You are on page 1of 23

‫ما الفرق بين الموت الكلينيكي‬

‫والموت الشرعي؟‬
‫الدكتور محمد علي البار‬

‫لكي نبحث هذا الموضوع ل بد أول ً من تعريف الموت عند الفقهاء والطباء‬
‫ومعرفة علماته عند كل منهما ثم توضيح تلك الفروق بينهما‪.‬‬

‫تعريف الموت «بصورة عامة»‪:‬‬


‫إن تعريف الموت مثل تعريف الحياة أمر يكتنفه كثير من الصعوبات‪ ،‬رغم‬
‫أن العلمات الفارقة بين الموت والحياة‪ ،‬وبين الكائن الحي والجماد أمر يدركه‬
‫النسان بفطرته كما يدركه بمعارفه‪ ،‬فالكائن الحي يتنفس ويتغذى وينمو ويتكاثر‬
‫ويتحرك ثم تختلف بعد ذلك طرق التنفس والغذاء والنمو والتكاثر والحركة‬
‫بأشكالها المتعددة المتباينة التي ل تكاد تعد ول تحصى‪ .‬وأصعب تلك الكائنات‬
‫تحديدا هي الفيروسات فهي كالجماد ل تتحرك ول تنمو ول تتنفس ول تتغذى‬
‫خارج الكائنات الحية بل تتبلور مثل بعض الجمادات‪ ،‬فإذا ما دخلت إلى جسم‬
‫الكائن الحي تحكمت في سّر السّر فيه (جينوم الخلية الموجود في الدنا ‪،)DNA‬‬
‫وجعلته عبدا لمشيئتها‪ ،‬ل ينقسم إل حسب أوامرها‪ ،‬ولول أن الله سبحانه وتعالى‬
‫يهب الجسام الحية القدرة على مقاومة هذا الغزو الفيروسي لبادت الفيروسات‬
‫جميع الكائنات الحية ابتداء من البكتريا وانتهاء بالنسان‪ ..‬ومع هذا كله فالفيروس‬
‫داخل الخليا الحية ل يتنفس ول يتغذى ول يتحرك ول ينمو بل كل ما في المر أنه‬
‫يتحكم في الخليا فيجعلها تنقسم لتصبح فيروسات جديدة من جنسه بدل من أن‬
‫تنقسم إلى خلياها المعتادة‪.‬‬

‫وفي أجسام الكائن الحي المتعددة مثل النسان أو الحيوان أو النبات‬


‫تموت مليين المليين من الخليا في كل لحظة وآن‪ ،‬ويخلق الله بدل عنها مليين‬
‫مثلها‪ .‬ويبقى الكائن الحي على قيد الحياة ما دامت عملية البدء والعادة‬
‫مستمرة‪ .‬قال تعالى‪{ :‬إنه يبدؤ الخلق ثم يعيده} (يونس‪ .)4 :‬وقال تعالى‪{ :‬قل‬
‫هل من شركائهم من يبدؤ الخلق ثم يعيده‪ .‬قل الله يبدؤ الخلق ثم يعيده فأنَّى‬
‫توفكون} (يونس‪.)34 :‬‬

‫ولقد صدق المام الغزالي حين قال‪ :‬نعم ل يمكن كشف الغطاء عن كُنه‬
‫الموت إذ ل يعرف الموت من ل يعرف الحياة‪ ،‬ومعرفة الحياة معرفة حقيقة‬
‫الروح في نفسها وإدراك ماهية ذاتها‪ ،‬ولم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أن يتكلم فيها ول أن يزيد على أن يقول (الروح من أمر ربي)‪ ،‬فليس لحد‬
‫من علماء الدين أن يكشف سر الروح وإن اطلع عليه‪ ،‬وإنما المأذون فيه ذكر‬
‫حال الروح بعد الموت»‪..)1(.‬‬

‫تعريف الموت عند المسلمين (التعريف الشرعي للموت)‪:‬‬


‫إن تعريف الموت عند المسلمين ل يختلف عن تعريفه في مختلف‬
‫الحضارات النسانية المختلفة والديان التي عرفتها البشرية المتباينة‪ .‬فقد اتفق‬
‫المصريون القدماء‪ ،‬والبابليون‪ ،‬والشوريون‪ ،‬واليونان والصينيون والهنادكة‬
‫واليهود والنصارى والمسلمون على أن الموت هو مفارقة الروح الجسد‪ .‬ثم‬
‫اختلفوا بعد ذلك اختلفات كثيرة في هذه الروح‪ ،‬وهل تعود إلى هذا الجسد أم‬
‫تعود إلى جسد آخر؟ حيث يعتقد البوذيون والهنادكة والشنتو أن الروح الشريرة‬
‫تعاد إلى جسد حقير‪ ،‬وتظل في تلك الدورات حتى تتطهر‪ ،‬وأن الروح الصالحة‬
‫الخيّرة تظل تنتقل في الجساد الخيرة حتى تصل مرحلة النرفانا‪ ،‬وهي السعادة‬
‫البدية المطلقة في الروح المتصلة بالزل والبد‪.‬‬

‫والمفهوم السلمي للموت هو انتقال الروح من الجسد إلى ما أعد لها من‬
‫نعيم أو عذاب‪ .‬والروح مخلوقة مربوبة‪ ،‬خلقها الله تعالى‪ ،‬ثم هي خالدة‪،‬‬
‫والمقصود بموتها مفارقتها الجسد‪ .‬هذا هو مفهوم جمهور علماء المسلمين‬
‫للموت وإن خالف من خالف من المعتزلة وغيرهم‪.‬‬

‫قال المام ابن القيم في كتابه الروح‪« :.)2(.‬والصواب أن يقال أن موت‬


‫النفوس هو مفارقتها لجسادها وخروجها منها‪ ،‬فإن أريد بموتها هذا القدر فهي‬
‫ذائقة الموت وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدما محضا فهي ل تموت بهذا‬
‫العتبار»‪.‬‬

‫وقال المام الغزالي في الحياء‪« :‬إن الموت معناه تغير حال فقط وإن‬
‫الروح باقية بعد مفارقة الجسد‪ ،‬إما معذبة وإما منعّمة‪ .‬ومعنى مفارقتها للجسد‬
‫انقطاع تصرفها عنه بخروج الجسد عن طاعتها فإن العضاء آلت للروح تستعملها‬
‫حتى أنها لتبطش باليد وتسمع بالذن وتبصر بالعين‪ .‬وتعلم حقيقة الشياء بالقلب‪،‬‬
‫والقلب هنا عبارة عن الروح‪.‬‬
‫والروح تعلم الشياء بنفسها من غير آلة‪ ..‬والموت عبارة عن استعصاء العضاء‬
‫كلها‪ ،‬وكل العضاء آلت والروح هي المستعملة لها‪ ،‬وأعني بالروح المعنى الذي‬
‫يدرك من النسان العلوم وآلم الغموم ولذات الفراح‪ .‬ومهما بطل تصرفها في‬
‫العضاء لم تبطل منها العلوم والدراكات ول بطل منها الفراح والغموم‪ ،‬ول بطل‬
‫منها قبولها لللم واللذات‪ .‬والنسان بالحقيقة هو المعنى المدرك للعلوم واللت‬
‫واللذات‪ ،‬وذلك ل يموت أي ل ينعدم ‪ -‬ومعنى الموت انقطاع تصرفه عن البدن‬
‫وخروج البدن عن أن يكون آلة له»‪.‬‬
‫(‪..)3‬‬

‫قال المام ابن تيمية‪« :‬قد استفاضت الحاديث عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم بأن الرواح تقبض وتنعم وتعذب‪ .‬ويقال لها‪ :‬أخرجي أيتها الروح‬
‫الطيبة»‪..)4(.‬‬

‫ويقول المام الطحاوي في عقيدته‪« :‬ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض‬


‫أرواح العالمين»‪.‬‬

‫قال الشارح‪ :‬والصواب أن يقال موت النفوس هو مفارقتها لجسادها‬


‫وخروجها منها»‪..)5(.‬‬
‫ويقول فضيلة الشيخ بكر أبو زيد رئيس مجمع الفقه السلمي في بحثه‬
‫القيم‪ :‬أجهزة النعاش وحقيقة الوفاة بين الفقهاء والطباء‪« :‬إن حقيقة الوفاة هي‬
‫مفارقة الروح البدن‪ .‬وأن حقيقة المفارقة خلوص العضاء كلها عن الروح بحيث‬
‫ل يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية»‪..)6(.‬‬

‫ويقول المام الغزالي في «سكرات الموت وشدته» من كتاب «الحياء»‪:‬‬


‫«إن كل عضو ل روح فيه فل يحس باللم‪ ،‬فإذا كان فيه الروح فالمدرك لللم هو‬
‫الروح‪ ،‬فمهما أصاب العضو جرح أو حريق سرى الثر إلى الروح‪ ،‬فبقدر ما يسري‬
‫إلى الروح يتألم‪ ..‬والنزع عبارة عن مؤلم نزل بنفس الروح فاستغرق جميع‬
‫لَ‬
‫أجزائه حتى لم يبق جزء من أجزاء الروح المنتشر في أعماق البدن إل وقد ح ّ‬
‫به اللم‪ ،‬فلو أصابته شوكة فاللم الذي يجده إنما يجري في جزء من الروح يلقي‬
‫ذلك الموضع الذي أصابته شوكة فاللم الذي يجده إنما يجري في جزء من الروح‬
‫يلقي ذلك الموضع الذي أصابته الشوكة‪ ..‬فألم النزع يهجم على نفس الروح‬
‫ويستغرق جميع أجزائه فإنه المنزوع المجذوب من كل عرق من العروق وعصب‬
‫من العصاب وجزء من الجزاء ومفصل من المفاصل‪ ،‬ومن أصل كل شعرة‬
‫وبشرة من الفرق إلى القدم فل تسأل عن كربه وألمه»‪..)7(.‬‬

‫إخراج الروح‪:‬‬
‫وقد وكل الله سبحانه وتعالى ملئكة يقومون بإخراج الروح من البدن‪ .‬قال‬
‫تعالى‪{ :‬قل يتوفاكم ملك الموت الذي ُوكِّل بكم ثم إلى ربكم ترجعون}‬
‫(السجدة‪ )11 :‬وملك الموت الموكل بأرواح الدميين هو عزرائيل عليه السلم‬
‫ويساعده في ذلك عدد غير معروف من الملئكة‪ .‬قال تعالى‪{ :‬إن الذين توفاهم‬
‫الملئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم‪ ،‬قالوا كنا مستضعفين في الرض‪ ،‬قالوا‬
‫ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها‪ ،‬فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا}‬
‫(النساء‪ .)97 :‬وقال تعالى‪{ :‬ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملئكة‬
‫باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم} (النعام‪ .)93 :‬ولو رأينا ذلك لرأينا أمرا مهول‬
‫مرعبا‪ ...‬وعلى العكس من ذلك تقوم الملئكة بتبشير المؤمنين الذين عملوا‬
‫الصالحات وتسلم عليهم وتنزع أرواحهم نزعا رفيقا‪ .‬قال تعالى‪{ :‬الذين تتوفاهم‬
‫الملئكة طيبين يقولون سلم عليكم} (النحل‪ .)32 :‬ول ينفي ذلك كرب الساق‬
‫وآلم النزع فقد تألم خير الخلق وأكرمهم على الله سبحانه وتعالى محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم وكرب في نزعه حتى قالت فاطمة رضي الله عنها «واكرب‬
‫ابتاه» فقال لها‪ :‬ل كرب على أبيك بعد اليوم‪.‬‬
‫(‪ ..)8‬ولكن ما يخفف عن المؤمن آلم النزع وكرب السبات ما يراه من البشائر‬
‫عند قدوم الملئكة‪ .‬قال تعالى‪{ :‬يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية‬
‫مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} (الفجر‪ .)30-27 :‬قال المفسرون‬
‫يقال لها ذلك عند النزع وعند البعث‪ .)9(.‬وقال ابن القيم «حديث أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه أن المؤمن تحضره الملئكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا‪ :‬اخرجي‬
‫أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب‪ ،‬أخرجي حميدة وأبشري بروح‬
‫وريحان ورب غير غضبان فل يزال يقال لها ذلك حتى تخرج»‪ .)10(.‬الحديث‪.‬‬

