You are on page 1of 43

‫المراقبة‬

‫والمعاقبة‬ ‫*‬

‫التشريعات المقيدة‬
‫لحرية الجمعيات في‬
‫العالم العربي‬

‫د‪ .‬محمد حلمي عبد الوهاب‬


‫ل توجد دول تمثل فيها الجمعيات ضرورة ملحة لمنع استبداد "‬
‫الحزاب ‪ ،‬أ و تعسف السلطات ‪ ،‬م ن تل ك الموسوم ة بديمقراطية‬
‫نظامها الجتماعي‪ .‬ففي المم الرستقراطية تشكل طبقة‬
‫النبلء والثرياء بطبيعتها جمعيات قادرة على التدقيق في‬
‫تجاوزات النظام‪ .‬أما في الدول التي تنعدم فيها مثل هذه‬
‫الجمعيات‪ ،‬ويتعذر على أفرادها تكوين هياكل شبيهة‪ ،‬ولو كانت‬
‫مصطنعة أو مؤقتة‪ ،‬فليس ثمة حواجز بمقدورها أن تقف أمام‬
‫أي شكل من أشكال الستبداد‪ ،‬وحتى الشعب الكبير من الممكن‬
‫أ ن يقهر م ن قب ل حفن ة م ن الشخاص ‪ ،‬أ و حت ى م ن قب ل رجل‬
‫"واحد‬
‫دي‬ ‫ألكسيس‬
‫توكفيل‬
‫سياسي ومؤرخ وعالم اجتماع فرنسي‬

‫إن في استطاعة كل إنسان القيام بأي فعل‪ ،‬خيرا كان أو شرا‪" ،‬‬
‫فقط بالتشارك مع الخرين‪ .‬فليس ثمة درع أصلب من ذلك‬
‫للوقاية من الضطهاد‪ ،‬ول أداة أروع منه لتحقيق كبرى‬
‫"النجازات‬
‫بيار فالداك‬
‫صاحب فكرة قانون ‪1901‬‬
‫الفرنسي الخاص بالجمعيات‬
‫تقديم عام‬
‫م أي نظام سياسي بأنه نظام ديمقراطي؟ وهل يتوقف‬ ‫س َ‬
‫كيف يتأتى لنا أن ن َ ِ‬
‫ذلك‪ ،‬من ناحية ما‪ ،‬على اتساع رقعة منظمات المجتمع المدني فيه أم ل؟ وما‬
‫موقع كل من حرية تكوين الجمعيات والحق في التنظيم من منظومة‬
‫مؤسسات المجتمع المدني؟ وكيف هي وضعيتها في العالم العربي؟ وما أهم‬
‫التحديات والمعوقات التي تحول دون تفعيل هذا الحق في التنظيم في‬
‫منطقتنا العربية؟ وما طبيعة هذه المعوقات بالضبط‪ :‬هل هي محض معوقات‬
‫تشريعية‪ ،‬أم سياسية أمنية؟! وهل يصح أن نطلق على أنظمة سياسية تعيق‬
‫‪!.‬بدورها ولدة مثل هذه المنظمات صفة الديمقراطية؟‬
‫هذه بعض السئلة التي ستشغلنا طوال الدراسة‪ .‬فعلى الرغم من أن حرية‬
‫تكوين الجمعيات غير الحكومية والحق في التنظيم أمر يتردد كثيرا في‬
‫العلنات والمواثيق الدولية‪ ،‬مثلما يتردد أيضا ضمن تضاعيف الدساتير الخاص‬
‫بأغلب الدول العربية‪ ،‬إل أن الممارسة الفعلية لهذا الحق أبعد ما تكون عن‬
‫‪.‬روح النصوص وتشريعاتها‬
‫فعلى المستوى الول (المواثيق الدولية)‪ ،‬اعتبرت المادة رقم (‪ )20‬من العلن‬
‫العالمي لحقوق النسان‪ ،‬والمادة رقم (‪ )22‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية‪ :‬أن حرية تكوين الجمعيات هي حرية ل يمكن فصلها عن‬
‫الحريات الخاصة بحرية الرأي والتعبير والعلم‪ ،‬وأنها مكون أساسي وعنصر‬
‫حاسم في أي عملية إصلح ديمقراطي‪ ،‬إذ ل إمكانية من دونها لوجود‬
‫الديمقراطية‪ ،‬فضل عن أنها بمثابة المؤشر والمقياس الحقيقي لوضعية‬
‫‪.‬الحريات الساسية في أي نظام سياسي‬ ‫()‬

‫وفيما تقرر المادة رقم (‪ )20‬من العلن العالمي لحقوق النسان أن لكل‬
‫شخص الحق في حرية الشتراك في الجتماعات والجمعيات السلمية‪ ،‬تنص‬
‫المادة رقم (‪ )23‬على أن لكل شخص الحق في أن يؤسس مع آخرين نقابات‪،‬‬
‫وأن ينخرط فيها للدفاع عن مصالحه‪ .‬أما المادة رقم (‪ )22‬من العهد الدولي‬
‫الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬فتقر هي الخرى بأن لكل فرد الحق في‬
‫حرية تكوين الجمعيات مع آخرين‪ ،‬بما في ذلك حق إنشاء النقابات والنضمام‬
‫‪.‬إليها من أجل حماية مصالحه‬
‫وإلى جانب ذلك‪ ،‬أعاد إعلن الجلسة العامة للمم المتحدة حول حق‬
‫ومسؤلية الشخاص والجماعات وهيئات المجتمع من أجل تعزيز وحماية‬
‫حقوق النسان والحريات الساسية المعترف بها عالميا‪ ،‬أعاد التأكيد على حق‬
‫المواطنين في التشارك الحر‪ ،‬وخاصة من أجل حماية وتحقيق الحقوق‬
‫والحريات الساسية‪ .‬كما أعاد الشارة إلى أن المسئولية الرئيسية في تعزيز‬
‫‪.‬وحماية الحقوق والحريات الساسية إنما تعود للدولة‬
‫أيضا‪ ،‬أعاد الفصل الخامس من العلن ذاته التأكيد على الحق في "اللتقاء"‬
‫والتجمع السلمي‪ ،‬وتشكيل المنظمات غير الحكومية‪ ،‬أو روابط الجماعات‪،‬‬
‫وبما يشمل النضمام إليها والشتراك فيها‪ ،‬والتصال بالمنظمات غير‬
‫‪.‬الحكومية أو بالمنظمات الحكومية الدولية‬
‫كما تنص المادة رقم (‪ )7‬من التفاقية الخاصة بالقضاء على كافة أشكال‬
‫التمييز ضد المرأة‪ ،‬على حقها في المشاركة ضمن المنظمات والجمعيات غير‬
‫الحكومية التي تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد‪ )(.‬فضل عن أن اتفاقيات‬
‫منظمة العمل الدولية تحمي بدورها حرية تكوين الجمعيات‪ ،‬خاصة التفاقية‬
‫المتعلقة بالحريات النقابية‪ ،‬وحماية الحق النقابي‪ ،‬وحق العمال والموظفين‬
‫في النتساب إلى منظمات أو تأسيسها‪ ،‬والعمل دون تدخلت أو قيود مسبقة‬
‫‪.‬من قبل الدولة‬
‫وإلى جانب ذلك‪ ،‬ثمة منظومة الليات القليمية لحقوق النسان الخاصة‬
‫بالمنطقة الورو‪-‬متوسطية‪ ،‬والتي تنص على حماية الحق في تكوين‬
‫الجمعيات ومن بينها‪ :‬التفاقية الوروبية لحماية حقوق النسان وبروتوكولتها‬
‫الضافية (الفصل رقم ‪ ،)11‬والمعايير المرجعية للتحاد الوربي المتعلقة‬
‫بالمدافعين عن حقوق النسان‪ ،‬والشرعة الفريقية لحقوق النسان والشعوب‬
‫‪((.‬الفصل رقم ‪10‬‬

‫هذا بالضافة إلى إعلن المبادئ والمعايير المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات‬
‫في البلد العربية‪ ،‬والذي أكد على أهمية صيانة مكتسبات الحق في التنظيم‬
‫من أجل تحقيق التنمية البشرية المستدامة‪ ،‬ورفع اهتمام المواطن بالشؤون‬
‫العامة‪ .‬وكذلك إعلن الدار البيضاء لحركة حقوق النسان في العالم العربي (‬
‫‪ )()1999‬حيث ينص في البند رقم ‪ 3‬من توصياته على ضرورة "الضغط من أجل‬
‫إصلح التشريعات العربية‪ ،‬وبخاصة تلك التي تتعارض مع حريات الرأي‬
‫والتعبير(‪ )...‬ومطالبة الحكومات العربية بتقنين حق التجمع والتنظيم السلمي‬
‫لكافة الجماعات الفكرية والسياسية‪ ،‬وذلك في إطار قانون ودستور‬
‫ديمقراطي"‪ )(.‬وكذلك فيما يتعلق بإعلن الدار البيضاء الثاني والذي صدر في‬
‫تشرين الول سنة ‪ )(.2000‬وأيضا إعلن بيروت للحماية القليمية لحقوق‬
‫‪.‬النسان في العالم العربي‪2003 ،‬‬
‫()‬

‫هذا ويتضمن الحق في تكوين الجمعيات كل من‪ :‬حق الفراد في النتساب‪ ،‬أو‬
‫تكوين‪ ،‬أو الستقالة‪ ،‬من أي مجموعة أو جمعية أو شركة‪ ،‬أيا كان سمتها‬
‫القانوني‪ .‬ويستوجب ذلك امتناع الدولة عن التدخل عند تكوين الجمعية وأثناء‬
‫قيامها بنشاطها‪ ،‬فيما يتوجب عليها فقط توفير وضمان بيئة تساعد على‬
‫إعمال وتفعيل هذه الحرية‪ )(.‬حيث تنص المادة رقم (‪ )8‬من العهد الدولي‬
‫الخاص بالحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية على أن‪" :‬تتعهد الدول‬
‫‪:‬الطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي‬
‫حق كل شخص في تكوين النقابات بالشتراك مع آخرين‪ ،‬وفي ‪49‬‬
‫النضمام إلى النقابة التي يختارها دونما قيد سوى قواعد المنظمة‬
‫‪...‬المعنية‪ ،‬على قصد تعزيز مصالحه القتصادية والجتماعية وحمايتها‬
‫حق النقابات في إنشاء اتحادات حلفية قومية‪ ،‬وحق هذه التحادات ‪50‬‬
‫‪.‬في تكوين منظمات نقابية دولية أو النضمام إليها‬
‫()‬

‫ويرتبط الحق في التشارك وتكوين الجمعيات بصورة بارزة بباقي الحقوق‬


‫المدنية والسياسية الخرى‪ .‬والتي تعد بمثابة رافعات أساسية لتعزيز وحماية‬
‫الحقوق القتصادية والجتماعية والثقافية‪ ،‬والعكس صحيح أيضا‪ .‬إذ يرتبط‬
‫التطبيق الكامل للحقوق المدنية والسياسية بدرجة التمتع بالحقوق القتصادية‬
‫‪.‬والجتماعية والثقافية‬
‫هذا على الجانب النظري‪ ،‬أما على الجانب التطبيقي فإن ثمة انتهاكات‬
‫خطيرة وتجاوزات مباشرة من كل نوع تتم للنيل من حرية تكوين الجمعيات‬
‫في أغلب الدول العربية‪ .‬فعلى الرغم من كثرة الخطابات الرسمية حول‬
‫حماية حقوق النسان وسيادة حكم القانون‪ ،‬تبقى وضعية حقوق النسان‬
‫عامة‪ ،‬وحرية الجمعيات والحق في التنظيم بصفة خاصة‪ ،‬مثيرة للقلق‬
‫المتزايد من جانب المنظمات الحقوقية الدولية‪ .‬حيث تواصل معظم الدول‬
‫العربية‪ ،‬ومنذ أحداث الحادي عشر من أيلول‪/‬سبتمبر‪ 2001‬على وجه الخصوص‪،‬‬
‫وضع استراتيجيات قمعية للحد من حرية تكوين الجمعيات‪ ،‬وحرية التجمع‪،‬‬
‫‪!!.‬وحرية الرأي والتعبير‪ ،‬متذرعة في ذلك بذريعة مكافحة الرهاب‬
‫غير أن الملمح البرز في هذا السياق‪ ،‬هو ما يتبدى للعيان من أن كل من‬
‫انتهاكات حقوق النسان وإنكار العدالة إنما يشكلن ممارسة تسير جنبا إلى‬
‫جنب مع كافة الشكال الخرى للتحرش‪ ،‬والضغط‪ ،‬والختطاف‪ ،‬والعنف‪ ،‬تجاه‬
‫كل مظهر من مظاهر الحتجاج أو المعارضة‪ .‬ورغم تحقق بعض المكتسبات‬
‫الضئيلة في كل من المغرب ولبنان‪ ،‬إل أنها بقيت مع ذلك نسبية واعتباطية‬
‫‪.‬في نواح عدة‬
‫والحال‪ ،‬إن تأزم الصراع الفلسطيني‪-‬السرائيلي وتصلب السياسة القمعية‬
‫لسرائيل‪ ،‬فضل عن تدهور الوضاع في غزة‪ ،‬وبشكل أقل في باقي الراضي‬
‫الفلسطينية‪ ،‬إضافة إلى تبعات الغزو المريكي للعراق وتضاعف العمليات‬
‫الرهابية‪ ،‬كل ذلك يعد بمثابة عوامل ساهمت في انعدام تحقق المن لمعظم‬
‫شعوب المنطقة‪ .‬ومثل هذا المشهد الذي يبدو مغرقا في السوداوية‪ ،‬مطابق‬
‫تماما‪ ،‬وفي واقع المر‪ ،‬لما أجمعت على معاينته تقارير أكبر منظمات‬
‫‪.‬ومؤسسات حقوق النسان الدولية‬
‫وجراء هذا الوضع الذي يزداد قتامة‪ ،‬ل تزال منظومة الحريات الفردية تعاني‬
‫من منظومة تشريعات وتقييدات بالغة التعسفية في أغلب الدول العربية‪.‬‬
‫خاصة‪ ،‬في كل من ليبيا وتونس وسوريا والسعودية‪ .‬كما أن احتكار دولة‬
‫الحزب الواحد المهيمن ذي الصلحيات المطلقة‪ ،‬بكل ما يستتبع ذلك من‬
‫اعتباطية‪ ،‬أدت فيما أدت إلى تعزيز إخضاع المواطنين لقوة الطاعة‪ ،‬وبصفة‬
‫خاصة في كل من مصر وسوريا‪ .‬إذ ل تزال حالة الطوارئ سارية المفعول‬
‫حتى الن في كل من‪ :‬الجزائر (منذ عام ‪ )1963‬ومصر (منذ عام ‪ )1981‬وسوريا‬
‫(منذ عام ‪ )1962‬مبررا لتخاذ التشريعات القمعية وإدامة العمل بالقوانين‬
‫‪.‬الستثنائية‬
‫ستركز دراستنا هنا على بحث وضعية حرية تكوين الجمعيات والحق في‬
‫التنظيم في العالم العربي من خلل عرض وتحليل أهم التشريعات الصادرة‬
‫في هذا السياق‪ ،‬مع تشريح الواقع العملي لهذه الوضعية في دول‪ :‬مصر‬
‫وسوريا وتونس والبحرين‪ ،‬كنماذج شارحة انتهاءً بتقديم مجموعة من‬
‫‪.‬التوصيات الختامية‬

‫‪:‬أول‪ :‬وضعية الحق في التنظيم في العالم العربي‬


‫كان من الطبيعي أن تواجه المكونات المستقلة للمجتمع المدني ‪ ،‬من‬
‫نشطاء حقوقيين ونقابيين وقضاة ومحاميين ومناضلت نسويات على‬
‫المستوى القليمي في ظل الوضاع العربية السياسية والقتصادية‪،‬‬
‫الجتماعية والثقافية السائدة أكثر أشكال القمع تنوعا‪ .‬حيث تأثرت العملية‬
‫الديمقراطية‪ ،‬وإلى حد كبير‪ ،‬بالنحرافات الخانقة للحريات تحت غطاء‬
‫مكافحة الرهاب‪ ،‬وسعى أغلب السلطات العربية إلى تجنب بعث جمعيات‬
‫مستقلة تقف لنتهاكاتها بالمرصاد‪ ،‬وذلك عبر تشريعات غير دستورية‪،‬‬
‫‪.‬وممارسات إدارية تعسفية‬
‫وبالتالي‪ ،‬تخضع الجمعيات القانونية المستقلة إلى تحرش بوليسي دائم‬
‫وقضائي غالبا ما يتراوح بين المراقبة المنية‪ ،‬وتخريب المقررات‪ ،‬مرورا بمنع‬
‫الجمعيات من عقد مؤتمراتها أو اجتماعاتها الدورية‪ ،‬وليس انتهاء بحلها والزج‬
‫‪.‬بأعضاء مجلس إداراتها في غياهب المعتقلت والسجون‬
‫ومن خلل استعراضنا لجملة التشريعات الخيرة التي صدرت في العالم‬
‫العربي‪ ،‬والمتعلقة بصفة خاصة بحرية تنظيم مؤسسات المجتمع المدني وما‬
‫رافقها من تطبيق عملي على أرض الواقع‪ ،‬يتضح لنا أن هذه التشريعات‬
‫المنظمة للحق في تكوين الجمعيات تكرس في الغالب لمنطق الهيمنة‬
‫والنفوذ الحكومي على مقادير العمل الهلي‪ .‬حيث يرتهن الحق في تأسيس‬
‫الجمعيات والمنظمات الحقوقية في غالبية البلدان العربية بالحصول على‬
‫ترخيص مسبق من جانب الحكومة ممثلة في وزارات الداخلية حينا ووزارات‬
‫الشؤون الجتماعية حينا آخر‪ ،‬ومن خلف الكوابيس تقف هنالك بالطبع أجهزة‬
‫‪.‬مباحث أمن الدولة‬
‫وفي الواقع‪ ،‬تحفل التشريعات العربية بالعديد من المحظورات التي‬
‫يستعصى ضبطها قانونا‪ ،‬وتشكل مدخل متجددا لحجب التراخيص عن‬
‫الجمعيات الهلية‪ ،‬أو حل وإغلق ما هو قائم منها بالفعل‪ .‬كما تتسع هذه‬
‫المحظورات لتشمل كل ما يمكن تأويله من أهداف وأنشطة على أنه يشكل‬
‫تهديدا للمن العام‪ ،‬أو السلم الجتماعي‪ ،‬أو الوحدة الوطنية والمصلحة‬
‫العامة‪ ،‬أو لستقرار المجتمع‪ ،‬أو يمثل مساسا بالمقدسات الدينية والسياسية‬
‫على حد سواء‪ .‬وبالمثل كل ما يمكن تأويله على أنه يعبر بشكل أو بآخر عن‬
‫‪!!.‬انخراط فعلي في العمل السياسي أو الحزبي‪ ،‬أو حتى النقابي‬
‫وفضل عن ذلك‪ ،‬تتمتع جها ت الدار ة التابع ة للسلطة التنفيذية في‬
‫من لها التدخل في التفصيلت‬ ‫أغلب البلدان العربية بصلحيات واسعة تُؤّ ِ‬
‫الدقيقة للعمل اليومي للجمعيات ولخططها المستقبلية وأنشطتها النية‪ .‬حيث‬
‫ل تزال تفرض التشريعات الحالية قيودا صارمة على حق الجمعيات في جمع‬
‫التبرعات العينية والمادية‪ ،‬أو تلقي منحا خارجية من دون الحصول على‬
‫‪.‬موافقة الجهزة الدارية‪ ،‬والمنية بصفة خاصة‬
‫إلى هذا الحد تبدو الصورة أكثر قتامة‪ ،‬خاصة بالنسبة للمؤسسات الحقوقية‬
‫والناشطين العاملين في مجال الدفاع عن حقوق النسان والحريات‬
‫السياسية‪ .‬إذ يجري التوسع في توظيف (وتفصيل) التشريعات المقيدة لحرية‬
‫تكوين مثل هذه المؤسسات وحرية الجتماع جنبا إلى جنب مع مختلف‬
‫التشريعات الستثنائية المقيدة أيضا لحرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات‪،‬‬
‫كقانون الطوارئ وقوانين مكافحة الرهاب‪ ،‬بغية التنكيل بهذه المؤسسات‬
‫والقائمين عليها‪ .‬مثلما يشيع كثيرا اللجوء إلى النصوص العقابية الفضفاضة‬
‫‪.‬في ملحقة ومحاكمة مثل هذه المؤسسات والنشطاء الحقوقيين‬
‫وفي كل الحوال‪ ،‬تبقى المغرب إلى جانب لبنان‪ ،‬الكثر تسامحا مع‬
‫مؤسسات المجتمع المدني من بين كافة الدول العربية‪ .‬وذلك في ظل آليات‬
‫تطوير وتحديث منظومتها التشريعة في فضاء حقوق النسان بصفة خاصة‬
‫منذ منتصف التسعينيات‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬كانت هناك بعض الهفوات من مثل‬
‫إحالة أربعة من أعضاء "الجمعية المغربية لحقوق النسان" إلى المحاكمة في‬
‫مايو ‪ 2007‬بتهمة "المساس بالمقدسات" وحكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح ما‬
‫بين سنتين وثلث سنوات بسبب المشاركة في تظاهرة سلمية إبان احتفالت‬
‫ت خللها هتافات وشعارات معادية للنظام اعتبرتها‬ ‫ُ‬
‫عيد العمال أطلق ْ‬
‫‪.‬السلطات تشكل مساسا بشخص "الملك" وب "النظام الملكي" في االبلد‬
‫بقي أن نشير إلى أننا سنكتفي هنا بعرض وضعية حرية الجمعيات والحق في‬
‫التنظيم في كل من‪ :‬مصر وسوريا وتونس والبحرين‪ ،‬وإن كان هذا ل يعني‬
‫بطبيعة الحال أن أوضاع حرية التنظيم في باقي بلدان المنطقة أفضل حال‪.‬‬
‫فأغلب دول الخليج‪ ،‬وكذلك الجماهيرية الليبية‪ ،‬ل تفسح تشريعاتها القائمة‬
‫مجال لمنظمات حقوق النسان ونشطاء المجتمع المدني‪ ،‬وإنما تعمل على‬
‫التنكيل بهما معا‪ .‬كما أن خضوع الجزائر لسنوات طوال تحت قبضة‬
‫العسكريين أدى‪ ،‬فيما أدى‪ ،‬إلى إضعاف مؤسسات المجتمع المدني بها إلى‬
‫‪.‬حد كبير‬
‫()‬

