثير( وبالتالي يصبح السممعر ‪ 750‬دولر فقممط‪ .‬إن اقاتنمماء الحاسمموب بالسممعر‬
‫الجديد يؤدي للحط مممن قايمممة رأسا المممال‪ ،‬كممما وصممفنا أعله فممي حالممة آلممة‬
‫»تيكان«‪ .‬ولكن‪ ،‬دعنا نفترض أن الرأسمالي المفلممس هممذا مسممتميت لتفريممغ‬
‫حمولة أصوله من أجل تسديد ديونه‪ ،‬وبالتالي يبيع حاسمموبه مقابممل ‪ 500‬دولر‬
‫فقط‪ .‬فاللة أيضا‪ ،‬بالتالي تنخفض قايمتهمما‪ .‬والكممثر أهميممة هممو أن الرأسمممالي‬
‫الناجي من الزأمة سيستفيد من هذا المر‪.‬‬
‫يمكن لرأسا المال الثابت أن تنخفض قايمته في ظروف معينة من خلل فيض‬
‫النتاج؛ أي في حال فاض إنتاج الحواسيب بشدة‪ ،‬يمكن للرأسماليين الساعين‬
‫لسمتعادة سمميرورة المتراكم أن يشممتروها بسمعر رخيمص‪ .‬أثنماء همذه الزأممات‬
‫بالتالي‪ ،‬وكما يشير ماركس‪ ،‬هنالممك »قاسممم مممن السمملع الماثلممة فممي السمموق‬
‫يعجز عن القيام بعملية تداوله وتجديد إنتاجه ]الشراء والبيع[ إل بتقليص هائممل‬
‫في أسعار هذا القسم…وتهبط قايمة عناصر رأسا المال الساسي‪ ،‬على النحو‬
‫ذاتممه‪ ،‬بهممذا القممدر أو ذاك«‪ .‬يممدمر ببسمماطة‪ ،‬فممي حممالت أخممرى‪ ،‬رأسا المممال‬
‫المتعذر توظيفه بصورة مربحة‪ :‬يمكن للت مصنع فولذ مفلس مثل أن تممترك‬
‫مممن غيممر تشممغيل حممتى تصممدأ‪ .‬عممن طريممق عمليممة هبمموط القيمممة‪ ،‬والهتلك‪،‬‬
‫والتدمير‪ ،‬يقدر الرأسماليون الناجون على ترميم عملية تراك رأسمال مربحة‪.‬‬
‫ولكن هوية الرابح والخاسر يحممددها‪ ،‬كممما أسمملفنا‪» ،‬صممراع الخمموة العممداء«‪.‬‬
‫يسهب ماركس في ذلك قاائل‪:‬‬
‫كيف يمكن إذن تسوية هذ النزاع‪ ،‬واسممتعادة العلقاممات الموائمممة لممم »عافيممة«‬
‫سير النتاج الرأسمالي؟…يقوم أسلوب التسوية في ترك رأسا المال بائرا أو‬
‫تممدميره جزئيمما‪ ،‬بمقممدار مممن القيمممة يسمماوي رأسا المممال الضممافي ]الفممائض‬
‫إنتاجه[…أو جزءا منه على القال…غير أن توزأيع الخسارة ل يتم بأي حال علممى‬
‫نحمو متسمماو بيمن مختلمف رؤوسا الممموال المفمردة‪ ،‬بمل يتقمرر بفعممل صممراع‬
‫تنافسي تتوزأع فيه الخسارة…تبعا للمزايا الخاصممة والمواقاممع الممتي ظفممر بهمما‪،‬‬
‫بحيث أن رأسمال يهجع بائرا‪ ،‬وثانيا يتعرض للدمار‪ ،‬وثالثا يمنى بخسارة نسبية‬
‫ليس إل أو يتعرض إلى هبوط مؤقات في القيمة ل أكثر‪.‬‬
‫يمكممن لهممذا »الصممراع التنافسممي« أن يممؤدي لعممواقاب وخيمممة فممي اقاتصممادنا‬
‫الحاضر‪ ،‬وذلك نتيجة لما أشار له ماركس بعبارة »مركزة )‪(concentration‬‬
‫وتمركز )‪(centralization‬مم رأسا المال«‪ ،‬وهو أن وحدات رأسا المال تممزداد‬
‫حجما أكثر فممأكثر‪ ،‬وتقممل عممددا علممى نحممو مماثممل‪ ،‬نتيجممة تراكممم رأسا المممال‬
‫والندماج‪ .‬منذ عام ‪ ،1983‬على سبيل المثال‪ ،‬حظيت أقال من ‪ 3‬بالمئممة مممن‬
‫الشركات بممم ‪ 77‬بالمئممة مممن مجمممل المبيعمات فمي الوليممات المتحممدة‪ ،‬بينممما‬
‫امتلكت »سيتيكورب« و»إيكسون« مجتمعتين أصول أكثر من جميممع العمممال‬
‫الصممغيرة فممي البلد‪ .‬كممل القاتصممادات الرأسمممالية تصممبح متكونممة مممن هممؤلء‬
‫العمالقة القاتصاديين‪ ،‬حيث أن »كبار السماك« ستمتلكن أفضل فرص النجاة‬
‫في كل أزأمة متتالية‪[18].‬‬
‫غير أنه في سمياق الزأممات همذا‪ ،‬تخلمق عمليتما مركمزة وتمركمز رأسا الممال‬
‫هاتين مشاكل عصيبة للقاتصاد الرأسمالي‪ .‬أول‪ :‬يصبح إفلسا شركة رئيسممية‪،‬‬
