You are on page 1of 94

‫قراءة في‬

‫عقيدة‬
‫الشيعة‬
‫المامية‬
‫إعداد‬
‫فؤاد بن عبد العزيز‬
‫الشلهوب‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫(مقدمة)‬
‫إن الحمممد ل نحمده ونسممتعينه ونسممتغفره ونتوب إليممه‪ ،‬ونعوذ بال مممن شرور‬
‫أنفسممنا وسممئيات أعمالنمما‪ ،‬مممن يهده ال فل مضممل له‪ ،‬ومممن يضلل فل هادي له‪،‬‬
‫وأشهمد أن ل إله إل ال وحده ل شريمك له‪ ،‬وأشهمد أن محمداً عبده ورسموله‪،‬صملى‬
‫ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وبعممد‪ :‬فأضممع بيممن يدي القارئ الكريممم بعض ًا مممن المسممائل التممي تتعلق بالمعتقممد‬
‫الشيعممي (الرافضممي)‪ ،‬حاولت فيهمما أن أُجلي الصممورة عممن خفايمما هذا المعتقممد‪ ،‬أو‬
‫أصحح بعض الفكار تجاه هذا المعتقد الذي جرّ على المة ويلت ومحن ! ‪.‬‬
‫ولقد دعاني إلى كتابة تلك المسائل هو جهل كثير من أهل السنة بحقيقة المعتقد‪ ،‬بل‬
‫وحتمى كثيمر ممن عوام الشيعمة يجهلون حقيقمة مذهبهمم ! ‪ .‬ويتردد على ألسمنة كثيمر‬
‫ممممممممن الناس أن أولئك القوم يشهدون أن ل إله إل ال وأن محمدًا رسمممممممول ال ‪،‬‬
‫ويصملون معنما‪ ،‬ويصمومون ‪ ..‬إلخ ‪ ..‬ممن تلكمم العبارات ‪ .‬ولكن كثيمر ممن أهمل السمنة‬
‫ل يعلمون بحقيقممة عقيدة التقيممة التممي يحتمممي بهمما أولئك القوم ويتقربون بهمما إلى‬
‫مولهم ‪ ،‬ول يعلمون بالعقائد التي يخفونها ويتدينون بها ‪.‬‬
‫وسموف نأتمي فمي هذه الرسمالة على بعمض عقائد الشيعمة الماميمة الذي همو غالب مما‬
‫يعتقده الشيعة اليوم في معظم أجزاء المعمورة ‪.‬‬
‫بقممي أن أشيممر إلى أن مادة هذه الرسممالة مسممتقاة مممن كتاب السممنة النبويممة لشيممخ‬
‫السملم بمن تيميمة‪-‬رحممه ال‪ -‬وكتاب أصمول مذهمب الشيعمة الثنما عشريمة للشيمخ‬
‫ناصر القفاري –حفظه ال‪ -‬وهذا من باب رد الحق إلى أهله فجزاهما ال خيرا ‪.‬‬
‫فأسمأل مولنما الجليمل أن يعيننما على إكمال مابدأناه‪ ،‬إنمه ولي ذلك والقادر عليمه‪ ،‬فبمه‬
‫المستعان وعليه التكلن‪ ،‬وبال التوفيق ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -1‬مؤسس المذهب‪ ،‬وإنقسام الشيعة إلى ثلثة طوائف في مرحلة النشأة ‪.‬‬
‫تظافرت الروايات التمي ل تدع مجالً للشمك‪ ،‬بأن واضمع بذرة التشيمع الولى همو‬
‫عبمد ال بمن سمبأ اليهودي الديانمة ‪ .‬قدم ممن اليممن بغرض إفسماد ديمن المسملمين‪ ،‬كمما‬
‫أفسمد اليهود ديمن النصمارى عندمما دخمل (بولص) فمي النصمرانية وتسمنم المناصمب‬
‫العاليمة التمي مكنتمه ممن إدخال الضللت إلى ديمن النصمارى ‪ .‬وعبمد ال بمن سمبأ (ابمن‬
‫السوداء) هاله ما رأى من علو السلم والمسلمين‪ ،‬فأعلن إسلمه وأظهر الديانة‪،‬‬
‫ولكنه استبطن النفاق والكفر وأضمر الشر والكيد للسلم ‪.‬‬
‫فجاء إلى المدينممة زمممن عثمان بممن عفان –رضممي ال عنممه‪ -‬وكان هممو محرك‬
‫الناس على إمامهمم إذ ذاك عثمان بمن عفان –رضمي ال عنمه‪ -‬والذي على إثرهما قُتمل‬
‫شهيدًا –رضي ال عنه – وجمعنا بنبينا صلى ال عليه وسلم وبصحابته الكرام ‪.‬‬
‫ولمما تولى علي‪-‬رضمي ال عنمه‪ -‬إماممة المسملمين‪ ،‬وجمد ابمن السموداء أن هناك‬
‫جماعمة ممن الناس تتشيمع لعلي‪-‬رضمي ال عنمه – وأهمل بيتمه‪ ،‬وكانمت تلك تُعظمم علياً‬
‫وتحبمه لقربمه ممن رسمول ال صملى ال عليمه وسملم ‪ ،‬ولم تكمن تفضله على الشيخيمن‬
‫أبمي بكمر وعممر‪-‬رضمي ال عنهمما‪ ،-‬إل ممن ألحمد وغلى (انظمر منهاج السمنة لبمن‬
‫تيميممة ‪ .)7/391‬فاسممتفاد ابممن السمموداء مممن هذه المحبممة‪ ،‬فعمممل على تأجيجهمما فممي‬
‫النفوس‪ ،‬ووضعمت الحايمث فمي فضائل علي –رضمي ال عنمه‪ ، -‬التمي أوجدت نوعاً‬
‫مممن التعظيممم غيممر اللئق بمقام البشريممة والصممحبة‪ ،‬وكانممت تلك مهيئة للنفوس لممما‬
‫بعدها ‪ .‬ثم لما تمكن التعظيم الغالي من قلوب فريق من الشيعة‪ ،‬أظهر ابن السوداء‬
‫عبدال ابن سباً القول بإلهية علي –رضي ال عنه‪ ،-‬المر الذي أفقد أمير المؤمنين‬
‫–علي رضي ال عنه‪ -‬صوابه ! كيف يعبد من دون ال ؟ ! ‪ .‬فأمر بالخاديد وخدت‪،‬‬
‫وبالنار فأضرمت وأنشد ‪:‬‬
‫أججت ناري ودعوت قنبراً‬ ‫لما رأيت المر أمرًا منكراً‬
‫فكان كمل ممن ل يرجمع عمن مقولتمه النكراء تلك يرممي فمي النار ‪ .‬وقيمل إنمه كان‬
‫يقتلهمم ثمم يرميهمم فمي النار ‪ .‬ولكمن الثابمت أن ابمن عباس أنكمر عليمه طريقمة قتله ل‬
‫أصمل القتمل‪ ،‬فهمم مرتدون يجمب قتلهمم ‪ .‬قال ابمن عباس ‪ :‬لو كنمت أنما لقتلتهمم لقول‬
‫صملى ال عليمه وسملم ‪ ( :‬ممن بدل دينمه فاقتلوه ) ‪ .‬والعجمب يأخذك إذا علممت أنمه‬
‫وبعممد أن أمممر علي رضممي ال عنممه بإضرام النار ‪-‬وعقوبممة كممل مممن لم يرجممع عممن‬
‫مقالتممه تلك – قال أولئك المفتونون ‪ :‬ل يعذب بالنار إل رب النار !!‪ ،‬فتلعممب بهممم‬
‫الشيطان وأرداهم ‪.‬‬
‫وفائدة القول ‪:‬‬
‫أن طوائف الشيعة في زمن علي رضي ال عنه ثلث طوائف ‪:‬‬
‫الطائفة الولى ‪ :‬هم الذين زعموا أن علياً إلههم ‪ .‬وهؤلء لما علم بهم أحرق من‬
‫لم يرجع عن قوله ويتوب ‪.‬‬
‫الطائفمة الثانيمة ‪ :‬همم الذيمن كانوا يسمبون أبما بكمر وعممر (رضمي ال عنهمما) وهذا‬
‫يتمثل في ابن السوداء‪ ،‬وهذا لما طلبه علي بن أبي طالب هرب وترك المدينة ‪.‬‬
‫الطائفممة الثالثممة ‪ :‬هممم الذيممن يفضلونممه على أبممي بكممر وعمممر ‪ :‬وهؤلء رد عليهممم‬
‫مراراً‪ ،‬وقال على منمبر الكوفمة ‪ :‬خيمر هذه الممة بعمد نبيهما أبمو بكمر ثمم عممر ‪ .‬وكان‬

‫‪3‬‬
‫يقول‪ :‬ل أوتمى بأحمد يفضلنمي على أبمي بكمر وعممر إل جلدتمه حمد المفتري ‪( .‬انظمر‬
‫فتاوى ابن تيمية ‪)34-13/32‬‬
‫‪ -2‬تفريق السلف في التعامل بين الشيعة والخوارج ‪.‬‬
‫كان ظهور فرقتا الشيعة والخوارج متزامنا بعض الشيء‪ ،‬إل أن السلف فرقوا في‬
‫التعامل بين الفرقتين‪ ،‬والناظر في كتب التاريخ والحديث يرى أن وطأة السلف على‬
‫الخوارج أشد‪ ،‬وذلك لن السلف قاتلوا الخوارج ولم يقاتلوا الشيعة‪ ،‬ثم إنك تجد أن‬
‫المحدثين يجوزون النقل عن الخوارج ول يجوزونه عن الروافض ! ‪ .‬وقد يذهب‬
‫العقل كل مذهب ويحتار في موقف السلف من الفرقتين ‪.‬ولكن يزول عجبك وحيرتك‬
‫إذا علمت أن السلف فرقوا في علج كلتا الفرقتين لعتبارات وفروق بينهما ‪:‬‬
‫الفرق الول‪ :‬أن الخوارج أهل زهد وعبادة مريدون للحق‪ ،‬لكن أخطأوا وضلوا‬
‫السبيل‪ ،‬ولم يكن لهم قدوة في العلم واليمان يأخذون عنهم دينهم‪ ،‬فأولوا القرآن‬
‫وضلوا في ذلك ضل ًل مبيناً‪ ،‬فكان ذلك وبالً عليهم ‪ ،‬فكان من سوء تأويلهم أنهم‬
‫حكموا بالكفر على كثير من المسلمين بموجب تأويلهم الفاسد‪ ،‬فكانوا يقتلون أولد‬
‫المسلمين لما حكموا بكفر آبائهم ويرددون قول ال تعالى‪ { :‬وقال نوحٌ رب ل تذر‬
‫على الرض من الكافرين دياراً ‪ .‬إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ول يلدوا إل فاجراً‬
‫كفار } [نوح‪ ، ]27-26:‬وقتلوا خبيب بن عدي رضي ال عنه وبقروا بطن جاريته‬
‫ولم يروا بذلك بأساً‪ ،‬وكانوا يتحرجون الكل من مزارع أهل الكتاب ! ‪.‬‬
‫وأما الرافضة‪ :‬فأصل دينهم زندقة وخروج عن ملة السلم‪ ،‬وواضع دينهم يبتغي‬
‫الكيد للسلم والنيل منه‪ ،‬ولذا تجد في عقائدهم كثير من الخرافات المستمدة من‬
‫الفرس والمجوس والنصارى واليهود ‪ ،‬فهي عقائد مركبة –وسوف يأتي الكلم‬
‫على ذلك إن شاء ال ‪ .-‬ولذلك حكم كثير من علماء أهل السلم بإسلم الخوارج‪،‬‬
‫كقول علي رضي ال عنه فيهم لما سألوه ‪ :‬أكفار هم ؟ ‪ .‬فقال رضي ال عنه ‪ :‬من‬
‫الكفر فروا ‪ .‬وأما الروافض‪ ،‬فالغلة منهم ل شك في كفرهم ‪ ،‬وأما من دونهم فمن‬
‫جاء بناقض من نواقض السلم حُكم بكفره ‪ ،‬ومن لم يأتي بناقض فهو على البراءة‬
‫وهذا عزيزٌ الن فيهم ‪.‬‬
‫الفرق الثاني ‪ :‬أن الكذب في الرافضة كثير وهو مشهور عنهم ولذلك يقال‪ :‬أكذب‬
‫من رافضي ‪ .‬وأما الخوارج فغالبهم أهل زهد وعبادة ويتحرجون من الكذب لنه‬
‫كبيرة من كبائر الذنوب ‪ ،‬ومرتكب الكبيرة على أصل الخوارج مخلد في النار ! ‪.‬‬
‫ولذلك هم يتقون الكذب ويتحرزون من الوقوع فيه‪ ،‬ولذلك تجد بعض المحدثين‬
‫يجوز النقل عن الخوارج‪ ،‬كما أخرج البخاري لعمر بن عبيد وهو من رؤوس‬
‫الخوارج ‪ .‬ولم يخرج المحدثون من كان غالياً في التشيع‪ ،‬ولكنهم كانوا يروون‬
‫عمن فيه تشيع خفيف‪ ،‬وكانوا يدققون النظر في الروايات التي تقوي مذهبهم أو‬
‫تدعو إليه‪-‬وأنظر هذا مبسوطاً في كتب الجرح والتعديل ‪. -‬‬
‫الفرق الثالث‪ :‬أن من أصول الخوارج‪ ،‬الخروج على الئمة بالسيف‪ ،‬وهم يرون هذا‬
‫تدين ًا يدينون ال به‪ ،‬وأما الروافض فهم أجبن من ذلك‪ ،‬ويعللون ذلك بأنهم ل‬

‫‪4‬‬
‫يخرجون إل بعد عودة إمامهم فيصرونه ويقتلون (العامة) أي أهل السنة والجماعة‬
‫وينكلون بهم ‪.‬‬
‫ولذلك قاتل السلف الخوارج وقتلوهم‪ ،‬وذلك لنهم حملوا السيف على المسلمين‪،‬‬
‫ي رضي ال عنهم لما اعتزلوه‪ ،‬لم يمنعهم من الصلة ومخالطة إخوانهم‬ ‫وعل ٌ‬
‫المسلمين‪ ،‬حتى استباحوا الدم المعصوم وقتلوا خبيباً ‪ ،‬ولما طالبهم بمن قتله‪ ،‬أبوا‬
‫وقالوا‪ :‬كلنا قتله ! ‪ .‬فعندئذ قاتلهم علي رضي ال عنه ‪ .‬وله في هذا أصل وسلف ‪:‬‬
‫أما الصل ‪ :‬فهو إخبار المعصوم صلى ال عليه وسلم عنهم وبخروجهم ‪،‬‬
‫وتوعدهم صلى ال عليه وسلم بالقتل‪ ،‬وذكر أجر قاتهلم ‪.‬‬
‫وأما السلف ‪ :‬فإن عمر رضي ال عنه لما قُتل في اليمن رجل‪ ،‬وكان القاتلة عدد‬
‫من الرجال ‪ ،‬قتلهم عمر وقال ‪ :‬لو تمال عليه أهل صنعاء أو اليمن ‪[-‬الشك مني ]‪-‬‬
‫لقتلتهم به ‪ .‬أضف إلى ذلك أن علي ًا رضي ال عنه‪ ،‬خليفة راشد وله سنة متبعة ‪.‬‬
‫تلكم بعض الفروق بين الخوارج والرافضة ‪ ،‬والتي تبين كيف تعامل السلف مع كل‬
‫الفرقتين ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -3‬أكثر عقائد وعبادات الشيعة ملفقة من عقائد المم الكافرة‪.‬‬
‫أصل دين الشيعة وواضع بذورها هو عبد ال بن سبأ اليهودي الصل‪ ،‬تظاهر‬
‫بالسلم لفساده‪ ،‬كما أفسد بولص دين النصرانية ‪ .‬قال الشيخ ناصر القفاري‪-‬‬
‫حفظه ال‪ -‬ولهذا أشار القمي‪ ،‬والنوبختي‪ ،‬والكشي‪ ،‬وهم من شيوخ الشيعة‬
‫القدامى ‪ ..‬وذلك حين استعرضوا آراء ابن سبأ والتي أصبحت فيما بعد من أصول‬
‫الشيعة قالوا‪( :‬فمن هنا قال من خالف الشيعة‪ :‬إن أصل الروافض كان مأخوذا من‬
‫اليهودية ) [(انظر‪ :‬أصول مذهب المامية (‪ )1/82‬وفي الحاشية ذكر المصادر‪:‬‬
‫القمي‪ :‬المقالت والفرق ص ‪ ، 20‬والبوبختي ‪ :‬فرق الشيعة ص ‪ ،22‬رجال الكشي‬
‫ص ‪. ]) 108‬‬
‫وعلى هذا فل تعجب أخي إن رأيت كثيراً مما عليه الرافضة في معتقداتهم‬
‫وعباداتهم‪ ،‬قد جلبوه من أمم كافرة حرفت كتبها‪ ،‬وأشركت بربها‪ ،‬وضلت عن‬
‫الصراط المستقيم‪ ،‬أو من فرق خالفت نهج محمد صلى ال عليه وسلم وابتدعت في‬
‫دين ال ما لم يأذن به ‪ .‬وسوف نتعرض لمشابهة الشيعة للمم السابقة لترى كيف‬
‫ركبوا دينهم من أديان مختلفة ‪ .‬يقول شيخ السلم ابن تيمية في المنهاج (‪: )7/210‬‬
‫فالرافضة فيهم شبه من اليهود من وجه‪ ،‬وشبه من النصارى من وجه‪ .‬ففيهم شرك‬
‫وغلو وتصديق بالباطل كالنصارى‪ ،‬وفيهم جبن وكِبر وحسد وتكذيب بالحق كاليهود‬
‫‪.‬‬
‫‪-‬فالنصارى أدعوا بأن عيسى إلها فعبدوه من دون ال ‪ ،‬وكذا الشيعة ادعوا في‬
‫علي بن أبي طالب رضي ال عنه اللهية ‪ .‬وهم الن وإن كانوا ل يصرحون‬
‫بذلك‪ ،‬إل أنهم خلعوا عليه من الصفات والفعال‪ ،‬ما ليقدر عليها إل ال‪ ،‬كجلب‬
‫النفع‪ ،‬ودفع الضر‪ ،‬وإغاثة المستغيث‪ ،‬وإجابة الداعي ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫‪-‬وقالت اليهود ‪ :‬إن إلياس عليه السلم‪ ،‬وفنحاس بن عازار بن هارون عليه‬
‫السلم‪ ،‬أحياء إلى اليوم ‪( .‬انظر ‪ :‬أصول مذهب الشيعة للقفاري (‪ )1/83‬والفصل‬
‫لبن حزم ‪ ، )5/37 :‬والمجوسية تدعي أن لهم منتظراً حي ًا باقيًا مهدياً من ولد‬
‫بشتاف ابن بهراسف يقال له ‪ :‬أبشاوثن‪ ،‬وأنه في حصن عظيم من خراسان‬
‫والصين (أصول مذهب المامية‪ .)2/833:‬وكذلك الشيعة؛ فإن عبد ال بن سبأ لما‬
‫جاءه خبر موت علي بن أبي طالب كذبه وقال ‪ :‬لو أتيتمونا بدماغه في سبعين‬
‫صرة ما صدقنا موته‪ ،‬ول يموت حتى يمل الرض عدلً كما ملئت جوراً ‪ .‬وكذا‬
‫قولهم في محمد بن الحسن العسكري بأنه حي لم يمت‪ ،‬وسوف يخرج آخر‬
‫الزمان من سرداب سامراء ‪ ،‬يمل الرض عدلً كما ملئت جوراً‪( . ! ..‬وللفائدة‬
‫انظر‪ :‬أصول مذهب الشيعة المامية‪.])2/824( :‬‬
‫‪-‬وقالت اليهود ‪-‬أيضاً‪ -‬بالبداء‪ ،‬وهذا موجود في التوراة التي حرفها اليهود‪،‬‬
‫ونقلها ابن سبأ إلى الشيعة‪ ،‬والسبأية تقول بذلك ‪ .‬وعقيدة البداء من أصول‬
‫عقيدة الشيعة‪ ،‬وهم يعظمونها تعظيماً شديداً‪ ،‬فقالوا‪ ( :‬ما عبد ال بشيء مثل‬
‫البداء ) ‪ ( ،‬ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الجر ما فتروا عن الكلم‬
‫فيه ) ( أصول الكافي لبن بابويه ‪ )148 ،1/146 :‬انظر أصول مذهب المامية‬
‫‪ . )2/937‬والبداء معناه ‪ :‬الظهور بعد الخفاء‪ ،‬أو نشاة الرأي الجديد ‪ .‬وليضاح‬

‫‪6‬‬
‫ذلك يقال‪ :‬إن أئمة الروافض لما كان عندهم أن أئمتهم معصومون من الكذب‪،‬‬
‫أو الخبار بخلف الواقع‪ ،‬وكانوا يخبرون بالمغيبات ‪ .‬فإذا وقع المر خلف‬
‫قولهم لجأوا إلى عقيدة البداء ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬قد بدا لربكم كذا وكذا‪ ،‬أي أن ال ظهر‬
‫له أمر آخر جعله يغير حكمه أو خبره ‪ .‬وهذا القول منهم ضلل وكفر‪ ،‬لنه‬
‫ينسب الجهل إلى ال –تعالى عما يقولون علواً كبيرا ً ‪. -‬‬
‫‪-‬والفرس تدين بالملك ووراثة الحكم في البيت المالك‪ ،‬ول تقيم للشورى وانتخاب‬
‫الخليفة وزناً‪ ،‬وكذلك الشيعة فإنهم يعدون أبا بكر وعمر قد اغتصبا حق علي في‬
‫الخلفة‪ ،‬فهو من بيت النبوة (من آل البيت)‪ ،‬وهم دون ذلك ‪ .‬يقول محمد أبو‬
‫زهرة ‪ ( :‬إنا نعتقد أن الشيعة قد تأثروا بالفكار الفارسية حول الملك والوراثة‬
‫والتشابه بين مذهبهم ونظام الملك الفارسي واضح‪ ،‬ويزكي هذا أن أكثر أهل‬
‫فارس من الشيعة‪ ،‬وأن الشيعة الولين كانوا من فارس ) [تاريخ المذاهب‬
‫ل من أصول مذهب المامية للقفاري (‪.] )1/85‬‬ ‫السلمية ‪ )1/38( :‬نق ً‬
‫‪-‬والبوذية القديمة ‪ :‬تقول بتناسخ الرواح ‪ :‬وكذا قالت الكيسانية بتناسخ‬
‫الرواح‪ .‬قال ابن حزم ‪ ( :‬وبهذا كان يقول السيد الحميري الشاعر لعنه ال‪،‬‬
‫ويبلغ المر بمن ذهب إلى هذا أن يأخذ أحدهم البغل والحمار فيعذبه‪ ،‬ويضربه‪،‬‬
‫ويعطشه‪ ،‬ويجيعه‪ ،‬على أن روح أبي بكر وعمر رضي ال عنهما فيه ‪[ .‬أي ‪:‬‬
‫حلت فيه ] !! (انظر‪ :‬الفصل ‪ ، ] )116-3/115 :‬وقال أحمد أمين ‪( :‬وتحت التشيع‬
‫ظهر القول بتناسخ الرواح‪ ،‬وتجسيم ال‪ ،‬والحلول‪ ،‬ونحو ذلك من القوال التي‬
‫كانت معروفة عند البراهمة والفلسفة والمجوس قبل السلم) (انظر‪ :‬فجر‬
‫السلم ‪ . )277 :‬وبعد فإن الكلم حول هذا يطول ولكن نختم بكلم المحدث ‪:‬‬
‫عامر الشعبي‪-‬رحمه ال ‪ -‬فيهم‪ ،‬وهو قبل كان رأساً من رؤوسهم‪ ،‬ولكنه آثر‬
‫الحق على الهوى‪ ،‬فهُدي إلى السنة ‪ .‬قال يخاطب مالك ابن مغول ‪ ... ( :‬يا مالك‬
‫إن محنتهم محنة اليهود ‪ .‬قالت اليهود‪ :‬ل يصلح الملك إل في آل داود‪ ،‬وكذلك‬
‫قالت الرافضة ‪ :‬ل تصلح المامة ال في ولد علي ‪ .‬وقالت اليهود‪ :‬ل جهاد في‬
‫سبيل ال حتى يبعث ال المسيح الدجال وينزل سيف من السماء‪ ،‬وكذلك قال‬
‫الرافضة قالوا‪ :‬ل جهاد في سبيل ال حتى يخرج الرضا من آل محمد وينادي‬
‫مناد من السماء‪ :‬اتبعوه ‪ .....‬واليهود عادوا جبريل فقالوا‪ :‬هو عدونا ‪ ،‬وكذلك‬
‫الرافضة قالوا‪ :‬أخطأ جبريل بالوحي ‪ .‬واليهود يستحلون أموال الناس‪ ...‬وكذلك‬
‫الرافضة يستحلون مال كل مسلم ‪.. .‬إلخ ) (انظر منهاج السنة ل بن تيمية ‪-1/29‬‬
‫‪ 33‬بتصرف ) ‪.‬‬

‫‪ -4‬الشيعة كانوا سباقين إلى كل شر ! ‪.‬‬


‫انتهينا قريبا من تقرير أن عقيدة الشيعة جُمعت من ديانات شتى‪ ،‬فاجتمع فيها كل‬
‫شر‪ ،..‬وسوف نعرض الن لسبقهم غيرهم في إحداث البدع والشركيات ‪.‬‬
‫‪-‬فأول من قال بإن ال جسم هو هشام بن الحكم الرافضي‪ ،‬ونقل ابن تيمية عن‬
‫الجاحظ قوله‪ :‬ليس على ظهرها رافضي إل ويزعم أن ربه مثله ! ‪( .‬انظر‬

‫‪7‬‬
‫منهاج السنة النبوية ‪ . )73-1/72 :‬ومن المعلوم من دين المسلمين‪ ،‬وعليه أهل‬
‫السنة والجماعة أن ال ليس كمثله شيء ‪.‬‬
‫‪-‬وأول من فتح باب تحريفات الملحدة الباطنية في كلم ال وكلم رسوله صلى‬
‫ال عليه وسلم هم الجهمية والشيعة ‪ .‬قالوا في قوله تعالى ‪( :‬والشجرة‬
‫الملعونة في القرآن ) هم بنو أمية ‪ .‬وقالوا إن البقرة المأمور بذبحها ‪ :‬هي‬
‫عائشة رضي ال عنها ‪ .‬وقالوا المراد باللؤلؤ والمرجان ‪ :‬هما الحسن‬
‫والحسين ‪( .‬انظر فتاوى ابن تيمية ‪. )5/550 :‬‬
‫‪-‬أول من أظهر دعوى النبوة من المنتسبين إلى السلم المختار بن عبيد وكان‬
‫من الشيعة وقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪( :‬سيكون في ثقيف كذاب‬
‫ومبير ) فأما الكذاب فهو المختار‪ ،‬وأما المبير فهو الحجاج ‪ .‬قاله ابن تيمية في‬
‫المنهاج‪. )3/459 ( :‬‬
‫‪-‬وأول من أحدث المشاهد هم القرامطة العبيدية القداحية ‪ ،‬وذلك عندما ضعفت‬
‫خلفة بني العباس‪ ،‬وتسلطت على الحكم في مصر‪ ،‬فنشرت بدع الشيعة من‬
‫إقامة المشاهد‪ ،‬وإقامة شعار الرفض في يوم عاشوراء وغير ذلك ‪( .‬انظر‬
‫فتاوى ابن تيمية ‪ )27/466 :‬والدرسات التاريخية لثار القبور أثبتت رجوع أوائل‬
‫تلك المشاهد إلى هذه الفترة ‪ ( .‬انظر كتاب‪ :‬دمعة على التوحيد حقيقة القبورية‬
‫وآثارها في واقع المة ص ‪ 17‬ومابعدها ) ‪.‬‬
‫‪-‬وأول من أحدث النوح والحزن والصراخ واللطم في يوم عاشوراء هم الشيعة ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ :‬وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي ال عنه‬
‫يُحدث للناس بدعتين ‪ :‬بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء‪ ،‬من اللطم والصراخ‬
‫والبكاء والعطش وإنشاد المراثي‪ ،‬وما يُفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنهم‪،‬‬
‫وإدخال من ل ذنب له مع ذووي الذنوب‪ ،‬حتى يُسب السابقون الولون‪ ،‬وتُقرأ‬
‫أخبار مصرعه التي كثير منها كذب‪ ،‬وكان قصد من سنّ ذلك فتح باب الفتنة‬
‫والفرقة بين المة؛ فإن هذا ليس واجبا ول مستحبا باتفاق المسلمين‪ ،‬بل إحداث‬
‫الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه ال ورسوله ‪ ( ..‬منهاج‬
‫السنة النبوية ‪. )4/554 :‬‬

‫‪ -5‬دين الشيعة مبني على الضللت والجهل ‪ ،‬ل على العلم الصحيح المؤصل ! ‪.‬‬
‫الشيعة ليس لهم طريق علمي صحيح يقيمون به دينهم‪ ،‬بل هي ضللت‪،‬‬
‫وجهالت‪ ،‬وأكاذيب يروجون بها على عوامهم‪ ،‬لشدهم وربطهم بدينهم ‪.‬‬
‫وسوف نستعرض بعض المور والتي بها يتبين لنا فساد دينهم وخراب عقائدهم ‪.‬‬
‫‪ -1‬بطلن أدلتهم ‪ :‬وهي ل تخلو من نقل كاذب وهذا كثير في أخبارهم وكتبهم ‪ ،‬أو‬
‫نقل صحيح ولكنه دللة مجملة مشبهة ل تقاوم الدلة المحكمة‪ ،‬أو قياس فاسد لعدم‬
‫تحقق شروط القياس أو لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة ‪( .‬انظر منهاج‬
‫السنة ‪. )7/419 :‬‬
‫‪-2‬جهلهم الشديد بدين السلم ‪ :‬ومن تأمل كتبهم‪ ،‬تبين له خفة عقولهم وسماجتها ‪.‬‬
‫وإليك أمثلة ‪ :‬منها ‪ :‬نتف النعجة يريدون بذلك النيل من عائشة أم المؤمنين رضي‬

‫‪8‬‬
‫ال عنها‪ ،‬ومنها‪ :‬شق جوف الكبش كأنهم يشقون جوف عمر بن الخطاب رضي‬
‫ال عنه‪ ،‬ومنها ‪ :‬كراهيتهم للفظ العشرة‪ ،‬وتفضيلهم للفظ التسعة ‪ .‬مع أن القرآن‬
‫ذكر لفظ العشرة في مواضع كقوله تعالى ‪{ :‬والفجر وليال عشر } وقوله تعالى ‪:‬‬
‫{وأتممناها بعشر } ‪ .‬وأما لفظ التسعة فجاءت في معرض الذم كقوله تعالى ‪{ :‬وكان‬
‫في المدينة تسعة رهط يفسدون في الرض ول يصلحون} ‪( .‬انظر المنهاج ‪-7/416‬‬
‫‪، )417‬ومنها ‪ :‬ضربهم لصدورهم وجباههم في يوم عاشوراء تكفيراً عن تركهم‬
‫لنصرة الحسين حتى قُتل ! ‪ .‬ولو تأملوا قليلً وفكروا لبان لهم جهلهم وضللهم من‬
‫ناحيتين‪ ،‬الولى‪ :‬أن الحسين رضي ال عنه قتل شهيداً‪ ،‬والنبي صلى ال عليه‬
‫وسلم أخبر أنه من أهل الجنة‪ ،‬فما الداعي الن إلى ضرب الصدور وشق الجيوب‬
‫وإسالة الدماء مع أنه رضي ال عنه يتنعم الن ‪ .‬و الثانية ‪ :‬أن القوم الذين‬
‫يعذبون أنفسهم الن‪ ،‬لم يتخاذلوا عن نصرة الحسين‪ ،‬فلم يؤخذون بجريرة غيرهم‪،‬‬
‫وال سبحانه يقول‪{ :‬ول تزر وازرة وزر أخرى }‪ ،‬فكان الولى بهذا [ليس هذا من‬
‫باب القرار ولكن من باب بيان الولوية ] أولئك القوم الذين تخلوا عن نصرة‬
‫الحسين وتقاعسوا عن القتال معه ‪.‬‬
‫‪-3‬أحاديثهم التي يروونها أكثرها كذب وليس لها إسناد ‪ :‬وإن وجدت فهي إما‬
‫منقطعة تنتهي إلى أئمتهم‪ ،‬أو رواتها مجاهيل ل يعرفون وهذا الغالب عليها ‪.‬‬
‫والكذب ظاهر في رواتهم ولذا منع كثير من المحدثين الرواية عنهم لما عهدوا‬
‫منهم الكذب وعدم توقيه‪ ،‬وفي مقابل ذلك قبلوا من بعض الخوارج روايتهم لما رأوا‬
‫فيهم الصدق وتحريه ‪ .‬ويكفي في بيان وهن رواياتهم وجهالة رجالها أن تعلم أن‬
‫أول كتاب ظهر للشيعة هو كتاب سليم بن قيس الهللي رواه عن ابان بن عياش‬
‫(انظر الفهرست لبن النديم ‪ ، )322-321‬قال الشيخ القفاري –حفظه ال‪( : -‬وقد أكثر‬
‫الشيعة من مدحه وتوثيقه والثناء على كتابه‪ ،‬رغم أنني لم أجد لمؤلفه ذكراً فيما‬
‫رجعت إليه من مصادر‪ ،‬ولو صدق بعض ما تذكره الشيعة فيه لكان شيئاً مذكوراً‪،‬‬
‫ولكنه لم يذكر إل في كتب الشعية وحدها‪ ،‬بل إن من متقدمي الشيعة من قال ‪ (( :‬إن‬
‫سليماً ل يعرف ول ذكر في خبره )) ‪ .‬وإن كان هذا ليس بمرضي عند متأخري‬
‫الشيعة ‪ .‬ورغم أن الكتاب يحمل أخطر آراء السبئية وهو تأليه علي ووصفه‬
‫بأوصاف ل يوصف بها إل رب العالمين‪[ .‬أصول مذهب الشيعة المامية‪-1/221 :‬‬
‫‪ .]222‬وقد حمل بعض الشيعة على هذا الكتاب وبينوا أنه موضوع‪ ،‬ل لنه يحمل تلك‬
‫الراء؛ بل لجل أنه يقرر أن الئمة ثلثة عشر ! ‪ .‬فلجل ذا حملوا عليه‪ ،‬وكما قال‬
‫الشيخ القفاري‪ :‬ولقد كفونا مؤنة ذلك ) ‪ .‬وإذا تبين أن هذا الكتاب موضوع‬
‫ومصنوع‪ ،‬فإن كتاب (بصائر الدرجات في علوم آل محمد وما خصهم ال به )‬
‫لمؤلفه أبو جعفر القمي محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي (ت ‪ )290‬قد يكون‬
‫أول كتبهم حيث حوى مجموعة من أحاديثهم (انظر أصول مذهب الشيعة المامية‬
‫‪ ،)1/352‬وبالنظر إلى تاريخ وفاة القمي هذا يتبين الفاصل الزمني بينه وبين عصر‬
‫الرسالة الذي يوحي لنا استحالة اتصال أسانيدهم إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪-4‬والشيعة تعمد إلى المور المتواترة فتنكرها‪ ،‬وإلى المور المعدومة فتثبتها ‪:‬‬
‫وذلك أن هناك من الحداث التي علمها القاصي والداني‪ ،‬والتي يستحيل أن يتواطأ‬
‫العدد الكثير من الناس على الكذب‪ ،‬كحادثة الجمل وصفين‪ ،‬وظهور مسيلمة‬
‫الكذاب‪ ،‬والسود العنسي‪ ،‬وغيرها من المور المعلومة والتي تواتر النقل بها جيلً‬
‫عن جيل‪ ،‬وامتلت بها كتب التاريخ والسير ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫ولكن الشيعة لشدة كذبهم وتعنتهم ينكرون بعض هذه المور التي تواتر النقل بها‬
‫وأصبحت معلومة لدى الصغير والكبير‪ ،‬ثم إنهم لم يكتفوا بذلك‪ ،‬بل أثبتوا أموراً‬
‫يعلم بطلنها وكذبها ‪ .‬فمن ذلك ‪ :‬أن الشيعة تنكر أن مسيلمة الكذاب ادعى النبوة‬
‫وأن المسلمين قاتلوه على ذلك ‪ .‬وأنكر بعضهم أن يكون أبو بكر وعمر قد دفنا‬
‫بجانب رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬ومنها‪ :‬أنهم يدعون أن أبا بكر وعمر‬
‫رضي ال عنهما ارتدوا عن السلم ‪ ...‬إلخ (انظر‪ :‬مناج السنة ‪.)4/492‬‬
‫‪ -5‬الشيعة تجعل المامة أهم مطالب الدين وأشرف مسائل المسلمين ‪ :‬قال شيخ‬
‫السلم ابن تيمية ‪ :‬وهذا كذب بإجماع المسلمين سنيهم وشيعيهم؛ بل هذا كفر ‪.‬‬
‫(المنهاج‪ .)1/75 :‬ويكفي في بطلنه أن أركان السلم خمسة ‪ ،‬وأصول اليمان أو‬
‫أركانه ستة‪ ،‬وليس من بينها ذكر المامة ! ‪ .‬وهم إنما ذكروا ذلك لتعظيم بدعتهم‬
‫التي انتحلوها في الئمة ‪.‬‬
‫‪ -6‬إدعاء الشيعة للعلم المكتوم ‪ :‬وأن ذلك مما خُص به أهل البيت‪ ،‬ولهذا انتسبت‬
‫إليهم الباطنية والقرامطة ‪ .‬فهم يدعون أن عندهم من الحقائق والسرار اللهية ما‬
‫ليس عندهم‪ ،‬وهم يدعون أنهم أخذوها من أهل البيت‪ ،‬وهم كاذبون فيما ادعوه ‪.‬‬
‫وقد كان هذا يحدث في زمن علي رضي ال عنه‪ ،‬فقد كان يدعي ناس من الشيعة‬
‫بأن علياً اختصهم بعلم‪ ،‬فإذا سأل أصحاب علي؛ علياً عن ذلك نفى ذلك وبينه للناس‬
‫‪ .‬فعن أبي جحيفة قال‪ ( :‬سألت علي ًا ‪ :‬هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال‪ :‬ل ‪،‬‬
‫والذي فلق الحبة وبرأ النسمة‪ ،‬ما عندنا إل ما في القرآن ‪ ،‬إل فهما يعطيه ال‬
‫الرجل في كتابه ‪ ...‬الحديث ) والحديث مخرج في البخاري ‪ .‬وسؤال أبي ححيفة‬
‫لعلي إنما كان بعد أن أشيع أن آل البيت اختصوا بعلم ل يعلمه غيرهم‪ ،‬فأراد معرفة‬
‫حقيقة ذلك‪ ،‬فنفى علي رضي ال عنه ذلك المر ‪.‬‬

‫‪ -6‬تعمد المخالفة من عقيدة الشيعة ! ‪.‬‬


‫دين الشيعة قائم على المخالفة؛ مخالفة إجماع المسلمين‪ ،‬بل ومخالفة أهل البيت‬
‫الذي يعظمونه ! ‪ ،‬وما ذاك إل غلتهم وأئمتهم أوغلوا في الحقد والكبر والعناد‪،‬‬
‫وإمعانا في الضلل جعلوا مخالفة جماعة المسلمين من دينهم ومن عقيدتهم ‪.‬‬
‫والجتماع ولزوم الجماعة أمرٌ مطلوب من المشرع وهو ال جل في عله‪ ،‬قال‬
‫تعالى ‪{ :‬ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين‬
‫نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ‪ .‬وسبيل المؤمنين‪ :‬هو ما أجمعوا‬
‫عليه واتفقوا عليه ‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪( :‬ل تزال طائفة من أمتي قائمة‬
‫بأمر ال ل يضرهم من خذلهم ول من خالفهم حتى يأتي أمر ال وهو ظاهرون على‬

‫‪10‬‬
‫الناس ) [رواه مسلم ] ‪ .‬وفي الحديث المشهور إن هذه المة‪ ( :‬ل تجتمع على‬
‫ضللة ) ‪.‬‬
‫ولكن أبى الشيعة إل مخالفة الحق والركون إلى الباطل حسداً وبغياً وعدواناً‬
‫وإمعاناً في الضلل ‪.‬‬
‫ففي أصول الكافي سؤال لحد أئمتهم يقول‪ :‬إذا ( ‪ ...‬وجدنا أحد الخبرين موافقاً‬
‫للعامة (يعني أهل السنة) والخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ ؟ ‪ .‬فقال‪ :‬ما خالف‬
‫العامة ففيه الرشاد‪ ،‬فقلت (القائل هو الراوي ) ‪ :‬جعلت فداك ‪ ،‬فإن وافقهما‬
‫الخبران جميعاً ؟ قال ‪ :‬ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ‬
‫بالخر ! ‪ ،‬فقلت‪ :‬فإن وافق حكامهم الخبران جميعاً ؟ قال‪ :‬إذا كان ذلك فارجئه حتى‬
‫تلقى إمامك‪ ،‬فإن الوقوف عند الشبهات خير من القتحام في الهلكات ! ) [ الكليني ‪/‬‬
‫أصول الكافي ‪ ،68-1/67 :‬ابن بابويه القمي‪ /‬من ل يحضره الفقيه ‪( 3/5 :‬نقلً من‬
‫عقيدة الشيعية المامية ‪. ] )1/413‬‬
‫وذكر ثقتهم الكليني أن من وجوه التمييز عند اختلف رواياتهم قول إمامهم‪:‬‬
‫( دعوا ما وافق القوم [أي أهل السنة والجماعة] فإن الرشد في خلفهم ) ‪ ،‬وقال‬
‫أبو عبد ال –كما يفترون‪ ( -‬إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف‬
‫القوم ) [عقيدة الشيعية المامية للشيخ القفاري ‪. ] )1/414‬‬
‫وهم أي الشيعة ينطلقون في المخالفة من نصوص وآثار وضعت لهم من قبل‬
‫زنادقة –كما مر معنا‪-‬همها أن تعيش هذه الطائفة في الضلل المبين‪ ،‬وعمق تلك‬
‫الهوة علماء السوء والضلل ‪.‬‬
‫فيروون عن علي بن أسباط قال ‪ :‬قلت للرضا –رضي ال عنه‪ ( : -‬يحدث المر ل‬
‫أجد بداً من معرفته‪ ،‬وليس في البلد الذي أنا فيه أحد استفتيه من مواليك‪ ،‬قال‪ :‬ائت‬
‫فقيه البلد‪ ،‬فاستفته عن أمرك‪ ،‬فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلفه‪ ،‬فإن الحق فيه ! ) ‪.‬‬
‫وعلق الحر العاملي على ذلك في اليقاظ من الهجعة ص ‪ 70‬فقال‪ ( :‬ومن جملة‬
‫نعماء ال على هذه الطائفة المحقة أنه خلى بين الشيطان وبين علماء العامة [أي‬
‫علماء أهل السنة والجماعة]‪ ،‬فأضلهم في جميع المسائل النظرية حتى يكون الخذ‬
‫بخلفهم ضابطة لنا‪ ،‬ونظيره ما ورد في حق النساء شاوروهن وخالفوهن )‬
‫[عقيدة الشيعية المامية للشيخ القفاري ‪. ])1/415‬‬
‫ولذلك لم تنفرد الشيعة عن أهل السنة بصواب قط‪ ،‬فكل مخالفة لهل السنة‬
‫والجماعة فهم مخطئون فيه قطعاً‪ ،‬لن ال عصم هذه المة أن تجتمع على ضللة‬
‫(انظر منهاج السنة النبوية ‪.)3/409 ، 3/98‬‬
‫والشيعة خالفت أهل البيت في عامة الصول ‪ :‬يقول شيخ السلم ابن تيمية ‪:‬‬
‫( ولكن المامية تخالف أهل البيت في عامة أصولهم‪ ،‬فليس في أئمة أهل البيت مثل‬
‫علي بن الحسين‪ ،‬وأبي جعفر الباقر‪ ،‬وابنه جعفر بن محمد الصادق‪ ،‬من كان ينكر‬
‫الرؤية‪ ،‬أو يقول بخلق القرآن‪ ،‬أو ينكر القدر‪ ،‬أو يقول بالنص على علي‪ ،‬أو‬
‫بعصمة الئمة الثني عشر ‪ ،‬أو يسب أبا بكر وعمر ‪ .‬والمنقولت الثابتة المتواترة‬
‫عن هؤلء معروفة موجودة‪ ،‬وكانت مما يعتمد عليه أهل السنة ) [منهاج السنة‬
‫النبوية ‪. ]369-2/368 :‬‬

‫‪11‬‬
‫ومن مخالفة الشيعة ‪ :‬أنهم أعظم الناس مخالفة لولة أمور المسلمين‪ ،‬والخروج‬
‫عن طاعتهم‪ ،‬ول يدخلون في الطاعة إل كرهاً ‪[ .‬انظر المنهاج ‪.]1/111‬‬

‫‪ -7‬الشيعة عطلت المساجد وعظمت المشاهد ‪.‬‬


‫حذر النبي صلى ال عليه وسلم من تعظيم القبور وإتخاذها مصلى وعيداً‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫(اللهم ل تجعل قبري وثن ًا يعبد‪ ،‬اشتد غضب ال على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد) رواه مالك في موطأه ‪ .‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪( :‬لعن ال اليهود‬
‫والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما فعلوا ‪ .‬وقال ‪( :‬إن من كان قبلكم‬
‫كانوا يتخذون القبور مساجد‪ ،‬أل فل تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك )‬
‫رواه مسلم ‪ .‬والحاديث في هذا المعنى كثيرة ‪.‬‬
‫ولكن الشيعة أبت إل أن تعظم المشاهد‪ ،‬وتعطل المساجد ‪ .‬فهم يعكفون على القبور‬
‫ويطوفون بها‪ ،‬ويدعون أصحابها من دون ال ‪ ،‬ويلتمسون منهم البركة وجلب‬
‫النفع ودفع الضر ‪ ..‬ألخ ‪ .‬وفي المقابل ل يقيمون الجماعة ول الجمعة في‬
‫مساجدهم‪ ،‬وإن صلوا صلوا فرادى ‪( .‬انظر منهاج السنة النبوية ‪. )1/474 :‬‬
‫‪-‬فإن قلت ‪ :‬إن تعظيم المشاهد لم يختص به الشيعة وحدهم‪ ،‬بل من أهل السنة من‬
‫يعظم المشاهد ويطوف بها ويلتمس منها البركة‪ ،‬ويستغيث بأصحابها ‪ .. .‬إلخ ‪.‬‬
‫والجواب عن ذلك ‪ :‬أن الشرك الحاصل في أهل السنة من القبوريين ونحوهم‪ ،‬ل‬
‫تقره أصولهم وكتب السنة مملوة بالتحذير منه‪ ،‬وتجعل فاعل ذلك مشرك ًا بال‪،‬‬
‫حابط العمل ‪.‬‬
‫وأما شرك القبور لدى الشيعة‪ ،‬فأصولهم تؤيده‪ ،‬وكتبهم تحث عليه‪ ،‬ففيه أُلفت‬
‫الكتب والرسائل الكثيرة‪ ،‬وفيه وضعت الحاديث الكثيرة في تعظيم ذلك والرغبة إليه‬
‫–وسوف يأتي ذكر شيء من ذلك ‪. -‬‬
‫‪-‬والدلئل التاريخية ونتائج دراسات الثار‪ ،‬تقطع بأن منشأ المشاهد على القبور من‬
‫صنع دولة بني بويه لما ظهرت القرامطة بأرض المشرق والمغرب‪ ،‬وكان بها‬
‫زنادقة كفار مقصودهم تبديل دين السلم‪ ،‬فأحدثوا هذه المشاهد الشركية (انظر‬
‫كتاب‪ :‬دمعة على التوحيد ص ‪. )16‬‬
‫‪-‬وقد عمد غلة الشيعة إلى تغذية هذا الشرك‪ ،‬وإحاطة بهالة من التعظيم‬
‫والتقديس‪ ،‬فصنفت الكتب‪ ،‬والرسائل‪ ،‬والمناسك‪ ،‬والحاديث المكذوبة‪ ،‬حتى‬
‫ل من أصول دينهم ‪ .‬وإليك بيانه ‪:‬‬ ‫يتسم بصفة الشرعية ‪ .‬بل عدوه أص ً‬
‫‪-‬عقد المجلسي في كتابه بحار النوار[‪ ]11-101/1‬باباً بعنوان ‪( :‬باب أن زيارته‬
‫[يعني الحسين] واجبة مفترضة مأمور بها‪ ،‬وما ورد من الذم والتأنيب والتوعد‬
‫على تركها ) وذكر فيها (‪ )40‬حديثاً من أحاديثهم ‪( .‬انظر عقيدة الشعية المامية‬
‫للقفاري ‪ .)2/467‬وهذا أصل أصلوه من عندهم‪ ،‬فزائر الحسين مأجور‪ ،‬وتارك‬
‫زيارته مأزور متوعد بالعذاب والنكال ! ‪.‬‬
‫‪ ( -‬صنف شيخهم ابن النعمان المعروف عندهم بالمفيد وهو شيخ الموسوي‬
‫والطوسي‪ ،‬كتاب ًا سماه ((مناسك المشاهد )) جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج‬
‫الكعبة البيت الحرام ‪[ )...‬منهاج السنة النبوية ‪. ]1/476‬‬

