You are on page 1of 12

‫الرد على الرافضة (الشيعة)‬

‫ف اتامهم الصحابة رضوان ال عليهم‬


‫وأهل السنة بتحريف القرآن الكري‬

‫الشيخ ناصر بن حد الفهد‬


‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وبعد‪:‬‬

‫فإن بعض حقى الروافض من أضلهم ال أراد أن يتهم الصحابة وأهل السنة بأنم حرفوا‬
‫القرآن‪ ،‬وهذا كما قيل (رمتن بدائها وانسلت)‪ ،‬فأخذ يمع بعض مرويات قراءات الصحابة‬
‫رضوان ال عليهم ما يالف ما عليه الرسم العثمان اليوم؛ وذلك نو قراءة عمر وغيه لقوله‬
‫تعال (فاسعوا إل ذكر ال) (فامضوا)‪ ،‬وبعض ما نقل عن أب بن كعب ف قراءة بعض اليات‬
‫وغيها‪ ،‬وجعل هذا من باب تريف القرآن !!‪.‬‬
‫ول شك أن هذا القائل جع بي الهل بذه القراءات وأصولا‪ ،‬وبي الفتراء على الصحابة‪،‬‬
‫والواب عليه من وجهي‪:‬‬

‫الول‪ :‬بيان المقصود بالتحريف‪.‬‬


‫والثاني‪ :‬بيان قراءات الصحابة رضوان ال عليهم وأنها من باب الحرف التي نزل بها القرآن‪.‬‬

‫الوجه الول‪:‬‬
‫القصود بالتحريف‪:‬‬

‫اعلم أنه ليس القصود بالتحريف هو أن يُقرأ القرآن برف يتلف عن الرف الوجود ف‬
‫الصحف الذي بي أيدينا‪ ،‬وذلك أن الصحف الذي بي أيدينا هو على حرفٍ واح ٍد من سبعة‬
‫ف نزل با القرآن ‪ -‬كما سيأت بيانه إن شاء ال تعال ‪ ،-‬وإنا القصود أن يزاد أو ينقص‬ ‫أحر ٍ‬
‫أو يُغيّر حرف من القرآن بغي حجة ول برهان صحيح ول نقل عن النب صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫بل يعل فيه ما ليس منه كذبا وافتراء على ال‪ ،‬وهذا كزيادة الروافض ف قوله تعال (يا أيها‬
‫الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن ل تفعل فما بلغت رسالته) فزادوا (ما أنزل إليك من‬
‫ربك ف علي)‪ ،‬وكزيادتم ف سورة النشراح (وجعلنا عليا صهرك)‪ ،‬وكزيادتم سورة الولية‬
‫وغيها ما هو مثبت ف دواوينهم‪.‬‬
‫وتريفهم للقرآن عليه شاهدان‪:‬‬
‫الول‪ :‬أنه مكذوب ل يستطيعون إثبات شيء منه بسند صحيح ول ضعيف؛ لن كتبهم ل‬
‫تؤلف إل ف وقت متأخر‪.‬‬
‫الثان‪ :‬أنا حرفت العن واللفظ تبعا لغلوهم و عقائدهم الباطلة ف علي رضي ال عنه‪.‬‬

‫والتحريف للقرآن نوعان‪:‬‬


‫‪ :‬تحريف اللفظ‪ :‬وهو أن يغيّر اللفظ ويبدّل من غير حجة كما سبق‪.‬‬
‫‪ :‬تحريف المعنى‪ :‬وهو أن يفسّر اللفظ على معنى باطل غير مقصودٍ‪.‬‬
‫والتحريف بنوعيه عند الروافض‪:‬‬
‫فالول‪ :‬نحو المثلة التي سقناها سابقاً‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬نحو تفسيرهم قوله تعالى (بإمام مبين) أنه علي‪ ،‬وتفسيرهم (البقرة) بأنها عائشة‪ ،‬وغيرها من حماقاتهم‪.‬‬

‫والوجه الثان‪:‬‬
‫بيان قراءات الصحابة رضوان ال عليهم وأنا من باب الحرف الت نزل با القرآن‪.‬‬