‫أو صناعة رئيسية‪ ،‬أمرا ذو تكلفة بالغة الشدة‪ ،‬إذ تزداد احتماليممة تأديممة انهيممار‬
‫شركة كبيرة‪ ،‬أو عدة لعبين رئيسيين في صناعة معينة‪ ،‬إلى جر بقية القاتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬إن لم يكن العالمي‪ ،‬إلى أزأمممة شممديدة‪ .‬فممي اقاتصممادنا الحاضممر‪ ،‬إذا‪،‬‬
‫هنالك احتماليمة أن تكممون الزأممات التاليمة للطفمرات أشمد بكمثير‪ ،‬وأن تكمون‬
‫إدارتها أعسر على الدولمة الرأسممالية بكمثير‪ .‬وح الت الفلسا الخيمرة المتي‬
‫ضربت أرقااممما قاياسممية لشممركة »إينممرون« )بأصممول قاممدرها ‪ 63‬مليممار دولر(‪،‬‬
‫و»كونسيكو« )بأصول قادرها ‪ 61‬مليار دولر(‪ ،‬و»وولردكوم« )بأصممول قاممدرها‬
‫‪ 103‬ميار دولر( تسلط الضمموء علممى النمممو المسممتمر لهممذه العمليممة‪ .‬تسممتمر‬
‫عملية هبوط قايمة رأسا المال الثابت عن طريق الفلسا أو الندماج‪ ،‬غيممر أن‬
‫ذلك يأتي بتكلفة إنسانية متزايدة‪ ،‬بينما النظام يصبح مكونا‪ ،‬أكممثر فممأكثر‪ ،‬مممن‬
‫شركات كممبيرة طويلممة العهممد كممثر ممما تكممون غيممر ناجعممة]‪ .[19‬تتنممافس هممذه‬
‫الشركات مع بعضها البعض‪ ،‬وتممواجه انحسممارا فممي الربحيممة وتحمماول توظيممف‬
‫الليات العتيادية لزيادة ربحها‪ :‬رفع درجة الستغلل‪ ،‬وخفض الجور إلى أقاممل‬
‫من قايمتها‪ ،‬والنخراط في التجارة والستثمار الخارجيين‪ ،‬والمطالبة بضممرائب‬
‫أقال من الدولة الرأسمالية‪ .‬وفي حممالت معينممة‪ ،‬تممدخل المحاسممبة المشممبوهة‬
‫قاديمة الطرازأ حيز التنفيذ‪ .‬أضف على ذلك أنه‪ ،‬في أوقاات الزأمممات العصمميبة‪،‬‬
‫قاد يحاول الرأسماليون السطو على فائض القيمة من رأسممماليي أمممة أخممرى‬
‫عن طريممق الحممرب‪ .‬ووفقما لممماركس‪ ،‬كمل همذا حصميلة الممديناميات الداخليمة‬
‫لتراكم رأسا المال عينها‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫لم تغير الرأسمالية طبيعتهمما الميالممة للزأممات منممذ زأمممن ممماركس‪ .‬وممما يممزال‬
‫محكوما عليها أن تجعل حياة قاطمماع كممبير مممن الطبقممة العاملممة أكممثر تزعزعمما‬
‫واضطرابا وبؤسا‪ .‬حقا‪ ،‬فالوعود الممتي قاطعهمما فرسممان الرأسمممالية لممم تمموفى‬
‫لمليارات من الناسا في أرجمماء العممالم‪ ،‬بممل غالبمما ممما ضمممنت الزأمممات وقامموع‬
‫العكمس‪ ،‬كمما يمكمن للعماملين فمي بلمدان تمتمد م ن الرجنمتين وحمتى كوري ا‬
‫والوليات المتحدة أن يشهدوا‪ .‬جادل ممماركس فممي »رأسا المممال« قابممل أكممثر‬
‫من قارن من الزمن قاائل‪:‬‬
‫إن جميع طرائق رفع قادرة النتاجيممة الجتماعيممة للعمممل تتحقممق‪ ،‬فممي النظممام‬
‫الرأسمالي‪ ،‬على حساب العامل الفرد؛ وإن جميع وسائل تطوير النتاج تتحول‬
‫إلى وسائل للهيمنة على المنتجين واستغللهم‪ ،‬وهي تشوه العامل وتحيله إلى‬
‫كسممرة مممن حطممام إنسممان‪ ،‬وتنممزل بممه إلممى درك ملحممق تممابع لللممة‪ ،‬وتممدمر‬
‫المضمون اليجابي لعمله بما تضفي عليه من عذاب‪ ،‬وتسممتلب منممه الطاقاممات‬
‫الذهنية الكامنة في عملية العمل…إنها تجعممل شممروط عملممه فظيعممة‪ ،‬وتملممي‬
‫عليه‪ ،‬أثناء عملية العمل‪ ،‬استبدادا وضيعا‪ ،‬ممقوتا…يترتب على ذلممك أن حممال‬
‫العامل ل بد من أن تزداد سوءا‪ ،‬كلممما تقممدم تراكممم رأسا المممال‪ ،‬سممواء كممان‬
‫مستوى الجور مرتفعا أو منخفضا…إن هذا القانون يقيد العامل برأسا المممال‬
‫أشد من تقييد مطرقاة هيفايستوسا لبروميممثيوسا٭ إلممى الصممخرة‪ .‬فهممو يملممي‬