‫وبالمثل ل يزال المجتمع المدني السوداني متأثرا هو الخر بدرجة كبيرة‬


‫بإجراءات مصادرة الحياة السياسية والجمعاتية هناك‪ ،‬والتي استمرت‬
‫لسنوات عجاف من بعد الطاحة بالحكم المدني سنة ‪ .1989‬كما ل تزال‬
‫مؤسسات المجتمع المدني في البلدان التي تشهد نزاعات مسلحة‪،‬‬
‫كفلسطين والعراق عرضة للهجوم العنيف وباستمرار‪ ،‬سواء تحت تأثير‬
‫‪.‬الحتلل أو تحت تأثير القتتال الهلي الدائر هناك‬
‫ويمكن إيجاز مجمل العوائق والتحديات التي تقف في وجه حرية تكوين‬
‫‪ :‬الجمعيات والحق في التنظيم في العالم العربي في النقاط التالية‬
‫()‬

‫استحالة المراهنة على أي انفتاح أو إصلحات تقضي بإعمال حق ‪51‬‬


‫‪.‬تكوين الجمعيات في ظل سيادة القوانين الستثنائية وحالة الطوارئ‬
‫على الرغم من وجود ضمانات دستورية في أغلب الدساتير العربية‪ ،‬إل ‪52‬‬
‫أنه يوجد في المقابل ترتيبات تشريعية تقي ّ د بشكل منهجي التمتع‬
‫بالحريات‪ ،‬وهما يتكاملن معا لتشكيل عائق في مجال حق تكوين‬
‫‪.‬الجمعيات‬
‫تتكرر التدخلت المباشرة لسلطات الشراف في إدارة وترتيب ‪53‬‬
‫الجمعيات‪ ،‬وتتراوح ما بين حضور أعوان المن وتنظيم انقلبات فعلية‬
‫باستعمال القوة لزاحة قياديين في الجمعيات من مسؤلياتهم والسعي‬
‫لغلق مقراتهم‪ ،‬مرورا بالدخول في إجراءات قضائية معقدة من قبل‬
‫أعضاء بارزين في الحزب الحاكم‪ ،‬مما يضطر النشطاء إلى إنشاء‬
‫هياكل ذات صبغة تجارية (شركات) لللتفاف على الصعوبات والموانع‬
‫‪.‬المفروضة على الجمعيات‬
‫عادة ما تترافق العوائق أمام الحق في التنظيم مع كبح وسائل العلم ‪54‬‬
‫‪.‬والصحافة‬
‫هناك خلط متعمد ما بين التشريعات المتعلقة بالجمعيات وتلك الخاصة ‪55‬‬
‫بالحزاب السياسية لمنع أي تطور حقيقي للتعددية الحزبية الزائفة‪.‬‬
‫فمنع الجمعيات من تعاطي أنشطة سياسية‪ ،‬ووضعها تحت طائلة الحل‬
‫‪".‬أو المنع يعد تهديدا خطيرا نظرا لغموض مفهوم "النشاط السياسي‬
‫أخيرا هناك التضاعف المنهجي لعدد الجمعيات والمنظمات ذات الولء ‪56‬‬
‫الكامل للحكومات في الدول الوتوقراطية ذات الطابع الشمولي‪،‬‬
‫وذلك على حساب الجمعيات غير الحكومية التي تواجه وابل من‬
‫‪.‬التحديات والمعوقات البيروقراطية والمنية‬

‫‪:‬ثانيا‪ :‬التشريعات الخاصة بالحق في التنظيم‬


‫على الجانب التشريعي‪ ،‬تقع حرية تكوين الجمعيات في مرتبة المبدأ‬
‫الدستوري لدى أغلب الدول العربية‪ .‬حيث تقر معظم دساتيرها بحرية‬
‫تكوين الجمعيات‪ ،‬وإن تفاوتت من حيث درجة الوضوح وحسب صياغات‬
‫تقليدية شيئا ما‪ .‬فأكثر القوانين تحررية في مستوى النص‪ ،‬مثل لبنان وتونس‬
‫والجزائر والمغرب‪ ،‬تعْتَمد كلها‪ ،‬وبصورة لفتة ودارجة‪ ،‬عبارة "حرية‬
‫‪.‬الجمعيات"‪ ،‬والتي تتضمن جملة الحقوق الفردية والجماعية‬
‫وبعض الصياغات الخرى‪ ،‬كتلك المستعملة مثل في مصر والردن وفلسطين‪،‬‬
‫تعتد أكثر تقييدية مثل‪ :‬حرية تكوين الجمعيات‪ ،‬فيما ل يتعرض الدستور‬
‫السوري نهائيا لهذا الموضوع‪ ،‬وإنما يتحدث فقط عن حرية الجتماع والتظاهر‬
‫‪.‬السلمي‬
‫المفارقة هنا تكمن في أن الدستور السوري‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬يخصص‬
‫العديد من مواده لجمعيات خاصة‪ ،‬لحزب البعث (المادة رقم ‪ ، )8‬والجمعيات‬
‫الشعبية والتعاضديات (المادة رقم ‪ ،)9‬والمنظمات النقابية والجتماعية‬
‫‪(.‬والمهنية (المادة رقم ‪ ،)48‬والمنظمات الشعبية (المادة رقم ‪49‬‬

‫ضع بعض الدساتير الخرى إعمال حق تكوين الجمعيات‬‫خ ِ‬


‫وفي مقابل ذلك‪ ،‬ت ُ ْ‬
‫لوجوب احترام المبادئ السياسية‪ ،‬والتي تتفاوت في دقتها ومعروضة كقيم‬
‫دستورية من مثل‪" :‬نظام المجتمع" في مصر‪ ،‬أو "بناء المجتمع العربي‬
‫‪.‬الشتراكي والدفاع عن نظامه" في سوريا‬
‫غير أن القاسم المشترك بين هذه الدساتير جميعا‪ ،‬يتمثل في أنها جميعا‬
‫ضعُ حرية تكوين الجمعيات للحدود المضبوطة بالقانون‪ .‬ومن خلل هذا‬ ‫خ ِ‬
‫تُ ْ‬
‫الشرط‪ ،‬أو الثغرة القانونية‪ ،‬تسعى أغلب النظمة العربية للنيل من حرية‬
‫تكوين الجمعيات والحق في التنظيم عبر فرض المزيد من القيود على‬
‫‪.‬الجمعيات ما يمثل انتهاكا لهذه الحرية الساسية‬
‫ومع أن العتراف بالصيغة الدستورية لحدى الحريات الساسية له فائدة‬
‫عملية‪ ،‬إل أن ذلك ل يتحقق إل في البلدان التي تتوفر فيها آلية مراقبة‬
‫لدستورية القوانين‪ .‬ففي مصر‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أصدرت المحكمة‬
‫الدستورية العليا() بتاريخ ‪ 1‬تموز سنة ‪ 2000‬قرارا يعتمد مبدأ دستورية‬
‫الحرية في تكوين الجمعيات‪ ،‬وإلغاء قانون الجمعيات المصري رقم ‪153‬‬

‫‪.‬المصدق عليه من قبل البرلمان المصري سنة ‪1999‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬ل تعتبر الشريعة‪ ،‬أو القانون السلمي‪ ،‬في الدول‬
‫العربية مصدرا للتشريع في مجال تكوين الجمعيات‪ ،‬وذلك باستثناء ما يتعلق‬
‫بالوقاف السلمية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬نلحظ تأثيرا بارزا للقانون المصري‬
‫الخاص بالجمعيات (‪ )1952‬على سائر التشريعات العربية الخرى‪ .‬حيث احتل‬
‫هذا القانون مرتبة المرجع في التشريع لعدد كبير من الدول العربية‪ ،‬كسوريا‬
‫والردن والراضي الفلسطينية‪ .‬وللسف الشديد‪ ،‬اعتبر هذا التأثير نموذجا في‬
‫إرساء النتهاكات الصارخة لحرية الجتماع‪ ،‬واعتمد طويل في التبرير القانوني‬
‫‪.‬لقمع منظمات المجتمع المدني‬
‫في سياق آخر‪ ،‬ساهم كل من‪ :‬ضعف دولة القانون والسلط الديمقراطية‬
‫والمؤسسية المضادة (البرلمانات المنتخبة‪ ،‬والقضاء المستقل) ‪ ،‬على إطلق‬
‫العنان للسلطات التنفيذية‪ ،‬وللعتبارات المنية‪ ،‬في مختلف البلدان العربية‬
‫لتقييد حرية الجمعيات ومخالفة القانون‪ .‬فضل عن التذرع الساسي بمكافحة‬
‫‪.‬الرهاب والصولية الدينية المنظمة لتبرير قمع المنظمات أمام الرأي العام‬
‫ت على كل من‪ :‬المستوى‬ ‫ومع ذلك هناك بعض التحسينات التي أُد ْ ِ‬
‫خل ْ‬
‫التشريعي‪ ،‬والمستوى القضائي‪ ،‬وعلى صعيد عودة الهتمام بالمجتمع‬
‫المدني‪ .‬فعلى المستوى الول‪ ،‬تخطى التشريع اللبناني محاولتين استهدفتا‬
‫تحوير قانون الجمعيات في اتجاهات أكثر تقييدية‪ ،‬خاصة من خلل اقتراح‬
‫استبدال الحرية في تأسيس الجمعيات بنظام الترخيص المسبق‪ .‬وفي‬
‫المغرب وفلسطين تم إقرار قانونين بخصوص الجمعيات يمكن اعتبارهما أكثر‬
‫‪.‬تحررا من سابقيهما‬
‫أما على المستوى القضائي‪ ،‬فقد لعب القضاء دورا رئيسا في ضبط‬
‫تعريف حق وحرية تكوين الجمعيات وحمايتها من التدخلت الدارية‪ ،‬بل‬
‫والتشريعية أيضا‪ ،‬الساعية للنتقاص منها‪ .‬ويكفي للتدليل على ذلك الشارة‬
‫للدوار التي لعبها كل من مجلس الدولة ومحكمة النقض في لبنان‪،‬‬
‫والمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة في مصر‪ .‬أما على صعيد‬
‫المجتمع المدني‪ ،‬فقد تم تصعيد وتعبئة الجهود في العديد من البلد العربية‬
‫من أجل حماية وتطوير قوانين الجمعيات‪ ،‬وبصفة خاصة في كل من مصر‬
‫‪.‬والمغرب ولبنان‬

‫ثالثا‪ :‬وضعية حرية الجمعيات والحق في التنظيم في العالم‬


‫‪:‬العربي‬
‫مصر (‪)1‬‬
‫على رغم تأكيد المحكمة الدستورية العليا أن "حق المواطنين في تكوين‬
‫الجمعيات الهلية هو فرع من حرية الجتماع ويتعين أن يتمخض عن تصرف‬
‫إرادي حر ل تتدخل فيه الجهة الدارية ويستقل عنها"‪ .‬ل تزال الحكومة‬
‫المصرية تمارس كافة أشكال الوصاية والهيمنة على العمل الهلي‪ ،‬عبر‬
‫سلسلة من التشريعات المتتالية تعمل على محاصرة العمل الهلي‪ ،‬وتفتح‬
‫المجال واسعا أمام التدخلت التعسفية من قبل الجهزة المنية والدارية‬ ‫‪.‬‬

‫واقعيا‪ ،‬ل تزال تخضع الجمعيات المصرية إلى نوعين من التشريع‬ ‫‪:‬‬

‫متبنى خلل العهد الناصري‪ ،‬وهو القانون رقم لسنة‬


‫‪1954‬‬ ‫‪49‬‬ ‫الول‪ :‬القانون ال ُ‬ ‫‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬حالة الطوارئ المعلنة في البلد منذ اغتيال السادات عام‬


‫‪1981‬‬ ‫‪.‬‬

‫فقد وسع قانون الحقبة الناصرية من سلطات وزارة الشؤون الجتماعية‬


‫هذه الوزارة‬ ‫لتشمل الجمعيات الهلية‪ .‬ولحقا‪ ،‬منح القانون رقم لسنة‬
‫‪1956‬‬ ‫‪384‬‬

‫الحق في حل الجمعيات‪ .‬أما في عام ‪ ،‬فقد وضع القانون رقم لسنة‬


‫‪1964‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪1964‬‬

‫الجمعيات تحت رعاية وزارة الشؤون الجتماعية مباشرة‪ ،‬ثم تم توثيق ذلك‬
‫فيما بعد بكل من‪ :‬القانون رقم المتبنى سنة ‪ ،‬والقانون رقم لعام‬
‫‪2000‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪153‬‬ ‫‪.‬‬
‫تبنى البرلمان المصري القانون رقم والذي شدد من القيود‬
‫‪84‬‬ ‫وفي عام‬ ‫‪2002‬‬

‫المفروضة على حرية تأسيس الجمعيات المنصوص عليها في القوانين‬


‫الجمعيات على‬ ‫لسنة‬
‫‪2002‬‬ ‫‪ .‬حيث ألزم القانون‬
‫‪84‬‬ ‫و‬ ‫السابقة لعامي‬
‫‪1999‬‬ ‫‪1964‬‬

‫الخضوع للرقابة الرسمية لوزارة الشؤون الجتماعية‪ ،‬والتي سميت بوزارة‬


‫التضامن الجتماعي فيما بعد‪ ،‬علوة على رقابة الجهات المنية‬ ‫‪.‬‬

‫ورغم مصادقة مصر على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬


‫‪ ،‬إل أن الحكومات المصرية المتعاقبة أَدخلت‬ ‫والسياسية منذ العام‬
‫‪1982‬‬

‫جملة من اللتزامات‬ ‫لسنة‬


‫‪2002‬‬ ‫‪ ،‬والقانون‬
‫‪84‬‬ ‫لسنة‬ ‫بالقانون رقم‬
‫‪1999‬‬ ‫‪153‬‬

‫والعقوبات التي تهدف إلى الحد من جمعيات الدفاع عن حقوق النسان ومن‬
‫ثم إخضاعها لرقابة الجهات المنية والجهزة الدارية‪ .‬مع أن العديد من‬
‫الجراءات التي تم اتخاذها ضد عدد من منظمات حقوق النسان المصرية‬
‫تخالف أيضا ً توصيات جامعة الدول العربية فيما يتعلق بالتعديل التشريعي‬
‫المتعلق بحرية التجمع في الوطن العربي‬ ‫()‬
‫‪.‬‬

‫جمعية تعمل نسبة ‪%‬‬


‫‪75‬‬ ‫في مصر الن يقارب عدد الجمعيات المسجلة‬
‫‪22000‬‬

‫منها في المجال الجتماعي‪ ،‬خاصة في الصحة والتعليم‪ ،‬فيما تهتم نسبة ‪%‬‬
‫‪20‬‬

‫منها بالتطوير والتدريب بشكل عام‪ .‬وتتمتع وزارة التضامن الجتماعي‬


‫بصلحيات شتى من بينها‪ :‬حصول الجمعيات منها على إذن مسبق قبل كل‬
‫اجتماع أ و نشاط أو إنفاق أ و صرف شيك أو السفر إل ى الخارج أ و دعوة‬
‫شخص من الخارج لحضور إحدى فعالياتها أو إصدار نشرات‪...‬إلخ‬ ‫‪.‬‬

‫أما جهات المن‪ ،‬فتتدخل هي الخرى في قبول المنح أو رفضها‪ ،‬والسماح‬


‫بالترخيص من عدمه‪ ،‬وتعيين بعض الشخاص في مجلس الدارة مقابل‬
‫الحصول على الموافقة بالتسجيل‪ .‬كما أن للوزارة ولجهات المن الحق أيضا‬
‫في رفض بعض العضاء‪ ،‬أو حل مجلس إدارة الجمعية‪ .‬فيما تتعرض‬
‫المؤسسات غير المصرح بها إلى الغلق وعقوبات تتراوح ما بين الغرامة‬
‫والسجن‬ ‫‪.‬‬