‫‪12‬‬
‫‪-‬الحج إلى المشاهد أعظم عند الشيعة من الحج إلى بيت ال الحرام ‪ .‬قال شيخ‬
‫السلم ابن تيمية ‪( :‬حدثني الثقات أن فيهم من يرى الحج إلى المشاهد أعظم‬
‫من الحج إلى بيت ال العتيق‪ ،‬فيرون الشراك بال أعظم من عبادة ال وحده‪،‬‬
‫وهذا من أعظم اليمان بالطاغوت ) ‪[ ...‬قال الشيخ القفاري‪ ]:‬جاء في الكافي‬
‫وغيره‪( :‬أن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة‪ ،‬وأفضل من عشرين‬
‫عمرة ) ‪ .‬وحينما قال أحد الشيعة لمامه (إني حججت تسع عشرة حجة‪ ،‬وتسع‬
‫عشرة عمرة أجابه المام بأسلوب يشبه السخرية قائلً ‪ :‬حج حجة أخرى‪،‬‬
‫واعتمر عمرة أخرى‪ ،‬تكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السلم ) (أصول الشيعة‬
‫المامية ‪. )454-2/453 :‬‬
‫‪-‬زيارة كربلء يوم عرفة أفضل من سائر اليام ‪ .‬فمن أحاديثهم ‪( :‬من أتى قبر‬
‫الحسين عارفاً بحقه في غير يوم عيد كتب ال له عشرين حجة وعشرين عمرة‬
‫‪ .....‬قال ‪ :‬ومن أتاه يوم عرفة عارفاً بحقه كتب ال له ألف حجة وألف عمرة‬
‫مبرورات متقبلت ‪ ،‬وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ) [الكليني ‪ /‬فروع‬
‫الكليني ‪ ، 1/324‬وابن بابويه من ل يحضره الفقيه ‪ . 1/182 :‬انظر أصول الشيعة‬
‫المامية ‪ . ]2/460 :‬وفي حديث آخر قال ‪( :‬إن ال يبدأ بالنظر إلى زوار قبر‬
‫الحسين بن علي عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف (قال الراوي وكيف‬
‫ذلك ؟ ) قال أبو عبد ال –كما يزعمون‪ -‬لن في أولئك أولد زنا وليس في‬
‫هؤلء أولد زنا ) [الفيض للكاشاني‪ /‬الوافي‪ /‬المجلد الثاني‪ . 8/222 :‬انظر أصول‬
‫الشيعة المامية ‪]2/460‬وأولد الزنا عند الشيعة هم غير الشيعة من المسلمين ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ل اخالك ل تعرف السبب من وضع مثل هذه الحاديث‪ ،‬فمقصودهم واضح‬
‫جلي‪ ،‬وهو صرف الشيعة عن حج بيت ال الحرام‪ ،‬وزيادة في إيغالهم في‬
‫الشرك ! ‪.‬‬
‫‪-‬كربلء أفضل من الكعبة ‪ :‬قال علي بن الحسين –كما يفترون عليه – ( اتخذ ال‬
‫أرض كربلء حرم ًا آمن ًا مباركاً قبل أن يخلق ال أرض الكعبة‪ ،‬ويتخذها حرماً‬
‫بأربعة وعشرين ألف عام‪ ،‬وقدسها وبارك عليها ‪ ،‬فما زالت قبل خلق ال الخلق‬
‫المقدسة مباركة‪ ،‬ول تزال كذلك حتى يجعلها ال أفضل أرض في الجنة‪)...‬‬
‫[بحار النوار ‪ .101/107‬انظر أصول الشيعة المامية ‪ . ]464-2/463‬قلت ‪ :‬فيه‬
‫تكذيب لكتاب ال‪ ،‬ولرسوله صلى ال عليه وسلم ‪ .‬وفيه صرف الشيعة عن‬
‫قصد بيت ال الحرام والحج إليه أو العمرة ‪.‬‬
‫قاصمة ‪:‬‬
‫المام علي‪-‬رضي ال عنه‪ -‬تدعي الشيعة أنه مدفون بالنجف‪ ،‬وهذا كذب‪ ،‬بل‬
‫مات في الكوفة ودفن في قصر المارة بالكوفة ‪( .‬انظر البداية والنهاية ‪– 7/365‬‬
‫أحدث سنة أربعين من الهجرة )‬
‫والحسين‪-‬رضي ال عنه‪ -‬له ثلثة أضرحة؛ ضريحٌ في عسقلن‪ ،‬وضريحٌ في‬
‫القاهرة‪ ،‬وضريحٌ في النجف‪ ،‬وكلهم يدعون أن رأس الحسين موجودٌ عندهم ‪.‬‬
‫والصحيح من الدلة التاريخية أن الحسين لما قتل وقطعت رأسه أُرسل إلى المدينة‬

‫‪13‬‬
‫ودفن بها ‪(.‬انظر فتاوى ابن تيمية (‪ . )510-507‬ثم نحن نعلم يقيناً أن الحسين –‬
‫رضي ال عنه‪ -‬ليس له إل رأس واحد !‪.‬‬
‫‪ .‬انظر كتاب دمعة على التوحيد (حقيقة القبورية وأثرها في واقع المة) ص‬
‫‪ )37-25‬من إصدارات المنتدى السلمي ط‪1420.‬هم‬
‫‪ -8‬الشيعة توالي الكفار وتنصرهم‪ ،‬وتعادي المسلمين وتكفرهم ! ‪.‬‬
‫موالة الشيعة للكفار من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين ونصرهم على‬
‫المسلمين أمرٌ ظاهر‪ ،‬شهدت به كتب التاريخ‪ ،‬وقبل أن نسوق صوراً من موالتهم‬
‫للكفار ومعاداتهم للمسلمين‪ ،‬لعل سائل يقول‪ :‬كيف تنصر الشيعة الكفار على‬
‫المسلمين ؟ والجواب ‪ :‬أنهم ل يعدوننا مسلمين بل كفار ‪ .‬بل إن الصحابة عندهم‬
‫كفار إل ثلثة نفر ‪.‬‬
‫‪-‬فقد جاء في رجال الكشي ( ‪ ...‬عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال ‪ :‬كان الناس أهل الردة بعد النبي صلى ال عليه وسلم إل ثلثة ‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫ومن الثلثة ؟ فقال‪ :‬المقداد بن السود‪ ،‬وأبو ذر الغفاري‪ ،‬وسلمان الفارسي‪) ...‬‬
‫[رجال الكشي ‪ :‬ص ‪ ،6‬والكافي‪ ،‬كتاب الروضة ِ‪ -12/322 :‬انظر أصول مذهب الشيعة‬
‫المامية ‪ . ]2/719‬وأهل بيت النبي صلى ال عليه وسلم لم يسلم من التكفير –ولول‬
‫الطالة لسقت النصوص التي تدل على ذلك ولكن انظر ‪ :‬أصول مذهب المامية‬
‫للشيخ القفاري ‪ 2/734‬وما بعده ‪. -‬‬
‫‪-‬وهم يكفرون حكام المسلمين وخلفائهم ‪ :‬يقول المجلسي عن الخلفاء الراشدين في‬
‫بحار النوار ‪ ( : 4/385 :‬إنهم لم يكونوا إل غاصبين جائرين مرتدين عن الدين لعنة‬
‫ال عليهم على من اتبعهم في ظلم أهل البيت من الولين والخرين ) ‪ .‬وفي‬
‫الكافي ‪( :‬كل راية ترفع قبل راية القائم رضي ال عنه صاحبها طاغوت ) [انظر‬
‫أصول مذهب الشيعة المامية ‪.]2/738‬‬
‫‪ -‬وهم يحكمون على بلد المسلمين بأنها دار كفر ! ‪ .‬ففي أصول الكافي أنهم‬
‫يقولون‪( :‬أهل الشام شر من أهل الروم (يعني شر من النصارى) وأهل المدينة شر‬
‫من أهل مكة‪ ،‬وأهل مكة يكفرون بال جهرة ) [‪ . ]2/409‬وفي في بحار النوار ‪60/208‬‬
‫‪ ( :‬بئس أبناء مصر لعنوا على لسان داود عليه السلم‪ ،‬فجعل ال منهم القردة‬
‫والخنازير ‪ . ) ..‬ولم يستثنى من ذلك إل الكوفة !‪ ،‬فقد جاء في بحار النوار (‪)60/209‬‬
‫‪( :‬إن ال عرض ول يتنا على أهل المصار فلم يقبلها إل أهل الكوفة ) [انظر‬
‫أصول مذهب الشيعة المامية ‪.]741-2/739 :‬‬
‫وعلى هذا فإنه ل يستغرب أن تعين الشيعة الكفار على المسلمين متى وجدت إلى‬
‫ل ‪ .‬يقول شيخ السلم ابن تيمية ‪( :‬ولهذا يوالون أعداء الدين‪ ،‬الذين‬ ‫ذلك سبي ً‬
‫يعرف كل أحد معاداتهم‪ ،‬من اليهود والنصارى المشركين‪ :‬مشركي الترك‪ ،‬ويعادون‬
‫أولياء ال الذين هم خيار أهل الدين‪ ،‬وسادات المتقين‪ ،‬وهم الذين أقاموه وبلغوه‬
‫ونصروه ‪ .‬ولهذا كان الرافضة من أعظم السباب في دخول الترك الكفار إلى بلد‬
‫السلم ‪ .‬وأما قصة الوزير ابن العلقمي وغيره‪ ،‬كالنصير الطوسي‪ ،‬مع الكفار‪،‬‬
‫وممالتهم على المسلمين‪ -‬فقد عرفها الخاصة والعامة ‪ .‬وكذلك من كان منهم‬

‫‪14‬‬
‫بالشام‪ :‬ظاهروا المشركين على المسلمين‪ ،‬وعاونوهم معاونة عرفها الناس ‪.‬‬
‫وكذلك لما انكسر عسكر المسلمين ‪ ،‬لما قدم غازان‪ ،‬ظاهروا الكفار النصارى‬
‫وغيرهم من أعداء المسلمين‪ ،‬وباعوهم أولد المسلمين‪-‬بيع العبيد‪ -‬وأموالهم‪،‬‬
‫وحاربوا المسلمين محاربة ظاهرة‪ ،‬وحمل بعضهم راية الصليب ‪ .‬وهم كانوا من‬
‫أعظم السباب في استيلء النصارى قديما على بيت المقدس‪ ،‬حتى استنقذه‬
‫المسلمون منهم ) [منهاج السنة النبوية ‪.]7/414 :‬‬
‫ونكتفي بهذا القدر‪ ،‬وال الهادي إلى سواء السبيل ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -9‬عقيدة الشيعة المامية في القرآن (‪. ) 1‬‬
‫بداية ل بد من الشادة بالجهد الذي بذله فضيلة الشيخ ناصر القفاري –حفظه ال‪-‬‬
‫عند إخراجه رسالته لنيل درجة الدكتوراة في عقيدة الشيعة المامية ‪ .‬فالمطلع على‬
‫هذه الرسالة يرى أنه اطلع على كثير من كتبهم وقرأ الكثير منها‪ ،‬ونقل لنا‬
‫خلصتها‪ ،‬ولذا فإن من يقرأ هذه الرسالة الموسومة بم‪( :‬أصول مذهب الشيعة‬
‫المامية الثني عشرية – عرض ونقد )‪ ،‬يكاد يلم بهذا المذهب ‪ .‬ولذلك فإنك سوف‬
‫تجدني أكثر النقل منه وحق لنا أن ننقل منه ! ‪ .‬وقد يقول قائل‪ :‬لما ذا المامية‬
‫بالذات من بين فرق الشيعة ؟ والجواب‪ :‬أن يقال إن الشيعة المامية يكاد يكون‬
‫مذهبهم هو الغالب الن بين الشيعة ‪ .‬وثانياً ‪ :‬أن دولة إيران تتبنى هذا المذهب‬
‫وتدعو إليه وسفاراتها في الدول بمثابة مراكز دعوة لهذا المذهب ! ‪ .‬ثالثاً ‪ :‬عظم‬
‫تأثيرها في المة بما تحمله من أفكار وعقائد‪.‬‬
‫‪-‬وسوف نستعرض عقيدة الشيعة المامية في القرآن‪ ،‬وفي الحقيقة هي جملة من‬
‫العقائد‪ ،‬نستعرضها واحدة واحدة ونستعين بمولنا في بيان بطلنها وفسادها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬اعتقادهم وقولهم ‪ :‬بأن القرآن ليس بحجة إل بقيم ‪.‬‬
‫ففي أصول الكافي للكليني ‪ ... ( :‬إن القرآن ل يكون حجة إل بقيم ‪ ..‬وأن علياً كان‬
‫قيم القرآن‪ ،‬وكانت طاعته مفترضة‪ ،‬وكان الحجة على الناس بعد رسول ال )‬
‫[ أصول الكافي‪ . ]1/188 :‬ومعنى ذلك أن النص القرآني ل يمكن الحتجاج به إل‬
‫بالرجوع إلى المام ! ‪ ،‬ومؤدى كلمهم ولزمه أن أن القرآن بنفسه ليس بحجة بل‬
‫ل بد من إمام يبين معانيه ويسفر عن مرامه ‪ .! ،‬وهو قو ٌل لم يسبقه إليهم أحد من‬
‫طوائف المسلمين ‪ .‬ولذلك فهم يروون عن علي رضي ال عنه أنه قال ‪ ( :‬هذا‬
‫كتاب ال الصامت‪ ،‬وأنا كتاب ال الناطق ) [ الحر العاملي ‪ /‬الفصول المهمة ص‬
‫‪ . ]235‬وفي أصول الكافي ‪ ( :‬ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم‪ ،‬أخبركم عنه ‪....‬‬
‫) [ أصول الكافي ‪ . ]1/61‬وحاصل كلمهم ‪ :‬أن كلم إمامهم أفصح من كلم الرحمن‬
‫وأبين ! ‪ .‬ولشك أن هذا القول مصادم لنصوص الكتاب والسنة‪ ،‬وإجماع أهل العلم‬
‫‪ .‬وفساد هذا القول يُعلم بتصوره وعرضه علىالنصوص ‪.‬‬
‫يقول الشيخ القفاري عن هذه المصادمة والمخالفة الصريحة قال‪ :‬إنها أقوال‬
‫يضرب بعضها ببعض ‪ ،‬وهو برهان أكيد على أنها من وضع زنديق يريد إفساد دين‬
‫المسلمين ‪[ .‬أصول مذهب المامية ‪. ]1/129‬‬
‫ب‪ -‬اعتقادهم بأن الئمة اختصوا بمعرفة القرآن ل يشركهم فيه أحد‪.‬‬
‫تحرير المسألة ‪:‬‬
‫نزل القرآن بلغة العرب وبالتحديد بلغة قريش‪ ،‬وأعجزهم ببيانه وفصاحته‪ ،‬وكان‬
‫الواحد منهم إذا سمع آية منه فهم المراد منها إل جوانب يسيرة يُشكل معناها عليهم‬
‫فيبينها لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬والصحابة نزل عليهم القرآن‪،‬‬
‫وشاهدوا مواقع التنزيل‪ ،‬وحضروا الوقائع مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫فكانوا أولى و أجدر من غيرهم في فهم معاني القرآن ومعرفة المراد منه ‪ .‬فإذا‬
‫جاءنا مدعي وقال إن معاني القرآن ل تعلم إل عند آل البيت‪ ،‬أو عند الطائفة الفلنية‬

‫‪16‬‬
‫‪ .‬رددنا عليه قوله؛ وقلنا ‪ :‬وما ذا كان يصنع الناس قبل وجود طائفتكم هل كانوا‬
‫على ضللة ؟ فإن قالوا‪:‬نعم ‪ .‬فقد كذبوا ‪ .‬لن رسول ال صلى ال عليه وسلم أخبر‬
‫أن هذه المة ل تجتمع على ضللة ‪.‬‬
‫والشيعة المامية تدعي أن لدى أئمتها علم في معرفة معاني القرآن ل يشركهم فيه‬
‫أحد ول يعرفه غيرهم‪ ،‬ويتبين هذا بالرواية التالية التي وضعها ابن سبأ قال‪ ( :‬أن‬
‫القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي ) [الجوزجاني ‪ /‬أحوال الرجال ص‬
‫‪ . ]38‬وفي تفسير فرات ‪ ... ( :‬إنما على الناس أن يقرأوا القرآن كما أنزل‪ ،‬فإذا‬
‫احتاجوا إلى تفسيره‪ ،‬فالهتداء بنا وإلينا ) [تفسير فرات ص ‪ /91‬ووسائل الشيعة‬
‫‪ . ]18/149‬وفي الكافي والبحار –وهي من أعظم كتبهم – مجموعة من البواب التي‬
‫رتبوا عليها أحاديث كثيرة ‪:‬‬
‫‪-‬باب ‪ :‬أهل الذكر الذين أمر اله الخلق بسؤالهم هم الئمة ‪[ .‬أصول الكافي ‪:‬‬
‫‪.]1/210‬‬
‫‪ -‬باب‪ :‬إنهم [أي الئمة] خزان ال على علمه ‪[ .‬البحار ‪. ]105- /26‬‬
‫‪-‬وفي وسائل الشيعة للحر العاملي ‪ :‬باب عدم جواز استنباط الحكام النظرية‬
‫وظواهر القرآن إل بعد معرفة تفسيرها من كلم الئمة رضي ال عنهم ‪ .‬وفيه‬
‫ثمانون حديثاً من أحاديثهم ‪[ .‬وسائل الشيعة ‪. ]152-18/129‬‬
‫‪-‬قلت ‪ :‬وهذه الفرية منقوضة ‪ ،‬فندها علي بن أبي طالب رضي ال عنه ‪ :‬فعن‬
‫أبي جحيفة( سألت علياً ‪ :‬هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال‪ :‬ل ‪ ،‬والذي‬
‫فلق الحبة وبرأ النسمة‪ ،‬ما عندنا إل ما في القرآن ‪ ،‬إل فهما يعطيه ال الرجل‬
‫في كتابه ‪ ...‬الحديث ) والحديث مخرج في البخاري ‪ .‬وهذا السؤال من أبي‬
‫جحيفة بعدما أشيع أن أهل البيت اختصوا بعلم وفهم للقرآن ل يشركهم فيه أحد‬
‫‪ .‬وبظهور هذه العقيدة‪ ،‬فإنها تحيل بين الشيعة وبين معرفة ما أراد ال من‬
‫عباده معرفته‪ ،‬إذ أنها تسوغ لئمتهم وعلمائهم أن يحدثوا في دين ال ما شاءوا‬
‫فيصدونهم عن الحق المبين ‪.‬‬
‫ت‪ -‬اعتقادهم أن قول المام ينسخ القرآن‪ ،‬ويقيد مطلقه‪ ،‬ويخصص عامه‪.‬‬
‫وهذه عقيدة تخفى على كثير من الناس‪ ،‬وهي أن المام عند الشيعة المامية له حق‬
‫نسخ القرآن‪ ،‬وله حق أن يقيد ما أطلقه القرآن‪ ،‬وله حق أن يخصص ما عممه‬
‫القرآن ‍‍! ‪ .‬وعند التأمل نجد أن هذه العقيدة محصلة للعقيدة الولى التي سقناها‬
‫وهي أن القرآن ليس بحجة إل بقيم ‪ .‬والقيم هو المام الذي يبين غامضه ويحل‬
‫إشكاله‪ ،‬ويصرف ظاهره إلى معنى آخر ‪ .‬ومن كان كذلك فإنه ل يمنع من نسخ‬
‫بعض آي القرآن أو تقيد مطلقه أو تخصص عامه‪ ،‬مادام أنه هو القيم ! ‪ .‬والحق‬
‫أقول‪ :‬أنني كنت سابقاً اتعجب من تأويلت الشيعة المامية لنصوص الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬ولكن بعد إطلعي على هذه العقيدة زال عجبي وعلمت أن بيان القرآن‬
‫والسنة عند الشيعة ليس إلى القرآن وليس إلى ال ‪ ،‬بل إلى علمائهم وأئمتهم !! ‪.‬‬
‫يقول المازندراني في شرحه على الكافي ‪ ( :‬أن حديث كل واحد من الئمة‬
‫الطاهرين قول ال عزوجل‪ ،‬ول اختلف في أقوالهم كما ل اختلف في قول ال‬
‫تعالى ) [‪. ]2/272‬‬

‫‪17‬‬
‫ويقول أحد المعاصرين هو ‪ :‬محمد حسين كاشف آل الغطاء ‪ ( :‬أن حكمة التدريج‬
‫اقتضت بيان جملة من الحكام وكتمان جملة ‪ ،‬ولكنه –سلم ال عليه ‪ -‬أودعها‬
‫عند أوصيائه ‪ :‬كل وصي يعهد به إلى الخر لينشرها في الوقت المناسب لها حسب‬
‫الحكمة من عام مخصص‪ ،‬او مطلق أو مقيد‪ ،‬أو مجمل مبين‪ ،‬إلى أمثال ذلك ‪ .‬فقد‬
‫ل بل يودعه‬‫يذكر النبي عام ًا ويذكر مخصصه بعد برهة من حياته‪ ،‬وقد ل يذكره أص ً‬
‫عند وصيه إلى وقته ) [أصل الشيعة ص ‪. ]77‬‬
‫قلت‪ :‬وقولهم ذا يقتضي أن محمد صلى ال عليه وسلم توفي ولم تكتمل شريعته‪،‬‬
‫وال أخبر أنها قد كملت ‪( :‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت‬
‫لكم السلم ديناً ) ‪ .‬ونحن أمامنا كتاب ال يخبرنا أن الشريعة قد كملت ‪ ،‬وأمامنا‬
‫نصوص الشيعة المامية التي تدل على أن أئمتهم عندهم علم مودع يظهر في حينه‬
‫ووقته! ‪ .‬فهل نترك كتاب ربنا لخزعبلت وبواطيل ؟! ‪.‬‬
‫قال أبو جعفر اننحاس في الناسخ والمنسوخ ‪ :‬وقال آخرون ‪ :‬باب الناسخ‬
‫والمنسوخ إلى المام ينسخ ما شاء ‪ .‬فقال أبو جعفر بعد أن بين أن شنع على هذه‬
‫المقالة وعدها من الكفر‪ ،‬قال‪ :‬لن النسخ لم يكن إلى النبي صلى ال عليه وسلم إل‬
‫بالوحي من ال عزوجل ‪ ،‬إما بقرآن مثله على قول‪ ،‬وإما بوحي من غير القرآن ‪،‬‬
‫فلما ارتفع هذان بموت النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ارتفع النسخ ) ( ص ‪. )9-8‬‬
‫ث‪ -‬اعتقاد الشيعة بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهرة ‪:‬‬
‫إن تفسير القرآن بمعانٍ أخرى غير ما دلت عليه ظواهر اليات‪ ،‬طريق الفلسفة‬
‫والملحدة الذين أخضعوا نصوص القرآن لما توصلت إليه فلسفة اليونان ونظارهم‬
‫من مقدمات ونتائج وأفكار‪ ،‬ولما حصلوه بأنفسهم من خواطر نفسية‪ ،‬وأوهام‬
‫وخيالت ‪ .‬فجعلوا للقرآن ظاهر وباطن؛ فالظاهر لعوام الناس‪ ،‬والباطن للخواص !‬
‫‪.‬‬
‫وطريقة جعل القرآن له ظاهر وباطن‪ ،‬ل يمكن أن تأتي بها شريعة من الشرائع‪،‬‬
‫وحتى الرسل الذين كانوا يُرسلون إلى أممهم بخاصة لم يفرقوا في دعوتهم بين‬
‫الخواص والعوام‪ ،‬ولم تكن التوراة والنجيل وغيرها من الكتب لفئة معينة‪ ،‬فكيف‬
‫بالقرآن الذي نزل لهداية الجن والنس إلى صراط ال المستقيم‪ ،‬فهل يعقل أن يقال‬
‫إن له معانٍ ظاهرة وباطنة‪ ،‬ثم يختص الشيعة بمعرفة معانيها الباطنة دون الناس‬
‫كلهم !! ‪ ،‬هذا ل يمكن بحال؛ إل أن يقولوا بمقولة اليهود بأنهم شعب ال المختار !‬
‫‪.‬‬
‫وجعل القرآن له ظاهر وباطن طريقة تحير الناس وتجعلهم في شك من قبول ظواهر‬
‫النصوص القرآنية‪ ،‬بل حتى الشيعة أنفسهم قد يتردد الواحد منهم في قبول النص‬
‫القرآني حتى يسأل إمامه عن معناه الباطن ! ‪ .‬ونحن ل نتجنى على القوم‪ ،‬وإليك‬
‫نصوص أئمتهم وعلمائهم في هذا ‪:‬‬
‫‪-‬جاء في أصول الكافي ‪ ...( :‬عن محمد بن منصور قال‪ :‬سألت عبدًا صالح ًا [يعنون‬
‫به ‪ :‬موسى الكاظم ] عن قول ال عز وجل ‪{ :‬قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر‬
‫منها وما بطن } ‪ .‬قال‪ :‬إن القرآن له ظهر وبطن‪ ،‬فجميع ما حرم ال في القرآن هو‬
‫الظاهر والباطن من ذلك أئمة الجور[وأئمة الجور عندهم ‪ :‬كل ما عدا أئمتهم فهم‬

‫‪18‬‬
‫أئمة جور ]‪ ،‬وجميع ما أحل ال تعالى في الكتاب هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة‬
‫الحق ! ‪[ .‬أصول الكافي‪. ]1/374 :‬‬
‫‪-‬بل يظهر هذا جلياً في الرواية التالية ‪ :‬عن جابر الجعفي قال‪ ( :‬سألت أبا جعفر‬
‫عن شيء من تفسير القرآن فأجابني ‪ ،‬ثم سألت ثانية فأجابني بجواب آخر فقلت‪:‬‬
‫جعلت فداك كنت قد أُجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم‪ ،‬فقال لي ‪ :‬يا‬
‫جابر ‪ .‬إن للقرآن بطناً‪ ،‬وللبطن بطناً وظهراً‪ ،‬وللظهر ظهراً يا جابر ‪ ...‬إلخ )‬
‫[تفسير العياشي ‪. ]1/11‬‬
‫ج‪ -‬اعتقادهم بأن جل القرآن نزل فيهم وفي اعدائهم ‪:‬‬
‫يزعم الشيعة أن جل القرآن إنما نزل فيهم (أي في أئمتهم الثني عشرية) وفي‬
‫أوليائهم‪ ،‬وفي اعدائهم ‪[ .‬تفسير الصافي ‪ . ] 1/24‬وبهذا القول يتبين لنا بطلن‬
‫زعمهم فإننا نقرأ القرآن ول نجد ما يزعمونه ‪ ،‬بل ل نجد ذكر أئمتهم ل من قريب‬
‫ول من بعيد‪ ،‬فكيف يقال جل القرآن نزل في أئمتهم وفي اعدائهم !! ‪ .‬إل إذا حرفوا‬
‫القرآن وقلبوا ظاهره وجعلوا له معانٍ باطنة‪،‬فسيستقيم لهم ما يريدون‪ ،‬وهذا هو‬
‫عين ما فعلوه ‪.‬‬
‫‪-‬يقول أبو الحسن الشريف –أحد شيوخهم‪ ( :-‬إن الصل في تنزيل آيات القرآن إنما‬
‫هو الرشاد إلى ولية النبي والئمة –صلوات ال وسلمه عليهم‪ -‬بحيث ل خير‬
‫خبّر ال به إل وهو فيهم وفي أتباعهم وعارفيهم‪ ،‬ول سوء ذكر فيه إل وهو‬
‫صادق على أعدائهم وفي مخالفيهم ) [مرآة النوار (مقدمة البرهان) ص ‪. ] 4‬‬
‫‪-‬ويقول ‪ :‬الفيض الكاشاني ‪( :‬وردت أخبار جمة عن أهل البيت في تأويل كثير من‬
‫آيات القرآن بهم وبأوليائهم‪ ،‬وبأعدائهم حتى أن جماعة من أصحابنا صنفوا كتباً‬
‫في تأويل القرآن على هذا النحو جمعوا فيها ما ورد عنهم في تأويل القرآن آية آية‪،‬‬
‫إما بشيعتهم‪ ،‬أو بعدوهم على ترتيب القرآن ‪[ )....‬الكاشاني‪ /‬تفسير الصافي ‪-1/24 :‬‬
‫‪. ]25‬‬
‫قال الشيخ ناصر القفاري –حفظه ال‪ -‬رداً على زعمهم السابق‪ ...( :-‬أنك لو‬
‫فتشت في كتاب ال وأخذت معك قواميس اللغة العربية كلها وبحثت عن اسم من‬
‫أسماء هؤلء الثني عشر فلن تجد لها ذكراً‪ ،‬ومع ذلك فإن شيخهم البحراني يزعم‬
‫بأن علياً وحده ذكر في القرآن (‪ )1154‬مرة ويؤلف في هذا الشأن كتاباً سماه ‪:‬‬
‫(اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية )[طبع في المطبعة العلمية‬
‫بقم ‪1394‬هم] يحطم فيه كل مقاييس لغة العرب‪ ،‬ويتجاوز فيه أصول العقل والمنطق‪،‬‬
‫ويفضح من خلله قومه على رؤوس الشهاد بتحريفاته التي سطرها في هذا‬
‫الكتاب ‪( )...‬أصول الشيعة المامية الثني عشرية ‪. )1/156‬‬
‫ح‪ -‬نماذج من تأويلت الشيعة للقرآن الكريم ‪:‬‬
‫اعلم أن الصحابة رضي ال عنهم جميعاً لم يُشكل عليهم فهم القرآن‪ ،‬فهو قد نزل‬
‫بلغتهم أي بلغة العرب‪ ،‬وبالتحديد بلغة قريش‪ ،‬وكان الصحابة إذا أشكل عليهم فهم‬
‫آية يأتون رسول ال صلى ال عليه وسلم فيخبرهم بمراد ال منها‪ ،‬وأما أغلب آيات‬
‫القرآن فكانوا يفهمونها حين نزولها على ما تقتضيه اللغة العربية ‪ .‬ولم يُحتج إلى‬

‫‪19‬‬
‫التفسير إل بعد القرون المفضلة –فيما أعلم ‪ . -‬وطريقة السلف للتفسير وهي‬
‫الصح والسلم ‪ :‬أنهم كانوا يفسرون القرآن بالقرآن‪ ،‬فإن لم يوجد في القرآن طلبوا‬
‫تفسيره في السنة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فإن لم يجدوه‬
‫في سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم طلبوا تفسيره من أقوال الصحابة وما قالوا‬
‫في تفسير الية‪ ،‬وإن لم يجدوه في تفسير الصحابة وتأويلهم‪ ،‬ذهب بعض العلم إلى‬
‫الخذ بأقوال التابعين ‪.‬‬
‫هذه هي الطريقة السليمة في تأويل كلم ال‪ ،‬ولكن الشيعة لم تسلك هذا المسلك ولم‬
‫ترتضه ديناً‪ ،‬بل اعتمدت في تفسيرها ليات ال على أحاديث أسانيدها منقطعة ‪ ،‬أو‬
‫رواتها مجاهيل ل يعرفون‪ ،‬أو أقوال أئمتهم ليس لها زمام ول خطام‪ ...‬إلخ ‪ .‬ول‬
‫شك أن هذه الطريقة ل يمكن العتماد عليها بحال في تأويل كلم ال‪ ،‬ولكن ما ذا‬
‫نفعل بالشيعة التي سلكت في هذا الباب مسالك القول على ال بغير علم‪ ،‬والفتراء‬
‫على ال ‪.‬‬
‫وسوف نسوق بعض تأويلهم لليات‪ ،‬ورغبة في الختصار فإننا لن نسوق أقوال‬
‫السلف في تفسير الية فمظانها معروفة ‪ .‬فمن تأويلتهم لليات ‪:‬‬
‫‪ -‬في قوله تعالى‪{ :‬وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } قالوا‪ :‬إنه علي ‪.‬‬
‫[اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية ‪ :‬هاشم البحراني ‪ :‬ص‬
‫‪. ]323-321‬‬
‫‪ -‬في قوله تعالى‪{ :‬والشجرة الملعونة في القرآن } قالوا‪ :‬بأنها بنو أمية ‪.‬‬
‫[تفسير القمي‪ ، 2/12 :‬تفسير العياشي ‪ ،2/29:‬تفسير الصافي ‪ ،202-3/199 :‬البرهان‬
‫‪. ] ..2/424 :‬‬
‫‪-‬في قوله تعالى‪{ :‬فقاتلوا آئمة الكفر } قالوا‪ :‬المراد بها طلحة والزبير –رضي‬
‫ال عنهما‪[ !! -‬البرهان ‪ ،107-2/106‬تفسير الصافي ‪ ،2/324 :‬تفسير العياشي ‪:‬‬
‫‪.]78-2/77‬‬
‫‪-‬وفي قوله تعالى‪{ :‬وقال الشيطان لما قُضي المر } قال أبو جعفر ‪ :‬هو الثاني‬
‫وليس في القرآن شيء ‪ .‬وقال الشيطان إل وهو الثاني ‪[ .‬يريد بذلك عمر بن‬
‫الخطاب –رضي ال عنه‪[ ]-‬تفسير العياشي‪ ،2/223:‬وتفسير الصافي‪،3/84 :‬‬
‫وبحار النوار ‪ . ]3/378‬وفي الكافي عن أبي عبد ال قال‪( :‬وكان فلن شيطان ًا )‪،‬‬
‫قال المجلسي في شرحه على الكافي ‪ :‬المراد بفلن عمر ) [الكافي المطبوع‬
‫بمرآة العقول ‪]4/416 :‬‬
‫‪-‬وفي قوله تعالى‪{ :‬ل تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد } قال أبو عبد ال ‪:‬‬
‫‪-‬كما يزعمون‪ :-‬يعني بذلك ل تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد !!! ‪[ .‬تفسير‬
‫العياشي ‪ ،2/261 :‬والبرهان في تفسير القرآن ‪ ،2/373 :‬وتفسير نور الثقلين ‪:‬‬
‫‪. ]3/60‬‬
‫‪-‬وفي قوله تعالى‪{ :‬اهدنا الصراط المستقيم } ‪ :‬هو أمير المؤمنين عندهم [تفسير‬
‫القمي‪.]1/28 :‬‬
‫واكتفي بهذا القدر من تأويلت الشيعة التي يعلم المسلمون بطلنها وفسادها ‪.‬‬
‫وال الهادي إلى صراطه المستقيم ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ - 10‬عقيدة الشيعة في القرآن ‪ :‬هل القرآن ناقص أو محر ف أو مبدل ؟ (‪. )2‬‬
‫هل الشيعة تقول بأن كتاب ال الذي بين أيدينا ناقص أو محرف ومبدل ؟ ‪.‬‬
‫بادي ذي بدء يجب أن ل نعمم الحكم على جميع الشيعة بأنهم يقولون بهذه المقالة‪،‬‬
‫وهذا من العدل والنصاف الذي أمرنا به ال جل في عله ‪ .‬فالشيعة المتقدمين‬
‫أكثرهم لم يقولوا بهذه المقالة‪ ،‬وكذا هناك فرق من الشيعة ل تقول بذلك‪ ،‬ومنها‬
‫الزيدية‪ ،‬وقد يكون هناك أفراد منهم يقولون بذلك‪ ،‬ولكن ل يكون هذا حكماً عاماً‬
‫ينسحب على الطائفة كلها‪ .‬وأغلب المتأخرين يقولون بهذه المقالة الشنيعة وإن كان‬
‫فيهم أفراد ينكرون هذا القول ويأباه ‪.‬‬
‫ودراستنا لهذه المقالة التي اشتهرت عن الشيعة ل لجل الرد عليها‪ ،‬لن ال تكفل‬
‫بحفظ كتابه ‪{ :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ‪ .‬فل خوف علىكتاب ال من‬
‫التحريف والتبديل ما دام أن الذي أنزله تكفل بحفظه ‪ .‬ولكن نريد أن نبين نسبة هذه‬
‫المقالة إلى الشيعة من كتبهم ورسائلهم‪.‬‬
‫وقبل ذكر مصادرهم يحسن بنا أن نعرج على ما قاله أهل السنة في هذه الفرية‬
‫الشنيعة ‪ .‬قال أبو بكر محمد بن القاسم النباري (المولود سنة ‪271‬هم) ‪ :‬لم يزل أهل‬
‫الفضل والعقل يعرفون شرف القرآن وعلو منزلته‪ ..‬حتى نبغ في زماننا هذا زائغ‬
‫عن الملة وهجم على المة بما يحاول به إبطال الشريعة‪ ..‬فزعم أن المصحف الذي‬
‫جمعه عثمان‪-‬رضي ال عنه‪ -‬باتفاق أصحاب رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫على تصويبه فيما فعل ل يشتمل على جميع القرآن‪ ،‬إذ كان قد سقط منه خمسمائة‬
‫حرف‪( ...‬ثم قال ابن النباري‪ ) :‬وأخذ هذا الزنديق يقرأ آيات من القرآن على غيره‬
‫وجهها زندقة وإلحاداً فكان يقرأ ‪( :‬ولقد نصركم ال ببدر [بسيف علي] وأنتم‬
‫أذلة !!)[تاريخ بغداد ‪ . ]186-3/181‬وكلم الملطي (ت ‪377‬هم) يشير إلى أن هذا‬
‫الزنديق هو هشام بن الحكم [المطلي‪ /‬التنبيه والرد‪ :‬ص ‪ ،]338‬فهو قد زعم بأن‬
‫القرآن الذي بأيدي الناس من وضع عثمان ‪ ،‬وقال بالتجسيم ‪ ،‬وله أمور كثيرة‬
‫منكرة ‪.‬‬
‫وجنوح الشيعة الغلة إلى هذه الفرية‪ ،‬هو إيجاد مستند لهم في إثبات المامة؛ لن‬
‫القرآن ليس فيه ذكر للمامة والئمة ل من قريب ول من بعيد‪ ،‬فأحدثوا هذا القول‬
‫حتى يقولوا إن ذكر المامة والئمة في اليات التي سقط أو حُرف وبُدل ! ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫و هذا المبحث وإن طال –بعض الشيء‪ -‬سوف نتكلم عن عدة أمور وهي ‪:‬‬
‫‪-1‬التطور التأريخي لهذه العقيدة ‪.‬‬
‫‪-2‬هل لدى الشيعة مصحف آخر غير الذي بين أيدينا‪ ،‬يتلونه‬
‫ويتدارسونه بينهم ؟ ‪.‬‬
‫‪-3‬هل الشيعة مجتمعة على هذه العقيدة ؟ ‪.‬‬
‫فأو ًل ‪ :‬التطور التأريخي لعقيدة أن القرآن ناقص وفيه تحريف وتبديل ‪.‬‬
‫أول مصدر من مصادر الشيعة يطالعنا بهذه الفرية هو كتاب سليم بن قيس الهللي‬
‫المتوفي سنة (‪90‬هم) ‪ .‬وقد سبق الكلم عن هذا الكتاب ‪ ،‬وذكرنا أن الشيعة كفتنا‬
‫مؤنة إبطال هذا الكتاب وبيان زيفه ‪-‬مع ضعف ناقله وهو أبان بن عياش المتفق‬
‫على ضعفه‪ ،-‬ومع ذلك فهذا الكتاب معظم عند أكثرهم‪ ،‬ومن طريقه ظهرت بعض‬
‫العقائد ‪.‬‬
‫وفي هذا الكتاب أول إشارة إلى فرية التحريف ولكنها لم تكن صريحة‪ ،‬فقد جاء في‬
‫كتاب سليم ‪ ( :‬أن علياً لزم بيته حتى جمعه وكان في الصحف والرقاع ) [كتاب‬
‫سليم بن قيس‪ :‬ص ‪ ]81‬وفي رواية أخرى بينت سبب تأخر علي بن أبي طالب –‬
‫رضي ال عنه‪ -‬عن إجابة أبو بكر الصديق والمسارعة في بيعته قال –أي‪ :‬علي بن‬
‫أبي طالب‪( :-‬إني آليت أل آخذ ردائي إل للصلة حتى أجمع القرآن‪ ،‬فجمعه) وقد‬
‫ضعف ابن حجر هذه الرواية في فتح الباري [‪ .]13-12-9‬ولنا على هذه الرواية‬
‫الضعيفة ملحظتان ‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أن الجمع الذي أشار إليه علي بن أبي طالب‪ ،‬ليس صريحًا في أنه يجمع‬
‫قرآناً غير الذي بأيدينا‪ ،‬فقد يكون علي ًا يجمع مصحف ًا لنفسه‪ ،‬كما كان عند ابن‬
‫مسعود مصحفاً خاص ًا به ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن هذه الرواية تنسف ما يقرره الشيعة من أن تأخر علي رضي ال عنه‬
‫كان من أجل أن الصحابة غصبوا حقه في الخلفة وعهدوا بها إلى أبي بكر الصديق‬
‫‪ .‬ففي هذه الرواية أن تأخر علي رضي ال عنه كان من أجل جمع القرآن !! ‪ .‬ولكن‬
‫الشيعة كما قال الشيخ ناصر القفاري عنهم ‪...( :‬وهذه سمة مطردة في كثير من‬
‫المسائل التي يريدون إثباتها ‪ ..‬حيث يثبتونها من وجه تنتفي معه العقيدة الخرى )‬
‫[أصول مذهب الشيعة ‪. ]1/236 :‬‬
‫المرحلة الثانية ‪:‬‬
‫توضحه روايات ذكرها الطبرسي (صاحب كتاب الحتجاج)‪-‬وسوف يأتي بيانه‪-‬‬
‫حيث تبين هذه الروايات أن أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب حاول قتل علي بن‬
‫أبي طالب !! ‪ ،‬ولما لم يقدرا على ذلك حاول استدراج علي بن أبي طالب وأخذ‬
‫القرآن الذي معه لتلفه أو تحريفه ولكنهما عجزا عن ذلك ‪.‬‬
‫وسأل عمر عن هذا المصحف متى أوان ظهوره ؟ فقال –أي ‪:‬علي – ( إنه سيظهر‬
‫مع القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به ) [الحتجاج‬
‫للطبرسي ‪ 228-1/225‬ط‪ :‬النجف ] ‪.‬‬
‫وهنا تكمن عدة أسئلة ‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫‪-1‬مادام أن محاولت الشيخان والصحابة باءت بالفشل‪ ،‬فلم لم يظهر‬
‫علي المصحف المذكور ؟‬
‫‪-2‬ثم لما ذا لم يخرج علي رضي ال عنه هذا المصحف في فترة‬
‫خلفته‪ ،‬وقد أمن ؟ ‪.‬‬
‫‪-3‬والمهم في المر أنه كيف تُترك المة طوال هذه القرون الطويلة وهم‬
‫بدون هداية‪ ،‬وهم يقرؤون كتاب محرف مبدل ناقص ‪ .‬وهل هذا من‬
‫المانة‪ ،‬وهل هذا إل غش للمة ؟ ‪ .‬إن من يتأمل في هذه الروايات‬
‫يجزم أن هذه الروايات مصنوعة لخدمة المذهب الشيعي ‪،‬وإل كيف‬
‫ننسب لعلي بن أبي طالب هذه اللوازم التي ل محيد عنها ! ؟ ‪.‬‬
‫ولقد عجز الشيعة عن الجابة عن هذه المسائل المحرجة‪ ،‬وتخلص شيخهم‬
‫نعمة ال الجزائري بجواب‪ ،‬تصوره كافٍ في بيان فساده وبطلنه ‪ .‬قال ‪( :‬ولما‬
‫جلس أمير المؤمنين –عليه السلم‪ -‬على سرير الخلفة لم يتمكن من إظهار ذلك‬
‫القرآن وإخفاءه هذا لما فيه من إظهار الشناعة على من سبقه ) [النوار‬
‫النعمانية ‪ . ]2/362 :‬أي ‪ :‬أن علي بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ،‬راعى شعور‬
‫من سبقه من الصحابة ولم يظهر هذا المصحف لمافيه من إظهار الشناعة‬
‫عليهم ‪ ،‬ول يهم بعد ذلك أن تضل المة قروناً طويلة حتى يخرج المهدي !! ‪.‬‬
‫وهنا كل ٌم جميل لم استطع تجاوزه‪ ،‬قال الشيخ القفاري‪( :‬ومعنى هذا أن المة‬
‫ضائعة كل هذه القرون الطويلة ‪ ..‬منذ وفاة النبي صلى ال عليه وسلم ليس‬
‫معها إل ثلث كتابها‪ ..‬والئمة تقف موقف المتفرج‪ ..‬لديها القرآن الكامل –كما‬
‫يزعمون – ول تبلغه للمة‪ ،‬لتتركها أسيرة ضللها‪ ،‬ل تعرف وليها من عدوها‪،‬‬
‫وتعدهم بظهوره مع منتظرهم‪ ،‬وتمر آلف السنين ول غائب يعود‪ ،‬ول مصحف‬
‫يظهر فإن كانت المة تهتدي بدونه فما فائدة ظهوره مع المنتظر‪ ،‬وإن كان‬
‫أساساً في هدايتها فلماذا يحول الئمة بينه وبين المة‪ ،‬لتبقى المة في نظر‬
‫هؤلء حائرة ضالة تائهة‪ ،‬وهل أنزل ال سبحانه كتابه ليبقى أسيرًا مع المنتظر‬
‫ل سبيل للمة الوصول إليه؟ مع أن ال سبحانه لم يترك حفظ كتابه ل لنبي‬
‫معصوم ول لمنتظر موهوم‪ ،‬بل تكفل بحفظه سبحانه ) [أصول مذهب الشيعة‬
‫المامية ‪. . ]1/248 :‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪:‬‬
‫جاءت هذه المرحلة لبيان ماهية الناقص من القرآن الذي بأيدينا‪ ،‬وقد صرحوا‬
‫بذلك‪ ،‬وزعموا أن الجزء الناقص من القرآن فيه ذكر النص على المامة‪ ،‬وذكر‬
‫الئمة الثني عشر من نسل علي بن أبي طالب رضي ال عنه‪.‬‬
‫جاء في بعض الروايات ‪ ( :‬لول أنه زيد في كتاب ال ونقص منه لما خفي حقنا‬
‫على ذي حجى ) [البرهان ‪-‬المقدمة‪-‬ص ‪ ، 37‬وبحار النوار ‪ ،19/30 :‬وتفسير‬
‫الصافي ‪. ]1/41 :‬‬
‫وأخرى تقول‪( :‬لو قريء القرآن كما أنزل للفينا مسمين به )[تفسير العياشي‪،1/13 :‬‬
‫بحار النوار‪ ،92/55 :‬وتفسير الصافي‪. ]1/41 :‬‬