‫اعلم أن القرآن قد أنزله ال سبحانه وتعال على سبعة أحرف‪ ،‬فقد تتلف بعض الحرف من‬
‫قراءة صحاب لخر‪ ،‬وتكون من إقراء النب صلى ال عليه وسلم لم‪ ،‬وهي من الحرف الت‬
‫نزل با القرآن‪ ،‬إل أن العن ل يتناقض‪ ،‬وذلك نو قراءة عمر وغيه لية المعة (فامضوا إل‬
‫ذكر ال)‪ ،‬وقراءة أب بن كعب وغيه لية الليل (والذكر والنثى)‪ ،‬وقراءة ابن مسعود لية‬
‫الكفارة (فصيام ثلثة أيام متتابعات)‪ ،‬وقراءة عائشة لية الصلة الوسطى (حافظا على الصلوات‬
‫والصلة الوسطى صلة العصر)‪ ،‬وغيها‪ ،‬والدلة على أن هذه القراءات هي من الحرف الت‬
‫نزل با القرآن كثية‪ ،‬وسوف أذكر الحاديث الت تبي ذلك ث أنقل من كلم أهل العلم ما‬
‫تيسر‪:‬‬

‫فقد ثبت ف الصحيحي عن عروة بن الزبي أن السور بن مرمة وعبد الرحن بن عبد القاري‬
‫حدثاه‪ :‬أنما سعا عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول‪:‬‬
‫سعت هشام بن حكيم يقرأ (سورة الفرقان) ف حياة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروفٍ كثيةٍ ل يقرئنيها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫فكدت أساوره ف الصلة فتصبت حت سلم فلبّبته بردائه‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬من أقرأك هذه السورة الت سعتك تقرأ ؟‪.‬‬
‫قال‪ :‬أقرأنيها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬كذبت فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم قد أقرأنيها خلف ما قرأت‪.‬‬
‫فانطلقت به أقوده إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬إن سعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروفٍ ل تقرئنيها‪.‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أرسله‪ ،‬اقرأ يا هشام‪.‬‬
‫فقرأ عليه القراءة الت سعته يقرأ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬كذلك أنزلت‪.‬‬
‫ث قال‪ :‬اقرأ يا عمر‪ .‬فقرأت القراءة الت أقرأن‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬كذلك‬
‫أنزلت‪ ،‬إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف‪ ،‬فاقرؤوا ما تيسر منه‪.‬‬

‫وثبت أيضا ف الصحيحي عن ابن شهاب عن عبيد ال بن عبد ال عن ابن عباس رضي ال‬
‫عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬
‫(أقرأن جبيل على حرف‪ ،‬فلم أزل أستزيده حت انتهى إل سبعة أحرف)‪.‬‬