‫تراكم البؤسا‪ ،‬بموازأاة تراكم رأسا المال‪ .‬وإن تراكم الثروة في هذا القطممب‪،‬‬
‫هو فممي عينممه تراكممم للبممؤسا وعممذابات العمممل والعبوديممة والجهممل‪ ،‬والقسمموة‬
‫والنحطاط الخلقي‪ ،‬في القطب المعاكس‪.‬‬
‫الحل الوحيد بالنسبة لماركس وإنجلز هو التخطيط القاتصادي الممديموقاراطي‪،‬‬
‫أل وهو الشتراكية‪:‬‬
‫فلو أن المنتجين‪ ،‬بصفتهم هذه‪ ،‬يعرفون أية كميممة يحتمماج إليهمما المسممتهلكون‪،‬‬
‫ولممو أنهممم ينظمممون النتمماج‪ ،‬ويوزأعممونه فيممما بينهممم‪ ،‬لسممتحالت التذبممذبات‬
‫المزاحمة واستحال ميلها إلى الزأمة‪ .‬ابدأوا النتاج عن وعي‪ ،‬ككائنات بشممرية‬
‫– وليس كذرات منتشرة‪ ،‬ل تعي وحدتها الصمملية – تتخلصمموا مممن جميممع هممذه‬
‫المتضادات الصطناعية والباطلة‪ .‬ولكن ما دمتممم تواصمملون النتمماج بالسمملوب‬
‫الحالي‪ ،‬غير الواعي‪ ،‬غير المعقول‪ ،‬الموضوع في حكم الصدفة‪ ،‬فإن الزأمممات‬
‫التجارية ستبقى أيضا؛ ول بد لكل أزأمة لحقة أن تكون أكممثر شمممول‪ ،‬وبالتممالي‬
‫أشممق مممن الزأمممة السممابقة‪ ،‬ول بممد لهمما أن تخممرب عممددا أكممبر مممن صممغار‬
‫الرأسماليين‪ ،‬وتزيد بصورة أسرع فأسرع تعداد أفراد الطبقة التي ل تعيش إل‬
‫بالعمل‪.‬‬
‫لم يؤمن ماركس أو إنجلز أن الرأسمالية ستنتج الشتراكية من تلقمماء نفسممها‪.‬‬
‫فلو قابلت الطبقة العاملة بتممداعيات كمل أزأمممة‪ ،‬سيسممتمر النظمام الرأسممالي‬
‫حتى ينتج »خرابا مشاعا« للجميع‪ .‬فالثورة ليست أمرا مسمملما بممه‪ ،‬أو خاضممعا‬
‫لمسار التاريخ‪ .‬فكما جادل ماركس وإنجلممز ذات مممرة‪» :‬ل يقمموم التاريممخ بممأي‬
‫شيء… ول ›يشن أي معارك‹‪ .‬إن النسان‪ ،‬النسان الحقيقممي الحمي‪ ،‬همو ممن‬
‫يقوم بكل ذلك‪ ،‬هو من يمتلك ويحارب؛ إن ›التاريخ‹ ليس…بشخص منفصممل‪،‬‬
‫يوظف النسان لتحقيق أغراضه الخاصة؛ ليس التاريخ سمموى نشمماط النسممان‬
‫الساعي نحو أهدافه«‪ .‬هدفنا يجب أن يكون إسقاط نظام الرأسمالية المثقممل‬
‫بالزأمات‪ ،‬واستبداله بالشتراكية‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬إنترناشنال سوشالست رفيو‬
‫—‬
‫ملحظات فريق الترجمة‪:‬‬
‫٭ نشر هذا المقال في أواخر عام ‪.2003‬‬
‫٭ بالنجليزية‪:‬‬
‫»‪«We’re not in the business of making steel. We’re in the business of making money‬‬
‫٭ بروميثيوسا‪ :‬في الميثولوجيا الغريقية‪ :‬سارق نار اللهة‪ ،‬حكم عليه بربطممة‬
‫إلى صخرة لتنهش الصقور من لحمه‪.‬‬
‫ملحظات الكاتب‪:‬‬
‫]‪ [١‬جادل ماركس أيضا أن تطور فائض العمممل تاريخيمما خلممق إمكانيممة التقممدم‬
‫البشري‪ ،‬لن البشر أصبح بإمكممانهم إثممر ذلممك أن ينتجمموا أكممثر مممما يسممتهلكوا‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫]‪ [٢‬كما أشار ماركس في رسالته إلى لودفيغ كوغلمان‪» :‬كل طفل يعرف أن‬
‫ْ توقافت عن العمل‪ ،‬لن أقاول لسنة‪ ،‬بل حتى لسابيع قاليلة‪ ،‬ستهلك‪.‬‬ ‫أي أمة إن‬
‫كل طفل يعلم‪ ،‬أيضا‪ ،‬أن كتل المنتجات…تستلزم كتل مختلفممة ومحممددة كميمما‬
‫من مجموع عمل المجتمع‪ .‬وكون هممذه الضممرورة لتقسمميم العمممل الجتممماعي‬
‫إلممى حصممص محممددة ل يمكممن إلغاؤهمما بواسممطة شممكل محممدد مممن النتمماج‬
‫الجتماعي‪ ،‬ول يمكن أن يتغيممر إل نمممط مظهرهمما‪ ،‬لهممو أمممر بممديهي‪ .‬ل يمكممن‬
‫لقوانين الطبيعة أن تلغى‪ .‬ما يمكن أن يتغير فممي الظممروف المختلفممة تاريخيمما‬