‫‪23‬‬
‫وقد افتروا على ال سورة الولية يتداولونها بينهم‪ ،‬ويزعمون أنها مما نقص من‬
‫القرآن‪ ،‬ومن قرأ العربية ‪ ،‬ويقرأ هذه السورة المزعومة يعلم أنها من جنس قرآن‬
‫مسيلمة الكذاب شيطان اليمامة ‪[ .‬انظر ‪ :‬الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب ‪:‬‬
‫ص ‪ 12‬حيث نشر هذه السورة وأخبر أنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند‬
‫المستشرق براين ] ‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة ‪:‬‬
‫وهي بمثابة توطيد هذه الفرية وتمكينها في المعتقد الشيعي ‪ ،‬وقد تزعم هذه‬
‫المرحلة بعض شيوخ القرن الثالث والرابع‪ ،‬حيث قاد زمامها شيخهم علي بن‬
‫إبراهيم القمي ‪ ،‬وتبعه تلميذه الكليني ‪ ،‬فعمل علىنشرها في كتبهم ‪ .‬وقد اتخذت‬
‫هذه المرحلة إقحام بعض الكلمات التي تدعم قولهم بالنص على المامة وذكر الئمة‬
‫في القرآن الذي بأيدينا وزعم أنه من القرآن ولكنه أًسقط على أيدي الصحابة‪ ،‬بناء‬
‫على ما يعتقدونه في القرآن من النقص‪ ،‬قال المازندراني شارح الكافي ‪( :‬إن آي‬
‫القرآن ستة آلف وخمسمائة ‪ ،‬والزائد على ذلك مما سقط بالتحريف )[شرح جامع‬
‫للكافي‪. ]11/76 :‬‬
‫وطريقة إقحام الكلمات في نصوص القرآن تتخذ الشكل التالي ‪:‬‬
‫‪ -‬فالكلمات التي فيها لفظ ‪( :‬أنزل ال إليك) أو ‪( :‬أنزلنا إليك ) يجعلون بعدها‬
‫لفظ ‪( :‬في علي ) ‪ .‬وشاهد ذلك ما يرويه الكليني عن القمي بسنده إلى جابر‬
‫الجعفي عن أبي جعفر قال‪ :‬نزل جبرائيل بهذه الية على محمد ‪-:‬بئسما اشتروا‬
‫به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل ال (في علي)بغيًا ‪[ . -‬أصول الكافي ‪. ]1/417 :‬‬
‫‪-‬والكلمات التي فيها لفظ ‪( :‬اشركوا أو كفروا) يأتون بعدها لفظ (في ولية‬
‫علي )‪ .‬ففي قوله تعالى‪ ( :‬فلنذيقن الذين كفروا ) [يزيدون] (بتركهم ولية‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم عذاباً شديداً في الدنيا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا‬
‫يعملون ) ‪[ .‬سورة فصلت آية ‪(27‬والتحريف من الكافي ‪])1/421 :‬‬
‫‪-‬والكلمات التي فيها ذكر (أمة) ‪ ،‬يجعلونها (أئمة ) ‪ .‬فقالوا في قوله تعالى‪( :‬كنتم‬
‫خير أمة أخرجت للناس ) يجعلونها (خير أئمة أخرجت للناس )[تفسير القمي ‪:‬‬
‫‪]1/110‬‬
‫المرحلة الخامسة ‪:‬‬
‫وهذه المرحلة فاقت كل المراحل بشدة إظهار هذه الفرية وإشاعتها في المذهب‬
‫الشيعي‪ ،‬وحمل لوائها كثير من مشايخة الشيعة في زمن الدولة الصفوية‪ ،‬فقد تجرأ‬
‫شيوخ الشيعة في هذه الفترة علىالتصريح بهذه الفرية لمنهم من العقوبة ول‬
‫رتفاع التقية قليلً ‪.‬‬
‫ولذا تجد في كلم (المجلسي‪ ،‬ونعمة ال الجزائري‪ ،‬وأبي الحسن الشريف‪،‬‬
‫والمازندراني‪ ،‬والكاشاني ) ممن عاش في القرن السادس ‪ ،‬ما ل تجده عند غيرهم‬
‫وسبقوهم في القرن الرابع ‪– .‬وسوف نأتي بكلمهم في حلقة قادمة إن شاء ال –‬
‫وفائدة القول ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫إن الشيعة في أول أمرها لم تعرف هذه المقالة النكراء ‪ ،‬ولم تتكون كعقيدة إل في‬
‫أواخر القرن الثاني وبداية الثالث تقريباً‪ ،‬ولم يعرف في صدر السلم هذه المقالة‬
‫الشنيعة من الشيعة إل بعد زمن ‪ .‬والمشهور عنهم في أول أمرهم وكلمهم حول‬
‫المامة ‪ ،‬أما زعمهم بنقص القرآن وتحريفه فلم يعهد إل بعد مدة من الزمن ‪.‬‬

‫ثاني ًا ‪ :‬هل لدى الشيعة مصحف آخر غير الذي بين أيدينا‪ ،‬يتلونه ويتدارسونه‬
‫بينهم ؟‬
‫نشمر محمب الديمن الخطيمب فمي الخطوط العريضمة (ص ‪ )12‬صمورة فوتغرافيمة لسمورة‬
‫الولية‪ ،‬وقال إنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق (براين ) ‪.‬‬
‫وهذه السورة مما يدعي الشيعة أنها مما نقص من القرآن ‪.‬‬
‫ل بمذهبهم أو تقية وهم الكثمر ‪.‬‬ ‫وكثيمر من الشيعة إذا حدثتهم بهذا ينكرونه إما جه ً‬
‫ولكن سوف نخاصمهم بكتب أئمتهم والتي أُلفت لهم وبها يتدارسون وبها يعملون‪،‬‬
‫فل تقية حينئذٍ ‪ .‬وقبل ذكر هذه الروايات نود أن نوضح أن أخبارهم في هذه المسألة‬
‫اتخذت ثلثة إتجاهات ‪:‬‬
‫التجاه الول‪ :‬أخبار جاءت بالممر بقراءة القرآن الذي بيمن أيدينما والعممل بمه حتمى‬
‫يقوم القائم (مهديهمم المنتظمر ) ‪ .‬وممن نصموص هذا التجاه مما يحدث بمه المفيمد قال‪:‬‬
‫(إن الخمبر قمد صمح ممن أئمتنما –عليهمم السملم‪ -‬أنهمم أمروا بقراءة القرآن مما بيمن‬
‫الدفتين وأن ل نتعداه بل زيادة فيه ول نقصان منه‪ ،‬حتى يقوم القائم –عليه السلم‪-‬‬
‫فيقرأ الناس القرآن على مما أنزله ال تعالى وجمعمه أميمر المؤمنيمن‪-‬عليمه السملم‪) -‬‬
‫[بحار النوار ‪. ]92/74 :‬‬
‫‪-‬وكذلك ما أخبر به شيخهم نعمة ال الجزائري ‪( :‬قد روي في الخبار أنهم عليهم‬
‫السملم أمروا شيعتهمم بقراءة هذا الموجود ممن القرآن فمي الصملة وغيرهما والعممل‬
‫بأحكاممه حتمى يظهمر مولنما صماحب الزمان فيرتفمع هذا القرآن ممن أيدي الناس إلى‬
‫السممماء ويخرج القرآن الذي ألفممه أميممر المؤمنيممن فيقرأ ويعمممل بأحكامممه ) [النوار‬
‫النعمانية ‪. ]364-2/363 :‬‬
‫التجاه الثانمي‪ :‬أخبار جاءت لتزهيمد الناس فمي القرآن الذي بيمن أيدينما‪ ،‬وممن حفظمه‬
‫فإنه يعسر عليه حفظ القرآن الذي يأتي به القائم ‪.‬‬
‫‪-‬ومن نصوص هذا التجاه ‪ :‬ما رواه المفيد بإسناده إلى جعفر الجُعفي عن أبي‬
‫جعفممر أنممه قال‪ ( :‬إذا قام قائم آل محمممد صمملى ال عليممه وآله ‪ ،‬ضرب فسمماطيط‪،‬‬
‫ويعلم الناس القرآن على ممما أنزل ال عممز وجممل ‪ ،‬فأصممعب ممما يكون على مممن‬
‫حفظه اليوم‪ ،‬لنه يخالف فيه التأليف ) [الرشاد‪ :‬ص ‪. ]413‬‬
‫قلت ‪ :‬ول يخفممى أن هذه الروايممة وأشباههمما تجعممل الشيعممي ل يحرص كثيراً على‬
‫تلوة القرآن أو حفظمه فضلً عمن تدبره والعممل بمه ‪ .‬والواقمع يشهمد بذلك فإنمك تجمد‬
‫الشيعمة ل يحرصمون على تلوة كتاب ال أو حفظمه إيماناً منهمم بالعقيدة المزعوممة‬
‫بظهور القرآن الذي كتبه علي رضي ال عنه ‪ ،‬وعهده به إلى الئمة من بعده ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ومممن تأمممل هذه الرويات التممي فممي هذا الصممدد يجزم أنهمما مصممنوعة والذي صممنعها‬
‫يبتغي الكيد للسلم‪.‬‬
‫التجاه الثالث ‪ :‬أخبار تشير إلى وجود مصحف غير المصحف الذي بأيدينا ‪ ،‬ل‬
‫يطلع عليه إل الخواص ‪ .‬ومن روايات هذا التجاه ‪ :‬ما رواه المجلسي في بحار‬
‫النوار ‪ ... ( :‬عن ابن عبد الحميد قال‪ :‬دخلت على أبي عبد ال –رضي ال عنه‪-‬‬
‫فأخرج إلي مصحفاً ‪ ،‬قال‪ :‬فتصفحته فوقع بصري على موضع منه فإذا فيه مكتوب‬
‫‪( :‬هذه جهنم التي كنتم بها تكذبان‪ .‬فاصليا فيها ل تموتان فيها ول تحييان ) ‪ .‬قال‬
‫المجلسي ‪( :‬يعني الولين ) [بحار النوار‪ . ]92/48:‬أي أبا بكر وعمر !!‬
‫‪ -‬وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال‪ :‬دفع إلي أبو الحسن مصحفاً وقال‪ ( :‬ل‬
‫تنظر فيه‪ ،‬ففتحته وقرأت فيه ‪ :‬لم يكن الذين كفروا ‪ .‬فوجدت فيه اسم سبعين رجلً‬
‫من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم ‪ .‬قال‪ :‬فبعث إليّ ‪ ،‬ابعث إليّ بالمصحف )‬
‫[أصول الكافي‪. ]2/631 :‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا التجاه يدعم ما نشره محب الدين الخطيب لسورة الولية ‪ .‬ولكن‬
‫الحيرة تنتاب كل من يطالع هذه الرويات المتعارضة ‪ ،‬فإن كان عندهم مصحفاً فلم‬
‫لم يخرجوه ويهتدي به العباد في دينهم ودنياهم ‪ ،‬وقد أمنوا في زمن الدولة‬
‫الصفوية‪ ،‬ثم ما يمنعهم الن وقد بُسط المذهب الشيعي في إيران وأظهروا شعائر‬
‫دينهم‪ ،‬فأين القرآن المزعوم‪ ،‬ولما ذا يتسترون بالتقية ؟ ! ‪ .‬ثم إن كان المصحف‬
‫عند إمامهم المنتظر فما هذا المصحف الذي تشيره إليه هذه الروايات‪ ،‬وقد أخبر‬
‫عنه ابن النديم ‪ ( :‬بأنه رأى قرآناً بخط علي يتوارثه بيت من البيوت المنتسبة‬
‫للحسن ) ‪[ .‬الفهرست‪ :‬ص ‪.] 28‬‬
‫وخلصة القول‪:‬‬
‫أن الشيعة مضطربة حائرة في كتاب ربها‪ ،‬هل تقرأ في الكتاب الموجود الن ؟ هل‬
‫تحفظه؟ هل تعمل به ؟ أو تنتظر حتى يقوم القائم ؟ ! ‪.‬‬
‫وأهل السنة والجماعة كفتهم آية في كتاب ربهم ‪{ :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له‬
‫لحافظون} ‪ .‬وهي تقضي على كل خبر مهما عل سنده أو تواتر نقله ‪ .‬فلله الحمد‬
‫والمنة على برد اليقين في القلوب‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬هل الشيعة مجتمعة علىهذه العقيدة ‪ ،‬مع بيان اختلف مشايخ وعلماء‬
‫الشيعة في مسألة هل القرآن ناقص أو محرف ومبدل ! ‪.‬‬
‫أ – موقف علماء الشيعة المتقدمين ‪:‬‬
‫وبعد فإن الناظر في كتب الشيعة والمطلع عليها ليحتار أشد الحيرة عندما يرى‬
‫اختلفهم وتناقض أقوالهم على مسألة تُعد من أهم مسائل الدين‪ ،‬وهو بيان المصدر‬
‫الول للتشريع ‪ :‬هل هو محفوظ بحفظ ال ؟ أم أنه قد ناله التحريف والتبديل‬
‫والنقصان ؟‬
‫أقول‪ :‬انقسم علماء الشيعة في تقرير هذه المسألة إلى فريقين ‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫الفريق الول وهم القل‪:‬أنكروا أن يكون القرآن قد ناله النقص أو التحريف والتبديل‬
‫‪ .‬ومنهم ‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن بابويه القمي (ت ‪381‬هم) يلقب عند الشيعة بالصدوق‪ ،‬صاحب (من ل يحضره‬
‫الفقيه) وهو أحد صحاحهم الربعة في الحديث والموصوف عندهم برئيس المحدثين‬
‫‪ .‬أنكر مقالة التحريف وقال ‪( :‬اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله ال تعالى على نبينا‬
‫محمد هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ‪ . ...‬ومن‬
‫نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب )[العتقادات‪ :‬ص ‪. ]102-101‬‬
‫‪ -2‬أبو الفضل الطبرسي صاحب كتاب (مجمع البيان) وهو غير الطبرسي الخر‬
‫صاحب كتاب (الحتجاج) ‪ .‬حيث أنكر الطبرسي الول هذه المقالة وبرأ الشيعة منها‬
‫فقال‪( :‬ومن ذلك الكلم في زيادة القرآن ونقصانه‪ ،‬فإنه ل يليق بالتفسير ‪ ،‬فأما‬
‫الزيادة فيه فمجمع على بطلنها‪ ،‬وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا‬
‫وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصاناً‪ ،‬والصحيح من مذهب‬
‫أصحابنا خلفه وهو الذي نصره المرتضى قدس ال روحه ‪[ ) ...‬انظر مجمع البيان‬
‫‪ . . ]1/31 :‬قلت ‪ :‬وفي قوله –آخر كلمه‪ -‬إن حشوية العامة خالفوا في ذلك ‪ .‬مراده‬
‫بذلك أن أهل السنة اختلفوا في هذه المسألة كما اختلف الشيعة ‪ .‬وهذا كذب ترده‬
‫كتب أهل السنة قاطبة‪ ،‬فإنهم أجمعوا على أن القرآن الذي بأيديهم تام كامل محفوظ‬
‫بحفظ ال ‪ .‬ولكنه –أي الطبرسي – حاول أن يجد لقومه العذر في هذا الختلف‪،‬‬
‫فأراد أن يشرك أهل السنة مع بني قومه في هذا الختلف الضال ‪.‬‬
‫‪ -3‬الشريف المرتضى (ت ‪ )436‬كان ينكر هذه المقالة ويكفر من قال بها‪( :‬إن العلم‬
‫بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب‬
‫المشهورة وأشعار العرب المسطورة‪ ،‬فإن العناية اشتدت والدواعي توافرت على‬
‫نقله وحراسته ‪[ ....‬إلى أن قال‪ ]:‬فكيف يجوز أن يكون مغيرًا أو منقوصاً مع العناية‬
‫الصادقة والضبط الشديد‪[ ...‬انظر أصول مذهب الشيعة المامية ‪]1/293‬‬
‫‪ -4‬الطوسي (ت ‪ )450‬صاحب كتابين من كتب الحديث الربعة المعتمدة عندهم‪،‬‬
‫وصاحب كتابين من كتب الرجال الربعة المعتمدة عندهم ‪ .‬يقول‪( :‬وأما الكلم في‬
‫زيادته ونقصانه ممما ل يليق به أيضاً‪ ،‬لن الزيادة فيه مجمع على بطلنها‪،‬‬
‫والنقصان منه فالظاهر أيضاًَ من مذهب المسلمين خلفه وهو الليق بالصحيح من‬
‫مذهبنا‪ ،‬ورويت روايات كثيرة من جهة العامة والخاصة بنقصان كثير من آي‬
‫القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع‪ ،‬لكن طريقها الحاد التي ل توجب‬
‫علماً‪ ،‬فالولى العراض عنها‪ ،‬وترك التشاغل بها لنه يمكن تأويلها‪[ )...‬التبيان ‪:‬‬
‫‪. ]1/3‬‬
‫وبعد أن سقنا كلم بعض مشايخ الشيعة علمائها المعتبرين عندهم‪ ،‬ل بد أن نذكر‬
‫جملة من كلم الطرف الخر المؤيد لمقالة وقوع النقص والتحريف في كتاب ال‬
‫عز وجل ‪ .‬فمنهم ‪:‬‬
‫‪ -1‬شيخهم المفيد (ت ‪413‬هم) فقد سجل في كتابه أوائل المقالت إجماع طائفته على‬
‫وقوع النقص والتحريف في القرآن فقال‪( :‬إن الخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة‬

‫‪27‬‬
‫الهدى من آل محمد صلى ال عليه وسلم باختلف القرآن وما أحدثه بعض‬
‫الطاعنين فيه من الحذف والنقصان ) [أوئل المقالت ص ‪. . ]54‬‬
‫‪ -2‬علي بن إبراهيم القمي –شيخ الكليني صاحب الكافي – له تفسير باسمه (تفسير‬
‫القمي ) حشاه من هذا القول المفترى وصرح في مقدمته بهذا [انظر على سبيل‬
‫المثال ‪ :‬تفسيره ‪ .] .. 118 ،110 ،100 ،1/84‬قال الكاشاني –وهو من شيوخ الشيعة‪-‬‬
‫عن تفسيره ‪( :‬فإن تفسيره مملوء منه وله غلو فيه ) [تفسير الصافي ‪.]1/52 :‬‬
‫ونود أن نشير إلى أن علي بن إبراهيم القمي هذا معظم عند بعض المعاصرين‬
‫ككبير علماء الشيعة اليوم (الخوئي ) فهو يوثق روايتها كلها فقال‪( :‬ولذا نحكم‬
‫بوثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم القمي الذي روى عنهم في تفسيره مع انتهاء‬
‫السند إلى أحد المعصومين ) [أبو القاسم الخوئي‪ :‬معجم رجال الحديث ‪. ]1/63 :‬‬
‫‪ -3‬الكليني (ت ‪328‬هم) وهو يلقب عند الشيعة بم (ثقة السلم) ومؤلف أصح كتاب‬
‫من كتبهم الربعة المعتمدة في الرواية وهو (الكافي ) وروياته عند شيوخ الشيعة‬
‫في أعلى درجات الصحة ‪ .‬يقول الكليني ‪ ( :‬إن القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى‬
‫محمد (ص) [هكذا] وآله وسلم ‪ ،‬سبعة عشر ألف آية ) [أصول الكافي ‪. ]2/134 :‬‬
‫والمعلوم أن آيات القرآن أقل من هذا العدد بكثير‪ ،‬ومعنى القول ‪ :‬أن هناك آيات‬
‫كثيرة ساقطة من القرآن ‪ .‬ولذا فإن الكاشاني يقول عن الكليني ‪( :‬إنه كان يعتقد‬
‫التحريف والنقصان في القرآن ‪ ،‬لنه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي‬
‫ولم يتعرض لقدح فيها مع أنه ذكر في أول كتابه أنه يثق بما رواه ) [تفسير‬
‫الصافي‪ :‬المقدمة السادسة ص ‪ ]52‬ط‪ :‬العلمي ‪.‬‬
‫‪ -4‬ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ‪ :‬مؤلف كتاب ‪( :‬فصل الخطاب في‬
‫إثبات تحريف كتاب رب الرباب ) ‪ .‬وهذا الكتاب هو الذي أظهر خلف الشيعة في‬
‫هذه المسألة‪ ،‬أو بمعنى آخر أجج الخصومة بين الشيعة‪ ،‬حيث حشد فيه من الدلة‬
‫وأقوال من سبقوه على إثبات التحريف والنقص في كتاب ال ‪ ،‬ورد على المخالفين‬
‫الذين ينكرون التحريف ‪ .‬ول نحتاج إلى أن نعزو شيئ ًا من صفحاته‪ ،‬بل تأمله من‬
‫أوله إلى منتهاه فإنه ل تخلو صفحة منه من تقرير أن القرآن الذي بأيدينا ناقص‬
‫ومحرف ومبدل ‪.‬‬
‫هذا غيض من فيض ولقد تركنا ذكر بعض مشايخ الشيعة خوفاً من الطالة‪،‬‬
‫ونكتفي بسرد سريع لهم ‪:‬‬
‫‪ -6‬العياشي في تفسيره (‪.)1/13،168،169‬‬
‫‪-7‬فرات بن إبراهيم الكوفي ( تفسير فرات ‪ :‬ص ‪)85 ،18‬‬
‫‪ -8‬محمد بن إبراهيم النعماني ‪ ،‬كتاب الغيبة (ص ‪.)218‬‬
‫‪ -9‬إبو القاسم الكوفي ‪ :‬كتاب الستغاثة (ص ‪.)29‬‬
‫‪-10‬الطبرسي (صاحب كتاب الحتجاج ) (ص ‪.)14‬‬
‫‪-11‬المجلسي (ت ‪( )1111‬مرآة العقول ‪.)2/536 :‬‬
‫‪ -12‬نعمة ال الحزائري ‪ :‬النوار النعمانية ‪. 2/356‬‬
‫‪-13‬المازندراني (ت ‪ )1081‬شارح الكافي ‪)11/76( :‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ولكن ومع ظهور مقالت الشيعة وتكاثرها في كتبهم إل أنك ل تظفر بشيء منهم‬
‫فيما لو ناقشتهم في هذه المسألة‪ ،‬فتارة يحيلونك إلى التقية‪ ،‬وتارة إلى أن هذا المر‬
‫لم يكن من طريق التواتر‪ ،‬وغير ذلك من الطرق الملتوية التي يلبسونها على غير‬
‫شيعتهم‪ ،‬ولكنهم فيما بينهم مختلفون‪ ،‬فمنهم من يقر بهذا التحريف وأنه واقع في‬
‫القرآن وهم الكثر ‪ ،‬ومنهم من ل يقر به وهم القليل ‪ .‬وصاحب كتاب فصل الخطاب‬
‫‪ :‬يهون من شأن المخالفين له ويصف بعضهم بقلة العلم كما قاله في حق‬
‫الطوسي ‪ ،‬قال‪( :‬والطوسي في إنكاره [يعني لتحريف القرآن ] معذور لقلة تتبعه‬
‫الناشيئ من قلة تلك الكتب عنده) [فصل الخطاب ورقة ‪. ]175‬‬
‫أو يلجأ إلى التقية إن لم يجد ما يفند به قول خصمه ‪ .‬وأما الخلف بينهم فهو واقع‬
‫وتشهد به كتبهم ‪ .‬والحمد ال الذي هدانا ولم يضلنا في كتابه ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ب‪ :‬موقف علماء الشيعة المعاصرون وكتابها من عقيدة نقصان القرآن وتحريفه ‪.‬‬
‫اختلف علماء الشيعة المعاصرون في هذه المسألة كما اختلف اسلفهم‪ ،‬ولكن مع‬
‫اختلف بسيط فيما بينهم ‪ .‬وسوف يأخذ البحث محورين ‪:‬‬
‫المحور الول ‪ :‬إنكار بعض المعاصرين من الشيعة لمقالة التحريف ‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬العتراف بوجود هذه المقالة في كتبهم ومحاولة تبريرها ‪.‬‬
‫فالول‪ :‬إنكار بعض المعاصرين من الشيعة لمقالة التحريف ‪.‬‬
‫ومنهم ‪:‬‬
‫‪ -1‬عبد الحسين المين النجفي في كتابه الغدير ‪ .‬حيث خطأ ابن حزم في نسبة هذه‬
‫المقالة إلى شيعته ‪ ،‬فقال ‪( :‬ليت هذا المجتريء أشار إلى مصدر فريته من كتاب‬
‫للشيعة موثوق به‪ ،‬أو حكاية عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزناً‪ ....‬ثم قال‬
‫‪ :‬وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم المامية مجمعة على أن ما بين الدفتين هو ذلك‬
‫الكتاب ل ريب فيه ) [الغدير‪. ]86-3/94 :‬‬
‫والجواب عنه ‪ :‬قول النجفي هذا تقية بل شك ‪ ،‬وإل هل يُعقل أن يجهل شيخ من‬
‫شيوخهم ما تحتويه بعض كتب الشيعة من إنكار هذه الفرية ‪ ،‬أو حتى ذكر الخلف‬
‫فيه ‪ .‬وقوله إن المامية مجمعة على ذلك ‪ :‬كذب ل شك فيه‪ ،‬تكذبه كتب الشيعة ‪.‬‬
‫وقد سقنا في الحلقات الماضية ما يثبت ذلك من واقع كتبهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد الحسين شرف الدين الموسوي قال‪( :‬نسب إلى الشيعة القول بالتحريف‬
‫بإسقاط كلمات وآيات‪ ،‬فأقول نعوذ بال من هذا القول ونبرأ إلى ال من هذا الجهل‪،‬‬
‫وكل من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا أو مفتر علينا‪ ،‬فإن القرآن الحكيم‬
‫متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته ) [أجوبة مسائل جار ال ‪. . ]29-28 :‬‬
‫والجواب عنه ‪ :‬أما تعوذه بال من هذا القول فنحن نوافقه على ذلك‪ ،‬وأما إنكار‬
‫نسب هذا القول لبعض مشايخ الشيعة فيقال فيه ما قيل في الجواب السابق ‪ .‬ولكن‬
‫ينبغي أن يلحظ أن قوله ‪ ( :‬فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا ‪ . ) ..‬ففي هذا‬
‫القول إيهام للقاريء ‪ .‬فماذا يقصد من طرقنا ؟ فإن كان يقصد من طريق المسلمين‬
‫جميعهم فنحن نوافقه‪ ،‬فالقرآن تواتر عند المسلمين جميعهم ‪ .‬وإن كان يقصد تواتر‬
‫من طرقهم أي من طرق الئمة المعصومين‪ ،‬أي القرآن المنتظر الغائب‪ ،‬فهذا هو‬
‫الذي لنوافقه عليه بل نضلل قائله ‪.‬‬
‫‪ -3‬لطف ال الصافي‪ ،‬وأغا برزك الطهراني ‪ .‬حيث ذهبا إلى محاولة (غبية مكشوفة‬
‫) في بيان قصد النوري الطبرسي من تأليفه كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف‬
‫كتاب رب الرباب) ‪ .‬فقال‪ :‬إن مراد المؤلف هو الرد على من أثبت هذه الفرية‪،‬‬
‫والقصد من تأليفه هو محاربة هذه المقالة !! ‪.‬‬
‫والجواب عنه ‪ :‬أن اسم الكتاب ظاهر من عنوانه ل يحتاج معه إلى تأويل ‪ .‬وثانياً‬
‫‪ :‬أن مؤلف الكتاب نفسه قد صرح بهذا الغرض في مقدمة كتابه ‪ ،‬وكتابه كله في‬
‫تقرير هذه المسألة وبيان وقوع التحريف والنقص في كتاب ال ‪ .‬وبهذا يتبين فساد‬
‫قول الصافي والطهراني ‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬العتراف بوجود هذه المقالة في كتب الشيعة ومحاولة تبريرها ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وهذا الصنف من علماء الشيعة لم يسعهم إنكار ما سطرته كتبهم واطلع عليها‬
‫المسلمون وغيرهم ‪ ،‬فلم يمكنهم من إنكار ما تحويه كتبهم فيكونوا مكذبين لعلمائهم‬
‫ومشايخهم ‪ ،‬فذهب أولئك إلى تلمس العذار وجلب التأويلت‪ ،‬والبحث في بطون‬
‫كتبهم علهم يجدون شيئا يتشبثون به ‪ .‬وقد اختلفوا في تبرير هذه المقالة‪ ،‬وهي‬
‫محاولة منهم لحفظ عقيدة الشيعة من الظهور أمام المسلمين بمخالفتها لما استقر‬
‫عندهم من حفظ ال لكتابه ‪.‬‬
‫‪ -1‬فذهبت طائفة إلى القول ‪ :‬أن الروايات التي فيها ذكر هذه المقالة ‪( :‬ضعيفة شاذة‬
‫وأخبار آحاد ل تفيد علماً ول عملً ‪ ،‬فأما أن تؤول بنحو من العتبار أو يضرب بها‬
‫الجدار )[محمد حسين آل كاشف الغطا (أصل الشيعة ‪. ])64-63‬‬
‫والجواب عنه ‪:‬‬
‫إن ذكر أن هذه الخبار ضعيفة وشاذة وأخبار آحاد ‪ ،‬ل يستقيم مع ما ذكره‬
‫علمائهم ومشايخهم المعتبرين عندهم كالمفيد والكاشاني والمجلسي الذين صرحوا‬
‫باستفاضة هذه الروايات وتواترها عندهم وشهرتها وصحتها ‪ .‬واعتماد هذا القول‬
‫من شيخهم المعاصر ينسف ما قرره أولئك الوائل ! ‪ .‬فبأي قول تأخذ الشيعة ؟ أم‬
‫أن المر يعود تقية ؟ هذا ما نخشاه ! ‪.‬‬
‫‪ -2‬وذهبت طائفة إلى القول بأن القرآن الذي بأيدينا ليس فيه تحريف ‪ ،‬ولكنه ناقص‬
‫قد سقط منه ما يختص بولية علي ( وكان الولى أن يعنون المبحث تنقيص الوحي‬
‫أو يصرح بنزول وحي آخر وعدمه حتى ل يتمكن الكفار من التمويه على ضعفاء‬
‫العقول بأن في كتاب السلم تحريف ًا باعتراف طائفة من المسلمين ) [أغا برزك‬
‫الطهراني (الذريعة ‪. . ])313-3‬‬
‫والجواب عنه ‪:‬‬
‫ما الفرق بين أن يقال تحريف القرآن ‪ ،‬أو تنقيص القرآن ؟ ‪ .‬كلهما تلعب باليات‪.‬‬
‫والدعوى بأن ما سقط هو ما يختص بولية علي رضي ال عنه‪ ،‬هو تأكيد لما‬
‫يقرره جمهور الشيعة من وجود النقصان في القرآن الذي بأيدينا ! ‪ .‬ول يخفى‬
‫عليك أخي ما تحمله كلمة (باعتراف طائفة من المسلمين ) ‪ .‬فهو يريد التلبيس على‬
‫المسلمين بأن فيهم من قال بهذه المقالة‪ ،‬والحق أن هذا القول انفرد به الشيعة دون‬
‫غيرهم من الطوائف ‪.‬‬
‫‪ -3‬وذهبت طائفة إلى القول ‪ :‬بأن القرآن الذي بين الدفتين هو كلم ال الذي أنزله‬
‫على محمد صلى ال عليه وسلم بدون زيادة ول نقصان ‪ ،‬ولكن ‪ ( :‬أننا معاشر‬
‫الشيعة –الثني عشرية – نعترف بأن هناك قرآن ًا كتبه المام علي رضي ال عنه‬
‫بيده الشريفة‪ ،‬بعد أن فرغ من كفن رسول ال صلى ال عليه وسلم وتنفيذ وصاياه‪،‬‬
‫فجاء به إلى المسجد النبوي فنبذه الفاروق عمر بن الخطاب قائلً للمسلمين حسبنا‬
‫كتاب ال وعندكم القرآن فرده المام علي إلى بيته ولم يزل كل إمام يحتفظ به‬
‫كوديعة إلهية إلى أن ظل محفوظاً عند المام المهدي القائم عجل ال تعالى فرجنا‬
‫بظهوره ) [الخراساني (السلم على ضوء التشيع ‪. . ])204 :‬‬
‫والجواب عنه ‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫إن كان مصحف علي رضي ال عنه ‪ ،‬كما كان عند ابن مسعود مصحف خاص‬
‫به‪ ،‬ل يختلف عن مصاحف المسلمين‪ ،‬فل حاجة بنا إلى رد هذه المقالة ل تفاقنا‬
‫وإياهم على ذلك ‪ .‬وإن كان مصحف علي رضي ال عنه الذي عهد به إلى الئمة‬
‫بعده يخالف ما عندنا وفيه زيادة على القرآن الذي بين أيدينا ‪ ،‬عاد المر إلى أصله‬
‫وهو أننا نقرأ في قرآن ناقص‪ ،‬وأن قوله تعالى ‪{ :‬إنانحن نزلنا الذكر وإنا له‬
‫لحافظون} ليس على حقيقته ‪– .‬نعوذ بال من ذلك ‪ . -‬ثم إن غياب هذا المصحف‬
‫طوال هذه القرون إلى أن يظهر المهدي فيه إشقاق على الناس وضللهم عن الهدى‬
‫‪.‬‬
‫‪ -4‬وطائفة تقول ‪( :‬وقع بعض علمائنا المتقدمين بالشتباه فقالوا بالتحريف ولهم‬
‫عذرهم‪ ،‬كما لهم اجتهادهم ‪ ،‬وإن أخطأوا بالرأي‪ ،‬غير أنا حينما فحصنا ذلك ثبت‬
‫عندنا عدم التحريف فقلنا به وأجمعنا عليه ) [الشيعة والسنة في الميزان‪ ،‬محاكمة‬
‫بقلم س خ ‪ ،‬نشر نادي الخاقاني ص ‪. ]49-48‬‬
‫والجواب عنه ‪:‬‬
‫ونحن نقول بأن القرآن لم يحرف ‪ ،‬وأن جمهور علماء الشيعة كانوا في ضلل في‬
‫هذا الباب‪ ،‬ونحن نطالب بأن يكون هذا هو الذي تجمع الشيعة عليه الن ل تقية ‪.‬‬
‫ولكن الواقع يكذب ذلك ول يصدقه‪ ،‬فما تزال بعض الكتب المعاصرة الشيعية تطفح‬
‫بهذا المقالة وتنصرها‪ ،‬وإن كان العم الغلب منها يقررها ولكن بطرق خفية ‪.‬‬
‫والحاصل ‪ :‬أن المعاصرين من علماء الشيعة إن كانوا صادقين فيما يدعونه‬
‫فليظهروا هذا المر وليطبقوه واقعاً وليشهروه علنا صريح ًا بل مواربة ‪ .‬أما سرد‬
‫العبارات الملبسة أو الصريحة المغلفة بالتقية بدون عمل فل ‪ .‬ويبقى المر في‬
‫خلفهم كما هو في سلفهم ‪.‬‬

‫‪ -11‬السنة عند الشيعة‪ ،‬وطرق تلقي العلم والوحي عند الئمة ‪.‬‬
‫يذكر بعض علماء السنة أن الشيعة وبعض الفرق الخرى رفضوا الخذ بسنة‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وذلك لتكفيرهم الصحابة رواة الخبار ‪[ .‬انظر‬
‫الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي ص ‪ . ]322‬ولكن جاءت بعض الخبار في‬
‫كتب الشيعة لتنفي هذا الزعم الذي أُلصق بها ومن ذلك قولهم عن أئمتهم‪( :‬أن كل‬
‫شيء مردود إلى الكتاب والسنة‪ ،‬وكل حديث ل يوافق كتاب ال فهو زخرف )‬
‫[البهبودي‪ /‬صحيح الكافي ‪. ]1/11 :‬‬
‫ولكن الناظر في كتب الشيعة والمدقق لها يجد روايات أخرى كثيرة تخالف ما‬
‫قرروه سابقاً‪ ،‬بل إنك لتعجب من مخالفتهم لما قرره علماء السلم في سنة رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ -‬الصل الثاني‪-‬من أصول التلقي‪ -‬المفسر لكتاب ال‬
‫الشارح له‪ -‬على مدى قرون طويلة ‪ .‬وسوف نعرض لشيء من هذه المخالفة‬
‫على وجه اليجاز‪ ،‬وإل فبسطه يطول جداً ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -1‬وأول شيء تطالعنا به كتبهم أن إتصال السند إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم في أحاديثهم ليست لزمة في صحة النقل عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬بل يكفي أن يروي إمامهم المعصوم الحديث‪ ،‬فيُعلم بذلك صحته ونسبته إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم؛ بل عندهم أن المام المعصوم إذا حدث بحديث‬
‫يجوز لك أن تقول ‪ :‬قال ال !! ‪.‬‬
‫يقول عبد ال فياض–أحد الشيوخ المعاصرين‪( : -‬إن العتقاد بعصمة الئمة جعل‬
‫الحاديث التي تصدر عنهم صحيحة دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم كما هو الحال عند أهل السنة ) [تاريخ المامية ‪ . ]140 :‬ويصف‬
‫محمد رضا المظفر ذلك بأنه ( استمرار للنبوة ) [عقائد المامية ‪. ]66 :‬‬
‫ويقول المازندراني شارح الكافي ‪( :‬يجوز من سمع حديثاً عن أبي عبد ال‪-‬رضي‬
‫ال عنه‪ -‬أن يرويه عن أبيه أو عن أحد من أجداده‪ ،‬بل يجوز أن يقول قال ال تعالى‬
‫!!) [المازندراني‪ :‬شرح جامع على الكافي ‪. ]2/272 :‬‬
‫قلت ‪ :‬وبهذا يُنسف كل ما قرره علماء الحديث وغيرهم لثبوت صحة الحديث‬
‫المنسوب إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم من اتصال السند وعدالة رواته‪،‬‬
‫وموافقته للصول العامة في متنه‪ ،‬وعدم غرابته ونكارته‪ ،‬وعدم مخالفته للقرآن‬
‫والحاديث الصحيحة الخرى‪...‬إلخ ‪ .‬كل هذا يُنسف برواية عن إمامهم المعصوم ! ‪.‬‬
‫ليس لها زمام ول خطام ‪.‬‬
‫وإن اعتقاد هذا يفتح باب الكذب على رسول ال صلى ال عليه وسلم وعلى ال ‪.‬‬
‫نسأل ال العافية ‪.‬‬
‫‪ -2‬جعل الشيعة المامية لئمتهم سنة معتبرة كما لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم !‪ ،‬وفي هذا يقول محمد تقي الحكيم ‪( :‬وألحق الشيعة المامية كل ما يصدر‬
‫عن أئمتهم ال ثنا عشر من قول أو فعل أو تقرير بالسنة الشريفة ) [سنة أهل البيت‬
‫‪ :‬ص ‪. ]9‬‬
‫ومن هذا ومما سبق يتضح أن الشيعة المامية جعلت كلم أئمتها حجة واجب‬
‫التباع من طريقين ‪ :‬الول كونها سنة معتبرة كسنة النبي صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وسنة النبي صلى ال عليه وسلم طريقها الوحي‪ ،‬والثاني ‪ :‬أنهم يأخذون علمهم من‬
‫الئمة المعصومين قبلهم ‪ .‬وبهذا فإن الشيعة ل مناص لها ول محيد عنها من الخذ‬
‫بما يقوله أئمتهم وقبوله على وجه الذعان والتسليم حتى ولو خالف النصوص‬
‫القرآنية أو الحاديث الصريحة الصحيحة‪ ،‬بل حتى ولو خالف إجماع المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -3‬طرق تلقي العلم عند الئمة يكاد يضاهي بل ضاهى ما يحصل لرسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم عند تلقيه للوحي من ربه ‪ .‬ويبين هذا رواية في الكافي عن موسى‬
‫بن جعفر قال –كما يزعمون ‪ ( : -‬مبلغ علمنا على ثلثة وجوه ‪ :‬ماض ‪ ،‬وغابر ‪،‬‬
‫وحادث ‪ .‬فأما الماضي فمفّسر‪ ،‬وأما الغابر فمزبور ‪ ،‬وأما الحادث فقذف في القلوب‬
‫ونقر في السماع وهو أفضل علمنا ول نبي بعد نبينا ) [أصول لكافي ‪. ]1/264 :‬‬
‫قلت‪ :‬يعنون بالماضي المفسر هو ما حدث به رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬وأما‬
‫الغابر المزبور ‪ :‬فهو ما كتبه علي بن أبي طالب رضي ال عنه بيده إملء من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أو من الملئكة مثل الجامعة ‪ .‬وأما الحادث ‪ :‬فهو‬

‫‪33‬‬
‫علمٌ يحدث لئمتهم المعصومين من ال مباشرة بل واسطة ملك‪ ،‬ثم هذا الحادث‬
‫متنوع فهو إما قذف في القلوب فيحدث العلم في قلب المام المعصوم بمجرد القذف‪،‬‬
‫وإما نقر في السماع حيث يحدثه الملك بما كان أو يكون أو نحو ذلك ‪.‬‬
‫ثم قال ‪( :‬وهو أفضل علمنا ول نبي بعد نبينا ) ‪ .‬أقول‪ :‬إن هذه الجملة الخيرة‬
‫تناقض ما ذُكر قبل ‪ ،‬وبيانه ‪ :‬أن النبي بشر كسائر الناس إل أن ال اصطفاه وخصه‬
‫بالرسالة وبالوحي لتبليغ شرع ال ودينه إلىالناس ‪ .‬قال تعالى آمراً نبيه أن يقول ‪:‬‬
‫{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ‪ ..‬الية } [الكهف ‪ . ]110 :‬ولكن ما يحدث للئمة‬
‫المعصومين عند الشيعة المامية من تلقي الوحي والنكت في السماع والقذف في‬
‫القلوب‪ ،‬لهو من خصائص النبوة والرسالة التي ل تكون لحد غيرهم‪ ،‬وبهذا يظهر‬
‫أن الذي وضع هذه الرواية لم يُحسن سبكها ! ‪.‬‬
‫‪ -4‬اعتقاد أن هناك علماً ووحياً إلهياً مودعاً عند الئمة المعصومين ‪ .‬و ل يظهر‬
‫إلى عند الحاجة إليه ‪ .‬يقول شيخهم محمد بن حسين آل كاشف الغطا –وهو من‬
‫المعاصرين‪ ( : -‬أن حكمة التدريج اقتضت بيان جملة من الحكام وكتمان جملة ‪،‬‬
‫ولكنه –سلم ال عليه ‪ -‬أودعها عند أوصيائه ‪ :‬كل وصي يعهد به إلى الخر‬
‫لينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة من عام مخصص‪ ،‬او مطلق أو‬
‫مقيد‪ ،‬أو مجمل مبين‪ ،‬إلى أمثال ذلك ‪ .‬فقد يذكر النبي عاماً ويذكر مخصصه بعد‬
‫ل بل يودعه عند وصيه إلى وقته ) [أصل الشيعة‬ ‫برهة من حياته‪ ،‬وقد ل يذكره أص ً‬
‫ص ‪ . ]77‬ويقول شيخهم بحر العلوم –وهو معاصر أيضاً ‪( : -‬لما كان الكتاب العزيز‬
‫متكفلً بالقواعد العامة دون الدخول في تفصيلتها‪ ،‬احتاجوا إلى سنة النبي ‪...‬‬
‫والسنة لم يكمل بها التشريع !‪ ،‬لن كثيراً من الحوادث المستجدة لم تكن على عهده‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬احتاج أن يدخر علمها عند أوصيائه ليؤدوها عنه في‬
‫أوقاتها ) [مصابيح الصول‪ :‬ص ‪ . ]4‬وذهب إلى مثل ذلك آيتهم العظمى شهاب‬
‫الدين النجفي في تعليقه على إحقاق الحق ‪. 289-2/288 :‬‬
‫قلت ‪ :‬سبق بيان كلم الغطا والرد عليه‪ ،‬وأما بحر العلوم‪ :‬فنقول له ولشيعته ‪ :‬نعم‬
‫كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم جاءت بالقواعد العامة والضوابط‬
‫والصول ولم تدخل في كل جزئية إذ هذا متعذر ويصعب حفظه وضبطه – إل ما‬
‫دعت الحاجة إلى تفصيله‪ ، -‬وهذا من عظمة التشريع وحكمة الباري إذ جعل قواعد‬
‫وأصول تُرد إليها الجزئيات والتفصيلت الدقيقة في كل ما يستجد للناس من‬
‫أحوال ‪ ،‬ولو أن الشريعة جاءت بتفصيلت فقط لوقعنا في حرج عظيم الن لما‬
‫يحصل من مستجدات ونوازل يحتاج معها إلى حكم يوافق الشرع ‪ .‬وقوله أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ادخر هذا العلم عند الوصياء ‪ ،‬فنقول له ‪{ :‬قل‬
‫هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } ‪ .‬ولن تجد ذلك أبداً إل في روياتهم عن أئمتهم ! ‪.‬‬
‫وقد سبق الكلم على ما تزعمه الشيعة من وجود علم ل يعلمه إل آل البيت مما جعل‬
‫أبو جحيفة يسأل علي بن أبي طالب عن ذلك‪ ،‬فعن أبي جحيفة قال‪ ( :‬سألت علي ًا ‪:‬‬
‫هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال‪ :‬ل ‪ ،‬والذي فلق الحبة وبرأ النسمة‪ ،‬ما‬
‫عندنا إل ما في القرآن ‪ ،‬إل فهما يعطيه ال الرجل في كتابه ‪ ...‬الحديث ) والحديث‬
‫مخرج في البخاري ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -5‬بقي أن يقال ما موقف الشيعة المامية من السنة التي بين أيدينا‪ ،‬مع أنهم‬
‫يستشهدون بها أحيانا في كتبهم ‪ .‬والجواب عن ذلك أن يقال‪ :‬هم يستشهدون بها‬
‫في كتبهم لقناعنا بطروحاتهم وأفكارهم‪ ،‬ليس إل ‪ ،‬وإل فهل يعقل أن يؤخذ الحديث‬
‫عن كافر ؟ لنهم يعدون جل الصحابة كفاراً ارتدوا بعد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ .‬ولهذا فهم ل يذكرون الحاديث التي تُظهر بطلن عقيدتهم وإن ذكروها‬
‫أولوها وبدلوا في معناها ‪ .‬اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ‪ ،‬وأرنا الباطل باطلً‬
‫وارزقنا اجتنابه ‪ .‬آمين ‪.‬‬
‫‪ - 12‬بداية تدوين الحديث عند الشيعة‬
‫ليممس مقصممودنا هنمما تتبممع بدايممة تدويممن الحديممث والكلم على كتممب الحديممث عندهممم‬
‫ومناقشتها من الناحية الحديثية‪ ،‬ل ‪ .‬وإنما غرضنا هو بيان للمعتقدات التي ارتكزت‬
‫على هذه الكتب هل كانت تقوم على أسس وقواعد اصطلحية كتتبع السانيد وبيان‬
‫عدالة الرواة‪ ،‬ونقمد المتمن وهمل همو موافمق للصمول والقواعمد الشرعيمة العاممة‪ ،‬أو‬
‫للقرآن ‪ ،‬أو للحاديث الخرى ‪.‬‬
‫‪ -‬فأول كتاب ظهمر للشيعمة وهمو كتاب سمليم بمن قيمس الهللي‪ ،‬وقمد صمرح بهذا ابمن‬
‫النديمم فمي الفهرسمت [‪ . ]219‬والشيعمة تعظمم أممر سمليم بمن قيمس‪ ،‬وكثيمر ممن كتبهمم‬
‫تعتمد على الصول التي وردت في كتاب سليم بن قيس ‪ .‬ولكن بعض علماء الشيعة‬
‫ينفمي نسمبة هذا الكتاب لهمم وأظهروا فيمه ممن التناقضات والخطاء التمي يظهمر بهما‬
‫بطلن نسممبة هذا الكتاب إلى الشيعممة وأنممه منحول عليهممم ‪ .‬وقممد تسممتغرب أن ينفممي‬
‫بعمض علماء الشيعمة نسمبة هذا الكتاب إليهمم ممع أن كتبهمم تذهمب إلى بعمض مما قُرر‬
‫فممي هذا الكتاب ‪ .‬وحتممى يزول عجبممك اعلم أن سممبب نفيهممم للكتاب كان مممن أجممل أن‬
‫مؤلفمه صمرح بأن الئممة ثلثمة عشمر ‪ .‬بينمما كتبهمم ورواياتهمم تنمص على أنهمم أثنمي‬
‫عشممر ‪ ،‬وهذا تناقممض صممارخ‪ ،‬فممما كان منهممم إل أن ينقدوا الكتاب ويظهروا عواره‬
‫للناس حتى ل يكون هناك تناقض بينه وبين كتبهم ‪ .‬ولكن يقال لمن نفى نسبة هذا‬
‫الكتاب إليهمم ‪ :‬أنتمم فررتمم ممن شيمء ووقعتمم فمي آخمر أعظمم منمه‪ ،‬وهمو أن بعمض‬
‫العقائد والقوال والمرويات فمي كتاب سمليم بمن قيمس الهللي‪-‬وهمو أقدم كتاب ينسمب‬
‫للشيعة‪ ،-‬تروى وتقرر في كتبكم‪ ،‬فكما أنكم نسفتم نسبة هذا الكتاب إليكم‪ ،‬أل ينبغي‬
‫أن يعاد النظممر فممي المرويات والقوال التممي نادى بهمما كتاب سممليم بممن قيممس وهممو‬
‫موجودة بنصوصها في كتبكم الن ؟ ! ‪.‬‬
‫‪ -‬وبعمد ذلك يأتمي فمي التسملسل الزمنمي كتاب (بصمائر الدرجات فمي علوم آل محممد‬
‫وما خصهم ال به ) لبي جعفر القمي محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي (ت‬
‫‪ )290‬همو أوسمع كتاب يحوي أحاديثهمم ‪ .‬وقمد اعتمبره بعمض النقاد ممن المسملمين‬
‫والشيعممة و المسممتشرقين المؤسممس الحقيقممي لفقممه الماميممة والناشممر لمروياتهمما ‪.‬‬
‫[انظر أصول مذهب المامية ‪. ]1/352 :‬‬
‫‪-‬وفي القرن الرابع جدد الكليني تأليف كتابه الكافي ‪ ،‬ثم تتابعت الكتب عند الشيعة‬
‫بعد ذلك ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -13‬كتب الحديث المعتمدة عند الشيعة ‪.‬‬
‫الكتب الرئيسية المعتمدة عند الثني عشرية ‪ ،‬ثمانية كتب ‪ ،‬وهي مصادر أخبارهم‬
‫وهي كالتالي ‪:‬‬ ‫وآثارهم ‪.‬‬
‫‪-‬المصادر الربعة المتقدمة وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الكافي ‪ :‬لمحمد بن يعقوب الكليني ‪ .‬قال الشيخ ناصر القفاري ‪ :‬وهو يعد من‬
‫أصمح الكتمب الربعمة المعتمدة عندهمم ‪ ،‬وأنمه كتبمه فمي فترة الغيبمة الصمغرى التمي‬
‫بواسطتها يجد طريقاً إلى تحقيق منقولته ‪ ، ...‬مع أنه الكتاب الوحيد من بين الكتب‬
‫الربعة التي ورد فيه أساطير الطعن في كتاب ال ‪ ،‬وبلغت أحاديث الكافي كما يقول‬
‫العاملي ‪ 16099 :‬حديث ًا ‪[.‬أصول مذهب المامية ‪ 1/353‬حاشية ‪. ]4‬‬
‫قلت ‪ :‬أشدد على قول الشيمخ ‪ :‬ممع أنمه الكتاب الوحيمد ممن بيمن الكتمب الربعمة التمي‬
‫ورد فيممه أسمماطير الطعممن فممي كتاب ال ‪ .‬اهمم ‪ .‬مممما يوضممح لك أن هذه الرويات فممي‬
‫الطعمممن فمممي كتاب ال مصمممنوعة منحولة ‪ ،‬وإل لماذا لم تذكرهممما الكتمممب الخرى‬
‫وخصوصاً التي سبقتها ككتاب بصائر الدرجات للصفار !‪.‬‬
‫‪176‬‬ ‫‪-2‬كتاب من ل يحضره الفقيه ‪ .‬لشيخهم محمد بن بابويه القمي ‪ .‬وقد اشتمل على‬
‫باب ًا و (‪ )9044‬حديثاً ‪ ،‬وقممد حذف أسممانيدها لئل تكثممر الطرق عليممه‪ ،‬وقال ‪ :‬بأنممه‬
‫اسمتخرجها ممن كتمب مشهورة عندهمم وعليهما المعول‪ ،‬ولم يورد فيهما إل مما يؤممن‬
‫صحته ‪[ .‬انظر مقدمة الكتاب ] ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬حذف السممانيد لئل تكثممر الطرق ليممس سممبباً كافياً عنممد أهممل الحديممث لقبول‬
‫الحديمث‪ ،‬و ل نرتضمي حديثاً بدون زمام ول خطام‪ ،‬ثمم ننسمبه إلى رسمول ال صملى‬
‫ال عليمه وسملم‪ ،‬ثمم نقيمم عليمه ديننما ! ‪ .‬فمما يكون صمحيحاً عنمد محدث قمد ل يكون‬
‫صممحيحاً عنممد آخممر ‪ .‬ولكنهممم قوم أعجزهممم السممناد لعلمهممم بأن هناك نقاداَ سممبروا‬
‫الرجال ومحصممموهم‪ ،‬وعرفوا الطرق وخبروهممما‪ ،‬وبينوا صمممحيحها ممممن سمممقيمها ‪.‬‬
‫فخافوا إن هممم سممموا رجالً أن يُفضحوا ‪ ،‬فأتوا بأحاديثهممم وروياتهممم هكذا ل يعرف‬
‫سندها ول رجالها وذلك ليتسنى لهم أن يضعوا من الحديث ما شاءوا ‪.‬‬
‫‪ -3‬كتاب تهذيب الحكام ‪.‬‬
‫‪ -4‬كتاب الستصار ‪ :‬وكلهما لبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت ‪360‬هم)‬
‫وقمد أُلف تهذيمب الحكام لمعالجمة التناقمض والختلف الواقمع فمي رواياتهمم ‪ .‬وأمما‬
‫الستبصار فهو يقع في ثلثة أجزاء ‪ .‬وعدد أحاديثه حسب حصر المؤلف له (‪)5511‬‬
‫وقال المؤلف ‪ :‬حصمرتها لئل يقمع فيهما زيادة أو نقصمان ‪ .‬اهمم ‪ .‬ولكمن جاء فمي كتاب‬
‫الذريعمة(‪ )2/14‬أن عدد أحاديثمه بلغمت ( ‪ . )6531‬ممما يدل على أن الطبعات الخيرة‬
‫أضافممت إليممه أحاديممث كثيرة لم يضعهمما المؤلف‪ ،‬مممما يدل على أن أيدي التحريممف‬
‫بالزيادة والنقصان تلعبت بكتاب الستبصار ‪.‬‬
‫‪ -‬وهذه الكتمب الربعمة قال عنهما الفيمض الكاشان (ت ‪1091‬همم)ي ‪( :‬إن مدار الحكام‬
‫الشرعيممة اليوم على هذه الصممول الربعممة ‪ ،‬وهممو المشهود عليهمما بالصممحة مممن‬