‫على‬ ‫لسنة‬
‫‪2002‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬تحظر المادة رقم ( ) من القانون‬
‫‪84‬‬ ‫‪11‬‬

‫الجمعيات ممارسة نشاطاتها في المجالت العسكرية‪ ،‬أو المجالت التي‬


‫يمكن أن تهدد الوحدة الوطنية‪ ،‬أو النظام العام‪ ،‬أو الخلق العامة‪ ،‬أو‬
‫النشطة المحرضة على التفرقة ما بين المواطنين‪ .‬كما أن الجمعيات ليس‬
‫لها من حق في ممارسة أية نشاطات سياسية أو نقابية‪ ،‬على اعتبار أنها من‬
‫اختصاص النقابات والحزاب السياسية‪ .‬وفي السياق ذاته‪ ،‬يحظر قيام‬
‫الجمعيات بأية حملت لستطلع الرأي‪ ،‬أو تدشين أية تكتلت‪ ،‬أو دعم الفئات‬
‫التي تتعرض لنتهاكات حقوقها السياسية أو الجتماعية أو القتصادية‬ ‫‪.‬‬
‫()‬

‫شروط إنشاء الجمعيات وطرق‬ ‫لسنة‬ ‫هذا ويحدد القانون رقم‬


‫‪2002‬‬ ‫‪84‬‬

‫عملها ونشاطاتها‪ .‬كما يعرف الجمعية على أنها كل تجمع غير مادي‬
‫لتسعة أعضاء أو أكثر من الشخاص الطبيعيين أو المعنويين‬ ‫‪.‬‬

‫وفي حالة رفض التسجيل والحتكام إلى القضاء ‪ ،‬فإن ذلك قد يدوم‬
‫لعدة سنوات‪ .‬وقد استنفذت المنظمة المصرية لحقوق النسان‪ ،‬على سبيل‬
‫حتى عام ‪ .‬ومن ثم‪ ،‬لم‬
‫‪2000‬‬ ‫المثال‪ ،‬ثمانية سنوات أمام المحكمة العليا من‬
‫‪1992‬‬

‫()‬
‫تتمكن المنظمة من التسجيل حتى عام !!‪ .‬أما المادة من القانون رقم‬
‫‪84‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪2003‬‬

‫‪ ،‬فتمنح وزارة التضامن الجتماعي حق حل الجمعيات ومصادرة‬ ‫لعام‬


‫‪2002‬‬

‫أملكها بدون حكم مسبق‬ ‫‪.‬‬

‫ويحدد القانون الحالت التي يمكن فيها إصدار قرار الحل بما يلي‬ ‫‪:‬‬

‫أول‪ :‬في حال ممارسة الجمعية نشاطات غير تلك المقررة في نظام‬
‫(التأسيس‪( .‬المادة رقم ‪42‬‬

‫ثانيا‪ :‬في حال الحصول على تمويل أجنبي أو إرسال أموال إلى الخارج دون‬
‫(موافقة وزير الشؤون الجتماعي (التضامن الجتماعي حاليا)‪( .‬المادة رقم ‪17‬‬

‫ثالثا‪ :‬في حال اندماج الجمعية مع نادي أو جمعية أخرى من دون إعلم‬
‫‪.‬الوزارة‬
‫رابعا‪ :‬في حال ممارسة إحدى النشاطات المحظورة بموجب المادة رقم ‪11‬‬

‫‪.‬من القانون‬
‫ويبدو واضحا أن هذه الجراءات تمس على وجه الخصوص المنظمات غير‬
‫الحكومية العاملة في مجال حقوق النسان‪ ،‬والتي خلفا للجمعيات الجتماعية‬
‫الخرى تتمتع بصلت وثيقة مع شبكات دولية‪ .‬حيث تحد المادتين ‪ 16‬و ‪ 17‬حرية‬
‫التعاون مع المنظمات الجنبية‪ .‬ورغم أن القانون ل ينص صراحة على ضرورة‬
‫العلن المسبق ع ن التنقل للخارج‪ ،‬إل أنه يعاقب حسب المادة ‪ 76‬بتهمة‬
‫القيام بنشاطات غير مصرح بها أو بالنضمام إلى جمعية أخرى دون إذن‬
‫مسبق‪ .‬وتتراوح العقوبة من ثلثة أشهر إلى سنة حبس وغرامة قدرها من‬
‫‪ 1000.‬إلى ‪ 10000‬جنيها مصريا‬
‫أما بالنسبة لعوائق الحصول على موارد مالية أجنبية ‪ ،‬فعلى الرغم من‬
‫إقرار القانون أنه يحق للجمعيات بموجب المادة السابعة عشر تلقي المنح‬
‫من الشخاص الطبيعيين أو المعنويين‪ ،‬إل أنه يعود ليقيد ذلك باشتراطه‬
‫الحصول على موافقة وزارة التضامن الجتماعي‪ ،‬حيث يقوم الوزير‬
‫باستشارة الجهات المنية والتي تقوم بإعلمه بموافقتها أو رفضها قبول‬
‫المنحة‪ .‬أيضا ينص القانون على أن كل موازنة مالية تزيد على ألف جنيه‬
‫مصري (حوالي ‪ 120‬يورو!!) توجب حصول الجمعية على موافقة وزارة‬
‫التضامن الجتماعي‪ .‬وقد دفع ذلك لن توجه لجنة الحقوق القتصادية‬
‫والجتماعية والثقافية التابعة للمم المتحدة انتقادات حادة لمصر في عام‬
‫‪ ،2002.‬تندد فيها بالجراءات‪/‬التعقيدات المتعلقة بالحصول على التمويل الجنبي‬
‫وفي كل الحوال‪ ،‬يشهد الجانب العملي تطبيقا متزايدا لهذه القيود‪ ،‬وبصرامة‬
‫بالغة‪ .‬ويكفي أن نشير هنا إلى أنه تم الحكم على الدكتور‪ /‬سعد الدين‬
‫إبراهيم‪ ،‬مدير مركز ابن خلدون للدراسات النمائية ‪ ،‬و‪ 27‬من موظفي‬
‫المركز بالحبس لفترات تتراوح من سنة إلى سبع سنوات كاملة مع الشغال‬
‫الشاقة بتهمة الحصول على أموال أجنبية لشراء أجهزة كهربائية للمشاركة‬
‫في العملية النتخابية!!‪ .‬وقد استمر هذا الكابوس طيلة ثلث سنوات كاملة‬
‫منذ اعتقالهم بتاريخ ‪ 30‬حزيران ‪ 2003‬إلى أن أصدرت محكمة النقض حكمها‬
‫‪.‬بتبرأتهم بتاريخ ‪ 18‬أذار ‪ 2003‬وتم إعادة افتتاح المركز بتاريخ ‪ 30‬أذار ‪2004‬‬

‫وبموجب القانون ذاته‪ ،‬يتوجب على الجمعية أيضا إرسال صورة من تقارير‬
‫الجمعيات العمومية ومجالس الدارة لدارة الشؤون الجتماعية خلل مدة‬
‫قدرها ثلثين يوما اعتبارا من تاريخ النعقاد (المادة ‪ .)38‬وبالطبع بإمكان إدارة‬
‫الشؤون الجتماعية أن تعترض بدورها على أي قرار تم اتخاذه‪ ،‬كما أن لها‬
‫الحق بطلب سحب القرار خلل مدة قدرها عشرة أيام (المادة ‪ .)23‬وبالمثل‬
‫يتوجب على الجمعيات إرسال قائمة المرشحين للمجالس الدارية قبل ستين‬
‫يوما من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية‪ ،‬ويمكن للدارة أيضا العتراض على‬
‫‪(.‬بعض المرشحين ومن ثم استبعادهم‪( .‬المادة ‪34‬‬

‫أما فيما يتعلق بحري ة الجتماع‪ ،‬فيحظر قانون الطوارئ عقد اجتماعات‬
‫تتعدى الخمسة أشخاص في مكان عام من دون الحصول على موافقة‬
‫الجهات المنية‪ .‬وقد تم توجيه اتهامات لمركز التجارة وخدمات العاملين‪ ،‬وهو‬
‫منظمة ذات نشاطات قانونية ونقابية واجتماعية‪ ،‬بأنها حرضت على الضراب‬
‫والمظاهرات التي حدثت خلل شهر كانون الول ‪ 2006‬وكانون الثاني ‪ .2007‬وقد‬
‫تم بالفعل حل ثلث من إذاعاتها في كل من‪ :‬المحلة (وسط الدلتا) ‪ ،‬ونجع‬
‫حمادي (بصعيد مصر) ‪ ،‬وحلوان (جنوب القاهرة) من قبل الحكومة في شهر‬
‫‪.‬نيسان ‪2007‬‬

‫وبالنسبة لتواصل الجمعيات مع الجهزة العلمية‪ ،‬فيكفي أن نتذكر أنه‬


‫تم الحكم على كل من‪ :‬كمال عباس‪ ،‬ومحمد حلمي بسنة حبس لنشرهما‬
‫تحقيقا صحافيا في جريدة "الكلمة" حول عدم شرعية الدارة والتمويل لحد‬
‫‪.‬مراكز الشباب‪ ،‬كما تم تثبيت هذه الدعاءات بتحقيق داخلي للمركز‬ ‫()‬

‫ويمكن أن نلخص أهم الجراءات الخانقة للحق في التنظيم وحرية الجمعيات‬


‫‪:‬المصرية فيما يلي‬
‫التشريعات الخاصة بالحصول على تراخيص لنشاء الجمعيات الهلية ‪57‬‬
‫‪.‬والمؤسسات الحقوقية‬
‫سلب اختصاصات أعضاء أية جمعية وصلحيات مؤسسيها وهيئاتها ‪58‬‬
‫المنتخبة‪ ،‬سواء فيما يتعلق بوضع نظامها الساسي أو تعديله‪ ،‬أو في‬
‫طرائق إدارة عملها اليومي ونظام عقد اجتماعات هيئاتها القيادية‪،‬‬
‫وقواعد انتخاب تلك الهيئات‪ ،‬أو حق الجمعية العمومية في اختيار من‬
‫تراه أهل لعضوية هذه الهيئات‪ ،‬بل وأيضا حق الجمعيات في الدخول‬
‫‪.‬ضمن ائتلفات أو اتحادات أو شبكات إقليمية أو دولية‬
‫التحكم في الترخيص للجمعيات بغرض جمع التبرعات‪ ،‬أو الحصول ‪59‬‬
‫‪.‬على منح خارجية تدعم مشروعاتها وأنشطتها‬
‫إطلق أيدي الجهزة المنية في حل أية جمعية أو حل مجلس إدارتها‪60 ،‬‬
‫أو تجميد بعض أنشطتها‪ ،‬دون أن تتاح الفرصة لهؤلء في تصحيح‬
‫الوضاع التي قد تدفع بجهة الدارة إلى مثل هذه التدخلت الفجة‪،‬‬
‫والتي تؤول إلى الموت البطيء للجمعية‪ ،‬بما ينطوي عليه مثل هذا‬
‫الجراء من عقاب جماعي لعضاء الجمعية‪ ،‬وكل المستفيدين من‬
‫‪.‬رسالتها‬
‫فكما أشرنا من قبل‪ ،‬على الرغم من قرار المحكمة الدستورية العليا بطلن‬
‫القانون رقم ‪ 153‬لسنة ‪ ،1999‬والذي خاضت منظمات حقوق النسان وعدد من‬
‫الجمعيات الهلية معارك ضارية في مواجهته على مدى عامين كاملين‪،‬‬
‫اشتبكت خللها مع المسودات المتتالية للمشروع‪ ،‬وفضحت مراميه وأوجه‬
‫العوار الدستوري الذي تعتريه‪ ،‬مثلما فضحت أيضا محاولت الحكومة لليحاء‬
‫بأن القانون جرى صياغته بصورة ديمقراطية في إطار من الحوار والشراكة‬
‫مع مؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬وخاصة بعد أن التقت وزارة الشئون‬
‫الجتماعية في ذلك الوقت عددا من رموز العمل الهلي وضمتهم إلى لجنة‬
‫"وهمية" للصياغة‪ ،‬باعتبارهم ممثلين لمؤسسات المجتمع المدني‪ ،‬ثم قدمت‬
‫الحكومة مشروعا آخر للبرلمان!‪ .‬على الرغم من كل أولئك‪ ،‬إل أن القانون‬
‫رقم ‪ 84‬لسنة ‪ ، 2002‬والذي حل محل القانون ‪ 153‬لسنة ‪ ، 1999‬خرج للوجود كما‬
‫لو كان نسخة طبق الصل من نفس القانون الذي أبطلته المحكمة الدستورية‬
‫‪!!.‬العليا من قبل‬
‫ذلك أن السمة الغالبة على التشريعات المصرية عامة أنها تتجه نحو‬
‫السوأ‪ .‬في الوقت الذي كانت فيه – ول تزال‪ -‬منظمات المجتمع المدني‬
‫ومؤسسات حقوق النسان تسعى وتتطلع إلى تشريع جديد يعزز حرية العمل‬
‫الهلي واستقلليته في ضوء المعايير الدولية المتعارف عليها في المجتمعات‬
‫الديمقراطية‪ ،‬وفي ضوء المبادئ والمعايير التي شارك في وضعها وصياغتها‬
‫نشطاء المجتمع المدني‪ ،‬سواء على المستوى القليمي أو على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬أو حتى باحترام نصوص الدستور المصري‪ ،‬الذي لم يضع حظرا على‬
‫حرية إنشاء وتأسيس الجمعيات سوى تلك التي يكون نشاطها معاديا لنظام‬
‫‪.‬المجتمع‪ ،‬أو سريا أو ذات طابع عسكري‬
‫وقد دعت المنظمات غير الحكومية مرارا وتكرارا إلى الحتكام إلى مواد‬
‫القانون المدني‪ ،‬التي أجهزت عليها حقبة يوليو‪ ،‬واستعاضت عنها بسلسلة‬
‫القوانين المشبوهة‪ ،‬ابتداء من القانون رقم ‪ 32‬لسنة ‪ ،1964‬ووصول إلى القانون‬
‫الحالي‪ ،‬وجميعها يكرس فلسفة الوصاية والهيمنة واللحاق بمؤسسات‬
‫‪.‬المجتمع المدني بأجهزة السلطة التنفيذية‬
‫وبالرغم من أن الحكومة المصرية تتجه مؤخرا إلى تعديل القانون الحالي‪،‬‬
‫إل أن النوايا المعلنة حتى الن تشير إلى استمرارية العمل بسياسة إحكام‬
‫الخناق على هامش الحرية المحدود أصل الذي تتحرك فيه مؤسسات المجتمع‬
‫المدني‪ ،‬سواء في إطار القانون أو حتى باللتفاف على بعض أحكامه بالغة‬
‫التعسف‪ .‬ويبدو أن الحكومة المصرية قد ارتأت هذه المرة أن تتحرر تماما‬
‫من ذلك السيناريو الهزلي‪ ،‬الذي أدارت به مسرحية "الشراكة" مع مؤسسات‬
‫المجتمع المدني في إعداد قانونها رقم ‪ 153‬لسنة ‪ ، 1999‬واكتفت هذه المرة‬
‫بزعمها مشاركة بعض قيادات المجتمع المدني‪ ،‬فيما تسميه ب "لجنة‬
‫‪"!!.‬الحكماء‬
‫وفضل عن ذلك‪ ،‬فإن الشروع في تعديل القانون السابق يأتي وسط أجواء لم‬
‫يعد خافيا فيها على أحد‪ ،‬أن الحكومة المصرية تتجه أيضا‪ ،‬وبصورة حازمة‪،‬‬
‫نحو الجهاز بصورة كلية على مختلف أشكال الحراك السياسي والمجتمعي‪،‬‬
‫مدعومة في ذلك باستمرار الختلل الفادح في موازين القوى لصالحها في‬
‫الداخل في مواجهة القوى المتطلعة للصلح والحرية والتحول الديمقراطي‪.‬‬
‫ويقترن ذلك‪ ،‬من جانب آخر‪ ،‬بتراجع الضغوط الخارجية التي انطلقت بدعاوى‬
‫‪.‬دمقرطة العالم العربي ومكافحة الرهاب‬
‫وقد تجلت هذه الرادة السياسية للنقضاض على هوامش الحرية‪ ،‬أروع ما‬
‫‪:‬تجلت‪ ،‬خلل العامين الخيرين‪ ،‬في كل مما يلي‬

‫‪.‬تصعيد الصدام مع الجماعة القضائية وناديهم ‪61‬‬


‫في استخدام القوانين الستثنائية‪ ،‬كقانون ‪62‬‬ ‫التوسع‬
‫الطوارئ المعمول به منذ أكثر من ربع قرن‪ ،‬وقد تم تمديد‬
‫العمل به مرتين حتى الن‪ ،‬وقانون الحكام العسكرية في‬
‫ملحقة الخصوم (الخوان المسلمون بصفة خاصة) وتقديمهم‬
‫للقضاء العسكري الستثنائي‪ ،‬وفي الجهاز على الضمانات‬
‫الدستورية للحرية والمان الشخصي‪ ،‬والضمانات التي تحمي‬
‫حرمة المنازل والحياة الخاصة‪ ،‬وضمانات المحاكمة العادلة‬
‫والمثول أمام القضاء الطبيعي‪ ،‬عبر التعديلت الدستورية‬
‫‪)(.‬الخيرة‬
‫‪،‬التنكيل بالصحافة الحزبية والخاصة معا ‪‬‬ ‫وذلك عبر‬
‫‪،‬سلسلة متلحقة من أحكام الحبس لم تعرفها مصر من قبل‬
‫‪‬‬ ‫وطالت في غضون شهر واحد تقريبا خمسة‬
‫من رؤساء تحرير تلك الصحف فيما عرف بقضية "صحة‬
‫‪"،‬الرئيس‬ ‫‪.‬فضل عن رئيس حزب معارض‪...‬إلخ‬
‫‪،‬وفي الطار نفسه ‪‬‬ ‫أجهزت الحكومة في غضون العام‬
‫‪،‬الماضي على مؤسستين حقوقيتين بارزتين‬ ‫الولى‪:‬‬
‫‪،‬دار الخدمات النقابية والعمالية‬ ‫والتي تأسست قبل‬
‫‪،‬نحو ثمانية عشر عاما‬ ‫والثانية‪ :‬جمعية المساعدة‬
‫‪،‬القانونية لحقوق النسان‬ ‫والتي تأسست خلل العام‬
‫‪1994،‬‬ ‫وذلك بدعوى حصولها على تمويل من جهات‬
‫أجنبية من دون الحصول على موافقة وزير التضامن‬
‫الجتماعي‪[ .‬أعيد افتتاح دار الخدمات النقابية مرة أخرى‬
‫بتاريخ ‪ 13/7/2008‬وبحضور كل من وزير التضامن‬
‫‪[.‬الجتماعي ووزيرة القوى العاملة‬

‫وهكذا‪ ،‬بينما كان من المأمول أن تعيد السلطات المصرية النظر في القيود‬


‫القانونية التي تكبل العمل الهلي‪ ،‬تشير المعلومات المتاحة إلى نية الحكومة‬
‫إجراء تعديلت على قانون الجمعيات رقم ‪ 84‬لسنة ‪ 2002‬باتجاه أكثر تقييدا‪،‬‬
‫‪.‬خاصة فيما يتعلق بشروط الترخيص وميادين النشطة والتمويل وغيرها‬