‫ليس إل الشكل الذي تفرض به هذه القوانين ذاتها«‪.‬‬
‫]‪ [٣‬يصف إنجلز هذه العملية بتفصيل أكبر‪» :‬القليل الذي وجب على مثل هذه‬
‫العائلة اقاتنمماؤه بواسممطة المقايضممة أو الشممراء مممن الغربمماء…تكممون‪ ،‬بصممورة‬
‫رئيسية‪ ،‬من المنتجات الحرفية‪ ،‬وهي تلك الشياء التي لم تكن طبيعممة صممنعها‬
‫مجهولة لدى الفلحا بأي شكل من الشكال‪ ،‬وهو لم ينتجهمما إممما بنفسممه لعممدم‬
‫امتلكه المواد الخام أو لن البضاعة التي اشتراها أعلى جودة أو أرخص ليممس‬
‫إل‪ .‬ففلحا القرون الوسطى علم بدقاة‪ ،‬إلى حد ما‪ ،‬وقات العمل اللزأم لصناعة‬
‫المواد التي اقاتناها أثناء المقايضة‪ .‬فحداد القرية وصانع العربات فيها عمل في‬
‫مجال رؤيته؛ وكذلك كان الخياط والسكافي…كان الفلحممون‪ ،‬والنمماسا الممذين‬
‫اشتروا منهم‪ ،‬هم أنفسهم عمال؛ والبضائع المتبادلممة كممانت صممنيعة كممل واحممد‬
‫منهم‪ .‬ما الذي أنفقمموه فممي صممناعة هممذه المنتجممات؟ العمممل والعمممل وحممده‪:‬‬
‫لستبدال الدوات‪ ،‬ولصنع المواد الخام‪ ،‬ولمعالجتها‪ ،‬لم ينفقوا إل قاوة عملهمم؛‬
‫كيف يمكن إذا لهؤلء أن يستبدلوا هذه المنتجات الخاصة بهم بتلك الناتجة عن‬
‫عمل المنتجين الخرين بطريقة ل تسممتند علممى نسممبة العمممل المبممذول فيهمما؟‬
‫وليس وقات العمل المبذول على هذه المنتجات المقيمماسا المناسممب للتحديممد‬
‫الكمي للقيم المقصود مبادلتها فحسب‪ :‬لم يوجد مقياسا آخمر البتممة‪ .‬أم يظمن‬
‫أن الفلحين والحرفيين كانوا بالحماقاة بمكان بحيث سيسلمون منتجات عشممر‬
‫ساعات من عمل فرد ما مقابل منتج ساعة واحدة من عمل آخر؟«‬
‫]‪ [٤‬يناقاش إنجلز المممدى التمماريخي لقمانون القيمممة ومكانممة »النتمماج السمملعي‬
‫البسيط« بتفصيل أكبر كما يلي‪» :‬بإيجازأ‪ :‬إن قاممانون القيمممة الماركسمي يظممل‬
‫صالحا على نحو عام‪ ،‬بقدر ما تكون القوانين القاتصادية صالحة ل أكثر‪ ،‬لمممدة‬
‫النتاج السلعي البسيط كاملة‪ ،‬أي‪ :‬حتى تشهد هذه الخيرة تعديلت من خلل‬
‫ظهور شكل النتاج الرأسمالي‪ .‬حتى ذلك الوقات‪ ،‬تنجذب السممعار نحممو القيممم‬
‫المحددة وفق القانون الماركسي وتتذبذب حول هذه القيم‪ .‬وهكذا مع اكتمال‬
‫تطور النتاج السمملعي البسمميط‪ ،‬يممزداد تزامممن متوسممط السممعار‪ ،‬علممى مممدى‬
‫فترات طويلة ل تقطعها اضطرابات خارجية عنيفممة‪ ،‬مممع القيممم ضمممن هممامش‬
‫يسير‪ .‬فقانون القيمة الماركسي‪ ،‬بالتممالي‪ ،‬يحممول المنتجممات إلممى سمملع‪ ،‬حممتى‬
‫القرن الخامس عشمر للعصمر الحاضمر‪ .‬ولكمن تبمادل السملع يعمود إلمى فمترة‬
‫سابقة لكل التاريخ المكتوب‪ ،‬هي في مصر تعود على القامل إلمى ‪ 2500‬قابمل‬
‫الميلد‪ ،‬ولربما ‪ 5000‬قابل الميلد‪ ،‬وفي بابل إلمى ‪ 4000‬قابمل الميلد‪ ،‬ولربم ا‬
‫‪ 6000‬قابل الميلد؛ فقانون القيمة ساد في فممترة تمتممد ممما بيممن خمسممة آلف‬
‫إلى سبعة آلف سنة«‪.‬‬
‫]‪ [٥‬أحد السئلة التي كثيرا ما تسممأل تتعلممق بكيفيممة مقارنممة ممماركس لعمممال‬
‫ذات مهارات مختلفة‪ ،‬فساعة من عمل الحداد‪ ،‬مثل‪ ،‬ل تعممادل بالتأكيممد سمماعة‬
‫من عمل حفار القبور‪ .‬يقيس ماركس وقات العمممل باسممتخدام وحممدة يسممميها‬
‫»العمل البسيط‪ ،‬المجرد«‪ .‬ساعة من العمل الماهر تتكون مممن مقممدار عمممل‬
‫مجرد أكبر من ساعة من العمل غير الماهر‪ .‬هممذا صممحيح لن عمممل العامممل‪/‬ة‬
‫الماهر‪/‬ة يتضمن عمل العامل‪/‬ة التي علمته‪/‬ا تلك المهارة‪.‬‬