‫‪36‬‬
‫مؤلفيهما ) [الوافمي‪ . ]1/11 :‬وقال أغما بزرك الطهرانمي ممن المعاصمرين ‪( :‬الكتمب‬
‫الربعممة والمجامممع الحديثيممة التممي عليهمما اسممتنباط الحكام الشرعيممة حتممى اليوم )‬
‫[الذريعة ‪[ . ]2/14 :‬انظر أصول مذهب المامية ‪. ]355-1/354/‬‬
‫‪-‬ويلي ذلك المجاميمع الربعمة أو المصمادر الربعمة المتأخرة التمي أُلفمت فمي القرن‬
‫الحادي عشر وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الوافي ‪ :‬لمحمد بن مرتضى المعروف بمل محسن الفيض الكاشاني ‪.‬‬
‫‪ -2‬بحار النوار الجامعمة لدرر أخبار الئممة الطهار ‪ .‬لمحممد باقمر المجلسمي ‪ .‬قيمل‬
‫عنه إنه أجمع كتاب في الحديث ‪.‬‬
‫‪ -3‬كتاب وسمائل الشيعمة إلى تحصميل مسمائل الشريعمة ‪ :‬لمحممد بمن الحسمن الحمر‬
‫العاملي‪ . ،‬وهمو ممن أجممع الكتمب عندهمم وقمد جمعهما ممن الكتمب المعتمبرة الربعمة‬
‫عندهم وزاد عليها من كتب أخرى ‪.‬‬
‫‪ -4‬كتاب مستدرك الوسائل لحسين النوري الطبرسي ‪ .‬وهذا الكتاب من المعاصرين‬
‫من أيده بشدة كأغا بزرك الطهراني‪ ،‬ومنهم من انتقده كصاحب أحسن الوديعة ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -14‬الملحظات العامة على كتب الشيعة المامية الثمانية ‪.‬‬
‫نسموق هنما بعمض الملحظات التمي ظهرت على الكتمب الثمانيمة المعتمدة أو المصمادر‬
‫المعتمدة عند الشيعة ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬أن بعض هذه الكتب الثمانية إما جمعاً لبعض الكتب الخرى أو اختصاراً لها‪،‬‬
‫أو تلعبت بها أيدي الشيعة بعد وضعها وتصنيفها من مؤلفها ‪.‬‬
‫فكتاب الوافي ‪ :‬وإن عدوه أصلً معتمداً فهو ل يعدوا أن يكون جمعاً لحاديث الكتب‬
‫الربعة (الكافي‪-‬التهذيب‪ -‬الستبصار‪ -‬من ل يحضره الفقيه )‬
‫وكتاب السممتبصار للطوسممي ‪ :‬هممو فممي حقيقتممه اختصمماراً لكتاب تهذيممب الحكام‬
‫للطوسي ‪ ،‬وقد صرح بذلك الطوسي في مقدمة الستبصار فكيف يُعد أصلً متسقلً ‪.‬‬
‫[انظر ‪ :‬الستبصار ‪. ] 2 /1‬‬
‫وكتاب بحار النوار للمجلسي ‪ :‬جعله مؤلفه في (‪ )25‬مجلدًا ‪ ،‬وكان المجلد الخامس‬
‫والعشرين كبيراً‪ ،‬فجاء من بعده وقسموه إلى قسمين فأصبح (‪ )26‬مجلداً ‪ .‬ولما جاء‬
‫المعاصممرون أضافوا له كتباً كثيرة ليسممت مممن وضممع المؤلف كجنممة المأوى للنوري‬
‫الطبرسمي وغيره ‪ .‬فأصمبح هذا الكتاب الذي أصمله (‪ )25‬مجلدًا ‪ )110 ( ،‬مجلدًا ! ‪ .‬بمل‬
‫ومن العجب أن المجلد الول يحمل الرقم (‪ )0‬صفر ‪.‬‬
‫ثاني ًا ‪ :‬تشابه كثير من مسائلهم الفقهية مع أهل السنة ‪ ،‬مما يؤكد ما ذهب إليه شيخ‬
‫السلم من أن الشيعة أخذوا فقههم عن أهل السنة‪ ،‬وخالفوهم في أمور كثيرة ‪ .‬فما‬
‫وافقوا أهل السنة فقد أصابوا ‪ ،‬وما خالفوهم فيه فقد ضلوا فيه وأخطأوا ‪ .‬قال شيخ‬
‫السلم ‪( :‬والحق أن أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ‪ ،‬ولم تنفرد الشيعة عنهم قط‬
‫بصواب‪ ،‬بل كل ما خالفت فيه الشيعة جميع أهل السنة فالشيعة فيه مخطئون ‪ ...‬ثم‬
‫قال ‪ :‬وإن كان كثير من المسلمين قد يخطئ ) [منهاج السنة النبوية ‪ . ]3/98 :‬فنحن‬
‫ل ننكر أن يكون من علماء أهل السنة من يخطئ ‪ ،‬ولكنهم إذا اتفقوا ليخرج الحق‬
‫عنهم بحال أبداً ‪.‬‬
‫ثالث ًا ‪ :‬الحاديمث التي يرويها الشيعة سواء كانت منسموبة إلى النمبي صلى ال عليمه‬
‫وسلم أو إلى أئمتهم‪ ،‬ل يفرقون بينها في التلقي والعصمة ‪ ،‬فالكل حق عندهم ‪.‬‬
‫وأما أهل السنة والجماعة فإنهم يفرقون بين الحديث المنسوب إلى النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وبين من دونه ‪ .‬في العصمة والتلقي ‪ .‬فمن دون النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم دائ ٌر بين القبول والرد‪ ،‬فإن وافق النصوص الشرعية قبل وإل رد ‪.‬‬
‫رابعاً ‪ :‬قلنا أن الكتب المعتمدة عندهم ثمانية أربعة منها متقدمة وهي الكافي ومن‬
‫ل يحضره الفقيه ‪ ،‬وكتاب تهذيب الحكام ‪ ،‬والستبصار ‪.‬‬
‫وأربعمممة منهممما متأخرة وهمممي ‪ :‬الوافمممي ‪ ،‬بحار النوار ‪ ،‬وسمممائل الشيعمممة‪ ،‬وكتاب‬
‫مستدرك الوسائل ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وهذه الكتممب المتأخرة لم تدون إل بعممد القرن الحادي عشممر الهجري وآخرهمما تأليفاً‬
‫هو كتاب مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي (ت ‪1320‬هم ) ‪.‬‬
‫والملحظ على هذه الكتب أن فيها كماً هائلً من الحاديث ل توجد في الكتب الربعة‬
‫المعتمدة المتقدمة ‪ .‬وفيها ما يقرب من ثلثة وعشرين ألف حديث عن الئمة [انظر‬
‫الذريعة ‪. ]21/7 :‬‬
‫والسمؤال الذي يطرح نفسمه ‪ :‬أيمن السمند الذي يثبمت صمحة هذه المرويات علىمدى‬
‫أحد عشر قرن ًا ؟! ‪ .‬ويجيب عن هذا السؤال بعض علمائهم وشيوخهم ‪ :‬بأنه توفرت‬
‫عندهم كتب كثيرة غير الكتب الربعة المتقدمة‪ ،‬وفيها أحاديث كثيرة‪ ،‬وبها أخرجنا‬
‫هذه الحاديث ‪.‬‬
‫ولكن هذه الحجة رد عليها شيخهم وعالمهم ‪-‬المتقدم‪-‬الطوسي‪ ،‬فإنه قال ‪ :‬أنه جمع‬
‫فممي كتابممه تهذيممب الحكام جميممع ممما يتعلق بالفقممه مممن أحاديممث أصممحابهم وكتبهممم‬
‫وأوصولهم لم يتخلف عن ذلك إل نادر قليل وشاذ يسير ‪[ .‬الستبصار ‪. ]1/2 :‬‬
‫خامسمممماً ‪ :‬اختلف وتضاد الروايات والحاديممممث التممممي فممممي كتبهممممم اختلف ًا كثيرًا‬
‫متضاداً ‪ ،‬ولقمد تألم شيخهمم محممد بمن الحسمن الطوسمي ممن هذا كثيراً لمما آلت إليمه‬
‫كتبهممم وأحاديممث مممن التضاد والختلف والمنافاة والتبايممن ‪ ،‬وقال ‪( :‬ل يكاد يتفممق‬
‫خمبر إل وبإزائه مما يضاده‪ ،‬ول يسملم حديمث إل وفمي مقابلتمه مما ينافيمه ) [انظمر ‪:‬‬
‫تهذيمب الحكام ‪ . ]3-2 /1 :‬ثمم حاول الطوسمي أن يجمد عذراً لقوممه فأحال اختلف‬
‫المر إلى التقية ‪ ،‬ويال كم ضيع دين الشيعة باسم التقية ! ‪.‬‬
‫وكذا الفيمض الكاشانمي صماحب الوافمي فقمد اشتكمى ممن ذلك كثيراً فقال عمن علمائهمم‪:‬‬
‫(تراهم يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قو ًل أو ثلثين قولً أو أزيد؛ بل‬
‫لو شئت أقول لم تبممق مسممألة فرعيممة لم يختلفوا عليهمما أو فممي بعممض متعلقاتهمما )‬
‫[الوافي ‪ ،‬المقدمة‪ :‬ص ‪. ]9‬‬
‫بل اشتكى قبلهم إمامهم ‪ .‬جاء في رجال الكشي –أحد كتبهم المعتبرة في الرجال‪: -‬‬
‫اشتكى الفيض بن المختار إلى أبي عبد ال قال ‪( :‬جعلني ال فداك ‪ ،‬ماهذا الختلف‬
‫الذي بيممن شيعتكممم ؟ فقال‪ :‬وأي الختلف ؟ فقال‪ :‬إنممي لجلس فممي حلقهممم بالكوفممة‬
‫فأكاد أشك في اختلفهم في حديثهم ‪ ..‬فقال‪ :‬أبو عبد ال أجل هو ما ذكرت أن الناس‬
‫أولعوا بالكذب علينمما ‪ ،‬وإن أحدث أحدهممم بالحديممث ‪ ،‬فل يخرج مممن عندي ‪ ،‬حتممى‬
‫يتأوله على غيممر تأويله‪ ،‬وذلك أنهممم ل يطلبون بحديثنمما وحبنمما ممما عنممد ال‪ ،‬وإنممما‬
‫يطلبون الدنيما‪ ،‬وكمل يحمب أن يدعمى رأسماً ) [رجال الكشمي‪ :‬ص ‪ ، 136-135‬وكذلك‬
‫بحار النوار‪. ]2/246 :‬‬
‫سادساً ‪ :‬أول كتاب في الرجال عند الشيعة كان في المائة الرابعة الهجرية ‪ ،‬وهو‬
‫رجال الكشي‪ ،‬وهو كتاب في غاية الختصار‪ ،‬وفيه أخبار متعارضة في الجرح‬
‫والتعديل ‪ ،‬وفيه أخطاء كثيرة وواشتباه في أسامي الرجال أو آبائهم أو كناهم أو‬
‫القابهم ‪[ .‬انظر‪ :‬الممقاني‪ /‬تنقيح المقال‪ . ]1/177 :‬بل قال الطوسي –وهو قد جمع‬
‫ثلثة كتب في رجال الشيعة‪( : -‬إن كثيراً من مصنفي أصحابنا ينتحلون المذاهب‬
‫الفاسدة‪-‬ومع هذا يقول‪ -‬إن كتبهم معتمدة ! ) [انظر الفهرست للطوسي ‪ :‬ص ‪-24‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ . ]25‬وكلم الطوسي هذا يشعر بأن فساد المذهب ليس بلزم في تحقيق الرواية‬
‫وقبولها ما دام أنه ينتنحل المذهب الشيعي ! ‪.‬‬
‫قاصمة ‪:‬‬
‫تعتمد كثيراً من مرويات الشيعة على رجال يكثر ذكرهم في السانيد‪ ،‬كجابر الجعفي‬
‫وزرارة بن أعين ‪ .‬وهاذان قد أكثر الئمة من ذمهما بل ولعنهما‪ ،‬ومع ذلك فإن كتب‬
‫الشعية تروي لهما الكثير من الحاديث ‪ .‬يقول الحر العاملي عن جابر الجعفي ‪:‬‬
‫( روى سبعين ألف حديث عن الباقر عليه السلم وروى مائة وأربعين ألف حديث‪،‬‬
‫والظاهر أنه ما روى بطريق المشافهة عن الئمة عليهم السلم ) [وسائل الشيعة ‪:‬‬
‫‪ . ]20/151‬وذكر الخوئي أن مجموع رواياته ف كتبهم الربعة تبلغ ‪ )2094( :‬مورداً ‪.‬‬
‫[الخوئي ‪ /‬معجم رجال الحديث ‪. ]7/247 :‬‬
‫وإذا علمنا أن مجموع أحاديث الكتب الربعة لم تبلغ سوى (‪ )44244‬حديثاً [انظر ‪:‬‬
‫أعيان الشيعة ‪ . ]1/280 :‬تبين لنا أن هذين قد رويا كثيراً من أحاديث الشيعة وهي‬
‫معتمدة عندهم ولها قبول ‪.‬‬
‫جاء في رجال الكشي ‪ :‬أن زرارة بن أعين قال ‪( :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫عن أحاديث جابر ؟ فقال ما رأيته عند أبي قط إل مرة واحدة‪ ،‬وما دخل علي قط )‬
‫[رجال الكشي‪ :‬ص ‪ . ] 191‬وطبعًا جنح شيوخ الشيعة إلى حمل هذه الرواية‬
‫علىالتقية [انظر ‪ :‬معجم رجال الحديث ‪ 5/25 :‬للخوئي ] ‪ .‬وقال النجاشي عن‬
‫الجعفي ‪( :‬وكان في نفسه مخلطاً ) [رجال النجاشي‪ /‬ص ‪ . ]100‬وقال هاشم معروف‬
‫‪( :‬إن جابر الجعفي من المتهمين عند أكثر المؤلفين في الرجال ) [الموضوعات في‬
‫الثار والخبار ‪. ]234 :‬‬
‫ومما قاله أهل السنة في جابر الجعفي ‪ ،‬قال أبو حنيفة ‪( :‬ما رأيت أحداً أكذب من‬
‫جابر الجعفي)‪ ،‬وقال ابن حبان ‪( :‬كان سبئيا من أصحاب عبد ال بن سبأ ‪ ،)..‬وقال‬
‫جرير بن عبد الحميد ‪( :‬ل استحل أن أحدث عن جابر الجعفي ‪ ،‬وقال هو كذاب‬
‫يؤمن بالرجعة ) [انظر ‪ :‬العقيلي ‪ /‬الضعفاء الكبير ‪ ،1/196 :‬وابن حبان ‪/‬‬
‫المجروحين ‪. ]1/208 :‬‬
‫وأما زرارة بن أعين ‪ :‬فقد تكلم فيه علماء الحديث من أهل السنة وأجمعوا على أن‬
‫زرارة بن أعين لم يرى أبا جعفر فكيف يحدث عنه ‪[ .‬انظز لسان الميزان ‪. ]2/474 :‬‬
‫وبالتأكيد أن الشيعة لتقبل كلماً من نقاد الحديث من أهل السنة ‪ .‬ونقول لهم جاء‬
‫في الفهرست للطوسي ‪ :‬أن زرارة بن أعين من أسرة نصرانية وجده يدعى (سنسن‬
‫) كان راهباً في بلد الروم‪ ،‬وكان أبوه عبدًا رومياً لرجل من بني شيبان ‪.‬‬
‫[الفهرست للطوسي ‪. ]104 :‬‬
‫وفي رجال الكشي ‪ :‬قال أبو عبد ال ‪( :‬ما أحدث أحد في السلم ما أحدث زرارة بن‬
‫أعين من البدع عليه لعنة ال ) [رجال الكشي ‪. ]149 :‬‬
‫وقال‪ ( :‬زرارة شر من اليهود والنصارى ‪ ،‬ومن قال ‪ :‬إن مع ال ثالث ثلثة )‬
‫[رجال الكشي‪ . ]160 :‬ونقل الكشي أن ابا عبد ال لعنه ثلث ًا وقال‪( :‬إن ال نكس‬
‫قلب زرارة ‪[ )..‬رجال الكشي ‪. ]160 :‬‬

‫‪40‬‬
‫ونقول ‪ :‬ما مصير الروايات التي جاءت من طريق هذين ؟ سؤال ننترك الجابة‬
‫عليه لكل شيعي ! ؟‬
‫[انظر هذا المبحث بتوسع في ‪ :‬منهاج السنة المجلد الثالث ‪.‬‬
‫و أصول مذهب الشيعة المامية الثني عشرية للشيخ ناصر القفاري حفظه ال ‪( .‬‬
‫‪] 366-353 /1‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -15‬حقيقة الجماع عند الشيعة ! ‪.‬‬
‫الجماع هو الصل الثالث عند المسلمين بعد الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫يقول ال في محكم كتابه ‪{ :‬ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع‬
‫غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ‪ .‬استدل بهذه‬
‫الية علماء السلم على أن المخالف لما أجمع عليه المسلمون‪ ،‬متبع لغير سبيل‬
‫المؤمنين‪ ،‬وخارج عنهم‪ ،‬وبهذا استدل الشافعي وغيره على تحريم مخالفة الجماع‬
‫‪ .‬مع الرويات الكثيرة عنه صلى ال عليه وسلم أن هذه المة ‪ :‬ل تجتمع على‬
‫ضللة ‪ .‬والحديث تكلم عليه كثير من نقاد الحديث ‪ .‬واستشهد به كثير من أصحاب‬
‫الصول إحتجاج ًا به ‪.‬‬
‫والشيعة هل تقول بهذا الصل كأهل السنة والجماعة ؟‬
‫كعادتنا لن نسوق كلم أهل السنة في بيان ما ذهب إليه الشيعة في هذا الجانب‪،‬‬
‫ولكن سوف نحاجهم بكتبهم وكلم علمائهم ومشايخهم ‪.‬‬
‫يقول ابن المطهر الحلي ‪( :‬الجماع إنما هو حجة عندنا )‪ ،‬وليت هذا المر يقف‬
‫عند هذا الحد فنسلم لهم بموافقة أهل السنة على ذلك؛ بل إن الشيعة تنحو منحىً‬
‫آخر في تفسير معنى الجماع ‪.‬‬
‫فالجماع عندهم ل ينعقد و ليصح إل إذا كان موافقاً لقول المعصوم ‪ .‬فيقول‬
‫المطهر بن الحلي ‪( :‬الجماع إنما هو حجة عندنا ل شتماله على قول المعصوم‪،‬‬
‫فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول المام في جملة أقوالها ‪ ،‬فإجماعها حجة لجله‪،‬‬
‫ل لجل الجماع ) [تهذيب الوصول إلى علم الصول ‪ :‬ص ‪. ]70‬‬
‫وعلى هذا لو اجتمع علماء المسلمين كلهم من السنة والشيعة لم ينعقد الجماع إل‬
‫إذا وافق قول المام المعصوم ‪ ،‬ولو اجتمع اثنان من العلماء لكان اجماعاً معتبرًا !!‬
‫‪ .‬وبهذا يتبين أن الجماع عند الشيعة ليس من شرطه إجماع المة؛ بل بوجود نص‬
‫المعصوم ‪ .‬ففي معالم الدين قالوا‪( :‬أما الجماع فعندنا هو حجة بانضمام‬
‫المعصوم ‪ ،‬فلو خل المائة‪ ،‬من فقهائنا عن قوله لما كان حجة ‪ ،‬ولو كان في اثنين‬
‫لكان قولهما حجة ‪ ،‬ل باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله ) [ص ‪. ]405‬‬
‫وقد أوضح محمد جواد مغنية –وهو من شيوخهم المعاصرين – عن مذهب الشيعة‬
‫في الجماع فقال ‪( :‬أن ثمة تباينًا بين موقف متقدمي الشيعة وبين موقف متأخريهم‬
‫من مسألة الجماع‪ ،‬حيث اتفق المتقدمون (من الشيعة) على أن مصادر التشريع‬
‫أربعة‪ :‬الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬والجمع‪ ،‬والعقل‪ ،‬وغالوا في العتماد على الجماع حتى‬
‫كادوا يجعلونه دليلً على كل أصل وكل فرع‪ ،‬وعد المتأخرون لفظ الجماع مع هذه‬
‫المصادر ولكنهم أهملوه‪ ،‬بل لم يعتمدوا عليه إل منضماً مع دليل آخر في أصل‬
‫معتبر ) [أصول الفقه للشيعة المامية بين القديم والحديث‪ /‬بحث بمجلة رسالة‬
‫السلم‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد الثالث‪ :‬ص ‪. ]286-284‬‬
‫قلت ‪ :‬ولم يسلم بعض مشايخ الشيعة بما تضمنه كلمه عن المتأخرين ‪ ،‬فهذا‬
‫الشعراني في تعاليق علمية على شرح جامع المازندراني[‪ : ]2/414‬يؤكد على أن‬
‫الجماع حجة مستقلة ثم ساق نصوصاً عن بعض مشايخهم و علمائهم ‪ .‬وهذا‬
‫يوضح أن علماء ومشايخ الشيعة المعاصرين مختلفون في هذا الصل ‪ .‬وأرجع‬

‫‪42‬‬
‫الشيخ القفاري حفظه ال ‪ ،‬الخلف في هذا بين الصوليين والخباريين من‬
‫الشيعة ‪ ،‬فالولون ذهبوا إلى حجية الجماع ‪ .‬والخباريون جعلوا وجود قول‬
‫المعصوم شرطاً في قبوله ‪.‬‬
‫وقبل أن نختم هذا المبحث ل بد أن نوضح حقيقة مهمة جدًا وهي ‪ :‬أن الجماع‬
‫الذي يسوقه مشايخ الشيعة وعلمائهم يضاد بعضه بعض ًا ‪ ،‬بل إن إجماعهم أصبح‬
‫كروياتهم تضارب بعضها بعض ًا !! ‪ .‬وقد اشتكى بعض مشايخ الشيعة من استفحال‬
‫هذا المر ‪.‬‬
‫فهذا الطريحي صاحب جامع المقال يقول عن ابن بابويه القمي الملقب عنده‬
‫بالصدوق إنه ‪ ...( :‬ليدعي الجماع في مسألة ويدعي إجماعاً آخر على خلفها‬
‫وهو كثير ) [جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال ‪ :‬ص ‪. ]15‬‬
‫وهذا النوري الطبرسي يقول ‪ ( :‬ربما يدعي الشيخ والسيد إجماع المامية على أمر‬
‫وإن لم يظهر به قائل !!!) [فصل الخطاب ‪ :‬ص ‪ . ]34‬قلت ‪ :‬وهذه طامة كبرى ‪.‬‬
‫فإنه من الممكن أن يُدعى الجماع على أمر قال به إثنان أو ثلثة ونحو ذلك‪ ،‬أما أن‬
‫يُدعى الجماع على أمر لم يقل به أحد فهذه شنيعة كبرى !! ‪.‬‬

‫‪ -16‬حقيقة توحيد اللوهية عند الشيعة ‪.‬‬


‫بسم ال الواحد الحد ‪.‬‬
‫توحيد اللوهية وهو توحيد ال بأفعالنا‪ ،‬وصرف العبادات كلها ل عز وجل‪ ،‬ومن‬
‫أجله أرسلت الرسل‪ ،‬وأنزلت الكتب‪ ،‬قال تعالى ‪( :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسول أن‬
‫اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت ) وقال تعالى‪( :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إل‬
‫نوحي إليه أنه ل إله إل أنا فاعبدون ) ‪ .‬فهل هذا هو التوحيد عند الشيعة ؟‬
‫إن من تأمل كتب الشيعة وصحاحهم ليجد أن توحيد اللوهية عند الشيعة مخالف‬
‫للتوحيد الذي أرسل ال به رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم ‪ .‬وسوف نعرض‬
‫شيئاَ من ذلك ‪:‬‬
‫أ‪ -‬التوحيد عندهم هو اليمان بإمامة علي رضي ال عنه والئمة من بعده‪ ،‬والشرك‬
‫‪ :‬هو الشرك في ولية علي والئمة ‪.‬‬
‫ويتضح هذا بالنصوص التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬ففي قوله تعالى‪{ :‬ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن‬
‫عملك } ‪ .‬جاء تفسيرها في الكافي (‪( :)1/427‬يعني إن أشركت في الولية غيره ) ‪.‬‬
‫وفي تفسير القمي (‪( : )2/251‬لئن أمرت بولية أحد مع ولية علي من بعدك ليحبطن‬
‫عملك ) ‪ .‬وانظر البرهان (‪ ، )4/83‬وتفسير الصافي ‪. )4/328( :‬‬
‫واليات قبلها وبعدها ل تساعد الشيعة إلى تأويلهم المخالف فإن ال قال ‪{ :‬قل‬
‫أفغير ال تأمروني أعبد أيها الجاهلون ‪ .‬ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن‬
‫أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ‪ .‬بل ال فاعبد وكن من الشاكرين } ‪.‬‬
‫وهي واضحة جلية في توحيد ال وعبادته ‪ ،‬ونبذ الشرك بال ‪ .‬بل إنك ل تجد ذكراً‬
‫لعلي ل من قريب ول من بعيد ‪ .‬انظر قوله في أول اليات {قل أفغير ال تأمروني‬

‫‪43‬‬
‫‪ }...‬وقوله في آخرها ‪{ :‬بل ال فاعبد وكن من الشاكرين } ‪ .‬فأين ذكر علي ؟ إل‬
‫أن يكون مرادهم بال هو علي ؟ ! نعوذ بال من الضلل بعد الهدى ‪.‬‬
‫‪ -‬وفي قوله تعالى ‪{ :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إل نوحي إليه أنه ل إله إل أنا‬
‫فاعبدون } ‪ .‬جاء في تفسير العياشي (‪( : )3/134‬ما بعث ال نبياً قط إل بوليتنا‬
‫والبراءة من أعدائنا) ‪ ،‬وفي أصول الكافي (‪( : )1/437‬ول يتنا ولية ال التي لم‬
‫يبعث نبياً قط إل بها ) ‪.‬‬
‫ولقد صرح صاحب مرآة النوار (‪ )202‬فقال‪( :‬إن الخبار متضافرة في تأويل الشرك‬
‫بال الشرك بعبادته بالشرك في الولية والمامة‪ ،‬أي يشرك مع المام من ليس من‬
‫أهل المامة‪ ،‬وأن يتخذ مع ولية آل محمد رضي ال عنهم (أي ‪ :‬الئمة الثنا‬
‫عشر ) ولية غيرهم ) ‪.‬‬
‫والتناقض في كتب الشيعة كثير‪ ،‬وإليك هذه الرواية التي تبطل مزاعمهم ‪ :‬جاء في‬
‫تفسير البرهان (‪( : )4/78‬عن حبيب ابن معلى الخثعمي قال‪ :‬ذكرت لبي عبد ال‬
‫ي ما يقول ‪ .‬قال ‪ :‬في قوله عز و‬
‫رضي ال عنه ما يقول أبو الخطاب‪ ،‬فقال‪ :‬أجل إل ّ‬
‫جل {وإذا ذكر ال وحده } أنه أمير المؤمنين ‪{ ،‬وإذا ذكر الذين من دونه} فلن‬
‫وفلن [أي أبو بكر وعمر] ‪ .‬قال أبو عبد ال ‪ :‬من قال هذا فهو مشرك بال عز‬
‫وجل ثلثاً أنا إلى ال منهم بريء ثلثاً ‪. ) ...‬‬
‫ب‪ -‬الولية عند الشيعة المامية هي أصل قبول العمال ‪.‬‬
‫فالعمل إن سلم من الشرك رُجي لصاحبه الجنة‪ ،‬برحمة ال وعفوه وغفرانه ‪{ :‬إن‬
‫ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ‪.‬‬
‫ولكن قبول العمل عند الشيعة المامية‪ ،‬ل يكون إل باليمان بولية الئمة ! ‪ .‬فمن‬
‫كان مؤمن ًا بولية الئمة ولو جاء بقراب الرض خطايا فهو مقبول مغفور له عند‬
‫الشيعة ‪ .‬ومن جاء بأعمال صالحة كالجبال ولكنه لم يؤمن بولية الئمة فهو حابط‬
‫العمل في النار ! وإليك شيئاً من أخبارهم ‪:‬‬
‫‪ -‬ففي بحار النوار (‪ )27/169‬زعموا أن ال قال لنبيه ‪( :‬يا محمد لو أن عبدًا يعبدني‬
‫حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحداً لوليتهم ما أسكنته جنتي ول‬
‫أظللته تحت عرشي ) ‪.‬‬
‫‪ -‬وفي أمالي الشيخ الطوسي (‪ )1/314‬قال‪( :‬لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال‬
‫الجبال ولم يجيء بولي علي بن أبي طالب لكبه ال عز وجل بالنار ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬والشواهد على هذا كثيرة من كتب الشيعة‪ ،‬وينقض دعوىالشيعة المامية‪،‬‬
‫أن القرآن بين أيدينا وليس في ذكرٌ للمامة لمن قريب ول من بعيد‪ ،‬ومسألة‬
‫عظيمة كهذه ل يمكن أن تخفى علىالمسلمين ‪ ،‬ولم يكن ال ليجعل خلقه في ضلل‬
‫فإن هذا ل يليق بال جل جلله‪،‬‬ ‫ل يعرف هذا الصل العظيم وهو المامة ‪،‬‬
‫ولما لم يذكر في القرآن ‪ ،‬ولم تحوه كتب السنة المعتبرة ‪ ،‬عُلم أنه مما وضعته‬
‫الشيعة ليجاد سبيل إلى تعظيم الئمة وتثبيت عقيدة الئمة الثني عشر ‪.‬‬
‫ت‪ -‬الئمة هم الواسطة بين ال وبين خلقه ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫أهل السنة والجماعة يؤمنون بأن النبياء والرسل وسائط بين ال وبين الخلق‬
‫في تبليغ الشرائع‪ ،‬وأمر الناس بما أوجبه عليهم‪ ،‬ونهيهم عما حرمه عليهم ‪.‬‬
‫أما أن تكون الوسائط لها ما ل من جلب النفع ودفع الضر‪ ،‬وتفريج الكربات‪،‬‬
‫وإجابة الدعوات‪ ،‬وتحليل الحرام ‪ ،‬وتحريم الحلل ‪...‬إلخ ‪ .‬فهذا هو الكفر و‬
‫الشرك بال عز وجل ‪.‬‬
‫والشيعة المامية تقول ‪ :‬أن أئمتهم وسائط بين ال وبين خلقه في تبليغ‬
‫الشرائع‪ ،‬وتفريج الكربات‪ ،‬ورفع الشدائد‪ ،‬وتحصيل المنافع ودفع المضار ‪.‬‬
‫يقول المجلسي عن أئمته (بحار النوار ‪( : )23/97‬فإنهم حجب الرب‪ ،‬والوسائط‬
‫بينه وبين الخلق ) ‪.‬‬
‫ث‪ -‬الدعاء عند الشيعة المامية ل ينفع ول يُرفع إل إذا كان باسم الئمة ! ‪.‬‬
‫جاء في البحار (‪ )23/103‬و وسائل الشيعة (‪( : )4/1142‬من دعا ال بنا أفلح‪ ،‬ومن‬
‫دعا بغيرنا هلك واستهلك ) ‪ .‬وفي بحار النوار (‪ ،)26/325‬و وسائل الشيعة (‬
‫‪ )4/1143‬عن الرضا عليه السلم قال ‪( :‬لما أشرف نوح عليه السلم على الغرق‬
‫دعا ال بحقنا فدفع ال عنه الغرق‪ ،‬ولما رمي إبراهيم عليه السلم في النار دعا‬
‫ال بحقنا فجعل ال النار عليه برداً وسلماً‪ ،‬وإن موسى عليه السلم لما ضرب‬
‫طريقا في البحر دعا ال بحقنا فجعله يبساً ‪ ،‬وإن عيسى عليه السلم لما أراد‬
‫اليهود قتله دعا ال بحقنا فنجي من القتل فرفعه ال ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه الروايات تنسف ما يقرره القرآن‪ ،‬وما تقرره السنة الصحيحة من‬
‫إخلص الدعاء ل وحده ‪{ .‬وقال ربكم ادعوني استجب لكم}‪ ،‬وقال تعالى ‪:‬‬
‫{وادعوه مخلصين له الدين} ‪ ،‬وقال تعالى ‪{ :‬فادعوا ال مخلصين له الدين ولو‬
‫كره الكافرون} ‪ .‬وغير ذلك من اليات ‪.‬‬
‫وإن صرف الدعاء لغير ال شرك‪ ،‬وصاحبه من أهل النار ‪{ .‬وقال ربكم ادعوني‬
‫استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ‪.‬‬
‫ثاني ًا ‪ :‬هل كان النبياء والرسل في حاجة إلى يسألوا الئمة الذين لم يوجدوا بعد‬
‫في إجابة ال سؤلهم ودفع الضر عنهم وهم أقرب الخلق إلى ربهم ومليكهم ؟‬
‫وهذه الروايات والنصوص جعلت كثيراً من الشيعة تعلق قلوبها بأئمتها دون‬
‫ال‪ ،‬فهو إن دعا كان أول ما يخطر بعقله وقلبه إمامه المعصوم‪ ،‬فيظن أنه لن‬
‫تُجاب دعوته إل عن طريق إمامه‪ ،‬فوقع في الشرك من حيث يشعر ومن حيث ل‬
‫يشعر ‪.‬‬
‫ج ‪ -‬جواز الستغاثة بالئمة عند الشيعة المامية ‪.‬‬
‫الستغاثة في المور التي ل يقدر عليها إل ال شرك أكبر‪ ،‬كجلب النفع أو دفع‬
‫الضر‪ ،‬أو رفع البلء‪ ،‬أو استنزال النصر ‪{ .‬أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف‬
‫السوء} ‪{ .‬إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم } ‪.‬‬
‫ولكن الشيعة المامية تجوز أن يستغاث بالئمة؛ بل إنها جعلت لكل إمام وظيفة عند‬
‫طلب الغوث ! ‪ .‬فقد جاء في بحار النوار (‪ ...( : )94/33‬أما علي بن الحسين فللنجاة‬
‫من السلطين ونفث الشياطين‪ ،‬وأما محمد بن علي وجعفر بن محمد فللخرة وما‬
‫تبتغيه من طاعة ال عز وجل‪ ،‬وأما موسى بن جعفر فالتمس به العافية من ال عز‬

‫‪45‬‬
‫وجل‪ ،‬وأما علي بن موسى فاطلب به السلمة في البراري والبحار‪ ،‬وأما محمد بن‬
‫علي فاستنزل به الرزق من ال تعالى‪ ،‬وأما علي بن محمد فللنوافل وبر الخوان‬
‫وما تبتغيه من طاعة ال عز وجل‪ ،‬وأما الحسن بن علي فللخرة‪ ،‬وأما صاحب‬
‫الزمان فإذا بلغ منك السيف الذبح فاستعن به فإنه يعينك ) ‪.‬‬
‫وانظر ما جاء في بحار النوار ‪-‬أيضاً‪ )94/37( -‬في وصف المام المنتظر قال‪..( :‬‬
‫أركان البلد‪ ،‬وقضاة الحكام‪ ،‬وأبواب اليمان‪ ...،‬منائح العطاء‪ ،‬بكم إنفاذه محتوماً‬
‫مقروناً‪ ،‬فما شيء منه إل وأنتم له السبب وإليه السبيل‪ ..‬فل نجاة ول مفزع إل‬
‫أنتم‪ ،‬ول مذهب عنكم يا أعين ال الناظرة ‪ . ) ..‬فانظر إلى هذا التأليه وما ذا أبقوا‬
‫ل عز وجل ‪.‬‬
‫وفي الرقاع التي يكتبها الشيعة المامية ويضعونها عند قبور أئمتهم ! دعاء باسم‬
‫الئمة واستغاثة بهم‪ ،‬فمن ذلك ‪( :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬كتبت إليك ما مولي‬
‫صلوات ال عليك مستغيثاً‪ ،...‬فأغثني يا مولي صلوات ال عليك عند اللهف‪ ،‬وقدم‬
‫المسألة ل عز وجل في أمري قبل حلول التلف وشماتة العداء‪ ،‬فبك بسطت النعمة‬
‫علي‪ ،‬واسأل ال[خطاب للمام صاحب القبر] جل جلله لي نصراً عزيزًا ‪( )..‬بحار‬
‫النوار ‪. )30-94/29 :‬‬
‫ح‪ -‬الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلى بيت ال الحرام ‪.‬‬
‫فمن أركان السلم الحج ‪ .‬وهو حج بيت ال الحرام لمن استطاع إليه سبيلً ‪ ،‬ولم‬
‫يخالف في ذلك أحد إل الشيعة وغلة الصوفية ‪.‬‬
‫فالشيعة المامية جعلت التقرب إلى مشهد المام أعظم من الطواف ببيت ال‬
‫الحرام ‪ ،‬ففي الكافي (‪)1/324‬وتهذيب الحكام للطوسي (‪ ،)2/16‬وفي وسائل الشيعة‬
‫للحر العاملي ‪ ( : )10/348( :‬إن زيارة الحسين تعدل عشرين حجة‪ ،‬وأفضل من‬
‫عشرين عمرة وحجة ) ‪.‬‬
‫ولما قال أحد الشيعة المامية لمامه ‪( :‬إني حججت تسع عشرة حجة‪ ،‬وتسع عشرة‬
‫عمرة ) أجابه المام بأسلوب يشبه السخرية – قائلً ‪( : -‬حج حجة أخرى‪ ،‬واعتمر‬
‫عمرة أخرى‪ ،‬تكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السلم ) !! ‪ ( [ .‬تهذيب الحكام‬
‫للطوسي ‪ ،)2/16( :‬وبحار النوار ‪ ،)101/38( :‬ووسائل الشيعة ‪. ] )10/348( :‬‬
‫فانظروا إلى أي درجة وصل تعظيم القبور ‪ ،‬أن جُعل زيارة قبر الحسين أعظم من‬
‫حج بيت ال الحرام والعمرة فيه بعشرين مرة !! ‪.‬‬
‫وعلى هذا فنقول للشيعة المامية ‪ :‬أن المعظم للقبر الراجي من صاحبه النفع ‪ ،‬أو‬
‫دفع الضر‪ ،‬أو الغوث ‪ ..‬قد خلع على صاحب القبر صفة اللوهية‪ ،‬فمن يجلب النفع‬
‫إل ال‪ ،‬ومن يدفع الضر إل ال‪ ،‬ومن يجيب دعوة الداعي إل ال‪ ،‬ومن يجيب‬
‫المضطر إذا دعاه إل ال ‪ .‬فإذا كان ال هو الخالق‪ ،‬الرازق‪ ،‬المالك‪ ،‬المتصرف‪،‬‬
‫المحيي‪ ،‬المميت‪ ،‬كان من الواجب أن يصرف له الدعاء‪ ،‬ويسأل الرحمة والمغفرة‪،‬‬
‫ويطلب منه دفع الضر‪ ،‬وجلب النفع ‪ ، ...‬وصرف تلك العبادات لغيره ظلم شرك بال‬
‫عز وجل ‪ .‬ثم هو ظلم للمخلوق المدعو في قبره الذي يرجو رحمة ربه وتجاوزه‬
‫عنه ‪ ،‬ثم إنهم عباد فقراء إلى ال فكيف تسألونهم من دون ال ؟ {إن الذين تدعون‬
‫من دون ال عبادٌ أمثالكم } ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ومع كثرة الروايات في كتب الشيعة من هذا الشرك إل أنك تجد في بعض الروايات‬
‫ما يضادها‪ ،‬وهذه عادة مستمرة في كتب الشيعة أنك تجد التناقض في كثير من‬
‫مسائلهم ‪.‬‬
‫( ‪...‬فعن حنان قلت لبي عبد ال عليه السلم ‪ :‬ما تقول في زيارة قبر الحسين‬
‫صلوات ال وسلمه عليه ‪ ،‬فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال‪ :‬تعدل حجة وعمرة ؟‬
‫قال ‪ ،‬فقال‪ :‬ما أضعف هذا الحديث‪ ،‬ما تعدل هذا كله؛ ولكن زوروه ول تجفوه فإنه‬
‫سيد شباب أهل الجنة ) [بحار النوار‪. ]101/35 :‬‬
‫قلت وكعادة مشايخ الشيعة ردت هذا المر إلى التقية عند تأويل كلم أبي عبد‬
‫ال ! ‪ ،‬فها هو المجلسي يقول ‪( :‬لعل المراد أنها ل تعدل الواجبين من الحج‬
‫والعمرة‪ ،‬والظهر أنه محمول على التقية ) [بحار النوار‪. ]101/35 :‬‬
‫وحتى ل نطيل في الكلم عن عقيدة الشيعة المامية في الئمة المقبورين‪ ،‬نسرد لكم‬
‫بعض عبادتهم عند قبور أئمتهم بشكل موجز ‪:‬‬
‫‪ -1‬الطواف بقبور أئمتهم ‪:‬‬
‫لم يبح ال لمتهم طوافاً قط إل ببيته المعظم (الكعبة )‪ ،‬والشيعة المامية من دينها‬
‫الطواف على قبور أئمتها ‪ ،‬مع أنه جاء عن بعض أئمتهم تحريم ذلك فقال ‪ ...( :‬ل‬
‫تشرب وأنت قائم‪ ،‬ول تطف بقبر‪ .... ،‬فإن من فعل ذلك فل يلومن إل نفسه‪ ،‬ومن‬
‫فعل شيئاً من ذلك لم يكن يفارقه إل ما شاء ال ‪[ ) ..‬علل الشرع ل بن بابويه ص‬
‫‪ ،283‬وبحار النوار ‪ . ]100/126 :‬ولم يرتض المجلسي هذا الكلم من إمامهم فأجهد‬
‫نفسه في تأويل قوله (ول تطف بقبر) حتى أخرجه عن معناه الصحيح إلى معنى‬
‫يُضحك المجانين فقال ‪( :‬يحتمل أن يكون المراد بالطواف المنفي هنا التغوط !!) ‪.‬‬
‫[بحار النوار ‪ . ]100/127 :‬قلت ‪ :‬في أي قاموس تجد أن من معاني الطواف‪ ،‬التغوط‬
‫‪ .‬نسأل ال السلمة والعافية ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصلة عند القبر ‪:‬‬
‫وهذه مخالفة أخرى تسجلها كتب الشيعة المامية‪ ،‬حيث وضعوا أحاديث في فضائل‬
‫الصلة عند قبور الئمة‪ ،‬ففي بحار النوار (‪( : )138-100/137‬من زار الرضا أو واحد‬
‫من الئمة فصلى عنده ‪ ،‬فإنه يكتب له بكل ركعة تركعها عنده كثواب من حج ألف‬
‫حجة‪ ،‬واعتمر ألف عمرة‪ ،‬وأعتق ألف رقبة وكأنما وقف في سبيل ال ألف ألف‬
‫مرة مع نبي مرسل‪ ،‬وله بكل خطوة مائة حجة‪ ،‬ومائة عمرة ‪ ،‬وعتق مائة رقبة في‬
‫سبيل ال‪ ،‬وكتب له مائة حسنة‪ ،‬وحط عنه مائة سيئة ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪( :‬لعن ال اليهود والنصارى اتخذوا‬
‫قبور أنبيائهم مساجد) [البخاري مع فتح الباري‪ ]1/532 :‬وفي رواية ‪ :‬وصالحيهم ‪.‬‬
‫والناظر لتركيب هذه الجور العظيمة على مجرد زيارة لقبر إمام من الئمة ليعلم‬
‫علم اليقين أن هذا الحديث مصنوع‪ ،‬صنعه ووضعه من أراد صد الناس عن مساجد‬
‫ال ‪ ،‬وإيقاعهم في البدع والشرك والخرافات ‪.‬‬
‫‪ -3‬النكباب على القبر ‪.‬‬
‫يقول الطوسي في وصفه لعمال زيارة يوم الجمعة ‪ .... ( :‬ثم تنكب على القبر‬
‫وتقول ‪ :‬مولي ‪ ..‬الخ ) [مصباح المجتهد للطوسي ‪ :‬ص ‪ .]195‬وفي بحار النوار (‬