‫هذا وقد تعددت في العام الماضي مظاهر التضييق والحصار التي باتت‬
‫تمارسها أجهزة الدولة على المنظمات غير الحكومية‪ .‬خاصة‪ ،‬العاملة منها في‬
‫مجالت حقوق النسان والتنمية‪ .‬كما تصاعدت وتيرة تلك الممارسات منذ‬
‫ظهور التعديلت الدستورية الخيرة‪ ،‬والتي أقرها كل من مجلسي الشعب‬
‫والشورى على الرغم من معارضة كافة القوى والحزاب السياسية‬
‫والمنظمات الحقوقية لها‪ ،‬نظرا لتأثيراتها السلبية على حقوق المواطنين في‬
‫‪.‬المشاركة السياسية والهلية وحرمة حياتهم الخاصة‬

‫وقد دفعت هذه الهجمات المتتالية البعض إلى الشك بأن هذه التضييقات تبدو‬
‫كما لو أنها تتم وفق جدول زمني محدد‪ ،‬للطاحة بآخر مظاهر حرية الجمعيات‬
‫والحق في التنظيم‪ ،‬والذي باتت تمارسه الدولة من خلل عدد من الشكال‬
‫والقوانين المقيدة لحرية تشكيل الحزاب السياسية والنقابات المهنية‬
‫‪.‬والعمالية وكافة أشكال التنظيم المدني الخرى‬

‫ففضل عن إغلق الجهات الدارية مقار دار الخدمات النقابية في كل من‪ :‬نجع‬
‫حمادي (بصعيد مصر) والمحلة الكبرى (وسط الدلتا) وحلوان (جنوب‬
‫القاهرة) ‪ ،‬بزعم أنها تعمل دون ترخيص!!‪ .‬سبق لها وأن أغلقت أيضا مقر‬
‫مركز أهالينا لدعم وتنمية السرة المصرية بشبرا الخيمة (شمال‬
‫‪.‬القاهرة) متذرعة في ذلك بالمبرر ذاته‬

‫وفي نفس الوقت الذي يتم فيه خنق هذه المؤسسات تواصل الدولة حديثها‬
‫عن إتاحة الفرصة لمنظمات المجتمع المدني في ممارسة دورها ونشاطها‪،‬‬
‫وعن وجود علقة شراكة قوية ومتينة بينها وبين هذه المنظمات‪ ،‬وهو ما‬
‫يتعارض مع أغلب الممارسات التي تقوم بها الجهزة الدارية ضد كافة‬
‫‪.‬المنظمات غير الحكومية‬

‫وقد دفعت هذه الهجمات المتتالية المنظمات غير الحكومية لن تتبنى حملة‬
‫للدفاع عن حرية المواطنين في تنظيم التجمعات السلمية‬
‫والجمعيات والمؤسسات والحزاب السياسية والنقابات العمالية‬
‫تقوم بالتصدي لكافة أشكال النتهاكات الواقعة بحق الحريات السابقة‪ ،‬وذلك‬
‫عبر استخدام كافة القنوات المشروعة ومن بينها الليات الدولية للدفاع عن‬
‫‪)(:‬هذه المنظمات من أجل تحقيق بعض المطالب الحيوية ومن بينها‬

‫العمل على أن تتمتع كافة المنظمات غير الحكومية باستقلليتها عن‬


‫‪،C‬الدولة‬ ‫وأن يكون لها وحدها الحق في وضع سياساتها الداخلية‬
‫فضل عن تحديد أولوياتها واختيار آليات عملها وهياكلها ‪،C‬والخارجية‬
‫‪.‬التنظيمية‬
‫مواجهة أي اعتداء على حرية المنظمات غير الحكومية أو أي تدخل في‬
‫وهو ما يعد عمل غير شرعي حتى لو ارتدى ثوب ‪،C‬شئونها الخاصة‬
‫‪.‬القانون والشرعية‬
‫المطالبة بحق المنظمات غير الحكومية في العمل ضمن مناخ ديمقراطي‬
‫‪.‬يتيح لها حرية الحركة والنطلق وممارسة أنشطتها اليومية‬
‫التأكيد على حق تأسيس الجمعيات دونما الحاجة إلى الحصول على‬
‫تراخيص أو إذن مسبق من الجهات الدارية أو المنية‪ .‬وعدم جواز وضع‬
‫أية قيود أو عراقيل تحول دون تأسيس الجمعيات الهلية والمنظمات غير‬
‫‪.‬الحكومية‬
‫التأكيد على احترام المنظمات غير الحكومية لكافة المبادئ التي أقرتها‬
‫المحكمة الدستورية العليا في أحكامها الخاصة بحريات المواطنين والتي‬
‫‪:‬جاء فيها‬

‫إن حرية التعبير تعد شرطا رئيسيا وجوهريا لضمان ممارسة ‪‬‬
‫‪.‬حرية المواطنين في التنظيم والتجمع السلمي‬
‫إن منظمات المجتمع المدني هي رابطة العقد بين الفرد والدولة ‪‬‬
‫إذ هي الكفيلة بالرتقاء بشخصية الفرد باعتباره القاعدة‬
‫‪.‬الساسية في بناء المجتمع‬
‫اعتبار حق المواطنين في تكوين الجمعيات الهلية فرع من ‪‬‬
‫وأن هذا الحق يجب أن يكون تصرفا إراديا ‪،‬حرية الجتماع‬
‫‪.‬حرا ل تتداخل فيه الجهة الدارية ويستقل عنها‬

‫ولسنا بحاجة إلى مزيد من القول بأن الفلسفة الحاكمة لقانون‬


‫الجمعيات‪ ،‬الحالي أو المزمع على حد سواء‪ ،‬تتناقض تماما مع هذه المبادئ‬
‫القانونية وبشكل كامل‪ .‬كما أن من المرجح أل تعمل فقط التعديلت‬
‫المزعومة‪ ،‬والتي تنوي الحكومة إدخالها على القانون الحالي‪ ،‬على إبقاء‬
‫مختلف النصوص القديمة التي تكرس الهيمنة على العمل الهلي‪،‬‬
‫‪)(:‬وبصورة كاملة‪ ،‬وإنما من المتوقع لها أن تضيف إليها ما يلي‬
‫‪N‬‬ ‫لن تكتفي التعديلت المقترحة بالبقاء على نظام الترخيص‬
‫المشروط في إنشاء الجمعيات وما يقترن به من قيود إجرائية‬
‫وذلك بالتخفف من ‪،N‬بل إن هناك توجها أكثر تعسفا ‪،N‬وتعسفية‬
‫التزام الحكومة – طبقا للقانون الحالي‪ -‬بقيد الجمعية في السجل‬
‫‪،N‬الخاص بالقيد‬ ‫حتى لو كان لديها اعتراض على النظام‬
‫‪.‬الساسي أو بعض مؤسسي الجمعية‬

‫‪N‬‬ ‫كما لن تكتفي التعديلت المقترحة بالبقاء على صلحيات‬


‫الحكومة للتدخل الواسع في تفاصيل العمل اليومي‬
‫‪،N‬للجمعيات‬ ‫بل ستمنح صلحيات إضافية للتحاد العام‬
‫للجمعيات تخوله لن يكون ممثل عن الحكومة ورقيبها في عدد‬
‫‪،N‬من الجراءات التي يتعين بموجب التعديلت أخذ رأيه فيها‬
‫بل وإلزام الجمعيات بأن تفيد التحاد بالقرارات التي تصدر عن‬
‫‪.‬مجلس الدارة أو الجمعية العمومية أول بأول‬

‫‪N‬‬ ‫تنزع التعديلت المقترحة في مجملها إلى تقليص حق‬


‫الجمعيات في اختيار مجالت عملها وحصرها في ثلثة‬
‫‪،N‬ميادين فقط‬ ‫وبالمثل ستقيد من حق المؤسسات الهلية‬
‫في إدراج النشطة في نظامها الساسي بمدى تناسب حجم‬
‫‪،N‬المال المخصص لهذه المؤسسة مع هذه النشطة‬ ‫وهو ما‬
‫يضفي صعوبات مستقبلية جمة على إمكانية تعديل نظامها‬
‫‪،N‬الساسي وإدراج أنشطة إضافية‬ ‫إذا ما نجحت في تدبير‬
‫‪.‬الموارد اللزمة لها‬

‫‪N‬‬ ‫الميل نحو نزعة أكثر تشددا تجاه أية أشكال للتنظيم القانوني‬
‫‪،N‬للجمعيات أو المنظمات غير الحكومية‬ ‫التي ل تنضوي تحت‬
‫مظلة قانون الجمعيات‪ .‬وهو ما يشير بوجه خاص إلى المنظمات‬
‫‪،N‬التي نشأت كشركات غير هادفة للربح‬ ‫أكانت‬ ‫سواء‬
‫شركات للمحاماة أو للبحوث أو للستشارات أو الصحة أو غيرها‪.‬‬
‫حيث تتجه النية في التعديلت المقترحة إلى تقرير أن أي جماعة‬
‫‪،N‬يدخل في أغراضها نشاط الجمعيات‬ ‫يتعين عليها توفيق‬
‫حتى لو اتخذت شكل ‪،N‬أوضاعها في إطار قانون الجمعيات‬
‫‪،N‬قانونيا آخر‬ ‫وإل اعتبرت منحلة بقوة القانون‪ .‬ويضيف‬
‫التعديل المقترح هنا‪" :‬ويمتن ع على أ ي جهة تسجيل هذا الكيان‬
‫‪(.‬وحل المسجل منها" (المادة ‪ 4‬من مسودة القانون الجديد‬

‫‪N‬‬ ‫التلويح باستدعاء بعض مواد القانو ن رقم ‪ 32‬لسنة ‪1964‬‬


‫‪،N‬سيئ السمعة‬ ‫والتي تفاخرت الحكومة من قبل باستبعادها‬
‫‪،N‬في القانون الحالي‬ ‫‪،N‬من مثل‪ :‬حظر إنشاء جمعيات بعينها‬
‫إذا كانت هنالك جمعيات قائمة في ذات النطاق‬
‫الجغرافي تقوم بأنشطة مماثلة لما تعتزم الجمعيات الجديدة‬
‫‪،N‬إدراجه من أنشطة في نظامها الساسي‬ ‫كما الشأن في‬
‫‪.‬الموافقة على تأسيس الحزاب السياسية‬

‫‪N‬‬ ‫من المتوقع أن تضيف التعديلت المقترحة مداخل أكثر تنوعا‬


‫لمحاصرة الجمعيات بعقوبات إضافية تصل إلى إيقاف‬
‫وحرمان أعضاء مجلس الدارة من الترشيح لدورتين ‪،N‬النشاط‬
‫وذلك إذا ما امتنعت الجمعية عن تمكين جهة الدارة ‪،N‬متتاليتين‬
‫وإذا انتقلت إلى مقر جديد من دون أن تخطر ‪،N‬بمراجعتها‬
‫‪.‬الدارة‬

‫‪N‬‬ ‫ستفتح التعديلت المقترحة الباب واسعا أمام اختراق‬


‫الجمعيات وإغراقها بعضويات يمكن أن تلعب دورا مناوئا لرسالة‬
‫‪،N‬مستفيدة في ذلك ‪،N‬أو لصالح أجهزة المن ‪،N‬الجمعية‬
‫‪،N‬على ما يبدو‬ ‫من خبرات الحكومة التونسية في تقويض‬
‫‪،N‬المنظمات المستقلة من داخلها‬ ‫وذلك من خلل حظر‬
‫‪.‬الخذ بنظام العضوية المغلقة في أي جمعية‬

‫وعلى الرغم من المحاولت المستميتة من جانب منظمات المجتمع المدني‬


‫في مصر للحيلولة دون مضي الحكومة المصرية قدما في سياساتها الخفية‬
‫والمعنلة ضدها‪ ،‬إل أنها‪ ،‬وبحكم أوضاعها ومناخ الستبداد السياسي العام الذي‬
‫تعيش فيه‪ ،‬وربما أيضا بسبب ضعف قادتها والقيمين عليها‪ ،‬لم تستطع إقامة‬
‫ائتلف قوي لوضع حد لمخطط خنق المجتمع المدني في مصر‪ .‬بل على‬
‫العكس تماما ساهم تشرذمها واتساع هوة الخلف أحيانا بين قادتها في‬
‫إضعافها‪ ،‬في حين اكتفت بمناشدة السلطات المصرية حينا‪ ،‬والتوقيع على‬
‫‪.‬بيانات صحفية لجهات خارجية حينا آخر‬

‫وفي كل الحوال‪ ،‬يبدو واضحا للعيان أنها باتت ل تدير المعركة بنفس الثقل‬
‫والطموح الذي تم من قبل وعلى مدار عامين كاملين إبان عقد التسعينيات‬
‫من القرن الماضي‪ .‬ربما لن الطموح في النتقال الديمقراطي كان مجاله‬
‫واسعا من قبل أما الن فثمة ما يشبه اليقين‪ ،‬ليس فقط لدى مؤسسات‬
‫المجتمع المدني وإنما حتى بالنسبة للمواطن العادي‪ ،‬أن هامش الحرية‬
‫البسيط أو ربيع الديمقراطية الذي شهدته البلد خلل عامي ‪ 2005-2004‬قد‬
‫‪.‬تم تجاوزه لصالح سياسات أكثر تشددا وتعسفا‬

‫وآية ذلك‪ ،‬ما حدث إبان فعاليات الحملة التي أطلقتها ثلث عشرة منظمة غير‬
‫حكومية في ‪ 14‬إبريل ‪ ، 2007‬ثم ارتفعت إلى ‪ 39‬منظمة‪ ،‬للتصدي للهجمة‬
‫الشرسة التي تتعرض له ا منظمات المجتم ع المدني ف ي مصر‪ ،‬خاصة بعد‬
‫التعديلت الدستورية الخيرة التي فتحت الباب أمام مزيد من القمع للحريات؛‬
‫ومع تصاعد التهامات الموجهة ضدها والتشكيك في نزاهتها‪ ،‬وازدياد مظاهر‬
‫تضييق الخناق على أنشطتها‪ .‬حيث قررت هذه المنظمات مواجهة عمليات‬
‫التشوية المتعمد من قبل الحكومة‪ ،‬والتعريف بأدوارها أمام الجمهور الواسع‬
‫والرأي العام‪ ،‬إلي جانب فتح حوار مجتمعي حول حرية الجمعيات والحق في‬
‫التنظيم واعتبار يوم ‪ 25‬يونيو‪ 2007‬يوما للتضامن مع منظمات المجتمع‬
‫المدني وذلك بمقر جمعية الصعيد للتربية والتنمية تحت شعار‪" :‬كونوا‬
‫‪")(.‬معنا‪ ..‬من حقنا ننظم نفسنا‬

‫غير أن هذه المنظمات فوجئت فى صباح اليوم المقرر للحتفالية باتصال‬


‫هاتفي من المسئولين بجمعية الصعيد يفيدهم بإلغاء التفاق المبرم معها‬
‫لضغوط أمنية‪ .‬ونظرا ً للسمعة الجيدة التي تتمتع بها جمعية الصعيد‪ ،‬كان هذا‬
‫الجراء حلقة ضمن سلسلة من النتهاكات المنية التي تتعرض لها مؤسسات‬
‫‪.‬المجتمع المدني وهي بصدد ممارسة أنشطتها العادية‬

‫وفي ‪ 9‬أيلول‪/‬سبتمبر‪ 2007‬وقَّعت خمسة وعشرون منظمة مدنية على بيان‬


‫تحت عنوان‪" :‬حركة حقو ق النسا ن تتصدى للجراءات البوليسية‬
‫وتعلن‪ :‬محاولة إغلق جمعية المساعدة القانونية لن تمر!!" ومما‬
‫‪:‬جاء فيه‬

‫قررت جمعيات ومؤسسات حقوق النسان المصرية والمجتمعة في مقر"‬


‫جمعية المساعدة القانونية لحقوق النسان في مساء السبت ‪ 8‬سبتمبر‬
‫التصدي للجراءات البوليسية التي اتخذتها الحكومة المصرية لمحاولة إغلق‬
‫جمعية المساعدة القانونية عقابا لدورها البارز في التصدي لمنهج التعذيب‬
‫‪...‬المنتشر في مصر‬

‫وقد قرر الممثلون لحركة حقوق النسان في مصر التصدي لهذه الممارسات‬
‫البوليسية السافرة بكل السبل المشروعة‪ :‬بدءا من الضراب عن العمل‬
‫والتظاهر وحجب المواقع التابعة لها‪ ،‬مرورا بفضح ممارسات الحكومة‬
‫المصرية أمام المؤسسات الدولية والتحادات القليمية مثل‪ :‬التحاد الوربي‪،‬‬
‫والتحاد الفريقي‪ ،‬ومؤسسات المم المتحدة ولجانها المختلفة‪ ،‬وصول‬
‫لمقاضاة الحكومة المصرية وكشف القناع عن طبيعتها المستبدة التي تأبى‬
‫أن توقف أو تحد من ممارسات التعذيب المنتشرة في مصر‪ ،‬وتحاول بدل من‬
‫‪...‬ذلك إسكات أحد أهم الصوات المنددة بتلكم الممارسات‬

‫إن نشاط جمعية المساعدة القانونية لن يتوقف تحت أي ظرف‪ ،‬حيث قررت‬
‫العديد من المؤسسات الحقوقية أن تستضيف جمعية المساعدة القانونية‬
‫لممارسة عملها‪ ،‬وسوف تبدأ الستضافة بمركز هشام مبارك للقانون‬
‫والشبكة العربية لمعلومات حقوق النسان‪ ،‬في حال استخدمت الدولة القوة‬
‫‪".‬في إغلق جمعية المساعدة‬
‫وفي الواقع‪ ،‬كان لتلويح الحكومة المصرية باستخدام وسيلة تلويث السمعة‬
‫عبر اختلق تجاوزات مالية لمسئولي جمعية المساعدة أثره البالغ في تصاعد‬
‫حالة الغضب لدى ممثلي مؤسسات حقوق النسان وزيادة إصرارهم على‬
‫التصدي لهذه المحاولت المفضوحة‪ ،‬لسيما وأن هذه الجمعية الفقيرة ماليا‬
‫والقوية بمواقفها قد تعرضت للعديد من المضايقات التي تمارسها وزارة‬
‫التضامن الجتماعي والتي ل تعدو أن تكون واجهة لجهاز مباحث أمن الدولة‬
‫الذي يحكم سيطرته على مقاليد الحياة السياسية في مصر ودأب على‬
‫ارتكاب تجاوزات ضد كل المطالبين بحرية الصحافة أو احترام حقوق النسان‬
‫‪.‬في مصر‬

‫ومن ثم‪ ،‬كان بديهيا أن يعلق ممثلو حركة حقوق النسان في مصر على قرار‬
‫الغلق بالقول‪" :‬إن محاولة غلق جمعية المساعدة لن تمر‪ ،‬والصراع بيننا‬
‫وبين هذه الحكومة البوليسية أصبح مكشوفا وعلنيا‪ ،‬وإن الحكومة واهمة إذ‬
‫تظن أن سيناريو إغلق دار الخدمات يمكن تكراره‪ ،‬وتغليف قرار الغلق‬
‫السياسي بطابع قانوني بات وسيلة مفضوحة‪ ،‬وليس أمام الدولة سوى‬
‫استخدام القوة والكشف عن وجهها البوليسي وإيداعنا السجون أو أن تعلن‬
‫()‪".‬عن حق المجتمع المدني في ممارسة عمله بحرية واستقللية‬