‫وثبت ف صحيح مسلم عن عبد الرحن بن أب ليلى عن أب بن كعب قال‪:‬‬


‫كنت ف السجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتا عليه‪ ،‬ث دخل آخر فقرأ قراءة سوى‬
‫قراءة صاحبه‪ .‬فلما قضينا الصلة دخلنا جيعا على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقلت‪ :‬إن‬
‫هذا قرأ قراءة أنكرتا عليه‪ ،‬ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه‪.‬‬
‫فأمرها رسول ال صلى ال عليه وسلم فقرءا فحسّن النب صلى ال عليه وسلم شأنما‪ ،‬فسقط‬
‫ف نفسي من التكذيب ول إذ كنت ف الاهلية‪ ،‬فلما رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم ما‬
‫قد غشين ضرب ف صدري ففضت عرقا وكأنا أنظر إل ال عز وجل فرقا‪.‬‬
‫فقال ل‪ :‬يا أب‪ ،‬أرسل إلّي أن اقرأ القرآن على حرف‪ .‬فرددت إليه‪ :‬أن هوّن على أمت‪ .‬فرد‬
‫إلّ الثانية‪ :‬اقرأه على حرفي‪ .‬فرددت إليه‪ :‬أن هوّن على أمت‪ .‬فرد إلّ الثالثة‪ :‬اقرأه على سبعة‬
‫أحرف‪ .‬فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها‪ .‬فقلت‪ :‬اللهم اغفر لمت‪ ،‬اللهم اغفر لمت‪،‬‬
‫وأخرت الثالثة ليوم يرغب إل اللق كلهم حت إبراهيم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد قال ابن عبد الب رحه ال تعال ف معن (الحرف) (التمهيد) لبن عبد الب ‪:281 / 8‬‬
‫(وقالوا إنا معن السبعة الحرف‪ :‬سبعة أوجه من العان التفقة التقاربة بألفاظ متلفة؛ نو‪:‬‬
‫أقبل وتعال وهلم‪ ،‬وعلى هذا الكثي من أهل العلم‪.‬‬
‫فأما الثار الرفوعة فمنها ‪ -‬وساق بسنده‪: -‬‬
‫أن أبا جهيم النصاري قال‪ :‬إن رجلي اختلفا ف آية من القرآن‪ ،‬فقال أحدها‪ :‬تلقيتها من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وقال الخر‪ :‬تلقيتها من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فسئل رسول ال صلى ال عليه وسلم عنها فقال‪ :‬إن القرآن نزل على سبعة أحرف‪ ،‬فل تاروا‬
‫ف القرآن‪ ،‬فإن الراء فيه كفر‪.‬‬
‫‪-‬وساق بسنده‪ -‬عن عبد ال بن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أنزل‬
‫القرآن على سبعة أحرف‪ ،‬لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد ومطلع‪.‬‬
‫وروى حاد بن سلمة قال‪ :‬أخبن حيد عن أنس عن عبادة بن الصامت عن أب بن كعب عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬أنزل القرآن على سبعة أحرف‪.‬‬
‫وروى هام بن يي عن قتادة عن يي بن يعمر عن سليمان بن صرد عن أب بن كعب قال‪:‬‬
‫قرأ أب آية‪ ،‬وقرأ ابن مسعود آية خلفها‪ ،‬وقرأ رجل آخر خلفهما‪ ،‬فأتينا النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬أل تقرأ آية كذا وكذا كذا وكذا ؟‪.‬‬
‫وقال ابن مسعود‪ :‬أل تقرأ آية كذا وكذا كذا وكذا ؟‪.‬‬
‫فقال النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬كلكم مسن ممل‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ما كلنا أحسن ول أجل‪.‬‬
‫قال‪ :‬فضرب صدري‪ ،‬وقال‪ :‬يا أب‪ ،‬إن أقرئت القرآن‪ .‬فقيل‪ :‬على حرف أو حرفي ؟‪ .‬فقال‬
‫ل اللك الذي عندي‪ :‬على حرفي‪ .‬فقلت‪ :‬على حرفي‪ .‬فقيل‪ :‬على حرفي أو ثلثة ؟ فقال‬
‫اللك الذي معي‪ :‬على ثلثة‪ .‬فقلت‪ :‬على ثلثة‪ .‬هكذا حت بلغ سبعة أحرف‪ ،‬ليس منها إل‬
‫شاف كاف قلت‪ :‬غفورا رحيما‪ ،‬أو قلت‪ :‬سيعا حكيما‪ ،‬أو قلت‪ :‬عليما حكيما‪ ،‬أو عزيزا‬
‫حكيما‪ ،‬أي ذلك قلت فإنه كما قلت‪.‬‬
‫وزاد بعضهم ف هذا الديث‪ :‬ما ل تتم عذابا برحة‪ ،‬أو رحة بعذاب‪.‬‬
‫قال أبو عمر ‪-‬أي ابن عبد الب ‪ :-‬أما قوله ف هذا الديث قلت‪ :‬سيعا عليما وغفورا رحيما‬
‫وعليما حكيما ونو ذلك؛ فإنا أراد به ضرب الثل للحروف الت نزل القرآن عليها أنا معان‬
‫متفق مفهومها متلف مسموعها‪ ،‬ل تكون ف شيء منها معن وضده‪ ،‬ول وجه يالف وجها‬
‫خلفا ينفيه أو يضاده‪ ،‬كالرحة الت هي خلف العذاب وضده وما أشبه ذلك‪ .‬وهذا كله‬
‫يعضد قول من قال أن معن السبعة الحرف الذكورة ف الديث سبعة أوجه من الكلم التفق‬
‫معناه الختلف لفظه؛ نو‪ :‬هلم وتعال‪ ،‬وعجل وأسرع‪ ،‬وانظر وأخر‪ ،‬ونو ذلك‪ ،‬وسنورد من‬
‫الثار وأقوال علماء المصار ف هذا الباب ما يتبي لك به أن ما اخترناه هو الصواب فيه إن‬
‫شاء ال ‪ -‬ث سرد ما ذكر فراجعه ف التمهيد‪.) -‬‬