‫‪47‬‬
‫‪ )101/257‬قال ‪ ( :‬فإذا اتيت فقف خارج القبة‪ ،‬وأوم بطرفك نحو القبر وقل‪ :‬يا مولي‬
‫‪ ....‬ثم قال ‪ :‬ثم انكب على القبر وقل‪ :‬يا مولي أتيتك خائفاً فآمني ‪ ،‬وأتيتك‬
‫مستجيراً فأجرني ) ‪ .‬اهم ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬و وال إن اللسان ليعجز أن يقول مثل هذا الكلم لغير ال سبحانه وتعالى ‪،‬‬
‫فما بال الشيعة أوغلت في الشرك ‪ ،‬وهل هذا النكباب على القبر إل سجود لغير‬
‫ال ‪ ،‬وهل هذا الكلم والتضرع إل دعاء غير ال ! ‪.‬‬
‫‪ -4‬إتخاذ قبور الئمة قبلة ‪.‬‬
‫سئل المام المهدي الغائب المنتظر ! عند الشيعة عن الصلة عند القبور فقال ‪:‬‬
‫(أما الصلة فإنها خلفه ويجعل القبر أمامه‪ ،‬ول يجوز أن يصلي بين يديه ول عن‬
‫يمينه ول عن يساره‪ ،‬لن المام صل ال عليه ل يتقدم عليه ول يساوى)‬
‫[الحتجاج للطبرسي ‪. ]2/312 :‬‬
‫قلت ‪ :‬ومع أن قبلة المسلمين واحدة‪ ،‬وهي الكعبة المشرفة ‪ ،‬إل أن الشيعة المامية‬
‫جعلت من قبور أئمتهم قبلة أينما كانوا ! ‪.‬‬
‫وفي المقابل جاءت بعض الروايات التي تضاد هذه التجاه ‪ ،‬كقول أبي جعفر محمد‬
‫الباقر ‪( :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬ل تتخذوا قبري قبلة ول مسجداً‪،‬‬
‫فإن ال عز وجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) [ابن بابويه في علل‬
‫الشرائع ص ‪ ،358‬وبحار النوار ‪. ]100/128 :‬‬
‫وكعادة المجلسي حمل قول الباقر على التقية ورجح القول النص السابق ‪ .‬فنعوذ‬
‫بال من الخذلن ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -17‬حقيقة توحيد الربوبية عند الشيعة ‪.‬‬
‫بسم ال الديان ‪.‬‬
‫توحيد الربوبية هو توحيد ال بأفعاله‪ ،‬فهو الرازق المحيي المميت المالك‬
‫المتصرف ‪ . ...‬وصرف شيء من صفات الرب للمخلوق شرك بالخالق ‪ .‬ولم يعرف‬
‫عن أمة من المم أنها أنكرت أن يكون هناك رب ًا سوى ال‪ ،‬وإنما جعلت بعض المم‬
‫المشركة أن ثم خالقاً خلق بعض الخلق ‪ .‬ولكن ماهي نظرت الشيعة المامية تجاه‬
‫الرب‪ ،‬وهل صرفت له ما يستحقه من الصفات ؟ هذا سوف يتبين في المسائل‬
‫التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬خلعهم على بعض الئمة صفة الربوبية ‪:‬‬
‫جاء في [مرآة النوار (ص ‪ ،)59‬وهو بصائر الدرجات للصفار ] ‪ :‬أن علياً‬
‫‪-‬زعموا‪ -‬قال ‪( :‬أنا رب الرض الذي يسكن الرض به ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وأين هذا القول من قوله تعالى ‪ ...{ :‬فقالوا ربنا رب السموات والرض لن‬
‫ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا} ‪ .‬أو قوله تعالى ‪ { :‬قل من رب السموات‬
‫والرض قل ال قل أفاتخذتم من دونه أولياء ل يملكون لنفسهم نفعا ول‬
‫ضرا‪}..‬الية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬قولهم ‪ :‬بأن الدينا والخرة كلها للمام يتصرف بها كيف يشاء ‪.‬‬
‫ففي أصول الكافي ‪ : )410-1/407( :‬باب ‪( :‬أن الرض كلها للمام ) ‪ .‬ومما جاء فيه‬
‫من الروايات (‪ :)1/409‬عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪( :‬أما علمت‬
‫أن الدنيا والخرة للمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من‬
‫ال ‪. )..‬‬
‫قلت ‪ :‬من دعاء المؤمنين أنهم يقولون ‪{ :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة‬
‫حسنة وقنا عذاب النار } ‪ .‬فمن هو الرب الذي يدعى ؟ أهو ال الخالق الرازق‬
‫المحيي المميت ؟ أم هو علي رضي ال عنه –تعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيراً‬
‫‪-‬؟‪.‬‬
‫ثم إنك تلحظ في تلك الرواية قوله ‪( :‬ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من ال ) ‪.‬‬
‫حيث ترى تستراً خفياً ‪ ،‬الغرض منه إيجاد مسوغ لمثل هذه الرويات‪ ،‬التي تنشر‬
‫الكفر الصريح !! ‪.‬‬
‫ت‪ -‬قولهم ‪ :‬بإسناد الحوادث الكونية إلى الئمة ‪.‬‬
‫حيث تطالعنا الرواية المشهورة ‪( :‬فعن سماعة بن مهران قال‪ :‬كنت عند أبي عبد‬
‫ال عليه السلم فأرعدت السماء وأبرقت ‪ ،‬فقال أبوعبد ال عليه السلم ‪ :‬أما إنه ما‬
‫كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فهو من أمر صاحبكم ‪ ،‬قلت ‪ :‬ومن صاحبنا؟‬
‫قال‪ :‬أمير المؤمنين عليه السلم ) [المفيد‪ /‬الختصاص ص ‪ ،327‬وبحار النوار ‪( :‬‬
‫‪ ،)27/33‬والبرهان ‪. ] )2/482( :‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا مما تنطق به كتب الشيعة‪ ،‬فأمر السماء والرعد والبرق ليس بيد ال ‪ ،‬بل‬
‫هو بيد أمير المؤمنين !! ‪ .‬ولذا تجدهم إذا أرعدت السماء أو أبرقت ينادون باسم‬
‫علي !‪ ،‬فكفر بال صريح‪ ،‬وخروج عن الصراط المستقيم‪ ،‬وبعد عن سنة المصطفى‬

‫‪49‬‬
‫الذي أمر بالتسبيح عند سماع الرعد { ويسبح الرعد بحمده والملئكة من خيفته‬
‫ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في ال وهو شديد المحال}‪.‬‬
‫فبال عليكم كيف يتجرأ قلم أو ينطق لسان بمثل هذا ‪ ،‬ألم يقرأوا قوله تعالى‪{ :‬هو‬
‫الذي يريكم البرق خوف ًا وطمع ًا وينشيء السحاب الثقال } ‪.‬‬
‫بل لم يق المر عند هذا الحد حتى جعلوا تسيير السحاب بأمر علي رضي ال‬
‫عنه ! ‪ ،‬ففي أحد رواياتهم ‪ ...( :‬ما كان من سحاب فيه رعد صاعقة وبرق‬
‫فصاحبكم يركبه ‪ ،‬أما أنه سيركب السحاب‪ ،‬ويرقى في السباب أسباب السموات‬
‫والرضين السبع ‪ ،‬خمس عوامر وثنتان خراب ) [الختصاص‪ :‬ص ‪ ،199‬وبحار‬
‫النوار ‪. ]27/32 :‬‬
‫قلت ‪ :‬وإنا لنجد حرجا في سوق مثل هذه الروايات‪ ،‬ولكن ما لنا من بيان الحق بد‪،‬‬
‫ولعل الشيعة يرجعون‪ ،‬ولعلهم يعلمون ما في كتبهم من الكفر المبين ‪ .‬أسأل ال أن‬
‫يهديهم إلى الحق المبين ‪ .‬آمين ‪.‬‬
‫ث‪ -‬قولهم بحلول جزء من الله في الئمة ‪:‬‬
‫تزعم الشيعة المامية أن أئمتهم أُعطوا قدرات مطلقة من ال ‪ ،‬جعلت لهم ما ل من‬
‫القدرات ‪ .‬قال أبو عبد ال ‪( :‬ثم مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا )[أصول الكافي‪:‬‬
‫‪ ، ]1/440‬وأخرى ‪ ...( :‬ولكن ال خلطنا بنفسه ) [أصول الكافي ‪. ]1/435 :‬‬
‫ولذا تجد عند الشيعة المامية كم هائل من الروايات التي تضفي علىالئمة صفات‬
‫الخالق ‪ ،‬ثم هي مدعمة ببعض العبارات التي توهم القارئ بأن تلك القدرات من ال‪،‬‬
‫وهذا أسلوب مخادع موهم‪ ،‬وإل فالنصوص المحكمة لم تدع مجالً للشك بأن ل‬
‫صفاته التي ل ينازعها فيها أحد من الرزق والحياء والماته ‪...‬إلخ ‪ .‬ولعلك تعجب‬
‫مثلي أن ترى أن من الصفات التي خُعلت على علي رضي ال عنه زورًا وبهتاناً ‪،‬‬
‫أن جعلوا له صفة إحياء الموتى ‪ .‬فهم يزعمون أن علي ًا أحييى موتى مقبرة الجبانة‬
‫بأجمعهم [بحار النوار ‪ ، ]41/194 :‬وضرب الحجر فخرجت منه مائة ناقة [بحار‬
‫النوار ‪ ،]41/198 :‬وقال سلمان –كما يفترون‪( : -‬لو أقسم أبو الحسن على ال أن‬
‫يحيى الولين والخرين لحياهم ) [بحار النوار ‪ .] 41/201 :‬ومع أن له تلك الصفة‬
‫إل أنه لم يقدر إلى إنجاء نفسه من الموت !! ‪ ،‬أليس هذا عجيب ًا وغريباً ؟ ‪.‬فأين‬
‫عقولكم يا شيعة ! ‪.‬‬
‫وكالعادة تجد روايات أخرى تناقض هذا الكفر الصريح ‪ ،‬ففي رجال الكشي أن جعفر‬
‫بن محمد قال ‪( :‬فو ال ما نحن إل عبيد الذي خلقنا واصطفانا ‪ ،‬ما نقدر على ضر‬
‫ول نفع ‪ ،‬وإن رحمنا فبرحمته‪ ،‬وإن عذبنا فبذنوبنا ‪ ،‬وال ما لنا على ال من‬
‫حجة ‪ ،‬ولمعنا من ال براءة وإنا لميتون ومقبورون ومنشورون ومبعوثون‬
‫وموقوفون ومسؤولون ‪ .‬ويلهم ما لهم لعنهم ال فقد آذوا ال‪ ،‬وآذوا رسول ال في‬
‫قبره ‪ ،‬وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن‬
‫علي صلوات ال عليه ‪[ )...‬رجال الكشي ‪ :‬ص ‪. ]226-225‬‬
‫ول حاجة بنا أن نقول ما ذا فعلوا بمثل هذه الروايات ‪ ،‬فباب التقية لم يدع للحق‬
‫مقالً ‪ .‬نسأل ال السلمة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬التطير عند الشيعة المامية ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ثبت عن ابن مسعود أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪( :‬الطيرة شرك‪،‬‬
‫الطيرة شرك‪ ،‬ثلثاً ) [رواه أبو داود (‪ )3910‬وغيره] ‪ .‬والطيرة من الشرك‪ ،‬وهو‬
‫ينافي التوكل على ال‪ ،‬الذي هو عبادة ل ‪.‬‬
‫وكتب الشيعة فيها التشاؤم والتطير ببعض اليام والرويات فيها متناقضة متضاربة‬
‫‪ .‬فقد جاء في من ل يحضره الفقيه (‪ ،1/95‬ووسائل الشيعة ‪ )8/253‬قال أبو عبد ال ‪:‬‬
‫(ل تخرج يوم الجمعة فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك ) ‪،‬‬
‫وقال ‪( :‬السبت لنا ‪ ،‬والحد لبني أمية) [من ل يحضره الفقيه ‪ ،2/342 :‬وسائل‬
‫الشيعة ‪. ]8/253 :‬‬
‫قلت ‪ :‬واضع هذه الرواية ل شك أنه يهودي حيث فضل يوم السبت وعظمه‪،‬‬
‫واليهود تعظم يوم السبت ‪ .‬وجعل الجمعة يوماً مشئوماً ‪ ،‬وهو عيد المسلمين ! ‪.‬‬
‫ويناقضها من حيث الوضع الرواية التالية ‪ :‬قال أمير المؤمنين ‪-‬زعموا‪ ( : -‬يوم‬
‫السبت يوم مكر وخديعة‪ ،‬ويوم الحد يوم غرس وبناء‪ ،‬ويوم الثنين يوم سفر‬
‫وطلب‪ ،‬ويوم الثلثاء يوم حرب ودم‪ ،‬ويوم الربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس‪،‬‬
‫ويوم الخميس يوم الدخول على المراء وقضاء الحوائج‪ ،‬ويوم الجمعة يوم خطبة‬
‫ونكاح ) [علل الشرائع ‪ :‬ص ‪ ،199‬والخصال ‪ ،2/82 :‬عيون الخبار‪ :‬ص ‪. ]137‬‬
‫قلت ‪ :‬وعلى هذا ل يكون عند الشيعي سوى أربعة أيام يجد فيها الراحة والنس‬
‫والعمل‪ ،‬لن الرواية السابقة جعلت يوم السبت والثلثاء والربعاء أيام شؤم ! ‪.‬‬
‫لكن ومع هذا جاءت روايات أُخر تنفي هذا التطير وتحذر منه ‪ :‬قال أبو عبد ال ‪:‬‬
‫(ل طيرة) [روضة الكافي ‪ ،196 :‬وسائل الشيعة ‪ ،]8/262 :‬وقال‪( :‬كفارة الطيرة‬
‫التوكل ) [روضة الكافي‪ ،198 :‬وسائل الشيعة ‪ . ]8/262 :‬وهناك روايات أخرى لما‬
‫أرى ذكرها خشية الطالة ‪ .‬ول نحتاج مع هذا أن نذكركم أنهم يفسرون هذا‬
‫التناقض بالتقية !! فما ذا بعد الحق إل الضلل ‪.‬‬

‫‪ -18‬حقيقة توحيد السماء والصفات عند الشيعة المامية ‪.‬‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }‬
‫أ‪ -‬القول بالتجسيم ‪.‬‬
‫وصف ال بأنه جسم بدعة ‪ ،‬وهي من اللفاظ التي يوقف قائلها حتى يعرف مراده‬
‫منها‪ ،‬فإن أراد معنى صحيحاً قبل‪ ،‬وإن أراد معنى فاسداً رد‪ ،‬وعلى هذا درج‬
‫المحققين‪ ،‬فل بد من الستفصال ‪.‬‬
‫وأول من أحدثها اليهود‪ ،‬ول أدل على ذلك من قوله تعالى حاكياً عن إفكهم ‪:‬‬
‫{وقالت اليهود عزير ابن ال } ‪ .‬وأول بدء ظهورها في السلم كان من قبل هشام‬
‫بن الحكم‪ ،‬وهشام بن سالم الجواليقي‪ ،‬ويونس بن عبد الرحمن القمي‪ ،‬وأبي جعفر‬
‫الحول [انظر اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ‪ :‬ص ‪ . ]97‬والنصب الكبر‬
‫لهشام بن الحكم فتلك المقالة سمعت عنه أولً [انظر فتاوى ابن تيمية ‪،13/154 :‬‬
‫‪،305‬ومنهاج السنة ‪ ،1/20 :‬ومقالت السلميين للشعري ‪ . ]109-1/106 :‬ويقول ابن‬
‫حزم ‪( :‬قال هشام ‪ :‬إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه ‪[ )..‬الفصل ‪[ ،]5/40 :‬وانظر‬

‫‪51‬‬
‫الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي ‪ :‬ص ‪ ]68،69 ،65‬حيث نقل عن هشام بن‬
‫سالم الجواليقي بأنه كان يقول بأن معبوده على صورة إنسان ‪ ،‬وأنه ذو حواس‬
‫خمس كحواس النسان ! ‪ .‬ويقول ابن المرتضى اليماني وهو من الزيدية ‪ ( :‬بأن‬
‫جل الروافض على التجسيم إل من اختلط منهم بالمعتزلة ) [المنية والمل ‪ :‬ص ‪]19‬‬
‫‪.‬‬
‫ولقد دافع شيوخ المامية ومنهم المجلسي عن الهشامين في بحار النوار ‪)3/288( :‬‬
‫فقال‪( :‬ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة ) ويقصد بالقولين ‪:‬‬
‫القول بالتجسيم والصورة ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬الروايات في أصول الكافي وغيره ل تساعد المجلسي على إنكار هذه المقولة‬
‫عن الهشامين‪ ،‬ففي أصول الكافي ‪ ( :‬يروي القمي [الصدوق] عن سهل قال ‪ :‬كتبت‬
‫إلى أبي محمد سنة (‪255‬هم) قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد منهم من يقول‬
‫هو جسم ‪ ،‬ومنهم من يقول هو صورة ‪ ،‬فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما‬
‫أقف عليه ول أجوزه فعلت متطولً على عبدك ؟ ‪...‬إلخ ) [أصول الكافي ‪،1/103 :‬‬
‫والتوحيد لبن بابويه‪ . ]102-101 :‬وعن محمد بن الفرج الرخجي قال ‪( :‬كتبت إلى‬
‫أبي الحسن عليه السلم أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم‬
‫في الصورة ‪ ،‬فكتب ‪ :‬دع عنك حيرة الحيران واستعذ بال من الشيطان ‪ ،‬ليس‬
‫القول ما قال الهشامان ) [أصول الكافي ‪ . ]1/105 :‬قلت ‪ :‬وهذا دليل على أن هذه‬
‫المقولة كانت موجودة عندهم‪ ،‬ومحاولة المجلسي وغيره من شيوخ الشيعة‬
‫المامية لنكارها ترده النصوص التي ذكرناها وغيرها مما لم نذكرها؛ ولكن كان‬
‫الولى بدل أن يحاول بعض مشايخ الشيعة من طمس هذه الحقيقة عن بعض‬
‫متقدميهم ‪ ،‬أن ينكروا هذه المقالة ويشنعوا على قائلها‪ ،‬ولكن هو التعصب لشيوخ‬
‫المذهب أعماهم عن قول الحق ! ‪ .‬مع أنه هناك روايات كثيرة عن الشيعة المامية‬
‫تنفي هذه المقالة وتذم قائلها ‪ .‬وأصبح المذهب الشيعي يتنازعه إتجاهان ‪ ،‬التجاه‬
‫الول إتجاه تنزيه المولى جل في عله ‪ ،‬وهذا هو مذهب أهل البيت وهو الحق ‪،‬‬
‫والتجاه الثاني هو مذهب التجسيم والقول بالصورة ‪ ،‬وهذا يتزعمه الهشامان وهو‬
‫الباطل ‪ .‬وللشيعة المامية أن تختار ؟ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشيعة المامية تقول بالتعطيل ‪.‬‬
‫في أواخر المائة الثالثة اتجه معتقد مذهب الشيعة المامية إلى القول بالتعطيل بعد‬
‫أن كان يقول بالتجسيم‪ ،‬وبين القولين تضاد ! ‪ ،‬فكيف نفسر ذلك ؟ والجواب‪ :‬هو‬
‫أنه في تلك الفترة أخذ علماء الشيعة المامية يقررون ما يقرره المعتزلة في مسائل‬
‫الصفات‪ ،‬وكذلك تبعوهم في كثير من مسائلهم كقولهم بالقدر‪ ،‬وخلق القرآن وغير‬
‫ذلك؛ بل إنك لتجد كتب الشيعة المامية في الصفات مطابقة لكتب المعتزلة حذو‬
‫القذة بالقذة‪ ،‬حتى الشبهات التي يثيرها المعتزلة على أهل السنة هي نفس الشبهات‬
‫التي يثيرها متأخري الشيعة؛ ولكن مع فرق واحد وهو ‪ :‬أن الشيعة المامية دعمت‬
‫قولها بروايات تدل على صدق دعواهم ! ‪ ،‬وهي ل تعدوا كونها روايات موضوعة‬
‫ومصنوعة ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫ومما يدل على فساد هذا المذهب ‪ :‬أن صفات ال واسمائه تقريرها عن طريق‬
‫السمع ‪ ،‬أي عن طريق النصوص من القرآن والسنة‪ ،‬ول مدخل للعقل في إثبات‬
‫صفة أو نفي صفة عن ال‪ ،‬كما هو ديدن أهل الكلم من المعتزلة والشاعرة‬
‫والجهمية وغيرهم ‪.‬‬
‫والطريقة التي اعتمدها المفيد في النكت العتقادية‪ ،‬والمطهر في نهج‬
‫المسترشدين‪ ،‬وغيرهم في تقرير صفات ال وإثباته أو نفيها هي طريقة المعتزلة‬
‫الكلمية ‪ ،‬ولكنهم –أي علماء الشيعة المامية الذين خاضوا في الصفات ‪ -‬فارقوا‬
‫المعتزلة بإيراد روايات عن الئمة المعصومين تشد من قولهم وتقويه ‪ .‬ولذلك‬
‫سوف نسوق بعض الروايات المفتراة في تقرير عقيدة التعطيل ‪.‬‬
‫يقول الزنجاني –شيخ معاصر‪ -‬في عقائد المامية الثني عشرية (ص ‪ )28‬تحت‬
‫عنوان طريقة معرفة الصفات‪( :‬هل يبقى مجال للبحث عن الصفات‪ ،‬وهل له طريق‬
‫إل الذعان بكلمة أمير المؤمنين رضي ال عنه ‪ :‬كمال الخلص نفي الصفات‬
‫عنه ) اهم ‪ .‬و وال ما كان لعلي بن أبي طالب أن يكذب بكلم ال ‪{ :‬ليس كمثله‬
‫شيء وهو السميع البصير } فربنا يثبت لنفسه أنه سميع بصير ‪ ،‬ثم يأتي متقول‬
‫على علي بن أبي طالب بكلم كذب ! ‪ .‬سبحانك هذا بهتان عظيم ‪.‬‬
‫والشيعة المامية تبعت المعتزلة في تعطيل صفات ال ‪ ،‬ووصفه بالصفات السلبية ‪،‬‬
‫فهذا شيخهم محمد الحسيني القزويني[قلئد الخرائد في أصول العقائد ص ‪،50‬‬
‫وانظر كذلك ‪ :‬نهج المسترشدين ابن المطهر‪ :‬ص ‪ ،]47-45‬يقول في وصف ال‬
‫سبحانه وتعالى ‪ ...( :‬ل جزء له‪ ،‬وما ل جزء له ل تركيب فيه‪ ،‬وما ليس بمركب‬
‫ليس بجوهر ول عرض ‪ ،‬وما ليس بجوهر ‪) ...‬إلخ هذه العبارات التي تخالف‬
‫طريقة القرآن في إثبات الصفات ‪ .‬فإن القرآن جاء بإثبات مفصل ونفي مجمل ‪:‬‬
‫{ليس كمثله شي ء} نفي مجمل {وهو السميع البصير} إثبات مفصل ‪.‬‬
‫ت‪ -‬الئمة هم اسماء ال وصفاته عند الشيعة المامية ! ‪.‬‬
‫أوغلت الشيعة المامية وغلت في هذا الباب غلواً كبيرًا ‪ ،‬وخلعت على أئمتها‬
‫أوصاف اللوهية‪ ،‬وتجرأت على كتاب ربها وأولت معانيه ليوافق ما ذهبت إليه ‪.‬‬
‫وتوحيد السماء والصفات من أبواب التوحيد العظيمة الذي به يعرف الخالق جل‬
‫في عله‪ ،‬وتعرف اسمائه الحسنى وصفاته العلى‪ ،‬فتطمئن النفس إلى بارئها‪،‬‬
‫وتتعلق القلوب بخالقها الخلق العليم السميع البصير الول الخر الظاهر الباطن‬
‫العزيز الجبار الحي القيوم ‪ ..‬إلخ من الوصاف والنعوت الحميدة التي ل تكون إل‬
‫ل ‪ .‬ولكن ما سطرته كتب الشيعة المامية يجل عن الوصف ‪ ،‬ولول بيان الحق ما‬
‫سقنا رواياتهم‪.‬‬
‫في أصول الكافي عن أبي عبد ال في قول ال عز وجل ‪{ :‬ول السماء الحسنى‬
‫فادعوه بها } قال‪ :‬نحن وال السماء الحسنى‪ ،‬التي ل يقبل ال من العباد عملًَ إل‬
‫بمعرفتنا ) [أصول الكافي‪. ]144-1/143 :‬‬
‫وهذا من التفسير الباطني الذي الذي ل يعرف بحال‪ ،‬وإل ففي أي معجم من معاجم‬
‫اللغة يأتي مثل هذا التفسير ؟ إل على مذهب الباطنية ‪ .‬ولم تكتف الرويات بهذا؛ بل‬
‫تعدته إلى أمور أخرى أشنع وأعظم ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫فعن أبي عبد ال –كما يزعمون‪( : -‬إن ال خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في‬
‫عباده‪ ،‬ولسانه الناطق في خلقه‪ ،‬ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة‪،‬‬
‫ووجهه الذي يؤتى منه‪ ،‬وبابه الذي يدل عليه‪ ،‬وخزانه في سمائه وأرضه‪ ،‬بنا‬
‫أثمرت الشجار‪ ،‬وأينعت الثمار‪ ،‬وجرت النهار‪ ،‬وبنا ينزل غيث السماء وينبت‬
‫عشب الرض ‪ ،‬وبعبادتنا عبد ال ولو لنا ما عبد ال ) [أصول الكافي‪ ،1/144 :‬ابن‬
‫بابويه ‪ /‬التوحيد ‪ ،152-151 :‬بحار النوار‪. ]24/197 :‬‬
‫وزعموا أن علي بن أبي طالب قال ‪( :‬أنا عين ال‪ ،‬وأنا يد ال‪ ،‬وأن جنب ال‪ ،‬وأنا‬
‫باب ال ) [اصول الكافي ‪ ،1/145 :‬بحار النوار ‪ . ]24/194 :‬وقال –كما يزعمون‪: -‬‬
‫(أنا علم ال‪ ،‬وأنا قلب ال الواعي‪ ،‬ولسان ال الناطق‪ ،‬وعين ال الناظرة‪ ،‬وأنا‬
‫جنب ال‪ ،‬وأنا يد ال ) [ابن بابويه ‪ /‬التوحيد ص ‪ ،164‬بحار النوار ‪. ]24/198 :‬‬
‫قلت ‪ :‬ولو أنهم يخشون أن تثور عليهم (العامة)[وصف أطلقه الشيعة على أهل‬
‫السنة]‪ ،‬لتموا الرواية بقولهم ‪( :‬وأنا ال ) ‪ .‬أما الشيعة فهم قد أغلقوا عقولهم‬
‫وأوصدوا البواب في طريق التفكير في مصدر هذه الرويات ومخالفتهم للدين‬
‫والعقل والحس؛ بل جاء في وصفهم لمامهم علي بن أبي طالب وهو منهم براء‪ ،‬أن‬
‫علياً قال ‪( :‬أنا وجه ال ‪ ،‬أنا جنب ال‪ ،‬وأنا الول‪ ،‬وأنا الخر‪ ،‬وأنا الظاهر‪ ،‬وأنا‬
‫الباطن ‪[ )..‬رجال الكشي ‪ :‬ص ‪ ،211‬وانظر بحار النوار ‪. ]94/180 :‬‬
‫قلت ‪ :‬قال ال تعالى ‪ { :‬هو الول والخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم}‬
‫[سورة الحديد ‪ .]3 :‬فال يصف ذاته المقدسة بهذا الوصف‪ ،‬ثم يأتي الشيعة‬
‫المامية ويجعلون هذا الوصف الذي ل يكون إل للخالق‪ ،‬ويجعلونه للمخلوق !‬
‫‪.‬سبحانك هذا بهتان عظيم ‪.‬‬
‫وفي أصول الكافي ‪ )1/261( :‬قال أبو عبد ال –افتراء عليه‪( :-‬إني لعلم ما في‬
‫السموات وما في الرض‪ ،‬وأعلم ما في الجنة‪ ،‬وأعلم ما في النار‪ ،‬وأعلم ما كان‬
‫وما يكون ‪! )..‬‬
‫قلت ‪ :‬قال ال تعالى ‪ { :‬وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ويعلم ما في البر‬
‫والبحر وما تسقط من ورقة إل يعلمها ول حبة في ظلمات الرض ول رطب ول‬
‫يابس إل في كتاب مبين} [النعام ‪.]59:‬‬
‫وقال تعالى ‪ { :‬قل ل يعلم من في السموات والرض الغيب إل ال وما يشعرون‬
‫أيان يبعثون} [النمل ‪. ]65 :‬‬
‫والروايات في ذلك عن الشيعة المامية كثيرة‪ ،‬ولبعض شيوخهم محاولت في‬
‫اللجوء إلى المجاز كباب من أبوب التأويل أو إيجاد العذر لمثل هذه الروايات التي‬
‫تؤله الئمة صراحة [انظر على سبيل المثال ‪ :‬بحار النوار للمجلسي ‪. ])24/202( :‬‬
‫ولكن ما تقول الشيعة المامية في الروايات الموجودة في كتبهم‪ ،‬والتي ترد هذه‬
‫الروايات وتنسفها‪ ،‬أفل قالوا بها وتبرأوا من الركام الهائل من الروايات التي تؤله‬
‫الئمة ؟ ‪ .‬وإليكم بعض تلك الروايات التي تبين بطلن الروايات السابقة ‪:‬‬
‫قال أبو عبد ال ‪( :‬يا عجباً لقوام يزعمون أنا نعلم الغيب‪ ،‬ما يعلم الغيب إل ال عز‬
‫وجل ‪ ،‬لقد هممت بضرب جاريتي فلنة فهربت مني‪ ،‬فما علمت في أي بيوت الدار‬

‫‪54‬‬
‫هي ‪[ )..‬أصول الكافي‪ . ]1/257 :‬فها هو أبو عبد ال ل يعلم أين اختفت جاريته ؟‬
‫فكيف يعلم غيب السموات والرض ‍ ! ‪.‬‬
‫وفي بحار النوار ‪ ،25/301 [:‬ورجال الكشي ‪ ]323 :‬أن أبا عبد ال حينما قيل له ‪:‬‬
‫( إن المفضل بن عمر يقول‪ :‬إنكم تقدرون أرزاق العباد ‪ .‬فقال ‪ :‬وال ما يقدر‬
‫أرزاقنا إل ال ‪ ،‬ولقد احتجب إلى طعام لعيالي فضاق صدري وأبلغت بي الفكرة في‬
‫ذلك حتى أحرزت قوتهم فعندها طابت نفسي‪ ،‬لعنه ال –يريد بذلك المفضل‪ -‬وبريء‬
‫منه ) ‪.‬‬

‫‪ -19‬متابعة الشيعة المامية للمعتزلة في بعض مسائل العقيدة ‪.‬‬


‫رضي بعض متأخري الشيعة بما رضي به المعتزلة لنفسهم من مخالفة جمهور‬
‫المسلمين‪ ،‬فخالفوهم في كثير من مسائل العتقاد‪ ،‬جرياً وراء العقل وإحاطته‬
‫بالقدسية والعلو على نصوص الشرع ‪ .‬وسوف نعرض في هذا المبحث عن‬
‫مسألتين من مسائل العتقاد الكبيرة‪ ،‬والتي حصل فيها كلم كثير وردود مستفيضة‬
‫مشهورة‪ ،‬وهما ‪ :‬مسألة القول بخلق القرآن ‪ ،‬ومسألة رؤية ال جل جلله‪.‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬القول بخلق القرآن ‪.‬‬
‫اشتهر عن المعتزلة تبعاً للجهمية القول بخلق القرآن ‪،‬وأن القرآن مخلوق ليس‬
‫كلماً ل تكلم به ‪ .‬ونحن هنا في هذا المبحث لن نخوض في تفصيل هذه المسألة‬
‫وإنما نريد إثبات هل الشيعة المامية يقولون بخلق القرآن متابعة للمعتزلة الجهمية‬
‫أم ل ‪.‬‬
‫وقبل أن نذكر الروايات التي تذكر هذه العقيدة عن الشيعة المامية‪ ،‬نود أن نلفت‬
‫القاريء إلى أن المتقدمين من أئمة الشيعة من آل البيت نفوا ذلك ‪ .‬فقد جاء في‬
‫تفسير العياشي (‪( : )1/8‬عن الرضا أنه سئل عن القرآن فقال ‪ ....‬إنه كلم ال غير‬
‫مخلوق ‪ . ) ..‬وعند الكشي في رجاله (ص ‪...( : )490‬إن الكلم ليس بمخلوق ‪. )..‬‬
‫وفي التوحيد ل بن بابويه القمي‪ ،‬قيل لبي الحسن موسى رضي ال عنه (يا بن‬
‫رسول ال ما تقول في القرآن ‪ :‬فقد اختلف فيه من قبلنا فقال قوم ‪ :‬إنه مخلوق‪،‬‬
‫وقال قوم إنه غير مخلوق ‪ ،‬فقال رضي ال عنه ‪ :‬أما إني ل أقول في ذلك ما‬
‫يقولون ‪ ،‬ولكني أقول ‪ :‬إنه كلم ال عز وجل ) ‪.‬‬
‫قلت وفي العبارة الخيرة ‪( :‬إنه كلم ال عز وجل ) بيان ما عليه السلف أهل السنة‬
‫والجماعة ‪.‬‬
‫وأما روايات متأخري الشيعة المامية فقد جاءت على عكس ما عُهد عن آل البيت ‪،‬‬
‫فقد عقد المجلسي في البحار باباً بعنوان ‪( :‬باب ‪ :‬أن القرآن مخلوق ) [بحار‬
‫النوار ‪ . ]121-92/117 :‬وساق فيه روايات كثيرة‪ ،‬ومعظمها تخالف ما عنون له ‪،‬‬
‫ولكن للشيعة المامية تأويل في معنى القول بخلق القرآن وسوف يأتي ‪.‬‬
‫ومما يثبت نسبة هذه المسألة إلى الشيعة‪ ،‬ما ذهب إليه آية الشيعة محسن المين‬
‫حيث قال ‪( :‬قالت الشيعة والمعتزلة القرآن مخلوق ) [أعيان الشيعة ‪ . ]1/461 :‬بل‬

‫‪55‬‬
‫جعل الكلم الذي كُلم به موسى ليس من ال بل من الشجرة ! وهذا هو عين ما‬
‫تذهب إليه المعتزلة‪ ،‬فقال محسن المين ‪ ... ( :‬يوجد الكلم في بعض مخلوقاته‬
‫كالشجرة حين كلم موسى‪ ،‬وكجبريل حين أنزله ال بالقرآن ) [أعيان الشيعة ‪:‬‬
‫‪. ]1/453‬‬
‫ومع هذا ومع ثبوت نسبة هذه المقالة عن الشيعة المامية إل أن ابن بابويه القمي‬
‫حاول أن يجد عذراً لمن قال بأنه مخلوق ‪،‬حيث نهج في هذا مسلكان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬جعل معنى مخلوق أي ‪ :‬مكذوب ‪ .‬قال ‪( :‬وإنما امتنعنا من إطلق المخلوق‬
‫عليه لن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوباً ‪ ،‬ويقال ‪ :‬كلم ال مخلوق أي‬
‫مكذوب ) [التوحيد ‪ ،225 :‬وكذا البحار ‪ . ]92/119 :‬قلت ‪ :‬محاولة التأويل هذه يردها‬
‫الختلف الكبير الذي حصل بين أهل السنة والجماعة (السلف)‪ ،‬وبين المعتزلة‬
‫والجهمية حول هذه المسألة وهي معروفة ومشهورة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬جعل هذه المقالة من باب التقية‪ ،‬فقد نقل آيتهم البرو جردي في كتابه‬
‫تفسير الصراط المستقيم (‪ )1/304‬عن ابن بابويه قوله ‪ ( :‬ولعل المنع من إطلق‬
‫الخلق على القرآن إما للتقية مماشاة للعامة ‪ ،‬أو كونه موهماً لمعنى آخر ‪. )..‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه من المسائل المستشنعة التي تفوه بها المعتزلة والجهمية قبلهم‪،‬‬
‫وتابعهم عليها الشيعة المامية‪ ،‬وحقيقتها نفي صفة الكلم ل ‪ ،‬وال سبحانه يتكلم‬
‫كيف شاء متى شاء حيث شاء ‪ ،‬ونفي هذه الصفة أعني صفة الكلم ‪ ،‬فيه نسبة‬
‫النقص إلى ال ‪ .‬فإن المخلوق الخرس ناقص الخلقة ‪ ،‬وال جل في عله ‪ -‬وله‬
‫المثل العلى ‪ -‬تنزه عن المشابهة وهو الكامل المنزه من كل نقص وعيب ‪ .‬ثم إن‬
‫نفي كون القرآن كلم ال‪ ،‬يلزم منه عدم قدسية القرآن ويؤدي إلى إهمال نصوصه‬
‫لكونه مخلوقاً كأحد مخلوقاته وليس كلمه ! ‪.‬‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬رؤية ال عز وجل ‪.‬‬


‫أخبر ال في كتابه أن عبادة المؤمنين يرونه في الخرة فقال ‪{:‬وجوه يومئذ ناضرة‬
‫إلى ربها ناظرة }‪ .‬وفي قوله تعالى ‪{ :‬للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ‪ .‬حيث فسر‬
‫جمهور المفسرين الزيادة بأنها النظر إلى وجه ربهم جل جلله والتلذذ به ‪ .‬وأخبر‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم في أيما حديث بأنهم سوف يرون ربهم ‪ ،‬فعن جرير بن‬
‫عبد ال قال كنا عند النبي صلى ال عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر‬
‫فقال‪( :‬إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ل تضامون في رؤيته فإن استطعتم‬
‫أن ل تغلبوا على صلة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) [رواه البخاري‪:‬‬
‫‪.]554‬‬
‫وأما في هذه الدنيا فإننا ل نرى ربنا ول نستطيع‪ ،‬وقد سأل موسى عليه السلم ربه‬
‫أن يراه فقال له ربه ‪{ :‬لن تراني }‪ ،‬ولم يقل ربنا ل تراني‪ ،‬والمعنى أنك يا موسى‬
‫لن تراني في هذه الدنيا‪ ،‬وبسط هذه المسألة يطول ليس هذا موضعها ‪ ،‬إنما القصد‬
‫هو بيان ما عليه الشيعة المامية تجاه رؤية ربها في الدنيا والخرة ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫والشيعة المامية تابعت المعتزلة فيما ذهبت إليه في رؤية ال عز وجل ‪ ،‬فنفت أن‬
‫يرى المؤمنون ربهم في الخرة‪ ،‬وحججهم هي نفس حجج المعتزلة‪ ،‬ولكن زادوا‬
‫عليهم أن لهم روايات وأخبار تؤكد هذه العقيدة‪ ،‬فيروون عن أبي عبد ال جعفر‬
‫الصادق بأنه سئل ‪( :‬عن ال تبارك وتعالى هل يرى في المعاد ؟ فقال‪ :‬سبحان ال‬
‫وتعالى عن ذلك علوا كبيراً ‪ ..‬إن البصار ل تدرك إل ما له لون وكيفية‪ ،‬وال خالق‬
‫الكوان والكيفية ) [بحار النوار ‪ -4/31 :‬وعزاه إلى أمالي الصدوق ] ‪ .‬قلت ‪ :‬كأنك‬
‫تلحظ في هذه الرواية نفي وجود الرب‪ ،‬والسلف وأهل السنة والجماعة‪ ،‬ل ينفون‬
‫ذات ال ‪ ،‬ولكن ينفون معرفة كيفيته‪ ،‬وكيف هو ‪ .‬كما في قول مالك في الستواء ‪:‬‬
‫(الستواء معلوم ‪ ،‬والكيف مجهول ‪ ، )...‬أي أننا نعلم كيف الستواء وما معنى‬
‫الستواء‪ ،‬ولكن استواء ربنا كيف هو ل نعلمه وهو مجهول لدينا‪ ،‬ل ننا ل نعرف‬
‫ذات ال فكيف نصف استواءه كيف هو ‪ .‬وفي الرواية السابقة ‪ ..( :‬إن البصار ل‬
‫تدرك إل ماله لون وكيفية‪ ،‬وال خالق الكوان والكيفية)‪ ،‬فيه تعرض لكنه ذات‬
‫الرب‪ ،‬وهذا ل يعلمه إل ال ! ‪.‬‬
‫ويناقض الرواية السابقة ما رواه الكليني في الكافي (‪ )1/85‬عن أبي عبد ال أنه قال‬
‫‪ ...( :‬ولكن ل بد من إثبات أن له كيفية ل يستحقها غيره ‪ ،‬ول يشارك فيه ول يحاط‬
‫بها ول يعلمها غيره ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فهذا رد على الرواية السابقة‪ ،‬وبيان خطأ ما روي في بحار النوار ‪.‬‬
‫وقد غل جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء في هذه المسألة كثيراً وكفّر من قال‬
‫بالرؤية ‪ ،‬قال ‪( :‬ولو نسب إلى ال بعض الصفات ‪ ...‬كالرؤية حكم بارتداده )‬
‫[كشف الغطا ص ‪ . ]417‬وجعل الحر العاملي هذه المسألة من أصول الدين‪ ،‬فعقد‬
‫لهذه المسألة باباً في وسماه ‪( :‬أن ال سبحانه ل تراه عين ول يدركه بصر في‬
‫الدنيا ول في الخرة ) [الفصول المهمة في أصول الئمة ص ‪. ]12‬‬
‫قلت يكفينا في ذلك ما رواه ابن بابويه القمي عن أبي بصير ‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال ‪ :‬قلت ‪ :‬له أخبرني عن ال عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ) [ابن بابويه‪ /‬التوحيد ص ‪ ،117‬وبحار النوار ‪. ]4/44 :‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬إن الشيعة المامية إما أن تقول بمقالة المعتزلة وتنفي رؤية ال‬
‫عز وجل في الخرة‪ ،‬فتكون مكذبة لما روته كتبهم عن أئمتهم في رؤية المؤمنين‬
‫لربهم في الخرة ‪ .‬أو تتبرأ من مقالة المعتزلة وتكون متبعة لمنهج السلف‬
‫وجمهور المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -20‬اليمان ومفهومه عند الشيعة المامية ‪.‬‬
‫اليمان عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬هو قول وعمل واعتقاد‪ ،‬قول باللسان وعمل‬
‫بالركان واعتقاد بالجنان ‪ ،‬يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان ‪ .‬وأركانه ستة هي ‪:‬‬
‫اليمان بال وملئكته وكتبه ورسله وباليوم الخر وبالقدر خيره وشره ‪.‬‬
‫فهل هذا هو مفهوم اليمان عند الشيعة المامية ؟‬
‫لعلنا نستعرض سريعاً بعض ما تذهب إليه الشيعة المامية في ذلك ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫أولً ‪ :‬أحدثت الشيعة في اليمان أمراً لم يأت في قرآن ول سنة‪ ،‬وهو اليمان‬
‫بالئمة الثني عشر‪ ،‬وأدخلوه في مسمى اليمان ‪ .‬وباليمان بالئمة فسرت الشيعة‬
‫قوله تعالى ‪{ :‬قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ‪ ...‬إلى قوله ‪:‬‬
‫فإنما هم في شقاق } ‪[ .‬انظر تفسير العياشي ‪ ،1/62 :‬وتفسير الصافي ‪. ]1/92 :‬‬
‫ولهذا يقول المطهر ابن الحلي ‪( :‬إن مسألة المامة (إمامة الثني عشر )‪ ...‬هي أحد‬
‫أركان اليمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن )‬
‫[منهاج الكرامة في معرفة المامة‪ :‬ص ‪ . ]1‬ويقول محمد جواد العاملي ‪( :‬اليمان‬
‫عندنا إنما يتحقق بالعتراف بإمامة الئمة الثني عشر عليهم السلم ‪ ،‬إل من مات‬
‫في عهد أحدهم فل يشترط في إيمانه إل معرفة إمام زمانه ومن قبله ) [مفتاح‬
‫الكرامة ‪. ]2/80 :‬‬
‫قلت ‪ :‬لم يرتب ال على دخول الجنان‪ ،‬اليمان بالئمة الثني عشرية‪ ،‬ولم يرد‬
‫ذكرهم في القرآن والسنة ول حتى إشارة إلى ذكرهم فضلً على اليمان بهم ‪ .‬ول‬
‫نجد ذكرهم إل في نصوص القرآن المحرفة عند الشيعة المامية‪ ،‬فإنهم أكثروا من‬
‫ذكرهم في كتاب ال دس ًا وتحريفاً‪ ،‬ونسجوا من الساطير عن أئمتهم روايات كثيرة‬
‫في اليمان بهم وتعظيمهم والحث على العناية بهم ‪.‬‬
‫ثاني ًا ‪ :‬أحدثت الشيعة المامية شهادة ثالثة ‪ ،‬فل يكمل اليمان حتى يشهد المسلم‬
‫بأن ل إله إل ال‪ ،‬وأن محمدًا رسول ال ‪ ،‬وأن علياً ولي ال ! ‪ .‬ولذا تراهم يرددون‬
‫في أذانهم ويلقون موتاهم الشهادة بأن علياً ولي ال وكذا الولية للئمة ‪.‬‬
‫فعن أبي بصير عن جعفر عليه السلم قال ‪ ... ( :‬لقنوا موتاكم عند الموت شهادة‬
‫أن ل إله إل ال والولية ) [ فروع الكافي ‪ ،1/34 :‬تهذيب الحكام ‪. ]1/82 :‬‬
‫وأما شهادتهم بالولية لعلي بن أبي طالب ورفعها على المنابر والمآذن ‪ ،‬فهذا‬
‫أشهر من أن يجهل الن ‪ ،‬ول نبعد كثيرًا حتى نسمع هذا الذكر فمآذن القطيف وما‬
‫جاورها تشهد بذلك‪. !..‬‬
‫ثالث ًا ‪ :‬القول بالرجاء مما تذهب إليه الشيعة المامية ‪.‬‬
‫يتبين هذا بالمرويات الكثيرة التي توضح هذه النزعة ‪ ،‬فقد جاء في الكافي باب ‪:‬‬
‫(أن اليمان ل يضر معه سيئة ‪ ،‬والكفر ل ينفع معه حسنة ) [أصول الكافي ‪]2/463 :‬‬
‫‪ .‬وأورد فيها مجموعة من الرويات نأخذ منها على سبيل المثال قول أبي عبد ال ‪:‬‬
‫(اليمان ل يضر معه عمل‪ ،‬وكذلك الكفر ل ينفع معه عمل ) [أصول الكافي ‪]2/464 :‬‬
‫‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا هو عين مذهب المرجئة وطريقتهم ‪ ،‬وبه يتبين أن الشيعة أخذت من‬
‫عقائد الطوائف ما يحلو لها ‪ ،‬فضربت من كل طائفة بسهم ‪ .‬وهذا المنهج هو سمة‬
‫غالبة فيهم؛ بل ولما قال شيخ السلم ابن تيمية –رحمه ال‪( : -‬إن أكثر الشيعة‬
‫يعتقدون أن حب علي حسنة ل يضر معها سيئة ) [منهاج السنة ‪ ، ]1/31 :‬رد عليه‬
‫محمد مهدي الكاظمي –شيخ معاصر‪ -‬فقال ‪( :‬ما نسبه إلى كثير من الشيعة من‬
‫القول بأن حب علي حسنة ليس يضر معها سيئة‪ ،‬فإنه بهتان منه ‪ ،‬فإنهم جميعاً‬