‫أما الكفرة والعصاة للردة فإنه ينكل بهم‪ ،‬ويرون سوء مصيرهم عند‬
‫الموت‪ ،‬وتضرب الملئكة وجوههم وأدبارهم‪ ..‬قال تعالى‪{ :‬ولو ترى إذ الظالمون‬
‫في غمرات الموت والملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم‪ ،‬اليوم تجزون‬
‫عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون}‬
‫(النعام‪ .)93 :‬وقال تعالى‪{ :‬ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملئكة يضربون‬
‫وجوههم وأدبارهم} (النفال‪.)50 :‬‬

‫وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة قال‪ :‬وإذا كان الرجل السيء قال «أي‬
‫الملك» اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث‪ ،‬اخرجي ذميمة‬
‫وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فل يزال يقال لها حتى تخرج»‪(.‬‬
‫‪..)1‬‬

‫وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم توضح كيفية‬
‫إخراج الملئكة لروح المؤمن وروح الكافر‪ .‬وما في الول من تيسير حتى تسيل‬
‫مثل الماء من فم السقاء‪ ،‬وما في الثاني من تنكيل حتى تخرج كما يخرج ال َّ‬
‫سفّود‬
‫المبلل من كومة من الصوف كما جاء في حديث البراء بن عازب وغيره الذي‬
‫أخرجه ابن منده وذكره ابن القيم بطوله في كتاب الروح‪ ..)12(.‬وقد استوفى‬
‫ابن القيم في الروح ذكر الكثير من هذه الحاديث (ص‪.)50-46‬‬

‫ويأتي السناد في إخراج الروح في بعض اليات إلى الله سبحانه وتعالى‬
‫مباشرة‪ ،‬حيث الفاعل على الحقيقة هو الله ول أحد سواه‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬الله‬
‫يتوفى النفس حين موتها} (الزمر‪ ،)42 :‬والله سبحانه وتعالى هو الفاعل لكل‬
‫شيء في هذا الكون صغيره وكبيره‪ .‬والملك مأمور يفعل ما أمره به ربه سبحانه‬
‫وتعالى‪.‬‬

‫الروح وتأثيرها في البدن‪:‬‬


‫اتفق جمهور علماء أهل السنة على أن الروح هي المحركة للبدن وأنها هي‬
‫المتصرفة فيه والموت هو مفارقة الروح للجسد وانقطاع تصرفها عنه بخروج‬
‫الجسد عن طاعتها‪ ،‬فإن العضاء آلت للروح كما يقول المام الغزالي‪ .‬والموت‬
‫عبارة عن استعصاء العضاء عن فعل الروح‪ .‬والروح هي المدركة للعلوم وآلم‬
‫الغموم ولذات الفراح‪ ،‬كما يقول الغزالي في الحياء (سبق وأن نقلنا قوله كاملً)‬
‫والروح التي نفخها الله في آدم عليه السلم هي أمر علوي سماوي ل تدركه‬
‫البصار‪ ،‬ولم ينفخ الله الروح في آدم إل بعد أن سواه جسدا ً من الطين‪( .‬فإذا‬
‫سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)‪.‬‬

‫الروح في الجنين‪:‬‬
‫وكذلك الروح في الجنين ل تنفخ فيه إل بعد كمال تسوية الجسد‪ .‬قال‬
‫تعالى {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق النسان من طين‪ .‬ثم جعل نسله‬
‫من سللة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه} (السجدة‪ .)8-6 :‬وقال‬
‫تعالى‪{ :‬ولقد خلقنا النسان من سللة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين‬
‫ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا‬
‫العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} (المؤمنون‪-12 :‬‬
‫‪.)14‬‬

‫قال المفسرون (ثم أنشأناه خلقا آخر) أي نفخنا فيه الروح‪ .‬وذلك ل يكون‬
‫إل بعد المرور بالطوار السبع ‪ -‬تكون ترابا ثم تكون نطفة ثم تكون علقة ثم‬
‫تكون مضغة ثم تكون عظاما ثم تكون لحما يكسو العظام ثم ينشئها الله خلقا‬
‫آخر فينفخ فيها الروح‪..)13(.‬‬
‫وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في غير ما آية من القرآن الكريم هذه المراحل‬
‫والطوار التي يمر بها الجنين قبل أن تنفخ فيه الروح التي بها يصير الجسد‬
‫إنساناً‪ ..‬قال تعالى‪{ :‬ما لكم ل ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا} (نوح‪،13 :‬‬
‫‪ .)14‬ثم فصل هذه الطوار فقال عز من قائل‪{ :‬يا أيها الناس إن كنتم في ريب‬
‫من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة‬
‫وغير مخلقة لنبين لكم‪ .‬ونقر في الرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم‬
‫طفل ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي ل‬
‫يعلم من بعد علم شيئا} (الحج‪.)5 :‬‬

‫حديث نفخ الروح‪:‬‬


‫وتضافرت الحاديث الصحيحة على أن نفخ الروح ل يكون إل بعد مرور‬
‫الجنين بمراحل متتالية ابتداء من النطفة فالعلقة فالمضغة ثم ينفخ فيه الروح‪.‬‬
‫أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدالله بن مسعود رضي الله‬
‫عنه قال‪ :‬أخبرني الصادق المصدوق أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين‬
‫يوما‪ .‬ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك‪ .‬ثم يبعث إليه ملكا بأربع‬
‫كلمات‪ ،‬فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح»‪.‬‬

‫وهناك اختلف طفيف جدا في رواية مسلم عن رواية البخاري بل هناك‬


‫اختلف طفيف يسير في روايات البخاري نفسه (كتاب النبياء وكتاب القدر‬
‫وكتاب التوحيد وكتاب بدء الخلق)‪ .‬وفي الربعين النووية «إن أحدكم يجمع خلقه‬
‫في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل‬
‫ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح»‪ .‬وجمهور العلماء مجمعون على أن‬
‫الروح ل تنفخ إل بعد مرور مائة وعشرين يوما منذ بدء الحمل (أي تكون الزيجوت‬
‫أو اللقيحة أو النطفة المشاج)‪ ...‬ويقولون‪ :‬إن حديث حذيفة بن أسيد الذي رواه‬
‫مسلم ل يعارض ما جاء في حديث عبدالله بن مسعود لنه ل ذكر لنفخ الروح في‬
‫حديث حذيفة بن أسيد‪ :‬ونصه‪ :‬إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله ملكاً‬
‫فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها‪ .‬ثم قال يا رب أذكر أم‬
‫أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول‪ :‬يا رب رزقه فيقضي ربك ما‬
‫شاء ويكتب الملك‪ ،‬ثم يخرج الملك بالصحيفة فل يزيد على ما أمر ول ينقص‪.‬‬

‫وقد قام العلماء الجلء من أمثال ابن القيم والنووي وابن حجر العسقلني‬
‫وغيرهم بمحاولة الجمع بين الحديثين وقد استعرضت ذلك كله في كتابي «خلق‬
‫النسان بين الطب والقرآن» وكتاب «الجنين المشوه‪ :‬أسبابه وأحكامه» فليرجع‬
‫إليهما من أراد التفاصيل‪.‬‬

‫والخلصة أن الفقهاء مجمعون على أن الجنين ل بد أن يمر بمراحل‬


‫متعددة قبل أن تنفخ فيه الروح وهي التي بها الرادة والفكر وبها يصير النسان‬
‫إنساناً‪.‬‬
‫قال المام ابن القيم في كتابه التبيان في أقسام القرآن‪« :‬فإن قيل‬
‫الجنين قبل نفخ الروح فيه هل كان فيه حركة وإحساس أم ل؟ قيل‪ :‬كان فيه‬
‫حركة النمو والغتذاء كالنبات‪ ،‬ولم تكن حركة نموه واغتذائه بالرادة‪ ،‬فلما نفخت‬
‫(روحه) انضمت حركة حسيّته وإرادته إلى حركة نموه واغتذائه»‪..)14(.‬‬

‫وقال المام ابن حجر العسقلني في فتح الباري وهو يتحدث عن أول‬
‫العضاء تكونا ً في الجنين‪« :‬وقيل الكبد لن منه النمو والغتذاء الذي هو قوام‬
‫جحه بعضهم بأنه مقتضى النظام الطبيعي لن النمو هو المطلوب أول‪.‬‬ ‫البدن‪ ،‬ر ّ‬
‫س ول حركة إرادية لنه حينئذ بمنزلة النبات‪ .‬وإنما يكون‬
‫ول حاجة له حينئذ إلى ح ّ‬
‫له قوة الحس والرادة عند تعلق النفس به»‪..)15(.‬‬

‫واللفت للنظر حقا ً أن يجعل هذان المامان العظيمان نفخ الروح مرتبطاً‬
‫بالحساس والرادة أي بالجهاز العصبي بل بالدماغ‪ .‬فإذا لم يكن هناك حس ول‬
‫إرادة فل روح هناك‪ ،‬وإن كانت بعض العضاء بل كل العضاء تعمل‪.‬‬

‫ولذا فإن بعض الفقهاء عد الجنين كالجماد أو ما هو أشبه بالجماد وأباح‬


‫بعضهم الجهاض حتى بدون عذر وذلك قبل نفخ الروح وخاصة قبل الربعين‪..‬‬
‫وإنما حّرم من حرم قتل الجنين قبل نفخ الروح فيه باعتبار مآله ومصيره الذي‬
‫م كسر بيض الحرم باعتبار مآله فمن باب أولى يحرم قتل‬ ‫حُر َ‬
‫سيصير إليه فإذا ً‬
‫الجنين باعتبار مآله وما سيصير إليه‪.‬‬

‫قال المام الغزالي في الحياء‪ :‬وليس هذا «أي العزل» كالجهاض والوأد‬
‫لن ذلك جناية على موجود حاصل‪ ،‬والوجود له مراتب‪ .‬وأول مراتب الوجود أن‬
‫تقع النطفة في الرحم ويختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة‪ ،‬وإفساد ذلك‬
‫جناية‪ ،‬فإن صارت نطفة مخلقة كانت الجناية أفحش‪ .‬وإن نفخ فيه الروح‬
‫واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشا‪ .‬ومنتهى التفاحش في الجناية هب بعد‬
‫النفصال حيا»‪.‬‬

‫وقال الشيخ الجليل يوسف القرضاوي في كتابه الحلل والحرام في‬


‫السلم‪« :‬واتفق الفقهاء على أن إسقاطه بعد نفخ الروح فيه حرام وجريمة ل‬
‫يحل للمسلم أن يفعله لنه جناية على حي متكامل الخلق ظاهر الحياة»‪.‬‬

‫الجنين قبل نفخ الروح فيه ليست فيه حياة إنسانية‬


‫وأما قبل نفخ الروح ففيه الخلف حيث ذهب بعض الفقهاء إلى السماح‬
‫بالجهاض وخاصة قبل الربعين باعتباره كالجماد أو أشبه بالجماد‪ ..‬وأما جمهور‬
‫الفقهاء فلم يسمحوا بالجهاض باعتبار مآله ومصيره وإن لم ينفخ فيه الروح ومع‬
‫ذلك سمحوا بالجهاض متى كان الحمل يشكل خطرا ً على حياة الحامل أو على‬
‫صحتها أو كان الجنين مشوها ً تشويها ً شديداً‪ .‬وفي هذا الصدد أباح المجمع الفقهي‬
‫لرابطة العالم السلمي في مكة المكرمة في دورته الثانية عشر (‪ 22-15‬رجب‬
‫‪1410‬هـ‪ 17-10 /‬فبراير ‪1990‬م) إسقاط الجنين المشوه قبل نفخ الروح (‪120‬‬
‫يوما منذ التلقيح) إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الطباء المختصين الثقات‬
‫وبناء على الفحوص والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويها ً خطيرا ً غير‬
‫قابل للعلج وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة وآلما عليه وعلى‬
‫أهله‪ ،‬فعندئذ يجوز إسقاطه بناء على طلب الوالدين»‪.‬‬