‫]‪ [٦‬وفممق عممالم القاتصمماد البلشممفي إسممحاق إليتممش روبيممن‪» ،‬فممي القاتصمماد‬
‫السلعي البسيط‪ ،‬إن تبادل ‪ 10‬ساعات من العمل في فرع واحد مممن النتمماج‪،‬‬
‫مثل صناعة الحذية‪ ،‬مقابل منتوج ثماني سمماعات مممن العمممل فممي فممرع آخممر‪،‬‬
‫صنع الملبس مثل‪ ،‬يؤدي بالضرورة )إن كان السكافي وصممانع الملبممس ذوي‬
‫مؤهلت متكافئة( لمتيازأات متفاوتة في النتاج في الفرعين‪ ،‬وإلى نقل العمل‬
‫من صنع الحذية إلى إنتاج الملبس‪ .‬وعلى فرض قاابلية كاملممة لحركممة العمممل‬
‫في القاتصاد السلعي‪ ،‬يولد كل اختلف معتبر‪ ،‬بهذا القممدر أو ذاك‪ ،‬فممي امتيممازأ‬
‫النتاج ميل نحو نقل العمل من فممرع النتمماج القاممل امتيممازأا إلممى الفممرع الكممثر‬
‫امتيممازأا‪ .‬هممذا الميممل يظممل حممتى يممواجه الفممرع القاممل امتيممازأا خطممر النهيممار‬
‫القاتصادي المباشر ويرى اسممتحالة اسممتمرارية النتمماج بسممبب الظممروف غيممر‬
‫المؤاتية لبيع منتجاتها في السوق«‪.‬‬
‫]‪ [٧‬اندفاع التراكم هذا يجعل الرأسممماليين مختلفيممن عممن الطبقممات الحاكمممة‬
‫السمابقة‪ .‬فكممما أشممار مماركس‪ ،‬يجممب علمى الرأسممماليين اسممتخدام أمموالهم‬
‫لممتراكم رأسا المممال »عوضمما عممن…إنفمماقاه‪ ،‬فلنقممل مثممل الملمموك المصممريين‬
‫القدامى أو النبلء القديسين التروسكانيين‪ ،‬على الهرام وما إلى ذلك…فمممن‬
‫دون التراكم‪ ،‬ل يمكن لرأسا المال أن يشممكل أسمماسا النتماج‪ ،‬إذ أنممه سمميبقى‬
‫راكدا‪ ،‬ولن يكون عنصر تقدم‪ ،‬يقتضيه مجرد تزايد التعممداد السممكاني إلممخ…إن‬
‫لم يتجاوزأ استخدام فائض القيمة استهلكه‪ ،‬فلن يكون رأسا المممال قاممد حقممق‬
‫ذاته كرأسمممال‪ ،‬ولممن يكممون قاممد أنتممج ذاتممه كرأسمممال‪ ،‬أي كقيمممة تنتممج قايمممة‬
‫]أكبر[«‪.‬‬
‫]‪ [٨‬أحد المثلة الحديثة على هذه الحقيقة هي شممركة اسمممها »إكسمموديوسا«‬
‫للتصالت‪ ،‬والتي تمتلك عتاد حواسيب لستضافة المواقاع على الشبكة‪ .‬وفممق‬
‫صحيفة »نيو يورك تايمز«‪» ،‬منذ بداية هذا العام ]‪ [1999‬وحتى نهايممة ‪،2000‬‬
‫تتوقاع الشممركة إنفمماق أكممثر مممن ‪ 750‬مليممون دولر…علممى ‪ 15‬مقممر إضممافي‪،‬‬
‫أغلبها ستبنى في هذه البلد‪ .‬وهو إنجازأ كبير بالنسبة لشركة لم تحقق عائداتها‬
‫إل حوالي ‪ 200‬مليون دولر هذا العام…يقول آدم ويغنير‪ ،‬نائب رئيس الشركة‬
‫ومستشمممارها العمممام… إنمممه دون النفممماق الضمممخم علمممى التوسمممع‪ ،‬سمممتكون‬
‫›إكسمموديوسا‹ مربحممة اليمموم‪ .‬ولكنممه يشممير إلممى مممأزأق‪ :‬بممدون هممذا التوسممع‪،‬‬
‫سيخرج المنافسون ›إكسوديوسا‹ من تجارة إدارة المواقاع«‪.‬‬
‫]‪ [٩‬يسمي ماركس ذلك »تسليع قاوة العمل«‪ ،‬ويعني ذلك أنممك كعامممل‪/‬ة فمي‬
‫ظممل الرأسمممالية‪ ،‬قاممد يكممون لممديك عمممل تنفممذه‪/‬ينممه يحتمماجه المجتمممع )إممما‬
‫كممرض‪/‬ة‪ ،‬أو كمعلم‪/‬ة‪ ،‬أو كعامل‪/‬ة بناء‪ ،‬أو كممل المهممارات الخممرى تقريبمما(‪،‬‬
‫ولكن ليس بإمكانك تنفيذ هذا العمل لجل المجتمع إل إن أقانعت‪/‬ي رأسممماليا‬
‫ما أن يكافئك عليممه‪ .‬بعبممارة أخممرى‪ ،‬مممن أجممل العمممل وخلممق قايممم اسممتعمالية‬
‫للناسا الخرين‪ ،‬يجب عليك أن تذهب‪/‬ي لرأسمالي ما وتقنعيه أن بإمكانك أن‬
‫تحقق‪/‬ي له أرباحا جراء عملك‪.‬‬
‫]‪ [١٠‬ينوه ماركس إلى أن مال الرأسمممالي »دون العمممل المممأجور‪ ،‬لممن يظممل‬