‫وقال القرطب رحه ال تعال ف تفسي هذه الحرف (تفسي القرطب) ‪:42 / 1‬‬
‫(الذي عليه أكثر أهل العلم‪ :‬كسفيان بن عيينة وعبد ال بن وهب والطبي والطحاوي‬
‫وغيهم‪:‬‬
‫أن الراد‪ :‬سبعة أوجه ف العان التقاربة بألفاظ متلفة؛ نو‪ :‬أقبل وتعال وهلم‪.‬‬
‫قال الطحاوي‪ :‬وأبي ما ذكر ف ذلك حديث أب بكرة قال جاء جبيل إل النب صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال‪ :‬اقرأ على حرف‪ .‬فقال ميكائيل‪ :‬استزده‪ .‬فقال‪ :‬اقرأ على حرفي‪ .‬فقال ميكائيل‪:‬‬
‫استزده‪ .‬حت بلغ إل سبعة أحرف‪ .‬فقال‪ :‬اقرأ‪ ،‬فكل شاف كاف‪ ،‬إل أن تلط آية رحة بآية‬
‫عذاب‪ ،‬أو آية عذاب بآية رحة‪ .‬على نو‪ :‬هلم وتعال وأقبل‪ ،‬واذهب وأسرع وعجل‪ .‬وروى‬
‫ورقاء عن ابن أب نيح عم ماهد عن ابن عباس عن أب بن كعب‪ :‬أنه كان يقرأ (للذين آمنوا‬
‫انظرونا ) ( للذين آمنوا أمهلونا) (للذين آمنوا أخرونا) (للذين آمنوا ارقبونا)‪ .‬وبذا السناد عن‬
‫أب‪ :‬أنه كان يقرأ (كلما أضاء لم مشوا فيه) (مروا فيه) (سعوا فيه)‪.‬‬
‫وف البخاري ومسلم قال الزهري‪ :‬إنا هذه الحرف ف المر الواحد‪ ،‬ليس يتلف ف حلل‬
‫ول حرام‪.‬‬
‫قال الطحاوي‪ :‬إنا كانت السعة للناس ف الروف لعجزهم عن أخذ القرآن لنم كانوا أميي‬
‫ل يكتب إل القليل منهم‪ … ،‬فوسع لم ف اختلف اللفاظ إذا كان العن متفقا‪ ،‬فكانوا‬
‫كذلك حت كثر منهم من يكتب وعادت لغاتم إل لسان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فقدروا بذلك على تفظ ألفاظه‪ ،‬فلم يسعهم حينئذ أن يقرءوا بلفها‪.‬‬
‫قال ابن عبدالب‪ :‬فبان بذا أن تلك السبعة الحرف إنا كان ف وقت خاص لضرورة دعت إل‬
‫ذلك ث ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الحرف وعاد ما يقرأ به القرآن على‬
‫حرف واحد‪.‬‬
‫روى أبو داود عن أب قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا أب‪ ،‬إن أقرئت القرآن‪،‬‬
‫فقيل ل‪ :‬على حرف أو حرفي ؟‪ .‬فقال اللك الذي معي‪ :‬قل على حرفي‪ .‬فقيل ل‪ :‬على‬
‫حرفي أو ثلثة؟ فقال اللك الذي معي‪ :‬قل على ثلثة‪ .‬حت بلغ سبعة أحرف‪ .‬ث قال‪ :‬ليس‬
‫منها إل شاف كاف إن قلت‪ :‬سيعا عليما عزيزا حكيما‪ ،‬ما ل تلط آية عذاب برحة‪ ،‬أو آية‬
‫رحة بعذاب‪.‬‬
‫وأسند ثابت بن قاسم نو هذا الديث عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم وذكر من‬
‫كلم ابن مسعود نوه‪).‬‬