‫والمجمع الفقهي الموقر لم يبح إسقاطه إل لنه لم تنفخ فيه الروح‬


‫س ول إرادة له‪ ..‬وحتى من اعترض من الفقهاء على ذلك‬ ‫ح َّ‬
‫(النسانية) بعد ول ِ‬
‫ً‬
‫قبل السقاط قبل الربعين أخذا بالحوط وبحديث حذيفة بن أسيد الذي رواه‬
‫مسلم والذي ذكرناه قريبا‪ ..‬فهؤلء جميعا أباحوا الجهاض لن الجنين لم تنفخ فيه‬
‫الروح بعد وإن كان الجنين قد مر بمراحل متعددة من الخلق وتعدّى مرحلة‬
‫النطفة إلى العلقة فالمضعة فالعظام فاللحم يكسو العظام‪ ..‬وتصورت كثير من‬
‫أعضائه‪ ..‬وهي كلها حية ولكن ل يحكم له بالحياة النسانية بذلك إل بعد نفخ‬
‫الروح‪ ..‬ول يحرم قتله (بدون سبب) إل باعتبار مآله ومصيره ل باعتبار أنه حي‬
‫حياة إنسانية‪.‬‬

‫حكم المولود إذا لم يستهل‪:‬‬


‫ل صارخا‬‫بل إن الفقهاء لم يحكموا للجنين بعد ولدته بالحياة إل إذا استه ّ‬
‫وعلمت فيه آثار الحياة‪ ،‬واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم‪« :‬إذا‬
‫استهل المولود ورث» وقول جابر بن عبدالله والمسور ابن مخرمه رضي الله‬
‫عنهما‪« :‬قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يرث الصبي حتى يستهل»‪(.‬‬
‫‪..)17‬‬

‫فإذا كان المولود حديثا ً وقد نفخت فيه الروح منذ أشهر عديدة ل يحكم له‬
‫بالحياة إل عندما يستهل صارخا ً أو يستدل على حياته بأمارات موثقة عندهم فإنه‬
‫من العجيب جدا ً أن ل يحكم لمن مات دماغه وبالتالي فقد الحساس والحركة‬
‫والرادة بالموت‪ .‬جاء في الموسوعة الفقهية‪« :.)18(.‬وتعرف حياته‪ ،‬أي المولود»‬
‫بالستهلل صارخا‪ ،‬واختلف الفقهاء فيما سوى الستهلل‪ .‬فقالت طائفة‪« :‬ل يرث‬
‫حتى يستهل صارخا‪ .‬وهو المشهور عن المام أحمد‪ ..)19(.‬وروي عن كثير من‬
‫الصحابة والتابعين مستدلين بأن مفهوم قول النبي ‪( ü‬إذا استهل المولود ورث)‬
‫أنه ل يرث بغير استهلل ولن الستهلل ل يكون إل من حي‪ .‬والحركة تكون من‬
‫غير حي‪..)21(.‬‬

‫"وروي عن أحمد أنه قال‪ :‬يرث السقط ويورث إذا استهل فقيل‪ :‬ما‬
‫استهلله؟ قال إذا صاح أو عطس أو بكى‪ .‬فعلى هذا كل صوت يوجد منه تعلم به‬
‫حياته فهو استهلل‪ .‬وهذا قول الزهري والقاسم بن محمد لنه صوت عُلمت به‬
‫حياته فأشبه الصراخ‪ .‬وعن أحمد رواية ثالثة بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره‬
‫وّرث وثبت له أحكام المستهل لنه حي‪ .‬وبهذا قال الثوري والوزاعي والشافعي‬
‫وأبو حنيفة وأصحابه‪..)22(.‬‬

‫المام مالك ل يعد الجنين حيا ً ما لم يستهل ولو تنفس أو تحرك أو بال‪.‬‬
‫ويقول فضيلة الشيخ المختار السلمي‪ :‬يرى المام مالك بن أنس رضي الله عنه‬
‫أن المولود إذا لم يصرخ ل يُعتبر حيا ً ولو تنفس أو بال أو تحرك‪ .‬ومعنى هذا أنه ل‬
‫يحكم له بالحياة بمجرد التنفس حتى يقرن بها البكاء‪ .‬وقال ابن الماجشون‪ :‬إن‬
‫العطاس يكون من الريح والبول من استرخاء المواسك (أي العضلت العاصرة‬
‫‪ ?)Sphincter‬فما لم يكن الفعل إراديا استجابة لتنظيم الدماغ ل يُعتبر أمارة‬
‫حياة‪( .‬الزرقاني علي الخليل ج‪ .)2/112‬انتهى كلم فضيلة الشيخ محمد المختار‬
‫السلمي‪.‬‬

‫ويقول فضيلته أيضا ً في بحثه المقدم إلى الدورة الثالثة لمجمع الفقه‬
‫السلمي مفصل وموضحا أقوال المذهب المالكي‪« :‬يقول خليل ابن إسحاق (ول‬
‫سقط ما لم يستهل صارخاً‪ ،‬ولو تحرك أو بال أو رضع)‪ .‬إن هذه الفقرة تجعل‬
‫صل اللخمي ما تكون به الحياة فقال‪ :‬اختلف في‬ ‫مقياس الحياة الصوت‪ .‬وقد ف ّ‬
‫الحركة والرضاع والعطاس فقال مالك‪ :‬ل يكون له بذلك حكم الحياة‪ .‬قال ابن‬
‫حبيب وإن أقام يوما يتنفس ويفتح عينيه ويتحرك حتى يسمع له صوت وإن كان‬
‫خفياً‪ .‬قال إسماعيل‪ :‬وحركته كحركته في البطن ل يحكم له فيها بحياة‪ .‬قال‬
‫عبدالوهاب‪ :‬وقد يتحرك المقتول‪ .‬وعارض هذا المازري وقال‪ :‬ل معنى لنكار‬
‫دللة الرضاع على الحياة لننا نعلم يقينا أنه محال بالعادة أن يرضع الميت‪ .‬وليس‬
‫الرضاع من الفعال التي تكون بين الطبيعة والختيارية‪ ،‬كما قال ابن الماجشون‬
‫أن العطاس يكون من الريح‪ ،‬والبول من استرخاء المواسك (العضلت العاصرة)‪،‬‬
‫لن الرضاع ل يكون إل من القصد إليه‪ .‬والتشكك في دللته على الحياة يطرق‬
‫إلى هدم قواعد ضرورية‪ .‬والصواب ما قاله ابن وهب وغيره‪ :‬أنه كالستهلل‬
‫بالصراخ»‪..)23(.‬‬

‫ما لم تكن حياة مستقرة فل حياة‬


‫ويقول الدكتور محمد سليمان الشقر في بحثه نهاية الحياة المقدم إلى‬
‫ندوة الحياة النسانية في الكويت‪« :.)24(.‬ول بد للحكم بموته من أن تنعدم كل‬
‫أمارات الحياة‪ .‬ويذكرون ذلك في استهلل المولود ليرث‪ ،‬قالوا‪ :‬ل بد أن ينفصل‬
‫حيا ً حياة مستقرة‪ ،‬فلو مات بعد انفصاله حيا حياة مستقرة فنصيبه لورثته‪ .‬ويعلم‬
‫استقرار حياته عندالحنابلة والشافعية إذا استهل صارخا ً أو عطس أو تثاءب‪ ،‬أو‬
‫مص الثدي‪ ،‬أو تنفس وطال زمن تنفسه‪ ،‬أو وجد منه ما يدل على حياته كحركة‬
‫طويلة ونحوها فلو لم تكن حياة مستقرة بل كالحركة اليسيرة أو الختلج‬
‫والتنفس اليسير لم يرث لنه ل يعلم بذلك استقرار حياته‪ ،‬لحتمال كونها كحركة‬
‫المذبوح‪ ،‬أو كما يقع للنتشار من ضيق أو استواء الملتوي (العذب الفائض في‬
‫الفرائض) ج‪ ...3/91‬انتهى‪.‬‬

‫تعريف الحياة المستقرة‪:‬‬


‫ويُعَّرف بدرالدين الزركشي في كتابه «المنثور من القواعد» الحياة‬
‫المستقرة بقوله‪« :‬الحياة المستقرة هي أن تكون الروح في الجسد ومعها‬
‫الحركة الختيارية دون الضطرارية كما لو كان إنسان‪ ،‬وأخرج الجاني أو حيوان‬
‫مفترس حشوته وأبانها‪ ،‬ليجب القصاص في هذه الحالة‪ .‬وأما حياة عيش المذبوح‬
‫فهي التي ل يبقى معها إبصار ول نطق ول حركة اختيارية‪ .)25(.‬وقال الرملي في‬
‫نهاية المحتاج‪ :‬وإن أنهاه (أي المجني عليه) رجل إلى حركة مذبوح بأن لم يبق‬
‫فيه إبصار ونطق وحركة اختيار‪ ،‬وهي المستقرة التي يبقى معها الدراك ويقطع‬
‫بموته بعد يوم أو أيام‪ ،‬ثم جنى عليه الخر‪ ،‬فالول قاتل لنه صيّره إلى حالة‬
‫الموت‪ ،‬ومن ثم اللهعطي حكم الموات مطلقا ً ويُعزر الثاني لهتكه حرمة ميت‪(.‬‬
‫‪..)26‬‬
‫ويعلق على تلك العبارات الدكتور محمد نعيم ياسين فيقول‪« :‬وهذا الذي‬
‫ذهب إليه الفقهاء في هذه المسألة يشير إلى أنهم اعتبروا فقدان الحساس‬
‫والحركة الختيارية علمات تورث غلبة الظن بوصول المجني عليه إلى مرحلة‬
‫الموت‪ ،‬وأن الحركة الضطرارية الصادرة من المجني عليه ل تُعطي غلبة الظن‬
‫ببقاء الروح في الجسد إذا كانت وحدها‪ ،‬ولم تقترن بأي نوع من الحساس أو‬
‫الحركة الختيارية وإل لجعلوا القصاص من نصيب الجاني الثاني‪ ،‬إذ يكون فعله‬
‫القاتل واردا ً على جسد فيه روح‪ .‬ولعلهم في هذا تأثروا بما قرره علماء الطائفة‬
‫الولى أمثال ابن القيم والغزالي من أن الروح ترحل عن جسد صاحبها في‬
‫اللحظة التي يصبح فيها الجسد عاجزا ً عن النفعال للروح بأي نوع من الحساس‬
‫والختيار»‪..)27(.‬‬

‫حركة المذبوح‪:‬‬
‫قد أجمع الفقهاء على اعتبار حركة المذبوح بل لو أن حيوانا مفترسا أو‬
‫شخصا قام بالعتداء على آخر وأفقده النطق والبصار والحساس والدراك ولم‬
‫يبق منه إل ما يسمى حركة المذبوح ثم جاء آخر فأجهز عليه فإن القاتل هو‬
‫الول‪ ،‬وإنما يعزر الثاني لنتهاكه حرمة الميت‪ ..‬فمهما كان قلبه ينبض وهو يتنفس‬
‫ويتحرك إل أن هذه الحركات اضطرارية فل يحكم له فيها بحياة‪.‬‬