‫رأسا مال«‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬المال الذي يتحكم به الرأسمالي ل يتحول إلى مال‬
‫أكثر دون عمل العامل‪/‬ة‪.‬‬
‫]‪ [١١‬ولكممن‪ ،‬لحممظ أن ممماركس وإنجلممز ل يقبلن بمنطممق الحجممة »النقممص‬
‫استهلكية«‪ ،‬والتي تصرحا بأن الزأمات ناتجة عممن حقيقممة أن العمممال ل يمكممن‬
‫لهم استهلك البضائع التي أنتجوها ليس إل‪ .‬يشير إنجلممز إلممى أن هممذه حقيقممة‬
‫تنطبق على كممل المجتمعممات‪» :‬إن نقمص السممتهلك عنممد الجمماهير واقاتصممار‬
‫استهلكها على ما هو ضروري‪ ،‬بل جدال‪ ،‬للبقاء على الحياة ومواصلة النوع –‬
‫ظمماهرة ليسممت جديممدة إطلقامما‪ .‬فهممي موجممودة منممذ أن وجممدت الطبقممات‬
‫الستغللية والطبقات المستغلة‪ .‬وحتى فممي الفممترات التاريخيممة عنممدما كممانت‬
‫أوضاع الجماهير جيدة تماما‪ ،‬في بريطانيا‪ ،‬مثل‪ ،‬في القرن الخامس عشر‪ ،‬لم‬
‫يكن الستهلك لديها كافيا مع ذلك‪ .‬ولممم يكممن فممي متناولهمما البتممة كممل منتمموج‬
‫عملها السنوي لكي تلبي به حاجاتها‪ .‬وهكذا يشممكل نقممص السممتهلك ظمماهرة‬
‫تاريخية ثابتة طوال آلف السنين‪ ،‬في حين أن الركود العام الذي يظهممر فجممأة‬
‫في التصمريف أثنماء الزأممات بسمبب فيمض النتماج قامد لموحظ فمي السمنوات‬
‫الخمسممين الخيممرة فقممط…إن نقممص السممتهلك عنممد الجممماهير هممو الشممرط‬
‫الضروري لكل أشكال المجتمع المسممتندة إلممى السممتغلل‪ ،‬بممما فيهمما الشممكل‬
‫الرأسمممالي‪ ،‬ولكممن الشممكل الرأسمممالي للنتمماج هممو ممما يوصممل المممور إلممى‬
‫الزأمات‪ .‬وبالتالي فإن نقمص السمتهلك عنمد الجمماهير واحمدة م ن مقمدمات‬
‫الزأمة وهو يلعب فيها دورا معترفا به منذ زأمن‪ ،‬ولكنه قالما يخبرنا سممواء عممن‬
‫أسباب الزأمات القائمة حاليا أو عن أسباب انعدامها في السابق«‪.‬‬
‫علوة على ذلك‪ ،‬يشير ماركس إلى أن أزأمات فيممض النتمماج كممثيرا ممما تحممدث‬
‫في فممترات ارتفمماع الجممور إلممى مسممتويات عاليممة تاريخيمما‪» :‬وممما القممول بممأن‬
‫الزأمات تنشأ عن قاصور في الستهلك الفعممال أو فممي المسممتهلكين الفعممالين‬
‫]القادرين على الدفع[‪ ،‬إل لغو فممارغ…فممالقول إن السمملع غيممر قاابلممة للممبيع‪ ،‬ل‬
‫يعني سوى أنها ل تجممد الشممارين القممادرين علممى الممدفع…مممن أجممل اسممتهلك‬
‫إنتاجي أو فردي‪ .‬وإذا ما سعى أحمد لعط اء همذا اللغمو مظهمر تعليمل أعم ق‪،‬‬
‫بالقول إن الطبقة العاملة ل تحظى ممن منتوجهما همي بغيمر نصميب أقامل مم ا‬
‫يجب‪ ،‬وإن هذه الفة ستزول ما إن يزداد نصيبها فيه‪ ،‬أي برفع الجور‪ .‬بالتالي‪،‬‬
‫فحسبنا الشارة إلى أن الزأمات إنما يتمهد طريقها كل مرة بفترة ترتفع فيهمما‬
‫الجور بشكل عام‪ ،‬وتنال خللها الطبقممة العاملممة‪ ،‬فعل‪ ،‬نصمميبا أكممبر فممي ذلممك‬
‫الجزء من المنتوج السنوي المخصص للستهلك‪ .‬ويفترض بفترة كهممذه‪ ،‬علممى‬
‫العكس‪ – ،‬من وجهة نظر فرسان الحممس البشممري السممليم و›البسمميط‹ )!( –‬
‫أن تبعد الزأمة«‪.‬‬
‫ْن الشركات‪ ،‬فلنأخذ مممرة أخممرى حالممة‬ ‫]‪ [١٢‬من أجل مثال حديث آخر لدور دي‬
‫شركة »إكسوديوسا« للتصممالت‪» :‬جمعممت ›إكسمموديوسا‹ ‪ 1،52‬مليممار دولر‬
‫فممي سمموق السممندات‪ ،‬مممن خلل أربعممة عممروض ذات عوائممد عاليممة ]أي أنهمما‬
‫اقاترضممت ‪ 1،52‬مليممار دولر[‪ .‬كممان هممذا النمموع مممن السممندات يسمممى فممي‬
‫الثمانينممات بممم ›السممندات القمامممة‹‪ ،‬وهممو مصممطلح لممم يعممد يسممتخدم مممع أن‬