‫وقد تكلم شيخ السلم على هذا بكلم شاف كاف لن أراد الق‪ ،‬فقال رحه ال تعال‬
‫(مموع الفتاوى) ‪ 13/389‬وما بعدها جوابا على سؤال عن قول النب صلى ال عليه وسلم (‬
‫أنزل القرآن على سبعة أحرف)‪:‬‬
‫ما الراد بذه السبعة ؟‪.‬‬
‫وهل هذه القراءات النسوبة إل نافع وعاصم وغيها هي الحرف السبعة ؟‬
‫أو واحد منها ؟‪.‬‬
‫وما السبب الذي أوجب الختلف بي القراء فيما احتمله خط الصحف؟‪.‬‬
‫وهل توز القراءة برواية العمش وابن ميصن وغيها من القراءات الشاذة أم ل ؟‪.‬‬
‫وإذا جازت القراءة با فهل توز الصلة با أم ل ؟‪.‬‬

‫فأجاب‪:‬‬
‫المد ل رب العالي‪:‬‬
‫هذه مسألة كبية قد تكلم فيها أصناف العلماء من الفقهاء والقراء وأهل الديث والتفسي‬
‫والكلم وشرح الغريب وغيهم‪ ،‬حت صنف فيها التصنيف الفرد‪..،‬ولكن نذكر النكت‬
‫الامعة الت تنبه على القصود بالواب‪ ،‬فنقول‪:‬‬
‫ل نزاع بي العلماء العتبين أن الحرف السبعة الت ذكر النب صلى ال عليه وسلم أن القرآن‬
‫أنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة الشهورة بل‪ ،‬أول من جع قراءات هؤلء هو‬
‫المام أبو بكر بن ماهد وكان على رأس الائة الثالثة ببغداد‪… ،‬‬
‫إل أن قال‪ :‬ول نزاع بي السلمي أن الروف السبعة الت أنزل القرآن عليها ل تتضمن تناقض‬
‫العن وتضاده‪ ،‬بل قد يكون معناها متفقا أو متقاربا‪ ،‬كما قال عبد ال بن مسعود‪ :‬إنا هو‬
‫كقول أحدكم‪ :‬أقبل وهلم وتعال‪.‬‬
‫وقد يكون معن أحدها ليس هو معن الخر‪ ،‬لكن كل العنيي حق‪ ،‬وهذا اختلف تنوع‬
‫وتغاير‪ ،‬ل اختلف تضاد وتناقض‪ .‬وهذا كما جاء ف الديث الرفوع عن النب ف هذا حديث‬
‫(أنزل القرآن على سبعة أحرف‪ ،‬إن قلت‪ :‬غفورا رحيما‪ ،‬أو قلت‪ :‬عزيزا حكيما‪ ،‬فال‬
‫كذلك‪ ،‬ما ل تتم آية رحة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحة ) …‬
‫ومن القراءات ما يكون العن فيها متفقا من وجه‪ ،‬متباينا من وجه‪ ،‬كقوله (يدعون) و‬
‫(يادعون) و (يكذبون) و (يكذبون) و (لستم) و(لمستم) و (حت يطهُرن) و(يطّهّرن) ونو‬
‫ذلك‪ ،‬فهذه القراءات الت يتغاير فيها العن كلها حق‪ ،‬وكل قراءة منها مع القراءة الخرى بنلة‬
‫الية مع الية يب اليان با كلها‪ ،‬واتباع ما تضمنته من العن علما وعملً‪ ،‬ل يوز ترك‬
‫موجب إحداها لجل الخرى ظنا أن ذلك تعارض‪ ،‬بل كما قال عبد ال بن مسعود رضى‬
‫ال عنه (من كفر برف منه فقد كفر به كله)…‬
‫ولذلك ل يتنازع علماء السلم التبوعي من السلف والئمة ف أنه ل يتعي أن يقرأ بذه‬
‫القراءات العينة ف جيع أمصار السلمي‪ ،‬بل من ثبت عنده قراءة العمش شيخ حزة أو قراءة‬
‫يعقوب بن إسحق الضرمي ونوها‪ ،‬كما ثبت عنده قراءة حزة والكسائي‪ ،‬فله أن يقرأ با بل‬
‫نزاع بي العلماء العتبين العدودين من أهل الجاع واللف‪.‬‬
‫بل أكثر العلماء الئمة الذين أدركوا قراءة حزة كسفيان بن عيينة وأحد بن حنبل وبشر بن‬
‫الارث وغيهم يتارون قراءة أب جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح الدنيي وقراءة البصريي‬
‫كشيوخ يعقوب بن اسحق وغيهم على قراء حزة والكسائي‪.‬‬
‫وللعلماء الئمة ف ذلك من الكلم ما هو معروف عند العلماء ولذا كان أئمة أهل العراق‬
‫الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الحد عشر كثبوت هذه السبعة يمعون ذلك ف الكتب‬
‫ويقرؤونه ف الصلة وخارج الصلة‪ ،‬وذلك متفق عليه بي العلماء ل ينكره أحد منهم‪.‬‬
‫وأما الذي ذكره القاضي عياض ‪ -‬ومن نقل من كلمه ‪ -‬من النكار على ابن شنبوذ الذي‬