‫‪58‬‬
‫متفقون على ذلك‪ ،‬فتخصيصه الكثير منهم بهذه العقيدة ليس له وجه سوى الكذب )‬
‫[منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية ‪. ]1/98 :‬‬

‫رابعاً ‪ :‬قولهم في الوعد والوعيد ‪:‬‬


‫وعد ال المؤمنين المتقين بالجنة‪ ،‬وتوعد الكافرين بالنار ‪.‬‬
‫ورتب على الطاعات قولية كانت أم عملية أجوراً ثواباً وفضلً من عنده ‪ .‬ولكن‬
‫الشيعة المامية كعادتها أحدثت ورتبت على بعض العمال أجوراً لم ينزل ال بها‬
‫من سلطان فجعلت لعن صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم من أفضل الطاعات‬
‫والقربات [انظر بحار النوار‪ ]27/218 :‬وسيأتي مزيد بسط لهذه المسألة إن شاء ال‬
‫‪ .‬وجعلت شق الجيوب ولطم الخدود وضرب الصدور وتعذيب الجسد لجل الحسين‬
‫من أعظم الطاعات[انظر عقائد المامية للزنجاني‪ . ]1/289 :‬وجعلت الحج إلى‬
‫الضرحة والطواف بها أعظم وأكثر أجراً من حج بيت ال الحرام ! ‪ .‬وأعظم الجر‬
‫عندهم أن يضمن لك المام الجنة‪ ،‬فمن نصوصهم ما جاء في رجال الكشي (‪ ...‬عن‬
‫زياد القندي عن علي بن يقطين‪ ،‬أن أبا الحسن قد ضمن له الجنة) [رجال الكشي ‪:‬‬
‫ص ‪ ]432-430‬قلت ‪ :‬الضمان لرجل لم يشهد الرسول له بالجنة يذكرنا بصكوك‬
‫الغفران عند النصارى! ‪ ،‬والسؤال هل أخذ الشيعة المامية هذه العقيدة من‬
‫النصارى ؟ ! ‪.‬‬
‫وأما الوعيد ‪ :‬فهم وافقوا أهل السنة والجماعة في الظاهر وخالفوهم في الباطن ‪،‬‬
‫فيقول المفيد ‪( :‬اتفقت المامية على أن الوعيد بالخلود في النار متوجه إلى الكفار‬
‫خاصة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بال تعالى والقرار بفرائضه من أهل‬
‫الصلة ) [أوائل المقالت ‪ :‬ص ‪ . ]14‬حيث لم تقف الشيعة المامية عند هذا الحد بل‬
‫توسعوا في مفهوم الكفر وشملت أصحاب البدع ‪ ،‬ومن المعلوم أن البدع منها ما‬
‫هو كفر ومنها ماهو دون ذلك‪ ،‬فيقول المفيد ‪( :‬اتفقت المامية على أن أصحاب‬
‫البدع كلهم كفار‪ ،‬وأن على المام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة‬
‫البينات عليهم فإن تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصوار وإل قتلهم لردتهم عن‬
‫اليمان‪ ،‬وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار ) [أوائل المقالت ‪:‬‬
‫ص ‪. ]16‬‬
‫بل أن كل من حارب علياً رضي ال عنه فهو كافر مخلد في النار ! ‪ :‬وأنهم (كفار‬
‫ضلل ملعونون بحربهم أمير المؤمنين وأنهم بذلك في النار مخلدون ) [أوائل‬
‫المقالت للمفيد ‪ :‬ص ‪ . ]10‬وهذا خلف قول أهل السنة والجماعة في معاوية رضي‬
‫ال عنه وفئته‪،‬والتي حاربت علي ًا رضي ال عنه‪ .‬بل إن من كل من خالف الشيعة‬
‫المامية ضال مضل‪ ،‬ولذا يقول ابن بابويه ‪( :‬واعتقادنا في من خالفنا في شيء‬
‫واحد من أمور الدين كاعتقادنا في من خالفنا في جميع أمور الدين ) [العتقادات ‪:‬‬
‫ص ‪ ،116‬وانظر العتقادات للمجلسي ‪:‬ص ‪. ]100‬‬
‫قلت‪ :‬وعلى هذا فأهل السنة والجماعة كفار في نظر الشيعة المامية‪ ،‬وإن اتقونا‬
‫ونفوا ذلك عنهم وعن أئمتهم‪ ،‬ونقول لدعاة التقريب ‪ :‬كيف يكون التقارب بين‬
‫مؤمن وكافر ! ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -21‬اليمان بالملئكة في عقيدة الشيعة المامية ‪.‬‬
‫بسم ال رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ‪.‬‬
‫سبق وأن تكلمنا عن معتقد الشيعة المامية في توحيد اللوهية والربوبية والسماء‬
‫والصفات‪ ،‬ول حاجة بنا ههنا إلى تسطيره مرة أخرى‪ ،‬وسوف نستكمل بعون ال‬
‫الذي نعبده‪ ،‬ما تبقى من أركان اليمان لنرى هل الشيعة المامية تابعت المسلمين‬
‫في اليمان بالملئكة كما جاء في كتاب ال وفي سنة رسوله صلى ال عليه وسلم‬
‫أم حادت عن الصراط المستقيم ‪.‬‬
‫والملئكة خلقهم ال من نور‪ ،‬ولهم أعمال كثيرة‪ ،‬منها ما أخبرنا ال عنها في‬
‫كتابه‪ ،‬ومنها ما أخبرنا عنها رسوله صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فجبريل أعظم الملئكة قدرًا وأعظمهم شأناً عند ال‪ ،‬كان رسول ال إلى رسله‬
‫وانبيائه من البشر لتبليغ دين ال ونشره في الرض‪ ،‬وميكائيل موكل بالقطر‬
‫والنبات‪ ،‬وإسرافيل للنفخ في الصور‪ ،‬وملك الموت لقبض أرواح الخلق‪ ،‬وملئكة‬
‫موكلة بإحصاء أعمال العباد‪ ،‬وملئكة لحفظ بعض الخلق‪ ،‬وملئكة ركعاً سجداً ل‪،‬‬
‫وملئكة لحمل العرش‪ ،‬وملئكة خزنة للجنة والنار‪ ....‬إلخ ‪.‬‬
‫ولكن ما هو معتقد الشيعة المامية في الملئكة ؟ ‪.‬‬
‫‪-‬فمما ذهبوا إليه قولهم أن الملئكة خلقت من نور الئمة ! ‪ ،‬ففي كنز جامع‬
‫الفوايد [ص‪ ،334:‬وبحار النوار ‪( : ] 23/320 :‬خلق ال من نور وجه علي بن‬
‫أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة ) ‪ .‬وفي‬
‫المعالم الزلفى [ص ‪( : ]249‬خلق ال الملئكة من نور علي ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه الرواية وما شاكلها ترفع علي بن أبي طالب من مرتبة البشرية إلى‬
‫مرتبة اللوهية ‪ .‬وهي فتح لطريق عبادته من دون ال ‪.‬‬
‫‪-‬ومن معتقدهم في الملئكة قولهم ‪ :‬بأن الملئكة تتردد على زيارة قبر الحسين‬
‫والبكاء عليه‪ ،‬وزيارة قبره أمنية ملئكة السماء ‪ .‬ففي وسائل الشيعة [‪10/318‬ن‬
‫وفروع الكافي‪( : ]1/325 :‬وكل ال بقبر الحسين أربعة الف ملك شعث غير‬
‫يبكونه إلى يوم القيامة !) ‪ ،‬وفي التهذيب للطوسي [‪ ،2/16‬ووسائل الشيعة ‪:‬‬
‫‪ ]10/322‬قال ‪ :‬وليس شيء في السموات إل وهم يسألون ال أن يؤذن لهم في‬
‫زيارة الحسين ففوج ينزل وفوج يعرج ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذه العقيدة تغذي شرك القبور ‪ ،‬وإقامة المآتم على الحسين رضي ال عنه‬
‫‪.‬‬
‫‪-‬ومن معتقدهم في الملئكة قولهم ‪ :‬بأن الملئكة خدم لئمتهم ومحبيهم ‪ ،‬ففي‬
‫بحار النوار [‪ ]26/335‬قالوا‪( :‬إن الملئكة لخدامنا وخدام محبينا) ‪ .‬وفي بحار‬
‫النوار [‪ ]26/356‬قال أبو عبد ال ‪( :‬إن الملئكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب‬
‫على فرشنا ‪ ،‬وتحضر موائدنا‪ ،‬وتأتينا من كل نبات في زمانه رطب ويابس‪...‬‬
‫إلخ ) ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫قلت ‪ :‬رد هذه الفرية شيخ السلم ابن تيمية فقال ‪( :‬فتسمية جبريل رسول ال إلى‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم خادماً عبارة من ل يعرف قدر الملئكة وقدر إرسال ال‬
‫لهم إلى النبياء ‪ . ]2/158[ )..‬ثم هو مخالف لكلم ال ‪ ،‬فال يصفه بأنه رسول كريم‪،‬‬
‫والشيعة المامية تصفه بأنه خادم ! فأي الوصفين أحق بالخذ والعتبار ؟ ‪.‬‬
‫‪-‬ومن معتقدهم في الملئكة ‪ :‬أنها لم تشرف –أي الملئكة‪ -‬إل بولية علي‬
‫[الحتجاج للطبرسي‪:‬ص ‪ ،31‬وبحار النوار ‪ . ]26/338 :‬وأن ل هم لها إل الصلة‬
‫والسلم على الئمة ‪ :‬فم ‪( :‬ليس لهم طعام ول شراب إل الصلة على علي بن‬
‫أبي طالب ومحبيه ‪ ،‬والستغفار لشيعته المذنبين ) [بحار النوار ‪. ]26/349 :‬‬
‫هذا بعض ما لدى الشيعة المامية نحو ملئكة ال الكرام الكاتبين‪ ،‬جعلوهم خدم لهم‬
‫ول هم لها إل الستغفار للشيعة والعناية بها وزيارة أئمتها والبكاء على قبورها ! ‪.‬‬
‫فنسألك اللهم لزوم صراطك المستقيم حتى نلقاك ‪.‬‬

‫‪ -22‬اليمان بالكتب في عقيدة الشيعة المامية ‪.‬‬


‫بسم ال منزل الكتاب ‪.‬‬
‫أنزل ال جل وعل كتباً على بعض رسله‪ ،‬وقد قص ال علينا من أخبارها ونبأنا عن‬
‫بعضها‪ ،‬فأنزل الزبور على داود‪ ،‬والتوراة على موسى‪ ،‬والنجيل على عيسى‪،‬‬
‫والصحف على إبراهيم‪ ،‬والقرآن على محمد عليهم الصلة والسلم ‪.‬‬
‫وجعل ال القرآن مهيمناً على الكتب التي قبلها‪ ،‬أي‪ :‬حاكماً عليها وناسخاً لها‪،‬‬
‫فبطل بذا دعوة أهل الضلل‪ ،‬وأمة الغضب بأن كتبهم معتبرة سالمة من التحريف‬
‫والتبديل ‪.‬‬
‫وكملت الشريعة بهذا القرآن‪ ،‬وتمت نعمة ال على عباده‪ ،‬وحفظ كتابه بحفظ ال له‪،‬‬
‫فبطل بذا دعوة أهل الزيغ والعناد الذين يزعمون أن هذا القرآن عملت فيه اليدي‬
‫بالدس والتحريف والتبديل –قاتلهم ال أني يؤفكون‪. -‬‬
‫والشيعة المامية خالفت نهج أهل السنة والجماعة‪ ،‬نهج السلف‪ ،‬وارتضت لنفسها‬
‫مقولة ‪( :‬ما خالف العامة ففيه الرشاد!!) ‪ .‬فاعتقدت في كتاب ال عقائد ما أنزل ال‬
‫بها من سلطان ‪ .‬و ادعت تنزل كتب إ لهية على الئمة ‪:‬‬
‫وقبل بيان هذه العقيدة‪ ،‬ل بد أن يلحظ القارئ مسلك الشيعة المامية ومحاولتهم‬
‫في ربط كل عقيدة بالمامة‪ ،‬تثبيتاً لها ورغبة في تعلق عامة الشيعة بها ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬بدأت هذه الدعوى في زمن علي رضي ال عنه‪ ،‬حيث انتشر بأن علي بن‬
‫أبي طالب وأهل بيته لديهم علمٌ اختصوا به ل يشركه فيه غيرهم‪ ،‬وعلى إثر هذا‬
‫سأله أبو جحيفة فقال ‪:‬‬
‫‪ ( :‬سألت علياً ‪ :‬هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال‪ :‬ل ‪ ،‬والذي فلق الحبة وبرأ‬
‫النسمة‪ ،‬ما عندنا إل ما في القرآن ‪ ،‬إل فهما يعطيه ال الرجل في كتابه ‪ ) ...‬وفي‬
‫رواية ‪( :‬هل عندكم كتاب ؟ قال ‪ :‬ل إل كتاب ال ‪ ،‬أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما‬
‫في هذه الصحيفة ‪ .‬قال ‪ :‬قلت‪ :‬فما في هذه الصحيفة ؟ قال ‪ :‬العقل وفكاك السير‪،‬‬
‫ول يقتل مسلم بكافر ) وفي رواية ‪( :‬هل عندكم شيء من الوحي إل ما في كتاب ال‬
‫)[والرويات جميعها عند البخاري] ‪ .‬وإشاعة هذه المقالة في زمن علي رضي ال‬

‫‪61‬‬
‫عنه كانت من السبئية‪ ،‬ومقدمهم عبد ال بن سبأ الذي زعم أن نبي ال كتم تسعة‬
‫أعشار القرآن [انظر الجوزجاني‪ /‬أحوال الرجال ص ‪ . ]38‬وفي رسالة الرجاء‬
‫لمحمد بن يحيى العدني قالوا‪( :‬هدينا لوحي ضل عنه الناس‪ ،‬وزعموا أن نبي ال‬
‫كتم تسعة أعشار القرآن ) [هذه الرسالة ضمن كتاب اليمان ص ‪(250-249‬مخطوط)]‬
‫‪.‬‬
‫وسوف نعرض في عجالة بعض المزاعم الموجودة في كتب الشيعة المامية عن‬
‫كتب لها من القدسية كقدسية القرآن ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬مصحف فاطمة ‪:‬‬
‫جاء في الكافي ‪ ... :‬إن ال تعالى ل قبض نبيه صلى ال عليه وآله‪ ،‬دخل على‬
‫فاطمة عليها السلم من وفاته من الحزن ما ل يعلمه إل ال عز وجل‪ ،‬فأرسل ال‬
‫إليها ملكاً يسلي غمها ويحدثها فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين رضي ال عنه فقال‪:‬‬
‫إذا أحسست بذلك‪ ،‬وسمعت الصوت قولي لي ‪ ،‬فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين‬
‫رضي ال عنه يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً‪ ..‬أماإنه ليس فيه شيء‬
‫من الحلل والحرام ولكن فيه علم ما يكون ) [أصول الكافي‪ ،1/240 :‬وبحار النوار‪:‬‬
‫‪ ،26/44‬وبصائر الدرجات ‪ :‬ص ‪. ]43‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا الذي يزعمونه ويدعونه يسمى بمصحف فاطمة ‪ .‬ثم هذه الرواية تناقض‬
‫كلم ال ‪ ،‬فال يقول لرسوله قل لهم ‪{ :‬ولو كنت أعلم الغيب ل ستكثرت من‬
‫الخير }الية ‪ .‬وهذه الرواية تقول ‪ :‬أن هذا المصحف فيه علم ما يكون !! ‪.‬‬
‫وفي الكافي ‪-‬أيضاً‪ -‬تصور هذه المحاورة بين أبي بصير وأبي عبد ال حجم هذا‬
‫المصحف ‪ .‬قال أبو عبد ال ‪( :‬وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلم ‪ .‬قلت‬
‫[القائل‪:‬أبو بصير] وما مصحف فاطمة عليها السلم ؟ قال ‪ :‬مصحف فيه مثل‬
‫قرآنكم هذا ثلث مرات ما فيه من قرآنكم حرف واحد ) [أصول الكافي‪. ]1/239 :‬‬
‫ولكن ثمة رويات أخر تخالف ما جاء في الكافي في أن علي ًا كتب مصحف فاطمة‬
‫إملءً من الملك ‪ ،‬ففي دلئل المامة ‪ :‬أن (جبرائيل وإسرافيل وميكائيل ‪ . ..‬فهبطوا‬
‫به [أي مصحف فاطمة] وهي قائمة تصلي‪ ،‬فما زالوا قياماً حتى قعدت‪ ،‬ولما فرغت‬
‫من صلتها سلموا عليها وقالوا‪ :‬السلم يقرئك السلم ووضعوا المصحف في‬
‫حجرها )‪ ...‬وفي آخر الرواية ‪ :‬قال ‪( :‬قلت ‪ :‬جعلت فداك فلمن صار ذلك المصحف‬
‫بعد مضيها ؟ قال ‪ :‬دفعته إلى أمير المؤمنين‪ ،‬فلما مضى صار إلى الحسن ثم‬
‫الحسين‪ ،‬ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب المر ‪[)..‬محمد بن جرير بن رستم‬
‫الطبري ‪ /‬دلئل المامة‪ :‬ص ‪( 28-27‬ابن جرير الطبري هذا غير الطبري صاحب‬
‫التفسير وصاحب التاريخ فليتنبه له‪ ،‬فإن بعض كتاب الشيعة قد موه على أهل السنة‬
‫لجل التشابه بين السماء فنسبوا إلى ابن جرير الطبري السني أموراً لم يقلها إنما‬
‫هي من كلم ابن جرير الشيعي )] ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫ثانياً ‪ :‬كتاب أنزل على الرسول صلى ال عليه وسلم قبل موته وعُهد به إلى علي‬
‫بن أبي طالب ‪.‬‬
‫ثم عهد به علي ًا رضي ال عنه إلى الئمة من بعده ‪.‬‬
‫يوضح هذه رواية بحار النوار (‪( :)193-36/192‬عن أبي عبد ال الصادق قال ‪ :‬إن‬
‫ال عز وجل أنزل على نبيه كتاباً قبل أن يأتيه الموت فقال‪ :‬يا محمد هذا الكتاب‬
‫وصيتك إلى النجيب من أهل بيتك ‪ ،‬فقال‪ :‬ومن النجيب من أهلي يا جبرائيل؟ فقال ‪:‬‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم ‪ ،‬وكان علىالكتاب خواتيم من ذهب‪ ،‬فدفعه النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم إلى علي عليه السلم وأمره أن يفك خاتمًا منها ويعمل بما‬
‫فيه‪ ،‬ففك عليه السلم خاتم ًا وعمل بما فيه‪ ،‬ثم دفعه إلى ابنه الحسن ‪... )....‬ثم دفعه‬
‫الحسن إلى الحسين‪ .....‬ثم دفعه إلى علي بن الحسين ‪( :‬ففك خاتمه فوجد فيه‬
‫اصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ففعل ‪ )...‬وهكذا إلى قيام المهدي‬
‫‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه الرواية فيها إغضاء من قدر النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬حتى أنه ل‬
‫يعلم من هو النجيب من أهل بيته إل عند وفاته ! ‪.‬‬
‫ثم إن الوصية لعلي بن الحسين تناقض ما أثر عنه ‪ ،‬فقد جاء في طبقات ابن سعد(‬
‫‪ : )5/214‬أن علي بن الحسين قال مخاطباً الشيعة ‪( :‬أحبونا حب السلم فو ال ما‬
‫زال بنا ما تقولون حتى بغضتمونا إلى الناس ) ‪ .‬فهذه مقالة علي بن الحسين فلم‬
‫يصمت ولم يلزم بيته بل قال الحق الذي كان يجب أن يقال ‪.‬‬
‫ثالث ًا ‪ :‬لوح فاطمة ‪:‬‬
‫وهو غير مصحف فاطمة‪ ،‬وهذا اللوح أهدي إلى فاطمة رضي ال عنها –كما‬
‫يزعمون – في حياة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأما مصحف فاطمة‬
‫فروياتهم تدل على أنه كان بعد وفاة رسول ال صلى ال عليه وسلم كما سبق ‪.‬‬
‫وسوف نسوق مقطع من رواية ذكرها الكليني في الكافي [‪ ،528-1/527‬وكذلك عند‬
‫الفيض الكاشاني في الوافي‪ :‬المجلد الول‪ . ]2/72 :‬حيث دار بين أبي عبد ال‬
‫وجابر بن عبد ال النصاري‪ ،‬فقال أبو عبد ال ‪ ... ( :‬يا جابر أخبرني عن عن‬
‫اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وما‬
‫أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب‪ ،‬فقال جابر‪ :‬أشهد بال أني دخلت على‬
‫أمك فاطمة عليها السلم في حياة رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬فهنيتها بولدة‬
‫الحسين‪ ،‬فرأيت في يديها لوحاً أخضر ظننت أنه من زمرد‪ ،‬ورأيت فيه كتاب ًا أبيض‬
‫شبه لون الشمس فقلت لها ‪ :‬بأبي وأمي أنت يا بنت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ما هذا اللوح فقالت‪ :‬هذا لوح أهداه ال تعالى إلى رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الوصياء من ولدي أعطانيه أبي‬
‫ليبشرني بذلك ‪ ) ...‬ونص هذا اللوح موجود في كتب الشيعة وأوله ‪ :‬بسم ال‬
‫الرحمن الرحيم هذا كتاب من ال العزيز الحكيم ‪ ،‬لمحمد نبيه ونوره وسفيره‬
‫وحجابه ودليله ‪ ،‬نزل به الروح المين من عند رب العالمين‪ ،‬عظم يا محمد أسمائي‬
‫واشكر نعمائي ‪[...‬نص اللوح تجده في ‪ :‬الكافي‪1/527 :‬ي‪،‬و انظر الطبرسي ‪/‬‬
‫الحتجاج ‪. ]87-1/84 :‬‬

‫‪63‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه الرويات وأشبابها الغرض منها تعميق عقيدة الئمة في أنفس الشيعة‬
‫المامية‪ ،‬وإيجاد الشرعية لها من خلل كثرة النصوص الورادة في ذلك ‪ .‬وإل‬
‫فالمامة والئمة لم يرد لهم ذكر ل في الكتاب ول في السنة‪ ،‬وخفاء مثل هذا المر‬
‫وعدم ذكر رسول ال صلى ال عليه وسلم له ‪ ،‬مع عظمته عند الشيعة دليل على‬
‫انتحاله من قبل بعض رواتهم‪ ،‬والكذب سيماهم والنصوص عن بعض أهل البيت‬
‫تذكر أن كثيرا من الرواة يكذبون عليهم ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬دعوى تنزل اثني عشر صحيفة من السماء فيها ذكر كل إمام وصفته ‪:‬‬
‫وهذا من المزاعم التي تطفح بها كتب الشيعة‪ ،‬وليس هذا بمستغرب عنهم ‪:‬‬
‫فيذكر ابن بابويه القمي في إكمال الدين [ص ‪ ]263‬أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫ي اثني عشر خاتماً‪،‬‬ ‫وسلم يقول‪-‬زعموا‪ ....( : -‬إن ال تبارك وتعالى أنزل عل ّ‬
‫واثني عشر صحيفة‪ ،‬اسم كل إمام على خاتمه وصفته في صحيفته ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه الرواية باطلة من أوجه ‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أن اليمان بهذه الكتب‪ ،‬يتضمن التكذيب بالقرآن الذي ختم به الكتب السابقة‪،‬‬
‫وكتاب ال القرآن هو خاتم الكتب كما أن محمدًا صلى ال عليه وسلم هو خاتم‬
‫الرسل‪ ،‬وعلى هذا الكتاب والسنة والجماع ‪ .‬بل والرويات في كتب الشيعة المامية‬
‫تؤيد ذلك ‪ ،‬منها يقول الرضا ‪( :‬شريعة محمد صلى ال عليه وسلم ل تنسخ إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬فمن ادعى بعده نبوة‪ ،‬أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكل من سمع‬
‫ذلك منه ) [بحار النوار‪.]79/221 :‬‬
‫ثانياً‪ :‬أنها أتت بذكر اثني عشر صحيفة ‪ ،‬أي أن هناك علماً إلهياً ل يعلمه إل الشيعة‬
‫المامية‪ ،‬واختصوا به دون غيرهم‪ ،‬والشريعة المحمدية ل تختص بقوم ول مكان‬
‫ول زمان ‪ .‬فالشريعة المحمدية للجن والنس‪ ،‬وإلى أن يرث ال الرض ومن‬
‫عليها‪ ،‬ودعواهم هذا فيه إتهام لرسول ال صلى ال عليه وسلم –وهو منزه عنه‪: -‬‬
‫بأنه كتم العلم عن غير الشيعة المامية وهذا محال ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أن هذه الرواية كسابقتها من الروايات تغذي عقيدة المامية والئمة ‪ ،‬فهي‬
‫مصنوعة منحولة ‪.‬‬
‫‪ -23‬اليمان بالرسل في عقيدة الشيعة المامية ‪.‬‬
‫اليمان بالنبياء والرسل أصل من أصول اليمان‪ ،‬فنؤمن بأنهم رسل ال إلى خلقه‪،‬‬
‫اصطفاهم ال على الناس جميع ًا لتبليغ شريعته‪ ،‬وال يخلق ما يشاء ويختار‪ ،‬وال‬
‫أعلم حيث يجعل رسالته‪ ،‬وهم أكمل الناس حالً‪ ،‬وأوفرهم عقلً‪ ،‬وأطوعهم لربهم‪،‬‬
‫فحازوا قصب السبق‪ ،‬وأكرموا بأعظم وظيفة ‪ .‬فكان حقاً على الناس أن تعرف لهم‬
‫فضلهم وتقر لهم بذلك ‪ .‬وهذا أمرٌ متقرر عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬والخوض فيه‬
‫عندهم قد يكون تحصيل حاصل ‪.‬‬
‫ولكن ماذا نفعل بقوم حطوا من قدر أنبياء ال ورسله‪ ،‬وأنزلوهم عن مرتبتهم التي‬
‫أنزلهم ال إياها‪ ،‬ورفعوا عليهم رجالً أفضلهم حالً حاز فضيلة الصحبة والمصاهرة‬
‫‪ .‬ولهم في هذا طريقين ‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫الول ‪ :‬خلع صفات وأوصاف على الئمة ل تكون إل لمن عصمه ال من النبياء‬
‫والرسل‪ ،‬وهم في هذا الطريق فضلوا الئمة على النبياء والرسل شاءوا أم أبوا ‪،‬‬
‫كما قال شيخ السلم ‪( :‬فمن جعل بعد الرسول معصوماً يجب اليمان بكل ما يقوله‪،‬‬
‫فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها ) [منهاج السنة ‪ .]3/174 :‬ويظهر هذا‬
‫جلياً في المعجزات التي أحيط بها الولي‪ ،‬كما قال البحراني في [ينابيع المعاجز‪ :‬ص‬
‫‪ :] 2‬إن ال ( أظهر على أيديهم المعاجز والدلئل لنهم حجته على عباده )‪ .‬فمنها‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬ما قاله البحراني في الباب الخامس ‪( :‬إن عندهم عليهم السلم علم ما في‬
‫السماء وعلم ما في الرض‪ ،‬وعلم ما كان‪ ،‬وعلم ما يكون‪ ،‬وما يحدث بالليل‬
‫والنهار‪ ،‬وساعة وساعة ‪[)..‬ينابيع المعاجز وأصول الدلئل ‪. ]42-35 :‬‬
‫‪ -‬ومن معجزات علي رضي ال عنه ‪- :‬وهي كثيرة – فقد ذكر البحراني في ينابيع‬
‫المعاجز ‪ ..‬أن له (‪ )550‬معجزة‪ ،‬كميلده [ص ‪ ،]5‬ومناجاة ال له [ص ‪ ، ]9‬وعروجه‬
‫للسماء [ص ‪ ، ]12‬وكلم الرض معه [ص ‪ ، ]16‬وكلم إبليس معه [‪.. ]16‬‬
‫‪-‬وهناك معجزات عند مشاهد الئمة وأضرحتهم‪ :‬كشفاء المريض عند الضريح‪،‬‬
‫وحصول البصر للعمى ! [انظر ‪ :‬بحار النوار‪.. ] 42/317 :‬‬
‫وهناك معجزات كثيرة ل يتسع المقام لسردها‪ ،‬وهي أساطير بل أضغاث أحلم ‪.‬‬
‫الطريق الثاني‪ :‬تفضيل الئمة على النبياء ‪:‬‬
‫وكتبهم تصرح بذلك‪ ،‬ولهم في ذكر أخبار ورويات كثيرة‪ ،‬بل إن النبياء يجب عليهم‬
‫اليمان بولية علي ! ‪ .‬فعن حبة العرني ‪ :‬قال ‪( :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪:‬‬
‫إن ال عرض ول يتي على أهل السموات والرض‪ ،‬أقر بها من أقر‪ ،‬وأنكرها من‬
‫أنكر‪ ،‬أنكرها يونس فحبسه ال في بطن الحوت حتى أقر بها ) [بحار النوار ‪:‬‬
‫‪ ،26/282‬بصائر الدرجات ‪ :‬ص ‪. ]22‬‬
‫وعقد المجلسي في بحار النوار باب ًا وسماه ‪( :‬باب تفضيلهم عليهم السلم على‬
‫النبياء وعلى جميع الخلق وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملئكة وعن سائر الخلق‪،‬‬
‫وأن أولي العزم إنما صاروا أولي العزم بحبهم صلوات ال عليهم ) وفيه ثمان‬
‫وثمانون رواية ! [بحار النوار ‪. ]26/267 :‬‬
‫‪ -‬وجنح ابن بابويه القمي إلى تفضيل محمد صلى ال عليه وسلم على الخلق‪ ،‬وقرن‬
‫به الئمة‪ ،‬فقال ‪( :‬يجب أن يعتقد أن ال عز وجل لم يخلق خلق ًا أفضل من محمد‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم والئمة‪ ،‬وأنهم أحب الخلق إلى ال عز وجل وأكرمهم‬
‫وأولهم إقرارًا به لما أخذ ال ميثاق النبيين في الذر ‪[ )....‬اعتقادات ابن بابويه ‪:‬‬
‫ص ‪ ،107-106‬وانظر‪:‬بحار النوار‪.]298-26/297 :‬‬
‫قلت ‪ :‬المتأمل في كلم ابن بابويه‪ ،‬يلحظ تفضيل الئمة على النبياء خل محمد‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهذا خلف نهج السلف ونهج أهل السنة والجماعة ‪ .‬ثم‬
‫إنهم جعلوا ذكر محمدًا صلى ال عليه وسلم ستاراً يخفون من ورائه تعظيم الئمة‪،‬‬
‫فهم إن اظهروا فضل الئمة على الخلق كلهم لم يسلموا من تشغيب الناس عليهم‬
‫والنكار عليهم‪ ،‬فجعلوا في ذكر محمد صلى ال عليه وسلم ستاراً يموهون به على‬
‫عوام الناس وبسطائهم ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫والحاصل ‪ :‬أن المسلمين كلهم ل يقدمون على النبياء أحداً من البشر‪ ،‬فما بال‬
‫الشيعة المامية خالفت نهج المسلمين وطريقتهم ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ -24‬اليمان باليوم الخر في عقيدة الشيعة المامية الثني عشرية ‪.‬‬
‫بسم ال مالك يوم الدين ‪.‬‬
‫من حكمة ال وعدله جل في عله أن جعل هناك يوماً آخراً‪ ،‬يعود فيه الجن والنس‬
‫إلى ربهم ليحكم بينهم –وهو الحكيم الخبير‪ -‬فيما عملوه على ظهر الدنيا من‬
‫حسنات وسيئات‪ ،‬فمن أحسن‪ ،‬أحسن إليه موله الكريم وضاعف له أجره ما شاء‬
‫ال ‪ ،‬ومن أساء فعليه إساءته ول يظلم ربك أحداً ‪.‬‬
‫واليات والحاديث في ذلك كثيرة‪ ،‬ولسنا في حاجة لتقرير هذا المر لدى عامة‬
‫المسلمين إنما غرضنا بيان مذهب الشيعة المامية في اليمان باليوم الخر‪،‬‬
‫وسوف نعرض شيئاً مما ورد في كتبهم عن اليمان باليوم الخر لننظر هل هم‬
‫متابعون لهل السنة والجماعة فيما تذهب إليه في ذلك أم ل ‪.‬‬
‫‪-‬فأعظم ما تتفوه به كتبهم في هذا الباب ما رواه الكليني في أصول الكافي [‪،]1/409‬‬
‫الذي تقول عنه الشيعة المامية ‪ :‬الكافي‪ ،‬كافي لشيعتنا !! ‪ .‬قال صاحب الكافي ‪:‬‬
‫(الخرة للمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من ال ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وما ذا بقي ل ! ‪ ،‬وال يقول في كتابه ‪{ :‬مالك يوم الدين } ‪ .‬ثم ل تغتر بقوله‬
‫(جائز له ذلك من ال ) ‪ .‬فهي عبارة أُريد بها ذر الرماد في العيون والتلبيس بها‬
‫على الناس ‪.‬‬
‫ثم الشيعة المامية تفسر كثير من آيات القرآن الكريم التي جاءت بذكر اليوم الخر‪،‬‬
‫وتريد بها الرجعة‪ ،‬وهي عقيدة طالما دندن عليها مشايخ الشيعة وعلمائها‪ ،‬ولنا‬
‫معها وقفة مستقلة إن شاء ال الول الخر الظاهر الباطن ‪.‬‬
‫‪-‬وفي العتقادات لبن بابويه ‪[ :‬ص ‪( : ]107-106‬ويجب أن يعتقد أنه لولهم[أي‪:‬‬
‫لول الئمة] لما خلق ال سبحانه السماء والرض ول الجنة ول النار‪ ،‬ول آدم ول‬
‫حواء ‪ ،‬ول الملئكة‪ ،‬ول شيئاً مما خلق ) ‪.‬‬
‫‪ -‬وفي المعالم الزلفى (ص ‪( : )249‬إن ال خلق الجنة من نور الحسين ) ‪ .‬ويروون‬
‫أيضاً ‪ :‬أن الشيخ الطوسي يروي في مجالسه عن أبي بصير عن أبي عبد ال قال ‪:‬‬
‫إن ال تعالى أمهر فاطمة رضي ال عنها ربع الدنيا‪ ،‬فربعها لها‪ ،‬وأمهرها الجنة‬
‫والنار‪ ،‬تدخل أعداءها النار وتدخل أولياءها الجنة ) [المعالم الزلفى‪ :‬ص ‪. ]350‬‬
‫قلت ‪ :‬ما أسخف عقول تصدق بهذا‪ ،‬فكيف تكون الجنة مخلوقة من نور الحسين‪،‬‬
‫وهي قبل كانت مهراً لفاطمة !!‪ ،‬أل تستيقظ الشيعة من سباتها وغفلتها وانسياقها‬
‫وراء هذه الشنائع التي يعلم بطلنها الطفال ؟ ‪ .‬ثم أين نذهب بالنصوص الكثيرة في‬
‫القرآن والسنة والتي ل تدع مجالً للشك بأن ال هو المتصرف في خلقه يدخل من‬
‫يشاء الجنة برحمته‪ ،‬ويدخل من يشاء النار بعدله ‪.‬‬
‫‪-‬وفي العتقادات للمجلسي[‪ ]94-39‬قال ‪ :‬يجب القرار بحضور النبي والئمة الثني‬
‫عشر صلوات ال عليهم عند موت البرار والفجار والمؤمنين والكفار‪ ،‬فينفعون‬
‫المؤمنين بشفاعتهم في تسهيل غمرات الموت وسكراته عليهم‪ ،‬ويشددون على‬

‫‪67‬‬
‫المنافقين ومبغضي أهل البيت صلوات ال عليهم‪ ،‬ول يجوز التفكر في كيفية ذلك‬
‫إنهم يحضرون ‪-‬كذا‪ -‬في الجساد الصلية أو المثالثة أو بغير ذلك ! ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬اليات القرآنية والسنن النبوية الصحيحة‪ ،‬نصت على أن الملئكة هي التي‬
‫تحضر ساعات النزع‪ ،‬فتشدد على الكفار‪ ،‬وتهون على المؤمنين البرار ‪ .‬وأما‬
‫حضور الئمة الثني عشر فليس له وجود إل في كتب الشيعة ! ‪ .‬فكيف يخفى هذا‬
‫المر الجلل عن جل المة وعلمته الشيعة ! ‪ .‬وعلى قولهم ‪ :‬فإن تخفيف سكرات‬
‫الموت تكون على الشيعة المامية ومن تابعه فقط ‪ ،‬وغيرهم مسلمهم وكافرهم‬
‫يعذب ‪ ،‬وعندهم ما ثم مسلم إل هم ومن دان بدينهم‪ ،‬وأهل السنة عندهم كفار لنهم‬
‫ممن يبغض آل البيت ! فأهل السنة مشدد عليهم في النزع ل محالة ! ‪.‬‬
‫‪-‬وجاء في أصول الكافي [‪ ،]2/606‬والمعالم الزلفى [ص ‪ : ]133‬عن حفص قال ‪:‬‬
‫سمعت موسى بن جعفر يقول ‪ :‬الرجل يحب البقاء في الدنيا؟ قال ‪ :‬نعم‪ ،‬فقال ‪ :‬ولم‬
‫؟ قال ‪ :‬لقراءة قل هو ال أحد‪ .‬فسكت عنه فقال له بعد ساعة ‪ :‬يا حفص من مات‬
‫من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علم في قبره ليرفع به ال من درجته‪ ،‬فإن‬
‫درجات الجنة على قدر آيات القرآن ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذه من فرائد الشيعة المامية‪ ،‬فإن العمل ينقطع بعد الموت‪ ،‬إل ما استنثي‬
‫من صدقة جارية‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له ‪ ،‬أو علم ينتفع به ‪.‬‬
‫وفي هذه الرواية دعوة مبطنة إلى تجاهل كتاب ال في الدنيا‪ ،‬إمعانا في إضلل‬
‫الشيعة وإبعادهم وصرفهم عن تلوة كتاب ال وحفظه ‪.‬‬
‫‪-‬وخالفت الشيعة المامية المسلمين في سؤال منكر ونكير في القبر ‪ ،‬فزعمت أن‬
‫أول سؤال يسأل عنه الميت هو ‪ :‬حب الئمة الثني عشر ‪ .‬ففي بحار النوار [‬
‫‪( : ]27/79‬أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت ) ‪ .‬والملئكة تسأل الميت (من‬
‫يعتقده من الئمة واحد بعد واحد‪ ،‬فإن لم يجب عن واحد منهم يضربانه بعمود من‬
‫نار يمتليء قبره ناراً إلى يوم القيامة ) [العتقادات للمجلسي ‪ :‬ص ‪ . ]95‬وأما من‬
‫رد على أسئلتهم وأجاب عنها فإنه يكون في رغد العيش إلى يوم القيامة [انظر ‪:‬‬
‫محمد الحسيني الجللي ‪ :‬السلم عقيدة ودستور ‪ :‬ص ‪. ]77‬‬
‫قلت ‪ :‬الدلة متضافرة على أن الملكين يسألن الميت ثلثة أسئلة ‪ :‬من ربك ؟ وما‬
‫دينك ؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ ‪ .‬وأما السؤال عن حب الئمة الثني عشر‪،‬‬
‫فما ندري ما هو‪ ،‬إن هو إل من بدع الشيعة‪ ،‬ورغبتهم في تأصيل هذه العقيدة في‬
‫نفوس شيعتهم ‪.‬‬
‫‪-‬وتؤمن الشيعة المامية بأن هناك حشرًا قبل يوم الحشر‪ ،‬وذلك في زمن القائم‪،‬‬
‫وذلك من أجل أن تقر أعينهم‪ ،‬برؤية أئمتهم‪ ،‬وعذاب أعدائهم ‪ .‬يقول المجلسي في‬
‫العتقادات [ص ‪( : ]98‬يحشر ال تعالى في زمن القائم أو قبيله جماعة من‬
‫المؤمنين لتقر أعينهم برؤية أئمتهم ودولتهم‪ ،‬وجماعة من الكافرين والمخالفين‬
‫للنتقام عاجلً في الدنيا ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬يؤمنون بهذا كله‪ ،‬ويجزمون أن هناك يوم ًا يبعث فيه أبا بكر وعمر وغيرهم‬
‫من الصحابة ثم يعذبوا ويقتلوا شر قتلة ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫ونحن نجزم أنه ل بعث بعد الموت إل بعد نفخة الصور الثانية ‪ ،‬عندها يخرج الناس‬
‫من قبورهم إلى أرض المحشر لملقاة ربهم والمجازاة بأعمالهم‪ ،‬وعلى هذا الدلة‬
‫من القرآن والسنة ‪ .‬ومن العجب أن الشيعة المامية (أهل قم ) غلبتهم العنصرية‬
‫والعصبية حتى جعلوا أهل قم يحشرون إلى الجنة بدون حساب ‪ ،‬تقول أخبارهم ‪:‬‬
‫(إن أهل مدينة قم ‪ ،‬يحاسبون في حفرهم ويحشرون من حفرهم إلى الجنة) [بحار‬
‫النوار ‪ ،60/218 :‬وانظر عباس القمي في الكنى واللقاب ‪ . ]3/71 :‬بل زاد بعض‬
‫المعاصرين من شيوخهم أن جعل ثلثة من أبواب الجنة الثمانية لهل قم !‪،‬‬
‫فيذكرون عن الرضا أنه قال ‪( :‬للجنة ثمانية أبواب ‪ ،‬فثلثة منها لهل قم ) [محمد‬
‫مهدي الكاظمي‪ :‬أحسن الوديعة‪ /‬ص ‪. ]314-313‬‬
‫قلت ‪ :‬واضع هذا الفك رجل من قم ل نشك في ذلك ‪ .‬ثم هنيئاً لهل قم أن سبقوا‬
‫النبياء والرسل إلى الجنة‪ ،‬فإن النبياء والرسل تشهد المشاهد مع أقوامهم‪ ،‬وأما‬
‫أهل قم فهم يجتازون المحشر إلى الجنة ! ‪.‬‬
‫‪-‬وفي الفصول المهمة في أصول الئمة للحر العاملي [ص ‪ : ]171‬أن حساب جميع‬
‫الخلق يوم القيامة إلى الئمة ‪ .‬وفي رجال الكشي [ص ‪( :]337‬إلينا الصراط ‪ ،‬وإلينا‬
‫الميزان‪ ،‬وإلينا حساب شيعتنا ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ما ذا أبقوا ل ‪ .‬وال يقول ‪ :‬لمن الملك اليوم ‪ ،‬فيجيب نفسه ل الواحد القهار‬
‫‪ .‬والشيعة المامية جعلت اليوم الخر في يد أئمتها وتحت تصرفهم ‪.‬‬
‫وختاماً ‪ :‬لول خشية الطالة لسقت كثيراً مما حوته كتب الشيعة من هذا الباطل الذي‬
‫تزخر به كتبهم‪ ،‬وتؤمن به شيعتهم ‪ ،‬هداهم ال للحق‪ ،‬وبصرهم بعقيدة المسلمين‬
‫الصحيحة ‪.‬‬