‫وفي الطار ذاته‪ ،‬وجهت هذه المنظمات العديد من الخطابات لجهات حقوقية‬
‫توضح فيها حجم الجراءات البولسية التي يضطلع بها النظام المصري في‬
‫مواجهتها‪ ،‬ومن بينها‪ :‬خطاب منظمات المجتمع المدني المصرية إلى اللجنة‬
‫الفرعية الوربية المصرية لحقوق النسان والديمقراطية‬
‫‪:‬والشؤون الدولية والقليمية بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ 2008‬والذي جاء فيه‬
‫إن المجتمع المدني في مصر يتعرض منذ بداية العام الماضي(‪")2007‬‬
‫لهجمة حكومية بغرض تحجيم دوره بصفة عامة‪ ،‬والمنظمات غير الحكومية‬
‫بصفة خاصة‪ .‬وقد تجلت أبرز مؤشراتها في إغلق دار الخدمات القانونية‬
‫والعمالية في إبريل‪ ، 2007‬وجمعية المساعدة القانونية لحقوق النسان في‬
‫سبتمبر‪ 2007‬بشكل تعسفي ودون أي سند قانوني‪ .‬وفي سياق متصل‬
‫ترددت في وسائل العلم المختلفة تصريحات رسمية حول نوايا قيام وزارة‬
‫التضامن الجتماعي بإجراء تعديلت على قانون الجمعيات رقم ‪ 84‬لسنة‬
‫‪2002.‬‬

‫وقد استشعر عدد من المنظمات غير الحكومية القلق من هذا التصعيد غير‬
‫المبرر في وقت كان من المفترض فيه أن يكون هناك حوار مجتمعي بين‬
‫المنظمات الغير حكومية والجهات المعنية في السلطة التنفيذية من أجل‬
‫()‪".‬تفعيل دور العمل الهلي في مصر‬

‫ففي أكثر التحليلت تفاؤل بدا أن الفرصة غير سانحة بالمرة لحداث قطيعة‬
‫حقيقية من جانب الدولة المصرية مع فلسفة الهيمنة واللحاق التي كرستها‬
‫‪.‬قوانين الجمعيات المتلحقة على مدار العقود السابقة‬

‫ومن ثم‪ ،‬يتوجب على المنظمات الحقوقية المصرية‪ ،‬والقوى‬


‫‪:‬المتطلعة لتعزيز دور المجتمع المدني بأطيافها المختلفة‬

‫أن تعمل معا لقطع الطريق على محاولت فرض المزيد من ‪63‬‬
‫ضروب الوصاية والهيمنة على مقادير العمل الهلي‪ ،‬دون تكريس‬
‫‪.‬فلسفتها والترويج لها‬
‫‪64‬‬ ‫كما يتوجب عليها أيضا التخفف من حدة الوهام التي قد تبدد‬
‫طاقات الكثيرين في ممارسة نوع من الضغوط‪ ،‬لتحفيز وزارة‬
‫التضامن الجتماعي على إدارة حوار أو الدخول في نوع من الشراكة‬
‫الزائفة‪ ،‬حول تعديل القانون والتي لن تقود عمليا إل إلى إضفاء‬
‫المشروعية على المخطط الحكومي لتطويق العمل الهلي‪ ،‬على‬
‫النحو الذي جرى خلل الحوار حول تعديل المادة ‪ 76‬من الدستور‬
‫عام ‪ ، 2005‬وصول إلى التعديلت الدستورية الخيرة‪ ،‬والتي انتهى‬
‫الحوار حولها إلى اعتماد ما سبق العداد له من جهة النظام‪ ،‬مع‬
‫‪".‬تجميله عبر تقديمه باعتباره نتاجا "لحوار وطني شامل‬
‫‪65‬‬ ‫إن فرص درء المخاطر المحدقة بالعمل الهلي أو قطع الطريق على‬
‫بعضها‪ ،‬يقتضي في المقام الول والخير التمسك الصارم من‬
‫جهة المؤسسات غير الحكومية‪ ،‬أكثر من أي وقت مضى‪،‬‬
‫بالسس والمبادئ التي تكفل حرية العمل الهلي‬
‫‪.‬واستقلليته‬
‫‪66‬‬ ‫التمسك أيضا بالمعايير الدولية المتعارف عليها في‬
‫المجتمعات الديمقراطية‪ ،‬لضمان حرية تكوين الجمعيات الهلية‪.‬‬
‫مما يقتضي فضح مضمون الفلسفة وجوهر السس التي‬
‫يقوم عليه ا القانو ن المصري برمته ‪ ،‬بم ا في ذلك التعديلت‬
‫التي تعتزم الحكومة إدخالها على هذا القانون‪ .‬ذلك أن التخلي عن‬
‫المعايير الدولية لحرية التعبير والحق في التجمع وفي تكوين‬
‫المنظمات غير الحكومية‪ ،‬ل يفيد إل في المساهمة في تعبيد الطريق‬
‫أمام مشروع قانون لخنق المجتمع المدني‪ .‬إذ ل تبدأ منظمات‬
‫المجتمع المدني من فراغ‪ ،‬وإنما عبر سنوات طويلة من الكفاح‬
‫‪.‬والعمل المتواصل في مواجهة القيود القانونية الخانقة للعمل الهلي‬
‫‪67‬‬ ‫وفضل عن وجوب تعديل استرتيجية التعاطي مع فلسفة‬
‫الدولة‪ ،‬يتوجب على المنظمات غير الحكومية أن تسعى أيضا‬
‫لستثمار مختلف الليات الدولية والقليمية المتاحة‪ ،‬في‬
‫البرهنة على استخفاف الحكومة باللتزامات والمعايير‬
‫الدولية ‪ ،‬والتي تزعم القبول بها من جهة‪ ،‬وحفز المزيد من تضامن‬
‫المنظمات الدولية والمجتمع المدني العالمي في التصدي لتلك‬
‫‪.‬الهجمة من جهة ثانية‬

‫سوريا (‪)2‬‬
‫ل تختلف الوضاع في سوريا عنها في مصر باستثناء أنها أشد قتامة!! ‪ ،‬مما‬
‫دعا منظمة هيومان رايتس ووتش لن تطلق على أحد التقرير المتعلقة‬
‫بوضعية حقوق النسان في سوريا عنوان‪" :‬ل مجال للتنفس‪ :‬القمع‬
‫الحكومي للنشطاء بمجال حقوق النسان في سوريا"()‪ ،‬حيث‬
‫ترفض السلطات السورية العتراف مطلقا بأي من منظمات حقوق النسان‬
‫مما يجعلها دائما وأبدا تظل تحت طائلة الغلق‪ ،‬فضل عن شيوع كل من ‪:‬‬
‫السجن والتوقيف والمنع من السفر والمحاكمات غير العادلة بحق الناشطين‬
‫‪.‬والقائمين على هذه المنظمات‬
‫ففي فبراير الماضي‪ ،‬تم إحالة عضو قيادي بالمنظم ة العربي ة لحقوق‬
‫النسان في سوريا للقضاء العسكري بسبب مقال حول واقع التعليم في‬
‫سوريا نشر على أحد مواقع النترنت!! ‪ ،‬مما اعتبرته السلطات "يمس هيبة‬
‫الدولة ويضعف الثقة بالسلطة العامة طبقا للمادة ‪ 378‬من قانون العقوبات"!!‪.‬‬
‫كما شنت السلطات السورية كذلك حملة اعتقالت ومداهمات واسعة بحق‬
‫عشرات الشخاص الذين شاركوا في اجتماعات "المجلس الوطني لعلن‬
‫دمشق" ‪ ،‬وهو العلن الذي يدعو السلطات السورية إلى تبني برنامج شامل‬
‫‪.‬للصلح السياسي والديمقراطي وتعزيز أوضاع حقوق النسان في سورية‬
‫وقد أحيل ما يقرب من عشرة أشخاص‪ ،‬ومعظمهم قياديون في عدد من‬
‫المنظمات الحقوقية ولجان إحياء المجتمع المدني إلى التحقيق في أواخر‬
‫يناير ‪ 2008‬تمهيدا لمحاكمتهم بعدد من التهامات من مثل‪ :‬العمل على‬
‫إضعا ف الشعو ر القومي ‪ ،‬وإيقا ظ النعرا ت العنصري ة والمذهبية‪،‬‬
‫والنضمام إل ى جمعي ة سرية‪ ،‬أ و إنشاء جمعية تهد ف إلى تغيير‬
‫‪.‬كيان الدولة القتصادي والجتماعي‪...‬إلخ‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬يقبع عشرات النشطاء والمدافعين عن الديمقراطية‬
‫وحقوق النسان داخل السجون السورية بسبب هذه التهم تنفيذا لحكام‬
‫جائرة ل تتوفر فيها أدنى درجة من العدالة تتراوح ما بين ثلث إلى اثنتي‬
‫‪!!.‬عشرة عاما‬
‫يعتمد الطار العام الذي تمارس فيه الحريات العامة في سوريا على‬
‫الستقرار السياسي والوضع المني‪ .‬إذ يمثل الخير مصدر قلق دائم‬
‫للسلطات السورية ومن ثم‪ ،‬تبرر به لجوئها إلى حالة الطوارئ‪ .‬وبهذا تُبقي‬
‫السلطة كافة الوضاع تحت السيطرة وتفرض متطلبات قانونية وعملية على‬
‫‪.‬إنشاء وتأسيس الحزاب السياسية والجمعيات الهلية‬
‫تاريخيا‪ ،‬ظلت الحياة الخاصة بالجمعيات في سوريا راكدة منذ العمل بقانون‬
‫الجمعيات رقم ‪ 93‬لسنة ‪ 1958‬وهو ل يزال ساري المفعول حتى الن‪ ،‬رغم‬
‫تعارضه مع التشريعات‪ ،‬ول سيما مع الدستور والقانون المدني السوري!!‪.‬‬
‫وكما الحال في مصر‪ ،‬يتطلب الحصول على إذن مسبق لنشاء‬
‫الجمعية‪ ،‬كما يسمح هذا القانون عمليا بحل عدد معين من الجمعيات‬
‫والحزاب السياسية‪ .‬ويشمل التدخل من قبل الدولة أيضا إلى جانب ذلك‬
‫‪.‬جميع النشطة الفعلية للجمعيات الهلية‬
‫وقد تم إنشاء أغلب الجمعيات الموجودة حاليا عقب إصدار القانون السابق‪،‬‬
‫ومن بينها‪ :‬المنتدى الجتماعي‪ ،‬نادي السينما‪ ،‬اليمان والمعرفة‪ ،‬جمعية تنظيم‬
‫السرة عام ‪ ، 1973‬ملتقى المرأة‪ ،‬منتدى الشباب‪ ،‬رابطة خريجي فرنسا‪...‬إلخ‪.‬‬
‫فيما استطاع جزء محدود جدا من الجمعيات الحديثة الحصول على تراخيص‪،‬‬
‫لكن سرعان ما تم إلحاقها بحزب الجبهة الوطنية التقدمية‪ ،‬حزب السلطة‪،‬‬
‫فيما استمرت الجمعيات غير المرخص لها في القيام بأنشطتها دون إذن‬
‫‪.‬رسمي‬
‫وتقسم وزارة الشؤون الجتماعية والعمل أنشطة الجمعيات إلى أربع‬
‫فئات ل غير‪ :‬يأتي على رأسها الجمعيات الجتماعية‪ ،‬ثم الصحية‪ ،‬فالجمعيات‬
‫الثقافية‪ ،‬وأخيرا جمعيات حماية المعاقين‪ .‬وقد بلغ عدد الجمعيات‬
‫المرخصة في عام ‪ 2001‬حوالي ‪ 540‬جمعية ‪ %40‬منها تقع في دمشق‪ .‬أما‬
‫النسبة المتبقية ‪ %60‬فتتضمن ‪ 120‬جمعية مسجلة تتوزع على باقي القرى‬
‫‪.‬والمدن السورية‪ ،‬خاصة مدينتي حمص وحلب‬

‫وبعد وفاة حافظ السد تم تسجيل عشرة جمعيات أخرى في عام ‪ 2001‬ثم زاد‬
‫العدد من ‪ 540‬إلى ‪ 1012‬في عام ‪ ، 2005‬ثم تضاعف مرة أخرى‪ ،‬وفي أقل من‬
‫ثلث سنوات فيما عرف بربيع دمشق‪ ،‬ليصبح ‪ 1400‬جمعية في عام ‪ )(.2007‬وقد‬
‫توزعت أنشطة الجمعيات الجديدة على مجالت البيئة والنواحي الجتماعية‬
‫والتنمية البشرية وحقوق المرأة بصفة خاصة‪ ،‬فيما اشتغل القليل منها بالدفاع‬
‫‪.‬عن أوضاع حقوق النسان‬ ‫()‬

‫هذا ويتضمن الدستور السوري لسنة ‪ 1950‬حرية إنشاء الجمعيات ضمن‬


‫الحدود التي نص عليها القانون‪ .‬حيث تنص المادة رقم ‪ 17‬منه على مبدأ‬
‫"إعلن الجمعية‪ ،‬أي مبدأ علنية وجودها فحسب‪ ،‬وليس مبدأ التصريح"‪ .‬أما‬
‫المادة التي تليها فتنص على الحق في حرية إنشاء الحزاب السياسية وفقا‬
‫‪.‬للمبدأ ذاته‬
‫وعلى الرغم من إقرار القانون السوري صراحة بأولوية الدستور على‬
‫القوانين الوطنية‪ ،‬إل أن الممارسات البيروقراطية‪ ،‬ل سيما تلك الصادرة‬
‫عن وزارة الشؤون الجتماعية والعمل‪ ،‬قد فرضت نفسها كناظم وحيد لحرية‬
‫إنشاء الجمعيات وحرية التعبير‪ .‬حيث تطبق الوزارة مراقبة غير محدودة على‬
‫كافة مؤسسات المجتمع المدني السوري‪ ،‬وذلك استنادا إلى قانون الجمعيات‬
‫رقم ‪ 93‬لسنة ‪ ،1958‬والذي يلغي عمليا تفوق النصوص الدستورية على نظيرتها‬
‫‪.‬القانونية الوطنية‬
‫وبالضافة إلى هذا القانون‪ ،‬هناك قوانين ومراسيم خاصة بالجمعيات يأتي‬
‫على رأسها بالطبع قانون الطوارئ الذي تم إصداره بمرسوم رقم ‪51‬‬

‫بتاريخ ‪ 22‬ديسمبر ‪ 1962‬والمعدل بمرسوم رقم ‪ 1‬بتاريخ ‪ 9‬مارس ‪ .1963‬حيث يتيح‬


‫لوزير الداخلية فرض قيود على حرية الفراد في التنقل وما إلى ذلك (مادة‬
‫رقم ‪ 4‬من المرسوم)‪ ،‬وإحالة المخالفين للمحاكم العسكرية حسب نص‬
‫المرسوم رقم ‪ 6‬بتاريخ ‪ 7‬يناير ‪ 1965‬وفيه يتم تحديد الجرائم التي تقع تحت‬
‫ن‪ ،‬بطريقة أو بأخرى‪،‬‬‫م ْ‬
‫اختصاص محكم ة الطوارئ العسكرية ب ‪" :‬كل َ‬
‫‪(.‬يعرقل تطبيق القانون الجتماعي" (مادة رقم ‪1‬‬

‫هناك أيضا النص الخاص بتطبيق القانون رقم ‪ 93‬لسنة ‪ ،1958‬والذي تم إصداره‬
‫بالقرار رقم ‪ 1330‬في ‪ 13‬أكتوبر ‪ ، 1958‬والمرسوم التشريعي رقم ‪ 224‬بتاريخ ‪21‬‬

‫سبتمبر ‪ 1969‬والذي يعدل قانون الجمعيات ويدعم المراقبة التي تمارسها‬


‫‪.‬السلطة‬
‫وفيما يتعلق بإجراءات الشهار والتسجيل‪ ،‬ل يسمح النظام السوري لي‬
‫جمعية غير معلنة بالعمل طبقا للمادة رقم ‪ 71‬من القانون رقم ‪ 93‬لسنة ‪.1958‬‬
‫والذي ينص على أن كل نشاط خاص بجمعية غير معلنة يعاقب بالحبس ثلثة‬
‫أشهر بالضافة إلى دفع غرامة‪ .‬وبسبب تعنت ورفض وزارة الشؤون‬
‫الجتماعية منح الجمعيات المشتغلة بالدفاع عن حقوق النسان أية‬
‫تصريحات‪ ،‬تعمل كافة المنظمات التي أشرنا إليها من دون تراخيص وينظر‬
‫‪.‬إليها من قبل السلطة باعتبارها كيانات غير قانونية‬
‫وتتراوح أسباب رفض التسجيل عادة ما بين دواع سياسية وأمنية‪ .‬ويفوض‬
‫القانون رقم ‪ 93‬للوزير تقييم "أهمية أهداف الجمعية وتحديد مدى ضروريتها"‬
‫(المادة رقم ‪ .)6‬وطبقا للمادة رقم ‪ 304‬من القانو ن الجنائي‪ ،‬فإن "كل‬
‫جمعية تنشأ بهدف تغيير البنية القتصادية أو الجتماعية للدولة‪ ،‬أو المؤسسات‬
‫الساسية للمجتمع‪ ،‬سيتم حلها والحكم على أعضائها بالشغال الشاقة في‬
‫‪".‬الموعد المضروب‬
‫من البديهي‪ ،‬والحالة هذه‪ ،‬أن يتم التعنت في رفض تسجيل الجمعيات‬
‫المدافعة ع ن حقو ق النسان بصفة خاصة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬حين‬
‫تقدمت جمعية حقوق النسان في سوريا بطلب التسجيل في ‪ 11‬ديسمبر ‪،2001‬‬
‫تم رفضه بعد مضي ‪ 62‬يوما وبقرار غير مسبب‪ .‬وفي ذلك مخالفة قانونية‬
‫لقانون الجمعيات ذاته الذي ينص على اعتبار الجمعية مسجلة بعد مضي ‪60‬‬