‫بل وصل بعض الفقهاء إلى ما هو أعجب وأغرب من ذلك‪ .‬فقد زعم ابن‬
‫القاسم أن عمر رضي الله عنه لما طُعن كان معدودا ً في الموات‪ .‬وأنه لو مات‬
‫له مورث لما ورثه‪ ،‬وأنه لو قام رجل بالتذفيف على عمر فقتله ل يُعتبر الثاني‬
‫قاتل ً لن القاتل هو الول وهو أبو لؤلؤة المجوسي غلم المغيرة بن شعبة‪ .‬وقد‬
‫استدلوا على موت عمر بزعمهم ذاك أن الطبيب سقى عمر لبنا ً فخرج اللبن من‬
‫الجرح‪ ،‬ومعنى ذلك أن الطعنة كانت نافذة حتى وصلت إلى المعاء أو المعدة‪،‬‬
‫ومثل تلك الحالة ل تعيش في ذلك الزمان‪ .‬ورغم أن عمر كان يتكلم ويعهد وبقي‬
‫ثلثة أيام على ذلك إل أن ابن القاسم اعتبره في عداد الموات‪.‬‬
‫(‪ !!.)28‬ولم يعتبر كلمه وإدراكه ومنطقة دليل ً على الحياة باعتبار ما سيؤول‬
‫إليه‪ ،‬وهو الموت‪ .‬والحق أن ما ذهب إليه ابن القاسم كان شططا ً ولم يقبله‬
‫جمهور الفقهاء‪ ،‬بل اعتبروا أن عمر كان ل يزال حيا ً عندما كان يعهد ويتكلم‬
‫ويدرك المور‪ ،‬ولذا أمضوا وصيته‪..)29(.‬‬

‫مما سبق يتبين التي بالنسبة إلى الروح‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ أن دخول الروح إلى الجنين ل يتم إل بعد مرور فترة زمنية تكون أعضاء‬
‫الجنين قد تكونت والقلب ينبض (منذ اليوم الثاني والعشرين منذ التلقيح)‬
‫والدورة الدموية موجودة‪ ،‬ومع هذا فقد أجمع الفقهاء وعلماء السلم أن‬
‫الجنين قبل نفخ الروح بمثابة الجسد ول يحكم له فيها بالحياة النسانية التي‬
‫بها الحساس والدراك (وهي التي ل تظهر إل بعد تكون الدماغ واتصال‬
‫المناطق المخية العليا بالمناطق السفلى وذلك ل يكون إل بعد مرور مائة‬
‫وعشرين يوما ً منذ التلقيح كما أثبته الدكتور كورين في بحثه الرائد الذي ألقاه‬
‫في مؤتمر أخلقيات زرع العضاء المنعقد في أتوا بكندا في ‪24-20‬‬
‫أغسطس ‪1989‬م‪ .‬حيث ذكر أن التصالت والتشابكات ‪ SYNAPSIS‬بين‬
‫المناطق المخية العليا والمناطق السفل منها ل تبدأ إل بعد مرور الجنين‬
‫بفترة مائة وعشرين يوماً)‪.‬‬

‫وحتى لو قلنا بفترة الربعين التي وردت في حديث حذيفة بن أسيد‪ ،‬وفي هذه‬
‫الفترة يبدأ جذع الدماغ بالعمل‪ ،‬واعتبرنا ذلك علمة على بداية الحياة ونفخ الروح‬
‫فإن ذلك ل يغير من الحقيقة شيئا‪ ..‬وهي أن الجنين يبقى فترة أربعين يوما ً ل‬
‫يعتبر فيه حيا ً حياة إنسانية‪.‬‬

‫‪e‬‬ ‫إعجاز أحاديث المصطفى‬

‫وهذه الكتشافات الحديثة تكون إعجازا ً لحاديث النبي ‪ ü‬في هذا الباب‪ .‬ففي‬
‫حديث حذيفة بن أسيد الذي رواه مسلم يؤمر الملك بتشكيل كافة العضاء بما‬
‫فيها العضاء التناسلية بعد الربعين الولى من عمر الجنين‪ .‬وفي هذه الفترة‬
‫المعروفة لدى علماء الجنة بفترة تكوين أو تخليق العضاء ‪Organ genesis‬‬
‫يبدأ جذع الدماغ في التكون ويبدأ أول نشاطه في اليوم الثالث والربعين وقد‬
‫أمكن تسجيل نشاطه الكهربائي‪ .‬أما المناطق المخية العليا فتظل بدون نشاط‬
‫وهي مثل اللمبة (المصباح) بدون كهرباء‪ .‬ول يتم توصيل الكهرباء إليها إل بعد‬
‫مرور مائة وعشرين يوما وآنذاك تعمل‪ .‬وبما أن المخ هو مركز الحاسيس‬
‫والرادة والفكر والرؤية وهو ما اتفق عليه علماء السلم بإعطاء صفة الروح‪،‬‬
‫لنها هي المدرك وهي المحاسب والمعاقب والمعاتب والمطالب‪ ..‬فإن وجود هذه‬
‫العلمة الفارقة العجيبة‪ ،‬وتطابق الطب الحديث مع ما جاء في الحاديث الصحيحة‬
‫يجعل لهذه الحاديث إعجازا ً وفهما عجيبا‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ تضافرت النصوص القرآنية والحديثية على أن آدم عليه السلم لم تنفخ فيه‬
‫الروح إل بعد أن اكتمل بناء جسده من الطين‪ .‬وأن إبليس اللعين كان يتعجب‬
‫من خلقه ويصوت فيه قبل نفخ الروح ويقول «لمر ما خلقت»‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ أن أهم وظائف الروح هي العلم والدراك‪ :‬يقول المام الغزالي‪ :‬الروح هي‬
‫المعنى الذي يدرك من النسان العلوم وآلم الغموم ولذات الفراح‪ .‬والروح‬
‫تؤثر في البدن النساني وتتحكم فيه‪ .‬والعضاء آلت للبدن فإذا استعصت‬
‫العضاء على عمل الروح فإن الروح‪ ،‬تغادر البدن‪ .‬فكل العمال الختيارية‬
‫والدراك والحساس من عمل الروح والبدان آلت للروح‪.‬‬

‫ولكن هذا ل يعني أن خروج الروح يستتبع فقدان كل حركة في الجسم وموت‬
‫كل خلية فيه‪ .‬فقد اتفق الفقهاء‪ ،‬كما أسلفنا أن الجنين قبل نفخ الروح فيه كانت‬
‫فيه حركة النمو والغتذاء‪ .‬بل إن القلب ينبض ويعمل منذ اليوم الثاني والعشرين‬
‫منذ التلقيح وتبدأ الدورة الدموية عملها منذ تلك اللحظة ومع هذا لم يقل أحد من‬
‫علماء السلم أن الروح قد نفخت في هذا الجنين في هذه الفترة‪ ،‬بل أجمعوا أو‬
‫كادوا على أن نفخ الروح ل يكون إل بعد مرور مائة وعشرين يوما ً منذ بدء الحمل‬
‫ولم يشذ من ذلك إل فئة قليلة لم تحدد وقتا ً لنفخ الروح ولكنها أخذت بحديث‬
‫حذيفة بن أسيد الذي رواه مسلم وحددت بالتالي بداية الحياة بعد مرور الربعين‬
‫الولى‪.‬‬
‫وقد أسلفنا القول في أن الفقهاء لم يحكموا بحياة الجنين حتى بعد مولده‬
‫وانفصاله حيا ً من أمه إل إذا استهل صارخا ً أو ظهرت عليه أمارات الحياة‪ .‬ومنهم‬
‫من لم يقبل التنفس ما لم يستمر وقتا ً طويلً‪ .‬وكذلك لم يقبلوا الحركة دليل على‬
‫الحياة‪ .‬بل ول البول لن ذلك يكون من إسترخاء المواسك (العضلت العاصرة)‬
‫وبالغ بعضهم في عدم قبول العطاس والرضاع دليل ً على الحياة كما أسلفنا‪.‬‬

‫وأما حركة المذبوح أو من اعتدى عليه وحش أو إنسان حتى فقد الدراك‬
‫والنطق والبصر والحساس فإن حركته ل اعتبار لها عند الفقهاء‪ ،‬واعتبروه ميتاً‬
‫رغم أن قلبه ل يزال ينبض ودورته الدموية ل تزال كاملة ومعظم أعضاء جسمه ل‬
‫تزال تعمل‪.‬‬

‫بل بالغ بعضهم مبالغة شديدة مثل ابن القاسم عندما زعم أن عمر رضي الله‬
‫عنه بعد أن طُعن اللهعتبر في عداد الموتى رغم أن عمر رضي الله عنه كان يعهد‬
‫ويتكلم وبقي على ذلك ثلثة أيام كاملة وهو يحس ويدرك‪ ..‬ول شك أن من قال‬
‫بذلك قد خرج عن الطور المعهود وجانب الصواب‪ ،‬فعمر دون ريب كان حياً‪ .‬ولو‬
‫عاش في زمننا هذا لمكن بكل يسر إنقاذ حياته بإذن الله‪ .‬وكم من حالت أشد‬
‫بكثير من حالت عمر أمكن إنقاذها‪ .‬فقد أمكن إنقاذ الرئيس المريكي السبق‬
‫ريجان بعد أن اخترقت الرصاصة صدره ووصلت إلى غشاء قلبه (التامور)‪،‬‬
‫ً‬
‫وحطمت أجزاء من رئتيه‪ .‬ومع ذلك أمكن إنقاذه وحالته ل ريب أشد عسرا بكثير‬
‫من حالة عمر رضي الله عنه‪.‬‬

‫‪4‬ـ اتفق الفقهاء جميعا على أن حركة المذبوح ليست دليل ً على الحياة‪ ،‬وأن‬
‫الحركات الضطرارية (الفعال النعكاسية من الجسم) التي ل اختيار فيها‬
‫ليست أثرا ً من أثر الروح‪ .‬ورغم وجود هذه الحركة فإن من فقد كل إحساس‬
‫وإدراك مع فقدان النطق والرادة عند هؤلء الفقهاء دليل على فقدان الحياة‪.‬‬
‫يقول الدكتور محمد نعيم ياسين في بحثه «نهاية الحياة النسانية في ضوء‬
‫اجتهادات الفقهاء» تحت عنوان خلصة تصور علماء الشريعة عن الروح‬
‫وعلقتها بالجسد‪:.)20(.‬‬

‫( إن النسان في تصورهم جسد وروح ول يكتسب وضعية النسانية بواحد من‬


‫العنصرين دون الخر‪ ،‬وإن الجسد مسكن الروح في هذه الدنيا طوال فترة الحياة‬
‫المقررة للنسان‪ .‬وأن العلم والدراك والحس والختيار أهم وظائف الروح‪ ...‬وأن‬
‫الجسد النساني ليصدر عنه أي نشاط اختياري في هذه الدنيا بغير أمر الروح‬
‫وأن كل ما يصدر عنه هو بتأثيرها الذي أودعه الله فيها‪ .‬وأن الموت معناه مفارقة‬
‫الروح للجسد وأنه يحصل عنده صيرورة الجسد عاجزا ً عن انفعال الروح وأن‬
‫وجود أي نوع من الحس والدراك والحركة الختيارية يدل على بقاء الروح في‬
‫الجسد‪ .‬وغياب هذه المظاهر غيابا ً كامل ً يدل على مفارقة الروح للجسد‪ .‬وأن‬
‫مجرد وجود حركة اضطرارية ل معنى له سوى وجود بقايا الحياة المجردة عن‬
‫معية الروح)‪.‬‬
‫وفي موضع آخر من بحثه يقول الدكتور محمد نعيم ياسين‪« :‬ويفهم من ذلك‬
‫أن العلماء المسلمين يرون أن الحركة الضطرارية التي ل اختيار فيها ليست أثراً‬
‫من آثار الروح‪ ..‬ومقتضى ما تقدم من تصورهم لوظائف الروح أن الحركة‬
‫الضطرارية الناشئة عن هذا النوع من الحياة ليس فيه دللة على وجود الروح»‪.‬‬