‫مخاطره العالية ما تزال هي ذاتها‪ .‬آخر وأكبر العروض‪ ،‬ومقممداره مليممار دولر‪،‬‬
‫حصل هذا الشهر‪ ،‬وعلى ›إكسمموديوسا‹ الن تسممديد ‪ 100‬مليممار دولر سممنويا‬
‫من الفوائد«‪ .‬يجب على »إكسوديوسا« أن تبيع خدماتها مهما كممانت التكلفممة‪،‬‬
‫فقط لتتمكن من تسديد ديونها‪ ،‬قابممل أن تتمكممن مممن تحقيممق »قاممانون سمماي«‬
‫وتخممرج لشممراء المزيممد مممن البضممائع )رأسا مممال ثممابت ومتغيممر(‪ .‬ولكممن‬
‫»إكسوديوسا« أفلست بالفعل في آخر المطاف عام ‪.2001‬‬
‫]‪ [١٣‬معنى البيع »دون القيمة« هو تحقيق فائض قايمة أقال‪ ،‬أو بعبممارة أخممرى‪:‬‬
‫لدى الرأسمالي مال أقال‪ .‬تراكم رأسا المال الخاص به يبدأ بممالثبط فممي أقاممل‬
‫الحوال‪ ،‬إن لم ينقطع بالمرة‪.‬‬
‫]‪ [١٤‬باستخدام صياغة مماركس‪ ،‬حيممث »ف« همي فمائض القيمممة و»ث« همي‬
‫رأسا المال الثابت‪ ،‬وأمما »م« فهمي رأسا الممال المتغيمر‪ ،‬وبهممذا فمإن معمدل‬
‫الربح هو ف‪)/‬ث‪+‬م(‪ .‬إن زأادت »ث« بينما »ف« ظلت مسممتقرة‪ ،‬سممينخفض‬
‫معدل الربح‪ .‬يستجيب الرأسمالي بالقيام بكل ما هممو ممكممن لزيممادة »ف« أو‬
‫إنقاص تكلفة »م«‪.‬‬
‫]‪ [١٥‬يناقاش ماركس الظروف المعارضة في الفصل الرابع عشر من المجلممد‬
‫الثمممالث لمممم »رأسا الممممال«‪ ،‬وبإيجمممازأ فمممي الفصمممل الخمممامس عشمممر ممممن‬
‫»الغروندريسة«‪ ،‬حيث يسرد بعض العوامل الضافية‪» :‬إن هبوط معدل الربح‬
‫يمكن تأخيره أكثر بإلغاء القاتطاع الحالي من الربممح‪ ،‬مثل بتخفيممض الضممرائب‪،‬‬
‫وتخفيض الدخل العقاري وهلم جرا…فهذه المور ذاتها لهي أجزاء مممن الربممح‬
‫بمسمى آخر‪ ،‬ويستحوذ عليها أناسا غير الرأسماليين أنفسهم ]وهممم الدولمة أو‬
‫ملك العقارات[‪ .‬إن انخفاض ]معدل الربح[‪ ،‬بالمثل‪ ،‬يؤخره خلممق أفممرع إنتمماج‬
‫جديدة تزيد فيها الحاجة للعمل المباشر عن الحاجممة لممرأسا المممال«‪ .‬وهنالممك‬
‫ظروف معارضة أخرى‪ ،‬يناقاشها ماركس فمي أمماكن أخمرى‪ ،‬تتضممن الجيمش‬
‫وغيره من النفاق »المهمدر«‪ .‬إن أمكمن الدولمة حمرف مس ار السمتثمار إلمى‬
‫مناطق ل تنتج سلعا رأسمالية أكثر )»القسم الول« و»القسممم الثمماني« لممدى‬
‫ماركس(‪ ،‬يمكنها بذلك كبح معدل نمو التركيب العضوي لرأسا المال‪.‬‬
‫]‪ [١٦‬كممما وصممفها ممماركس‪» :‬إن التضمماؤل الممدوري فممي قايمممة رأسا المممال‬
‫الموجود‪ ،‬وهو وسيلة ملزأمممة لنمممط النتمماج الرأسمممالي‪ ،‬تكبممح هبمموط معممدل‬
‫الربح وتعجل مراكمة القيمة‪-‬رأسمال ممن خلل تكمموين رأسمممال جديمد‪ ،‬يخمل‬
‫بالعلقاات المتكونمة المتي تجمري فمي إطارهما عمليمة التمداول وعمليمة تجديمد‬
‫النتاج‪ ،‬ويقترن‪ ،‬لذلك‪ ،‬بتوقافات فجائية وأزأمات في عملية النتاج«‪.‬‬
‫]‪ [١٧‬تذكر أن السهم هممو مجممرد شممهادة تممبين أن المسمماهم يملممك نسممبة ممن‬
‫شركة محددة‪ ،‬وبالتالي له حممق فممي نسممبة مممن أرباحهمما‪ .‬وبهممذا قاممد تممدفع ‪10‬‬
‫دولرات مقابل سممهم يمنحممك ملكيممة ‪ 10‬بالمئممة مممن شممركة ممما‪ ،‬فممإن كممانت‬
‫أرباحها ‪ 100‬دولر في العام المقبل‪ ،‬فمسممتحقاتك هممي ‪ 10‬دولر‪ ،‬وسممتعوض‬
‫عما دفعت مباشرة‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬لممدى سممهمك »نسممبة أربمماحا إلممى السممعر«‬
‫جيدة‪ ،‬وهي ‪=$10/$10‬مم ‪) 1‬كلما قالت نسبة الرباحا إلى الس عر‪ ،‬كلمما كمانت‬