‫كان يقرأ بالشواذ ف الصلة ف أثناء الائة الرابعة‪ ،‬وجرت له قصة مشهورة‪ ،‬فإنا كان ذلك ف‬
‫القراءات الشاذة الارجة عن الصحف كما سنبينه‪.‬‬
‫ول ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة‪ ،‬ولكن من ل يكن عالا با أو ل تثبت عنده كمن‬
‫يكون ف بلد من بلد السلم بالغرب أو غيه ول يتصل به بعض هذه القراءات فليس له أن‬
‫يقرأ با ل يعلمه؛ فإن القراءة كما قال زيد بن ثابت‪ :‬سنة يأخذها الخر عن الول‪ .‬كما أن ما‬
‫ثبت عن النب من أنواع الستفتاحات ف الصلة ومن أنواع صفة الذان والقامة وصفة صلة‬
‫الوف وغي ذلك كله حسن يشرع العمل به لن علمه‪.‬‬
‫وأما من علم نوعا ول يعلم غيه فليس له أن يعدل عما علمه إل ما ل يعلمه‪ ،‬وليس له أن‬
‫ينكر على من علم ما ل يعلمه من ذلك ول أن يالفه‪ ،‬كما قال النب‪ :‬ل تتلفوا فان من كان‬
‫قبلكم اختلفوا فهلكوا‪.‬‬
‫وأما القراءة الشاذة الارجة عن رسم الصحف العثمان‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫قراءة ابن مسعود وأب الدرداء رضى ال عنهما (والليل إذا يغشى‪ ،‬والنهار إذا تلى‪ ،‬والذكر‬
‫والنثى) كما قد ثبت ذلك ف الصحيحي‪.‬‬
‫ومثل‪ :‬قراءة عبد ال (فصيام ثلثة أيام متتابعات)‪.‬‬
‫وكقراءته (إن كانت إل زقية واحدة )‪.‬‬
‫ونو ذلك؛ فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يوز أن يقرأ با ف الصلة ؟‪.‬‬
‫على قولي للعلماء ‪ -‬ها روايتان مشهورتان عن المام أحد وروايتان عن مالك ‪:-‬‬
‫إحداها‪ :‬يوز ذلك؛ لن الصحابة والتابعي كانوا يقرؤون بذه الروف ف الصلة‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬ل يوز ذلك‪ ،‬وهو قول أكثر العلماء؛ لن هذه القراءات ل تثبت متواترة عن النب وإن‬
‫ثبتت فإنا منسوخة بالعرضة الخرة؛ فإنه قد ثبت ف الصحاح عن عائشة وابن عباس رضى ال‬
‫عنهم‪ :‬أن جبيل عليه السلم كان يعارض النب بالقرآن ف كل عام مرة فلما كان العام الذي‬
‫قبض فيه عارضه به مرتي والعرضة الخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيه وهي الت أمر اللفاء‬
‫الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها ف الصاحف …‬
‫وهذا الناع لبد أن يبن على الصل الذي سأل عنه السائل وهو أن القراءات السبعة هل هي‬
‫حرف من الروف السبعة أم ل ؟‪.‬‬
‫فالذي عليه جهور العلماء من السلف والئمة أنا حرف من الروف السبعة‪ ،‬بل يقولون إن‬
‫مصحف عثمان هو أحد الروف السبعة‪ ،‬وهو متضمن للعرضة الخرة الت عرضها النب على‬
‫جبيل والحاديث والثار الشهورة الستفيضة تدل على هذا القول‪.‬‬
‫وذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلم إل أن هذا الصحف مشتمل على الحرف‬
‫السبعة‪ ،‬وقرر ذلك طوائف من أهل الكلم كالقاضي أب بكر الباقلن وغيه بناء على أنه ل‬
‫يوز على المة أن تمل نقل شيء من الحرف السبعة‪ ،‬وقد اتفقوا على نقل هذا الصحف‬
‫المام العثمان وترك ما سواه‪ ،‬حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف الت كان أبو بكر‬
‫وعمر كتبا القرآن فيها ث أرسل عثمان بشاورة الصحابة إل كل مصر من أمصار السلمي‬
‫بصحف وأمر بترك ما سوى ذلك‪.‬‬
‫قال هؤلء‪ :‬ول يوز أن ينهى عن القراءة ببعض الحرف السبعة‪.‬‬
‫ومن نصر قول الولي ييب تارة با ذكر ممد بن جرير وغيه‪ :‬من أن القراءة على الحرف‬
‫السبعة ل يكن واجبا على المة وإنا كان جائزا لم مرخصا لم فيه‪ ،‬وقد جعل إليهم الختيار‬
‫ف أي حرف اختاروه‪ ،‬كما أن ترتيب السور ل يكن واجبا عليهم منصوصا‪ ،‬بل مفوضا إل‬