‫‪ -25‬اليمان بالقدر عند الشيعة المامية الثني عشرية ‪.‬‬


‫بسم ال ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ‪.‬‬
‫اليمان بالقدر من أصول اليمان‪ ،‬ول يصح إيمان عبد حتى يؤمن بالقدر من ال‬
‫خيره وشره حلوه ومره‪ .‬وأفعال العباد مخلوقة ل ‪{ .‬وال خلقكم وما تعملون}‪،‬‬
‫وللعبد مشيئة وقدرة ولكنها خاضعة لمشيئة ال وقدرته‪{ ،‬وما تشاءون إل أن يشاء‬
‫ال } ‪ .‬فما شاء ال كان ومالم يشأ لم يكن ‪.‬‬
‫فمن سلك في القدر على هذا العتقاد اطمأنت نفسه وسلم من الحيرة ‪ .‬ومن قال‬
‫بالقدر أو بالجبر لم يسلم من التناقض والحيرة ‪.‬‬
‫وعلماء أهل البيت الوائل –قدماء الشيعة‪ -‬لم يخالفوا هذا المنهج‪ ،‬ولم يقولوا‬
‫بمقالة القدر حتى أخذوا بقول المعتزلة وتبنوه فكرًا ومنهجاً وعقيدة‪ ،‬وذلك في‬
‫أواخر المائة الثالثة وأوائل المائة الرابعة [انظر‪ :‬منهاج السنة النبوية ‪.]1/229 :‬‬
‫ومصادر الشيعة لم تستقم على قدم واحدة بل تباينت أقوالها‪ ،‬وسوف نعرض لشيء‬
‫من ذلك ‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫‪-‬يذكر ابن بابويه القمي في عقائد الصدوق[ص ‪( : ]75‬اعتقادنا في أفعال العباد أنها‬
‫مخلوقة خلق تقدير ل خلق تكوين‪ ،‬ومعنى ذلك أنه لم يزل ال عالماً بمقاديرها ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬تحلظ في هذه المقالة إثبات علم ال عز وجل بأعمال العباد‪ ،‬ولكنها تنفي أن‬
‫يكون ال خالقاً لفعال العباد ‪ .‬وهذا القول لم يرتضه شارح عقائد الصدوق وهو‬
‫المفيد فقال متعقبًا ‪( :‬الصحيح عن آل محمد صلى ال عليه وآله وسلم أن أفعال‬
‫العباد غير مخلوقة ل‪ ،‬والذي ذكره أبو جعفر قد جاء به حديث غير معمول به‪ ،‬ول‬
‫مرضي السناد‪ ،‬والخبار الصحيحة بخلفه‪ ،‬وليس يعرف من لغة العرب أن العلم‬
‫بالشي هو خلق له ) [شرح عقائد الصدوق ‪ :‬ص ‪. ]12‬‬
‫والمفيد نفسه يقول بخلق أفعال العباد وأنهم خالقون لها ولكنه ل يطلق عليهالفظ‬
‫الخلق‪ ،‬بل يسلك بها مسلكاً آخر‪ ،‬فاختلفت اللفاظ واتفقت المعاني‪ ،‬والعبرة بالمعاني‬
‫ل بالمباني‪ ،‬فقال ‪( :‬أقول إن الخلق يفعلون‪ ،‬ويحدثون‪ ،‬ويخترعون‪ ،‬ويصنعون‪،‬‬
‫ويكتسبون ول أطلق القول عليهم بأنهم يخلقون ولهم خالقون ‪ ،‬ول أتعدى ذكر ذلك‬
‫فيما ذكره ال تعالى ول أتجاوز به مواضع القرآن وعلى هذا القول إجماع المامية‬
‫والزيدية ‪[ )....‬أوائل المقالت‪ :‬ص ‪. ]25‬‬
‫قلت ‪ :‬يعتقد المفيد إنه تابع أهل السنة والجماعة في عدم إطلق لفظ الخلق على‬
‫أفعال العباد‪ ،‬ولكن المعنى الذي ذهب إليه ل يساعده ‪ ،‬والجماع الذي ذكره لم‬
‫يستمر على حال‪ ،‬بل بانت عقيدة المعتزلة في القدر في عبارات بعض شيوخ‬
‫الشيعة المامية‪ ،‬فقد عقد الحر العاملي باباً في الفصول المهمة في أصول الئمة‬
‫[ص ‪ ]80‬وسماه ‪( :‬باب أن ال سبحانه خالق كل شيء إل أفعال العباد ) ‪ ،‬وقال ‪:‬‬
‫(أقول مذهب المامية والمعتزلة أن أفعال العباد صادرة عنهم وهم خالقون لها )‬
‫[الفصول المهمة ‪ ...‬ص ‪ . ]81‬وذهب إلى مثل هذا شيخهم الطبطبائي في مجالس‬
‫الموحدين في بيان أصول الدين [ص ‪ ]21‬فقال ‪( :‬ذهب المامية والمعتزلة إلى أن‬
‫أفعال العباد وحركاتهم واقعة بقدرتهم واختيارهم فهم خالقون لها ‪. )...‬‬
‫قلت ‪ :‬كتب الحديث لدى الشيعة المامية تخالف كثيراً ما ذهب إليه مشائخهم في‬
‫القول بخلق أفعال العباد‪ ،‬وسوف نعرض لبعض الروايات التي وردت في كتب‬
‫الحديث عندهم لبيان مخالفة مشائخهم لما قال به علماء آل البيت ‪.‬‬
‫‪-‬قال أبو جعفر وأبو عبد ال ‪ :‬إن ال أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب‪،‬‬
‫ثم يعذبهم عليها‪ ،‬وال أعز من أن يريد أمراً فل يكن‪ ،‬قال‪ :‬فسئل عليهما السلم هل‬
‫بين الجبر والقدر منزلة ثالثة ؟ قال ‪ :‬نعم أوسع ما بين السماء والرض ) [أصول‬
‫الكافي‪. ]1/159 :‬‬
‫‪ -‬وقال أبو عبد ال ‪( :‬إنك لتسأل عن كلم أهل القدر وما هو من ديني ول دين‬
‫آبائي‪ ،‬ول وجدت أحداً من أهل بيتي يقول به ) [بحار النوار‪ ،5/56 :‬والبرهان‪:‬‬
‫‪. ]1/398‬‬
‫‪-‬وقال أبو عبد ال ‪( :‬ويح القدرية أما يقرأون هذه الية {إل امرأته قدرناها من‬
‫الغابرين} ويحهم من قدرها إل ال تبارك وتعالى ) [بحار النوار ‪. ]5/56 :‬‬
‫‪ -‬وقبل أن أختم هذا المبحث أجدني مضطراً إلى أن أسوق معنى نفيساً ذكره المظفر‬
‫في عقائد المامية [ص ‪ ]68-67‬فقال ‪( :‬أن أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن‬

‫‪70‬‬
‫أسبابها الطبيعية‪ ،‬وهي تحت قدرتنا واختيارنا‪ ،‬ومن جهة أخرى هي مقدورة ل‬
‫تعالى وداخله تحت سلطانه‪ ،‬لنه هو مفيض الوجود ومعطيه‪ ،‬فلم يجبرنا على‬
‫أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا في المعاصي‪ ،‬لن لنا القدرة والختيار فيما نفعل‪ ،‬ولم‬
‫يفوض إلينا خلق أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه بل له الخلق والمر‬
‫وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد ) ‪ .‬قلت ‪ :‬هذا الكلم موافق لما عليه أهل‬
‫السنة والجماعة‪ ،‬ونرجو أن يكون هذا الكلم علىحقيقته وليس تقية ‪ ،‬فإنه معنى‬
‫جيداً ‪.‬‬
‫وختاماً المثلة على هذا كثير من كتب الحديث عندهم‪ ،‬ومنهم يُعلم أن بعض مشايخ‬
‫الشيعة المامية لم يتابعوا أئمتهم القدماء على العتقاد بقول سلف هذه المة كما‬
‫جاء في كتاب ربها وعلى لسان رسولها ‪ ،‬فوافقوا المعتزلة‪ ،‬وخالفوا الحق ‪ .‬وال‬
‫الهادي إلى صراطه المستقيم ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ -26‬الصول التي خالفت فيها الشيعة المامية أهل السنة والجماعة (مقدمة) ‪.‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم ‪.‬‬
‫لم ترتض الشيعة ما رضيه ال لعباده‪ ،‬وشرع لهم من الدين حتى أحدثوا عقائد ما‬
‫أنزل ال بها من سلطان‪ ،‬أهلكت الشيعة عامتهم وخاصتهم وصدتهم عن سبيل ال‪،‬‬
‫وسوف نعرض إن شاء مولنا‪ ،‬بعض تلك الصول في حلقات متوالية بشيء من‬
‫اليجاز‪ ،‬وإل فإن المهتمين بنقد معتقد الشيعة أفردوا لها كتب ًا مستقلة‪ ،‬ونحن نحاول‬
‫أن نقرب المسألة المخالف فيها أو الصل المخالف فيه ثم ننقده بما ييسره لنا‬
‫مولنا‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال ‪.‬‬
‫ومن تلك الصول المخالفة التي ننوي أن نفردها بالدراسة ‪:‬‬
‫‪ -1‬المامة ‪.‬‬
‫‪ -2‬التقية ‪.‬‬
‫‪ -3‬الغيبة ‪.‬‬
‫‪-4‬الرجعة ‪.‬‬
‫‪ -5‬الظهور ‪.‬‬
‫‪ -6‬البداء ‪.‬‬
‫‪ -7‬الطينة ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -27‬المامة عند الشيعة المامية ‪.‬‬
‫أ‪ -‬ل يكمل إيمان عبد عند الشيعة حتى يقر ويؤمن بعقيدة المامة‪ ،‬وإنك لتعجب من‬
‫هذا الصل العظيم عند الشيعة‪ ،‬الذي أفرد لجله الرسائل والكتب الشيعية‪ ،‬ثم ل تجد‬
‫لكلمة المامة ذكراً في القرآن‪ ،‬ول في سنة نبيه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وكيف‬
‫يخطر بال امرء أن يغفل رسول ال صلى ال وسلم عن ذكر هذه المسألة المهمة‬
‫من مسائل الدين!‪{ ،‬وما كان ربك نسيا} ‪.‬‬
‫نعم ‪ .‬للمامة ذكرٌ في نصوص القرآن التي يدعي الشيعة المامية أنها مما تصرفت‬
‫فيها أيدي السنة‪ ،‬وكذلك في رواياتهم بإسانيدهم ‪ ،‬وفي غير هذين الموضعين ل‬
‫تجد ذكراً لها ! ‪.‬‬
‫وأول من أشاع فكرة المامة عند الشيعة هو عبد ال ابن سبأ اليهودي الصل‪،‬‬
‫وبهذا نطقت كتب الشيعة كما في رجال الكشي (‪( : )109-108‬كان أول من أشهر‬
‫القول بفرض إمامة علي ‪ ،‬وأظهر البراءة من أعدائه ‪ ،‬وكاشف مخالفيه وكفرهم )‬
‫‪ .‬ويقول ابن بابويه القمي في عقائد الصدوق (ص ‪( : )106‬يعتقدون –أي الشيعة –‬
‫بأن لكل نبي وصياً أوصى إليه بأمر ال تعالى )‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬فكرة الوصاية‪ ،‬عقيدة يهودية‪ ،‬فإن اليهود يرون أن لكل نبي وصياً ‪ ،‬وأن‬
‫يوشع بن نون وصي موسى عليه السلم‪ ،‬ومن هنا دخلت فكرة الوصاية على معقتد‬
‫الشيعة‪ ،‬ولذلك يذكر المجلسي في أخباره (أن علياً هو آخر الوصياء) (بحار النوار‬
‫‪.)39/342 :‬‬
‫ب‪ -‬والمامة عند الشيعة تختلف عن المامة في الدين عند أهل السنة والجماعة‪،‬‬
‫فالمام عند الشيعة له من الخصائص كما للنبي !‪ ،‬يقرر ذلك محمد حسين آل كاشف‬
‫الغطا –شيخ معاصر‪ -‬ي كتابه أصل الشيعة وأصولها (ص ‪ )85‬يقول‪( :‬أن المامة‬
‫منصب إلهي كالنبوة‪ ،‬فكما أن ال سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة‬
‫والرسالة‪ ،‬ويؤيد بالمعجزة التي هي كنص من ال عليه‪ ..‬فكذلك يختار للمامة من‬
‫يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه وأن ينصبه إماماً للناس من بعده ) ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬كلم الغطا وقبله المجلسي ‪ ،‬من جنس كلم غلة الصوفية‪ ،‬الذين يزعمون‬
‫أن الولي له من المنزلة التي تفوق الرسل فيقول شاعرهم ‪:‬‬
‫فويق الرسول ودون النبي‬ ‫مقام الولية في برزخ‬
‫فغلة الصوفية جعلوا مرتبة الولية في مرتبة وسطى ما بين النبوة والرسالة‪ ،‬ومن‬
‫جهلهم أن جعلوا مقام النبوة أعلى من مقام الرسالة !‪ ،‬والشيعة المامية تعدت ذلك‬
‫وجعلت منصب المام أعلى من منصب النبي والرسول‪ ،‬يقول نعمة ال الجزائري‬
‫في زهر الربيع (ص ‪( : )12‬المامة العامة التي هي فوق درجة النبوة والرسالة ) ؛‬
‫بل إن أحد آياتهم في هذا العصر وهو هادي الطهراني أخذ منحنى عجيباً في هذا‬
‫الباب إذ يقول ‪( :‬المامة أجل من النبوة‪ ،‬فإنها مرتبة ثالثة شرف ال تعالى بها‬
‫إبراهيم بعد النبوة والخلة ‪( )...‬ودايع النبوة ‪ :‬ص ‪. )114‬‬

‫‪73‬‬
‫ولما قال بعض غلة الصوفية إنه آخر الولياء‪ ،‬كما أن محمداً صلى ال عليه وسلم‬
‫آخر النبياء‪ ،‬قالت الشيعة المامية بأن علي ًا رضي ال عنه هو آخر الوصياء ! ‪.‬‬
‫فالمر ل يعدوا كونه متابعة لليهود أوغلة الصوفية ‪.‬‬
‫ت‪ -‬والمامة عند الشيعة أحد مباني السلم الخمسة‪ ،‬أعني أركان السلم‬
‫الخمسة ‪ ،‬فهم يعتقدون كما جاء في أصول الكافي عن أبي جعفر أنه قال ‪( :‬بني‬
‫السلم على خمس ‪ ،‬على الصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصوم‪ ،‬والحج والولية‪ ،‬ولم يناد‬
‫بشيء كما نودي بالولية‪ ،‬فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه –يعني الولية‪( )-‬أصول‬
‫الكافي ‪ )2/18 :‬وفي الشافي شرح الكافي تصحيح لهذا الحديث (‪. )5/28‬‬
‫قلت ‪ :‬تواترت الحاديث على ذكر الشهادتين وأنها أحد مباني السلم الخمسة‪،‬‬
‫وأسقطتها الشيعة المامية‪ ،‬وأحلت بدلً منها اليمان بالولية ‪ .‬أقول‪ :‬هذا الحديث‬
‫من شنائع الشيعة وصنع رواتها‪ ،‬وإل فهذا الحديث قد بلغ شهرة عظيمة ل يكاد‬
‫يجهله أحد من أبناء السلم‪ ،‬فهل وعت الشيعة المامية هذا ‪.‬‬
‫ثم بأي شيء يكون المرء مسلماً إن لم يأت بالشهادتين !‪ ،‬وكأن واضع هذا الحديث‬
‫أراد أن يحرم الشيعة من الدخول في دين السلم‪ ،‬وإل فما معنى إسقاط الشهادتين‬
‫التي هي مفتاح الدخول في السلم ؟ فهل تعي الشيعة ذلك ؟ ‪.‬‬
‫ث‪-‬و قلنا إن المامة لم يرد لها ذكر في كتاب ول سنة‪ ،‬ولم تعرف لها ذكر في‬
‫العصور المتقدمة العصور الفاضلة‪ ،‬وهذا المر أقلق الشيعة مما جعلها تصنع‬
‫الرويات وتختلقها في أن المامة من السرار التي ل ينبغي إذاعتها ونشرها ! ‪،‬‬
‫فعن علي الرضا قال ‪( :‬ول ية ال أسرها إلى جبرائيل‪ ،‬وأسرها جبرائيل إلى محمد‪،‬‬
‫وأسرها محمد إلى علي‪ ،‬وأسرها علي إلى من شاء ال‪ ،‬ثم أنتم تذيعون ذلك‪ ،‬من‬
‫الذي أمسك حرفًا سمعه) (المازندراني‪ :‬شرح جامع‪ ،)9/123 :‬ومعنى الجملة‬
‫الخيرة‪( ،‬من الذي أمسك حرفًا سمعه) أي أن هذا الذي ينبغي له ان يكتم أشيع‬
‫ونشر ! ‪.‬‬
‫وعن جعفر ‪-‬زعموا‪ -‬أنه قال ‪( :‬المذيع حديثنا كالجاحد له ) [أصول الكافي‪. ]2/224 :‬‬
‫وتشير بعض رواياتهم إلى أن الكيسانية هي أول من أذاعت هذا السر وكشفته‪ ،‬ففي‬
‫أصول الكافي ‪( : )2/223( :‬ما زال سرنا مكتوماً حتى صار في ولد كيسان‪ ،‬فتحدثوا‬
‫به في الطريق وقرى السواد )‪.‬‬
‫ج‪-‬مما تميزت به عقيدة المامة لدى الشيعة المامية هو قولهم بتعدد الئمة‬
‫وحصرها في عدد معين ‪ ،‬وهم اثناعشر إمام ًا ‪ .‬وتشير بعض الرويات إلى أن من‬
‫أشاع هذه المقالة الكاذبة هو (شيطان الطاق) وهذا هو اسمه عند أهل السنة‬
‫والجماعة‪ ،‬وأما الشيعة المامية فتسميه مؤمن الطاق‪ ،‬وله قصص في الكذب على‬
‫ال وتحريف بعض آي القرآن الكريم‪ ( ،‬انظر ‪ :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،186‬و أصول‬
‫الكافي‪. )1/174 :‬‬
‫ففي باديء المر أظهر شيطان الطاق فكرة المام مفترض الطاعة بمعاونة هشام‬
‫بن الحكم الرافضي‪ ،‬وأنتشرت في الكوفة‪ ،‬وأنكرها أبو عبد ال جعفر إنكاراً بليغاً‪،‬‬
‫فيروي سعيد العرج كما جاء في رجال الكشي ‪ :‬أنه قال كنا عند أبي عبد ال‬

‫‪74‬‬
‫فاستأذن رجلن‪ ،‬فأذن لهما ‪ ،‬فقال أحدهما‪ :‬أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال ‪ :‬ما‬
‫أعرف ذلك فينا‪ ،‬قال‪ :‬بالكوفة قوم يزعمون أن فيكم إمام ًا مفترض الطاعة‪ ،‬وهو ل‬
‫يكذبون أصحاب ورع واجتهاد‪ ..‬منهم عبد ال بن يعفور وفلن وفلن‪ ،‬فقال أبو عبد‬
‫ال رضي ال عنه‪ :‬ما أمرتهم بذلك‪ ،‬ول قلت لهم أن يقولوه‪ ،‬قال‪-‬القائل أبو عبد‬
‫ال‪ :-‬فما ذنبي ! وأحمر وجهه وغضب غضباً شديداً ‪ ،‬قال‪ :‬فلما رأيا الغضب في‬
‫وجهه قاما فخرجا ‪[ ) ..‬رجال الكشي ‪ :‬ص ‪. ]427‬‬
‫قلت ‪ :‬النكار الشديد من أبي عبد ال لهو دللة على فساد هذه العقيدة وبطلنها‬
‫وأنها مخترعة لصد وإفساد دين الشيعة ‪ .‬ولكن الشيعة تكذب بهذا دائمًا وتضعف‬
‫هذه الرويات أو تحملها على التقية ! ‪.‬‬
‫ح‪-‬ثم إن المتأمل لروايات الشيعة المامية فيما يتعلق بالمامة يجد أنها لم تحدد‬
‫اثني عشر إماماً في أول المر‪ ،‬وإنما تم ذلك بعد وفاة الحسن العسكري‪-‬وسوف‬
‫يأتي الحديث عنه ‪ ،-‬إذ جاءت روايات تشير إلى أن عليًا يسر بهذا المر إلى من‬
‫يشاء‪ ،‬وجاءت رويات تقول بأن القائم هو سابع سبعة ‪ :‬كما في رجال الكشي (‪)373‬‬
‫‪( :‬سابعنا قائمنا) وهذا هو المر المستقر عند السماعيلية ‪ .‬ولكن الموسوية أو‬
‫القطعية زادتهم إلى اثني عشر فسميت بالثني عشرية ‪.‬‬
‫ولم يقف المر عند ذلك فقد جاء في كتاب سليم بن قيس الذي تكلمناعنه في حلقة‬
‫سابقة أنه ذكر أن الئمة ثلثة عشر‪ ،‬مما جعل بعض مشايخ الشيعة قديماً وحديثاً‬
‫يطعن في هذا الكتاب‪ ،‬مع احتوائه على أصول عقائد الشيعة المامية الن ‪ .‬وللدللة‬
‫على ذلك (انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،1/534 :‬والغيبة ‪ :‬ص ‪ ،92‬وأصول الكافي ‪)-1/532 : :‬‬
‫‪ .‬وهذه الحالت نذكرها لمن أراد الوقوف على حقيقة القول‪ ،‬ليرى حجم التناقض‬
‫بين الروايات وتضاربها ‪.‬‬

‫خ‪ -‬ويحتج الشيعة المامية على عقيدة المامة وثبوتها بأدلة من القرآن ‪ ،‬والسنة‪،‬‬
‫والرويات الكثيرة في كتب الشيعة ‪.‬‬
‫‪-1‬فأما استدللهم بالقرآن فهو تحريف لكتاب ال‪ ،‬وتأويله على غير مراد ال‪،‬‬
‫وصرفه عن دللته‪ ،‬ففي قوله تعالى ‪{ :‬إنما وليكم ال ورسوله والذين آمنوا الذين‬
‫يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة وهم راكعون } ‪-.‬هذه أكبر دليل عند الشيعة المامية‬
‫حيث يستدلون بها على ولية علي رضي ال عنه‪ -‬فيقول الطبرسي ‪( :‬وهذه الية‬
‫من أوضح الدلئل على صحة إمامة علي بعد النبي صلى ال عليه وسلم ) [مجمع‬
‫البيان ‪ . ]2/182 :‬فيقولون في تفسير هذه الية ‪( :‬اتفق المفسرون والمحدثون من‬
‫العامة والخاصة أنها نزلت في علي لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلة‬
‫بمحضر من الصحابة ‪[) ..‬انظر ابن المطهر الحلي في منهاج الكرامة حيث عده‬
‫البرهان الول (ص ‪ . ])147‬وقد رد على هذا الستدلل ابن تيمية في منهاج أهل‬
‫السنة وغيره من عدة أوجه ‪ ،‬نسوقها مختصرة‪ ،‬ونترك الوجه الخرى لمن اراد‬
‫الستزادة ‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫أ‪ -‬بطلن زعمهم أن المفسرين أ جمعوا على أن علياً هو المقصود وأنه تصدق‬
‫بخاتمه على المسكين وهو يصلي ! ‪ ،‬إل أن يكون مرادهم بالجماع؛ إجماع الشيعة‬
‫المامية ! فهذا قد يكون‪ ،‬أما أهل السنة فل يعرف لهم ذلك ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشيعة المامية تمدح بذلك علياً أن تصدق بخاتمه وهو يصلي‪ ،‬وهذا منقصة‬
‫وذماًَ في حق علي رضي ال عنه‪ ،‬فإن لب الصلة الخشوع‪ ،‬والتصدق على‬
‫المساكين في الصلة يذهب الخشوع وينافيه‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم أخبر في‬
‫ل ‪ .‬وعلى هذا فإن الشيعة أرادت أن تمدح علي ًا بأمر في‬ ‫الحديث إن في الصلة لشغ ً‬
‫حقيقته ذم‪ ،‬وهو منزه عنه رضي ال عنه ‪.‬‬
‫ت‪-‬هناك فرقاً كبيراً بين الولية بالكسر التي هي بمعنى المحبة والنصرة التي ضد‬
‫العداوة ‪ ،‬والولية بالفتح التي هي بمعنى المارة ‪ .‬والية جاءت بالمعنى الول‬
‫وهي الولية التي بمعنى المحبة والنصرة ‪ ،‬ومراد الشيعة هو الولية التي بمعنى‬
‫المارة‪ ،‬فهناك فرقٌ ظاهر في اللغة ‪ .‬فتأمل ‪.‬‬
‫‪ -2‬وأما استدللهم بالسنة فهو ليس من باب اليمان بالحاديث التي جاءت عن‬
‫طريق أهل السنة‪ ،‬ولكنهم وجدوا في بعض الحاديث التي يرويها أهل سنداً‬
‫لمعتقدهم فرووها واستدلوا بها على ما يريدون ‪.‬‬
‫فهم يحتجون بما رواه جابر بن سمرة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫(يكون اثنا عشر أميراً فقال ‪ :‬كلمة لم أسمعها فقال أبي إنه قال ‪ :‬كلهم من قريش )‬
‫البخاري (‪ ، )8/127‬وعند مسلم عن جابر قال ‪( :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ :‬ل يزال السلم عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) ثم قال كلمة لم أفهمها ‪.‬‬
‫فقلت لبي ‪ :‬ما قال ؟ فقال ‪( :‬كلهم من قريش ) (مسلم ‪ . )2/1453 :‬وهناك الفاظ‬
‫أخرى لهذا الحديث ‪.‬‬
‫فالشيعة المامية يتمسكون بهذه النصوص التي وردت عن طريق السنة‪ ،‬ل‬
‫ليمانهم بما جاء فيها‪ ،‬فهم ل يأخذون عن كفار‪ ،‬إنما لن فيها ما يوافق معتقدهم‬
‫في الئمة الثني عشر ‪ .‬وهم يأخذون بنقلهم ول يأخذون بتفسيرهم لهذا الحديث ! ‪،‬‬
‫ولكن ليس في هذا الحديث حجة ول مستمسك لهم به ‪ ،‬وذلك من أوجه ثلثة نكتفي‬
‫بها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬وصفوا هولء الئمة بأنهم يكونون في عزة ومنعة وأن السلم عزيزاً ما داموا‪،‬‬
‫وبالنظر إلى حال الئمة الثني عشر نجد أنه قد تفاوتت أزمانهم‪ ،‬والسلم في بعض‬
‫أزمانهم لم يكن عزيزًا ‪ ،‬بل إن مهديهم مختبيء الن منذ أزمان طويلة خائف على‬
‫نفسه ! ‪.‬‬
‫ب‪-‬أن المامة واجتماع الناس وانقيادهم للمام لم يحصل إل لعلي بن أبي طالب‬
‫رضي ال عنه‪ ،‬وزمنًا يسيراً للحسن رضي ال عنه ‪ .‬وأما باقي الئمة فلم تحصل‬
‫لهم المامة التي يجتمع عليه الناس ‪.‬‬
‫ت‪ -‬الخلفاء الربعة ومن خلفهم من حكام بني أمية معاوية وابنه يزيد ثم عبد الملك‬
‫وأولده‪ ،‬اجتمع في حقهم الوصاف التي وردت في الحديث‪ ،‬فكلهم من قريش‪،‬‬
‫والسلم في تلك الفترة كان في عزة ومنعة‪ ،‬والسلم وشرائعه ظاهرة ‪ . .‬إلخ ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -3‬وأما احتجاجهم بالرويات التي جاءت عن طريق أهل السنة وعن طريق الشيعة ‪،‬‬
‫كحديث غدير خم ‪.‬‬
‫فأما أهل السنة فقد نقلوا هذه الواقعة بأمانه‪ ،‬وليس فيها دليل صريح على إمامة‬
‫الئمة‪ ،‬وكل ما فيه هو الحث على العناية بأهل بيت الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫وتوقيرهم والبر بهم ‪ ،‬ولهم منا ذلك سمع ًا وطاعة لرسول ال صلى عليه وسلم ‪،‬‬
‫وحباً فيه وفي أهل بيته ‪.‬‬
‫وأما روايات الشيعة لهذه الواقعة فقد زادوا فيها وحرفوا وبدلوا لتأسيس هذه‬
‫العقيدة في نفوس الشيعة ‪ .‬ول يتسع المقام لبسط هذه الواقعة ‪ ،‬والراغب في‬
‫الستزادة فليرجع إلىكتاب شيخ السلم ابن تيمية منهاج السنة فقد فصل القول في‬
‫هذه المسألة ‪.‬‬
‫‪ -4‬وأما الروايات التي جاءت عن طريق كتب الشيعة المامية‪ ،‬فهي رويات منقطعة‬
‫السناد‪ ،‬ورواتها مجهولون أو اشتهر عنهم الكذب على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وعلى الناس‪ ،‬أو مطعون في ديانتهم‪ ،‬وقد سقنا من قبل نصوص ًا كثيرة وتبين‬
‫حجم تحريف الشيعة المامية وتلعبهم بالنصوص لدعم معتقداتهم وإقرارها ‪ .‬ولعل‬
‫ال ييسر لنا بسط هذه المسألة أكثر ‪.‬‬
‫قاصمة ‪:‬‬
‫من أبين الدلئل على أن معتقد الشيعة المامية في الئمة الثني عشرية مأخوذ من‬
‫دين اليهود‪ ،‬ماوجده ابو الحسين بن المنادى في كتاب دانيال‪ ،‬وفيه ‪ :‬إذا مات‬
‫المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الكبر‪ ،‬ثم خمسة من ولد السبط‬
‫الصغر‪ ،‬ثم يوصي آخرهم بالخلفة لرجل من ولد السبط الكبر‪ ،‬ثم يملك بعده ولده‬
‫فيتم بذلك اثنا عشر ملكاً‪ ،‬كل واحد منهم إمام مهدي ‪( .‬انظر ‪ :‬فتح الباري ‪)4/213 :‬‬

‫‪ -28‬عقيدة التقية عند الشيعة ‪.‬‬


‫التقية كما عرفها المفيد ‪( :‬التقية كتمان الحق‪ ،‬وستر العتقاد فيه‪ ،‬وكتمان‬
‫المخالفين‪ ،‬وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين ) [شرح عقائد الصدوق‪:‬‬
‫ص ‪. ]261‬‬
‫والمعنى‪ :‬أنه يتعين على الشيعي أن يكتم الحق وهو دين الشيعة ول يظهره لهل‬
‫السنة‪ ،‬بل عليه أن يظهر أنه على دينهم مع كتمان دينه وعدم إظهار دينه لهم حتى‬
‫ل يأتيه الضرر ‪.‬‬
‫والتقية في دين ال التي جاءت في كتابه هي تقية حال الضطرار‪ ،‬وهي مع الكفار‬
‫خاصة ل المسلمين‪ ،‬ففي قوله تعالى ‪{ :‬إل أن تتقوا منهم تقاة} قال ابن جرير‬
‫الطبري ‪( :‬التقية التي ذكرها ال في هذه الية إنما هي تقية من الكفار ل من‬
‫غيرهم ) [تفسير الطبري ‪. ]6/316 :‬‬
‫قلت ‪ :‬والشيعة ل ترتضي هذا حتى؛ بل إنها لتتقي السني المسلم أعظم من‬
‫النصراني واليهودي ! ‪ .‬والتقية ل تكون إل في حال الضعف وخوف العدو الكافر‪،‬‬

‫‪77‬‬
‫أما مع المن والعزة والقوة فل تقية حينئذ‪ ،‬يقول معاذ بن جبل ومجاهد رضي ال‬
‫عن الجميع ‪( :‬كانت التقية في جدة السلم قبل قوة المسلمين‪ ،‬أما اليوم فقد أعز‬
‫ال المسلمين أن يتقوا منهم تقاة ) [انظر ‪ :‬تفسير القرطبي‪ ،4/57 :‬وكذا فتح القدير‬
‫للشوكاني ‪. ]1/331 :‬‬
‫ول ينقضي عجبك من معتقد الشيعة المامية‪ ،‬فإنهم جعلوا التقية من أركان الدين‬
‫كالصلة والصيام وسائر الركان‪ ،‬بل وعدوها أعظم شعائر الدين؛ بل هي الدين ! ‪.‬‬
‫يقول ابن بابويه ‪( :‬اعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها بمنزلة من ترك الصلة‬
‫)[العتقادات ‪ :‬ص ‪ . ]114‬بل جعلوا هذا من كلم محمد صلى ال عليه وسلم –وهو‬
‫منه براء – فقالوا على لسان نبينا عليه أفضل الصلة والسلم ‪( :‬تارك التقية‬
‫كتارك الصلة ) [جامع الخبار‪ :‬ص ‪ ،110‬وبحار النوار‪. ]75/412 :‬‬
‫وهي –أعني التقية – تسعة أعشار الدين‪ ،‬فيرون أن جعفراً بن محمد قال ‪( :‬إن‬
‫تسعة أعشار الدين في التقية ول دين لمن ل تقية له ) [أصول الكافي‪ ،2/217 :‬بحار‬
‫النوار‪ ،75/423 :‬و وسائل الشيعة ‪ ]11/460 :‬؛ بل وتارك التقية ذنباً ل يغفر كالشرك ‪،‬‬
‫فقد جاء في أخبارهم ‪( :‬يغفر ال للمؤمن كل ذنب‪ ،‬يظهر منه في الدنيا والخرة‪ ،‬ما‬
‫خل ذنبين‪ :‬ترك التقية‪ ،‬وتضييع حقوق الخوان) [تفسير الحسن العسكري‪ :‬ص‬
‫‪ ،130‬وسائل الشيعة ‪ ،11/474‬بحار النوار‪. ]75/415 :‬‬
‫والتقية عند أهل السنة تكون في حالت فردية وفي أوقات مخصصة حال الضطرار‬
‫والخوف من الكافر‪ ،‬وأما عند الشيعة فالتقية عندهم سلوك جماعي‪ ،‬ينبغي أن‬
‫تسلكه الشيعة حال المن وحال الخوف ! مع المسلمين وغيرهم فقد جاء في‬
‫أخبارهم ‪( :‬عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه ‪،‬‬
‫لتكون سجيته مع من يحذره)[أمالي الطوسي‪ ،1/199:‬وسائل الشيعة‪ ،11/466 :‬بحار‬
‫النوار‪ ]75/395 :‬؛ بل ما ثم غير شيعتهم مؤمن‪ ،‬وباقي الناس كافر الكفر الكبر ‪.‬‬
‫ولذلك فهم يسمون كل البلد غير بلدهم‪ ،‬حتى بلد أهل السنة‪( :‬دار التقية)‪( ،‬دولة‬
‫الظالمين)‪( ،‬دولة الباطل)[انظر ‪ :‬جامع الخبار ‪ :‬ص ‪ ، 110‬وبحار النوار ‪411، /75 :‬‬
‫‪.]421 ،412‬‬
‫والشيعة لجأت إلى استعمال التقية وجعلها عقيدة لزمة للشيعي لتحقيق عدة أمور ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬لما كانت خلفة الثلثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي ال عنهم جميعاً ‪ ،‬غير‬
‫معتبرة عند الشيعة ول مرضية لهم ‪ ،‬ولما كان علي رضي ال عنه بايعهم وتابعهم‬
‫على ذلك‪ ،‬لجأوا إلى هذه العقيدة كتبرير لفعل علي بين أبي طالب ومبايعته لهم‪،‬‬
‫وقالوا ‪:‬إنما كان هذا تقية منه رضي ال عنه‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن الئمة عندهم ل يخطئون ول ينسون أي معصومون‪ ،‬فإذا ثبت عنهم أمراً‬
‫يخالف ما أصلوه في دينهم قالوا ‪ :‬إنما صدر ذلك منهم على سبيل التقية ! ‪ ،‬وهو‬
‫تبرير لكل مايصدر عن أئمتهم يخالف أصول معتقدهم ‪ .‬فشيخ الطائفة الطوسي يرد‬
‫خبر علي رضي ال عنه عندما غسل رجليه في الوضوء وقال ‪( :‬هذا خبر موافق‬
‫للعامة [يعني أهل السنة] وقد ورد مورد التقية لن المعلوم الذي ل يتخالج منه‬
‫الشك من مذاهب أئمتنا عليهم السلم‪ ،‬القول بالمسح على الرجلين‪ ،‬ثم قال ‪ :‬إن‬

‫‪78‬‬
‫رواة هذا الخبر كلهم عامة ‪ ،‬ورجال الزيدية وما يختصون به ل يعمل به )‬
‫[السبتصار‪ . ]1/65،66 :‬ولهم في هذا الباب أخبار كثيرة ليس هذا مكان بسطها ‪.‬‬
‫وكلما كان الشيعي مظاهرًا بالتقية أكثر كلما كان معظماً أكثر‪ ،‬فهذا محمد باقر‬
‫الصدر يثني على الحسين بن روح [وهو الباب الثالث من أبواب مهديهم !] فيقول‪:‬‬
‫بأنه قام بمهمة البابية خير قيام لنه (كان من مسلكه اللتزام بالتقية المضاعفة‪،‬‬
‫بنحو ملفت للنظر بإظهار العتقاد بمذهب أهل السنة ) [تاريخ الغيبة الصغرى ص‬
‫‪. ]411‬‬
‫وحاصل القول ‪ :‬أن التقية من أعظم العقائد التي صرفت كثيراً من الشيعة عن إتباع‬
‫الحق‪ ،‬وموهت بها عليهم‪ ،‬وصدتهم عن سبيل ال ‪ ،‬وصدتهم عن كشف التناقضات‬
‫الكثيرة في نصوص الشيعة ‪ .‬فآه لناس سلمت عقولها لمشايخها تلعب بها كيف‬
‫شاءت ‪.‬‬
‫هداهم ل للزوم طريق الحق ‪.‬‬
‫‪ -29‬عقيدة الغيبة عند الشيعة المامية‪. .‬‬
‫أ‪ -‬المنشأ والسباب ‪.‬‬
‫بسم ال المبدي المعيد ‪..‬‬
‫عقيدة الغيبة أو فكرة اليمان بالمام الغائب أو المام الخفي ‪ ،‬موجودة عند معظم‬
‫فرق الشيعة‪ ،‬وهي تختلف فيما بينها في تحديد الغائب‪ ،‬فالسبئية اتباع عبد ال ابن‬
‫سبأ (ابن السوداء اليهودي)‪ ،‬تؤمن بعودة علي بن أبي طالب وأنه يملك الرض‪،‬‬
‫فإنه لما بلغ عبد ال بن سبأ خبر نعي علي بن أبي طالب‪ ،‬قال للذي نعاه ‪ ( :‬كذبت‬
‫لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة ‪ ،‬وأقمت على قتله سبعين عدل لعلمنا أنه لم يمت‬
‫ولم يقتل و ل يموت حتى يملك الرض ) [فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ ،23‬والمقالت والفرق ‪:‬‬
‫ص ‪ . ]21‬ثم ظلت تنتظر عودته من غيبته ‪ .‬وكذلك فرقة الكربية من الكيسانية‬
‫تنتظر محمد بن الحنفية وتدعي أنه ( حي لم يمت وهو في جبل رضوى بين مكة‬
‫والمدينة عن يمينه أسد وعن يساره نمر موكلن به يحفظانه إلى أوان خروجه‬
‫وقيامه )وقالوا إنه المهدي المنتظر [مسائل المامة ‪ :‬ص ‪ ،26‬وفرق الشيعة ‪ :‬ص‬
‫‪ ، ]27‬وزعموا أنه سيغيب عنهم سبعين عاماً ثم يعود ويقتل الظلمة والجبابرة من‬
‫بني أمية ‪ ،‬ولما انقضت تلك المدة ولم يظهر ‪-‬ولن يظهر‪ ،-‬أظهروا مقولة بأنه‬
‫سوف يظهر ولو عُمر عمر نوح ‪ ،‬فيقول شاعرهم ‪:‬‬
‫منا النفوس بأنه سيؤوب‬ ‫لو غاب عنا عمر نوح أيقنت‬
‫قد كان يأمل يوسفا يعقوب‬ ‫إني لرجوه وآمله كما‬
‫وهكذا كل فرقة إذا مات إمامها تدعي بأنه غائب مدة كذا وسيعود ! ‪ ،‬ولهم في ذلك‬
‫خلف كبير‪ ،‬ولذلك قال السمعاني ‪( :‬ثم إنهم في انتظارهم المام الذي انتظروه‬
‫مختلفون اختلف ًا يلوح عليه حمق بليغ ) [النساب ‪. ]1/345 :‬‬

‫‪79‬‬
‫والجارودية من الزيدية لم تسلم من هذا التجاه بل تاهت فيه كما تاهت فيه من‬
‫قبلها من الفرق الشيعية ‪ .‬ومن الملحظ أن عودة المام من غيبته عند فرق الشيعة‬
‫عامة ارتبطت بشخصيات لها وجود ومعروفة‪ ،‬ولكن هل هذا هو نفس التجاه لدى‬
‫الشيعة المامية الثني عشرية ؟‬
‫يتبين هذا بمعرفة نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة المامية الثني عشرية ‪.‬‬
‫ونشأة هذه الغيبة‪ ،‬أنه لما مات الحسن –وهو المام الحادي عشر للشيعة‬
‫المامية‪ ، -‬لم يكن له خلف ولم يعقب ‪ ،‬واقتسم ميراثه أخوه جعفر وأمه ‪[ .‬انظر‪:‬‬
‫المقالت والفرق ‪ :‬ص ‪ ،102‬وفرق الشيعة ‪ :‬ص ‪ . ]96‬وكتب الشيعة تعترف بهذا ! ‪.‬‬
‫ولما وقع هذا المر احتارت الشيعة في أمرها وافترقت إلى فرق كثيرة وصلت إلى‬
‫أربع عشرة أو خمس عشرة [كما يينقل ذلك النوبختي في في فرق الشيعة ‪ :‬ص ‪،96‬‬
‫والقمي في المقالت والفرق ‪ :‬ص ‪ . ]102‬بل إن المر زاد عن ذلك حتى وصل إلى‬
‫عشرين فرقة ‪.‬‬
‫وحقيقة المر إن موت الحسن –المام الحادي عشر‪ ،-‬كاد أن يقوض عروش عقيدة‬
‫المامية الثني عشرية ‪ .‬لن المامية الثني عشرية تذهب إلى أن الرض لو بقيت‬
‫بغير إمام لساخت [انظر‪ :‬أصول الكافي ‪ . ]1/188 :‬فالمام أمان لهل الرض وهو‬
‫الحجة على أهل الرض‪ ،‬ول دين بدون إمام ! ‪.‬‬
‫وكان من أثر ذلك ان افترقوا ‪ ،‬ففرقة ذهبت إلى القول بغيبة الحسن العسكري‪،‬‬
‫وفرقة ذهبت إلى إمامة جعفرمن بعده ‪ ،‬وفرقة أبطلت إمامة الحسن لنه مات عقيماً‬
‫‪ .‬وفرقة قالت بأن للحسن العسكري ولداً ( كان قد أخفي مولده‪ ،‬وستر أمره لصعوبة‬
‫الوقت وشدة طلب السلطان له ‪ ...‬فلم يظهر ولده في حياته ‪ ،‬ول عرفه الجمهور بعد‬
‫وفاته ) [المفيد‪ /‬الرشاد ‪ :‬ص ‪ . ]389‬وفرقة ذهبت بانقطاع المامة ووقوفها عند‬
‫الحسن العسكري وكثير من هؤلء بان لهم زيف هذه العقيدة ورجعوا عما هم فيه‬
‫‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫ولكن يا ترى ما سبب إصرار آيات ومشايخ الشيعة على توطين الناس على هذه‬
‫العقيدة ؟ والجواب عن ذلك يتضح بما ذكره الطوسي عن أحداث غيبة موسى‬
‫الكاظم ‪ ،‬يقول ناقل قول طائفة موسى الكاظم ‪( :‬مات أبو إبراهيم (موسى الكاظم)‬
‫وليس من قوامه [أي نوابه ووكلؤه ] أحد إل وعنده المال الكثير‪ ،‬وكان ذلك سبب‬
‫وقفهم وجحدهم موته طمعاً في الموال‪ ،‬وكان عند زياد بن مروان القندي سبعون‬
‫ألف دينار‪ ،‬وعند علي بن حمزة ثلثون ألف دينار‪[)...‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.]43-42‬‬
‫فالداعي إذا هو طمعاً في المال وتسابقاً إليه‪ ،‬ول يكون إل بهذا ! ‪.‬‬
‫وهناك أسباباً أخرى أهمها وهو محاولة منهم إلى إيجادكيان مستقل للشيعة‪ ،‬وبث‬
‫المل في نفوس شيعتهم بأن الغلبة لهم في النهاية حتى يصبروا ‪ .‬وكما قلنا سابقاً ‪:‬‬
‫أن عقيدة الشيعة تأثرت بالديانات الخرى وخصوصاً اليهودية‪ ،‬واليهود لديهم مثل‬
‫هذا المعتقد‪ ،‬حيث يعتقدون بأن إيليا رفع إلى السماء وسيعود آخر الزمان [جولد‬
‫سيهر‪ /‬العقيدة والشريعة ‪ :‬ص ‪ ، ]192‬وهناك من رجح أن هذه العقيدة مأخوذة من‬
‫المجوس‪ ،‬لكون أكثر الشيعة من الفرس كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين وساقوا‬
‫على ذلك الدلة من كتب المجوس ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ب‪ -‬فكرة الباب والوكلء ‪.‬‬
‫بسم الله الحق‬
‫أول من أثر عنه بشكل ظاهر بارز ‪ ،‬أنه أدعى بأنه السفير بين محمد بن الحسن‬
‫العسكري الغائب وبين الشيعة هو عثمان بن سعيد العمري‪ ،‬حيث كان يتلقى‬
‫اسئلتهم ومشكلتهم‪ ،‬ويتلقى أموالهم التي يتقربون بها‪ ،‬ومن ثم يوصلها إلى المام‬
‫الغائب ‪ .‬وقد تسابق كثير من الشيعة وادعوا بأنهم الباب‪ ،‬ويقومون بنقل مسائلهم‬
‫ومشاكلهم إلى المام الغائب‪ ،‬طمعا في الموال الوفيرة التي يجنونها من وراء ذلك‪،‬‬
‫ولعثمان بن سعيد هذا وكلء في البلد السلمية يجبون الموال ويحلون المشكلت‬
‫عن طريق المام الغائب المزعوم ! ‪ .‬والفرق بين الباب والوكيل ‪ ،‬أن الباب يلتقي‬
‫بالمام مباشرة‪ ،‬أما الوكيل فإنه يقابل الباب فقط ول يقابل المام ‪ .‬ولما مات‬
‫عثمان بن سعيد أوصى بمنصب البابية بعده لبنه محمد‪،‬ولكن كثير من الشيعة لم‬
‫ترتض هذا‪ ،‬وحصل بينهم هرج كبير ‪ ،‬واستفحل هذا المر كل يطلب هذا المنصب‬
‫للحصول على المال ول يهمه بعد ذلك ضل الناس أو اهتدوا‪ .‬وأصبح يلعن بعضهم‬
‫بعضا ويكفر بعضهم بعضاً‪ ،‬فيذكر الطوسي في كتابه الغيبة (ص ‪ ،244‬ص ‪)214-213‬‬
‫‪ :‬بابين أحدهما ‪( :‬باب ‪ :‬ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم ال ) ‪ ،‬و (باب ‪:‬‬
‫ذكر المذمومين من وكلء الئمة ) ‪.‬‬
‫وبعد محمد بن عثمان بن سعيد ‪ ،‬تسلم البابية رجل يدعى أبا القاسم الحسين بن‬
‫روح‪ ،‬وحصل جدل كبير حيث اختير ابا القاسم الحسين بن روح وترك غيره أكثر‬
‫علماً وفضل منه ‪ ،‬كالنوبختي‪ ،‬الذي اعتذر له بأن ابا القاسم اختير لنه كان أحفظ‬
‫للسر من غيره ! ‪ .‬ومع ذلك لم يسلم أبا القاسم من اللعن وحصل بعد ذلك خلف‬
‫كبير [انظر ‪ :‬الغيبة ص ‪ .]240‬ثم تسلمها من بعده رجل يقال له ‪ :‬أبا الحسن علي‬
‫بن محمد السمري ‪ ،‬وفي وقته بدأ الناس يتكشف للناس زيف هذا المر ‪ .‬وبعد ثلث‬
‫سنوات ولما قيل له من توصي بعدك قال ‪ :‬ل أمر هو بالغه ) [الغيبة للطوسي‪]242 :‬‬
‫‪ .‬وبهذا تصل دعوى الغيبة إلى طريق مسدود حيث لم تنجح فكرة البابية ‪ .‬ولكن هل‬
‫وقف المر عند هذا الحد‪ ،‬ل ؛ بل اخترعوا بعدها منصب جديد أسموه النيابة ‪.‬‬
‫ت‪ -‬قصة المهدي عند الشيعة المامية ‪.‬‬
‫بسم ال الواحد الحد‬
‫قصة المهدي ‪-‬بدء من زواج الحسن بأمه المزعومة وحتى حملها بالمهدي‪ ،‬وكذا‬
‫ولدة المهدي‪ ،‬ونموه‪ -‬لهي من أعجب القصص‪ ،‬حتى فاقت أساطير الولين في‬
‫حبكها وغرابتها‪ ،‬ويطول بنا المقام لو سردنا قصته من البداية ولكن أحاول‬
‫تلخيصها في سطور قلئل ‪:‬‬
‫‪...‬أول ذلك أن أرسل الحسن خادمه إلى السوق ليشتري له جارية وأعطاه‬
‫أوصافها الدقيقة‪ ،‬وأرس معه كتاب بالرومية‪ ،‬فلما رأى الخادم تلك الوصاف أراها‬
‫الكتاب فلما رأته بكت بكاء شديداً‪ ،‬ثم ذكرت قصتها في بلدها في بلد الروم وأنه‬