‫أفضل(‪ .‬ولكن مع مضاربة مستفحلة‪ ،‬يمكن لنسبة الرباحا إلى السعر أن تصل‬
‫إلى المئات )بعبارة أخرى‪ ،‬سيلزمك مئات السنين لتعويض المال المنفق على‬
‫شراء السهم‪ ،‬نظرا للرباحا الحالية(‪ .‬في هذه الحالة‪ ،‬ل تشممترى السممهم مممن‬
‫أجل الرباحا المستقبلية‪ ،‬إنما بغرض محاولممة بيعهمما لشممخص آخممر ليممس إل )أو‬
‫أحيانا‪ ،‬بالمراهنة بأن الرباحا المستقبلية سترتفع بشكل عال(‪.‬‬
‫]‪ [١٨‬يناقاش ماركس بإسهاب أكثر بعض مسممببات نجمماة »السممماك الكممبيرة«‬
‫الرأسمالية وعدم نجاة »السماك الصغيرة«‪ .‬لحظ أنه حتى لو انخفض معدل‬
‫الربح‪ ،‬طالما يمكن للرأسماليين الكبمار توسميع اسمتثماراتهم بصمورة معتمبرة‪،‬‬
‫يمكن لهم البقاء على كميممة الربممح الجمممالي ذاتهمما‪ .‬فكممما أشممرنا سممابقا‪ ،‬إن‬
‫حققوا ربحا قادره ‪ 10‬بالمئة على مليون دولر مستثمرة‪ ،‬وربح قادره ‪ 8‬بالمئممة‬
‫فقط على مليوني دولر مستثمرة‪ ،‬سيظلون متقممدمين علممى البقيممة بمسممافة‬
‫طويلة‪ .‬وكما يشير ماركس في »رأسا الممال«‪» :‬رأسممال كمبير بمعمدل ربمح‬
‫صغير يراكم أسرع من رأسا مال صغير بمعدل ربح كبير«‪ .‬يظل الرأسمالي ون‬
‫الكبار يملكون كتلة ربح متنامية للدخول في استثمارات أكبر فممأكبر فممي رأسا‬
‫المال الثابت ورأسا المال المتغير‪ .‬ل يملك الرأسماليون الصغر اليسممر الممذي‬
‫يتيح لهم التوسع بوتيرة مكافئة‪ .‬استثمرت »جنيرال إلكتريك«‪ ،‬مثلا‪ ،‬اسممتثمارا‬
‫معتبرا لتأسيس شبكة سلسلة توريد إلكترونية لمورديها المئممة ألممف‪ .‬ل يملممك‬
‫العديد من منافسي »جنيرال إلكتريك« كتلة الربمح للمباشمرة )أو المخماطرة(‬
‫بمثممل هممذا السممتثمار‪ ،‬وبالتممالي يتممأخرون‪» ،‬بممل إن المعاينممة الكممثر سممطحية‬
‫للمنافسة«‪ ،‬كما يشير ماركس‪» ،‬تبين علوة على ذلممك أنممه إذا أراد رأسمممالي‬
‫أكبر‪ ،‬في ظل ظروف معينة‪ ،‬أثناء الزأمممة‪ ،‬مثلا‪ ،‬أن يحتممل لنفسممه مكانمما أكممبر‬
‫في السوق وأن يزيح رأسماليين أصغر منه‪ ،‬فإنه…يخفض معدل ربحه بصورة‬
‫متعمدة‪ ،‬لقاصاء الرأسممماليين الصممغار مممن الميممدان…فممالتعويض عممن هبمموط‬
‫معممدل الربممح بزيممادة فممي كتلممة الربممح ل يتسممم بأهميممة فعليممة إل…بالنسممبة‬
‫للرأسماليين الكبار الذين يملكون مشاريع قاائمة‪ .‬ول يجد رأسا المال…الجديد‬
‫الناشط بصورة مستقلة‪ ،‬أية شروط جاهزة مسبقا لمثل هذا التعويض«‪.‬‬
‫]‪ [١٩‬يشير ماركس إلى أنه‪ ،‬بسبب موقاعهم الحتكمماري‪ ،‬وبسممبب تمكممن كتلممة‬
‫ربحهم من النمو حتى مممع معممدل ربممح منخفممض‪ ،‬تخسممر وحممدات رأسا المممال‬
‫الكبيرة الندفاع نحو البداع‪» :‬ولو غدا تكوين رأسا المال من نصيب قالممة مممن‬
‫رؤوسا الموال الكبيرة وحسب‪ ،‬وهممي الممتي تتفمموق عنممدها كتلممة الربممح علممى‬
‫معدله‪ ،‬لخبت النار التي تغذي النتاج ولهجع هذا النتاج في سممبات«‪ .‬ولكنهممم‪،‬‬
‫كما أشرنا سالفا‪ ،‬يحافظون علممى أفضمملية مقابممل منافسمميهم الصممغر‪ ،‬الممذين‬
‫كثيرا ما يكونون أكثر فعالية‪.‬‬
https://ma-
alamal.com/2017/01/05/%d9%86%d8%b8%d8%b1%d9%8a
%d8%a9-%d9%85%d8%a7%d8%b1%d9%83%d8%b3-
%d9%84%d9%84%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a7%d8%a
a-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa
/%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9

‫مصدر‬
http://isreview.org/issues/32/crisis_theory.shtml

You might also like