‫اجتهادهم؛ ولذا كان ترتيب مصحف عبد ال على غي ترتيب مصحف زيد‪ ،‬وكذلك‬
‫مصحف غيه‪.‬‬
‫وأما ترتيب آيات السور فهو منل منصوص عليه فلم يكن لم أن يقدموا آية على آية ف الرسم‬
‫كما قدموا سورة على سورة؛ لن ترتيب اليات مأمور به نصا‪ ،‬وأما ترتيب السور فمفوض‬
‫إل اجتهادهم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فكذلك الحرف السبعة؛ فلما رأى الصحابة أن المة تفترق وتتلف وتتقاتل إذا ل‬
‫يتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعا سائغا‪ ،‬وهم معصومون أن يتمعوا على‬
‫ضللة ول يكن ف ذلك ترك لواجب ول فعل مظور‪.‬‬
‫ومن هؤلء من يقول‪ :‬بأن الترخيص ف الحرف السبعة كان ف أول السلم لا ف الحافظة‬
‫على حرف واحد من الشقة عليهم أول‪ ،‬فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على‬
‫حرف واحد يسيا عليهم وهو أرفق بم أجعوا على الرف الذي كان ف العرضة الخرة‪،‬‬
‫ويقولون‪ :‬إنه نسخ ما سوى ذلك‪.‬‬
‫وهؤلء يوافق قولم قول من يقول‪ :‬إن حروف أب بن كعب وابن مسعود وغيها ما يالف‬
‫رسم هذا الصحف منسوخة‪.‬‬
‫وأما من قال عن ابن مسعود‪ :‬إنه كان يوز القراءة بالعن فقد كذب عليه‪ ،‬وإنا قال‪ :‬قد‬
‫نظرت إل القراء فرأيت قراءتم متقاربة‪ ،‬وإنا هو كقول أحدكم‪ :‬أقبل وهلم وتعال‪ ،‬فاقرؤوا‬
‫كما علمتم‪ - .‬أو كما قال ‪.-‬‬
‫ث من جوّز القراءة با يرج عن الصحف ما ثبت عن الصحابة قال‪ :‬يوز ذلك لنه من‬
‫الروف السبعة الت أنزل القرآن عليها‪ ،‬ومن ل يوّزه فله ثلثة مآخذ‪:‬‬
‫تارة يقول‪ :‬ليس هو من الروف السبعة‪.‬‬
‫وتارة يقول‪ :‬هو من الروف النسوخة‪.‬‬
‫وتارة يقول‪ :‬هو ما انعقد إجاع الصحابة على العراض عنه‪.‬‬
‫وتارة يقول‪ :‬ل ينقل إلينا نقلً يثبت بثله القرآن‪.‬‬
‫وهذا هو الفرق بي التقدمي والتأخرين‪.‬‬
‫ولذا كان ف السألة قول ثالث ‪ -‬وهو اختيار جدي أب البكات ‪ -‬أنه إن قرأ بذه القراءات‬
‫ف القراءة الواجبة وهى الفاتة عند القدرة عليها ل تصح صلته؛ لنه ل يتيقن أنه أدى الواجب‬
‫من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك‪ ،‬وإن قرأ با فيما ل يب ل تبطل صلته؛ لنه ل يتيقن أنه‬
‫أتى ف الصلة ببطل لواز أن يكون ذلك من الروف السبعة الت أنزل عليها‪.‬‬
‫…‬
‫إل أن قال‪ :‬وكذلك ليست هذه القراءات السبعة هي مموع حرف واحد من الحرف السبعة‬
‫الت أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء العتبين‪ ،‬بل القراءات الثابتة عن أئمة القراء كالعمش‬
‫ويعقوب وخلف وأب جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونوهم هي بنلة القراءات‬
‫الثابتة عن هؤلء السبعة عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك‪ ،‬وهذا أيضا ما ل يتنازع فيه‬
‫الئمة التبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيهم وإنا تنازع الناس من اللف ف الصحف‬
‫العثمان المام الذي أجع عليه أصحاب رسول ال والتابعون لم بإحسان والمة بعدهم‪:‬‬
‫هل هو با فيه من القراءات السبعة وتام العشرة وغي ذلك‪ :‬هل هو حرف من الحرف السبعة‬
‫الت أنزل القرآن عليها ؟ أو هو مموع الحرف السبعة ؟‪.‬‬
‫على قولي مشهورين‪:‬‬
‫والول‪ :‬قول أئمة السلف والعلماء‪.‬‬
‫والثان‪ :‬قول طوائف من أهل الكلم والقراء وغيهم‪.‬‬
‫وهم متفقون على أن الحرف السبعة ل يالف بعضها بعضا خلفا يتضاد فيه العن ويتناقض‪،‬‬
‫بل يصدق بعضها بعضا‪ ،‬كما تصدق اليات بعضها بعضا‪).‬‬
‫خاتــــــة‪:‬‬