‫ثم يخلص الباحث إلى محاولة الجمع ما بين أقوال الطباء والفقهاء‪ ،‬من اتفاق‬
‫واختلف وهذا الذي سنذكره فيما بعد عند النتهاء من تشخيص الموت وعلماته‬
‫عند الفريقين‪ .‬وما يهمنا ها هنا هو التأكيد على أن الفقهاء لم يجعلوا الحركة‬
‫الضطرارية دليل على وجود الروح‪ ،‬بل على العكس من ذلك‪ .‬كما أنهم لم يجعلوا‬
‫انتظام نظم القلب وضرباته ووجود الدورة الدموية في الجنين دليل ً على نفخ‬
‫الروح فيه‪ ،‬بل اعتبروا ذلك كله بمثابة النبات أو الحيوان وليس فيه أي دليل على‬
‫نفخ الروح في الجنين‪ .‬وقد أخبر المعصوم ‪ ü‬عن موعد هذا النفخ وأنه ل يكون إل‬
‫بعد مرور الجنين بمراحل متعددة ابتداء من النطفة ومرورا بالعلقة والمضغة‬
‫والعظام واللحم الذي يكسو العظام ووجود أمارات التخليق ووجود العضاء‬
‫المختلفة من كبد وقلب ورئة وكُلى‪ ..‬ومع أن الدورة الدموية والقلب يبدأ عملهما‬
‫مبكرا جدا (في اليوم الثاني والعشرين منذ التلقيح) إل أن الفقهاء لم يعيروا ذلك‬
‫اهتماما ً لوجود النص‪ ..‬واتفق جمهور الفقهاء وعلماء الشريعة والعلوم الدينية أن‬
‫نفخ الروح ل يكون إل بعد وصول الجنين إلى اليوم العشرين بعد المائة‪.‬‬

‫وهذا دليل قوي على عدم اعتبارهم للدورة الدموية كدليل على وجود الروح‬
‫إذ يمكن أن تكون هناك دورة دموية كاملة والقلب ينبض دون وجود الروح وهذا‬
‫بالضبط ما يقوله الطباء حيث إن القلب يمكن أن يستمر في النبض والدورة‬
‫الدموية بمساعدة العقاقير والجهزة وبوجود منفسة تقوم بعملية التنفس ول يعد‬
‫الشخص في تلك الحالة حيا ً بل هو ميت إذا مات دماغه بشروط معينة ل بد من‬
‫توافرها في تشخيص موت الدماغ‪.‬‬

‫علمات الموت وتشخيصه عند الفقهاء ‪:‬‬


‫لقد قرر علماء الشرع أن الموت هو مفارقة الروح للجسد إلى ما أعد لها‬
‫من عذاب أو نعيم حسب عملها في هذه الدنيا‪ ،‬وأن الموت هو انتقال من دار إلى‬
‫دار وليس عدما ً محضا ً فالروح باقية لكنها لم تعد تستطيع التصرف في هذا‬
‫الجسد‪ .‬والروح أمر غيبي ل نستطيع أن ندرك كنهه‪ .‬قال تعالى‪{ :‬ويسألونك عن‬
‫الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إل قليلً} (السراء‪.)85 :‬‬

‫قال المام الغزالي‪« :‬الروح هي اللطيفة العالمة المدركة في النسان‪.‬‬


‫وهو أمر رباني عجيب تعجز أكثر العقول والفهام عن درك حقيقته»‪..)31(.‬‬

‫وقد جاء في تفسير المام الشوكاني في تفسير قوله تعالى‪{ :‬ويسألونك‬


‫عن الروح} الية‪ ،‬وقد اختلف الناس عن المسؤول عنه فقيل هو الروح المدبر‬
‫للبدن الذي تكون به حياته وبهذا قال أكثر المفسرين‪ .‬قال الفّراء‪ :‬الروح الذي‬
‫يعيش به النسان لم يخبر الله سبحانه به أحدا ً من خلقه ولم يعط علمه أحدا ً من‬
‫عباده‪ ...‬وانتهى المام الشوكاني إلى أن الروح من جنس ما استأثر الله بعلمه‪.‬‬
‫وقال الجنيد رحمه الله‪ :‬إن الروح شيء استأثر الله بعلمه وليجوز لحد‬
‫البحث عنه (أي ماهيته وكنهه) أكثر من أنه موجود‪ .‬وقال الشعراني‪« :‬لم يبلغنا‬
‫أن رسول الله ‪ e‬تكلم عن حقيقة الروح مع أنه سئل عنه فنمسك عن الحديث‬
‫عنها أدباً»‪.‬‬

‫لهذا كله بحث الفقهاء عن العلمات التي تمكنهم من معرفة الموت‪ .‬وقد‬
‫استدل الفقهاء على الموت ببعض المارات وببعض الحاديث النبوية نذكرها كما‬
‫جاءت في بحث فضيلة الدكتور بكر أبو زيد رئيس مجمع الفقه السلمي بشيء‬
‫من الختصار‪.‬‬
‫(‪:.)32‬‬

‫‪ 1‬ـ عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ‪ ü‬قال‪ :‬إن الروح إذا قبض اتبعه‬
‫البصر‪( .‬أخرجه مسلم)‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ عن شداد بن أوس أن رسول الله ‪ ü‬قال‪ :‬إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر‬
‫فإن البصر يتبع الروح‪ .‬وقولوا خيرا ً فإنه يؤمن على ما يقول أهل الميت‬
‫(أخرجه أحمد في مسنده)‪.‬‬

‫وعلمات الموت هي‪:‬‬


‫انقطاع النفس واسترخاء القدمين وعدم انتصابهما وانفصال الكفين‪ ،‬وميل‬
‫النف‪ ،‬وامتداد جلدة الوجه‪ ،‬وانخساف الصدغين‪ ،‬وتقلص خصيتيه إلى فوق مع‬
‫تدلي الجلدة وبرودة البدن‪ ،‬فإن حدث شك أو مات الشخص فجأة فعلى‬
‫المشخص النتظار حتى تتبين العلمات‪ .‬قال المام النووي في روضة الطالبين‪(.‬‬
‫‪« .)33‬فإن شك بأن ل يكون به علة‪ .‬واحتمل أن يكون به سكتة‪ ،‬أو ظهرت‬
‫أمارات فزع آخر إلى اليقين بتغير الرائحة أو غيره»‪.‬‬

‫" وفي حالت الموت بالسكتة والصعقة والخوف والسقوط ونحوها مما قد‬
‫ينتج عنه الموت المفاجىء يطلب الفقهاء‪ ،‬أن ينتظر بالميت احتياطا ً حتى تظهر‬
‫به العلمات المعتبرة في غير هذه الحوال من استرخاء الرجلين وانخساف‬
‫الصدغين إلى آخره ليتحقق الموت»‪..)34(.‬‬

‫ول شك أن هذه العلمات ليست يقينية ما عدا توقف التنفس توقفا ً نهائيا ً ل‬
‫رجعة فيه‪ .‬ولذا اعترف الفقهاء أنفسهم أنهم كانوا يشخصون الموت في حالت‬
‫لم تمت بعد حتى قال ابن عابدين في الحاشية‪« :‬إن أكثر الذين يموتون بالسكتة‬
‫يدفنون وهم أحياء» لنه يعسر إدراك الموت الحقيقي إل على أفاضل الطباء‪(.‬‬
‫‪..)35‬‬

‫وقد نقلنا كلم فضيلة مفتي تونس العلمة الشيخ محمد المختار السلمي‬
‫في حكم الفقهاء على الجنين الذي لم يستهل صارخاً‪ .‬وكيف أنهم اعتبروه ميتاً‪.‬‬
‫وكم من مليين الطفال عبر ألف عام أو تزيد حكم عليهم الفقهاء بالموت لنهم‬
‫لم يستهلوا حياتهم صارخين‪ .‬بل إن بعضهم لم يعترف بالتنفس ول بالعطاس ول‬
‫بالرضاع!! وإليك ما قال مرة أخرى‪( :‬يقول خليل‪ :‬ول سقط ما لم يستهل صارخاً‬
‫ولو تحرك أو بال أو رضع)!!؟!!‬

‫وزعم ابن القاسم أن عمر رضي الله عنه عندما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي‬
‫كان معدودا ً في الموات رغم أنه كان يتكلم ويعهد ويدرك ويحس اللم‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫ول شك أن علمات الفقهاء للموت ستؤدي إلى كارثة حقيقية إذا أخذنا بها‪.‬‬
‫ول شك أن اللف سيُحكم عليهم بالموت وهم أحياء حسب هذه التعريفات‬
‫الفقهية للموت‪ ..‬وقد أدت تعريفات الموت عند الفقهاء إلى دفن آلف بل مليين‬
‫الطفال الذين لم يستهلوا صارخين وهم أحياء كما أدت إلى دفن آلف ومئات‬
‫اللف من الشخاص الذين أصيبوا بالسكتة وكما قال الفقيه ابن عابدين فإن أكثر‬
‫الذين يموتون بالسكتة يدفنون وهم أحياء‪.‬‬

‫ولهذا فإن تشخيص الموت ليترك للفقهاء ولعامة الناس‪ ،‬وقد تنبهت‬
‫الحكومات في العالم أجمع إلى ذلك‪ ،‬فأوكلت تحديد الحياة بدءا ً وانتهاء إلى أهل‬
‫الذكر في هذا المجال وهم الطباء‪ .‬وقد قال الله تعالى‪{ :‬فاسألوا أهل الذكر إن‬
‫كنتم ل تعلمون}‪.‬‬

‫ومن الخطورة بمكان أن نأخذ بهذه العلمات البسيطة التي كان الفقهاء‬
‫يأخذون بها ويعتبرونها علمة للموت مثل استرخاء القدمين وانفصال الكفين‬
‫وميل النف وامتداد جلدة الوجه وانخساف الصدغين‪ ،‬وتقلص الخصيتين إلى فوق‬
‫مع تدلي الجلدة‪ ،‬وبرودة البدن‪ .‬فهذه العلمات جميعا ليست علمة للموت‪ ..‬بل‬
‫إن توقف التنفس لديهم وهو علمة هامة للموت قد يكون عارضا ً ويمكن إنقاذ‬
‫المصاب به‪ ..‬وقد ل يكون علمة للموت إل إذا استمر وقتا ً كافياً‪.‬‬

‫والغريب حقا ً أن الفقهاء لم يوضحوا كيفية الستدلل على توقف التنفس‬


‫كما أنهم لم يعرفوا أهمية الدورة الدموية ونبض القلب ولم يذكرها أحد منهم في‬
‫تعريفهم لعلمات الموت سوى ما ذكره فضيلة القاضي بمحكمة قطر الشرعية‬
‫الولى الشيخ عبدالقادر العماري في بحثه نهاية الحياة من أن بعض الفقهاء‬
‫المتأخرين اعتبر جس العرق الذي بين الكعب والعرقوب وجس العرق في الدبر‪(.‬‬
‫‪ ..)36‬وحتى هذه العلمات ل تُعتبر علمة على الموت إذ أن المصاب ببعض‬
‫أمراض الدورة الدموية يفقد النبض من الشريان الموجود بين الكعب والعرقوب‬
‫(الشريان القصبي الخلفي) (‪ .)Posterior Tibial Artrey‬ولم يكتف الفقهاء‬
‫بذلك كله بل تحدثوا عن الموت حكما ً والموت تقديراً‪ .‬وقسموا الموت إلى‬
‫حقيقي وهو انعدام الحياة إما بالمعاينة (وهو ما تحدثنا عنه فيما سبق) أو بالسماع‬
‫أو بالبيئة‪ ،‬وإلى حكمي وهو أن يحكم القاضي بموت شخص مع احتمال حياته‬
‫ومثاله المفقود‪ ،‬أو مع تيقن حياته ومثاله المرتد الذي فر إلى أرض الكفار أهل‬
‫الحرب‪ .‬فهؤلء جميعا ً تعتد زوجاتهم عدة الموت ويجوز لهن الزواج‪ .‬وتقسم‬
‫التركة بالنسبة للمفقود أما المرتد فل يرثه أهله بل تأخذ الدولة ماله‪..)37(.‬‬