‫‪(.‬يوما في حالة عدم وصول رد من الوزارة (المادة رقم ‪7‬‬

‫أيضا من الطبيعي أن يغلب الطابع المني على القرار‪ ،‬حيث تتعاون وزارة‬
‫الشؤون الجتماعية مع كل من‪ :‬وكالة أمن الدولة‪ ،‬ووكالة المن‬
‫السياسي‪ ،‬ووكالة المن العسكري‪ ،‬في إطار السماح بالتسجيل من‬
‫عدمه‪ .‬وإلى جانب جمعية حقوق النسان في سوريا‪ ،‬أقامت ثلث منظمات‬
‫دعوى قضائية تعترض فيها على رفض التسجيل من قبل الوزارة وهما‪:‬‬
‫المنظمة السورية لحقوق النسان‪-‬سواسية‪ ،‬والمنظمة العربية لحقوق‬
‫النسان‪ ،‬والمنظمة الوطنية لحقوق النسان‪ .‬ولكن لم يتم رفع هذه القضايا‬
‫‪!!.‬عمليا لعدم اجتماع المحكمة‬
‫وفي الحالت التي ل تحصل فيها الجمعية على ترخيص تخضع إلى نصوص‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬ومنها المادة رقم ‪ 327‬والتي تنص على‪" :‬تعتبر سرية أية‬
‫جمعية أو مجموعة تأخذ شكل الجمعية‪ ،‬وتتعارض أهدافها مع القانون‪ ،‬سواء‬
‫كانت هذه العمال كلها أو بعضها سرية"‪ .‬وتُعرف الجمعيات التي تعتبر‬
‫سرية بأنها‪" :‬هذه الجمعيات والجماعات ذات الهداف المخالفة للقانون‪،‬‬
‫التي لم تقدم للسلطات‪ ...‬القوانين الساسية وأسماء أعضائها‪ ،‬ومهنهم‪،‬‬
‫والغرض من الجتماعات والعلن عن مصادر التمويل‪ ،‬أو ما إذا كانت‬
‫‪".‬الجمعية التي قدمت هذه المعلومات‪ ،‬قد أدلت بها كاذبة أو ناقصة‬
‫أما فيما يتعلق بحل الجمعيات وتعليقها في سوريا‪ ،‬فوفقا للقانون رقم‬
‫‪ 93:‬توجد أربعة أسباب يمكن أن يبرر الحل القضائي للجمعية بموجبها هي‬
‫‪.‬إذا لم تعد الجمعية قادرة على الوفاء بالتزاماتها ‪68‬‬
‫في حال خصصت الجمعية أموالها لغراض غير تلك التي ‪69‬‬
‫‪.‬أنشئت من أجلها‬
‫‪.‬ارتكاب الجمعية انتهاكا خطيرا لقوانينها الساسية ‪70‬‬
‫إذا ما خالفت الجمعية القانون‪ ،‬والنظام العام أو الداب ‪71‬‬
‫‪.‬العامة‬
‫كما يمكن لوزار ة الشؤو ن الجتماعي ة والعمل حل أية جمعية بقرار‬
‫‪:‬مسبب في إحدى الحالت التالية‬
‫‪.‬ابتعاد الجمعية عن أهدافها المذكورة في قوانينها الساسية ‪72‬‬
‫‪.‬في حال لم يجتمع مجلس الدارة خلل ستة أشهر ‪73‬‬
‫قيام الجمعية بأنشطة ذات طابع عنصري أو طائفي أو ‪74‬‬
‫‪.‬سياسي ينال من أمن الدولة‬
‫‪.‬قيام الجمعية بأنشطة تنتهك الداب العامة والخلق ‪75‬‬
‫في حال إصرار الجمعية على مواصلة أنشطة مخالفة ‪76‬‬
‫‪.‬للقانون‪ ،‬على الرغم من تحذيرات الوزارة‬
‫في حال عدم قدرة الجمعية على تحقيق أهدافها والوفاء ‪77‬‬
‫‪.‬بالتزاماتها‬
‫في حال اعتبار الوزارة أن ل حاجة لها للخدمات التي تقدمها ‪78‬‬
‫‪!!!.‬الجمعية‬
‫ويكفي أن نذكر أنه على الصعيد العملي تم إغلق جميع المبادرات‬
‫الجتماعية التي تعمل في مجالت حقوق المرأة في سوريا‪ ،‬وذلك بموجب‬
‫قرار تعسفي من وزارة الشؤون الجتماعية والعمل‪ ،‬تحت مبررات وذرائع من‬
‫‪".‬قبيل "حماية المصالح العامة للدولة‬
‫()‬

‫وفي إطار التنظيم والعمل ‪ ،‬يجب أل تتعارض القوانين الساسية للجمعية‬


‫حال إنشائها‪ ،‬أو فيما بعد بالطبع‪ ،‬مع اعتبارات مصالح المن القومي أو الدولة‬
‫أو مع القوانين والداب العامة‪ .‬وذلك وفقا للمادة رقم ‪ 2‬من القانون رقم ‪.93‬‬
‫وفضل عن ذلك‪ ،‬يتبع النظام الداخلي للجمعيات أنموذجا إجباريا‪ ،‬وذلك حسب‬
‫المادة رقم ‪ 70‬من المرسوم الوزاري رقم ‪ 119‬لسنة ‪ ،1970‬بحيث ل يمكن‬
‫‪!.‬للعضاء تعديله بأي شكل من الشكال‬
‫وكما الشأن في مصر‪ ،‬يمنح القانون رقم ‪ 93‬وزارة الشؤون الجتماعية الحق‬
‫في التدخل المباشر في جميع النشطة التي تقوم بها الجمعية‪ .‬مثلما‬
‫يفرض القانون ذاته إبقاء الدارة على علم بكل اجتماعات الجمعية العمومية‪،‬‬
‫على القل خمسة عشر يوما قبل موعد الجتماع‪ .‬ويمكن للدارة المعنية أيضا‬
‫استبعاد مرشحين من النتخابات ممن يبدون لها غير صالحين كأعضاء في‬
‫‪.‬المجلس التنفيذي‪ ،‬حسب ما تنص على ذلك المادة رقم ‪ 47‬من القانون ‪93‬‬

‫ليس هذا فحسب‪ ،‬بل يجيز القانون ذاته لوزارة الشؤون الجتماعية العمل‬
‫والتدخل لتعديل أهداف الجمعيات لتناسب الغرض من إنشائها‪ ،‬حسب‬
‫ما تنص على ذلك المادة رقم ‪ 35‬من القانون ‪ .93‬بل ويمكنها أيضا منع تنفيذ‬
‫قرارات الجمعية العمومية ‪ ،‬ولمجلس الدارة أو لرئيسه‪ ،‬إذا ما اعتبرت‬
‫‪!!!.‬مثل هذه القرارات منافية للقانون‪ ،‬أو للمن العام‪ ،‬أو للخلق‬
‫أيضا‪ ،‬ل يسمح بتطبيق حرية الجتماع إل في أضيق الحدود‪ .‬كما يتوجب‬
‫على الجمعية التيان على ذكر الجتماعات أثناء تخطيط النشطة الموجهة‬
‫والحصول على التصاريح المنية اللزمة قبل خمسة عشر يوما على القل من‬
‫‪(.‬التاريخ المقرر للجتماع‪( .‬المادة ‪ 23‬من القانون ‪93‬‬

‫ويشير العلن الذي نشرته لجنة نهضة المجتمع المدني في سوريا‬


‫بتاريخ ‪ 22‬آب‪/‬أغسطس ‪ ،2007‬إلى القيود المفروضة على حرية حركة ناشطي‬
‫حقوق النسان‪ .‬حيث لم تسمح السلطات‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬للسيد‪ /‬رياض‬
‫سيف‪ ،‬رئيس مكتب أمانة سر إعلن دمشق‪ ،‬بالسفر خارج الدولة لتلقي‬
‫العلج رغم أنه يعاني مرحلة متقدمة من سرطان البروستاتا‪ ،‬ما أدى إلى‬
‫‪.‬تفاقم حالته الصحية‬
‫وفي المحصلة‪ ،‬يسمح كل من قانون الطوارئ والقانون الجنائي‬
‫بتعسف الحكومة في تحديد ماهية التعبير الغير قانوني‪ .‬وهكذا ثمة نصوص‬
‫وتشريعات تتضمن أحكاما بالحبس وغرامات مالية حال نشر أية معلومات‬
‫"خاطئة"!! أو تتسبب في "تحريض الشغب واضطراب العلقات العامة" أو من‬
‫الممكن أن تؤدي إلى "انتهاك كرامة الدولة أو الوحدة الوطنية‪ ،‬والتأثير على‬
‫معنويات القوات المسلحة‪ ،‬أو الضرار بالقتصاد الوطني وأمن النظام‬
‫‪"!!!.‬النقدي‬ ‫()‬

‫ويكفي أن نذكر هنا‪ ،‬أنه تم الحكم على عارف دليلة‪ ،‬في يوليو ‪ ،2002‬بالسجن‬
‫والشغال الشاقة لمدة عشر سنوات بعد أن أدانته محكمة أمن الدولة‬
‫العليا (وهي محكمة استثنائية بالطبع) بتهم‪ :‬نشر معلومات خاطئة‪ ،‬ومنع‬
‫السلطات من مباشرة مهامها‪ ،‬والتحريض على العصيان والنفصال الطائفي‪،‬‬
‫‪!!!.‬ومحاولة تغيير الدستور بالقوة‬

‫(‪)3‬‬ ‫تونس‬
‫على الرغم من أنه يوجد في تونس الن ما يقرب من ‪ 9132‬جمعية من جميع‬
‫الشكال والعاملة في كافة الحقول ومختلف المجالت المتعلقة بالمجتمع‬
‫المدني()‪ ،‬إل أن عددا قليل جدا منها يتمتع فعليا بالستقلل الذاتي عن‬
‫السلطات السياسية خاصة‪ ،‬فيما يتعلق بتحديد الهداف أو تعريف نشاطات‬
‫‪.‬الجمعية أو تسمية أعضائها‪...‬إلخ‬
‫فتاريخيا‪ ،‬لم يتم السماح نهائيا لي جمعية تتمتع بالستقلل التام بالتشكل‬
‫اعتبارا من العام ‪ .1989‬حيث تنظر السلطات النونسية إلى هذه الجمعيات‬
‫على أنها بمثابة تجمعات معارضة‪ .‬لذا تم تعديل قانون الجمعيات خلل عام‬
‫‪ 1992‬بحيث أفضى فعليا إلى تشديد الجراءات وإضافة المزيد من التعقيدات‬
‫‪.‬والقيود البيروقراطية‬
‫ورغم انضمامها إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬والذي يضمن لجميع الشخاص حرية التجمع‪ ،‬حسب المادة‬
‫رقم ‪ 22‬منه‪ ،‬كما ينص أيضا على وجوب أن تكون القيود المفروضة عن طريق‬
‫القانون معللة وضرورية‪ ،‬وأن يكون وضعها حيز التطبيق العملي متعلق‬
‫حصريا بالمن الوطني‪ ،‬والمن العام‪ ،‬والنظام العام‪ ،‬أو من أجل حماية‬
‫الصحة‪ ،‬أو الداب العامة‪ ،‬أو حقوق وحريات الفراد؛ إل أن الممارسات‬
‫الفعلية للسلطات التونسية تسير باتجاه معاكس تماما لما نص عليه العهد‬
‫‪.‬الدولي‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات والحق في التنظيم‬
‫ومع ذلك‪ ،‬تنص المادة رقم ‪ 8‬من الدستور التونسي على أن حرية التجمع‬
‫والصحافة مكفولة‪ ،‬على أن تتم ممارستها ضمن الشروط المحددة‬
‫بالقانون‪ .‬ورغم أن هذه المادة تكفل حرية التجمع نظريا إل أنها تترك ممارسة‬
‫‪.‬هذه الحرية لتقدير السلطة التشريعية‪ ،‬الخاضعة بدورها للسلطة التنفيذية‬
‫أيضا تنص المادة رقم ‪ 32‬من الدستور التونسي على أن التفاقيات الدولية‬
‫المصدق عليها لها سلطة أعلى من سلطة القوانين الوطنية‪.‬‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬ترفض المحاكم التونسية العتراف لهذه التفاقيات بسلطة أعلى‬
‫من سلطة القوانين متذرعة في ذلك بالقول إن مهتها تنحصر في تطبيق‬
‫‪!!.‬القوانين المحلية ليس إل‬
‫‪-‬‬
‫‪59 154‬‬‫وعلى الجانب التشريعي‪ ،‬تم تعديل القانون المتعلق بالجمعيات رقم‬
‫بتاريخ ‪ 7‬تشرين الثاني ‪ ،1959‬بكل من‪ :‬القانون الصادر بتاريخ ‪ 2‬آب ‪،1988‬‬
‫والقانون الصادر بتاريخ ‪ 2‬نيسان ‪ .1992‬وفيما اشترط الول منهما الحصول على‬
‫تصريح‪ ،‬عمل الثاني على تصنيف الجمعيات وتقسيمها بحسب أهدافها‬
‫‪.‬ونشاطاتها‬
‫وفي كل الحوال‪ ،‬ل تتمتع الجمعيات غير المصرح لها بأية صفة قانونية وذلك‬
‫بموجب المواد ‪ 31-29‬من قانون الجمعيات‪ .‬وتنص المادة رقم ‪ 1‬من القانون‬
‫رقم ‪ 59-154‬لسنة ‪ 1959‬على أن "الجمعية هي اتفاق بين شخصين أو‬
‫أكثر بشكل مستمر موحدين معارفهم أو نشاطاتهم من أجل‬
‫هدف آخر غير تشارك الرباح‪ .‬وتكون الجمعية محكومة بالمبادئ‬
‫العامة للقانون المطبقة على العقود واللتزامات"‪ .‬غير أن المحاكم‬
‫التونسية تفسر تعبير "بشكل مستمر" الوارد في النص أعله بطريقة حصرية‬
‫من أجل أن تمنع الجمعيات المؤقتة وتهدد أعضائها بالحبس‪ ،‬حسب المادتين‬
‫‪ 29.‬و ‪ 30‬من القانون‬
‫وفي سياق مشابه‪ ،‬يمكن لوزير الداخلية رفض تسجيل الجمعية ولكن‬
‫مع التعليل‪ .‬وبشكل عام يكون الرفض مترافق عادة مع عبارة "غير‬
‫متوافق مع القانون"!!‪ .‬وغالبا ما تكون أسباب الرفض سياسية مثلما هو‬
‫الحال مع كل من‪ :‬المجلس الوطني للحريات في تونس‪ ،‬ومرصد الصحافة‬
‫والنشر والبداع‪ .‬وفي بعض الحيان تبدأ الجمعيات بممارسة أنشطتها خارج‬
‫نطاق القانون رغم عدم السماح لها بالتشكل‪ ،‬كما هو الحال لكل من‪:‬‬
‫المجلس الوطني للحريات‪ ،‬والرابطة الدولية لدعم المعتقلين السياسيين‪،‬‬
‫والرابطة التونسية ضد التعذيب‪ ،‬وحتى نقابة الصحفيين‪ ،‬والتي من المفترض‬
‫‪!!!.‬أل تكون مقيدة من وجهة نظر دستورية‬
‫كما يحق لوزير الداخلية ‪ ،‬وفي حالة الضرورة القصوى‪ ،‬ومن أجل تفادي‬
‫اضطراب النظام العام وبقرار معلل‪ ،‬إغلق مقار الجمعية بشكل مؤقت‬
‫وبحد أقصى خمسة عشر يوما‪ ،‬وتعليق نشاطاتها واجتماعاتها‪( .‬المادة ‪)23‬‬
‫مثلما يمكنه أن يطلب من المحكمة المختصة حل أي جمعية تخرق قانون‬
‫الجمعيات‪ ،‬أو تقوم بنشاطات مخالفة للنظام العام أو الخلق‪ ،‬أو تلك التي‬
‫تقوم بنشاطات سياسية (المادة ‪ .)24‬وفي مثل هذه الحالت أيضا يحق له‬
‫‪.‬إغلق مقار الجمعية وتعليق أنشطتها مباشرة‬
‫أما فيما يتعلق بحرية الجتماع ‪ ،‬فل يضع القانون الصادر بتاريخ ‪ 24‬كانون‬
‫الثاني سنة ‪ 1969‬والخاص بالجتماعات العامة والتكتلت والمظاهرات‪ ،‬أية‬
‫عوائق تحول دون حرية الجتماع‪ .‬غير أنه يشترط إعلم البلدية قبل ‪ 72‬ساعة‬
‫على القل قبل الجتماع‪ .‬لكن التطبيق العملي يكشف تجاوزات شتى في هذا‬
‫السياق من قبل وزارة الداخلية‪ .‬فعلى سبيل المثال يتم حتى الن منع‬
‫الرابطة التونسية لحقوق النسان من عقد مؤتمراتها منذ عام ‪ .2005‬وفي ‪ 26‬و‬
‫‪ 27‬أيار ‪ 2007‬قامت الشرطة بالحيلولة دون عقد محاضرة حول الوضع‬
‫‪.‬الجتماعي في تونس وذلك بمقر الرابطة أيضا‬
‫وعلى الرغم من أن حرية التنقل مكفولة بموجب القانون‪ ،‬إل أنه غالبا ما‬
‫يتم انتهاكها هي الخرى من قبل السلطات التونسية‪ .‬كما أن حرية التواصل‬
‫مع وسائل العلم مقيدة بدورها بالنسبة للجمعيات المستقلة‪ .‬أما بالنسبة‬
‫لمسألة الحصول على المنح والتمويلت الجنبية‪ ،‬فرغم عدم وجود أي‬
‫نص قانوني يحظر ذلك‪ ،‬إل أن القانون الجديد الصادر بتاريخ ‪ 10‬كانون الول‬
‫‪ 2003‬والمتعلق بدعم الجهود الدولية لمكافحة الرهاب وغسل الموال‪ ،‬فرض‬
‫سلسلة جديدة من المخالفات كما فرض إجراءات صارمة وعقوبات جزائية‬
‫‪.‬في هذا الطار‬
‫وهكذا لم تترك السلطات القائمة وسيلة من الوسائل‪ ،‬قانونية كانت أم غير‬
‫قانونية‪ ،‬لحكام الخناق حول "الرابطة التونسية لحقوق النسان"‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬ومؤسسات المجتمع المدني بصفة عامة‪ ،‬إل وقامت بها وعولت‬
‫ت الهيئات‬
‫عليها‪ .‬وفضل عن منع النشطاء التونسيين من السفر‪ ،‬وُظف ْ‬
‫القضائية التي تهيمن عليها السلطة التنفيذية في استصدار حكم قضائي‬
‫يقضي ببطلن عقد المؤتمر السادس للرابطة التونسية في ديسبمر ‪،2005‬‬
‫لتبدأ من بعده فرض حصار أمني للمقر المركزي للرابطة وللمقار الفرعية‬
‫‪!!.‬دام ما يقرب من عامين كاملين‬
‫كما فرضت السلطات التونسية أيضا حصارا مماثل في مايو ‪ 2007‬على مقر‬
‫"المجلس الوطني للحريات" استمر زهاء شهر ونصف تقريبا‪ .‬مثلما‬
‫عمدت السلطات أيضا في إجراءاتها لتطويق الرابطة التونسية بتجميد المنح‬
‫‪.‬الخارجية التي أبرمتها الرابطة مع مؤسسات وهيئات التحاد الوربي‬
‫أيضا‪ ،‬طالت محاولت الترهيب أعضاء "الجمعية الدولية لمساندة‬
‫السجناء السياسيين" ‪ ،‬والتي تأسست هناك قبل خمس سنوات‪ .‬حيث تم‬
‫توقيف أحد محاميها في ديسمبر‪ 2007‬وتلقى تهديدا باعتباره يمارس أنشطة‬
‫غير قانونية بدعوى أن الجمعية غير معترف بها أصل‪ ،‬مع العلم بأنها كانت قد‬
‫تقدمت مرارا وتكرارا‪ ،‬ومنذ تأسيسها‪ ،‬بطلب ترخيص دون أن تتحصل على رد‬
‫رسمي خلل المهلة التي يحددها القانون‪ ،‬فيما تبرر السلطات التونسية‬
‫امتناعها عن تسجيلها بدعوى أن اسمها يوحي بأن في تونس سجناء‬
‫‪!!!.‬سياسيين‬