‫وف الاتة أنبه إل أمر وهو‪:‬‬


‫أن الرافضي إذا نقلت له ما ف صحيح البخاري وغيه ما سبق ذكره على وجود القراءات هذه‬
‫ف وقت النب صلى ال عليه وسلم وإقرارهم عليها فهو بي أمرين‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن يصدّق بذه الحاديث فيكون بي حالي‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يقرّ بأن هذا ليس تريفا فيخصم‪.‬‬
‫الثان‪ :‬أن يقول إنه تريف مع ذلك فيمي رسول ال صلى ال عليه وسلم بذلك‪ ،‬وقد التزمه‬
‫بعض الروافض لعنهم ال فرموا الرسول صلى ال عليه وسلم بتحريف بعض الوحي وكتمانه‪.‬‬
‫المر الثان‪ :‬أن ل يصدّق بذه الحاديث‪ ،‬ويقول‪ :‬إنا من مصادركم ‪ -‬أهل السنة ‪ -‬وأنا ل‬
‫أقبل منها شيئا‪ ،‬فيقال له‪:‬‬
‫وما نقلته من زعمك تريف الصحابة للقرآن إنا نقلته من مصادرنا‪ ،‬فأنت بي أربعة أشياء‪:‬‬
‫‪ -1‬إن احتججت علينا با لتصحيحك إياها‪ ،‬فيجب أن تصحّح هذه الحاديث لنا من‬
‫مشكاة واحدة‪.‬‬
‫‪ -2‬وإن ل تصحّح هذه الحاديث‪ ،‬فل حجة لك بتلك النقول لنا ل تصح عندك‪.‬‬
‫‪ -3‬وإن صحّحت تلك النقول‪ ،‬وضعّفت هذه الحاديث فقد تناقضت‪.‬‬
‫‪ -4‬وإن قلت‪ :‬أنا ل أصحّح هذا ول هذا‪ ،‬ولكن أنقلها من باب إقامة الجة عليكم من‬
‫مصادركم أنتم‪ ،‬فنحن نقول‪ :‬وهذه الجابة عليها من مصادرنا فليست لك حجة فيها على ما‬
‫زعمت ول تدل على ما ذكرت‪.‬‬

‫وصلى ال على نبينا ممد‪.‬‬

You might also like