‫والموت التقديري هو إلحاق الشخص بالموتى تقديرا‪ .‬وذلك في الجنين‬


‫الذي انفصل بجناية على أمه وهي التي توجب الغُّرة (تقدر بخمسة في المائة من‬
‫دية النسان أو ‪ 50‬دينار ذهبا) بأن يضرب الشخص امرأة حامل ً فتلقي جنيناً‬
‫فتجب الغرة وهي عبد أو أمة‪ ،‬وتقدر بنصف عشر الدية الكاملة‪..)38(.‬‬

‫أنواع حركة المذبوح‪:‬‬


‫وقد فرق الفقهاء بين من وصل إلى حركة المذبوح نتيجة عدوان أو‬
‫افتراس وحش‪ ،‬فإن هذا يحكم بموته وتسري عليه أحكام الموت وتعتد زوجته‬
‫وتقسم تركته‪ .‬ولو اعتدى عليه شخص آخر فذفف عليه وأجهز فل يعتبر الثاني‬
‫قاتل ً بل الول‪ .‬وإنما يحكم على الثاني بالتعزير لمتهانه كرامة الميت‪.‬‬

‫فّرق الفقهاء بين من وصل إلى حركة المذبوح نتيجة عدوان أو افتراس‬
‫وبين من وصل إليها نتيجة مرض‪ .‬فإن من وصل إلى حركة المذبوح نتيجة مرض‬
‫ل تسري عليه أحكام الموت ول تقسم تركته ول تنكح زوجته ويلزم قاتله‬
‫القصاص‪ .‬قال النووي في المنهاج‪ :‬ولو قتل مريضا ً في النزع وعيشه عيش‬
‫مذبوح وجب بقتله القصاص‪ ..)39(.‬قال الشارح‪ :‬لنه قد يعيش بخلف من وصل‬
‫بالجناية إلى حركة المذبوح‪ .‬قال العلمة عميرة في حاشيته على منهاج الطالبين‪:‬‬
‫«وعبارة المام (أي النووي) لو انتهى إلى سكرات الموت وبدت أمارته وتغيرت‬
‫أنفاسه ل يحكم له بالموت بل يلزم قاتله القصاص‪.‬‬
‫(‪ ..)40‬وقال الزركشي في المنثور في القواعد‪ :‬إن المريض لو انتهى إلى‬
‫سكرات الموت‪ ،‬وبدت مخايلة ل يحكم له بالموت‪ ،‬حتى يجب القصاص على‬
‫قاتله‪..)41(.‬‬

‫تعليل الختلف في الحكم‪:‬‬


‫ويقول الدكتور محمد نعيم ياسين في تعليل هذا الختلف في الحكم بين‬
‫حالتين متماثلتين‪« :‬والذي يظهر أن الفرق الذي ذكره الزركشي بين الصورتين‬
‫غير مؤثر في اختلف الحكم ويدل على ذلك ما صرح به نفسه وصرح به غيره‬
‫من علماء الشافعية‪ ،‬فيما نقلناه سابقا‪ ،‬من أن صاحب الفعل الول لو كان حيواناً‬
‫مفترسا ً وأخرج حشوة المقتول وأبانها فإن القتل ل يضاف إلى أي صاحب فعل‬
‫لحق مهما كان‪.‬‬

‫وإضافة الفعل الول إلى حيوان مفترس ل يختلف من حيث النتيجة عن‬
‫إضافته إلى أي حادث سماوي يوصل الشخص إلى النتيجة نفسها كانهيار بيت‬
‫عليه مثل ونحو ذلك‪.‬‬

‫ولكن المعنى المعقول الذي يمكن أن يفرق بين الصورتين هو مدى‬


‫التحقق من وصول الشخص إلى الحياة غير المستقرة التي يتيقن من عدم إمكان‬
‫انعكاسها إلى حياة مستقرة‪ .‬ومظاهر النزع في عهد أولئك الفقهاء لم تكن كافية‬
‫لتغليب الظن‪ ،‬فضل ً عن التيقن‪ ،‬على أن المريض قد انتقل فعل ً إلى مرحلة عيش‬
‫المذبوح‪ ،‬كما سموه بدليل أن حالت كثيرة يوصف فيها الشخص بأنه وصل إلى‬
‫حالة النزع الخير ثم يتجاوزها ويعيش إلى ما شاءه الله‪.‬‬
‫وإذا كان هذا هو الفرق الحقيقي بين الصورتين السابقتين‪ ،‬فإنه ل يؤثر‬
‫على فهمنا السابق لموقف الفقهاء‪ ،‬من تحديد زمن الوفاة في مسألة الشتراك‬
‫على التتابع في جريمة القتل بل يؤيده‪ ..)42(.‬انتهى‪.‬‬

‫ومقتضى كلم الدكتور محمد نعيم ياسين أنه ل فرق بين من وصل إلى‬
‫حركة المذبوح نتيجة افتراس وحش أو اعتداء إنسان أو حادث سيارة أو هدم أو‬
‫غيرها من الحوادث أو نزف في الدماغ لي سبب إذا أمكن التيقن من التشخيص‬
‫وأن المصاب قد وصل فعل إلى حركة المذبوح وهو من فقد الدراك والنطق‬
‫والحساس والبصار ولم تعد له حياة مستقرة‪ ،‬وإن كان قلبه ينبض والدم يجول‬
‫في عروقه وكثير من أعضائه ل يزال يعمل‪ ،‬بل ل يزال يتنفس بدون منفسة ول‬
‫آلة!!‬

‫فإذا كان الفقهاء قد حكموا على مثل هذا الشخص بالموت‪ ،‬وهو ما ل يجرؤ‬
‫الطباء على فعله فإن تشخيص موت الدماغ بمواصفات الطباء اليوم أشد بكثير‬
‫من مواصفات الفقهاء في تعريف الحياة غير المستقرة وحركة المذبوح وما‬
‫شاكل ذلك‪.‬‬
‫مفهوم الموت عند الطباء‪:‬‬

‫ل شك أن الروح أمر من أمور الغيب‪ .‬قال تعالى‪{ :‬ويسألونك عن الروح‬


‫قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إل قليل} (السراء‪ .)85 :‬وبما أن‬
‫الطباء مثل غيرهم من البشر ل يعرفون شيئا عن كنه الروح فإنهم بالتالي ل‬
‫يستطيعون أن يفهموا حقيقة الموت‪ .‬فإن الذي ل يعرف سر الحياة ل يعرف سر‬
‫الموت كما أشار إلى ذلك المام الغزالي‪.‬‬

‫ويعّرف الفقهاء كما أسلفنا الموت بأنه مفارقة الروح للجسد‪ .‬وبما أن‬
‫الطباء ل يستطيعون أن يدركوا من أمر الروح شيئا ً سوى ما تدلهم عليه‬
‫النصوص أو اجتهادات الفقهاء‪ ،‬فإنهم مثل الفقهاء اتخذوا علمات تدل على‬
‫الموت‪ .‬ول شك أن علمات الموت عند الطباء أدق وأصدق من تلك العلمات‬
‫التي اتخذها الفقهاء والتي وقفنا عندها طويل‪ ،‬وأوضحنا مدى الضطراب وعدم‬
‫الوثوق فيها حيث يشخصون ويعتبرون النسان ميتا ً وهو ل يزال حيا ً نتيجة قصور‬
‫معلومات زمنهم في هذا الباب‪.‬‬

‫والموت عند الطباء هو نهاية الحياة في البدن النساني ول يعني ذلك موت‬
‫كل خلية فيه‪ .‬وقد جاء في تقرير الجتماع العالمي الثاني والعشرين للطباء‬
‫المنعقد في سيدني في أستراليا عام ‪1968‬م‪ :‬إن الموت عملية متدرجة على‬
‫مستوى الخليا وأن النسجة تختلف في مدى قدرتها على تحمل انقطاع‬
‫الوكسجين (بحيث تموت خليا الدماغ بعد أربع دقائق فقط من انقطاع التروية‬
‫الدموية بينما يمكث الجلد والقرنية والعظام فترة تتراوح مابين اثنتي عشرة‬
‫وأربع وعشرين ساعة بدون تبريد‪ .‬كما يمكن تبريد الخليا والنسجة وإبقاؤها حية‬
‫لمدة طويلة‪ .‬فيمكن مثل تبريد الحيوانات المنوية وإبقاؤها حية عشرات السنين‬
‫وكذلك اللقيحة والخليا المولدة لليفين (‪ .)Fibroblasts‬ولكن الموت ليس مجرد‬
‫موت خليا أو الحتفاظ بها حية في ظروف معينة وإنما هو موت النسان ككل‪،‬‬
‫وبالتالي عدم القدرة على الحتفاظ بخليا جسمه حية‪ ..‬وهي نقطة اللعودة‪..‬‬
‫مهما بذل الطباء من محاولت النقاذ والسعاف وسير الجسم في طريق التحلل‬
‫والنتهاء‪..)43(.‬‬

‫ويعرف قاموس أوكسفورد الموت بطريقتين‪ :‬عملية الموت (الحتضار) أو‬


‫أن الشخص قد مات فعل‪ ..)43(.‬ومن المعلوم أن كثيرا ً من خليا الميت وأنسجته‬
‫تبقى حية لفترة محدودة بعد موت الشخص ككل‪ .‬وقد لحظ الوروبيون منذ‬
‫أزمنة طويلة نمو الشعر بعد الوفاة (يحلقون شعر الميت ويلبسونه أفضل ثيابه‬
‫ويبقى أياما قبل دفنه) كما أنهم قد لحظوا استطالة أظافره بعد قلمها‪ .‬كما أن‬
‫العظم والوعية الدموية يمكن زرعها في شخص آخر بعد موت الشخص بثمان‬
‫وأربعين ساعة (دون تبريد) ويبقى الجلد والقرنية صالحين للزراعة لمدة ‪24‬‬
‫ساعة (كذلك بدون تبريد)‪ .‬وهذا يعني ببساطة أنها ل تزال حية وتستطيع العمل‪(.‬‬
‫‪..)44‬‬

‫ويقول الدكتور عصام الشربيني في بحثه المقدم إلى ندوة الحياة‬


‫النسانية‪ :‬إن الموت ليس نقطة واحدة أو خطا ً رفيعاً‪ ،‬ولكنه عملية لها امتداد‬
‫يطول أو يقصر‪ .‬والناس من قديم يعرفون أن فلنا ً دخل مرحلة الموت أو بدأ‬
‫عملية الموت أو في حالة الحتضار‪ ،‬وتتحدث كتب السنة عما يُسن عند الحتضار‪.‬‬
‫وربما كان اللفظ مأخوذا ً مما في الكتاب الكريم {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب‬
‫الموت إذ قال لبنيه} (البقرة‪ .]133 :‬وقوله تعالى‪{ :‬كتب عليكم إذا حضر أحدكم‬
‫الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والقربين} (البقرة‪ .)180 :‬ثم يقول‪:‬‬
‫فالجسم مجموعة من الخليا والعضاء‪ ،‬والجهزة تقوم كل منها بوظيفتها‪ ،‬ولها‬
‫متطلبات لداء هذه الوظائف من غذاء أو طاقة أو وسط يحيط بها في توازن‬
‫دقيق‪ ،‬ويعتمد كل منها في ذلك على الخر‪ ،‬فإذا اختلت وظيفة عضو أثر ذلك‬
‫على أداء العضاء الخرى لوظائفها بدرجات متفاوتة كما في تشبيه الرسول ‪ü‬‬
‫للمؤمنين بالجسد‪ :‬إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر العضاء بالسهر والحمى‪،‬‬
‫أخرجه مسلم‪ .‬والخلل إذا لم يتوقف تداعى إليه عضو بعد عضو حتى يحدث‬
‫الموت‪..)45(.‬‬