‫‪81‬‬
‫رأت في منامها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ! وهو يخطبها من المسيح !!‬
‫للحسن العسكري !!! ‪- ...‬ثم تقول السطورة ‪ :-‬ثم تزوجها الحسن وحملت بمحمد‬
‫ولم يظهر عليها آثار الحمل حتى يوم ولدتها ! ‪[،‬قلت‪ :‬لعل هذا هروبا مما فعله‬
‫جعفر أخو الحسن بعد وفاته حيث حبس نساء الحسن ل ستبرائهن‪ ،‬حتى يثبت‬
‫للقاضي براءة أرحامهن من الحمل‪ ،‬فكان أن نسجت هذه الحادثة كمهرب ] ‪ .. .‬ثم‬
‫أن يوم الولدة عجيب حيث خرج محمد من بطن أمه ‪( :‬جاثياً على ركتبتيه ‪ ،‬رافعاً‬
‫سبابته إلى السماء ثم عطس فقال ‪ :‬الحمد ل رب العالمين ‪ ،‬وصلى ال على محمد‬
‫وآله‪ ،‬زعمت الظلمة أن حجة ال داحضة لو أذن لنا في الكلم لزال الشك ) [إكمال‬
‫الدين ‪ :‬ص ‪ ،408‬والغيبة للطوسي ‪:‬ص ‪ . ] 147‬ثم عرج بالمولود إلى السماء‬
‫بواسطة طيور خضر‪ ...‬ونمو هذا المولود غريباً‪ ،‬حيث أنه أصبح يمشي على‬
‫الرض وله أربعون يوم ًا !! [انظر ‪ :‬الغيبة للطوسي ‪ :‬ص ‪. ]144‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه السطورة ل تروج على المجانين والصبيان‪ ،‬فكيف راجت على‬
‫الشيعة ؟ ! ‪.‬‬
‫ثم تروي كتب الشيعة عن طريق حكيمة –امرأة – قصة غيبة المهدي ‪ .‬والعجب أن‬
‫الشيعة المامية ل تقبل ول تؤمن بالرويات إل عن طريق المعصوم ‪ ،‬فكيف قبلت‬
‫هذه الرواية التي تقوم عليها عقيدة الغيبة من طريق امرأة !! ‪ .‬ومبدأ غيبته‬
‫تضاربت فيها الروايات‪ ،‬فرواية قالت إنه غاب بعد ثلث من مولده‪ ،‬ورواية بعد‬
‫سبعة أيام من مولده‪ ،‬والرواية السابقة أنها رأته بعد أربعين يوم ًا وهو يمشي ‪،‬‬
‫وروايات أخرى أن حكيمة تزوره كل أربعين يوماً [انظر ‪ :‬الغيبة للطوسي ‪ :‬ص‬
‫‪. ]144-142‬‬
‫ولقد حاولت الشيعة المامية معرفة مكان المهدي الغائب‪ ،‬ولكن الباب –الذي له‬
‫صلة به – أخرج توقيع ًا سري ًا ينسب للمهدي يقول فيه ‪ ..( :‬إن عرفوا المكان دلوا‬
‫عليه )[أصول الكافي‪ ، ]1/333 :‬واختلفت بعد الروايات في تحديد مكانه‪ ،‬فرواية‬
‫تشير إلى أنه في مكان ما في طيبة [أصول الكافي ‪ ،]1/333 :‬ورواية تشير إلى أنه‬
‫مختبئ في جبل رضوى [الغيبة ‪ :‬ص ‪ ، ] ،103‬ورواية أنه مختفي في بعض وديان‬
‫مكة [تفسير العياشي ‪ ،]2/56 :‬وأما أدعيتهم ومقامات زياراتهم للقبور ففيها بيان‬
‫أنه في سرداب بسامراء [انظر‪ :‬علي بن طاووس‪/‬مصباح الزائر ص ‪ . ]229‬وأما‬
‫سبب اختفائه هو خوفه وعدم المن على نفسه‪ ،‬وسوف يظهر عند المن وينتصر‬
‫للشيعة من الظلمة ‪ ،‬ويحكم في الرض بالعدل ‪...‬‬
‫قلت ‪ :‬ل زال كثير من الشيعة يؤمنون إلى الن بعودة مهديهم ‪ ،‬ويجتمعون عند‬
‫السرداب يناجون مهديهم الغائب ويناشدونه بالخروج والنتصار لهم من الظلمة !‪،‬‬
‫ولهم في ذلك أدعية كثيرة يطول سردها‪ ،‬حتى أن هذا المر أصبح بعد مثار سخرية‬
‫الناس وتعييرهم بذلك حتى قال القائل‪:‬‬
‫ما آن للسرداب أن يلد الذي ‪ ........‬كلمتموه بجهلكم ما آنا‬
‫فعلى عقولكم العفا فإنكم ‪ ......‬ثلثتم العنقاء والغيلنا [انظر‪ :‬الصواعق المحرقة‬
‫ص ‪.]168‬‬

‫‪82‬‬
‫وأما مدة غيبته فالرويات متضاربة كالعادة‪ ،‬قيل ستة أيام‪ ،‬وقيل ستة أشهر‪ ،‬وقيل‬
‫ست سنين [انظر‪ :‬أصول الكافي ‪ . ]1/338 :‬ثم وقت بسبعين سنة ‪ ،‬ثم ما ئة وأربعين‬
‫‪ ،‬ثم لما طالت الغيبة جعل ظهوره إلى أمد ‪[ ..‬انظر‪ :‬الغيبة للطوسي ‪ :‬ص ‪،263‬‬
‫والغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ . ]197‬وجاءت أخبار تكذب بالتوقيت وأنه لم يوقت لخروجه‬
‫بشيء كالرواية التي تقول ‪( :‬كذب الوقاتون إنا أهل بيت ل نوقت )[أصول الكافي ‪:‬‬
‫‪. ]1/368‬‬
‫قلت ‪ :‬هكذا تتضارب الخبار ويعيش الشيعي المامي في حيرة واضطراب‪ ،‬وأماني‬
‫خادعة‪ ،‬وسراب ل ينقشع ‪ .‬وهنا تكمن عدة أسئلة ‪ .‬لماذا لم يخرج المهدي إلى الن‬
‫مع كثرة الروايات التي حددت خروجه؟ ‪ .‬ثاني ًا ‪ :‬ما ذا يمنع المهدي المنتظر من‬
‫الخروج وقد أمن الشيعة وكان لهم سطوة وقوة في عهد الدولة الصفوية‪ ،‬وكذلك‬
‫لماذا ل يظهر الن وعدد الشيعة المامية الن يقارب ستين مليوناً إن لم يكن أكثر ؟‬
‫[التشيع والشيعة ‪ :‬ص ‪. ]42‬‬
‫وهكذا فإن هذه العقيدة‪ ،‬عقيدة اليمان بالمهدي المنتظر الغائب‪ ،‬كادت تودي‬
‫بالشيعة المامية‪ ،‬وتقض عروشهم‪ ،‬ولكن صناعة الحاديث والرويات التي تشد من‬
‫أزرهم وتصبرهم‪ ،‬حالت دون وقوع ذلك‪ ،‬ومع ذلك فإنه ما زالت الشكوك تحيط بهذه‬
‫العقيدة‪ ،‬وتثير ألف سؤال وسؤال عند طالبي الحق من الشيعة المامية ‪ ،‬وأما الذين‬
‫سلموا عقولهم لمشايخهم وآياتهم فهم في غيهم يترددون ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫ث‪ -‬دفاع الشيعة المامية عن طول أمد الغيبة‬
‫تحاول الشيعة المامية أن تبرهن للناس ولشيعتهم قبل‪ ،‬أن إمامهم المنتظر الغائب‬
‫منذ أحد عشر قرناً سيعود‪ ،‬وأن غيبته لها نظائر‪ ،‬وهناك دلئل على صحة الغيبة ! ‪.‬‬
‫ويلجم الشيعة المامية حديث في صحيح البخاري أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال في آخر عمره ‪( :‬أرأيتكم ليلتكم هذه ‪ ،‬فإن على رأس مائة سنة منها ل‬
‫يبقى على وجه الرض ممن هو اليوم عليها أحد) ‪ .‬وهذا نص قاطع في زوال من‬
‫كان حياً في ذاك العصر ولو لسنة واحدة فإنه ل يبقى أكثر من مائة سنة ‪.‬‬
‫ولكن للشيعة المامية تعلق بأشباه أدلة يذكرونها كمستند لهم وهي دليل عليهم ‪.‬‬
‫حيث يشبهون أعمار الئمة والقائم المنتظر ببعض النبياء كنوح الذي عمر الف‬
‫سنة إل خمسين عاماً‪ ،‬فيذكرون أن علياً بن الحسين قال ‪( :‬في القائم سنة من نوح‬
‫عليه السمل وهو طول العمر )[إكمال الدين ص ‪. ]488‬‬
‫قلت ‪ :‬أوردوا هذه المقارنة حتى يبعثوا المل في أنفس الشيعة المامية‪ ،‬وحتى‬
‫يخصموا الخصوم‪ ،‬وهم مخصومون ومجوجون في ذلك‪ ،‬فإن زمن نوح عليه‬
‫السلم ليس كزماننا‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم أخبر بأن أعمار أمته ما بين‬
‫الستين إلى السبعين وقليل من يجاوز ذلك ‪ .‬فإن قيل المهدي عمر كعمر نوح أو‬
‫سيعمر عمر نوح فقد كذبنا بقول نبينا صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ول ندع كلم خير‬
‫البرية ‪ ،‬لرواية ل يدرى خطامها من زمامها ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬استشهدوا ببقاء عيسى عليه السلم ‪ ،‬والخضر وإلياس‪ ،‬بل عقدوا المقارنة‬
‫حتى مع أبليس !‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫قلت ‪ :‬ل مستمك لهم بذلك فإن عيسى عليه السلم‪ ،‬وإبليس عليه لعائن ال‬
‫المتتابعة ‪ ،‬قد قضى ال فيهم في كتابه ‪ ،‬وعلم أمرهما ‪ ،‬وأما الخضر وإلياس فقصة‬
‫بقائه أنكرها كثير من العلماء ومستندهم في ذلك ما سقناه قبل من حديث رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولم يتمسك ببقائه إل الصوفية ‪ ،‬ولهم في ذلك مآرب ‪.‬‬
‫والصحيح أنهما ماتا ‪.‬‬
‫وحاول بعض مشايخ الشيعة المعاصرين أن يقرب هذه الغيبة إلى الفهم ومخاطبة‬
‫الناس بلغة العصر يقول المظفر ‪( :‬وطول الحياة أكثر من العمر الطبيعي أو الذي‬
‫يتخيل أنه العمر الطبيعي ل يمنع منه الطب ول يحيلها ‪ ،‬غير أن الطب بعد لم‬
‫يتوصل إلى ما يمكنه من تعميره حياة النسان ‪ ،‬وإذا عجز عنه الطب فإن ال قادر‬
‫على كل شي ) [عقائد المامية ص ‪.]108‬‬
‫قلت‪ :‬ل يمكن العلم الحديث أن يخالف النقل الصحيح عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم البتة‪ ،‬وكلم المظفر ما هو إل إضفاء للشرعية على عقيدة الغيبة‪ ،‬وإيهام‬
‫العوام بأن ذلك المر ل يحيله الطب ! ‪ .‬ونحن نقول ل تحيلنا على مجهول ‪.‬‬
‫ويستدل محمد حسين آل كاشف الغطا‪( :‬بأن أكابر فلسفة الغرب قالوا‪ :‬بإمكان‬
‫الخلود في الدنيا للنسان ) [أصل الشيعة ص ‪. ]70‬‬
‫قلت ‪ :‬قال الشيخ ناصر القفاري ‪ :‬هذه مقالة شيعية اعتزالية‪ ،‬مبنية على مذهب‬
‫المعتزلة الذين يقولون بأن القاتل قد قطع على المقتول أجله‪ ،‬وهي مقالة مخالفة‬
‫لما ثبت في الكتاب والسنة‪ ،‬بأن كل من مات فقد استكمل أجله ‪.‬‬
‫ونختم بقول علي الرضا ‪ ،‬كما ورد في رجال الكشي ‪ :‬أن علياً الرضا قيل له إن‬
‫قوماً وقفوا على أبيك ويزعمون أنه لم يمت قال‪ ( :‬كذبوا وهم كفار بما أنزل ال عز‬
‫وجل على محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولو كان ال يمد في أجل أحد ‪ ،‬لمد في أجل‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله ) [رجال الكشي ‪ :‬ص ‪. ]458‬‬
‫‪.‬‬ ‫ج‪ -‬المهدي بعد عودته المزعومة‬
‫بسم ال المبديء المعيد ‪.‬‬
‫المطلع على الرويات التي تخص عودة المهدي المنتظر‪ ،‬يرى فيها أمورًا يستشف‬
‫منها خبايا صدور الشيعة المامية‪ ،‬ول نقول هذا القول تخرصاً وعصبي ًة ‪ ،‬بل هي‬
‫الرويات كما سنذكرها ‪:‬‬
‫فمن الرويات ما جاء العتقادات لبن بابويه‪ ،‬حيث يذكر عن الصادق أنه قال ‪( :‬إن‬
‫ال آخى بين الرواح في الظلة ‪ ،‬قبل أن يخلق البدان بألفي عام ‪ ،‬فلو قد قام قائمنا‬
‫أهل البيت‪ ،‬أورث الخ الذي آخى بينهما في الظلة‪ ،‬ولم يرث الخ من الولدة )‬
‫[العتقادات ‪ :‬ص ‪.]83‬‬
‫قلت‪ :‬مما يظهر من الرواية التعصب المقيت للشيعة‪ ،‬حيث أنها تركت العلقة‬
‫الظاهرة هي علقة النسب‪ ،‬إلى علقة الظلة ‪.‬‬
‫ومن الرويات ‪ :‬ما جاء في بحار النوار أن قائمهم ل يأخذ الجزية ول يقبلها ‪( :‬ول‬
‫يقبل صاحب هذا المر الجزية كما قبلها رسول ال صلى ال عليه وسلم ) [بحار‬
‫النوار‪. ]52/349 :‬‬

‫‪84‬‬
‫قلت ‪ :‬عدم قبول مهديهم المزعوم للجزية دائر بين ثلثة أمور ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬رفضه لشريعة محمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهذا كفر وزندقة ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬نقمته على ما سبق من أخذ الجزية من مجوس هجر ‪ ،‬ومن أهل الكتاب‪،‬‬
‫لكون واضعي روايات الشيعة ل تسلم من أيدي يهودية أو مجوسية ‪ .‬فعبد ال بن‬
‫سبأ رأس الطائفة يهودي أسلم ظاهرًا وبقي على يهوديته في الباطن ‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تشبهاً بعيسى عليه السلم عند نزوله‪ ،‬فهو ل يقبل الجزية إما السلم أو‬
‫القتل ‪.‬‬
‫ومن الرويات ‪:‬‬
‫أن القائم المنتظر إذا عاد فإنه يحكم بحكم آل داود ! ‪ ،‬فقد جاء في الكافي وغيره ‪:‬‬
‫(قال أبو عبد ال ‪ :‬إذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم داود عليه السلم ول‬
‫يحتاج إلى بينة ) [المفيد‪ /‬الرشاد ص ‪ ،413‬الطبرسي ‪ /‬أعلم الورى ‪ :‬ص ‪.]433‬‬
‫قلت‪ :‬ال ختم بمحمد صلى ال عليه وسلم الشرائع السابقة‪ ،‬والحكم بشريعة‬
‫منسوخة ردة عن دين السلم ‪.‬‬
‫ثاني ًا ‪ :‬هذه الرواية تقرر ماقلنا سابقاً أن اليدي اليهودية تلعبت كثيرًا بكتب‬
‫الشيعة‪ ،‬فنكاد نجزم بأن واضع هذه الرواية يهودي‪ ،‬وإل فلما فُضل داود على غيره‬
‫من الرسل ! ‪.‬‬
‫ومن الرويات‪:‬‬
‫أن مهديهم إذا عاد يهدم المسجد الحرام ويرده إلى أساسه‪ ،‬ويتجه إلى قبر رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ثم يكسر الحائط الذي على القبر ‪ :‬ثم يخرج أبا بكر وعمر‬
‫رضي ال عنهما غضين طريين ثم يعلنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما‬
‫ويحرقهما ثم يذريهما في الريح [انظر بحار النوار‪ . ]52/368 :‬وعند ابن بابويه ‪:‬‬
‫(وهذا القائم … هو الذي يشفي قلوب شيعتنا من الظالمين والجاحدين والكافرين ‪،‬‬
‫فيخرج اللت والعزى (أي أبي بكر وعمر ) طريين فيحرقهما) [عيون أخبار الرضا‪:‬‬
‫‪ ،1/58‬وبحار النوار‪. ]52/379 :‬‬
‫قلت ‪ :‬رضي صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ينال شرف جوار رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ومن بينهم علي والحسن والحسين‪ ،‬ولم ترضى الشيعة‬
‫بذلك‪ ،‬بل نال منهم كل أذى ‪ .‬وليس بضارهما ذلك شيئا بل هو أعظم لجرهما‪ ،‬وكما‬
‫قيل ‪ :‬انقطع عنهم العمل فأحب ال أن ل ينقطع عنهم الجر ‪ ،‬أو كلمة نحوها ‪.‬‬
‫ومن روياتهم ‪:‬‬
‫أن العرب موعودين بالستئصال على يد قائمهم ‪ ،‬فيروي النعماني في الغيبة ‪( :‬عن‬
‫الحارث بن المغيرة وذريح المحاربي قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما بقي‬
‫بيننا وبين العرب إل الذبح) [الغيبة ‪ :‬ص ‪ ،155‬وبحار النوار‪. ]52/349 :‬وأما العرب‬
‫من الشيعة فإنهم سيمحصون ول يبقى إل القليل ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬العدواة للعرب وتخصيص القتل بهم ‪ ،‬لتدل على مدى الحقد الدفين على‬
‫جنس العرب‪ ،‬وإل فإن الواجب هو استئصال غير الشيعة ‪ ،‬سواء عربي أو غير‬
‫عربي‪ ،‬أما وقد خصص بجنس العرب‪ ،‬لهو دللة على حقد واضع هذه الرويات ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ومن الرويات ونختم بها ‪ :‬أن عائشة أم المؤمنين تبعث من قبرها ويقام عليها‬
‫الحد !! ؟ ‪،‬فتنص أساطيرهم كما في بحار النوار‪ ]315-52/314 [:‬أن أبا جعفر‪-‬‬
‫زعموا‪ -‬يقول‪ :‬أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء [لقب لعائشة]‪ ،‬حتى يجلدها‬
‫الحد ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ال الموعد‪ ،‬وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ‪.‬‬
‫وبهذا نختم هذا المبحث ‪ ،‬ولقد تركنا كثيراً من الجزئيات خوفا من إملل القاريء‪،‬‬
‫وال المستعان ‪.‬‬

‫‪ -30‬عقيدة الرجعة عند الشيعة المامية ‪.‬‬


‫بسم ال ‪ ،‬إليه المعاد والمرجع ‪.‬‬
‫الرجعة عند الشيعة المامية تعني ‪ ،‬العودة بعد الموت ‪ .‬وهي من أصول المذهب‬
‫الشيعي الثني عشري‪ ،‬يقول ابن بابويه في العتقادات [ص ‪( :]90‬واعتقادنا في‬
‫الرجعة أنها حق )‪ ،‬وقال المفيد‪( :‬واتفقت المامية على وجوب رجعة كثير من‬
‫الموات )[أوائل المقالت‪ :‬ص ‪. ]51‬‬
‫قلت ‪ :‬هذا المر الذي اتفقت عليه الشيعة المامية مخالفة صريحة للكتاب والسنة‬
‫التي نصتا على أن من قضى نحبه وانتهى أجله أنه ل يعود مرة أخرى حتى يبعث‬
‫الناس من قبورهم يوم القيامة ‪ .‬كقوله تعالى ‪{ :‬قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً‬
‫فيما تركت ‪ .‬كل إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}‪ .‬وقوله‬
‫تعالى ‪{ :‬ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } صريح في أن الناس بعد موتهم‬
‫يمكثون في البرزخ حتى تقوم الساعة ‪.‬‬
‫وجنوح الشيعة المامية لتأصيل هذه العقيدة وبثها في نفوس الشيعة‪ ،‬من باب‬
‫تصبير الشيعة وتثبيتهم على معتقدهم‪ ،‬لما يرون من حالت الضعف والمهانة التي‬
‫لقوها من الناس عبر التاريخ‪ ،‬وهي تبعث المل لدى الشيعة المامية بأن هناك يوماً‬
‫ما سينتقم فيه الشيعة المامية من أعدائهم‪ ،‬وتكون الغلبة لهم ‪.‬‬
‫وفي باديء المر كان المعتقد في الرجعة هو عودة المام ورجعته وهذا ما ذهبت‬
‫إليه السبئية والكيسانية‪ ،‬ولكن الثني عشرية لم تقصره على الئمة؛ بل جعلته‬
‫عامة للمام والناس ‪ .‬وقد رصد الولوسي وأحمد أمين هذا التحول وحددوه بالقرن‬
‫الثالث الهجري [روح المعاني‪ ،20/27 :‬ضحى السلم ‪. ]3/237 :‬‬
‫ولذلك قسم الشيعة المامية رجوع الناس بعد الموت إلى ثلثة أصناف ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬رجوع المهدي أو خروجه من مخبئه‪ ،‬وكذلك رجوع الئمة بعد موتهم ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬رجوع خلفاء المسلمين الذين اغتصبوا الخلفة ! ‪ ،‬والقتصاص منهم ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬رجوع أصحاب اليمان المحض (وهم الشيعة المامية ومن تابعهم ) ‪،‬‬
‫ورجوع أصحاب الكفر المحض (وهم جميع من لم يؤمن بمذهبهم ‪ ،‬وعلى رأسهم‬
‫أهل السنة بل شك)‪ ،‬ويستثنى من ذلك المستضعفين (وهم النساء‪ ،‬والبله‪ ،‬ومن لم‬
‫تتم عليه الحجة كأصحاب الفترة… وهؤلء عند الشيعة المامية مرجون لمر ال‬

‫‪86‬‬
‫إما يعذبهم أو يتوب عليهم [انظر بحار النوار‪ ،8/363 :‬والعتقادات للمجلسي ص‬
‫‪. )]100‬‬
‫قلت ‪ :‬وهذا التقسيم يؤيد ما قلناه آنفاً ‪ :‬فبرجعة الئمة يفرح الشيعة المامية بملقاة‬
‫أئمتهم وخصوصاً المهدي الذي طالما اشتاقت إليه نفوسهم‪ ،‬وبعودة الئمة تكون‬
‫الغلبة لهم والرفعة لهم ‪ .‬وبرجعة الخلفاء الذين اغتصبوا الخلفة‪ ،‬تطيب نفوسهم‪،‬‬
‫وتشفى صدورهم بالنتقام ممن اغتصب الخلفة من علي وهم أبو بكر وعمر‬
‫وعثمان –رضي ال عن الجميع‪.-‬‬
‫وفي رجعة المؤمنين (أي الشيعة المامية أهل اليمان المحض ! )‪ ،‬والكافرين‬
‫(وهم غير الشيعة المامية) تتمة لسرورهم برؤية أعدائهم وهم يعذبون وينكل بهم‬
‫‪ .‬فكان الولى أن تسمى عقيدة التنكيل والنتقام بدلً من عقيدة الرجعة‪ ،‬لنها مبنية‬
‫على النتقام والتشفي‪ .‬ويدل لذلك ما رواه في بحار النوار [‪ ]53/40‬أن أبا عبد ال‬
‫قال ‪( :‬كأني بحمران بن أعين‪ ،‬وميسر ابن عبد العزيز‪ ،‬يخبطان الناس بأسيافهما‬
‫بين الصفا والمروة !) ‪.‬‬
‫وأما زمن الرجعة فمنهم من خصها بزمن قيام المهدي [انظر أوائل المقالت للمفيد‬
‫ص ‪ ،]95‬ومنهم من أبى ذلك وقال الرجعة غير الظهور‪ ،‬فالمام الغائب حي‬
‫وسيظهر‪ ،‬والرجوع غير الظهور ‪ .‬ومنهم من قال بأن مبدأ الرجعة يكون عند‬
‫رجوع الحسين بن علي –رضي ال عنهما‪ ،-‬فم ‪( :‬أول من تنشق الرض عنه‬
‫ويرجع إلى الدنيا‪ ،‬الحسين بن علي عليه السلم ) [بحار النوار‪ . ]53/39 :‬وبعض‬
‫الرويات حددت الرجعة بهدم الحجرة النبوية وإخراج جسد أبي بكر وعمر رضي ال‬
‫عنهما ‪ .‬ففي بحار النوار [‪ ]105-53/104‬أن منتظرهم يقول ‪( :‬وأجيء إلى يثرب‪،‬‬
‫فأهدم الحجرة‪ ،‬وأخرج من بها وهما طريان‪ ،‬فآمر بهما تجاه البقيع‪ ،‬وآمر بخشبتين‬
‫يصلبان عليهما‪ ،‬فتورقان من تحتهما‪ ،‬فيفتتن الناس بهما أشد من الول‪ ،‬فينادي‬
‫منادي الفتنة من السماء‪ :‬ياسماء انبذي‪ ،‬ويا أرض خذي‪ ،‬فيومئذ ل يبقى على وجه‬
‫الرض إل مؤمن [أي شيعي]ثم يكون بعد ذلك الكرة والرجعة ) ‪.‬‬
‫‪-‬والحداث التي تصاحب الرجعة كثيرة وغريبة ‪ :‬فالنبياء والرسل يكونون جنداً‬
‫لعلي بن أبي طالب ! ‪ ،‬فتقول روياتهم ‪( :‬لم يبعث ا ل بنبي ًا ول رسولً إل رد‬
‫جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ) [بحار‬
‫النوار ‪ . ]53/41 :‬قلت ‪ :‬صفوة الخلق‪ ،‬ورسل ال إلى خلقه يكونون جنداً لعلي بن‬
‫أبي طالب ! ‪ .‬اللهم نبرأ إليك مما يقولون ‪.‬‬
‫‪ -‬وفي الرجعة يخير الشيعي بين المقام في قبره مكرماً وبين الرجعة !‪ ،‬ويقال له ‪:‬‬
‫(يا فلن هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق وإن تشأ أن تقيم في‬
‫كرامة ربك فأقم ) [الغيبة للطوسي ص ‪ ،276‬وبحار النوار ‪. ]53/92 :‬‬
‫قلت ‪ :‬ومع هذا فالشيعة المامية تتقي وتنكر أن يكون الرجعة من مذهبها‬
‫وعقيدتها‪ ،‬فقد جاء في بعض كتب الشيعة عن أبي جعفر قال ‪ ( :‬ل تقولوا الجبت‬
‫والطاغوت‪ ،‬ول تقولوا الرجعة‪ ،‬فإن قالوا لكم فإنكم قد كنتم تقولون ذلك فقولوا‪ :‬أما‬
‫اليوم فل نقول ) [بحار النوار‪ . ]53/39 :‬ويروون أن الصادق قال ‪ ( :‬ل تقولوا‬

‫‪87‬‬
‫الجبت والطاغوت‪ ،‬وتقولوا الرجعة ‪ ،‬فإن قالوا ‪ :‬قد كنتم تقولون ؟ قولوا‪ :‬الن ل‬
‫نقول‪ :‬وهذا من باب التقية التي تعبد ال بها عبادة في زمن الوصياء )‬

‫‪88‬‬
‫‪ -31‬عقيدة الظهور عند الشيعة المامية ‪.‬‬
‫بسم ال‬
‫يعتقد بعض الناس أن عقيدة الرجعة عند الشيعة المامية هي عقيدة الظهور‪ ،‬وهو‬
‫ليس كذلك‪ ،‬فعقيدة الظهور تعني أن يظهر المام أو غيره بعد موته لناس معينين‪،‬‬
‫ولذا فقد بوب المجلسي في بحار النوار ‪ ،‬باب ‪ :‬أنهم يظهرون [أي الئمة] بع‬
‫موتهم‪ ،‬ويظهر منهم الغرائب [بحار النوار‪ . ]27/303 :‬وهذا الظهور خاضع لرادة‬
‫المام فمتى أراد أن يظهر ظهر ‪ .‬فتذكر كتب الشيعة أن أبا الحسن الرضا كان يقابل‬
‫أباه بعد موته ‪ ،‬ويتلقى وصاياه وأقواله [بحار النوار‪ ،27/303 :‬وبصائر الدرجات ‪:‬‬
‫ل من شيعتهم دخل على أبي عبد ال فقاله له ‪ :‬تشتهي‬ ‫ص ‪ . ]78‬ويزعمون أن رج ً‬
‫أن ترى أبا جعفر (أي بعد موتته) ؟ قال ‪ :‬فقلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‪ :‬قم فادخل البيت‪،‬‬
‫فدخلت فإذا هو أبو جعفر ) [بحار النوار‪. ]27/303 :‬‬
‫وزعموا أن أبا عبد ال قال ‪ :‬أتى قوم من الشيعة الحسن بن علي عليه السلم بعد‬
‫مقتل أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬فسألوه فقال‪ :‬تعرفون أمير المؤمنين إذا‬
‫رأيتموه ؟ قالوا‪ :‬نعم ‪ ،‬قال‪ :‬فارفعوا الستر فرفعوه ‪ ،‬فإذا هم بأمير المؤمنين عليه‬
‫السلم ل ينكرونه ‪[ .‬المصدر السابق ] ‪.‬‬
‫ول يقتصر الظهور بالئمة‪ ،‬بل حتى أعداء الشيعة يظهرون لهم وينتقمون منهم‬
‫!! ‪ ،‬فيزعمون –كما يفترون‪ -‬أن محمد الباقر قام يرمي خمسة حجارة في غير‬
‫موضع رمي الجمار‪ ،‬ولما قيل له في ذلك قال ‪( :‬إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين‬
‫الغاصبين [يريدون بذلك أبا بكر وعمر رضي ال عنهما –ومعاذ ال أن يكونا كذلك‬
‫‪ ]-‬ثم يفرق بينهما ههنا ل يراهما إل إمام عدل‪ ،‬فرميت الول اثنتين‪ ،‬والخر ثلثة‪،‬‬
‫لن الخر أخبث من الول )[بحار النوار ‪ ،27/305 :‬وبصائر الدرجات ‪ :‬ص ‪. ]82‬‬
‫قلت ‪ :‬رويات الشيعة في هذا الباب أعني عقيدة الظهور‪ ،‬ل عاضد لها ل من نقل‬
‫صحيح‪ ،‬ول عقل صريح‪ ،‬وهي تتمة لسلسلة الرويات التي ينسجها الشيعة لشد‬
‫الشيعة المامية إلى مذهبهم ‪ ،‬والثبات عليه‪ ،‬وتعليقهم بأماني كاذبة خادعة ‪ .‬وإل‬
‫فمن مات في الدنيا ل يعود حتى يبعث ال من في القبور ل من نبي مرسل‪ ،‬ول إمام‬
‫معظم‪ ،‬فالكل في دار البرزخ إما منعم‪ ،‬أو معذب حتى يرث ال الرض ومن عليها ‪.‬‬
‫وال يهدي من يشاء إلى صراطه المستقيم ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -32‬عقيدة البداء عند الشيعة المامية ‪.‬‬
‫بسم ال الخلق العليم ‪.‬‬
‫البداء عند الشيعة المامية هو بمعنى نشأة الرأي الجديد‪ ،‬أو ظهور رأي آخر غير‬
‫الول‪ ،‬ويعنون بذلك أن ال قد يظهر له رآي آخر أو أمر آخر غير الول ‪ .‬وسوف‬
‫نتكلم عن فساد هذا المعتقد بعد أن نذكر مكانة هذه العقيدة عند الشيعة المامية ‪.‬‬
‫فالبداء تعده الشيعة المامية من أصولها التي ل بد من اليمان والقرار بها ‪ .‬فمما‬
‫جاء فيه ‪( :‬ما عبد ال بشيء مثل البداء) [أصول الكافي ‪ ،1/146 :‬والتوحيد لبن‬
‫بابويه‪ :‬ص ‪ . ]332‬وقالوا‪( :‬ما عظم ال عز وجل بمثل البداء ) [أصول الكافي‪:‬‬
‫‪ ،1/146‬والتوحيد لبن بابويه‪ :‬ص ‪ . ] 333‬وقالوا ‪( :‬ولو علم الناس ما في القول‬
‫بالبداء من الجر ما فتروا من الكلم فيه ) [أصول الكافي ‪ ،1/148 :‬التوحيد لبن‬
‫بابويه ‪ :‬ص ‪ ،334‬وبحار النوار ‪ ،]4/108 :‬وقالوا ‪ ( :‬ما بعث ال نبياً قط إل بتحريم‬
‫الخمر وأن يقر ل بالبداء ) [نفس المصدر السابق ] ‪.‬‬
‫ويتضح من سياق الرويات أن البداء عند الشيعة المامية جزء ل يتجزأ من توحيد‬
‫ال‪ ،‬وهذا مالم نره في كتاب ربنا ‪ ،‬ولم نرى له ذكراً على لسان نبينا محمد صلى‬
‫ال عليه وسلم المبلغ عن ربه‪ ،‬وخفاء عقيدة كهذه فيه إتهام للنبي صلى ال عليه‬
‫وسلم بعدم تبليغ رسالة ربه ! وهذا محال ‪ .‬وكون الشيعة المامية اختصت من دون‬
‫الناس بمعرفة هذه العقيدة فيه إجحاف بأمم عظيمة ل يعلم قدرها إل ال‪ ،‬وشريعة‬
‫ال ليست خاصة بأمة ول بنحلة‪ ،‬فليتنبه لهذا ‪{ .‬قل يا أيها الناس إني رسول ال‬
‫إليكم جميع ًا ‪}..‬الية ‪ .‬فقال يا أيها الناس الدالة على أن دعوته تعم كل الناس ‪.‬‬
‫وأعظم مما سبق أن البداء فيه نسبة الجهل إلى ال وأنه ل يعلم حقيقة المور‬
‫ومآلها –تعالى الخلق العليم عن ذلك‪ ،-‬وال يعلم ما كان وما يكون وما سيكون أن‬
‫لو كان كيف يكون ‪ .‬فكيف يستجيز عاقل لنفسه أن يؤمن بهذه العقيدة التي تنسب‬
‫الجهل إلى ربه ! ؟ ‪ .‬اللهم غفراً‬
‫ل يقول‪ :‬ما غرض الشيعة المامية من إحداث هذه العقيدة‪ ،‬ونشرها بين‬ ‫ولعل سائ ً‬
‫الناس ؟‬
‫والجواب ‪ :‬أن من عقيدة الشيعة المامية أن أئمتهم يعلمون الغيب‪ ،‬ويعلمون ما‬
‫كان وما سيكون ‪ ،‬وأنهم ل يخفى عليهم شيء ! ‪ .‬فإذا أخبر أئمتهم بأمر مستقبل‬
‫وجاء المر على خلف ما قالوا ‪ ،‬فإما أن يكذبوا بالمر وهذا محال لوقوعه بين‬
‫الناس‪ ،‬وإما أن يكذبوا أئمتهم وينسبوا الخطأ إليهم ‪ ،‬وهذا ينسف عقيدتهم التي‬
‫أصلوها فيهم من علمهم للغيب ‪.‬‬
‫فكان أن أحدثوا عقيدة البداء ‪ .‬فإذا وقع المر على خلف ما قاله المام قالوا‪ :‬بد ل‬
‫كذا ‪ ،‬أي أن ال قد غير أمره ‪.‬‬
‫ولكن الشيعة المامية وقعت في شر أعمالها‪ ،‬فهي أرادت أن تنزه إمامها عن‬
‫الخلف في الوعد وعن الكذب في الحديث‪ ،‬فاتهمت ربها من حيث تشعر أو ل تشعر‬
‫بالجهل ! ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫فقد جاء في البحار عن أبي حمزة الثمالي قال ‪ :‬قال أبو جعفر وأبو عبد ال عليهما‬
‫السلم ‪ ( :‬يا أبا حمزة إن حدثناك عن بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا‪،‬‬
‫فإن ال يصنع ما يشاء‪ ،‬وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غداً بخلفه فإن ال‬
‫يمحو ما يشاء ويثبت ) [بحار النوار‪ ،4/119 :‬وتفسير العياشي ‪. ]2/217 :‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه رويات نسجوها على لسان أبي جعفر وأبي عبد ال وهما منها براء ‪.‬‬
‫والمقصد بيناه آنفاً ‪ .‬ولقد كان بعض شيوخ الشيعة المامية في إحدى الفترات‬
‫يمنون شيعتهم بأن المر سيعود إليهم والغلبة ستكون لهم ولدولتهم بعد سبعين‬
‫سنة‪ ،‬ولما انقضت تلك المدة ولما يتحقق من ذلك شيء ‪ ،‬لجاءوا إلى البداء وقالوا‬
‫قد بدا ل سبحانه ! ‪[ .‬انظر‪ :‬تفسير العياشي ‪ ،2/218 :‬والغيبة للطوسي ‪ :‬ص ‪. ]263‬‬
‫ثم لما رأت الشيعة المامية ممثلة في مشايخها أن هذه العقيدة قد تجلب الشناعة‬
‫على مذهبهم‪ ،‬نسجوا رويات أخرى تحدث أن البداء قد منع الئمة من التحديث بما‬
‫سيكون من المور المستقبلة ‪ .‬فهاهم يزعمون أن علي بن الحسين يقول ‪( :‬لول‬
‫البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة ) [تفسير العياشي ‪ ،2/215 :‬وبحار النوار ‪:‬‬
‫‪ . ]4/118‬إذا المانع للئمة من التحديث بأخبار الغيب هو خوفهم من أن يبدوا ل أمراً‬
‫آخر بخلف ما حدثوا به ! ‪ .‬وهذا كله مهرب من التحديث بأمر ل يعلمه إل ال‪،‬‬
‫وهو علم الغيب الذي أخبر ال في مواضع كثيرة من كتابه أن الغيب ل يعلمه إل‬
‫هو ‪ .‬فما للشيعة ل يفقهون حديثاً‪.‬‬
‫ثمة أمر لبد من الشارة إليه وهو يقطع الطريق على الشيعة المامية وهو أن‬
‫بعض مشايخة الشيعة المامية قد يوهم الناس بأن البداء كالنسخ الذي أخبر ال‬
‫عنه في كتابه أو أنه هو ‪ .‬وليس كذلك‪ ،‬فالنسخ ليس هو ظهور أمر جديد ل ‪ ،‬بل‬
‫ال عالم بالمر المنسوخ والمر الناسخ ‪ ،‬ولكن ال يأمر بأمر في وقت من الوقات‬
‫يناسب الحال وقت ذاك ‪ ،‬ثم ينسخه بأمر معلوم عنده في الزل ‪ .‬أما البداء فهو أن‬
‫ال يظهر له أمر جديد لم يكن يعلمه في السابق‪ ،‬وبين النسخ والبداء كما بين‬
‫السماء والرض‪ ،‬وأين هذا من هذا ؟ ‪.‬‬
‫قاصمة ‪:‬‬
‫جاء في التوراة ‪ ( :‬فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الرض ‪ ....‬فندم الرب‬
‫خلقه النسان على الرض وتنكد بقلبه ‪ ،‬وقال الرب‪ :‬لمحون النسان الذي خلقته‬
‫على وجه الرض ) [سفر التكوين ‪ ،‬الفصل السادس‪ ،‬فقرة ‪ ]5 :‬وتكرر هذا المعنى‬
‫في التوراة ‪ .‬وهذا هو البداء بعينه ‪.‬‬
‫والسؤال ‪ :‬هل مؤسس الطائفة الشيعية ابن سبأ قد أخذه هذه العقيدة من اليهود‬
‫وأشاعها في الشيعة ؟ ويكفي في الجابة أن تعلم ‪ ،‬أن فرق السبأية ( كلهم يقولون‬
‫بالبداء وأن ال تبدوا له البداوات ) [انظر‪ :‬الملطي‪ /‬التنبيه والرد ص ‪. ]19‬‬

‫‪ -33‬عقيدة الطينة عند الشيعة المامية ‪.‬‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫‪91‬‬
‫عَل ْيهَا وَ َل َتزِ ُر وَا ِزرَ ٌة ِو ْزرَ‬
‫ضلّ َ‬
‫ضلّ فَ ِإ ّنمَا َي ِ‬
‫ن َ‬
‫سهِ َومَ ْ‬
‫{ مَنِ ا ْهتَدَى فَ ِإ ّنمَا َيهْتَدِي ِلنَ ْف ِ‬
‫ث َرسُولً} [السراء ‪. ]15 :‬‬ ‫حتّى َنبْعَ َ‬‫خرَى َومَا ُكنّا مُعَ ّذبِينَ َ‬ ‫أُ ْ‬
‫عقيدة الطينة من العقائد التي تواصى أرباب العلم في البيت الشيعي على كتمانها‬
‫وإخفائها على عوامهم‪ ،‬لنهم يخشون من عاقبة وبالها عليهم ‪ .‬والشيعي لو اطلع‬
‫على هذه العقيدة لم ( تعمد أفعال الكفار لحصول اللذة الدنيوية‪ ،‬ولعلمه بأن وبالها‬
‫الخروي إنما هو على غيره ) [النوار النعمانية ‪. ]1/295 :‬‬
‫وملخص هذه العقيدة كما ذكرها الشيخ القفاري‪-‬حفظه ال ‪( : -‬أن الشيعي خلق من‬
‫طينة خاصة والسني خلق من طينة أخرى ‪ ،‬وجرى المزج بين الطينتين بوجه‬
‫معين‪ ،‬فما في الشيعي من معاصي وجرائم هو من تأثره بطينة السني‪ ،‬وما في‬
‫السني من صلح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي ‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة فإن‬
‫سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة‪ ،‬وحسنات أهل السنة تعطى‬
‫للشيعة ) [أصول مذهب الشيعة المامية ‪. ]2/956 :‬‬
‫ولم يوافق على هذه العقيدة بعض عقلء الشيعة المتقدمين‪ ،‬وأنكروها وقالوا ما‬
‫وجد في كتب الشيعة من أخبارها‪ ،‬إنما هي أخبار آحاد تخالف الكتاب والسنة‬
‫والجماع فيجب ردها [انظر‪ :‬النوار النعمانية ‪ . ]1/293 :‬ولكن شيخهم نعمة ال‬
‫الجزائري أبى ذلك وقال بأن النصوص قد استفاضت واشتهرت ولم يبقى مجال‬
‫للنكارها والحكم عليها بأنها أخبار آحاد [انظر‪ :‬النوار النعمانية ‪. ]1/293 :‬‬
‫وهذه العقيدة مذكورة في أهم كتب الشيعة ‪ ،‬فقد بوب الكليني في كافيه بقوله ‪ :‬باب‬
‫‪ .‬طينة المؤمن وطينة الكافر ‪ .‬وأدرج تحته سبعة أحاديث [انظر ‪ :‬أصول الكافي ‪:‬‬
‫‪ .]6-2/2‬وعقد المجلسي في بحار النوار باب ًا وعنونه بم ‪ :‬باب الطينة والميثاق ‪.‬‬
‫وأدرج تحته سبعة وستين حديثاً [بحار النوار ‪ . ]276-5/225 :‬ولذلك فإن منكر هذه‬
‫العقيدة من الشيعة المامية إما مكذب بكتب شيعته أو متقي ‪ ،‬فهما أمران أحلهما‬
‫مر ! ‪.‬‬
‫بقي أن يقال ما سبب ظهور هذه العقيدة ؟ والجواب‪ :‬أن كثرة الشكاوي من بعض‬
‫الشيعة المامية لما يجدونه من الموبقات التي يرتكبها كثير من الشيعة‪ ،‬وفي‬
‫المقابل كثرة العمال الصالحة والحسنات التي يعملها أهل السنة‪ ،‬أوجد لديهم‬
‫شكوك حيال شيعتهم ‪ ،‬فكان منهم أن أحدثوا القول بالطينة لجل تسكين ما في‬
‫قلوبهم من شك وحيرة ! ‪.‬‬
‫ويتضح المر بالرواية التالية ‪:‬‬
‫يقول أسحاق القمي لبي جعفر ‪( :‬جعلت فداك أرى المؤمن الموحد [أي الشيعي]‬
‫الذي يقول بقولي‪ ،‬ويدين ال بوليتكم ‪ ،‬وليس بيني وبينه خلف‪ ،‬يشرب السكر‪،‬‬
‫ويزني‪،‬ويلوط‪ ،‬وآتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه‪ ،‬كالح اللون‪ ،‬ثقيلً في‬
‫حاجتي ‪ ،‬بطيئاً فيها‪ ،‬وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه‪ ،‬ويعرفني بذلك [أي‬
‫يعرف أنني شيعي]‪ ،‬فآتيه في حاجة‪ ،‬فأصيبه طلق الوجه‪ ،‬حسن البشر‪ ،‬متسرعاً‬
‫في قضاء حاجتي‪ ،‬فرحاً بها‪ ،‬يحب قضاءها‪ ،‬كثير الصلة‪ ،‬كثير الصوم‪ ،‬كثير‬

‫‪92‬‬
‫الصدقة‪ ،‬يؤدي الزكاة‪ ،‬ويُستودع فيؤدي المانة ) [علل الشرائع لبن بابويه ‪ :‬ص‬
‫‪ ،490-489‬وبحار النوار‪. ]247-5/246 :‬‬
‫ولقد أجاب مشايخ الشيعة عن هذه الشكوك والحيرة التي انتبابت بعض شيعتهم‬
‫برويات فحواها أن ال في الزل جمع بين طينة الشيعة –وهي غير طينة الئمة‪-‬‬
‫وطينة أهل السنة ‪ ،‬فما كان من حسنات وخير عند أهل السنة فسبب طينة الشيعة ‪،‬‬
‫وما كان من فجور وشر عند الشيعة فهو من جراء طينة أهل السنة ‪.‬يقول أبو جعفر‬
‫‪-‬زعموا‪ -‬لبي اسحاق القمي ‪ :‬ثم إذا كان ( يوم القيامة نزع ال عز وجل مسحة‬
‫اليمان منهم [أي من أهل السنة] فردها إلى شيعتنا‪ ،‬ونزع مسحة الناصب بجميع‬
‫ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا‪ ،‬وعاد كل شيء إلى عنصره الول ‪...‬‬
‫قلت ‪ :‬جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟ قال ‪ :‬إي‬
‫وال الذي لإله إل هو ) [علل الشرائع لبن بابويه ‪ :‬ص ‪ ،490-489‬وبحار النوار‪:‬‬
‫‪. ]247-5/246‬‬
‫قلت‪ :‬عقيدة الطينة مخالفة للكتاب والسنة والجماع ‪ ،‬التي تخبر أن النسان ل‬
‫يحمل وزر غيره‪ ،‬إل إذا كان محدثاً فعليه آثام من تبعه ل ينقص ذلك من آثامهم‬
‫شي‪ ،‬ول يكسب النسان حسنات غيره إل إذا سن في السلم سنة حسنة فله مثل‬
‫حسناتهم ل ينقص ذلك من حسناتهم شيء ‪ .‬والقول بمقالة الشيعة هذه ‪ ،‬فيه‬
‫اجتراء على ال ونسب الظلم إليه‪ ،‬فالعدل سبحانه ل يظلم الناس شيئ ًا ‪ ،‬ول يبخس‬
‫العامل عمله ‪ .‬وال الهادي ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الخاتمة ‪.‬‬

‫بسم ال ذي الفضل والمن ‪.‬‬


‫الحمد ل رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على خير الخلق أجمعين‪ ،‬محمد صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم إلى يوم الدين ‪.‬‬
‫فإن منحة الباري علينا أن وفقنا لبيان بعض مايعتقده الشيعة المامية تجاه ربها‬
‫وكتابه وانبيائه والمسلمين ‪ .‬وقد كتبنا ما يسره لنا مولنا‪ ،‬نصحاً للمة‪ ،‬وتنبيهاَ‬
‫للشيعة بما عندهم من المخالفات في العقيدة والتي تضاد أصول الشريعة ‪.‬‬
‫فنسأل مولنا الجليل أن يصلح نياتنا‪ ،‬وأن يهدي ضال أمة السلم إنه ولي ذلك‬
‫والقادر عليه ‪ ،‬وصلى ال وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫‪.‬‬

‫وكتبه ‪:‬‬
‫فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب‬

‫‪94‬‬

You might also like