‫(‪)4‬‬ ‫البحرين‬
‫على الرغم من التحول الديمقراطي السريع الذي مرت به البحرين()‪ ،‬ل يزال‬
‫قانون الجمعيات والندية الجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة‬
‫العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة الصادر بمرسوم‬
‫القانون رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 1989‬والمعدل بمرسوم القانون رقم ‪ 44‬لسنة ‪ ،2002‬يشكل‬
‫تقييدا ً لحرية تشكيل الجمعيات ويمنح الحكوم ة البحرينية السلطة العليا‬
‫للتحكم والتدخل في أمور الجمعيات الداخلية‪ .‬ومن أهم التجاوزات التي تم‬
‫‪:‬رصدها من قبل منظمات حقوق النسان البحرينية بصفة خاصة ما يلي‬
‫أول‪ :‬قامت وزارة التنمية الجتماعية بحل مجلس إدارة "الجمعية‬
‫البحرينية للشفافية" وتعيين مدير مؤقت لها لحين انتخاب مجلس إدارة‬
‫جديد‪ )(.‬ويأتي هذا الجراء على خلفية قرار الجمعية العمومية الستثنائية‬
‫للجمعية البحرينية للشفافية بتعديل المادة رقم ‪ 7‬من النظام الساسي لها‬
‫‪:‬بإضافة بندين إلى الهداف التي تعمل الجمعية على تحقيقها وهما‬
‫‪.‬نشر ثقافة حوكمة الشركات بمختلف أنواعها ‪79‬‬
‫تشجيع مؤسسات المجتمع المدني على تطبيق معايير الحوكمة ‪80‬‬
‫‪.‬المناسبة لطبيعة عملها‬
‫كما قررت أيضا‪ ،‬وفي سياق توسيع قاعدة المشاركة بعضويتها‪ ،‬خفض الحد‬
‫الدنى لسن العضو العامل من ‪ 25‬إلى ‪ 21‬سنة‪ ،‬واستحداث فئة العضوية‬
‫المشاركة لمن بلغ ‪ 18‬عاما ً‪ ،‬على أن يعفى من الشتراكات السنوية وتطبق‬
‫عليه باقي شروط العضوية‪ ،‬وخفض عدد أعضاء مجلس الدارة من سبعة إلى‬
‫‪.‬خمسة أعضاء فقط وتنفيذ ذلك قبل نشر التعديل في الجريدة الرسمية‬
‫وبينما أصرت وزارة التنمية الجتماعية على أن مجلس إدارة الجمعية قد‬
‫ارتكب مخالفات إدارية (لم تحددها على وجه الدقة) ؛ اعتبرت الجمعية أن‬
‫القرار جاء على خلفية إصرارها على مراقبة النتخابات النيابية والبلدية‬
‫بالرغم من معارضة الوزارة لذلك()‪ .‬ومع أن الوزارة وافقت مؤخرا ً على‬
‫تعديلت الجمعية على نظامها الساسي‪ ،‬إل أنها تلكأت في نشر موافقتها هذه‬
‫في الجريدة الرسمية‪ .‬وحسبما ينص القانون‪ ،‬ل يمكن تفعيل التعديلت وتصبح‬
‫في حكم المعدومة ما لم تبادر الوزارة وتنشرها في الجريدة الرسمية‪ .‬وقد‬
‫أفرز هذا الوضع إشكالية لدى جمعية الشفافية البحرينية وعطل عقد جمعيتها‬
‫‪.‬العمومية لنتخاب هيئة إدارية‬
‫ثانيا‪ :‬ل تزال وزارة التنمية الجتماعية ترفض الترخيص ل "جمعية البحرين‬
‫لشباب حقوق النسان"‪ ،‬حيث تقدمت الوزارة بشكوى لدى النيابة العامة‬
‫لقيام اللجنة التحضيرية للجمعية بعدة فعاليات داخل وخارج البحرين قبل‬
‫‪.‬الحصول على الشهار الرسمي؛ المر الذي اعتبرته الوزارة مخالفا ً للقانون‬
‫ثالثا‪ :‬وفي شهر نوفمبر‪ ،2007‬دعت وزارة التنمية الجتماعية الجمعيات الهلية‬
‫لمناقشة مسودة القانون الجديد للمنظمات الهلية‪ ،‬وذلك قبل رفعه للحكومة‬
‫تمهيدا ً لرفعه بالتالي لمجلس النواب لقراره‪ .‬وقد رفضت الجمعيات اللية‬
‫التي اتبعتها الوزارة في المناقشة وإدارة الحوار معها حيث لم تزود الوزارة‬
‫هذه الجمعيات بنسخ عن القانون لمناقشته مع إداراتها وأعضائها‪ ،‬كما هو متبع‬
‫في أغلب المناقشات الخاصة بمشاريع الجمعيات الهلية‪ .‬ثم دعت الوزارة‬
‫مندوبي الجمعيات للحضور شخصيا ً للطلع على نسخة إلكترونية غير قابلة‬
‫‪!!.‬للطباعة وإبداء رأيهم في استمارة خاصة معدة لهذا الغرض خصيصا‬
‫وما إن نشرت مسودة القانون على موقع المركز الدولي لقانون‬
‫وهو منظمة أميركية استدعتها ‪ )ICNL(،‬المنظمات الغير هادفة للربح‬
‫الوزارة للستشارة ولعقد بعض ورش العمل حول القانون؛ حتى قامت‬
‫الجمعية البحرينية لحقوق النسان بالتنسيق مع ‪ 26‬جمعية أهلية أخرى بإعلن‬
‫رفضهم لمسودة القانون‪ ،‬بالضافة إلى اللجنة التحضيرية لتحاد‬
‫الصناديق الخيرية ‪ ،‬والذي يضم تحت مظلته ‪ 80‬صندوقا ً خيرياً ‪ .‬وقد رفعت‬
‫تحفظاتها على المشروع للوزارة مطالبة بإطلق حرية العمل في‬
‫المنظمات الهلية‪ ،‬وإنهاء تدخل الوزارة في عملها‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تم تعديل‬
‫بعض بنود القانون‪ ،‬غير أن هذه التعديلت لم تعكس في مجملها رؤية وطموح‬
‫‪.‬الجمعيات البحرينية‬
‫رابعا‪ :‬في ردة فعل حول قيام "جمعية البحرين النسائية" تنظيم فعالية‬
‫ضمن أهدافها بمشاركة خبراء من خارج البحرين؛ حاولت وزارة التنمية‬
‫الجتماعية فرض قيود جديدة على الجمعيات الهلية واشتراطها ضرورة‬
‫الحصول على تصريح من الوزارة قبل القيام بأي نشاط‪ ،‬حسبما ذكرت‬
‫‪ .‬صحيفة اليام البحرينية‬
‫()‬

‫خامسا‪ :‬وفي السياق ذاته‪ ،‬أصدرت وزيرة التنمية الجتماعية قرارا ً يقضي‬
‫بالرقابة على الجمعيات الهلية‪ .‬وقد أنيطت مهمة الرقابة هذه إلى كل من‪:‬‬
‫رئيس قسم الشهار والتسجيل‪ ،‬وأخصائي أول أنشطة إجتماعية‪ .‬وقد اعتبرت‬
‫الجمعيات أن تلك الجراءات جزء من محاولة الوزارة تضييق الخناق عليها‬
‫ووضع العراقيل في طريقها‪ ،‬كما اعتبرتها أيضا مؤشرا ً على عزم الوزارة‬
‫إصدار قانون للمنظمات الهلية أشد من القانون الحالي بحيث ل يمنح‬
‫الجمعيات مجال ً للتحرك‪ .‬فضل عن أن القانون الحالي للجمعيات الهلية يمنح‬
‫الحق للوزارة المسئولة عن الجمعيات بتفتيشها والطلع على وثائقها‬
‫‪.‬ومستنداتها ومراجعة حساباتها في أي وقت تشاء‬
‫وفيما يتعلق بحرية تنظيم المؤسسات النقابية ‪ ،‬صدر قانون النقابات‬
‫العمالية رقم ‪ 33‬لسنة ‪ 2002‬بتاريخ ‪ 24‬سبتمبر‪ ،‬ليسمح للعمال بتشكيل نقاباتهم‬
‫العمالية‪ .‬وبينما لم يفرق القانون ما بين القطاع العام أو الخاص من جهة‬
‫الحق في تشكيل النقابات؛ أصدر ديوان الخدمة المدنية التعميم رقم ‪1‬‬

‫لسنة ‪ 2003‬ليحظر بمقتضاه إنشاء نقابات في القطاع العام!!‪ .‬وقد احتج‬


‫التحا د العا م لعما ل البحرين على هذا القرار وتقدم بشكوى لمنظمة‬
‫‪.‬العمل الدولية ضد الحكومة لمنعها تشكيل النقابات في القطاع الحكومي‬
‫‪2002‬‬‫ومن المعلوم أن هذا التعميم يتناقض مع المرسوم الملكي رقم ‪ 33‬لعام‬
‫ومع كل من‪ :‬الدستور البحريني‪ ،‬وميثاق العمل الوطني‪ ،‬والمواثيق‬
‫الدولية‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬أصر موظفو القطاع العام على حقهم في ممارسة‬
‫حرياتهم النقابية فتم إنشاء نقابات في كل من‪ :‬إدارة البريد‪ ،‬ووزارة الكهرباء‬
‫والماء‪ ،‬ووزارة الصحة‪ ،‬ووزارة الداخلية‪ ،‬ووزارة الشغال والموانئ‪ ،‬والتي‬
‫‪.‬انتقلت إدارتها فيما بعد إلى القطاع الخاص‬
‫ومع تصديق دولة البحرين على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية تجددت آمال موظفي القطاع العام بالسماح لهم بتشكيل‬
‫نقاباتهم‪ .‬خاصة‪ ،‬وأن العهد الدولي يدعو صراحة إلى ضمان حرية العمل‬
‫النقابي‪ ،‬وعدم جواز النتقاص من هذا الحق‪ .‬غير أن الحكومة البحرينية بقيت‬
‫‪!!.‬على موقفها الرافض لتكوين نقابات في القطاع الحكومي‬
‫وتبعا لموقفها هذا‪ ،‬استمرت السلطة في التضييق على النقابيين في القطاع‬
‫العام‪ .‬ففي ‪ 29‬نوفمبر ‪ 2006‬أجرت إدارة البريد تحقيقا ً مع نائب رئيس نقابة‬
‫العاملين في الدارة السيدة‪ /‬نجية عبد الغفار‪ ،‬متهمة إياها بإفشاء أسرار‬
‫العمل للصحافة م ن دون الحصول على تصريح رسم ي م ن قبل المسئول‬
‫المباشر للعمل!!‪ )(.‬كما كشفت مصادر نقابية في النقابات الحكومية عن‬
‫تشكيل لجنة رسمية مكونة من عشرة أعضاء بينهم مستشارون قانونيون من‬
‫دائرة الشئون القانونية وديوان الخدمة المدنية لملحقة القائمين على‬
‫النقابات الحكومية‪ .‬وأشارت المصادر إلى أن اللجنة قد بدأت التحقيق في‬
‫إدارة البريد مع رئيس نقابتها السيد‪ /‬جمال عتيق ونائبته‪ .‬حيث استمر التحقيق‬
‫معهما لساعات طوال ركز فيها المحققون على بند مخالفة تعميم ديوان‬
‫‪.‬الخدمة المدنية رقم (‪ )1‬لعام ‪2003‬‬

‫وقد أبلغت اللجنة كل ً من رئيس النقابة ونائبته بأنها ستتخذ إجراءات قانونية‬
‫ضد أي موظف يخالف أنظمة الخدمة المدنية‪ .‬ويأتي هذا الجراء بعد أن وجه‬
‫ديوان الخدمة المدنية الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى اتخاذ الجراءات‬
‫‪.‬القانونية لوقف عمل النقابات فيها بوصفها تنظيمات غير شرعية‬
‫وعلى الرغم من تأكيد الحكومة البحرينية أنها قدمت ضمانات عدة لتوفير‬
‫الحماية العمالية‪ ،‬وذلك في إطار اتفاق التجارة الحرة مع الوليات المتحدة‬
‫الميركية‪ ،‬حيث أشارت إلى وجود نحو أربعين نقابة في القطاع الخاص وست‬
‫نقابات في القطاع العام تمثل ستة آلف موظف‪ ،‬وبما يعد اعترافا ً ضمنيا ً من‬
‫جانبها بنقابات القطاع العام‪ .‬وعلى الرغم أيضا من تأكيد وزير العمل‬
‫البحريني أن الحكومة تدعم توجه إنشاء نقابات عمالية بالوزارات والهيئات‬
‫الحكومية‪ ،‬وذلك أثناء اجتماعه مع وفد من التحاد العام لنقابات عمال‬
‫الوليات المتحدة الميركية برئاسة السيد‪ /‬جون سويتي‪ ،‬إل أن الواقع ل يزال‬
‫‪.‬يناقض مثل هذه التصريحات الرسمية‬
‫فحتى على صعيد النقابات التي تم تكوينها في القطاع الخاص‪ ،‬ل تزال‬
‫ضيقُ على أعضائها‪ .‬وقد سجلت الجمعية‬ ‫إدارات الشركات تضيق بها وت ُ ّ‬
‫البحرينية لحقوق النسان مجموعة من هذه النتهاكات المتعلقة بشأن حرية‬
‫‪.‬العمل النقابي في القطاع الخاص‬ ‫()‬

‫أما فيما يتعلق بحرية تنظيم الجمعيات المهنية‪ ،‬لم تتمكن هذه‬
‫الجمعيات‪ ،‬كجمعية الطباء والمهندسين والمحامين وغيرها‪ ،‬من التحول إلى‬
‫نقابات على الرغم من سعيها الحثيث لحماية مصالح أعضائها‪ .‬وقد كان نشاط‬
‫جمعية المعلمين هو البرز من بينها؛ إذ تبنت مطالب المعلمين الخاصة‬
‫بضرورة تحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم‪ ،‬ودشنت في سبيل ذلك عريضة‬
‫وقع عليها قرابة ‪ 14‬ألف معلم ومعلمة‪ .‬كما نجحت في تنظيم اعتصامين‬
‫شارك في الول ثلثة آلف معلم ومعلمة‪ ،‬بينما شارك في الثاني قرابة‬
‫‪.‬خمسة آلف معلم ومعلمة‬
‫كما دعت الجمعية أعضائها‪ ،‬أثناء احتفالها بيوم المعلم‪ ،‬إلى وضع شارات‬
‫سوداء على أكتافهم احتجاجا ً على أوضاعهم القتصادية المتردية وتدني‬
‫‪.‬رواتبهم‪ .‬وقد استجاب للدعوة نحو ‪ 14‬ألف معلم ومعلمة‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬شكلت وزارة الصحة لجنة مكونة من ‪ 12‬عضوا ً من‬
‫العاملين بالوزارة‪ ،‬وممثلين من ديوان الخدمة المدنية‪ ،‬ودائرة الشئون‬
‫القانونية للتحقيق مع الدكتور‪ /‬عبد الله العجمي‪ ،‬رئيس جمعية الطباء‬
‫البحرينية‪ ،‬على خلفية إعلن جمعيته التعاون مع لجنة تحقيق برلمانية‪ .‬وقد‬
‫استندت الوزارة في تشكيل اللجنة إلى المادة رقم (‪ )66‬من القانون رقم ‪35‬‬

‫لسنة ‪ ،2006‬والتي تنص على أن "يكون الختصاص بإحالة الموظف إلى‬


‫‪".‬التحقيق وتوقيع الجزاءات التأديبية عليه للسلطة المختصة‬
‫وقد أدانت نحو اثنتى عشرة جمعية حقوقية ومهنية وسياسية هذا الجراء‬
‫المتعسف‪ ،‬معتبرة إياه يشكل تعديا ً على حق مؤسسات المجتمع المدني في‬
‫التعبير عن رأيها بكل حرية وشفافية‪ ،‬وفي ظل القانون‪ ،‬وطالبت الوزارة‬
‫‪.‬بإلغاء التحقيق وهو ما رضخت له الوزارة فيما بعد‬
‫وعلى صعيد المحامين‪ ،‬يذكر أنهم قد اعتصموا يوم ‪ 27‬ديسمبر ‪ 2006‬أمام مبنى‬
‫وزارة العمل مطالبين بإلغاء المرسوم بقانون رقم ‪ 77‬لسنة ‪ ،2006‬إضافة إلى‬
‫السماح لهم بتأسيس نقابة محامين حرة باستطاعتها منح تراخيص مزاولة‬
‫‪.‬المهنة‪ ،‬ومنح المحامين الحق في التمتع بنظام تأميني اجتماعي خاص‬
‫وعقب ذلك اجتمع وفد من جمعية المحامين البحرينية مع نائب رئيس‬
‫المجلس العلى للقضاء‪ ،‬رئيس المحكمة الدستورية‪ ،‬وسلمه ملفاً‬
‫يتضمن مطالب المحامين بهدف العمل على تسوية المشكلت التي يعانون‬
‫‪:‬منها‪ ،‬وكان من بين هذه المطالب‬
‫‪‬‬ ‫إلغاء المرسوم رقم ‪ 77‬لسنة ‪ 2006‬بتعديل بعض أحكام قانون‬
‫‪،‬المحاماة الصادر بمرسوم بقانون رقم ‪ 26‬لسنة ‪1980‬‬ ‫والذي‬
‫‪.‬فتح المجال لمكاتب المحاماة الجنبية لممارسة العمل في البلد‬
‫‪‬‬ ‫المطالبة بنقابة للمحامين تتمتع بكافة الصلحيات في تنظيم المهنة‬
‫‪.‬من قيد وتأديب وترخيص‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬الحصول على التأمين الجتماعي ضد الشيخوخة والعجز والوفاة‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬زيادة الدعم الشهري للمحامين المتدربين‬
‫‪‬‬ ‫إشراك جمعية المحامي ن في مقترحات صياغة القوانين المختلفة‬
‫‪.‬وأخذ رأيهم في القوانين ذات الصلة بهم وبعملهم‬
‫‪‬‬ ‫حل المشكلت والصعوبات التي تواجههم في وزارة العدل‬
‫‪،‬والمحاكم ومع المجلس العلى للقضاء‬ ‫فضل عن تلك التي‬
‫‪.‬تواجههم أمام النيابة العامة‬
‫‪‬‬ ‫مطالبة وزارة الصناعة والتجارة بوقف السماح لمكاتب المحاسبة‬
‫والتدقيق وشركات الستشارات الدارية بالقيام بعملية تسجيل‬
‫‪.‬الشركات والعلمات التجارية وبراءات الختراع‬
‫‪‬‬ ‫العتراض على الستثناءات الصادرة لبعض المحامين بالسماح لهم‬
‫‪.‬بالجمع بين ممارسة مهنة المحاماة والعمل الحكومي‬
‫‪‬‬ ‫مطالبة وزارة التربية والتعليم بضرورة وضع الضوابط والرقابة على‬
‫‪.‬كليات وجامعات الحقوق الخاصة في المملكة‬ ‫()‬