‫والغريب حقا ً أن الفقهاء وعلماء الدين عندما حددوا الموت بخروج الروح‬
‫من البدن ومفارقتها له جعلوا من صفات ذلك فقدان القدرة على الدراك‬
‫والحساس والنطق والحركة الذاتية‪ ،‬وإن بقي الشخص يتنفس أو يجول الدم في‬
‫عروقه وينبض قلبه وذلك فيما أسموه حركة المذبوح‪ .‬واعتبروا ذلك الشخص ميتاً‬
‫وتسري عليه أحكام الموت إذا كان سبب وصوله لحركة المذبوح اعتداء شخص‬
‫على حياته أو افتراس وحش أو حادث (سماوي) مثل هدم أو سقوط في حفرة‬
‫أو سقوط أو حادث مروري‪ .‬والعجيب حقا أن يقوم الستاذ الدكتور كريستوفر‬
‫باليس ‪ Christopher Pallis‬في كتابه أبجديات موت جذع الدماغ بتعريف الموت‬
‫بأنه‪ :‬فقدان الدراك والحساس والقدرة على الحركة الرادية بالضافة إلى‬
‫فقدان تام ل رجعة فيه للقدرة على التنفس‪ ..)46(.‬ول شك أن تعريف الدكتور‬
‫باليس أدق وأضبط في هذه الناحية من تعريفات فقهائنا الجلء‪ .‬إذ أنهم أهملوا‬
‫في هذه النقطة موضوع النفس والتنفس مع أنهم انتبهوا له في مواضع أخرى‪،‬‬
‫حتى قال بعضهم أن النفس هي النَفَس وهي النسيم الداخل والخارج من الرئتين‬
‫(ذكره ابن القيم في كتابه الروح)‪.‬‬

‫ول شك أن الجمع بين التعريفين هو الصواب وهو فقدان الدراك‬


‫والحساس والرادة والحركة الذاتية بالضافة إلى فقدان القدرة على التنفس‪..‬‬
‫وينبغي أن يكون كلهما قد فقد إلى غير رجعة‪.‬‬

‫علمات الموت عند الطباء‪:‬‬


‫ً‬
‫يُعد توقف التنفس والقلب والدورة الدموية توقفا ل رجعة فيه علمة هامة‬
‫وأساسية وفارقة بين الموت والحياة‪ .‬وبما أن القلب يضخ الدم المحتوي على‬
‫الوكسجين (الذي سماه القدماء الروح الحيواني والبخار الذي تنضجه حرارة‬
‫القلب)‪ .)47(.‬إلى كل خلية في الجسم فإن توقف القلب والدورة الدموية يعني‬
‫موت جميع خليا الجسم‪ .‬ول تموت هذه الخليا دفعة واحدة بل بالتدريج وأولها‬
‫موت خليا الدماغ التي تموت بعد انقطاع التروية الدموية عنها بأربع دقائق فقط‪.‬‬
‫وتوقف القلب وحده دون توقف الدورة الدموية ل يعني الموت‪.‬‬

‫ولكي نزيد هذا المفهوم وضوحا ً فإن توقف القلب في العمليات الجراحية‬
‫التي تجرى للقلب (عمليات القلب المفتوح) ل تعني أن هذا الشخص قد مات‪،‬‬
‫رغم أن قلبه يُوقف أثناء العملية لمدة ساعتين أو أكثر‪ .‬والسبب هو أن وظيفة‬
‫القلب تقوم بها مضخة تضخ الدم الذي يتجمع من الوريد الجوف السفلي والوريد‬
‫الجوف العلوي بعد أن يمر في جهاز يقوم بوظيفة الرئة ثم يُعاد إلى الشريان‬
‫الورطي الذي بدوره يوزع الدم على بقية أعضاء الجسم‪ .‬وفي هذه الحالت رغم‬
‫أن القلب متوقف والتنفس متوقف إل أن الشخص حي بكل تأكيد‪ .‬وذلك لن‬
‫الدورة الدموية لم تتوقف ولو لثوان معدودة‪ .‬والدماغ يتلقى التروية الدموية دون‬
‫انقطاع‪ ..‬ووظيفة الرئتين تقوم بها آلة أخرى تأخذ ثاني أكسيد الكربون من الدم‬
‫وتعطيه الوكسجين‪ .‬وهذا المثال يوضح أن القلب رغم أهميته البالغة للنسان إل‬
‫أنه يمكن الستغناء عنه لمدة ساعتين أو ثلث بواسطة آلة تقوم مقامه‪ ..‬وكذلك‬
‫الرئتين‪ .‬ويمكن كذلك استبدال هذا القلب التالف بقلب شخص آخر (توفي‬
‫دماغيا)‪ ،‬أو حتى بقلب حيوان آخر‪ ..‬ولول عمليات الرفض للجسم الغريب لمكن‬
‫استخدام القلوب من الحيوانات لزرعها في النسان‪ ،‬ولكن عمليات الرفض‬
‫الشديدة تجعل هذه العملية محفوفة بالمخاطر‪ ..‬وهناك تجارب متعددة على‬
‫قلوب الحيوانات (وبالذات الخنزير) ومحاولة تغيير جهازها المناعي بتطعيمها‬
‫بجينات إنسانية‪ ..‬وسيتضح مدى نجاح أو فشل هذه التجارب في خلل السنوات‬
‫القليلة القادمة‪.‬‬

‫لهذا ينبغي أن ندرك أنه حتى في الحالت التي يُعلن فيها الموت بسبب‬
‫توقف القلب والدورة الدموية والتنفس إل أن السبب الول في الوفاة هو انقطاع‬
‫التروية الدموية عن الدماغ‪ ،‬لهذا إذا أمكن مواصلة التروية الدموية للدماغ حتى‬
‫مع توقف القلب فإن هذا الشخص يعد حيا‪ .‬ولكن العكس غير صحيح‪ .‬أي إذا‬
‫تهشم الدماغ وبالذات جذع الدماغ الذي فيه المراكز الحيوية (اليقظة‪ ،‬التنفس‪،‬‬
‫التحكم في الدورة الدموية) ومات موتا ً ل رجعة فيها فإن النسان يُعد ميتا رغم‬
‫أن قلبه ليزال ينبض بمساعدة العقاقير وبعض الجهزة‪ ،‬وتنفسه ل يزال مستمراً‬
‫بواسطة المنفسة (اللة)‪ .‬وهذا هو بالضبط ما نعبر عنه بموت الدماغ‪.‬‬

‫موت الدماغ‪:‬‬
‫إن موت الدماغ هو موت الدماغ بما فيه المراكز الحيوية الهامة جدا‬
‫والواقعة في جذع الدماغ‪ ،‬فإذا ماتت هذه المناطق فإن النسان يُعد ميتاً‪ ،‬لن‬
‫تنفسه بواسطة اللة (المنفسة) مهما استمر ل قيمة له ول يُعطي الحياة‬
‫للنسان‪ .‬وكذلك استمرار النبض من القلب بل وتدفق الدم في الشرايين‬
‫والوردة (ما عدا الدماغ) ل يُعد علمة على الحياة طالما أن الدماغ قد توقفت‬
‫حياته ودورته الدموية توقفا ً تاما ً ل رجعة فيه‪.‬‬

‫وهذا يشبه تماما ما يحدث عندما تقوم الدولة بتنفيذ حكم الله في‬
‫القصاص‪ ،‬أو قتل المفسدين في الرض من مهربي وتجار المخدرات‪ .‬في هذه‬
‫الحالة يضرب السياف العنق فتتوقف الدورة الدموية عن الدماغ ويموت الدماغ‬
‫خلل دقائق معدودة (ثلث إلى أربع دقائق)‪ .‬بينما يبقى القلب يضخ الدم لمدة‬
‫‪ 15‬إلى ‪ 20‬دقيقة ويتحرك المذبوح وهو أمر نشاهده عند ذبح الدجاجة أو‬
‫الخروف ولكن هذه الحركة ليست بذاتها دليل على الحياة‪ ،‬طالما أن الدماغ قد‬
‫مات‪.‬‬

‫والمر ذاته يحدث في الشنق‪ ..‬فعندما يشنق النسان تتوقف الدورة‬


‫الدموية من الدماغ بينما يستمر القلب في الضخ لعدة دقائق قد تبلغ ربع ساعة‬
‫إلى ثلث ساعة‪ ..‬وفي هذه الفترة ل شك أن هذا الشخص قد مات رغم أن قلبه‬
‫ل يزال ينبض وذلك لن الدورة الدموية قد انقطعت عن الدماغ‪ .‬وقد مات الدماغ‬
‫بالفعل‪.‬‬

‫أسباب موت الدماغ‪:‬‬


‫إن أهم أسباب موت الدماغ تتلخص في التي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ إصابات الدماغ بسبب الحوادث وأهمها حوادث المرور‪ .‬وهذه الحوادث تمثل‬
‫خمسين بالمائة من جميع حالت موت الدماغ‪ .‬وفي المملكة العربية‬
‫السعودية تمثل حوادث المرور ‪ 60‬بالمائة من جميع وفيات الدماغ وتُعد‬
‫حوادث المرور في المملكة ومنطقة الخليج صاحبة الرقم العلى في العالم‬
‫وتبلغ عشرة أضعاف ما هو موجود في الوليات المتحدة وأوروبا بالنسبة لكل‬
‫مائة ألف من السكان وفي عام ‪1994‬م وعام ‪1995‬م توفي في السعودية‬
‫في كل واحدة منهما أكثر من ‪( 3700‬ثلثة آلف وسبعمائة شخص) أغلبيتهم‬
‫المطلقة كانت تحت سن الربعين (أكثر من ‪ 75‬بالمائة من جميع الحالت)‪،‬‬
‫كما أصيب في حوادث المرور إصابات بالغة أدت إلى دخول المستشفى أكثر‬
‫من خمسة وثلثين ألف شخص في كل عام‪ ..‬وهذه أرقام مرعبة جدا جدا‬
‫وتسبب العاقة وإضاعة أثمن وأغلى ثروة لدى المة وهي الشباب‪.‬‬

‫إن هذه الصابات المروعة ينبغي أن تواجه بحزم ومعالجة جذرية لسباب هذه‬
‫الصابات وأهمها السرعة الجنونية‪ ،‬وعدم استخدام حزام المان‪ ،‬والستهتار‬
‫وقطع الشارات الضوئية‪ ..‬الخ‪ ..‬ول بد من عقوبات زاجرة رادعة حتى يمكن أن‬
‫نخفض هذا النزيف في قدرات المة وفي شبابها وفي ثروتها‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ نزف داخلي بالدماغ بمختلف أسبابه وهو يمثل حوالي ‪ 20‬بالمائة من جميع‬
‫حالت موت الدماغ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ أورام الدماغ‪ ،‬والتهاب الدماغ وخراج الدماغ والسحايا وتمثل حوالي ‪20‬‬
‫بالمائة من حالت موت الدماغ‪.‬‬

‫نكرر القول بأن أهم سبب لموت الدماغ هو حوادث السيارات وللسف فإن‬
‫أغلبية المصابين هم من الشباب زهرة هذه المة وأهم مصادر ثروتها‪.‬‬

‫تشخيص موت الدماغ‪:‬‬


‫يتم تشخيص موت الدماغ حسب الشروط الطبية المعتبرة وأهمها‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ وجود شخص مغمى عليه إغماءً كامل‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ل يتنفس إل بواسطة جهاز المنفسة‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تشخيص لسبب هذا الغماء‪ ،‬يوضح إصابة أو مرضا ً في جذع الدماغ أو في كل‬
‫الدماغ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ عدم وجود أسباب تؤدي إلى الغماء المؤقت مثل تعاطي العقاقير أو الكحول‬
‫أو انخفاض شديد في درجة حرارة الجسم أو حالت سكر شديد أو انخفاض‬
‫شديد في سكر الدم أو غير ذلك من السباب الطبية المعروفة التي يمكن‬
‫معالجتها‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ثبوت الفحوصات الطبية التي تدل على موت جذع الدماغ وتتمثل‪:‬‬
‫أ ـ عدم وجود الفعال المنعكسة من جذع الدماغ‪.‬‬
‫ب ـ عدم وجود تنفس بعد إيقاف المنفسة لمدة عشر دقائق بشروط معينة منها‬
‫استمرار دخول الكسجين بواسطة أنبوب يدخل إلى القصبة الهوائية ومنها‬
‫إلى الرئتين‪ ،‬وارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدم إلى حد معين (أكثر‬
‫من ‪ 50‬مم من الزئبق في الشريان)‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ فحوصات تأكيدية مثل رسم المخ الكهربي ‪ EEG‬وعدم وجود أي ذبذبة فيه‪ ،‬أو‬
‫عدم وجود دورة بالدماغ بعد تصوير شرايين الدماغ أو بفحص المواد المشعة‬
‫أو غيرها من الفحوصات الحديثة‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ ينبغي أن يعاد الفحص مرة أخرى بعد مرور فترة زمنية تختلف حسب الحالة‬
‫وحسب عمر المصاب وهي تتراوح مابين ست ساعات للبالغين وثمان‬
‫وأربعين ساعة (للطفال أقل من شهر)‪.‬‬