‫ورغم التعقيدات القانونية والتجاوزات الفعلية‪ ،‬تبقى حرية التنظيم في‬


‫البحرين أفضل حال عن الدول الثلث التي عرضنا لها‪ :‬مصر‪ ،‬سوريا‪ ،‬تونس‪.‬‬
‫وإن كانت أسوأ حال في الوقت نفسه عن كل من المغرب ولبنان‪ .‬لكن من‬
‫الملحظ أن الضغط الذي تمارسه مؤسسات المجتمع المدني في البحرين‪،‬‬
‫وإن كان أقل من الذي تقوم به هذه المؤسسات في مصر على سبيل المثال‪،‬‬
‫إل أنه يؤتي ثماره عاجل حيث انتهت أغلب التجاوزات التي حدثت برضوخ‬
‫كلي أو جزئي من قبل الجهزة الدارية لمطالب منظمات المجتمع المدني‪،‬‬
‫‪.‬وهو مال يكاد يحدث في كل من مصر وسوريا وتونس على حد سواء‬
‫وتبقى رغم ذلك بعض العقبات القانونية‪ ،‬خاصة تلك التي تتعلق بحرية‬
‫الجتماع‪ ،‬بحاجة إلى المزيد من العمل للغائها أو تعديلها‪ .‬حيث تنص المادة‬
‫‪:‬الثالثة من قانون التجمعات على ما يلي‬
‫يجب أن يبين في الخطار زمان ومكان وموضوع الجتماع وما إذا كان ‪81‬‬
‫‪.‬الغرض من الجتماع محاضرة أو مناقشة عامة‬
‫‪.‬يجب أن يوقع الخطار ثلثة أشخاص ‪82‬‬
‫‪:‬يشترط في من يوقع الخطار ‪83‬‬
‫‪.‬أن يكون من أهل المدينة أو الجهة التي سيعقد فيها الجتماع ‪‬‬
‫‪،‬أن يكون محل إقامته في تلك المدينة ‪‬‬ ‫القرية‬ ‫‪،‬أو‬
‫ً‬
‫‪.‬أو أن يكون معروفا بين أهلها بحسن السمعة‬
‫‪.‬أن يكون متمتعا ً بحقوقه المدنية والسياسية ‪‬‬
‫‪،‬وأن يبين كل من يوقع على الخطار‪ :‬اسمه ‪‬‬ ‫‪،‬ومهنته‬
‫‪.‬ومحل إقامته‬
‫ف الخطار أيا ً من الشروط المشار إليها اعتبر كأن لم يكن‬
‫‪!!.‬فإذا لم يستو ِ‬
‫كما تمنح المادة الثالثة أيضا "رئيس المن العام أو من ينوب عنه [الحق في]‬
‫تغيير زمان ومكان الجتماع بناء على أي سبب يخل بالنظام العام‪ ،‬على أن‬
‫يبلغ طالبي الجتماع بذلك خلل يومين على الكثر من الخطار‪ ،‬وعلى أن ل‬
‫‪".‬يتعدى التأجيل أسبوعاً‬

‫وفي المحصة‪ ،‬يبد و أن التعديل ت التي تأمل الحكوم ة البحرينية‬


‫إدخالها على القانون الحالي تشبه إلى حد بعيد نظيرتها التي‬
‫تعمل وزارة التضامن الجتماعي في مصر على إدخالها‪ .‬ويبقى‬
‫على مؤسسات المجتمع المدني في كل البلدين‪ ،‬وفي كافة‬
‫بلدا ن العالم العرب ي عامة‪ ،‬أ ن تق ف لهذ ه المحاولت بالمرصاد‪،‬‬
‫‪!!.‬وأن تدافع عن حقها في الوجود‪ ..‬مهما كان الثمن فادحا‬
‫خامسا‪ :‬التوصيات‬
‫من خلل استعراضنا السابق لوضعية حرية تكوين الجمعيات والحق في‬
‫التنظيم في العالم العربي‪ ،‬وعلى وجه التفصيل في كل من مصر وسوريا‬
‫وتونس والبحرين‪ ،‬بدا واضحا حجم النتهاكات المتعلقة بهذا الجانب من جهة‪،‬‬
‫وكثرة التشريعات المقيدة لهذين الحقين من جهة ثانية‪ .‬والواقع‪ ،‬إن ما يقال‬
‫عن وضعية حرية الجمعيات والحق في التنظيم يمكن أن يقال أيضا عن‬
‫وضعيات أخرى‪ ،‬كوضعية حرية الرأي والتعبير‪ ،‬واستقلل القضاء‪ ،‬وحكم‬
‫القانون‪...‬إلخ‪ .‬بما أن المناخ العام للتسلط والستبداد لم يدع حقل من الحقول‬
‫‪.‬إل وشابه بشائبة‬
‫ومع ذلك تقدم جملة التوصيات التي سنوردها هنا حل للخروج من مأزق‬
‫المراقبة والمعاقبة وسجل النتهاكات الخاصة بحقوق النسان‪ .‬هذا وستتوزع‬
‫التوصيات‪ ،‬كما كان شأن المعالجة من قبل‪ ،‬على كل من‪ :‬الوضع السياسي‬
‫والديمقراطي وحقوق النسان وبما يتضمن البيئة المطلوبة من أجل دعم‬
‫وتطوير عمل منظمات المجتمع المدني في العالم العربي عامة‪ ،‬ودول‪ :‬مصر‬
‫وسوريا وتونس والبحرين بصفة خاصة‪ ،‬والتشريع والممارسات حيال‬
‫‪.‬الجمعيات والمنظمات غير الحكومية‬

‫‪:‬أول‪ :‬ما يتعلق بالبيئة الملئمة للمجتمع المدني‬


‫يتوجب على جميع الدول العربية التقيد بالمواثيق الدولية التي ‪84‬‬
‫وقعت عليها‪ ،‬خاصة العلن العالمي لحقوق النسان والعهد الدولي‬
‫الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬الذين يؤكدا كل من حرية‬
‫‪.‬الجتماع‪ ،‬وحرية تكوين الجمعيات‬
‫كما يتوجب عليها أيضا الخذ بعين العتبار السوابق الصادرة عن لجنة ‪85‬‬
‫‪.‬المم المتحدة لحقوق النسان‬
‫يتعين على التحاد الوربي إنفاذ العلن المتعل ق بحق ومسؤولية ‪86‬‬
‫الفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق النسان‬
‫والحريات الساسية المعترف بها عالميا‪ ،‬والذي تمت المصادقة عليه‬
‫من قبل الجمعية العامة للمم المتحدة في ‪ 9‬ديسمبر ‪،1998‬‬
‫بالضافة إلى قرار التحاد الفريقي بتاريخ ‪ 5‬ديسمبر ‪ 2005‬الخاص‬
‫‪.‬بالدفاع عن حقوق النسان في إفريقيا‬
‫يتوجب على الدول العربية عدم إخضاع ترتيبات تسجيل جمعية ‪87‬‬
‫ترغب مجموعة في تأسيسها تحت هذا الشكل القانوني الخاص إلى‬
‫استصدار أية تراخيص مسبقة من قبل السلطات‪ ،‬وينبغي بدل من ذلك‬
‫‪.‬أن يكون مجرد تصريح المؤسسين بقيام الجمعية كافيا‬
‫‪88‬‬ ‫العتراف بحق القضاة في التمتع بحريات تكوين الجمعيات والتعبير‬
‫وفقا لما يقرره العلن العالمي لحقوق النسان‪ ،‬وما تنص عليه صراحة‬
‫المادة رقم ‪ 8‬من المبادئ الساسية للمم المتحدة بشأن استقلل‬
‫‪.‬السلطة القضائية ‪1985‬‬
‫‪89‬‬ ‫ضرورة توسيع إمكانية إشراك النساء في الحياة الجمعياتية وتشجيع‬
‫‪.‬مشاركتهن وتحملهن مسؤولية إدارة وقيادة الجمعيات‬
‫‪90‬‬ ‫إزالة العوائق والتشريعات التي تمنع أو تحول دون تلقي الجمعيات‬
‫‪.‬للمنح أو التمويلت الجنبية‬
‫‪91‬‬ ‫يتوجب على الحكومة المصرية التقيد بأحكام الميثاق الدولي وإلغاء‬
‫حالة الطوارئ والتي تبرر من خللها الممارسات النتهاكية لحقوق‬
‫‪.‬النسان‪ ،‬وخصوصا حرية التعبير والجتماع‬
‫‪92‬‬ ‫كما يتوجب عليها أيضا وضع حد للجوئها الدائم إلى القوانين الستثنائية‬
‫بذريعة مكافحة الرهاب وكافة التشريعات المتعلقة بالمن كأساس‬
‫‪.‬للقيود التعسفية المتعلقة بالنشاطات السلمية وحرية التعبير والجتماع‬
‫‪93‬‬ ‫يتعين عليها أيضا الخذ بعين العتبار التوصيات الصادرة عن مؤتمر‬
‫القاهرة بتاريخ ‪ 27‬و ‪ 28‬حزيران ‪ 2007‬حول التعديل التشريعي‬
‫‪.‬المتعلق بحرية الجتماع في العالم العربي‬
‫‪94‬‬ ‫يتوجب على الحكومة السورية التصرف وفقا لنصوص المعاهدة‬
‫الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والقوانين والمبادئ‬
‫المنصوص عليها في المواثيق الدولية الخرى والتي صدقت عليها‬
‫‪.‬سوريا‬
‫‪95‬‬ ‫كما يتعين عليها بطبيعة الحال إلغاء قانون الطوارئ والقانون رقم ‪93‬‬
‫لعام ‪ 1958‬الخاص بالجمعيات‪ ،‬لمخالفتها الدستور‪ ،‬وكذلك مواد‬
‫القانون الجنائي المستخدمة للسيطرة على‪ ،‬والتحرش ب ‪ ،‬المدافعين‬
‫‪.‬عن حقوق النسان ومؤسسات المجتمع المدني‬
‫‪96‬‬ ‫إلغاء محكمة أمن الدولة العليا والمحاكم الستثنائية التي ل تتماشى مع‬
‫القوانين الدولية المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة أمام قضاء مستقل‬
‫‪.‬وحيادي‬
‫‪97‬‬ ‫يتوجب على الحكومة التونسية أن تتقيد هي الخرى بالمواثيق‬
‫الدولية التي تم التصديق عليها من قبلها والخذ بعين العتبار السوابق‬
‫‪.‬الصادرة عن لجنة المم المتحدة لحقوق النسان في هذا السياق‬
‫‪98‬‬ ‫كما يتعين عليها تحسين بيئة مناسبة "لزدهار المجتمع المدني وذلك‬
‫بتسهيل إنشاء الجمعيات المستقلة عن طريق منح التراخيص لتلك‬
‫التي تعمل بالسر (‪ )...‬واتخاذ إجراءات جديدة من أجل كفالة حرية‬
‫التعبير والجتماع‪ .‬على أن تتضمن هذه الجراءات مراجعة وتعديل‬
‫العديد من القوانين الوطنية النافذة‪ ،‬وخصوصا تلك المتعلقة بقانون‬
‫الصحافة والحزاب السياسية"‪ .‬كما أوصى بذلك المندوب الخاص للمم‬
‫المتحدة حول حرية التعبير بعد انتهاء مهمته في تونس بتاريخ كانون‬
‫‪.‬الول ‪1999‬‬
‫يتعين على حكوم ة مملك ة البحرين أيضا التقيد بالمواثيق الدولية ‪99‬‬
‫المصدق عليها من قبلها ومراجعة تشريعاتها المقيدة لحرية تكوين‬
‫الجمعيات والنقابات المهنية والحق في التنظيم وحرية الجتماع وحرية‬
‫‪.‬الرأي والتعبير‬

‫‪:‬ثانيا‪ :‬ما يتعلق بالتشريعات المقيدة للحق في التنظيم‬


‫الدولية‪100‬‬ ‫يتعين على مؤسسات التحاد الوربي والمنظمات‬
‫والمحلية لحقوق النسان إدانة كافة التدابير والتشريعات المقيدة‬
‫‪.‬لحرية الجمعيات والحق في التنظيم في العالم العربي‬
‫إنفاذ كل من الفصل الثاني من اتفاقات الشراكة والمعايير المرجعية‪101‬‬
‫للتحاد الوربي الخاصة بالمدافعين عن حقوق النسان وفي مجال‬
‫‪.‬حرية تكوين الجمعيات‬
‫دفع سلطات بلدان الشراكة الورو‪-‬متوسطية إلى رفع الحظر‪102‬‬
‫‪.‬المضروب على الموال الممنوحة لجمعيات حقوق النسان‬
‫يتوجب على الحكومة المصرية إلغاء شرط الحصول على موافقة‪103‬‬
‫مسبقة قبل تسجيل الجمعيات وتبني النظام الشهاري‪ ،‬كما ينص على‬
‫ذلك القانون‪ ،‬مع إمكانية السماح للسلطات‪ ،‬ومن دون حق تعليق‬
‫‪.‬الجمعية‪ ،‬اللجوء للقضاء في حال العتراض على التسجيل‬
‫الترخيص للجمعيات العامة العاملة في مجال حماية وصيانة حقوق ‪104‬‬
‫‪.‬العمال‬
‫صياغة تفسير واضح ومحدد لمفاهيم‪ :‬النظام العام‪ ،‬الداب العامة‪105،‬‬
‫المنصوص عليها في المادة رقم ‪ 11‬من القانون ‪ 84‬لسنة ‪،2002‬‬
‫والذي يسمح بحظر بعض الجمعيات‪ ،‬وحصر ذلك بما يتوافق مع المادة‬
‫‪ 22.‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‬
‫وضع حد للممارسات التعسفية من قبل إدارات الشؤون الجتماعية‪106‬‬
‫التابعة لوزارة التضامن الجتماعي فيما يتعلق بطلبات التسجيل‪.‬‬
‫وإخضاع إجراءات التسجيل أو تعديل النظام الساسي أو تنظيم‬
‫الهيئات الدارية لمجرد التصريح‪ .‬وأن يكون قرار الرفض معلل من قبل‬
‫‪.‬الوزارة بهدف الممارسة الفعالة للطعن بهذا القرار‬
‫تعديل المادة ‪ 42‬من القانون ‪ 84‬لعام ‪ 2002‬من أجل تقليل وتحديد‪107‬‬
‫السباب التي تستدعي حل الجمعية‪ .‬وتعديل القانون ‪ 84‬من أجل منح‬
‫‪.‬حق وحل وتعليق الجمعيات إلى المحاكم المختصة‬
‫وضع حد للممارسات القاضية بتعيين أعضاء في الجمعيات‪ ،‬وخاصة‪108‬‬
‫‪.‬إلغاء المادة ‪ 12‬من القانون ‪ 84‬لعام ‪2002‬‬
‫إلغاء شرط الحصول على ترخيص قبل كل اجتماع وحق الوزارة‪109‬‬
‫المعنية في العتراض أو طلب تعديل قرارات الهيئات الدارية‬
‫‪.‬للجمعيات‬
‫حذف جميع التشريعات المقيدة لحرية التواصل مع وسائل العلم ‪110‬‬
‫وحرية التعاون والتشارك مع الجمعيات الجنبية أو إقامة ائتلفات مع‬
‫‪.‬جمعيات محلية أو دولية‬
‫رفع جميع القيود المفروضة على إمكانية الحصول على تمويل أجنبي ‪111‬‬
‫وتعديل القانون رقم ‪ 84‬وإلغاء ضرورة الحصول على إذن مسبق من‬
‫‪.‬الوزارة المعنية قبل الحصول على التمويل‬
‫أخيرا وضع حد لتدخل الجهات المنية في جميع مراحل الحياة ‪112‬‬
‫الجمعاتية‪ ،‬وبالمثل وضع حد للتحرش القضائي ضد المدافعين عن‬
‫‪.‬حقوق النسان وقيادات وأعضاء المنظمات غير الحكومية‬
‫يتعين على الحكومة السورية تعديل القانون رقم ‪ 93‬لعام ‪113 1958‬‬
‫الخاص بالجمعيات‪ .‬وتقليل عدد العضاء المؤسسين‪ ،‬وإلغاء إجراءات‬
‫تسجيل الجمعيات بإذن مسبق واستبداله قانونا وعمليا بنظام الخطار‬
‫مع النص على إمكانية اللجوء إلى القضاء‪ ،‬ومنح المحاكم القضائية‬
‫حصريا صلحية حل أو وقف نشاط الجمعية‪ ،‬دون أن يترتب على ذلك‬
‫‪.‬إيقاف أنشطة الجمعية‬
‫الضمان لكل جمعية رفضت الدارة تسجيلها الوصول الفعال‪ ،‬وفي مدة ‪114‬‬
‫كافية‪ ،‬للمحكمة‪ .‬والسماح للجمعيات بتغيير قوانينها وأهدافها بحرية‬
‫‪.‬بموجب إعلن أو إخطار‬
‫وضع حد للقيود المفروضة على حرية التنقل بالنسبة لعضاء الجمعيات ‪115‬‬
‫‪.‬إل بموجب قرار مسبب قانونا‬
‫رفع كافة القيود المفروضة على عمليات جمع الموال والحصول على ‪116‬‬
‫‪.‬تمويلت أجنبية‬
‫يتعين على الحكوم ة التونسية أن تعدل ه ي الخر ى م ن القوانين ‪117‬‬
‫الناظمة لحرية الجتماع بطريقة تكفل لجميع المواطنين التمتع بهذه‬
‫الحرية وإلغاء الحكام التمييزية‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بتصنيف‬
‫الجمعيات‪ ،‬وكافة الحكام التي تفسح المجال أمام مزيد من تعسفات‬
‫‪.‬وزارة الداخلية‬
‫إلغاء شرط الحصول على موافقة مبطنة قبل تسجيل الجمعية وتبني ‪118‬‬
‫النظام الشهاري‪ ،‬وإخضاع تعديلت النظام الساسي إلى مجرد‬
‫‪.‬التصريح‬
‫ضمان إمكانية اللجوء إلى القضاء بهدف التعويض في حالة الحل أو ‪119‬‬
‫التعليق من قبل الدارة المعنية‪ ،‬مع وضع حد للرقابة والنتهاكات‬
‫‪.‬البوليسية المستعملة بهدف التخويف‬
‫ضمان كل من‪ :‬حرية التواصل مع وسائل العلم‪ ،‬وحرية الجمعيات في‪120‬‬
‫النشر وذلك بالتطبيق العادل لجراءات اليداع النظامي‪ ،‬والذي ل‬
‫‪.‬يتضمن وجوب الحصول على موافقة مسبقة‬
‫إلغاء القيود المفروضة على حرية الجمعيات في التمويل‪ ،‬وإلغاء سقف‪121‬‬
‫الشتراكات‪ ،‬ووضع حد لتجميد أموال الجمعيات‪ ،‬مثلما هو الحال مع‬
‫كل من‪ :‬الرابطة التونسية لحقوق النسان‪ ،‬والجمعية التونسية للنساء‬
‫الديمقراطيات‪ ،‬وجمعية النساء التونسيات للبحوث والتطوير‪ ،‬وغيرها‬
‫‪.‬من الجمعيات الخرى‬
‫‪:‬الحالت والهوامش‬

You might also like