‫ماذا بعد تشخيص موت الدماغ‪:‬‬


‫إذا تم التشخيص والتأكد منه بواسطة الفريق الطبي المختص يتم إبلغ‬
‫المركز السعودي لزراعة العضاء‪ ،‬كما يتم إبلغ أهل المصاب‪.‬‬

‫يحاول فريق المركز السعودي لزراعة العضاء التفاهم مع الهل في أن‬


‫يأذنوا باستقطاع بعض العضاء الحيوية من متوفاهم لينقذوا بذلك مرضى أوشكوا‬
‫على حافة الخطر وأحدق بهم الموت‪ .‬فإذا أذن الهل بذلك يتم استقطاع العضاء‬
‫الحيوية مثل القلب‪ ،‬الكلى‪ ،‬الكبد‪ .‬وتزرع كل واحدة منها في شخص معين يعاني‬
‫من مرض خطير وفشل لوظيفة ذلك العضو‪.‬‬

‫وقد استطاعت المملكة العربية السعودية أن تكون سباقة في هذا المجال‬


‫حيث تم حتى نهاية عام ‪1995‬م زرع ‪ 731‬كلية من متوفين دماغيا ً كما تم زرع‬
‫‪ 64‬قلبا ً و‪ 84‬صماما قلبيا و‪ 94‬كبدا وثلث حالت زرع بنكرياس وحالتي زرع رئة‪.‬‬

‫أما إذا رفض الهل الموافقة على التبرع فإن الطباء ينبغي أن يوقفوا‬
‫المنفسة وفي خلل ثلث دقائق على الكثر يتوقف القلب والدورة الدموية‪ .‬وقد‬
‫أفتى مجمع الفقه السلمي في دورته الثالثة المنعقدة في عمان ‪ -‬الردن ‪-‬‬
‫‪1407‬هـ‪1986 /‬م حيث قرر المجمع أن الشخص يُعتبر ميتا إذا تبينت فيه إحدى‬
‫العلمتين التاليتين‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ إذا توقف قلبه وتنفسه توقفا ً تاماً‪ ،‬وحكم الطباء بأن هذا التوقف ل رجعة‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطل نهائيا‪ ،‬وحكم الطباء الختصاصيون‬
‫الخبراء بأن هذا التعطل ل رجعة فيه‪ ،‬وأخذ دماغه في التحلل‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة النعاش المركبة على الشخص‪ ،‬وإن كان‬
‫بعض العضاء ليزال يعمل آليا بفعل الجهزة المركبة‪.‬‬

‫وقد وافق المجمع الفقهي لرابطة العالم السلمي في دورته العاشرة‬


‫المنعقدة بمكة المكرمة (‪1408‬هـ) على رفع أجهزة النعاش وإيقافها متى تبين‬
‫بالفحوصات الطبية المؤكدة من قبل المختصين بأن هذا الشخص قد مات دماغيا‪.‬‬

‫وبهذه الفتاوى ظهر عهد جديد في ميدان الطب‪ .‬وهو تعريف موت الدماغ‬
‫طبيا ً وبداية قبول هذا المفهوم شرعيا‪ .‬ومن ثم انفتح باب زراعة العضاء من‬
‫المتوفين دماغيا‪ ،‬وأمكن إنقاذ مئات المرضى الذين يعانون من فشل نهائي‬
‫لعضائهم الحيوية الهامة وبالتالي تم إنقاذهم بإذن الله تعالى وبفضل التقدم‬
‫الطبي من موت محقق‪.‬‬
‫المراجع‬

‫‪ 1‬ـ إحياء علوم الدين باب حقيقة الموت ج‪.494-4/493‬‬


‫‪ 2‬ـ ابن القيم‪ :‬الروح ص‪.34‬‬
‫‪ 3‬ـ محمد بن محمد الغزالي‪ ،‬إحياء علوم الدين ج‪.495-4/493‬‬
‫‪ 4‬ـ كما ينقل عنه المام ابن القيم في كتابه الروح‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ مجلة مجمع الفقه السلمي الدورة الثالثة ‪1408‬هـ‪1987 /‬م مجلد ‪3‬ج‪/2‬‬
‫‪ 541-529‬الشيخ بكر أبو زيد‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ إحياء علوم الدين ج‪.461 /4‬‬
‫‪ 8‬ـ أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب المغازي) ابن ماجه في سننه وأحمد في‬
‫سنده‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ الروح لبي القيم ص‪.180‬‬
‫‪ 10‬ـ الروح ص‪.184‬‬
‫‪ 11‬ـ المصدر السابق (أخرجه الشيخان)‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ الروح ص‪.46‬‬
‫‪ 13‬ـ ابن رجب الخبيل جامع العلوم والحكم ص‪( 46‬دار المعرفة بيروت)‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ ابن القيم‪ :‬التبيان في أقسام القرآن ص‪.255‬‬
‫‪ 15‬ـ ابن حجر العسقلني‪ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب القدر ج‪/11‬‬
‫‪.482‬‬
‫‪ 16‬ـ أخرجه أبو داود ج‪ 83 /3‬والبيهقي ج‪.6/257‬‬
‫‪ 17‬ـ أخرجه ابن ماجه حديث رقم ‪.2751‬‬
‫‪ 18‬ـ الموسوعة الفقهية‪ ،‬وزارة الوقاف‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة الثانية‪1983 ،‬م‪ ،‬ج‬
‫‪.3/66‬‬
‫‪ 19‬ـ وهو أيضا قول المام مالك‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ يسمى هذا المفهوم المخالفة عند علماء الصول‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ المقصود بالحركة هنا الحركات الضطرارية مثل حركة الذبوح أو غيرها من‬
‫الحركات النعكاسية والتي قد تحدث حتى في حالت موت الدماغ وتعرف‬
‫بالفعال النعكاسية الشوكية‪.‬‬
‫‪ 22‬ـ‬
‫‪ 23‬ـ محمد المختار السلمي‪ :‬النعاش مجلة مجمع الفقه السلمي الدورة الثالثة‬
‫‪1987 /1408‬م مجلد ‪ 3‬ج‪.685 /2‬‬
‫‪ 24‬ـ محمد سليمان الشقر‪ :‬نهاية الحياة‪ ،‬ندوة الحياة النسانية والمنشور أيضا‬
‫في مجلة مجمع الفقه السلمي الدورة الثالثة ‪ 694‬مجلد ‪ 3‬ج‪.2/662‬‬
‫‪ 25‬ـ بدر الدين الزركشي‪ :‬المنشور في القواعد ج‪.2/105‬‬
‫‪ 26‬ـ الرملي‪ :‬نهاية المحتاج ج‪ ،16 ،15 /7‬نقل عن د‪.‬محمد نعيم ياسين‪ :‬نهاية‬
‫الحياة النسانية في ضوء اجتهادات علماء المسلمين‪ ،‬ندوة الحياة النسانية‬
‫الكويت والمنشورة أيضا في مجلة مجمع الفقه السلمي مجلد ‪ 3‬ج‪ 2‬ص‬
‫‪.660-635‬‬
‫‪ 27‬ـ المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 28‬ـ مفتي تونس الشيخ محمد المختار السلمي‪ :‬مجلة مجمع الفقه السلمي‬
‫الدورة الثالثة ‪ 1987‬مجلد ‪ ،3‬ج‪.694-685 /2‬‬
‫‪ 29‬ـ الزركشي‪ :‬المنثور في القواعد ج‪ ،105 /2‬نشر وزارة الوقاف‪ ،‬الكويت‬
‫الطبعة الولى ‪1402‬هـ‪1982/‬م‪.‬‬
‫‪ 30‬ـ د‪ .‬محمد نعيم ياسين‪ :‬نهاية الحياة النسانية في ضوء اجتهادات الفقهاء‪:‬‬
‫ندوة الحياة النسانية بدايتها ونهايتها‪ .‬منشورة أيضا في مجلة مجمع الفقه‬
‫السلمي العدد الثالث ج‪.660-635 /2‬‬
‫‪ 31‬ـ الحياء ج‪ 3/4‬أجهزة‪.‬‬
‫‪ 32‬ـ الشيخ بكر أبو زيد النعاش وحقيقة الوفاة بين الفقهاء والطباء‪ ،‬مجلة‬
‫مجمع الفقه السلمي‪ ،‬الدورة الثالثة‪ ،‬مجلد ‪ ،3‬ج‪.541-3/529‬‬
‫‪ 33‬ـ روضة الطالبين للمام النووي ج‪.2/98‬‬
‫‪ 34‬ـ د‪ .‬محمد الشقر‪ :‬نهاية الحياة (ندوة الحياة النسانية بدايتها ونهايتها)‬
‫ومنشورة أيضا في مجلة مجمع الفقه السلمي مجلد ‪ ،3‬ج‪.671-661 :3‬‬
‫‪ 35‬ـ حاشية ابن عابدين ج‪.572 /1‬‬
‫‪ 36‬ـ ندوة الحياة النسانية وهي منشورة في مجلة مجمع الفقه السلمي مجلد‬
‫‪ /3‬ج‪.721-189 /2‬‬
‫‪ 37‬ـ د‪ .‬وهبة الزحيلي‪ ،‬الفقه السلمي وأدلته‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت الطبعة الثانية‬
‫‪ ،1989‬ج‪.2/253‬‬
‫‪ 38‬ـ المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 39‬ـ منهاج الطالبين للنووي ج‪.104 ،103 ،4‬‬
‫‪ 40‬ـ المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 41‬ـ بدرالدين الزركشي‪ :‬المنشور في القواعد ‪.106 /2/‬‬
‫‪ 42‬ـ د‪ .‬محمد نعيم ياسين‪ :‬نهاية الحياة النسانية في ضوء اجتهادات الفقهاء‬
‫«ندوة الحياة النسانية» والمنشورة أيضا في مجلة مجمع الفقه السلمي‪ ،‬العدد‬
‫الثالث‪ ،‬ج‪.660-635 /2‬‬
‫‪PALLIS C: ABC OF BRAIN STEM DEATH, BMJ, 1983,-43‬‬
‫‪.REAPPRAISING DEATH 1-4‬‬
‫‪ 44‬ـ المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ 45‬ـ د‪.‬عصام الشربيني‪ :‬الموت والحياة بين الطباء والفقهاء «ندوة الحياة‬
‫النسانية»‪ ،‬الكويت‪ ،‬ومنشورة أيضا في مجلة مجمع الفقه السلمي ‪1408‬هـــ‪/‬‬
‫‪1987‬م العدد ج‪.587-573 /2‬‬
‫‪ 46‬ـ مصدر رقم ‪.43‬‬
‫‪ 47‬ـ انظر تفاصيل ذلك في كتابي‪ :‬موت القلب أو موت الدماغ‪ ،‬الدار السعودية‪،‬‬
‫جدة‪1986 ،‬م‪ ،‬فصل الروح ‪.57-37‬‬

‫الرئيس الدكتور محمد هيثم الخياط‪ :‬شكرا للخ الكريم الدكتور محمد علي‬
‫البار على عرضه الجيد والبحث الخير للخ الدكتور محمد مليباري فليتفضل‪:‬‬

You might also like